سورة الإسراء
إسم السورة
د. الشنقيطي: السورة اشتهرت في الزمن الأول في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الصحابة والتابعين بسورة بني إسرائيل حتى إن ابن مسعود كما في صحيح البخاري ” سمعت ابن مسعود رضي الله عنه قال ، في بني إسرائيل والكهف ومريم : إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادي . الراوي: عبدالرحمن بن يزيد المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – لصفحة أو الرقم: 4708 -خلاصة حكم المحدث: [صحيح]” يعني أنهن من محفوظاته القديمة. وحديث آخر في سنن الترمذي وغيره في مسند الإمام أحمد ” كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل ، والزمر. الراوي: عائشة المحدث: الترمذي – المصدر: سنن الترمذي – لصفحة أو الرقم: 2920 -خلاصة حكم المحدث: حسن غريب “، وهذا حديث حسّنه الترمذي وكثير من أهل العلم. إذن الإسم المشتهر في تلك الفترة كان هو بني إسرائيل. ثم اشتهر بعد ذلك أقول بعد ذلك لأني لم أجد أثرًا منسوبًا إلى تلك المرحلة يسميها بسورة الإسراء، فاشتهر سورة الإسراء واضح التعليل والسبب لوروده في أولها. ومن المفسرين من قال سورة “سبحان” وأنا لا أرى هذه تسمية كما يقولون سورة تبارك تسمية بالكلمة الأولى إذا كان الهدف من التسمية هو تمييز السورة عن غيرها فهذا أقصر طريق للتمييز سورة تبارك، سورة سبحان. إذن هي سورة بني إسرائيل وسورة الإسراء. إذا أحببت أن نتلمس لماذا سميت بني إسرائيل مع أن قصص بني إسرائيل مذكروة في كثير من السور ابتداء بالبقرة وانتهاء بالنازعات لماذا هذه التسمية بسورة بني إسرائيل؟ الله أعلم، المتأمل لتسميات السورة يجد أن السورة أحياناً تسمى باسم محتوى القصة قد تكرر في أكثر من سورة لكن هناك حوادث معينة لم تذكر إلا في هذه السورة فمن هذه الناحية ما ذكر في هذه السورة عن بني إسرائيل لم يذكر إلا فيها لم يذكر في سورة أخرى لا في الشعراء ولا في البقرة ولا في طه مثل قوله تعالى (لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)) الإفسادتين
د. عبد الرحمن: هذه لا بد أن نتوقف عندها إن شاء الله. إذن إسم السورة نقول اسمها سورة بني إسرائيل وسورة الإسراء وأعتقد أن هذين الإسمين مثبت في المصاحف فتجد في بعض المصاحف سورة الإسراء وبعض المصاحف سورة بني إسرائيل.
وقت نزول السورة
هذه السورة أجمع المفسرون على أنها مكية وتحديدًا الظاهر أنها نزلت في آخر المرحلة المكية كمقدمة والله أعلم للهجرة وما يتلو الهجرة من أحداث قد تستمر إلى يوم القيامة مما يتعلق بهذه الأمة. لكن هنا لفتة من العلماء من يستثني بعض الآيات يقول مكية إلا كذا وإلا كذا، وهذه الاستثناءات بشكل عام في كثير منها لا تروى بأسانيد، لا تثبت، ثم إن كثيرًا منها إنما يعتمد على غير الرأي المشهور في قضية تعريف المكي والمدني أن المكي ما قبل الهجرة والمدني ما بعد الهجرة. فكثير من هذه الاستثناءات إنما تلمح موضوع معين فلا تلاحظ مثلًا قد تجد آية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا (3)) في سورة المائدة قد تجد بعض المفسرين يقول مدنية إلا آية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) نزلت في مكة لم يلاحظ هذا الرأي الذي يكاد يكون هو المشهور عند علماء القرآن وتعلمون أن هذا الرأي هو أكثر اختصارًا لأنه ينفي الواسطة لأنه لا يجعل هناك أنواعاً متعددة يجعل القسمة ثنائية فقط ما قبل الهجرة مكي وما بعدها مدني بغض النظر عن المكان تبوكي، رابغي، طائفي ولا غيره. هذا الرأي هو المشهور وعليه فالاستثناءات أنا لا أراها في هذه السورة على الأقل بل أرى السورة مكية بالمجمل الأعم والآيات التي ذكرت كاستثناءات إذا قارنتها بموضوع السورة وما إلى ذلك وجدتها كلها مكية.
د. عبد الرحمن: لفتتك يا شيخ مختار أنا أنبه الباحثين إليها أن الآيات المستثناة في السور إما إنها سورة مدنية يقال فيها آيات مكية أو سورة مكية يقال فيها آيات مدنية ولا بد للباحث أن ينظر هل هذا الاستثناء مبني على التعريف المعروف للمكي والمدني أو مبني على المكان أو مراعاة المخاطبين أحيانًا
مقصد سورة الإسراء
د. الشنقيطي: مقصد سورة الإسراء أحب أن ألفت النظر إلى ما يمكن تسميته آلية أو طريقة لاكتشاف مقاصد السورة ونحاول أن نطبقها حتى نخرج بمقصد هذه السورة.
أول هذه الآليات وأهمها الإسم المشهور في زمن التنزيل أو عند الصحابة والتابعين في الزمن الأول. غالباً هذا الإسم يكون له علاقة بموضوع السورة. الإسم الوقيفي أو شبه التوقيفي أنا لا أحصره على التوقيفي لأني أُدخل فيه الإسم المشتهر عند الصحابة والجيل الأول فهذا الإسم غالباً له علاقة من قريب أو بعيد بموضوع السورة. ولعلنا نرجع لتطبيق المنهجية.
البند الثاني من هذه المنهجية والله أعلم أنك إذا دققت في آخر مقطع من السورة قد تجده واضحًا في موضوع السورة. آخر المقاطع من كل سورة في الأغلب العام غالبا ينبه لموضوع السورة كأنه أشبه ما يكون بتلخيص إلى حد ما.
البند الثالث وهو أقربها إلى الدقة هو أن تجرد الموضوعات تأخذ المصحف وتنظر في كل آية ماذا تتحدث عنه وتسجل الموضوع ثم تتأمل في الرابط بين هذه الموضوعات وتكتشف هناك رابط فتخرج به وتقول هذا موضوع السورة أو عمود السورة.
بناء على هذه الآلية التي ليست نهائية وقد يكون هناك مزيد من هذه الآليات وهي اجتهادية النظر إلى البند الأول الإسم المشتهر هو بني إسرائيل ما علاقة السورة ببني إسرائيل؟ هل السورة تتحدث عن اليهود؟ لا، خاصة أنها مكية وما علاقة السور المكية باليهود الذين لم يكونوا في مكة؟ مشكلة بني إسرائيل الكبرى في كل قصصهم في القرآن التمرد على الرسالة الربانية والتمرد على الأنبياء هذه مشكلتهم الأساسية. وإذا نظرنا إلى آخر مقطع في السورة نجد قول الله عز وجل (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)) و(قل) هنا فرق بين أن نقول مثلًا ادعوا الله أو ادعوا الرحمن لكان هذا الموضوع هو العبادة لكن لما يقول (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ) معناه هذا موضوع يتعلق بتبليغك للعبادة بأمرك بالعبادة. وتكرير (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا) هذا متعلق بمهمة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة للعبادة وليس للعبادة نفسها.
وإذا نظرنا إلى استقراء موضوعات السورة هي مليئة بالتسبيح بدأت (سبحان) وهي أضخم كلمة وقد تحتاج إلى تعليق وفيها قول الله عز وجل (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43) تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)) (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) هذه أطلق آية في التسبيح وبالمناسبة بعض المفسرين يأوّل هذه الآية إلى أنه يجل على التسبيح، الآية صريحة (وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) إذن لماذا تأوله؟ هذا تسبيح حقيقي لكن لا نفقهه نحن. فيها كلام كثير. هذا بند الذي هو تمجيد الله التوحيد عمومًا ونفي الشرك، الرسالات السماوية الكلام عن بني إسرائيل وإشارة إلى نوح وإشارة إلى داوود وإشارة (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55)) وهناك القرآن، تحدثت هذه السورة كثيرًا عن القرآن بدءًا من أول الآية التاسعة (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) وجاء في وسط السورة الحديث عن القرآن (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)) وجاء في ختام السورة الكلام عن القرآن.
د. عبد الرحمن: ولذلك ذهب بعضهم أن القرآن هو موضوع السورة
د. الشنقيطي: السورة فيها وصايا الحكمة الكثيرة التي بدأت مع قوله تعالى (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً (22)) وانتهت بقوله عز وجل (وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا (39)) وفيها قول الله عز وجل (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ (39)) وفيها حديث عن طبيعة الإنسان متفرق في السورة يبدأ في قوله تعالى (وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً (11)) وفي آخرها في قول الله عز وجل (وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا (83)) وفي وسطها (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)) وفيها الحديث عن الصلاة وأوقات الصلوات الخمس المفروضة (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)) وفيها النافلة (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ (79)) أهم النوافل خاصة قيام الليل وفيها الصراع بين الشيطان والإنسان (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61)) وغيرها. هذه الموضوعات كلها ماذا يشملها؟ إذا نظرنا إلى هذا كله نستطيع أن نقول باطمئنان أن موضوع السورة هو الرسالة المحمدية.
د. عبد الرحمن: قلت أن موضوع السورة يتحدث عن الرسالة المحمدية وحتى الذين قالوا بإنه القرآن فهو داخل تحت هذا المقصد العظيم. نتوقف مع بعض الأشياء في أول السورة. في قوله تعالى (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)) هذه الآيات فيها خلاف بين المفسرين ونريد أن نسمع رأيك في هذه الآيات ما المقصود بالإفسادتين؟
د. الشنقيطي: هذه الآيات وتكملتها في آخر السورة في قوله عز وجل (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)) ثم يرجع الحديث عن القرآن (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (105)) فإذا جمعنا المقطعين في أول السورة وفي آخر السورة حقيقة كثير من المفسرين الأقدمين، المفسرون علماء مهمتهم أن ينظروا بمعطياتهم إلى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم علماء الشريعة عموماً فالمعطيات موجودة هم لا يوحى إليهم، اليهود في تاريخهم كله كانوا أذلاء قبل هذه الفترة كانوا أذلاء وكانوا مضطهدين، فكثير من المفسرين أوّلوا هذه الآيات أنها بختنصر وجالوت. بعض المفسرين المعاصرين ومنهم العلامة الشيخ محمد الحسن الددو رحمه الله ومنهم الشيخ الشعراوي ومنهم د. صلاح الخالدي من الأردن وغيرهم يرى أن هذه الآيات ليست في زمن قبل البعثة النبوية المحمدة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وإنما بعد ذلك وأنا تأملت الأقوال في الجهتين فاكتشفت الكثير من الأدلة على هذا الكلام. دعنا ننظر (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)) الأفعال المضارعة ثم في قوله تعالى (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7)) كل الأفعال المضارعة الأصل في الفعل المضارع الحال والاستقبال ولا يصرفه للماضي إلا إذا دخلت عليه (لم) حولته إلى الماضي فلماذا نحوله إلى ماضي قبل نزول البعثة؟!. ثم (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ) (إذا) ظرف لما يستقبل من الزمان، تصور الوضع من يوم النزول، عند النزول (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ) كلمة وعد معناه شيء للمستقبل. ثم (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ) البعث ليس معناه الإرسال وإنما الإقامة من خمود أو ركود أو رقود تقول بعثت الجمل من بروكه، هؤلاء الذين بعثوا هم العرب، هم الذين كانوا ميتين، هم الذي كانوا جهلاء قبل الرسالة المحمدية، هم المبعوثين فعلًا. ثم ضمير العظمة لله سبحانه وتعالى (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ) هذا البعث لا بد وأن يكون فيه تشريف ولا يكون بعثًأ لوثنيين مثل بختنصر وغيره. (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا) في أغلبها في القرآن للتشريف في السورة نفسها (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) ثم (عِبَادًا لَّنَا) بالإضافة، في أول السورة (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) وفي وسطها (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ (65)) وهؤلاء (عِبَادًا لَّنَا) فلا بد أن تتسق تكون كلها متسقة (عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) البأس هو القوة. عندما نقول للمريض لا بأس عليك ليس معناه لا ضرر عليك وإنما معناه لا شدة عليك في المرض معناها تخفيفًا عليك. فالشدة في الحرب مدح والله سبحانه وتعالى يمدح فريقًا يستحق المدح إن شاء الله (فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ) معناها تخطفوا داخل الديار معناها داخل الشوارع وليس داخل البيوت وهذه أخلاقيات الحرب في الإسلام أن الجنود لا يدخلون داخل البيوت ويفتشون عما فيها من المنكرات أو حتى الوثنيات أو الشركيات إنما يطهرون الشوارع والمظهر العام وهذه دقة في التعبير فجاسوا خلال الديار بين الديار (وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)) اليهود عندما تغلبوا هل تغلبوا على قوم بختنصر أم على المسلمين؟ إذن هذا دليل على أن أولئك المبعوثين مسلمين. (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) الإمداد شيء من الخارج (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ (27) لقمان) معناه أن هؤلاء قوتهم ليست ذاتية. ثم نلاحظ (ثم) زمن طويل بعد أن غلّب الله عليهم المؤمنين ثم بعد زمن طويل 1400 سنة (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) هؤلاء الذين يتجمعون في فلسطين الآن ليسوا من بني إسرائيل أغلبهم وإنما إمداد من روسيا وغيرها. (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) النفير لما تقرأ في السيرة في قصة غزوة بدر هناك عير ونفير والنفير هم القوم الذين جاؤوا لحماية العير وليسوا هم الذين خرجوا أساسًا فالنفير هم القوم الذين جاؤوا للحماية فهؤلاء أكثر نفيراً أكثر أهل الأرض الآن يدافع عنهم (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) تحملوا مسؤولياتكم. (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7)) (لِيَسُوؤُواْ) الضمير لا بد أن يرجع إلى المذكورين قبل، من هؤلاء هل قوم يختنصر سيأتون؟ ثم قال (لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ) ولم يقل ليقتلوكم المسلمون سيدمرون مملكتكم لكن لن يقتلوكم لأن أخلاقيات الإسلام تمنعهم من ذلك لكن المهانة والذلة ستعود إلى وجوهكم (لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ). (وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) المسجد (أل) فيه للعهد (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى (1)) ومن الذين دخلوه أول مرة؟ عمر بن الخطاب وأصحابه. (وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا) سيدمرون الأمور التي يقتضي استعلاؤهم تدميرها، هيكل خراب وغيره. أما الآية الثانية (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ (8)) وقفت أمامها ونظرت في كتب التفسير وكل من اطلعت عليهم في كتب التفسير يجعلها ضمن السياق المخاطب به بنو إسرائيل ولكني لا أقر هذا ولا أميل إليه بل أرى أنها خطاب للمؤمينن من باب الالتفات، لماذا؟ الله سبحانه وتعالى يقول (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (60) المائدة) كيف يقال لهؤلاء (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ)؟ وقال سبحانه وتعالى (فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ (90) البقرة) (وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ (61) البقرة) ويقول عنهم (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ)؟! وابن عباس يقول (عسى) من الله واجبة، لا بد أن هؤلاء المرحومين قوم آخرين هم أنتم المخاطبين. فإذا سأل سائل لم يتقدم خطاب مباشر للمؤمنين أقول كل القرآن خطاب للمؤمنين من أوله إلى آخره ما جاءت آية إلا للمؤمنين. وكل هذا الكلام يؤيده موضوع السورة رسالة محمد عليه الصلاة والسلام وإلا قصص القرآن ما جاءت استقصاء للقصص ذاتها وإنما فيها لفتات لنا معشر المسلمين. نقول الإفساد الأول حصل في زمن التنزيل سواء قبيله تشويه أو معه صدهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ومحاولتهم قتله حتى لما كان في بني سعد عند حليمة فجاءه حبران من اليهود فسألوا حليمة أين أبو هذا؟ قالت موجود فأشارت إلى زوجها قالوا إنما نبحث عن يتيم كانوا يريدون قتله. ومحاولات بني النضير الذين حاولوا قتله في المدينة. تصور حجم الإفساد في الأرض بهمومها وشمولها لو حقق اليهود مأربهم من القضاء على الإسلام في مهده، هذا هو الإساد في الأرض والأرض هنا على هذا التفسير وليست الأرض المقدسة كما يرى بعض المفسرين في فلسطين والشام وغيرها، لكنها أوسع (لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) وهذا إفساد في الأرض والإفساد الثاني في الأرض كلها لا ندري إلى متى سيستمر؟ هذا الإفساد في الأرض كلها وليس مقتصراً على أرض معين. إذن هذا الإفساد في الأرض هو الأول هو محاولتهم القضاء على الإسلام ونقضهم العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب التي كانت محاولة للقضاء النهائي على الإسلام ثم سلط لله عليهم المؤمنين وأفشل هذا المخطط سبحانه وتعالى.
د. عبد الرحمن: هذا البيان الرائع للآيات أرجو أن يفتح للإخوة المشاهدين والباحثين أن يفتح الباب للمراجعة والنظر في الايات وتفسير المفسرين. وأذكر كلامًا للإمام ابن كثير رحمه الله في كتاب إسمه “الجهاد في أحكام الاجتهاد” تكلم في هذا الكتاب عن هذه الآيات بالذات وتحدث أن المقصود بالإفساد بني إسرائيل وأتفق معك أن كل مفسر من المتقدمين كان ينظر إلى الإفساد بحسب المعطيات التي بين يديه، إبن كثير كان يتحدث في ذلك الوقت والنصارى قد أفسدوا في بيت المقدس أيام صلاح الدين عندما طردهم صلاح الدين فاعتبر أن ذلك الإفساد هو المقصود علمًا أنه يتحدث عن النصارى وليس عن اليهود فأرجو أن يكون هذا فاتحة للبحث. ولعلي حدثتك عن كتاب (لتفسدن في الأرض) للدكتور محمد علي دولة، أذكر أنه ناقش هذه القضية ولا أدري ما هو الرأي الذي استند إليه.
د. عبد الرحمن: نعود لبعض المحاور في هذه السورة العظيمة، هناك نقطة في قوله سبحانه وتعالى (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)) لعل هذه الآية من أقوى آيات التحدي في القرآن الكريم لعلنا نسلط الضوء عليها ونربطها بموضوع السورة.
د. الشنقيطي: الكلام عن القرآن الكريم في هذه السورة متعدد جداً بدأ بقوله عز وجل (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9)) وبالمناسبة شيخ مشايخنا الشيخ محمد أمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان فصل في هذه الآية تفصيلًا عظيمًا ورد على كل شبهات الكفار المعاصرين سواء في القضايا الاجتماعية كالطلاق والنكاح والمرأة وغيرها أو في المجال الاقتصادي والمجال السياسي رد ردودًا مفصلة ومركزة في أضواء البيان عند هذه الآية. ثم في الآخر (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (105)) التحدي قائم منذ نزول القرآن والتحدي ليس فقط بالألفاظ العرب الأوائل أو علماء البلاغة جعلوا الإعجاز في مجال ما يسمونه النظم أي الإعجاز البلاغي باعتبار أن العرب عند نزول القرآن كانت هذه الصناعة الأولى عندهم ولم كان عندهم غيرها في الحقيقة. لكن القرآن ليس خاصًا بهم القرآن نازل للفترة الزمنية إلى قيام الساعة لذلك التحدي قائم في كل مجال لذلك كثرت في هذا العصر أنواع الإعجاز وستستمر وتزيد إلى ما شاء الله.
د. عبد الرحمن: تحدثت عن القرآن الكريم في هذه السورة له حضور قوي جداً والآية فعلًا من أقوى الآيات التي وردت في التحدي وتقول الشيخ الشنقيطي أفاض في كتابه أضواء البيان حول هذه الآية وكما تفضلت أوجه الإعجاز الآن تحد عنها العلماء الإعجاز الفقهي والإعجاز التشريعي والإعجاز العلمي والبلاغي. نعود إلى مسألة مهمة وهي قضية آيات الحكمة في السورة
د. الشنقيطي: هنا في هذه السورة مجموعة من الوصايا التي تقتضيها رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. أبو سفيان لما سأله هرقل وهو كافر ماذا يأمركم قال يأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف وينهانا عن الزنا والفاحشة. هذه الآيات بدأت بقول الله عز وجل (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً) أساس رسالة محمد صلى الله عليه وسلم التوحيد وختمت بقوله عز وجل لا تجعل مع الله إلهًا آخر. ثم (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23)) ومن الآية (22) إلى الآية 39 منها قول الله عز وجل (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (29)) ومنها قول الله عز وجل (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)) ومنها قوله عز وجل (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) وعند هذه الآية أحد مشايخنا الشيخ أحمد ذوالنورين أحد أقاربنا موجود في الإمارات الآن الله يحفظه حدثني عن الشيخ الأمين الشنقيطي رحمة اله عليه وهذه لم أجدها في أضواء البيان أو لم أطلع عليها أنه أراد أن يحدد من هو ذا القربى الذين أمرنا الله بصلتهم (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) من هو ذا القربي؟ فالشيخ محمد الأمين رحمة الله عليه قال إذا اردنا أن نعرف من هذا ننظر في قول الله عز وجل (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) الشعراء) وننظر كيف طبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا فعل عندما نزلت عليه الآية؟ نادى جميع بطون قريش، فالشيخ محمد الأمين وهو متخصص في الأنساب عدّ كم جدّ بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أبعد واحد يتلتقي معه في نسبه في قبيلة قريش فوجد العدد 17 جدًا فخلص من هذا إلى أن من يجتمعون في أقل من 17 جدًا أنهم من الأقرباء.
سؤال الحلقة
آيتين في سورتي الأنبياء والمؤمنون متشابهتان مع اختلاف خاتمتهما وزيادة الواو في أول إحداهما فما هما؟
—————————————————
الحلقة السابعة عشر
سورة الاسراء
***********
رابط جودة عالية
http://ia360707.us.archive.org/5/ite…6/tafsir17.AVI
رابط جودة متوسطة
http://ia360707.us.archive.org/5/ite…/tafsir17.rmvb
رابط للجوال
http://ia360707.us.archive.org/5/ite…ir17_512kb.mp4
رابط صوت
http://ia360707.us.archive.org/5/ite…6/tafsir17.mp3
روابط اليوتيوب
http://www.youtube.com/watch?v=DG1oBQYQK5M&feature=uploademail
http://www.youtube.com/watch?v=iae-A94v7ms&feature=uploademail
http://www.youtube.com/watch?v=-HW7vMJ51PY&feature=uploademail
روابط الحلقة كاملة على موقع مشاهد
http://www.mashahd.net/view_video.ph…e2bb7aa62f9610