برنامج التفسير المباشر

التفسير المباشر – رمضان 1431 هـ – سورة طه

اسلاميات

الحلقة 20

ضيف البرنامج في حلقته رقم (114) يوم الإثنين 20 رمضان 1431هـ هو فضيلة الشيخ الدكتور عيسى بن ناصر الدريبي الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود ، وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه .

 

وموضوع الحلقة هو :

– علوم سورة طه .

– الإجابة عن أسئلة المشاهدين حول السورة وحول الجزء العشرين من القرآن الكريم .

———————-

سورة طه

إسم السورة

د. عيسى: هذه السورة المباركة سورة طه من السور المكية واسمها المشهور المعلوم هو سورة طه، وردت أن لها اسماء أخر قد ذكر ابن عاشور والسيوطي أن لها أسماء منها تسمى سورة الكليم وتسمى سورة موسى عليه السلام وذلك لأن قصة موسى من القصص البارزة في هذه السورة. لكن إسم طه هو الإسم المشهور وهو الإسم الذي افتتحت به السورة والسورة تسمى بعدة اعتبارات منها افتتاحيتها وافتتاحية هذه السورة بهذا الإسم طه.

وقت نزول السورة:

د. عيسى: هذه السورة من السور المكية التي نزلت في مرحلة متقدمة ولعل بعض الإخوة المشاهدين ولا يخفى عليكم أنتم أن هذه السورة يذكر المفسرون فيها قصة إسلام عمر رضي الله عنه وهي قصة مشهورة هناك من يضعفها لكن أغلب كتب التفسير وكتب السير تذكرها فهي من السور المبكرة جدًأ التي نزلت قبل إسلام عمر وإسلام عمر كان في السنة الخامسة بعد البعثة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ولهذا ذكر بعض المفسرين ومنهم ابن عاشور أنها نزلت إما في أواخر السنة الرابعة أو أوائل السنة الخامسة للبعثة وترتيبها في النزول كما ذكر ابن عاشور أنها رقم 45 في النزول نزلت بعد سورة مريم وقبل سورة الواقعة فهذه الأحداث نأخذ منها أن السورة نزلت في مرحلة مبكرة وموضوع السورة يوحي بهذا.

موضوع السورة:

د. عيسى: السورة افتتحت بالحديث عن القرآن الكريم وعن النبي صلى الله عليه وسلم واختتمت بالحديث أيضًا عن القرآن الكريم وعن النبي صلى الله عليه وسلم. هناك عدة موضوعات فيها وهناك محور رئيسي. نحن حينما نقرأ السورة ونتملى في آياتها سنجد أن ربما المحور الرئيسي هو العناية عناية الله عز وجل بأوليائه وعلى رأس هؤلاء الرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام. هذه العناية تبدو بعناية الله بالنبي صلى الله عليه وسلم عندما افتتحت السورة (طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3)) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم (إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3)) ثم جاءت بعد ذلك قصة موسى عليه السلام وهي من أكثر القصص التي تكررت في القرآن الكريم لكنها في كل سورة تعرض بزاوية تناسب محور السورة، والمحور هنا هو العناية عناية الله عز وجل برسله التي بدت في قصة موسى وهي واضحة.

د. عبد الرحمن: ما هي مظاهر العناية بموسى في عرض قصته هنا في سورة طه؟

د. عيسى: أولها ذلك المظهر الذي ذُكر في بداية السورة بعد أن قال الله عز وجل (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)) ذكر بعض المفسرين أن موسى خرج بعد أن قضى الأجل عند شعيب -إن كان شعيبًا- ثم عاد إلى موطنه والناس مهما ابتعدت تألف إلى موطنها الأصلي أراد أن يرجع إلى موطنه الأصلي وهو مصر فيقال أنه كان يمشي في الصحراء – ذكر هذا بعض المفسرين في بعض الروايات – فتاه وكانت ليلة شاتية باردة فأول مظاهر العناية هو أن الله عز وجل دله على هذه النار التي رآها وحينما جاء موسى عليه السلام إنقلبت هذه النار إلى نور وحظي موسى عليه السلام بهذه المنزلة التي لم يحظى بها غيره حتى سُمِّيَ موسى الكليم عليه السلام. ثم عناية الله عز وجل به حينما ألقته أمه في ذلك صندوق يرمى في عرض البحر أي صندوق هذا؟ أيّ حفظ؟  ما هي المواصفات الخاصة لهذا الصندوق الذي سيحمي هذا الطفل الصغير الرضيع؟ والمظهر الآخر أن الله عز وجل يجعله يتربى في بيت من أعز البيوت وهو بيت ملك بيت فرعون. ثم عناية الله بموسى حينما خاف عندما أمره أن يذهب إلى فرعون (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)) إذا كان الكريم القوي الجبار مع المخلوق فمن الذي سيقف أمامه؟! هذه غاية العناية. ثم عنايته به سبحانه وتعالى في إظهار صِدقه حينما انقلبت تلك العصا إلى حية بل ابتلعت كل السحر الضخم الذي كان في مجمع من الناس كما سيأتي في السورة. ثم عنايته به في تصديق السحرة في نفس الوقت في نفس الوضع وأمام مجمع من الناس فصدقه من كان فرعون يعدّهم لتكذيبه. ثم عنايته به سبحانه وتعالى حينما رجع إلى قومه وحصل ما حصل، الله عز وجل لم يكلفه هذا الأمر، أنت أديت ما عليك والأنبياء غير مطالبين بغير البلاغ (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ (48) الشورى). مظهر العناية واضح جدًا في هذه السورة.

د. عبد الرحمن: هل هناك أدلة أخرى على أن هذا المحور هو المحور الأساسي غير قصة موسى أيضًا؟

د. عيسى: عناية الله عز وجل برسوله صلى الله عليه وسلم وهي الأصل في هذا المحور حتى إن قصة موسى سيقت لتثبيت قلب النبي ونحن قلنا أن هذه السورة نزلت في مرحلة مكية صعبة قبل الهجرة الأولى وكان المسلمون يعانون ضيقًا ومشقة وعنتًا وعذابًا فهذه القصة بكل ما فيها من عناية هي لتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم لكن العناية الأولى بالنبي واضحة لأن الله عز وجل قال له (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3)) هذه آيات عظيمة جدًا حتى إن عمر وهو صاحب القلب الجاف رضي الله عنه كان قبل الإسلام كان جبارا في الجاهلية حتى إنه لما دخل في القصة المشهورة بطش بسعيد بن زيد زوج فاطمة رضي الله عنها ثم بطش بأخته فاطمة فضربها حتى سال الدم منها فلما رأى ذلك رقّ قلبه وأخذ الصحف والقصة مشهورة فرفضت أن تعطيه إلا أن يغتسل فاعتسل وجاء وقرأ (طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3) تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4)) تعظيم للخالق سبحانه وتعالى وتعظيم للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيم لهذا القرآن، لما تقرأ هذه الآيات يقشعر بدنك (تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4))، ثم وصف الله عز وجل نفسه، عظّم تعالى نفسك لتعظيم هذا الكتاب المنزل (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)) ثم عظّم نفسه أيضًا فبيّن ملكه (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى (8)) بداية قوية جدَا، قرآن معجز ولهذا من قرأ هذه الآيات بقلب أشد من قلب عمر لا بد أن يخشع لها وقلب عمر كان قلبًا كافراً فخشع لها وقال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه! وكانت مطلع هذه الآيات سببًا في إسلام عمر رضي الله عنه.

د. عبد الرحمن: الذي يتأمل هذه الآيات يجد ما يدعو إلى لين القلب. وأذكر أن سيد قطب أشار إلى فواصل سورة طه

د. عيسى: رحمه الله يقول هذه السورة فيها جو الهدوء والسكون ولهذا موسى لما جاء في مكان مظلم فيه هدوء جاء لهذا النور فسمع هذا الكلام العظيم وفيها عناية وفيها إحاطة وفيها هدوء ولهذا تجد حتى الفاصلة فاصلة لطيفة جدًا هذه الألف المقصورة حتى وأنت تقرأها وأنا أقول للإخوة المستمعين والمستمعات إسمعوا هذه السورة حينما يقرأها الشيخ المنشاوي – وكل القُرّاء فيهم خير – لكن حينما تسمع هذا المقطع والشيخ المنشاوي رحمه الله يقرأه تسمع شيئًا مبهرًا من الأداء خاصة عندما يقرأ هذه الألف المقصورة  بنبرته الحزينة

د. عبد الرحمن: وهذه فرصة للإخوة المشاهدين في هذا الشهر الكريم التأمل وكثير من السلف كان يقول أن تقل من قرآءة القرآن الكريم مع التدبر ومع التفهم لها خير من الإكثار مع عدمها. ونحن في برنامجنا نحرص أن نأخذ كل يوم سورة علها تكون دعوة لإعادة القرآءة لسورة طه والتأمل والنظر فيها وما الذي دعا عمر رضي الله عنه إلى الدخول في الإسلام بعد سماع هذه السورة.

د. عيسى: وهذه كلمتي كنت اقولها لجماعتي في المسجد الذي كنت أؤم فيه: نحن في كل يوم نسمع ما لا يقل عن نصف جزء ثم إذا خرجنا ما الذي بقي؟! هذا السؤال ينبغي أن نطرحه. أنا أعطي المشاهدين والمشاهدات اختبارًا لكيفية قرآءة القرآن وقرآءتنا للقرآن تختلف عن قرآءة السلف كل منا يقرأ يوميًا بحمد الله وربما تقرأ ويأتي يقيم الصلاة فتطبق المصحف ثم تعود بعد الصلاة تفتح وتواصل وأنا أتحدث عن نفسي أحيانًا لا أدري أين وقفت؟! لأنها قرآءة غير واعية غير تدبرية، هي قرآءة مجرد يحصل بها الأجر بإذن الله لكن القرآءة التي يتأثر لها القلب فخشع لها قلب عمر وأسلم رضي الله عنه هذه القرآءة التي نحن نحتاجها.

د. عبد الرحمن: وما أجمل قوله “ما أجمل هذا الكلام وأكرمه! وبالأمس كان ضيفي الدكتور إبراهيم الحسن يتحدث عن سماع النجاشي لسورة مريم فبكى وبكى الذين حوله وقال والله إن هذا والذي أنزل على عيسى يخرج من مشكاة واحدة. فأنا أقول ربما ونحن نسمعها لا نشعر بهذا الشعور وعلينا أن نراجع أنفسنا وإلى تعليم التدبر وكيف يتوقف الإنسان مع القرآن ويتفهمه ولعل مثل هذا البرنامج نحن نسعى لنكون معينًا لمثل هذا

د. عيسى: أنت تقوم بهذا الدور أسأل الله لك الأجر، وكنت أقول قديمًا وأكرر هذا القول اليوم ونحن نشتري مقاضي رمضان نأخذ تفسير السعدي أو تفسير كلمات القرآن وأنت تقرأ الآن وأنا أكاد أجزم أن كثيرًا من الإخوة وأنا منهم وهو يقرأ هذه السورة سيقف عند قوله سبحانه وتعالى (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)) ما المراد بالزينة؟ عندما تقرأ (أَن تَقُولَ لَا مِسَاس (97)) ما معنى كلمة مساس؟ (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ (88)) ستجد أن هذه الكلمات اليسيرة أقل شيء تفهم معناها وتقرأ وتردد مرة ثانية وثالثة يفتح الله عليك.

د. عبد الرحمن: هل بقي أدلة على محاور في ختام السورة أو ننتقل إلى أبرز الموضوعات الي في سورة طه نتوقف عندها؟

د. عيسى: محور القرآن بارز وافتتحت به السورة واختتمت به وهذا ظاهر.

محور السورة

د. عبد الرحمن: كنا تحدثنا عن القرآن الكريم في سورة طه واضح في اول السورة وفي أوسطها وفي آخرها الحديث عن القرآن لعلك تحدثنا عن هذه النقطة بالذات

د. عيسى: الحديث الأول في مطلع السورة (تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4)) أنبه فقط لملحوظة في ذهني وأريد أن أنبه لها، كلمة (طه) هناك من يذكر أن هذا إسم من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يصح وأفضل الأقوال فيه أنه ضعيف ليس هذا من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم والمفسرون مختلفون ما المقصود بـ(طه)؟ هل الأحرف المقطعة أو أنه بعض لغة العرب يا رجل ولكن هذا من الأشياء المشهورة و(طه) ليس إسمًا من أسكاء النبي صلى الله عليه وسلم.

د. عبد الرحمن: طه إما أنه من الحروف المقطعة أو أنه بلغة بعض قبائل العرب بمعنى (يا رجل)

د.عيسى: وهناك قول ضعيف آخر ذكره الإمام الشنقيطي رحمه الله وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام في بداية حياته يعتمد على أحد رجليه فنزل قوله (طه) يعني طء الأرض بقدمك.

د. عبد الرحمن: بعض الناس يسمون أبناءهم (طه) ويظنون أنه إسم من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم

د. عيسى: مشهور ولكن هذا لا يصح. (تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4)) هذا حديث عن القرآن الكريم وكل الصفات التي ذكرت في عظمة الخالق هي لتعظيم القرآن الكريم، الذي هو كلامه ثم وصف الله نفسه بصفات عظيمة لتعظيم القرآن الكريم. ثم اختتمت السورة بهذا آخر ثلاث أربع آيات (وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ (113)) يريدون بينة ودلالة معجزة وهذه الآية جاء تفسيرها في آيات أخر في سور أخرى (وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا (90) الإسراء) الطلبات التعنتية قال الله عز وجل مبيّنًا أعظم آية وأعظم معجزة هي المعجزة الباقي  (أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133)) هذا القرآن هو المعجزة الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وكما جاء في سورة العنكبوت (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ (51) العنكبوت) فالقرآن حجة الله الباقية والنبي صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي من الأنبياء إلا أعطي على ما مثله آمن عليه البشر كل نبي كانت له معجزة كما في قصة موسى كانت معجزته العصا، وإنما كان ما أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة. المعجزة الباقية الدائمة التي لا تنقضي بانقضاء عصر النبي صلى الله عليه وسلم.

د. عبد الرحمن: وقد كان، قرأت إحصائية أن أكثر الداخلين في الإسلام حتى من امعاصرين كات سبب دخولهم القرآن الكريم.  السبب الرئيسي هو القرآن الكريم

د. عيسى: هذه كانت معجزته الباقية

د. عبد الرحمن: وآية (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113))

د. عيسى: وهذه آية عظيمة جدًا تبين هدف إنزال القرآن (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) لهدفين اثنين (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا). نحن الآن نسمع يومياً أكثر من نصف جزء ونقرأ أكثر من أربع أجزاء هل أحدث لنا التقوى أو الذكر؟ (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) ص) هذه لفظ مجمل فصّلت هنا (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)) يتذكر الإنسان، ولهذا عمر تذكر وهو كافر فأسلم ونحن مسلمون ينبغي ونحن نقرأ القرآن أن نتذكر فنعي.

د. عبد الرحمن: ينبغي أن يكون حديث الناس في رمضان هذا القرآن. أيضًا الآيات التي بعدها (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)

د. عيسى: هذه آية عظيمة وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل عليه السلام عليه يستعجل بالقرآءة مخافة أن ينساه يريد أن يحفظه صلى الله عليه وسلم كما جاء في آيات سورة القيامة (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) القيامة)، (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) وهذه إشارة مهمة ونحن نؤكد المنهج في تلقي القرآن الكريم.

د. عبد الرحمن: وهذه قضية ينبغي أن ننبه إليها وهي الاستعجال في أخذ القرآن. نعود للآيات في هذه السورة (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ (114)) وهناك (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) القيامة) هذه لفتة مهمة.

د. عيسى: هذه الاية ترسم المنهج الصحيح لتلقي القرآن سواء كان تلقيه لحفظه أو تلقيه لفهمه أو تلقيه بتلاوته. تلقيه بحفظه أن القرآن الكريم يحفظ بمراحل وبشكل متأني حتى يثبت وما حفظ بسرعة نسي بسرعة نحن مع الدورات القرآنية المكثفة حتى لا يفهم أحد أننا نعرضها – لكن أكاد أقول أن هذه الدورات مصداقيتها وقوتها في تثبيت الحفظ أما الشخص الذي لا يحفظ القرآن الكريم يحفظه في شهر فسوف ينساه بعد شهر. د. عبد الرحمن: دلالة هذه الاية (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ)

د. عيسى: المنهج في تلقيه وفي تلاوته ونحن نعرف أن السلف كان لهم هدي في تلقي القرآن الكريم كانوا يتلقون كما قال عبد الرحمن السلمي العشر آيات فيتعلمون ما فيها من العلم والعمل

د. عبد الرحمن: وليس لأنهم كانوا ضعفاء في الحفظ

د. عيسى: لا، إبن عباس ورد أنه قرأ البقرة في ثمان سنين، تعلم ما فيها من أحكام وحكم. ولهذا أقول مصداق ذلك الفهم كتب التفسير المتعددة المتكاثرة وكل من كتب في التفسير سيأتي بجديد. المنهج في فهم القرآن الكريم قضية من أهم شيء عدم الهدرمة لا تهذوه هذّ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل كما قال ابن مسعود ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيت الليلة يردد آية واحدة (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) المائدة) ليلة واحدة يرددها حتى يصبح. ولهذا منهج التلقي ينبغي أن يكون القرآءة بتؤدة واطمئنان ما يُقرأ بسرعة ما تدري ما يفهم منه الإنسان والفهم أهم من أسباب القرآءة المتأنية أقل شيء.

د. عبد الرحمن: هذه لفتة مهمة اشكرك عليها عدم الاستعجال في أخذ القرآن سواء في قرآءته أو فهمه أو حتى في تعليمه ينبغي أن تقتصر على جزء محدد بسيط وتحاول أن تعطيه حقه.

قصة موسى

أبرز الوقفات فيها عناية الله عز وجل بموسى في إجابة دعوته.

د. عبد الرحمن: ملاحظة لفتت نظري في قصة موسى هنا، أنه بدأ به أول القصة عندما أرسله ثم قال (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37)) وأرجعنا إلى ولادته

هناك جزء من العناية الآن ذكرناه وهو قضية أن الله سبحانه وتعالى استجاب له دعاءه وأرشده حينما كلفه (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27)) أنا وأنت ضعيف إذا كان موسى أول ما كلّفه الله لم يتذكر أي شيء إلا الله وإلا المعونة من الله فأنا وأنت أحوج والله.

د. عبد الرحمن: والعجيب أن موسى يسأل هذا وهو من أقوى الرسل بنية

د. عيسى: نحن نعرف أنه وكز القبطي وكزة فقط ضربة بسيطة فقضى عليه ومع هذا موسى كان قريبًا من الله ونحن نحتاج هذا. في سورة القصص بعد أن سقى لتلك المرأيتن هناك مقطع لا يمكن تجاوزه (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) القصص) وهنا يقول (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25)  لساني) هذه من أكثر الدعوات التي تحيط بالإنسان يشرح له صدره أنا وأنت نلاقي في هذه الدنيا من العنت والمشاق اللهم اشرح لنا صدورنا. وكانت من أعظم المنن التي امتن الله تعالى بها على نبيه في أول سورة الشرح (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)) أسأل الله أن يشرح صدورنا

د. عبد الرحمن: وحتى للمؤمن في قوله (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ (125) الأنعام)

د. عيسى: شرح الصدر ليس بعده شيء سواء كان في الإيجاب أو دفع المشاكل والفتن. (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26)) هذه الدعوة من أعظم الدعوات، يسر لي كل أموري لا يقف أمامي أي صعب. ولهذا أذكر زميل لي هذه الدعوة يقول كانت والدتي تقول لي اللهم يسر لي كل عسير، قال والله لقد دعت لك بكل شيء. (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي). ثم جاء الطلب الآخر بطلب البلاغ (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27)) ثم الطلب الثاني طلب شد الأزر، المعونة، الإنسان ضعيف بنفسه (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)) وانظر إلى هذه الروح الجماعية عند موسى ما قال أنا أذهب لوحدي وأنذر إنما قال أريد شخصًا يعاونني لأني ذاهب إلى شخص غير طبيعي.

د. عبد الرحمن: فائدة: يقولون من أكثر الإخوان بركة على أخيه موسى على هارون لأنه توسط له وشفع له أن يكون نبياً فوافق له سبحانه وتعالى وأخلفه في قومه

د. عيسى: (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمُِّ) إذا أحاطت عناية الله بالعبد والله لا يضره كل البشر في الدنيا. تأمل صندوق صغير يلقى في البحر وأمه تلقيه والعجيب أنه يقول لها (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي (7)) لكن الوعد (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ (7) القصص) والآية الأخرى في سورة القصص (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا (10) القصص) والقرآن يفسر بعضه بعضًا. يقول الإمام الباقلاني رحمه الله في إعجاز القرآن يقول بعض الألفاظ لو أخذتها وبحثت عن كل القرآن لتؤدي معناها لا تجد. ثم قال (فَارِغًا) ثم يقول (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ (39)) قاتل فرعون يتربى في بيت عدوه الذي كان يريد أن يقتله (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)) ثم يهيأ الله له حتى المحيط ويهيئ له حتى يمنع عنه كل المراضع وأخته تقص الأثر (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ (40)) ونقول هنا وقفة لإخواننا وأخواتنا وأحبابنا أن الولد والبنت هو قرة العين ولهذا ليتقوا الله إخواننا وأخواتنا في أن يكونوا قرة عين لآبائهم وأمهاتهم للبر بهم وإذا اصاب الإنسان شيء في أحد أولاده والله  إن الحياة كلها تتزلزل وإن من بر الإنسان في هذه الدنيا أن يبر بأمه وأبيه حتى تقر عينها ولا تحزن. ثم يمضي السياق ونقف مع وقفة أخرى ذلك الموقف المهيب موقف السحرة موقف عظيم موقف يبين كيف الإيمان إذا وقر في القلب يفعل فعلًا لا يفعله شيء. هؤلاء سحرة والموقف ضخم جدّا (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)) حتى يكون هناك مجال للمباراة كما يقول بعض المفسرين كلمة (ضُحًى) دقيقة جدًا ويوم زينة أحد ايام أعيادهم فيجتمع الناس ويلقي عدد هائل من السحرة جمعوا من كل مكان وألقوا فيأتي هذا ألق ما في يدك تلقف كل شيء والسحرة هنا حينما رأوا ذلك بهتوا فوقع السحرة ساجدين مباشرة (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)) وهنا فرعون يبدأ الجبروت! انظر هؤلاء الذين كنت تحتج بهم أنت آمنوا وأنت لم تؤمن. وهنا أتذكر كلمة هرقل لما سأل البعث الذين بعثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هل أحد منهم يرتد؟ قال لا، قال فكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب. قاله كافر ونحن مؤمنون! نسأل الله أن يمن علينا وعليكم وأن يشرح صدورنا وأن يجعلنا مؤمنين

إتصال من الأخت أم عبد الله من السعودية: أريد أن نعرف كتب في فهم موضوعات القرآن، كتب تهتم بربط الايات والآلفاظ وكتب في صحيح سبب النزول واختيار المكي والمدني.

الإجابة: بشكل مختصر الذي يفيد عامة الناس أنا أوصي دائمًا بتفسير الشيخ عبد الرحمن للسعدي عندما تقرأ هذه السورة سوف تجد أنه يعيش بك في جو القرآن الكريم ما يعرف عندنا في مصطلح المتخصصين التفسير الإجمالي. أسباب النزول هناك للواحدي وغيرها وهناك كتب متعددة وهناك رسالة علمية محققة جمعت ما ورد في كتب النزول التسعة وهو الدكتور خالد المزين وهي رسالة علمية مطبوعة محققة المحرر في أسباب النزول، أسباب النزول للواحدي للدكتور عصام حميدان أيضًا حققه، في العجاب في بيان الأسباب لابن حجر وإن لم يكتمل.

د. عبد الرحمن: في علوم القرآن نريد أن نتعرف على أسباب النزول، المكي والمدني

د. عيسى: هذه مفاتيح للقرآن الكريم. هناك كتب اشتهرت مثل كتاب الشيخ مناع القطان “مباحث في علوم القرآن” وهو سهل وهو من أكثر الكتب التي كتب الله لها القبول تدرس في الجامعات وإن كان كتاب الدكتور فهد الرومي أيضًا كبير ولكن كتاب “مباحث في علوم القرآن” للشيخ مناع القطان طبع طبعات متعددة أظن طبع أكثر من أربعين طبعة وموجود في المكتبات

د. عبد الرحمن: بالأمس جاءني واحد في المسجد فقال ما معنى الناسخ والمنسوخ؟ فاستغربت من السؤال وهو موظف عادي في وزارة الزراعة والمياه قال سمعت برنامجًا في الإذاعة وكان أحدهم يقول أن الناسخ والمنسوخ في القرآن كلام فاضي وليس له أي أساس وقلت له أبشر وأعطيته كتاب الشيخ مناع القطان فنحن في حاجة أن يتعلم الناس أبجديات علوم القرآن.

سؤال الحلقة

آية في الجزء العشرين فيها إثبات صفة الوجه لله تعالى كما يليق بكماله وعظمة جلاله فما هي الآية؟

———————————————

الحلقةالعشرون
سورة طه
***********alt


رابط جودة عالية
http://ia360701.us.archive.org/5/ite…1/tafsir20.AVI

رابط جودة متوسطة
http://ia360701.us.archive.org/5/ite…/tafsir20.rmvb

رابط للجوال
http://ia360701.us.archive.org/5/ite…ir20_512kb.mp4

رابط صوت
http://ia360701.us.archive.org/5/ite…1/tafsir20.mp3