الأحرف المقطعة (د.حسام النعيمى)
(((ليس هناك شيء في القرآن غير مفهوم حتى الحروف المقطعة لأنه لو كان هناك شيء في القرآن الكريم غير مفهوم كان يسأل عنه الناس. حتى (ألم، كهيعص) قيل فيها كلام كثير والراجح عند أهل اللغة أن هذه علامات الإعجاز أن هذا القرآن الذي أعجزكم مؤلف من هذه الحروف لكن مع ذلك فيها مساحة للمتشابه وهو لماذا كانت ألم هنا وألمر هنا وألمص هنا؟ هذا مما إستأثر الله عز وجل بعلمه. لكن أن يكون هناك شيء في القرآن غير مفهوم لا يوجد ولا يجوز أن نفكر هذا التفكير ))).
(ألم) ما هذه الأحرف؟ ولمَ جاءت هذه الأحرف؟ هذا سنعرض له في جزئية الآن: نحن قلنا القرآن هو الكتاب والكتاب هو القرآن ونحن عندنا آيتان الأولى في سورة الحجر والثانية في سورة النمل يستدعيان السؤال لأن الآية الأولى جاء فيها (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) الحجر) ذكر الكتاب وذكر القرآن والثانية (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل). في الآية الأولى قدّم الكتاب وعرّفها وجاء بعدها بكلمة قرآن بالتنكير ووصفها. وفي الآية الثانية ذكر القرآن معرّفاً وجاء بكتاب نكرة ووصفها بمبين أيضاً. فالسؤال لم الإختلاف بين الآيتين؟
لو نظرنا في سياق الآيتين. أولاً هذه الأحرف المقطعة (ألر) (ألم) (طس) وغيرها هذه الأحرف كما هي لم يرد في تاريخ الإسلام أن الرسول r سُئل عنها، ما ورد. ولو سُئل عنها كان يُسجّل إذن فهموها لما لم يسألوا عنها إذن فهموا ماذا يُراد منها أما نحن الآن وحتى قبل ذلك تحيّر فيها المفسرون. لكن التوجه اللغوي(وبرنامجنا هذا برنامج لغوي) من حيث اللغة لما يقول (ألر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين)) ألر لوحدها خارج الآية لا إبانة فيها. لأنه لو قال لك إنسان :لام نون كاف تقول له ما هذا الكلام لوحده؟ لكن لما جاءت هاهنا وجاءت معها كلمة الإنابة أهل اللغة يقولون هذه من دلائل الإعجاز بمعنى أن هذا القرآن المبين الواضح مكوّن من هذه الأصوات غير المبينة في ذاتها. الأحرف لوحدها ليست مبينة لا يستفيد منها السامع شيئاً فلما جاءت في نظم معيّن كانت قرآناً. هذا النظم أعجزكم عن أن تأتوا بمثله وكان ينتهي الإسلام وتنتهي المعركة ولذلك نقول هذا التحدي هو تحدٍ منصِف. لما قال (فاتوا بسورة من مثله) تحدي منصف لأن المادة الأولية لألفاظ القرآن الكريم موجودة عندكم من وحي الأحرف ولكن هذه الأحرف لما ركبت (ألر) بذاتها لم تكن مبينة لكن هي في داخل السياق لما قلنا لكم هذه الأحرف التي هي غير مبينة لما صارت قرآناً صارت مبينة يعني هذا تنبيه على عجزكم عن شيء أنتم تملكونه. أنتم تملكون هذه الأحرف وأنتم لم تستطيعوا أن تكتبوا من هذه الأحرف قرآناً فإذن هذا هو الربط بين هذه الأحرف المقطعة وكلمة مبين (تلك آيات الكتاب وقرآن مبين).
لماذا لم يلتزم نفس الأحرف المقطعة في كل السور؟ لماذا غيّر الأحرف؟ ولماذا تأتي مرة ألر وفي موضع آخر طس مثلاً كل في مكانها؟ ألم وحم تكررت في آيات كثيرة والسؤال يبقى وارداً لمَ قال ألر ولم يقل حم ذلك الكتاب لا ريب فيه؟ السؤال لا ينتهي هنا فكان لا بد من إختيار حروف معينة لأنه لو قال هنا حم لكان السؤال لم جاء هنا بـ (حم)؟
هل هناك مناسبة بين تلك الأحرف والآية التي تليها؟
إلى الآن بقدر بحثنا لا توجد مناسبة ظاهرة لكن هناك مناسبة اختيار ما بعدها بالنظر إليها سأذكرها: هذه المناسبة وجدت أنها من الجانب الصوتي تنطبق على جميع ما ورد ذكره من كلمة كتاب وكلمة قرآن. لأني كنت أفتش في المصحف عن كلمة الكتاب وكلمة القرآن وهنا اجتمعتا معاً ومعها الأحرف المقطعة فوجدت شيئاً يمكن أن أثبّت فيه قاعدة: أنه حيثما اختار كلمة الكتاب تكون الأحرف المقطعة كذا ليس بذاتها وإنما بمقاطعها الصوتية لأنه هي بذاتها لا ينتهي منها السؤال. مثال على ذلك: لما تقول كتب للكتابة وضرب للضرب ألم يكن بالإمكان أن يستعمل ضرب للكتابة وكتب للضرب؟ ممكن إذن فلم اختيرت هذه الأحرف لهذا؟ فالسؤال يبقى لا ينتهي لو كان بدل (ألر) (دنك) فيكون السؤال لم جاءت (دنك)؟ هو الغرض أن يؤتى ببعض الأحرف المقطعة ويشار إلى أن هذه الأحرف هو المادة الأولية للكلام. العرب فهموا أنه هذا يشير إلى تحديهم أنه كان تحدياً منصفاً بمعنى أنه أنا أريد منكم أن تكتبوا سورة والسورة مكونة من هذه الأحرف والأحرف عندكم.
هذه الأحرف المقطعة هي في حقيقتها خارج النظم المراد بالمعنى الذاتي لكل كلمة هي بذاتها ليس لها معنى، فارغة من المعنى. هو لم يشأ أن يأتي بكلمة تحمل معنى وإنما جاء بألفاظ لا تحمل معنى فيستوي في ذلك ألر، ألم، كهيعص، طسم وغيرها. ولكن هذه جاءت هنا وهذه جاءت هنا. ألفاظ فارغة من المعنى لكن لما انسبكت في داخل الآية دلّت على فائدة أن هذا القرآن مكون من هذه المادة، من هذه الألفاظ الفارغة الآن لكن صار لها معنى فصارت مبينة أنها أبانت على إعجاز القرآن الكريم أنه هذا الذي أعجزكم مادته المفرغة من المعنى هي (ألر، كهيعص) ركبوها بتركيب خاص وانظموها. القرآن جاءت فيه مركبة بتركيب خاص ومنظومة فجاءت آيات وأنتم تفعلون هذا فيأتي شعراً وخطباً. العلماء جمعوا الأحرف المقطعة وقالوا عندما نجمعها نجد أنها نصف الأحرف المجهورة ونصف الأحرف الشديدة ونصف المطبقة ونصف المنقوطة ونصف الخالية من النقط ونصف المنفتحة وهكذا لكن هم خاضوا في هذا للنظر فيه. وهذا لا يقطع الطريق على البحث فيها فيمكن أن يأتي أحد الآن أو فيما بعد ويلمس في كل ذكر لهذه الأحرف سراً يتعلق بالسورة نفسها، كما قالوا مثلاً في سورة ق يقولون ذكرت (ق) فيها لأن هذا الحرف نسبة تكراره في سورة ق بالقياس إلى نسبة تكراره في جميع السور الأخرى أعلى لكن أنا لا أطمئن لهذه الإحصاءات لأنه دخلت فيه أيدي غير دقيقة. يفترض أنه نأخذ كلمة ألف (الهمزة) كم تكررت في سورة البقرة مثلاً والقاف كم تكررت والباء كم تكرر ثم نسبة القاف إلى الهمزة كم هي ونسبتها إلى الباء وغيرها والهمزة إلى القاف ثم نحكم. (ألر تلك آيات الكتاب) هذه الأحرف المفرّغة من المعنى رُكبت تركيباً خاصاً فصارت آيات مبينة موضحة وهي موضع الإعجاز وموضع التحدي للعرب الفصحاء. هم يقيناً أدركوا هذا المعنى وإلا لكانوا سألوا عنه.
يبقى عندنا شيء (تلك آيات الكتاب وقرآن مبين) ذكرنا قبل قليل أن الكتاب هو القرآن والقرآن هو الكتاب لكن المرحلة التي في اللوح المحفوظ كان مكتوباً ونزل به جبريل u منطوقاً فإذن هو كتاب وقرآن على لسان جبريل u. الرسول r قرأه على الناس أولاً فهو قرآن وكتبوه فهو كتاب (تلك آيات القرآن وكتاب مبين). إذن عندنا كتاب مرتان وقرآن مرتان لما نجمع بين الآيتين المرة الأولى كتاب قُريء هذا في الغيب وقرآن على لسان جبريل u والثانية قرآن وكتاب قرأه الرسول r وكُتِب فكان مكتوباً فقريء في الغيب ثم قُريء في اواقع. هذا الجمع بين الآيتين على ما بينهما من بُعد الترتيب في المصحف وفي ترتيب النزول حتى نقول أن هذا كان قرآناً كاملاً ثم نزل إلى السماء الدنيا وصار يتنزّل.
يبقى مسألة التعريف والتنكير ثم لماذا بدأ هنا بالكتاب وهنا بالقرآن؟
مسألة التعريف والتنكير المراد أن يعظّم هذا الكتاب. التعظيم عند العرب إما أن يكون بـ (أل) التي فيها معنى الجنس العام (جنس هذا الشيء له) وإما أن يكون بتنكيره وسياق يشير إلى تعظيمه. لما تأتي إلى التعريف لما يقول الخالق الباريء المصور، هذه الألف واللام هنا ليست لتعريف مجهول أنه لم يكن معروفاً وصار معروفاً وإنما لغرض التعظيم والتفخيم كأن الخالق إحتوى جنس الخلق جميعاً يعني جنس العمل، هذا الباريء هذا الوصف كأن هناك معنى الجنس يُراد به فيكون فيه شيء من التفخيم. لما يقول (القارعة) يعني شيء عظيم ثم يقول (ما القارعة) نوع من تفخيمها. فهو يراد تفخيم وتعظيم منزلة الكتاب ومنزلة القرآن. فلما قال الكتاب هنا عظّم منزلته ولما أراد القرآن عظّم منزلته.
الكلمة هنا في الآية الأولى عُرِّفت فقال (الكتاب) وفي الآية الثانية عُرِّفت كلمة القرآن ثم نُكّرت قرآن في آية وكتاب في آية. قلنا العرب إذا عرّفت تعرّف لأغراض كثيرة ومن جملة أغراض التعريف تفخيم الشيء وتعظيمه فكأنه يعظمه، فكأنه يعطيه معنى ذلك الجنس. عندما تقول الكريم كأن معنى الكرم بجملته اجتمع فيه) وهكذا الباقي كما قلنا مثلاً القارعة ثم يفخّمها أكثر فيقول ما القارعة ثم ما أدراك ما القارعة يشرحها ( إذا قال ما أدراك فيعني أنه سيشرحها وإذا قال ما يدريك يسكت عنها).
الكتاب مفخّم في هذه الآية والقرآن مفخم في الآية الأخرى. وهنا كلمة القرآن نكرة موصوفة والنكرة الموصوفة أيضاً تأتي للتفخيم بحسب السياق ويراد منها التعظيم. إذا وُصِفت النكرة يقال أنها مقيّدة، نكرة مخصصة وليست معرّفة إنما تكتسب تخصيصاً إذا وُصِفت لكنها ليست معرّفة تبقى نكرة إنما فيها تخصيص. عندما تقول: الذي فعل هذه الأمور العجيبة رجلٌ من بني فلان. هذا فيه تفخيم بحسب السياق كأنك تقول رجل عظيم، مهم فعل هذه الأمور العجيبة بحسب السياق. فإذن الكتاب والقرآن فخّما بالطريقتين : بالتعريف وبالنكرة الموصوفة.
الآن نأتي لم تقدّم الكتاب في آية سورة الحجر ولم تقدّم القرآن في آية سورة النمل؟
ننظر لماذا جاءت كلمة الكتاب مع (ألر) وكلمة القرآن مع (طس). هنا نحاول أن نستفيد من الدرس الصوتي وكما قلت طبّقت هذا على جميع الآيات التي فيها حروف مقطعة بحيث أستطيع أن أخرج بقاعدة حيثما وردت كلمة القرآن وحيثما وردت كلمة الكتاب:
(ألر) مؤلفة من أربعة مقاطع (مقطع قصير يتبعه مقطع طويل مغلق ثم مقطعان مديدان). لما نأتي إلى (طس) نجد أنها مكونة من مقطعين (مقطع طويل مفتوح ومقطع مديد). الأول (ألر) ينتهي بمديدين وفيه طويل مغلق فإذن هو أثقل من حيث الجانب الصوتي يعني يحتاج إلى جهد أكبر. أيهما يحتاج إلى مجهود أكثر: أن تنطق شيئاً أو أن تكتبه؟ الكتابة تحتاج المجهود الأكبر لأنها تحتاج إلى القلم وسابقاً الدواة والقرطاس والقصبة ويبدأ يخطّ الحرف خطّاً فهذا فيه جهد. الحروف المقطعة التي فيها جهد يأتي بعدها كلمة كتاب والحروف المقطعة التي هي أقل جهداً يأتي بعدها القرآن. لأن القراءة أسهل من الكتابة. وننظر في الآيات حيثما وردت في القرآن:
الأحرف المقطعة جاءت في 29 موضعاً في القرآن الكريم والذي توصلنا إليه ما يأتي:
القاعدة: أنه إذا كانت الحروف المقطعة أكثر من مقطعين فعند ذلك يأتي معها الكتاب لأن الكتابة ثقيلة. وإذا كانت الحروف المقطعة من مقطعين يأتي معها القرآن بإستثناء إذا كان المقطع الثاني مقطعاً ثقيلاً. مثلاً (حم) الحاء مقطع والميم مقطع ثقيل لأنه مديد (ميم، حركة طويلة، ميم: قاعدتان وقمة طويلة) وهو من مقاطع الوقف. فالميم ثقيل لأنه يبدأ بصوت وينتهي بالصوت نفسه وبينهما هذه الحركة الطويلة والعرب تستثقل ذلك ولذلك جعلوه في الوقف. ما الدليل على الإستثقال؟ لما نأتي إلى الفعل ردّ يردّ أصله ردد يردد لكن ردد فيه الدال وجاء إلى الفتحة ورجع إلى الدال مثل الميم (ميم، ياء، ميم) فالعربي حذف الفتحة وأدغم فقال ردّ. قد يقول قائل ما الدليل على أن ردّ أصله ردد؟ نقول له صِل ردّ بتاء المتكلم (رددت) تظهر. إذن فهم لا يميلون أن ينقل لسانه من حرف ثم يعود إليه بعد حركة هذا يستثقله. فكلمة ميم تبدأ بميم وتنتهي بميم، كلمة نون تبدأ بالحرف وتنتهي بنفس الحرف وبينهما حركة. هذا مقطع ثقيل والكتابة أثقل فلما يكون المقطع ثقيلاً يذكر كلمة الكتاب. في سورة (ن) قال (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)) لم يذكر الكتاب ولكنه ذكر آلة الكتابة (القلم) وعملية الكتابة (يسطرون).
بينما في سورة (ق) أيضاً مقطع مديد مثل نون لكن ما تكرر نفس الحرف وإنما بدأ بالقاف وانتهى بالفاء فقال بعدها (ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (1)).
في سورة (ص) قال (ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ (1))، (طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2)) ما قال الكتاب. (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل) الحروف المقطعة هنا من مقطعين. كلمة القرآن وكلمة الكتاب إذا وردت بعد الحروف المقطعة فهذا ضابطها.
(الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) البقرة) أكثر من مقطعين، (الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) آل عمران)، (المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الأعراف) (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1) يونس)، (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1 هود)، (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) يوسف)، (المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) الرعد)، (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) إبراهيم) (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) الحجر) (طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) الشعراء) (طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) القصص) (الم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2)) (الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) السجدة) (حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غافر) (حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) فصلت) (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) الزخرف) (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) الدخان) (حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) الجاثية) (حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) الأحقاف) () كلها جاء بعدها كلمة الكتاب.
لكن (طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) طه)، (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل)).
يبقى حيث لم يرد لا ذكر القرآن ولا ذكر الكتاب كيف يكون الحال؟
سؤال: هل يجوز قراءة ألم قبل أية آية في سورة البقرة؟
لا يجوز أن نقول قبل كل آية ألم لأن موضعها هو في بداية سورة البقرة في كتاب الله عز وجل (ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه) فلا يجوز أن تقرأ نصف السورة ثم تقف ولما تريد أن تستأنف القراءة تقرأ ألم ثم تُكمل. لم يقل بهذا أحد ونحن في كتاب الله عز وجل متّبِعون نتّبع ما ورد.
وقفنا عند آيتين متشابهتين هي قول الله سبحانه وتعالى (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) الحجر) وعند قوله (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل) مرة تقدمت لفظة الكتاب وتأخرت لفظة القرآن وكلمة الكتاب معرّفة وكلمة القرآن جاءت نكرة وموصوفة بـمبين، وفي الآية الثانية انعكس الأمر تقدمت لفظة القرآن وتأخرت لفظة كتاب وكلمة القرآن جاءت معرّفة وكلمة كتاب جاءت نكرة وموصوفة بـمبين. وبيّنا أنه إذا أجتمعت لفظتا القرآن والكتاب ننظر في الحروف المقطعة فإذا وجدناها من مقاطع كثيرة نجد أن الكتاب يتقدم لأن الجهد المبذول في كثرة المقاطع يناسبه الجهد الكبير المبذول في الكتابة لأن الكتابة غير القراءة، وهذا فصّلنا القول فيه في الحلقة السابقة.
لكن هنا تأتي جملة أسئلة باقية لم نجب عنها في داخل هذا الموضوع فيما يتعلق بالحروف المقطعة. من هذه الأسئلة أنه كيف قرأها رسول الله r؟
نجد أن العلماء يشيرون إلى أنه كان يقرأها مقطّعة بمعنى أنه يقول: ألف، لام، ميم أو يصلها ألم المهم أنها مقطّعة لأن السكت لواحد من القُرّاء العشرة أما القراء الباقون لا يشترطون السكت. ألف لام راء هكذا تُقرأ. لو نظرنا في هذا النطق: كلمة ألف هي إسم للهمزة قديماً الهمزة كانوا يسمونها الألف الصلبة أو القاسية، والصوت الذي في آخر كلمة دعا أو مشى أو في وسط كلمة قال هذا الصوت يسمونه الألف اللينة. فالهمزة عندهم إسمها ألف لذا لما يتحدثوا عن حروف الألف باء يقولون ألف باء ثم يقولون لام ألف التي مع اللام إذن إسم مشترك. فلما يقول ألف لام راء ألف إسم الهمزة (الهمزة التي هي الضغط الحنجري) والحرف الذي بعدها إسمه لام ثم راء. (ألف لام راء) هذه الأسماء الأميّ لا يعرفها. الأميّ يُحسن أن يتكلم يحسن أن يقول لك: كتب لكن لا يُحسن أن يقول لك أن الصوت الأول من كتب هو كاف إسمه كاف والثاني إسمه تاء والثالث إسمه باء، هذا لا يُحسنه الأميّ. الأمي يستطيع أن يقول لك: كتب فلان رسالة أو اكتب لي رسالة لكن إذا سألته ما هو الصوت الأول من كلمة كتب يمكن أن يقول لك (ك) لأنه هكذا يسمعه ولذلك الأطفال الآن في السنة الأولى عندما يقولون لهم حللوا كلمة كتب يحللوها إلى (ك، ت، ب) يحللوها إلى مقاطع وإذا سألت الطفل ما هذا الرسم الذي في أول كتب لا يحسن أن يقول لك كاف أو يقول لك (ك). فقوله كاف أو لام أو راء معناه أنه كان يردد شيئاً يسمعه من عارفٍ للقرآءة (عارفٌ لأسماء الحروف). الرسول r أميّ لا يعرف أن يقوللك هذه ألف أو هذه لام وإنما يعرفها من يعرف القرآءة، من يُعلّم يقال له هذه ألف إسمها ألف هذه إسمها باء أما نُطقها (ب) والرسول r ما كان يعرف القراءة يقيناً. والذين قالوا أنه كان يعرف القرآءة إذا أحسنا بهم الظنّ معنى أنهم كانوا يجهلون عبارات القرآن الكريم ويجهلون ما قاله الرسول r: هم جاءوا مثلاً إلى الآية الكريمة (في الأميين رسولا) قالوا ليس شرطاً أن يكون الأمي هو الذي لا يحسن القرآءة والكتابة وإنما الأمي هو من أمة لم ينزل فيها كتاب والعرب أمة لم ينزل فيها كتاب. هذا تفسير غير صحيح. الكلمة الأميين تحتمل أمرين: الأميون من الأمة التي لم ينزل فيها كتاب فهي أمة أمية يعني ما نزل فيها كتاب تقرأ وتكتب ويحتمل أن تكون كلمة أمية أي التي لا تقرأ ولا تكتب. ما الذي يرجح أحد الإحتمالين؟ النصوص الأخرى. لما نأتي إلى قول الله سبحانه وتعالى (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) الكتاب هنا بمعنى المكتوب لا يراد به الكتاب الذي بين دفّتين لأن كتاب فعال بمعنى مفعول (كتاب مصدر فعال بمعنى اسم مفعول). (من كتاب) أي بعض الكتاب، ما كنت تقرأ أيّ مكتوب، جزء من مكتوب ما كنت تعرف قراءته ما كنت تعرف تلاوته ولا تخطّه بيمينك. ولو كان هذا لكان موضع إرتياب لأن الآية فسّرت (إذاً لارتاب المبطلون) هؤلاء كانوا يرتابون أنك أنت ألّفت القرآن لكن أنت لم تكن تقرأ ولم تكن تكتب. عندنا حديث في صحيح مسلم يقول فيه رسول الله r: “نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب” أوضح r أن الأمة لا تكتب ولا تحسب الشهر هكذا وهكذا. ما عندنا حسابات وكتابات نحن أمة أمية. عندما يقول لا تكتب معناها لا تكتب ولا تقرأ لأن عدم الكتابة يعني عدم القراءة. قد يقول قائل أنه هناك من كان يكتب الشعر نقول: أولاً الكتابة كانت في أهل مكة غالباً أما أهل المدينة ما كانوا يكتبون الكتابة في أهل المدينة نادرة. الكتابة في أهل مكة كانت حاجة لأنهم كانوا تجاراً وليست ترفاً. كانت ضرورة أهل مكة يكتبون لأنهم يتاجرون وكانت هناك حاجة فكان هناك كُتّاب في مكة ومنهم نساء لكن كم كان عددهم في مكة؟ ولذلك النقلة العظيمة في الكتابة كانت بعد غزوة بدر لما طلب الرسول r ممن يعرف القراءة والكتابة من الأسرى أن كل واحد منهم يعلّم عشرة من صبيان المدينة فانطلقت الكتابة والقراءة بعد. أما قبل ذلك فكان العدد قليلاً ولذلك كانت الأمة أمة حافظة كانت تحفظ الشعر والخُطَب وتحفظ الكلام وحفظت القرآن. فإذن الأمية هنا معناها عدم القراءة والكتابة قطعاً من غير أدنى ريب. فالأمي إذن ما كان يحسن أن يقول ألف لام راء من عند نفسه. إذن جبريل u كان يُملي عليه وهو r كان يردد خلفه فإذن هذا دليل صدق الرسالة لأن أمي لا يعرف الحروف صار يتكلم وينطق الحروف. العرب فهموا ذلك وصحابة رسول الله r الكرام فهموا ذلك وعندما كتبوا هذه الأحرف فهموا ذلك. كيف؟ الآن إذا أملى عليّ إنسان وقال لي اكتب: دال لام كاف أنا سأكتب (دام) وإما أن أكتب (حرف دال لوحده، حرف لام لوجده، حرف كاف لوحده) أكتبها مفرقة. كيف كتب في المصحف؟ على صورة أي كلمة، بصورة كلمة (كهيعص) رسمت على أنها كلمة الكاف مرتبطة بالهاء والهاء مرتبطة بما بعدها وهكاذ. وكذلك ألم كتبت (ألم) لكن تُقرأ ألف لام ميم . ما معناه؟ معناه أن الصحابة فهموا أن هذه الحروف المقطعة هي أمارات وعلامات الإعجاز بمعنى أن هذا القرآن الذي أعجزكم مكون من هذه الحروف وهذه الصورة صورة كلمة لكن فارغة من المعنى تُغيّر مواقعها تتحول إلى كلمة ذات معنى. ألم، ألر ليس لها معنى لكن ألم لو غيرت في تركيبها أو نطقتها: (ألمٌ، أمل، لأم، ملأ) يصبح لها معنى.
الحروف المقطعة رسمت بهذه الصورة حتى تظهر الإعجاز. ورسم هذه الحروف رسم توقيفي على ما رسمه الصحابة. لما يقال رسم القرآن توقيفي أي على ما رسمه صحابة رسول الله r لأنه لم يكن يعرف الرسم. هم كتبوها لأنهم أدركوا أنها من دلائل الإعجاز فينبغي أن تُرسم يصورة كلمة كأن تقول للناس هذه الصورة صورة كلمة فارغة من المعنى فليست مبينة لكن لما دخلت في هذا المكان أبانت عن الإعجاز، يغيّر تركيبها تكون قرآناً معجزاً. هي خارج النص القرآني ليس لها دلالة ولا تدل على شيء وهي بذاتها في داخل النص بتكوينها فارغة من المعنى لكن إنسباكها في داخل الآية أعطاها معنى لذلك قال تعالى (ألم ذلك الكتاب ) يعني الكتاب الذي أعجزكم مكون من هذه المادة الأولية. هذه المادة الأولية رسمها الصحابة على صورة لفظ واللفظ فارغ من المعنى فإذن ألفاظكم فيها معاني تأليفها من مثل هذه الحروف التي لو جاءت بمثل هذا التأليف لا يكون لها معاني لكن القرآن الكريم صاغها صياغة فجاءت قرآناً معجزاً لكم. فالمادة الأولية بين أيديكم. هذه صورة فارغة إملؤها أنتم بتغييرها. القرآن ملأها عندما غيّر ركبها تركيباً آخر فجاءت قرآناً ركبوها أنتم تركيباً آخر تأتي شعراً أو خطبة ممتازة لكنها لا تأتي قرآناً بإعترافكم أنتم. هذه المسألة الثانية كيف قُرِئت الأحرف وكيف رُسِمت.
المسألة الثالثة في هذه الأحرف هي أنها جميعاً حيثما وردت تشير إلى أصوات متناسقة ليس بينها تنافر، غير متنافرة يعني كأن القرآن يقول لهم هذه الأصوات هكذا ينبغي أن لا يكون فيها نوع من التنافر. (ألم) الألف من أقصى الحلق من الوترين، اللام مخرجها الذي هو فويق مفارز الثنايا والرباعية والناب والضاحك اللام مخرجه منتشر ويميل، والميم بانضمام الضفتين. (كهيعص) في لفظ واحد ولذلك لما جاء عندنا في موضع حرفان من مخرج واحد مع ما فيهما من اختلاف جعل كل واحد في آية فقال (حم) آية،و (عسق) آية. لأن الحاء والعين من مخرج واحد لا يكونان في لفظ واحد مع أن بين الحاء والعين فروقاً. من الصفات في مسألة الشدة والرخاوة: الحاء رخوة معناه يجري به الصوت والعين متوسط. نحن عندنا الصفات من حيث الشدة والرخاوة: أصوات شديدة وأصوات رخوة وأصوات متوسطة كأنها تبدأ شديدة وتنتهي رخوة أو ظاهرها الشدة لكن يجري بها الصوت من غير مخرجها مثل الميم أوالنون. وشيء آخر الحاء مهموس والعين مجهور يعني مع وجود هذا الإختلاف جُعِل كل واحد في آية لا يكونا في بناء واحد. فإذن نوعية الصوت أيضاً منتقاة.
هناك ملاحظة أخرى لافتة للنظر أن بعض الحروف المقطعة عُدّت آيات وبعضها ما عُدّ آية. (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) الحجر) ألر ليست آية، (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل)) طس ليست آية، (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) البقرة) ألم آية، (الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) آل عمران) ألم آية، (المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الأعراف) ألمص آية، (طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) طه) طه آية، (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) يس) يس آية. أرقام الآيات توقيفي على ما فعله الصحابة. هم ما وضعوا أرقاماً وإنما وضعوا فجوات ثم بعد ذلك وضعت الأرقام. هم كانوا على الوقف لأنهم كانوا يقفون على رؤوس الآي يعني وقفة فيها طول فيعلمون أن الآية انتهت هنا ففي الكتابة يضعون بين الآيات فراغاً ظاهراً ليس كالفراغ بين كلمتين إنما يبتعد. لو نظرنا في المخطوطات القديمة سنجد أنه في نهايات الآيات لا يوجد ترقيم ولكن توجد فواصل واضحة. الترقيم جاء متأخراً ولا ندري متى جاء على وجه التحديد ويحتاج إلى مراجعة المخطوطات وما زال هناك مخطوطات كثيرة لم تظهر للوجود في بيوت يتوارثها الناس في المغرب والأندلس وفي أماكن أخرى. فهذه تحتاج إلى مراجعة لهذه المخطوطات بحيث نحاول أن نعرف أيها أقدم. ما عندنا نص من أول من وضع الأرقام باعتبار أن العرب قديماً ما كانوا يستعملون هذه الأرقام كثيراً وإنما كانوا يستعملون الكلمات فيكتبون ثلاثين مثلاً بدل 30، ولما صارت النهضة بعد ذلك في زمن العباسيين وبدأوا يحتاجون إلى أرقام استعملوا الصفر وعند ذلك صاروا يستخدمون هذه الأرقام وإلا الغالب كانوا يستعملون كلمات. إذن كان هناك فراغات والفراغ يشير إلى انتهاء الآية أو ليست آية متصلة. هذا أمر أجهدت نفسي في الملاحظة ولاحظت ما يأتي وقد يلاحظ غيري شيئاً آخر ومن وجد شيئاً قال به وبالله التوفيق.
الذي وجدته أن العام الغالب في هذه الأحرف المقطعة أنها تكون آيات إلا إذا كانت من حرف واحد فلا تُعدّ آية، إذا كانت من حرف لا تكون آية (ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ (1)) (ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (1)) (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)) وإذا كانت من حرفين (طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2)) (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) (حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2)) فما فوق تكون آية. عليها إستثناء، والإستثناء له صورتان فقط: الصورة الأولى آية واحدة استثنيت لأنه كان ينبغي أن تكون آية حسب تصورنا لأنه مكونة من حرفين وليست من حرف واحد لكن ما جعلت آية وهي (طس) في سورة النمل، طس حرفان. ننظر عندنا سورتان أخريان فيها (طسم) في موضعين آية، طس نقصت عن أختيها فما عُدّت آية. في سورة الشعراء (طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) الشعراء) وفي القصص (طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) القصص) و(طس) في النمل (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل)) نقصت عن أختيها فما عُدّت آية، هذا توجيه وقد يجد غيري توجيهاً آخر والأمر مفتوح. الصورة الأولى كانت (طس) قصرت عن أختيها (طس، طسم، طسم) فما عُدّت آية. الصورة الثانية التي هي من المستثنى ست آيات لكن يجمعها جميعاً أنها مختومة بحرف الراء. وهي (ألمر) في سورة الرعد (المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) الرعد). لاحظ (ألم) لوحدها كانت آية (الم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) لقمان) (الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) السجدة) لما جاءت الراء معها اندمجت بما بعدها (ألر تلك آيات الكتاب): (ألر: (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) الحجر) الحجر، (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) إبراهيم)إبراهيم، (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1) يونس)يونس، (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1 هود)هود و(الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) يوسف) يوسف) ست آيات ونلاحظ فيها لأن مقاطعها كثيرة جاء معها كلمة الكتاب وما جاء معها كلمة القرآن وهذا يعزز ما قلناه في المرة الماضية.
تفتش عن سبب. الظاهرة هذه هي قطعاً ونحن عندنا أحياناً يقول لك لا يوجد سبب وأنت لا تسأل عن السبب وهذا منهج كما قال القرطبي لما قال: كتب زيدٌ رسالةً، قالوا لماذا رفع زيدٌ ولماذا نصبت رسالةً؟ قال: زيدٌ فاعل مرفوع ورسالةً مفعول به منصوب فإذا سُئل لماذا رُفِع الفاعل؟ لا نجيب ونقول هكذا جاء، لماذا نصب المفعول يقول هكذا جاء. لكن نحن في كتاب الله عز وجل نحن نتلمس ولذلك سميت لمسات أنه فعلاً هذه ست آيات كلها منتهية بالراء. آية منها لولا الراء لكانت آية التي هي في سورة الرعد. (ألم) آية وحدها (ألر) ليست آية إذن السبب الراء. ما مسألة الراء؟
وقفنا في الأصل عند سؤال حول الآية (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) الحجر) ذكر الكتاب ثم ذكر القرآن والكتاب معرّف وقرآن منكر ثم جاءت الآية الأخرى (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل) قدّم القرآن وعرّفه وأخّر كتاب ونكّره. ونحن تكلمنا على هذا وقلنا بصورة موجزة للتذكير فقط إن كلمة الكتاب وكلمة القرآن كلاهما يُراد به هذا الذي أنزله ربنا سبحانه وتعالى على محمد r وأُمرنا باتّباعه والأخذ بما ورد فيه، الذي هو بين الدفّتين، فهو الكتاب وهو القرآن. هذا الكتاب مكتوب في اللوح المحفوظ قرأه جبريل، قرأه الرسول r، كتبه المسلمين فهو مقروء مرتين ومكتوب مرتين فإذا جمعنا الآيتين نجد الكتاب وقرآن ، القرآن وكتاب فكأنه مكتوب وقُريء في الآية الأولى، قرأه الرسول r وكُتِب في الآية الثانية. هذا سر الجمع بين اللفظتين.
ثم ذكرنا لماذا تقدمت كلمة الكتاب هنا وتقدمت كلمة القرآن هناك؟ قلنا لو نظرنا إلى الحروف المقطعة سنجد أنها مع لفظ الكتاب تكون بمقاطع طويلة ومع لفظ القرآن تكون أقصرإلا إذا كان المقطع الذي فيه قصر فيه تكرار للقاعدتين، للحرفين مثل نون وميم فعند ذلك تأتي كلمة الكتاب. فالقرآءة أيسر من الكتابة فحيثما جاء الكثير يكون الكتاب وحيثما جاء القليل الأيسر يكون القرآن. وقلنا هذا منطبق على جميع الآيات لأنه نكرر إذا أردنا شيئاً في كتاب الله عز وجل ينبغي أن نتّبع هذا الشيء حيثما ورد في القرآن الكريم حيث لا يكون أنه في هذه الجزئية كذا ثم يظهر لنا غيره في مكان آخر. لأننا غير حريصين على أن نبيّن شيئاً غير صادق لأن كتاب الله أعلى وأرفع من أن نحاول أن نتشبث ببعض الأمور من أجل أن نقول الكتاب معجز لا لأنه هو معجز ولا يحتاج إلى هذا.
أمر آخر كنا وقفنا عنده هو ما عُدّ آية وما لم يُعدّ آية، وقلنا استطعنا من خلال النظر في هذه المواطن وهي 29 موضعاً من خلال النظر فيها وجدنا أنه إذا كان الحرف المقطع من حرف واحد عند ذلك لا يكون آية مثل (ص، ق، ن) لا يكون آية وإنما يندرج مع الآيات ما بعده. وإذا كان أكثر من ذلك يُعدّ آية. فقلنا لم يكن هناك ترقيم وإنما كانت مسافات. لكن هذا عليه إستثناءان: الإسثناء الأول في (طس) هي حرفين يفترض أن تكون آية لكن وجدنا (طسم، آية وطسم آية) في موضعين فجاءت (طس) ناقصة عن أختيها (طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) الشعراء) (طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) القصص) (طس) نقصت فما عُدّت آية (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل) لأنها نقصت عن أختيها.
ووقفنا عند ستة مواضع (ألر) ما عُدّت آية. فما شأن الراء بالموضوع؟
نحن نعلم أن هذه الحروف المقطعة يوقف عليها أو يُسكت عليها تكون ساكنة (ألفْ، لامْ، راء) على نيّة الوقف لا نقول ألفٌ لامٌ راءٌ. (راء) تنتهي بالهمزة إذن المشكل في الهمزة. الهمزة نحن عندنا الحروف الشديدة التي لا يجري بها الصوت تكون تولد بغلق مثل الباء (يكتبْ) تولد يغلق ثم ينفرج فجأة (إنفجاري) علماؤنا يسمونه شديداً، يقولون الصوت الشديد والصوت الرخو يقابله الآن الإنفجاري والإحتكاكي تغيّر المصطلح وليتهم غيروا مصطلح المهموس والمجهور لأنه أدّى إلى مشكل وأبقوا هذا!. هذه الهمزة لما تسأل عن الأحرف الشديدة التي تكون بغلق كامل يقولون يجمعها (أجدُك قطبت) وهذه أحسن من (أجدّت طبقك) لأنه (أجدّت) ليس فيها دال، غابت عنها دال (لأنها مشددة) لذا تحول بعض العلماء إلى (أجدك قطبت). أول حرف فيها الهمزة هي فعلاً غلق حنجري أي ينغلق الوتران. في هذه المجموعة الحروف المجهورة دخلت في القلقلة لأنه إذا إجتمع على الحرف الجهر والشدة عند ذلك الوقف عليه يميته. انظر إلى الباء مثلاً لو قلت: لم يكتبْ الباء ميتة حتى تقلقلها بفتح الشفتين. القلقلة هم يقولون في التجويد تُلحق بصويت ولكن في الحقيقة القلقلة هي إكمال ولادة الحرف أو ولادة الصوت اللغوي لأن الباء تولد بمرحلتين غلق يعقبه فتح فإذا بقي الغلق يكون نصف الولادة (لم يكتبْ) بحيث يتحول إلى المقابل المهموس الذي هو (P) مثل قوله (إنما جُعِل السبْت) هذه ليس باء وإنما (P) (السبت) تفتح حتى تكمل الولادة لأن ولادة الصوت تكون بغلق وفتح (السبت) التي يسمونها القلقلة الصغرى. تسميات علماؤنا على العين والرأس مقبولة لكن ينبغي أن توضح وفقاً للدرس الصوتي للقرآن الكريم. فالهمزة شديد والهمزة مجهور بمصطلح علمائنا القدماء. الدرس الصوتي الحديث يقول القاف والطاء التي في (أجدك قطبت) هذه شديدة والمجهورة جُمعت المهموسة جمعت في (سكت فحثّه شخص) ليس فيها قاف ولا طاء فإذن القاف والطاء في المجهورة والدرس الصوتي الحديث يقول لا القاف ولا الطاء مهموسة والهمزة مهموس فكلام علمائنا يحتاج إلى نظر. نقول بصورة موجزة المصطلح واحد مدلوله مختلف كيف؟ أنت الآن سويته جهراً وهمساً (هذا الذي قلنا يا ليتهم غيّروا المصطلح) وفق ضابطك أنت وما ضابطك أنت في الجهر والهمس؟ الوتران. علماؤنا ما عرفوا الوترين. يهتز الوتران فالصوت مجهور، لا يهتز الوتران فالصوت مهموس. علماؤنا ما عرفوا الوترين هم وصفوا على نطقهم كيف ينطقون فقالوا المجهور حرف قوي الاعتماد عليه من موضعه فلم يجري به النفس يعني لا هواء معه عندما تنطقه. الهمزة غلق صخري فمن أين يجري به النفس إذا أُغلِق المجرى؟ لا مجال. لذلك عندهم ضابط جري النفس وليس اهتزاز الوتران. إذن نحن عندما نحاكم القدماء نحاكمهم وفقاً لمفهوم المصطلح عندهم. هم يقولون القاف لو جرّبت دري النفس بها تُسمع خاءً، السامع يظنّك تنطق خاءً.وليس قافاً فهي لا يجري بها النفس. أما أن تقول العلماء وصفوا القاف وهي ليست هذه القاف وإنما هي (چاف) والمسلمون يقرأون (چل هو الله أحد) هذا الكلام يتعارض مع ما قاله سيبويه ومع ما قاله علماء التجويد. سيبويه من المرات القليلة التي يذكر بها تجارب يقول القاف لو جافيت بين حنكيك تفتح فمك وحاولت نطق القاف أمكنك ذلك ولو حاولت نطق الكاف وما وراءها لم يمكنك ذلك وهذه تجربة. والچاف هي كاف مع إهتزاز وترين (الكاف المجهورة) التي هي في بعض لغات العرب مثل اليمن. يأتي البعض يقول أخطأ سيبويه فتوقّع على الخطأ وهذا إتهام ظالم باطل. كل علماء التجويد الذين تلقوا النطق بالسَنَد هل تقول أنهم اتبعوا سيبويه على خطئه؟ ولماذا لم يخطيء سيبويه إلا في هذا؟ هذا قلة ثقة بعامائنا وقلة معرفة. ولماذا؟ الهمزة شديدة مجهورة فالشديد المجهور قلقل قالوا صحيح أن العرب تنطق الهمزة لكن ما وسِعها التخلص منها تفعله لأنها ثقيلة حتى يقولون إنها تجري مجرى التهوّع (كأن الإنسان يريد أن يستفرغ) وأبو بكر شعبة أحد راويي عاصم يقول إمام مسجدنا كان يقرأ (إنها عليهم مؤصدة) بطريقة تخرق صِماغ الأذن يريد أن يُظهِر الهمزة.
الراء قُريء بالإمالة لكن قُريء بتحقيق الهمزة (ألف لام راء) لو وقف عليها سيحار فيها هل يضغط عليها ضغطة قوية وعند ذلك تكون قبيحة؟ (راء) حتى يظهرها لأنه لو قال (را) تموت الهمزة. فكأنما وهذا الكلام معرّض للمحاورة وهذا اجتهاد مني والذي وصلت إليه أنه لم تُجعل ألر آية حتى يصلها القارئ ويلفظ الهمزة بصورة خفيفة (ألر تلك آيات الكتاب) يولّدها. تولد الهمزة عندما تمضي وتصل بما بعدها لكن إذا وقفت وقبلها ألف والألف عند ذلك تُمدّ بسبب الهمزة ثم تموت الهمزة يبدو هذا والله أعلم السر. إلا ما كان من حرفين يكون آية كما في (طه) ثم انظر الكلمات التي كان يمكن أن تنتهي بالهمزة كلها جاءت بالقصر ما جاءت بمدّ الهمزة لاحظ (طه) ما قال طاء هاء. هم قالوا طه بالمدّ (طا ها)، يس (يا سين)، كهيعص (كاف ها يا عين صاد) ما قالوا (كاف هاء ياء) لأن الهمزة متعبة ولذلك عندنا كلام للإمام علي كرم الله وجهه ورضي عنه يرويه إبن جنّي يقول: نزل القرآن ولسنا بأهل همز ولولا أن جبرائيل نزل بالهمز ما همزنا ( كانوا يقولون: البير والذيب والمومن عن البئر والذئب والمؤمن) هكذا كانوا يسهلونها ويخففونها. هذا برواية إبن جنّي وكتب اللغة يؤخذ الكلام منها فيما يفيد الجانب اللغوي وليس فيه حكم شرعي، الأحكام الشرعية في الأحاديث تؤخذ من مظانّها ولا تؤخذ من كتب اللغة ولا من كتب الأدب. فهذا إذن توجيهنا لعدم عدّ ما كان منتهياً بالراء وهو ستة مواضع عدم عدّها آية والباب مفتوح ومن وجد شيئاً آخر فليقله ولكن نقول الباب مفتوح من غير التكلّف أن لايكون هناك تكلّف.
هنا أنبّه على قضية لعلي تطرقت إليها في الحلقة الماضية (السؤال عن الرقم 19): حينما يأتي الكلام في كتاب الله عز وجل في قضية ليست لغوية محضة (القضايا اللغوية نحتكم فيها إلى اللغة) في قضية ليست لغوية مثل الإحصاءات – وسآتي على نوع من الإحصاءات- إذا صدر من عالم أو من فرد نأخذه يتحفظ ونحاول أن نمتحنه ونختبر كلامه صحيح أو لا. أما إذا صدر من مؤسسة علمية (سمعت منذ أيام أن هناك مؤسسة عليمة لإعجاز القرآن الكريم مؤسسة علمية تابعة لرابطة العالم الإسلامي فيها مجموعة من العلماء يشتغلون في قضايا الجوانب العلمية في القرآن الكريم) هؤلاء مجموعة علماء لا ينفرد فيهم واحد فإذا صدر من مؤسسة يكون مظنّة القبول أيضاً ليس قاطعاً مئة في المئة ومن أراد أن يدقق فليدقق في هذا لكن إذا صدر من فرد نكون على حذر من قبوله. أقول هذا الكلام تعقيباً على ما جاء في الأرقام وخاصة عن سورة ق مشهور من كلامه أن عدد القافات فيها 57 بحيث ينقسم على 19 بدون باقي وهو مولع بالرقم 19 وهو رقم مقدّس عند طائفة (البهائيين) غير مسلمين. هذا رقم 19 نحن نعلم أن القرآن الكريم نزل منطوقاً نُطِق وكُتِب فالأصل أن نأخذ النطق فلما يأتي مثل قوله تعالى (الحقّ) هذه ليست قافاً واحدة وإنما قافان (لوجود الشدة) ولو حللت الكلمة (أل – حق – قُ) ثلاثة مقاطع إذن فيها قافين فكيف عدّها واحدة؟! 8 مواضع فيها قافات مشددة عدّها واحدة. وهذا الرجل الذي تكلم هذا فَهِم اللغة بدليل أنه مهّد لنفسه ونشر مثل هذه الأمور وأُولِع الناس به ثم قال أنا أوحي إليّ. شيء آخر قالوا سميت سورة ق وسورة نون لكثرة ما فيها من قافات ونونات. سورة ق من 45 آية ولقد نظرت في 45 آية الأولى من سورة البقرة ووجدت أكثر من 67 قاف فالأمر ليس هكذا. وكذلك النون أحصيت في سورة نون ثم ذهبت إلى عدد الآيات المقابل في سورة البقرة وجدت أكثر من 200 نون فإذن ليس هذا.
يبقى أمر الأماكن التي لم يرد بعد الأحرف المقطعة ذكر للكتاب ولا للقرآن.
تابع الحروف المقطعة:
وقفنا عند عدد من الجزئيات المتعلقة بالأحرف المقطعة بسبب سؤال حول الموازنة بين آيتين ظاهرهما متفق ولكن فيهما تقديم وتأخير وخلال الكلام على هذه الأحرف وردنا اتصال من احد الأخوة ذكر فيه أن فضيلة الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه أنه لا يرى الخوض في معاني هذه الأحرف والكلام عليها. هذا جعلني أعود إلى كتاب الشيخ الشعراوي عليه رحمة الله لما له من منزلة في نفوسنا جميعاً فتبين أن الأخ السائل أولاً لم يطلع على كل كلامه ولو اطلع على سائر كلامه لتبين له أن الرجل رحمة الله عليه يذهب إلى ما ذهب إليه عدد كبير من علمائنا وهو الرأي الذي تبنيناه واخترناه أن هذه الأحرف من أمارات الإعجاز وهو تكلم في هذا لكن عنده كلام يقول فيه السؤال عن معاني هذه الأحرف يعني هناك فرق بين أن تسأل عن معنى هذه الأحرف: أن يقول لك شخص (ألم) ما معناها؟ يكون السؤال غلط لأن هذه حروف مقطعة. نحن في هذا المجال قلنا هي فارغة من المعنى بذاتها لكن عندما تكون في داخل السياق يكون لها جزء من دلالة السياق. (ألم ذلك) كأنه قيل في غير القرآن أن هذا القرآن الذي أعجزكم مؤلف من هذه الأحرف المقطعة التي هي الآن بهذه الصورة لا تؤدي معنى لكن الآن صار لها معنى في داخل السياق يعني هي دالة الآن بكونها تشير إلى الإعجاز. هذا الكلام هو الذي ذهب إليه الشيخ الشعراوي ونقرأ شيئاً من كتابه حتى يتبين أن بعضنا لا ينقض كلام بعض ولا سيما أن الشيخ الشعراوي كان مطلعاً على كلام العلماء القدماء ولم يكن يتكلم من عند نفسه وإنما كان يستفيد مما قاله العلماء القدماء ومما فتح الله عز وجل عليه. الأخ السائل نقل كلاماً ليس فيه دقة فوصف جزءاً من كلام الشيخ . هذا الجزء الذي نقله الأخ: وإذا سألت ما هو معنى هذه الحروف نقول إن السؤال في أصله خطأ لأن الحرف لا يسأل عن معناه في اللغة إلا إن كان حرف معنى وفرّق بين حروف المعاني وحروف المباني. حروف المباني التي تبنى منها الكلمات الكاف والتاء والباء في (كتب) حروف مباني، في حرف الجر ومن حرف الجر هذه حروف معاني لها معانيها (في الظرفية، من إبتداء الغاية، إلى إنتهاء الغاية). حروف المباني يقول لا يُسأل عنها (كهيعص) القرآن يقول لكم هذا القرآن بناؤه من هذه الحروف فابنوا مثله. لما تقول كتب مجرّدة يخطر في ذهنك صورة لعملية معينة غير عملية ركض وسمع صورة أخرى لكن لما تقول (ألم) لا يخطر في ذهنك صورة لأنها مفرغة من المعنى بذاتها لكن حتى لا يقال إذن في كلام القرآن هو ليس له معنى نقول هي في ذاتها مفرغة من المعنى لكن في داخل السياق صار لها معنى جديد وهو أن هذه الأحرف هي مادة القرآن. هذا الكلام الأول الذي يقول لا تسأل عن معناها ونحن معه في ذلك لأنه لا يمكن أن نصل إلى معناها. لكن حكمتها وفائدتها هذا السؤال عنه يقول الشيخ رحمة الله عليه في كتابه هذه فائدة أخرى ذكرناها وهذا يدل على إلتقاء الفكر بين الناس لما نرجع إلى مواد معينة) كلامه في غاية الفائدة: ” والقرآن نزل على أمة عربية فيها المؤمن والكافر ومع ذلك لم نسمع أحداً يطعن في الأحرف التي بدأت بها السور وهذا دليل على أنهم فهموها بملكاتهم العربية ولو أنهم لم يفهموها لطعنوا فيها” وهذا الكلام الذي قلناه أنه ما أُثر عن أحد من العرب أنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم ما معنى ألم لأنهم فهموا ماذا يريد منها أنها من علامات الإعجاز. ليس هذا فقط وإنما النص الأخير لما كان يتكلم على قوله تعالى (ألر تلك آيات الكتاب الحكيم) قال رحمة الله عليه وفي هذه الآيات الكريمة يلفتنا الله سبحانه وتعالى إلى حقيقتين الحقيقة الأولى هي أن الكفار يتخذون من بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم حجة بأن هذا الكتاب ليس من عند الله وكان الرد هو أن كل الرسل السابقين كانوا بشراً فما هو العجب في أن يكون محمد رسولاً بشراً؟ واللفتة الثانية هي أن هذا القرآن مكتوب بالحروف التي خلقها الله لنا لنكتب بها ومع ذلك فإن القرآن الكريم نزل مستخدماً لهذه الحروف التي يعرفها الناس جميعاً معجزاً في أن لا يستطيع الإنس والجن مجتمعين أن يأتوا بسورة واحدة مثله”. هذا ما وصلنا إليه أن هذه الأحرف علامات أو أمارات الإعجاز إذن حتى يكون فهم هذا الرجل العالِم الجليل رحمة الله علينا أن نفهمه فهماً صحيحاً برأيه. نحن تكلمنا عن هذا وذكرنا أن هذه الحروف تشير إلى صدق نبوة الأمّي. وسألني أحد الأخوة قال: كأنا ما أدركنا كيف تكون دليلاً على صدق نبوة الأمي؟ نحن فصلنا فيها كثيراً ولكن بشكل موجز نحن نستفيد من اللغات الأخرى فلما يقول شخص كلمة home الإنجليزية لو تصورنا إنساناً أمياً أو إنساناً ما درس الإنجليزية نسأله عن الصوت المبدوء به يقول (هـ) فإذا سألت من درس الإنجليزية ما الحرف الأول؟ يقول لك h فإذا قال شخص (H,O,M,E) معناه أنه يعرف القراءة والكتابة لكن إذا قال (هـ – أو -م) معناه ينقل أصواتاً. الرسول r ما قال (أه، ل، م) وإنما قال (ألف، لام، ميم) مما يعرفه القُرّاء والكُتّاب إذن هذا دليل على نبوته r معناه أنه ينقل ما كان يوحى إليه وهو أميٌّ قطعاً لا مجال للشك فيه. فإذا قال قائل أن هذه قد توحي أنه كان r يعرف القراءة نقول له أنه في كتاب الله ما يشير إلى أمية الرسول r (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) فإذا قيل أن الأميين معناها غير أهل الكتاب نقول عندنا آية أخرى (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون).لأن فسّرت الآية وعلّلت لماذا لم تكن قارئاً كاتباً. لو كنت قارئاً كاتباً لارتاب المبطلون فأنت إذن غير قاريء غير كاتب. وعندنا أحاديث صحيحة في البخاري ” نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب” لا كتابة ولا حساب. فهذا معنى الأمية في القرآن الكريم والحديث النبوي الصحيح فإذن هي دليل النبوة ودليل الإعجاز وذكرنا مسائل أخرى لا نريد أن نعود إليها مرة ثانية.
سؤال: لماذا قدّم المعرّف وأخّر المنكّر، الموقع الأول دائماً معرّف والثاني مُنكّر سواء كان الكتاب أو القرآن؟
في الآية الأولى في سورة الحجر قدّم الكتاب معرّفاً وأخّر القرآن منكّرة (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) الحجر) وفي سورة النمل قدّم القرآن معرّفاً وأخّر الكتاب منكرة (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل). لما اجتمعت الكلمتان قدّم المعرفة وأخّر النكرة. حينما تتقدم المعرفة يعرف عن ماذا يكون الكلام فعندما تأتي اللفظة الثانية بالتنكير لأن نحن قلنا هاتان الآيتان جمعتا. حينما نجمع الآيتين جمعنا الكتاب في اللوح المحفوظ يتبعه قراءة جبريل فقدّم الكتاب وجاءت بعده القراءة (المكتوب في اللوح المحفوظ والمقروء الذي قرأه جبريل في الآية الأولى) وفي الآية الثانية تلقّاه الرسول r فقرأه فكتبه المسلمون فتقدمت القراءة وتأخرت الكتابة. لكن إذا أردت أن تُحيل على ما سبق فأنت تحيل على معرفة (على شيء معروف) لذلك قالوا الضمير ينبغي أن يعود على مذكور ولا يعود على شيء سيأتي فيما بعد: تقول: جاء زيدٌ فأكرمته ولا تقول أكرمته زيدٌ لأن أكرمته تستعمل الضمير وزيد لم يأتِ فأنت تذكر المعروف (جاء زيدٌ) ثم تذكر بعد ذلك الضمير لأن الضمير لوحده من غير عائد يكون استعماله خطأ لأن ستجعل منه نكرة. فلما قال الكتاب وقرآن سبق التعريف (الكتاب) يعني الكتاب المعهود عندكم وهذا هو القرآن فلما قال قرآن فهو إذن مقروء فجاءت المنكّرة بعد المعرفة لها موقعها ولو كانت النكرة أولاً ألم ذلك كتاب والقرآن لا يكون هذا وليس من أساليب العرب فذكر المعرفة حتى يحيل عليها النكرة وحتى يبين أنه مكتوب مبين ومقروء مبين ومقروء مبين ومكتوب مبين بحسب هاتين المرحلتين والله تعالى أعلم.
السور التي فيها أحرف مقطعة ولم يرد بعدها ذكر كلمة الكتاب ولا القرآن:
هذه الظاهرة موجودة في خمس سور تبدأ بالأحرف المقطعة وليس وراءها مباشرة لا ذكر قرآن ولا ذكر كتاب. لكن لما تتلو السورة كاملة ستجد في داخلها ذكراً للكتاب والقرآن أو الكتاب وحده أو القرآن وحده أو الذكر، هذه مسألة. والمسألة الثانية هي جميعاً في نهايتها كلام على القرآن فكأنها تأخذ الأول والآخر، في البداية (ألم) وفي الآخر كلام على القرآن أو الذكر أو حديث عن هذا الذي أُنزل على الرسول r فيكون جمعاً بين الاثنتين، والنقطة الثالثة لكا يكون عندنا 29 موضعاً، 24 منها بهيئة معينة، الخمسة الباقية تكون محولة على الكثير تُفهم من خلال الكثير. لما عندي مجموعة من الطلبة يقرأون القرآن تقول للأول إبدأ فيقرأ فتلتفت إلى شخص تقول له يا زيد أكمل فيُكمِل ثم تلتفت لآخر وتقول يا عمرو أكمل فيُكمِل فلو استعملت يا فلان أكمِل 24 مرة ألا يسعك بعد ذلك أن تقول يا فلان ويفهم أنه أكمِل؟! لا تقول له يا فلان أكمِل لأنك قلتها 24 مرة فتكتفي أن تقول يا فلان فيعلم من ذلك. لما يكون 24 موضعاً فيها بعد الأحرف المقطعة القرآن أو الكتاب، هذه الخمسة تابعة لها ولا سيما إذا أضفنا إلى ذلك أن القرآن أو الكتاب ذُكِر في داخل السورة وأنه جاء في الآخر.
النماذج:
سورة مريم (كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)) قد يقول قائل أن الآية ليس فيها ذكر الكتاب وإنما ذكر الرحمة لكن لما نمضي في السورة نجد (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)) ذكر الكتاب وفي نهاية السورة (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)) ما الذي يسّره بلسانه؟ واضح أنه القرآن فإذن ختمت السورة بكلام على القرآن.
سورة العنكبوت (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2)) لم تذكر الكتاب والقرآن مباشرة لكن لما نمضي نجد أنه يقول (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)) وفي نهاية السورة (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68)) ما الحق الذي جاء به الناس؟ القرآن إذن إشارة إلى القرآن.
سورة الروم (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)) لا يوجد قرآن ولا كتاب ولما نمضي نجد فيها (كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)) وفي الختام (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58)).
سورة الشورى (حم (1) عسق (2)) بعدها مباشرة (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3))) ماذا يوحي؟ يوحي القرآن. مع ذلك يقولون لم يذكر قرآن ولا كتاب وإذا جئنا إلى نهاية السورة (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)) ذكر الكتاب.
سورة نون (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)) ذكر القلم مباشرة (وما يسطرون) وفي الداخل (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15)) وفي الآخر (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)) والذكر هو القرآن. ماذا سمعوا؟ الذكر والذكر هو القرآن.
فإذن السور الخمس جاء في داخلها القرآن وختمت بكلام على القرآن أو الكتاب إما صريح وإما بإعادة الضمير أو استعمال الذِكر فإذن ربط الأول والآخر.
القرآن مؤلف من هذه الأحرف ولا سيما في 29 موضعاً وهذا مذهبنا في ذلك إختيارنا لما قاله علماؤنا القدماء لأن القدماء عندهم أكثر من رأي وهذا رأي من آرائهم. الذي تكلمنا فيه هو مسألة ما كان آية وما لم يكن آية وهذا من جهدي، ولِمَ جاءت الكتاب هنا والقرآن هنا والعلاقة بين المقاطع هذا من الجهد الشخصي ولا يبعد أن نجد من من قاله من القدماء كما قال عنترة:
هل غادر الشعراء من متردّم أم هل عرفت الدار بعد توهّم
قد تقول وصلنا إلى هذا الأمر بجهد جهيد ثم تجد في حاشية من الحواشي أن أحد العلماء نبّه إلى هذه المسألة ولكن بقدر ما اطلعت عليه ما وجدته.
سؤال: هل فهم الصحابة الحروف المقطعة لما نزل القرآن فلم يسألوا عنها؟
الصحابة وعموم العرب فهموا أن الحروف المقطعة من دلائل الإعجاز وإلاّ سألوا عنها.
سؤال: ما هو أصل الحروف المقطعة؟
تكلمنا عن أصل الحروف المقطعة كلاماً طويلاً خلاصتها أن الرأي الراجح الذي نميل إليه وهو من كلام علمائنا القدماء أنها من أمارات الإعجاز وأمارات النبوّة لأن الرسول r كان أميّاً ومع ذلك قال (ألم) كان يسمي أسماء الحروف كما يسميها من يعرف القراءة والكتابة وأثبتنا أميّته من القرآن الكريم ومن حديث الرسول r.
توضيح فيما يتعلق بالحروف المقطعة
هما كتابان وصلا إلينا من إبنتنا سوزان هاشم من الأردن: الكتاب الأول فيه كلام يتعرض للحروف المقطعة والثاني يتعرض لقصة آدم u وما حصل له مع إبليس. وهذا يقتضي أن نعقب عليهما بشيء ينفع المشاهد. الكتابان لمؤلف واحد، الكتاب الأول نُشِر في حياة مؤلّفه والثاني بعد وفاته. كون الكتاب منشوراً بعد وفاته قد يعفيه من مسؤولياته ويضع المسؤولية على الناشرين لأن المؤلف حفظه من غير نشر إلى أن مات مع أنه كتبه في حياته معناه أنه كان متردداً في نشره. وسأذكر شيئاً مما هو عام فيما يتعلق بالحروف المقطعة وبغيرها مما يخص كتاب الله عز وجل. ينبغي أن يعتني الإنسان بالنظر في كتاب الله سبحانه وتعالى وفقاً لتخصصه. يعني لما يكون الإنسان خريج الثانوية العامة ثم لظرف ما خاص به اشتغل في أمور الزراعة ثم ذهب إلى فرنسا للحصول على دبلوم عالي في الزراعة ثم يعود ليشتغل في وزارة الزراعة في بلد ما هذا لو كتب لي فيما يتعلق بالتربة وبالنبات في كتاب الله عز وجل أقول هذا في تخصصه أما أن يكتب أشياء لا شغل له بها. هذا لا يعفيه أنه مخلص لدينه ومخلص لربّه لكن الإخلاص شيء والدقة في العمل والإنجاز شيء آخر. هذا أقوله للناس جميعاً فلا يأتي شخص متخصص بالطبّ ويتكلم عن اللغة لكن يكتب ما يتعلق بالطب في كتاب الله عز وجل وكذلك في علم الفلك لأننا نحتاج لمثل هذا.
الكتاب الذي نُشِر فيما يتعلق بالحروف المقطعة هو بناه على حروف الجُمّل أو حساب الجُمّل. الجُمّل من جَمَل، جمهور الناس لا يعرفونها وفي زمن الرسول r كان من معرفة خاص الخاصة من اليهود. جَمَل الشيء أي جكع المفرّق فاستعمل لأهل الحساب، والفاعل من جَمَل : جامِل، الجامع للحساب جامِل. فهو حساب خاص بهؤلاء الجامعين المحاسبين وضعوا لكل حرف رقما -ً وقد تكلمنا سابقاً عنه – وصاروا يجمعونه. وأريد أن أشدد على أن مسألة الإعجاز العددي فُرِغ من إسقاطها وأكثر من عالِم قال: ما هذا مجال سليم وإنما هو مجال فيه مآخذ. الرجل – كاتب الكتابين – من إخلاصه دخل في أمر لو اعتقده يخرج من المِلّة. مثلاً يقول : ألم = 71 لأن الألف 1 واللام 30 والميم 40. حاسب الجُمّل حساب قديم والعرب أخذوه بطريقتين: أهل الأندلس أخذوه بطريقة وأهل المشرق أخذوه بطريقة وهناك فارق ستة أحرف بين أهل المشرق وأهل المغرب في حساب الأرقام للحروف. هذا العلم قديم، حساب الجُمّل أي حساب المحاسبين قديم وكلن يختص به عدد من اليهود فلا يُعقل أن ينزل القرآن بشيء لا يفهمه إلا خاص الخاص من اليهود. الكاتب يقول ألم = 71 معنى ذلك أن سورة البقرة كانت في الأصل 71 آية ثم زاد الله تعالى عليها شيئاً فشيئاً إلى أن صارت 286 وهذا إتهام لله سبحانه وتعالى في علمه أن الله تعالى ما كان يعلم أن سورة البقرة ستكون 286 آية فلما أنزل 71 أنزل (ألم) على قدر 71 ثم جاء يجمع ويطرح ويحذف وقال في مكان من الأمكنة هذا ينطبق إذا قسمت الآية 24 قسمين والآية 25 قسمين تزيد آيتين أو أن الآيتين نقلتا إلى مكان آخر، هذا كلام لا يمكن أن يُقبَل ولو اعتقد الكاتب هذا الكلام يخرج من المِلّة لأنه يتهم الله سبحانه وتعالى في علمه. شيء حسن أن نستفيد من القدماء لكن الآن لا يُرخّص لأحد أن ينقل كلاماً من غير تخريج خاصة أن الآن الأحاديث كلها خُرِّجت وبُيّن الصحيح من السقيم ولا يليق بمن يكتب كتاباً علمياً ألاّ يخرّج الحديث وهذا متوفر الآن على الكمبيوتر بضغطة زر واحدة يمكن أن تخرّج الحديث وتتحقق من صحته أو ضعفه وقد كُتِب كثيراً في هذا الموضوع. فالآن لا يجوز أن ننقل كلاماً ممن هبّ ودبّ وكتبنا للأسف فيها الغثّ والثمين فتأتي وتلتقط ما لو وضعته على طاولة التشريح يظهر لك أنه موضوع، تنقله وتقول هذا ورد في الكتاب الفلاني. نقول له ماذا قال العلماء عنه؟ هل قالوا هذا صحيح؟ أم قالوا هذا موضوع؟ الكاتب ينقل في كتابه من غير تدقيق أو تخريج، هذا كلام عام لكل كتاب فلا يجوز أن ننقل بدون تخريج. أذكر الشيخ عبد القادر الخطيب كان يصلي إماماً في مسجد في الأعظمية وأنا صغير أصلي الجمعة وكانت خطبته فيها نوع من التجويد حتى في كلامه ليسمع الناس بعيداً فذكر حديثاً ولما انتهى من الحديث قال: حديث ضعيف (يخرِّج الحديث) وهو يخطب يقول لهم حديث ضعيف. فلا بد إذن من التخريج.
فإذن مسألأة الحروف المقطعة الكاتب نقل عن الزمخشري، نقل رأياً ضعيفاً هو أورده ثم أغفل ما ركّز عليه الزمخشري. الزمخشري ركّز على نقطتين: الأولى أن هذه الأحرف علامات الإعجاز فكأن القرآن الكريم يقول للعرب أن هذا القرآن الذي أعجزكم مادّته بين أيديكم إصنعوا منها سورة. والأمر الثاني أنها دليل نبوة محمد r هذا كلام الزمخشري (527هـ) بعد سنة يمضي على وفاته 900 عام. هذه الأحرف دليل على نبوة محمد r لأنه r نطق بأسماء الحروف (لما نقول: كتب ونسأل أمّياً أن يحللها فلن يقول كاف، تاء باء وإنما سيقول كه) وهذا معناه أن الرسول r كان يسمع جبريل u ويكرر ما يُقال له. لأنه ثبت أنه أميّ و (ألم، كهيعص) هذا كلام متعلِّم لأنه كان يقول أسماء الحروف التي يتعلمها المتعلمون، هذا كلام الزمخشري قديماً ولعلّه أخذه ممن قبله لا ندري لكن أقدم من ذكر هذا هو الزمخشري ثم تكرر ذكر ذلك عند الناس. فمسألة حساب الجُمّل فيما يتعلق بكتاب الله عز وجل ينبغي أن تسقط. ولا نقول نلغي فكرة حساب الجُمّل نهائياً لأنه هناك من يؤرّخ بحساب الجمّل بناء المساجد. الدكتور رشيد الأعظمي العبيدي كان يؤرّخ بناء المساجد، أي مسجد يُبنى يؤرّخه بحساب الجُمّل بأسهل ما يكون ويكتب تاريخه شعراً. وقد حاولت لما شرحت أرجوزة الراغبين في أخلاق حامل القرآن وفهمه للدين أن أؤرّخ ذلك شعراً فقلت فيه:
بالحمد هذا الشرح قد أكملناه تاريخه تم بفضل لله
(تم بفضل لله) تجمعها تعطي تاريخاً. وقد كنت سابقاً أكتب الشعر فأكتب سبعين أو ثمانين بيتاً وكنت أُنشد الشعر ولما جئت إلى التاريخ لم يكن سهلاً لكن الدكتور رشيد كان مشهوراً بذلك وكذلك أخاه.
هذا فيما يتعلق بالكتاب الأول. كل ما يتعلق بحساب الجُمّل لا يؤتى به إلى كتاب الله. وما يقال عن الحساب العددي في القرآن يقول: الجنة وردت كذا مرة والنار كذا مرة، هذا الحساب كله مبني على ما أورده محمد فؤاد عبد الباقي في معجمه، في الإحصاء لكن ليس في كل مكان وليس عاماً ويكون فيه تخلّف وهذا فرغ المؤلفون من هدمه حتى لا يشتغ به أحد، هُدِم وانتهى حاله.
الأمر الثاني فيما يتعلق بكتابه الثاني: الكاتب مخلص وغيور لكنه دخل في هذه المطبات لأنه اشتغل في غير تخصصه. لا بد من التعليق على هذا الكتاب لأنه أنت لما تجد أسطورة من الأساطير إكتشفها المنقبون حديثاً مكتوبة بالخط المسماري قبل 300 عام ومدفونة، الآن خرجت وعندما فُكّت هذه الرموز تبين أنها إشارة إلأى طزفان نوح لكنها مصوغة صياغة وثنية لأن الذي كتبها كان وثنياً، هو نُقِلت إليه ممن قبله أنه كان هناك طوفان فحاول أن يصوغها صياغة أدبية بالخط المسماري، باللغة البابلية القديمة وفُكّت رموزها. (أتونا بشتم) يمثل نوح، الآلهة اجتمعت – الأصنام بعقليته هناك تعدد الأصنام عنده – وهذا كان يدرسونه لنا في السنة الأولى المتوسطة وفيه نوع من إحداث خلل في ذهن الطفل، أن الآلهة اجتمعت ووجدوا أن سكان الأرض يفسدون فيها ويخربون بها فضبن عليهم فقررت إغارقهم، أحد الآلهة يعطف على البشر فيأتي إلى أتونا بشتم (أي نوح) ويذيع سر الآلهة فيقول له: إصنع سفينة واحمل فيها من الثمار والحيوانات. هذا معناه أنه قد وصلت إليه قصة نوح عن طريق الأنبياء والرسل الذين جاءوا بعد نوح ثم انقطعت الرسالات وصار هناك وثنية فبدأ يؤلّف. عندهم صنم إسمه إبراهام (وهو النبي) فصاروا يعبدونه، هو يقول في الروايات لم يكن موجوداً وإنما هو صنم معبود واليهود تخيّلوا أنه نبي وقالوا هذه القصة لكن إبراهيم مذكور في القرآن. القصة الإيمانية دخلتها الوثنية فصوّرت تصويراً وثنياً. والعرب لما جاء الإسلام كان هناك 360 صنماً في الكعبة، كل قبيلة وضعت تمثالاً لأحد أتقيائها وصالحيها. لما تجد صنماً بإسم إبراهام هؤلاء الذين انحرفوا عن دين إبراهيم صنعوا له تمثالاً ثم صاروا يعبدونه كما فعل العرب.
نقول: قوّم المسألة ولا تجعلها مقلوبة. الكاتب لم ينشر هذا الكتاب في حياته والناشرون ينشرونه بعد مماته؟! إذا وجدنا هذه الآثار المسمارية القديمة نفهمها على حقيقتها أنه كان في الأصل من قبيل الإيمان الذين تحوّل إلى عبادة أصنام مع مرور الوقت كما عبد العرب أصناماً كانت تمثل عباداً صالحين. ينبغي أن يتأنّى الإنسان حينما يبحث في كتاب الله عز وجل. يبحثون في مسائل دنيوية ويقولون تخصص؟! هذا لا يجوز في كتاب الله عز وجل. قد يخطر في ذهنك شيء إعرضه على كبار العلماء والحمد لله كبار العلماء كُثُر في زماننا. فينبغي أن نحذر من مثل هذه الأفكار. حتى الذين اشتغلوا بالحساب أظهروا فشلهم وأكثر من كتاب هُدِم في هدم هذه الفكرة وهم يتكلفون الأمر تكلّفاً. حتى الرقم 19 يحاكمونه أحياناً بناء على الصوت مثلاً: بسم الله الرحمن الرحيم – والقرآن الكريم نزل محكياً لا مكتوباً – هم يحسبون أحياناً على الصوت فإذا لم يوافقهم ذلك يحسبون على الرسم (بسم وبإسم) أحياناً لا يحسبون الألف في بسم. القرآن نزل منظوماً والكلام على توقيفية رسم المصحف أيضاً ذكرنا الدراسة العلمية الدقيقة تقول أن رسم المصحف يمثل خط العرب في ذلك الزمان. هم يستندون إلى الرقم 19 ويستنبطون أحكاماً تخص الطلاق وغيره وهذه كلها غير صحيحة وغير منضبطة ونحن لا نحتاج إلى هذا النوع من الإعجاز. وقد سبق أن وقفنا عند سورة ق الذين قالوا أنها تقسم على 19 وقالوا لذلك قال تعالى وإخوان لوط بدل قوم لوط. وقد سبق وبيّنا في موضعه أنه في سبعة مواضع أغفلوا صوت القاف المشدد جعلوه حرفاً واحداً بينما هو قافان. مثلاً: لقّنه هذه قافان ولا تحسب قافاً واحدة، حتى في المقاطع إحدى القافات نهاية مقطع والثانية بداية مقطع، وبيّنا لماذا جاءت إخوان لوط وليس قوم لوط وذكرنا علاقتها بما قبلها وبما بعدها.
توضيح حول مسألة الإعجاز العددي والرقمي في القرآن الكريم
في الحلقة الماضية قلنا إن مسألة الأرقام والأعداد قد فرغ العلماء من إسقاطها حتى علماء الجوانب التطبيقية كتبوا في ذلك وبينوا أن المشتغلين بهذه الأمور لم يحالفهم التوفيق ومعنى ذلك أنه أيّما نشر جديد لمثل هذه الأمور ينبغي ألا يحفل أو يعتني به ولكن عندما يكون عندنا كتاب ضخم من أربع وأربعين وأربعمائة صفحة وجديد مطبوع سنة 2006 على أن صاحبه مهندس أيضاً واشتغل بهذا ويبدو أن حالته المادية لم تسعفه لطبع الكتاب فاتكأ على أحد المحسنين فطبع له الكتاب فكتب له شكراً اعترافاً بفضله. حينما ننظر في هذا الكتاب نتذكر أيضاً ما قلناه في المرة الماضية الغيرة على الدين شيء وأن يكون لهذا الغيور على الدين زاد من العلم الشرعي ومن العلم اللغوي ومن العلم في تاريخ القرآن شيء آخر. قد يكون الإنسان غيوراً ولكنه يخوض في أمور كان ينبغي له مثلاًً لما أنجز كتابة هذا الكتاب أن يعرضه على أهل العلم الشرعي لأن هذا شيء يتعلق بكتاب الله عز وجل. ولن نذكر اسم الكتاب ولا اسم الرجل وأحاول أن أحاور بروح العلم وبهدوء من غير أن يأخذني الانفعال، وإلا الغضب لدين الله عز وجل شيء محمود ولكن نحن على الهواء ونريد أن نتكلم كما قال الشاعر وليد الأعظمي رحمة الله عليه:
يساق للسجن إن سبّ المليك وإن سبّ الإله فإن الناس أحرار
قالها في وقت كان البلد يمشي على هذه الصورة والذي أعلمه أن هناك جهات رقابة فأنا أذكر في بلدي قبل عشر سنوات أو أكثر قدمت شرح “أرجوزة الراغبين في أخلاق حامل القرآن وفهمه للدين” إلى وزارة الإعلام للموافقة على طباعتها فأحالوها على الأوقاف والأوقاف أحالتها على خبير، الخبير قال هذه الأرجوزة مع شرحها يمكن أن تطبع بشرط أن يحذف منها أربعة أبيات مع الشرح، وقد يكون الرقيب مخطئاً وقد يكون مصيباً ولكن هناك رقيب. وهذه الأبيات:
زيارة القبور وفق الدين قد وردت في سنة الأمين
قال الرقيب هذه تبقى وتحذف التي بعدها هي:
ولا نراك ماسحاً أو مقبلاً أو ناذراً أو مستغيثاً سائلاً
فكل ذاك بدعة كبيرة بكل عزم نبتغي تغييره
وهذه الأبيات تتعلق في العقيدة السليمة لكن هذا الرقيب كان هو من أهل القبور فلم تعجبه وامتنع الخبير من الموافقة على طباعة هذا الكتيب الصغير. فالبلد الذي منه هذا الرجل – صاحب الكتاب – أيضاً فيه رقابة ولا شك أن أي إنسان فيه مُسكة (أي قليل) من دين كان لا يوافق على طباعة هذا الكتاب. ممكن أن نقول الرجل متحمس للقرآن ويريد أن يثبت أن القرآن جاء معجزاً بطريقة أخرى غير الطريقة التي ألِفها الناس لكن ثبت أنه متحاملٌُ على العلماء ابتداءً فيقول في الكتاب أن كلمة جنات قيمتها 33 وجهنم 33 إذن هذا تقابل وهذا الكلام ليس صحيحاً حقيقة لأنه هو وضع لنفسه ضابطاً سأذكر هدمه فضابطه غير منضبط فيقول: ” ولا أريد الإطالة فمشكلة بعضهم أنهم يحسبون عمق دلالات كتاب الله بطول أنوفهم” هذا لا يليق أن يقال عن العلماء، ثم يقول:” ومشكلة بعضهم الآخر ممن يحسبون أنفسهم أوصياء على دين الله تعالى وظله في الأرض مقدمين التاريخ” – ويقصد بالتاريخ السُنّة وسأثبت ذلك – “مقدمين التاريخ والقال والقيل معياراً لحدود دلالات كتاب الله تعالى مشكلتهم أنهم يحسبون عمق دلالات كتاب الله تعالى بطول لحاهم وبمساحة عباءات مشايخهم فسواء هؤلاء أم هؤلاء يحاربون الإعجاز العددي في كتاب الله لأنه معيار مجرّد يسقط أصنامهم الفكرية وسنرى إن شاء الله كيف أن كلمة الأمية في كتاب الله تعالى تحمل دلالات تختلف عما تحمله قواميسنا اللغوية”.
أولاً هذا الرجل قليل البضاعة في تاريخ الخط العربي وتاريخ خط القرآن الكريم، فخط القرآن لم يكن منقوطاً- تم عرض صورة لسورة الروم من مصحف قديم بخط غير منقوط على الشاشة- وليس فيه حركات ولا همزات فالهمزة كما سنأتي قي ذكرها في الصورة الثانية نجد أنها خالية من الهمزة تماماً، والكاتب كما يقول قام بإحصاء أحرف القرآن جميعاً كل حرف كم مرة تكرر- تعرض الصورة الثانية على الشاشة- هذه ورقة من مصحف قيل أنه بخط الإمام علي عليه السلام أو هو مصحفه كتبه غيره المهم أنه في زمن الإمام علي عليه السلام فهو قديم جداً. هم هكذا كانوا يكتبون أو نسخ عليها على شكلها حينما نلاحظ ما فيها نجد أيضاً أن الحرف غير منقوط وغير مشكول والآيات من سورة الحجر (الا من استرق)- في الشاشة كلمة من استرق في الصورة من غير نقط – القاف جاءت في السطرٍ الثاني. ونلاحظ كلمة (إلا) ألف لم ترسم همزة تحتها، فالذي نلاحظه في الصورة أن النقط والهمزات غير موجودة. والكاتب اعتبر وجود الهمزة في مكانين: (ماء وسماء) في الآيات ولم يعتبرها في أماكن أخرى فهو عد بعض الهمزات وبعضها لم يعدها وبناءً على عدِّه ووضع الرقم لها ادعى أن آيات سورة نوح مجموع حروفها عنده 950 فهو عاش 950 سنة ولكن هي في الحقيقة 948 لأن الهمزة مرسومة بالآخر مثل ماء وسماء وعدّها وهي حقيقة لم تكن مرسومة في مصحف الصحابة ولا في مصحف التابعين ولا الذين بعدهم، فحسابه غلط لأن أرقامه 948 لأن هو عد همزتين المسلمون لم يرسموها قديماً ولم تكن مرسومة مثل كلمتي سماء وماء فإذن حسابه غلط. حساب الأرقام لكل حرف كذا عدد غلط لأن الهمزة لم تكن ترسم من قبل وأول من ابتكر وابتدع وخلق الهمزة في الخط العربي الخليل بن أحمد الفراهيدي وقد توفي سنة 170 للهجرة وقال لا توضع في المصحف ووضعها في كتب النحو والأدب بعد ذلك العلماء المتأخرون قالوا هذه تعين مثل الفتحة والضمة والكسرة كانت غير موجودة فالهمزة لم تكن مدونة لا في مصحف ولا في كتاب إلى مجيء الفراهيدي هو الذي ابتكرها فلما سئل لماذا رسمتها هكذا؟ قال:أخذت لها رأس العين لأنها عميقة عمق أعمق من العين أو هي مع العين في مخرج واحد من أقصى الحلق. فعندما يأتي هذا الكاتب ويعدها مرة ولا يعدها مرة في كلمة آدم يقول لا تعدّ حسب لأنه إذا اجتمع معها حرف لا تكون رغم أن كلمة آدم كانت مرسومة ألف.
فهذا في ما يتعلق بعده للحروف هو مخفق في هذا وبناءً على ذلك كل الأرقام المبنية على هذا غلط وهذا عمود أساس من أعمدة نظريته بأنه يجيء بعدد جديد للأحرف يخالف حساب الجُمّل ولا حساب الأبجدية ألف باء تاء ثاء ولا على حساب أبجد هوز بل على حساب كم مرة تكرر الحرف في القرآن. فهو قال أن الألف واحد، اللام اثنان، ورتبها كذلك بأنه يقول أنه أحصى الألف في كلمة قال كم مرة تكرر في القرآن؟ اللام كم مرة تكرر؟ الباء كم مرة تكرر؟ ورتب ترتيباً تنازلياً وهذا الترتيب غير صحيح لأنه دخلت فيه الهمزة واختل ترتيبه ولذلك هذا إن كان دقيقاً في حسابه، – والواو التي عليها همزة حسبها واو رغم أنها تنطق همزة وكذلك الياء التي عليها همزة حسبها ياء والألف حسبها ألف مثل أكل والهمزة التي على السطر قال ننظر إذا كانت تبقى فنعدها وإذا دخل عليها حرف آخر يحملها لا نعدها – فكما نرى هذا النظام غير منهجي.
الأمر الثاني جاء إلى الرقم تسعة عشر – وهذا الرقم مقدس عند بعض الفرق المتأخرة – فهم يقدسون هذا الرقم (كما أن هناك يقدسون الشيطان خوفاً منه ويقولون أنه كان على حق في موقفه من آدم). فجاء إلى الأنبياء وقال النبي أول مرة يرد له اسم نضع له تسلسلاً كم مرة تكرر في القرآن؟ نضرب وروده أول مرة في عدد مرات تكرره تظهر النتيجة نجمع يظهر الرقم نقسمه على 19 فينقسم، ويقول هذا إعجاز! فنسأله سؤالاً: أنت أوردت اسم محمد صلى الله عليه وسلم ثم أوردت اسم أحمد وجمعت لكل منهما رقماً، أليس محمد صلى الله عليه وسلم هو أحمد؟ ففرق بينهما لأنه لو جمعهما لاختل الترقيم، فلو افترضنا التقسيم والتفريق بين الأسماء كما فعل في أحمد ومحمد، يعقوب هو إسرائيل وإسرائيل ورد اسمه في القرآن 43 مرة (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ (93) آل عمران) فلِمَ لم تعده؟ لأنه لو عده يختل الترقيم عنده فأسقطه تماماً لا يوجد إسرائيل عنده رغم أنه أخذ صحف إبراهيم فعدّ إبراهيم وآل إبراهيم عدّ إبراهيم وامرأة نوح عدّ نوح وامرأة لوط عدّ لوطاً فالمضاف إليه يعدّه فلماذا هنا ما عددته؟ فهو لم يعدّ بني إسرائيل لأنه إذا عدّها 43 في 2 أي في الدرجة الثانية – تأتي كلمة إسرائيل بعد آدم بالترقيم – وعندما يعدّه يختل عنده الترقيم فإذا عدّه وأرجع بني إسرائيل كل الأرقام التي تليها تختلف لأن كلمة بني إسرائيل تأتي بالرقم 2 من حيث الورود فمن رقم 3 إلى رقم 28 و29 ستختلف الأرقام ولن تقبل القسمة على19 وهذا الهدم الثاني.
ويبقى العمود الثالث فهو يحصي عدد الكلمات في الآية ويأتي ببعض آية يحصي عدد كلماتها ويجمع ويقسم على 19 ويقول الناتج كذا فهو لو كان يدور في فلك هذه المسائل الأمر ليس خطيراً فهي اجتهادات ومخطئ فيها، ولكنه سينتقل إلى تطبيق ذلك على أمور ينفي بسببها معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم ويفسر الآيات تفسيراً خاصاً كما يشتهي ويتحدث عن أمور في العقيدة. فما المقصود بالكلمة؟ العلماء عندهم رأي ما الكلمة؟ فالكلمة إما اسم وإما فعل وإما حرف وتقسم بحسب الدلالة هو جعل الكلمة الكتلة بحيث لما يأتي مثلاً إلى فأسقيناكموه (فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ (22) الحجر) يقول هذه كلمة واحدة بينما هي عند العلماء الذين اشتغلوا على اللغة وكانوا معاصرين لأهل اللغة: الهمزة واسقينا أسقا ونا المتكلم المعظم نفسه والمفعول الأول والمفعول الثاني خمس كلمات. بناءً على هذا – جعله الكلمة كتلة – هو يعدّ فعندما تأتي كلمة (فينا) يقول هذه كلمة واحدة (أنا) كلمة (فأسقيناكموه) كلمة وهذا لا يوافق عليه أحد من أهل العلم فهو يضع لنفسه قوانين ويحاول أن يجمع ويقسم. ومثال على فعله هذا ما نجده في كتابه: ففي سورة المائدة (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿73﴾أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿74﴾ المائدة) فعدّ (عما) كلمة واحدة (ويستغفرونه) كلمة واحدة إلى آخره قال هذه 33 وفي (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴿30﴾مريم) 33 إذن عمر عيسى عليه السلام 33 سنة، وهي ليست 33 كلمة.
طريقته في الكتاب عن طريق سؤال وجواب وهذا اعتراف منه، يقول فيه كأن السائل يقول له: لقد خالفت إجماع الأمة فهو يُقِرُّ على نفسه بمخالفة إجماع الأمة في مسائل كثيرة من العقيدة إلى الفقه، هذه الجرأة أنت تخالف عقيدة الأمة ما أجمعت عليه الأمة وما تجمع عليه الأمة حقيقة ليس كثيراً فمثلاً مذهب أبي حنيفة ليس فيه ذلك الإجماع الكثير مثلاً قال أبو حنيفة قال الصاحبان، قال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن قال أبو يوسف قال زفر، فهو مذهب واحد وفيه اجتهادات وتأتي أنت وتنسف ما أجمعت عليه الأمة في عقيدتها وتعد ذلك بناءً على 33 هذه الكلمات وهذه الأحرف؟!
ثم لاحظ الأدب مع العلماء آية من الآيات وهي عن العدة – عدة المطلقة طلقة بائنة – هل يجوز أن يراجعها زوجها في أيام العدة وتكون طلقة واحدة ويبقى عليه طلقتان؟ الإجماع منعقد على أن لا تخرج من بيتها وخلال ذلك عسى الله أن يحدث بعد ذلك أمراً بعد هذا الطلاق فربما يراجعها فبالإجماع يقولون راجع في تلك الفترة وتحسب عند ذلك طلقة. هو يقول لا لابد أن تنتهي العدة فبذلك هو يخالف الإجماع وفي اللغة – هو لا يعرف اللغة – فهو يقول:” لقد تمّ الالتفاف على دلالات قوله تعالى، المسألة الأولى التي تم الالتفاف أنهم فسروا (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ (1) الطلاق) أي إذا أردتم تطليق النساء” وهذا التفسير صحيح إذا طلقتم النساء فافعلوا كذا وكذا أي إذا أردت التطليق فالتزم بهذا، ودلالة هذا كما يقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ (6) المائدة) أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة وليس المقصود قام إلى الصلاة أي وقف يكبر للصلاة فهو لا يفقه القرآن ولا يفقه لغة العرب ويفتي في الوضوء ويفتي في الطلاق ويفتي في كل شيء ويفتي في العقيدة فهو يقول خالفت إجماع الأمة من العقيدة إلى الفقه فهو إذن لم يكتب كتابه لكي يدلل على إعجاز القرآن في العدد وإنما كتب الكتاب ليخالف عقيدة الأمة ويخالف فقها وأنا سأذكر نماذج من كتابه، وهو عندما يقول التاريخ يقصد السُنّة وقد كنا نعلِّم الشباب الذين كانوا في دورات تحفيظ القرآن من الأطباء والمهندسين الذين كانوا يحُفظون القرآن كنا ندرّسهم حتى يتقنوا هذه الأرجوزة التي ذكرت لك شيئاً منها نقول فيها:
ويعرف الحكم من القرآن على أساليب ذوي البيان
وليس على خلاف لغة العرب
ومن نصوص السنة المطهرة وفقاً لما روى الثقاة البررة
هكذا تؤخذ الأحكام وليس 23 زائد 24 هذا حرام. ولاحظ ماذا يقول: “إذن القول بالخروج من النار” نحن عندنا في عقيدتنا كما روى البخاري ومسلم في الخروج من النار أبو سعيد الخدري- ليس عن صحابي واحد- عبدالله بن مسعود، أبو ذر، جابر بن عبدالله، أنس بن مالك، خمسة من الصحابة رووا أحاديث منتشرة تتكلم عن الخروج، خروج المسلم من النار بالشفاعة، فيقول: ” القول بالخروج من النار هو افتراءُ على الله” ثم يقول: ” ومما يؤكد صحة ما نذهب إليه قوله تعالى (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً (80) البقرة) تساوي 135 وقوله (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ (25) آل عمران) تساوي 118 و (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴿23﴾ آل عمران) لا أدري على أي أساس يجمع الآيات ويكون الناتج 266 يساوي19 * 14 والرابط بين هذه الآيات أنه لا يوجد خروج من النار. ثم يقول:” فالزعم بدخول النار أياماً معدودة والخروج من النار بعد الدخول إليها هو إيمان بالجبت والطاغوت وابتعادُ عن منهج الحق”، البخاري ومسلم وصحابة كرام ينسبون الكلام لمحمد صلى الله عليه وسلم يصير عندنا إيمان بالجبت والطاغوت!! ثم يقول:” فكما أن الدخول في الجنة يعني خلوداً فيها لا خروج منه كذلك فإن الدخول في النار يعني خلوداً فيها لا استثناء فيه والدليل (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ(107) هود) العدد 350 (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ (108) هود)391، 350 زائد 391 يساوي 741 يساوي 19 * 39. هذا هو الدليل الذي يستند إليه أما البخاري ومسلم فلا دليل له!!.
مسألة الردة ما حكم المرتد؟ يقول:” ولو أخذنا العبارات القرآنية التي تلقي الضوء على حقيقة المرتدين وعلى مصيرهم لرأينا مسألة كاملة – يعني مجموع آيات تتكامل بالأرقام – تبين لنا أن عقوبتهم هي من عند الله وأنها في الدنيا لا تتجاوز استبدال الله تعالى لهم بقوم آخرين يحبهم ويحبونه” والآية الأولى التي استدل بها تصفعه (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ (217) البقرة) إحباط العمل في الدنيا بالعقوبة، ويقول أيضاً أن الكوثر هو القرآن ونحن لدينا أحاديث في البخاري ومسلم أن الكوثر هو نهر في الجنة أو حوض في الجنة قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خيرُ كثير وحوضُ ترد عليه أمتي يوم القيامة) وهذا الكاتب لا يقتنع بكلام المصطفى عليه الصلاة والسلام ويقول أن الكوثر صفة من صفات القرآن لأن عندنا القرآن والروح أيضاً قرآن والكوثر 29 34 و51 يكون الناتج 114 تقسم على 19 يظهر 6! فهو لو ترك الأمر على القرآن والروح لا تنقسم ولا يظهر له 19 ولذلك أضاف الكوثر. وفي الأحاديث نلاحظ الرواة ابن عباس، عبد الله بن زيد، ابن مسعود، ابن عمر، عبدالله بن عمر بن العاص، أنس وسهل بن سعد كل هؤلاء يقولون (الكوثر حوض في الجنة أو نهر في الجنة وعدنيه الله وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة) وبمناسبة هذا الحديث – شيء خارج هذا الكلام – أنه عندنا في الحديث أنه يأتي بعض من يعرفهم الرسول عليه الصلاة والسلام ليردوا الحوض فيُمنعون منه ويُقال للرسول عليه الصلاة والسلام (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) الحوض أو الكوثر بجملة هذه الأحاديث هو في الجنة معناه أن هؤلاء هم من أهل الجنة لكن يُحرمون هذه الكرامة حتى لا يظن ظانّ بشيء آخر.
ويقول الكاتب أن القمر لم ينشق – ينفي معجزة انشقاق القمر – وأنا أدافع عن هذه الأمور حقيقة لأننا نريد أن نحمي سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمثال هؤلاء، لما يأتي الصحابي ويقول (انشق القمر على عهد رسول الله) لو كان كذباً كان جمهور المجتمع يكذبه وينفي هذا الأمر ولكن عندما يرد عن ابن مسعود وابن عباس وأنس وابن عمر وعدد من الصحابة الآخرين هذا، هو – الكاتب – يقول:” إن الله لن ينزل معجزات كونية لتأييد منهج رسالته الخاتمة فعدم تنزيل آية كونية لتصديق منهج الرسالة الخاتمة يتعلق بحكمة الله أنا لا أقف عند الروايات التاريخية الخاصة بهذه المسألة” ولكنه يقف عند الأرقام (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ﴿7﴾ القيامة) 105- وما دخل برق البصر بالمعجزة؟!- (وَخَسَفَ الْقَمَرُ ﴿8﴾ القيامة) 82 و (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴿9﴾ القيامة) 117 المجموع 340 يساوي 19 * 16، وهو يعني أنه لا توجد معجزة. وأنا أريد المشاهد الكريم حتى إذا وجد كتاباً يتكلم عن الأرقام لا يمد يده إليه لأن هؤلاء جميعاً كذابون مفترون وهذا نموذج أنا فصلت القول فيه لأجل ذلك حتى لا ينشغل الناس بمثل هذه الترهات عن كتاب الله عز وجل وعن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فبدل أن تقرأ مثل هذه الترهات والأكاذيب انصرف إلى قراءة كتاب الله عز وجل. ومعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم ثابتة فكيف ينكرها؟! ومن هذه المعجزات هذا الحديث في البخاري يقول عمران بن حصين: (جعلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركوب بين يديه وقد عطشنا عطشاً شديداً فبينما نحن نسير إذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين فقلنا لها: أين الماء فقالت أنه لا ماء فقلنا:كم بين أهلك وبين الماء؟ قالت: يوم وليلة فقلنا:انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: وما رسول الله؟ فلم نملكها من أمرها حتى استقبلنا بها النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته بمثل الذي حدثتنا غير أنها حدثته أنها مؤتمنة-أي لا تستطيع أن تعطيهم ماء وكان لديها قربتين ماء- فأمر بمزادتيها فمسح في العزلاوين- في فوهة القربة- فبدأ الماء يتدفق) وهذا ليس كلام شخص واحد بل كلام جميع المسافرين فجميعهم شهدوه (فشربنا عطاشاً أربعين رجلاً حتى روينا فملأنا كل قربة معنا وإيداوة غير أنه لم نسقي وعيراً وهي تكاد تنض من المذ ثم قال: هاتوا ما عندكم ثم جمع لها من الكسر والتمر حتى أتت أهلها قالت:لقيت أسحر الناس أو هو نبي كما زعموا فهدى الله ذلك الصرن- الحي- بتلك المرأة فأسلمت). وهذا الكاتب ينفي ما هو ثابت في السنة ليس بناءً على مناقشة رواة الحديث أن هذا الراوي أخطأ البخاري لأنه اعتمده ولأن الإمام مسلم قال عنه كذاب- وحاشاهم- وهو يعتمد على ما يقوله على هذه المجاميع والأرقام. وأرجوا أن يأخذ المشاهد الكريم العبرة وأن هذه مسألة الأرقام انتهى العلماء من إسقاطها فلا نضيع فيها الوقت بعد ذلك.