البشارة الثالثة:
في كتاب الله آيات أو بعض آيات أو بعض آية تحمل للأمة بشارة عظيمة وكأنها بل هي منحة من الله تعالى ونفحة من نفحاته. من ذلك قوله تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع) فمن هم الصابرون؟ وما هو سمتهم. وما علامة صبرهم؟ هؤلاء هم الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون هذه العبارة المقدسة ذات السر العظيم ما إن تصيبك مصيبة في أي شيء حتى لو انقطع شراك نعلك فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون نتيجة هذا الصبر: اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة. نحن لا ندرك بعقولنا الأثر العظيم الذي تتركه صلوات الله تعالى على عباده ورحمته وكم أنت مهتدٍ بحكم الله تعالى لا لشيء إلا أنك قلت بعد المصيبة إنا لله وإنا اليه راجعون. أي عبارة هذه وأي سرٍ وأي رحمة عُبّئت بين حروفها حتى تجعلك مهتدياً بشهادة الله تعالى على ذلك فإذا أردت أن تنعم بهذه البشارة فعليك أن تكون يقظاً وعليك أن ترضى بقضاء الله عز وجل وأن تفرح بالبلاء كما تفرح بالنعمة لأن البلاء ليس ضرراً وإنما هو خير عظيم لك كما قال r : عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. إن هذه المصيبة مهما كانت عظيمة أو قليلة في مالك أو صحتك أو أو مهنتك أو نفسك حتى لو أُصبت بالصداع ليلة أو الحمى يوماً ما عليك إلا أن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون وتنعم بالآثار العظيمة وقد قال r في الحديث: “إذا أحبّ الله العبد أصاب منه”. ومن أجل هذا يقول r الصبر مِعوَل المؤمن وهو الذي يُعوّل عليه . والمعول هو الطريق الصخري وطريق الناس الى الله تعالى صخري (فلا اقتحم العقبة) هذا الصبر هو المعول الذي تذلل به طريقك الى الله تعالى والى الجنة والى النعيم من حيث أنك قلت راضياً من قلبك بعد المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون. والأحاديث تقول أن الله تعالى يعطيك على هذه الجملة أجراً عظيماً والأعظم من ذلك أنط كلما تذكرت مصيبتك وأحدثت لها استرجاعاً أعطاك الله تعالى من الأجر مثلما أعطاك من الأجر أول مرة. فتأمل كم من الأجر سيعطيك وكم من الرحمات ستشملك وكم أنت من المهتدين لأن الله تعالى يبشرك بهذه البشارة (وبشر الصابرين) وصف الله تعالى الصابرين أولاً الصابرين وحدد علامة صبرهم (إنا لله وإنا إليه راجعون) وأعطاهم صلوات ورحمات وشهادات بالهداية.
(لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع) هذا الخوف من أعظم الأسباب التي تكفّر الذنوب والخطايا وما أعظم مصادر الخوف في يومنا هذا أنت تخاف من حكومة ظالمة، مستعمر، سارق، تكاليف الحياة وكثرة العيال) فحياتنا في هذا الزمان مجموعة من مصادر الخوف والخوف من المشاعر التي إذا تمكنت من المؤمن رفعت درجته وعلى المؤمن أن يتخلص منها وعليه أن يكون مطمئناً ولا يخاف إلا من الله تعالى فإذا أصابه الله تعالى بما يخيف عليه أن يقول إنا لله وإنا إليه راجعون. قال r: إن البلاء ليصيب الرجل حتى يمشي بين الناس وما عليه خطيئة. ويقول r: إن ليلة من الصداع والمليلة تذر العبد وإن ذنوبه مثل اُحُد فيصبح ما عليه خطيئة. هذه هي قضية المصائب والصبر عليها وعلامة الصبر عليها: إنا لله وإنا إليه راجعون. سرُ إنا لله وإنا إليه راجعون عظيم مثل سر لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين تقولها على هم أو غم فيفرّج الله كربك ومثل سر وأفوض أمري إلى الله يقيك الله تعالى مكر الآخرين. فالآية بجزئها المشرق نفحنا الله تعالى نفحة عظيمة وجعل أصحاب المصائب يتلذذون بالمصيبة من شدة الأجر عليها. ويبقى المؤمن متعقلاً بالله تعالى في سرائه وضرائه. والله تعالى مع العبد إذا ذكره والله تعالى مع العبد إذا انكسر قلبه والله مع العبد إذا أصابته مصيبة. تأمّل أي ربٍ يكون معك قبل أن تكون معه فماذا تنتظر من رب يكون مع عبده وهو أحنُّ عليه من أمه وأبيه والله تعالى يكره مساءة عبده المؤمن.