الحلقة 136 – سورة الشورى
ضيف البرنامج في حلقته رقم (136) يوم الجمعة 12 رمضان 1432هـ هو فضيلة الشيخ الدكتور العباس بن حسين الحازمي الأستاذ المساعد بجامعة الإمام بمحمد بن سعود الإسلامية .
وموضوع الحلقة هو :
– علوم سورة الشورى .
– الإجابة عن أسئلة المشاهدين .
د. الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسلمياً كثيراً إلى يوم الدين. أيها الإخوة المشاهدون في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلًا وسهلاً بكم في حلقة متجددة من التفسير المباشر في هذا اليوم الجمعة الثاني عشر من رمضان 1432 هـ. باسمكم جميعاً أرحب بضيفنا في هذه الحلقة هو فضيلة الشيخ الدكتور العباس بن حسين الحازمي أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الإمام بمحمد بن سعود الإسلامية. موضوعنا اليوم سوف يدور حول سورة الشورى بإذن الله تعالى.
تعودنا في هذا البرنامج في رمضان الماضي وفي هذا أن نتحدث في كل حلقة عن سورة من سور القرآن وسميناها علوم السورة واليوم مع سورة الشورى لعلنا نبدأ بالحديث عن اسم السورة هل لها أسماء أخرى أم هذا اسمها الوحيد
د. العباس: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد. قبل أن أبدأ في الحديث عن اسم السورة لعلي أذكر نفسي والإخوة المشاهدين والأخوات المشاهدات بأهمية الصلة بكتاب الله عز وجل ولعلنا ننتزع من اسم هذا البرنامج المبارك التفسير المباشر أن يكون حديثنا عن القرآن مباشراً ليباشر قلوبنا وكلما حرص المشاهد أو المشاهدة أن يستخرج ولو آية واحدة مما يسمعه في هذا البرنامج ليعود بها فيطبقها ويعمل بها لعل ذلك يكون نافعاً إن شاء الله. أما سورة الشورى فهذا أشهر أسمائها وبعض أهل التفسير يسميها باسم أول آية منها (حم عسق) وربما قالوا سورة عسق، هذا أشهر ما ذكر في أسماء هذه السورة المباركة.
د. الشهري: لأنه لم يرد (عسق) في الحروف المقطعة في أول السورة إلا في هذه السورة
د. العباس: وهذا هو السبب في خصها باسم (عسق)
د. الشهري: لماذا سميت الشورى؟
د. العباس: لورود عبارة (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) فيها وهذه الكلمة لم تتكرر في غيرها من سور القرآن.
د. الشهري: هل ثبت لهذه السورة فضائل خاصة بها؟
د. العباس: لم يرد لها شيء يخصها سوى ما ذكر في فضائل الحواميم جميعاً وإن كان ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما يضعّفه بعضهم في أنها جاء مثلها في غير القرآن نزل على بعض الأنبياء السابقين وهذا أمر يحتاج إلى بحث هل يوجد في الكتب السابقة من التوراة والانجيل والزبور والصحف بعض ما نزل في القرآن؟ ورد فيها أثر عن ابن عباس لكنه ضعيف.
د. الشهري: متى نزلت هذه السورة؟
د. العباس: عند إرادة معرفة مكان نزول أي سورة لنا طريقان كما هو معلوم من علوم القرآن الطريق السماعي النقلي وهو جملة الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين في مكان نزول هذه السورة وبعض آياتها والثاني القياس والاجتهاد وكلا الطريقين تدل على أن هذه السورة مكية. فالآثار الواردة عن نزول هذه السورة وبعض آياتها تدل على أنها نزلت في آخر المرحلة المكية نزلت عندما بدأ يتوافد جموع المسلمين على هذا الدين من خارج أهل مكة. أما الطريق الثاني القياسي الاجتهادي فحديث السورة عن البعث وعن اليوم الآخر وعن الوحي وعن الرسالة وعن النبوة كل هذه تدل على أنها سورة مكية لأن هذه الموضوعات هي جملة الموضوعات التي تتكلم عنها في الغالب السور المكية.
د. الشهري: وهذا هو طريق القياس والاجتهاد. موضوع السورة هو من أهم المحاور التي نحرص في هذه الحلقات على تجليتها وابرازها للمشاهدين فما هو الموضوع الذي ظهر لك بارزاً في سورة الشورى؟
د. العباس: بما أن السورة مكية كما بينا قبل قليل وإن كان نزولها لم يكن جملة واحدة ودفعة واحدة إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كما نعلم جميعاً كان يرتب الآيات بوحي من الله عز وجل يأتي جبريل عليه السلام بالآية فيقول له ضعها في مكان كذا وكذا فلما ترتبت آيات سورة الشورى في موضعها الذي نقرأه اليوم تبين من خلال هذه الآيات أن موضوع الوحي والرسالة هو من أكثر الموضوعات تكرراً في هذه السورة. وهو توزع في ثناياها وفي نواحيها توزعاً عجيباً لا تكاد تمر ثلاث أو أربع آيات إلا وفيه ذكر للوحي أو للرسالة وهو الموضوع الذي اتفقت عليه الأنبياء والرسل وهذا أشار له الله عز وجل في هذه الآية واختلف فيه ومن أجله المشركون ولذلك أثنى الله عز وجل على المؤمنين أنهم آمنوا بهذا الوحي وآمنوا بهذه الرسالة فإذن الوحي والرسالة هما أبرز موضوعات هذه السورة.
د. الشهري: يمكن أن نقول أنه هو عمود السورة على تعبير الفراهي
د. العباس: نعم وكل الموضوعات الأخرى المذكورة في السورة إنما هي خاجمة له وموضحة له ومبينة له وشارحة له ومؤكدة لهذا المعنى
د. الشهري: لو نأخذ هذه الدلالات واحدة واحدة وننظر في دلالتها على هذا المحور الذي ذكرته.
د. العباس: من أهم المحاور الجزئية التي أشرت إليها إثبات أن القرآن وحي من عند الله عز وجل ولهذا السور المبدوءة بالحروف المقطعة وهي 29 سورة في القرآن دائماً يأتي بعد الحرف المقطع (حم، ألم، ألر) دائماً يأتي إشارة للقرآن الكريم وإشارة للوحي وهذا يدل على صلة وثيقة بين هذه الحروف المقطعة وبين الوحي وبين القرآن، هذا من أبرز الموضوعات التي جاءت في جوانب السورة. أيضاً الهدف من هذا الوحي هو دلالة الناس على خالقهم وعلى بارئهم وعلى رازقهم والنتيجة لهذا الوحي أن هناك فريق في الجنة وفريق في السعير فاختلاف الناس مذكور في هذه السورة والمؤمنون مصيرهم إلى الجنة والكافرون مصيرهم إلى النار. أيضاً من الموضوعات المهمة التي جاءت في السورة جملة من نِعَم الله عز وجل المطر الرزق عموماً (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) إشارة إلى أن الذي أرسل إليكم هذا الوحي هو الذي رزقكم هذا الرزق فإذا كنتم تؤمنون أن الذي رزقكم والذي أنزل لكم المطر هو الله عز وجل فلماذا لا تستجيبوا للوحي الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم؟
د. الشهري: ويكون هذا استدلال بالربوبية على الألوهية وهذا تكرر معنا كثيراً. ألاحظ في الحلقات الماضية نحن هذه السنة بدأنا بلقمان ثم السجدة ثم الأحزاب ثم الصافات ثم يس ثم ص ثم الزمر ثم غافر والشورى اليوم كلها تناقش هذه القضية قضية التوحيد والاستدلال بالربوبية على الألوهية وأيضاً تتكرر معنا في هذه السورة.
د. العباس: من الموضوعات المهمة التي جاءت في هذه السورة مجموعة من صفات المؤمنين الذين استجابوا لله وللرسول. عندما ذكر الله عز وجل هذه الآيات وهذه الدلائل وهذه العلامات ذكر بعض صفات المؤمنين الذين استجابوا لهذه الدلائل ونلاحظ هنا أن السورة مكية وأن شرائع الإسلام لم تكتمل بعد ومع ذلك ذكر الله عز وجل مجموعة من الصفات العظيمة والمهمة للمؤمنين وهم الذين آمنوا في هذه الفترة خاصة بعض من قدموا من المدينة سواء في العقبة الأولى أو في العقبة الثانية وبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم.
د. الشهري: إذن هذا هو المطلع إن صح التعبير (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) يقول بعدها (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا) أيضاً من المحاور مثل قوله تعالى (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) كلها تدور على قضية الوحي
د. العباس: والوحدانية فيه فالموحي لكم هو الله وحده والرسل إنما الذي اختارهم لكم وحده حتى وحدانية المكان (لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى) ثم ذكر بعد ذلك ابراهيم عليه السلام وهو من أولي العزم من الرسل وابراهيم عليه السلام جاء بذريته في أم القرى (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ (37) ابراهيم). إذن هنا وحدانية الوحي، وحدانية المصدر وحدانية الرسالة وكذلك وحدانية المكان أم القرى مكة فإن أصل العالم اليوم هي أم القرى مكة ومنها نشأت هذه الرسالة العظيمة الخالدة على يد النبي صلى الله عليه وسلم
د. الشهري: ما المحاور الأخرى التي يمكن أن نتناقش فيها؟
د. العباس: تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عندما يُذكر ما صنع المشركون وما عرضوا به النبوة والرسالة فإن الله عز وجل يذكر لنبيه صلى الله عليه وسلم بعض عاقبة وخاتمة هؤلاء المشركين في الآخرة وهذا فيه تصبير وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم (وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ) لست المسؤول عنهم وإنما أمرهم إلى الله عز وجل.
د. الشهري: ما هي العلاقة بين اسم السورة الشورى وبين موضوع السورة؟
د. العباس: يمكن أن يكون ذلك من أحد جانبين: الجانب الأول أن هذا المجتمع المسلم الذي هذه أول بدايته واجتماعه من أهم ما يمكن أن يجمعه ويوحده التشاور والشورى ولذلك الذين وصفوا بأن أمرهم شورى هم المؤمنون في أول عهد الاسلام وليس في المدينة بعد أن تكونت دولتهم. والتفرق الذي حصل في الأمم السابقة وفي الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أحد أسبابه هو عدم تشاورهم. الأمر الثاني الذي يمكن أن يكون سبباً لتسمية السورة بهذا الاسم هو أن اللفظة “أمرهم شورى” لم ترد إلا في هذه السورة فلعلها خاصية خصت بها فاختير لها الاسم النادر الذي لا يمكن أن يختلط بغيره طبعاً على الخلاف المشهور هل تسمية السور توقيفية أو اجتهادية ولعل هذا مر معكم في حلقات سابقة.
د. الشهري: نعم. ننتقل إلى قوله سبحانه وتعالى في هذه الآيات (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى) قضية النهي عن التفرق في هذه السورة والحديث عن الشورى يكادا يكونان وجهان متقابلان الأمر بالشورى والنهي عن التفرق
د. العباس: ويلفت نظري في هذه الآية وسبع آيات في كتاب الله فيها النهي عن التفرق بعد مجيء البينات أو العلم وهذه مسألة تحتاج إلى بحث وتأمل وأنا أهيب بالمشاهدين والمشاهدات التأمل في هذه الآيات واستخراج ما فيها من أسرار فالله عز وجل ربط التفرق في هذه المواضع السبعة أو الثمانية أنه بعدما جاءهم العلم بغياً بينهم وبعدما جاءتهم البينات وفي آية جاءهم البيات فبعض أهل التفسير يقول أن ذكر العلم والبينات هنا هو زيادة في إقامة الحجة عليهم هذا صحيح ولا شك ولكنه هناك دلائل أخرى أن إيتاءهم هذا العلم وهذه البينات دون أن يستفيدوا منها ويطبقوها ويعملوا بها فالنتيجة التفرق
د. الشهري: يبدو لي أن العلم الذي لا يكون لله سبحانه وتعالى وإذا لم يكن قرين الاخلاص وأيضاً إن لم يكن مقترناً بالعمل فإنه يفضي بمن يطلبه إلى الجدل العقيم وإلى التفرق وإلى تشبث كل ذي رأي برأيه وإعجاب كل ذي رأي برأيه وأنت تلاحظ كثيراً من المناظرات والمجادلات التي تتم سواء في الإعلام أو حتى في الكتابات الموجودة على الشبكة العنكبوتية تجد أن العلم الذي لا يضبطه الاخلاص والتقوى والأدب فإنه يفضي دائماً إلى النزاع والشقاق وهذه لعلها مصداق لما تفضلت به وذكره الله سبحانه وتعالى. في قوله بعدها (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ)
د. العباس: في الآية السابقة لها حديث عن التفرق الذي حصل واتخاذ أولياء من دون الله ومحاولة ازاحة هذا الوحدة وهذا التوحيد التي وصف الله عز وجل به هذه الأمة فهنا عز وجل يأمر النبي صلى الله عليه وسلم من أجل ذلك لتكن أنت الذي تدعو الناس إلى الله عز وجل وتستقيم على ما تدعو إليه الناس. ولاحظوا عطف الاستقامة على ما قبله يدل أنه ليس مطلوب من الانسان فقط أن يكون داعية لغيره بلسانه فقط وإنما بفعله ولذلك أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون قدوة للناس بفعله قبل أن يكون داعياً لهم بقوله.
د. الشهري: وأيضاً في قوله (وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) أن الموضوع ليس متروكاً لاجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو مأمور بأن يسير في طريق محدد ولذلك قال بعدها (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ) ومرت معنا كثيراً النهي عن اتباع الهوى حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في مثل قوله سبحانه وتعالى (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ (26) ص) وهذا يدل على أن مثل هذه القضايا الكبرى تكرارها في القرآن الكريم مقصود حتى ترسخ في أذهان المؤمنين والمسلمين الذين يقرأون القرآن. لعلنا ننتقل إلى نقطة أخرى.
د. العباس: من الجوانب المهمة في هذه السورة الإشارة إلى ذكر الملائكة وهو داخل في موضوع الوحي والرسالة فالملائكة هم أحد أنواع الرسل الذين يرسلهم الله عز وجل (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ (75) الحج) فالملائكة هم بعض رسل الله عز وجل. ونلاحظ مكان ذكر الملائكة في السورة مكان عجيب (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ) ما العلاقة بين تفطّر السموات وبين تسبيح الملائكة وبين استغفارها لمن في الأرض؟ هذه القضايا الثلاث بينها علاقة وثيقة أولاً ذكر في القرآن في مواضع أن (تكاد تفطر) زعمهم أن الله اتخذ ولداً كما في سورة مريم (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91)). ومن أسباب تفطر السموات أيضاً شرك المشركين عموماً كما جاء في هذه السورة والسبب الثالث مذكور فقط في هذه الآية كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال “أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك ساجد أو راكع يسبح الله عز وجل” قال بعدها مباشرة (وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) إذن أحد أسباب أن السموات تكاد تتفطر هذا الكم والجم الغفير الذين خلقهم الله عز وجل من الملائكة يسبحون له. ثم قال (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ) وفي سورة غافر قال عز وجل (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا (7)) هذه عامة وتلك خاصة ذكر العلماء في تفسير هذه الآية أنهم قالوا المراد هنا الذين آمنوا يستغفرون للذين آمنوا وهناك قول آخر لطيف في هذه الآية أن الاستغفار ليس فقط للمؤمنين وإنما للجميع لمن في الأرضـ تبقى الآية على عمومها، لماذا؟ قالوا ليس المراد بالاستغفار الاستغفار الذي ورد في سورة غافر وإنما الملائكة تكتب الحسنات والسيئات فقالوا تأخرهم في كتابة السيئات لعل فاعل السيئة يتوب، عدم كتابة أعمال بعض المشركين لعله يُسلِم، فهي تتمنى أن هذا المشرك يمد في أجله حتى يدخل الإسلام. وهنا مسألة مهمة أود أن أشير إليها وهو أن الإنسان منا لو قيل له أن فلاناً من الناس العالم الفلاني الزاهد الفلاني الشيخ الفلاني يدعو لك ويستغفر لك يفرح فرحاً كبيراً ويسر سروراً عظيماً فكيف والله عز وجل يخبره هنا أن الملائكة تستغفر له وفي سورة غافر أيضاً؟! والنبي صلى الله عليه وسلم علّمنا كيف نتحصل على استغفار الملائكة عندما قال ما معناه إذا مكث الإنسان في المسجد ما دام في صلاة فإن الملائكة تستغفر له تقول له الملائكة اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما دام في مصلاه ما لم يُحدث. وهذه الأيام أيام رمضان يكثر الناس من بقائهم في المسجد فليستحضروا هذه النية، فليستصحبوا هذه النية أن بقاءهم في المسجد من أجل تستغفر لهم الملائكة تدهو لكم الملائكة تبقى بعد العصر ساعة أو ساعتين تبقى بعد التراويح بعد الفجر كل هذا فيه استغفار من الملائكة لك. لماذا الله عز وجل يخبرنا لنا أن الملائكة ستستغفر لنا؟ تتقوى وتشعر بأن هناك من يساعدك لما تكون أنت في طريق الاسلام والايمان والالتزام وتكون بمفردك تستوحش ربما تحس بالوحشة تنظر يمنة ويسرة فترى من حولك أناس غافلون ولكن الله عز وجل يخبر أهل الإيمان أنه وإن غابت عنكم صور الملائكة إلا أن حقائقها معكم تستغفر لكم تدعو لكم، وهذا المعنى تكرر في كثير من سور هذا الجزء.
د. الشهري: توقفنا عند استغفار الملائكة للمؤمنين وتكرار هذا المعنى في سورة غافر وفي سورة الشورى هنا وكلاهما من الحواميم وما في ذلك من الحثٍّ للمسلم أن يتحرى هذه المواضع وهذه الأوقات التي تستغفر فيها الملائكة للمسلم. نواصل الوقفات مع هذه السورة العظيمة في الحديث عن آياتها ويستوقفني في قوله تعالى (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) وما أكثر النزاعات اليوم بين الناس، المؤمنين فيما بينهم ثم يقال دعونا نتحاكم إلى القرآن الكريم أو نتحاكم إلى القرآن والسنة كثير من الناس لا يفهم ماذا تعني التحاكم إلى القرآن والسنة، ماذا تعني بالضبط؟.
د. العباس: مراد ذك ليس إلى جميع الناس ولا إلى عامة الناس هي كلمة في أصلها صحيح والمراد منها صحيح لكن تطبيقها عند بعض الناس غير صحيح، ليس كل الناس عندهم القدرة على استخراج هذه المعاني من القرآن وعلى معرفة أن هذا هو المعنى المراد وليس غيره مراداً من القرآن. فالأصل صحيح أن القرآن نزل ليعمل الناس به وليتحاكموا إليه ولكن ليس ذك لآحاد الناس وأفرادهم
د. الشهري: ولعل هذا يؤيد قوله (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ (83) النساء) وأنهم فئة خاصة من العلماء المتقنين الراسخين في العلم الذي يحسنون التعامل مع معاني كلام الله لأن المشكلة اليوم مجرد أن يكون الواحد منا متعلماً في أي تخصص يرى أنه من حقه أن يتكلم في التفسير ويقول ليس في الاسلام كهنوت ومن حق كل واحد منا أن يقرأ القرآن ويفهمه وعندما يقال له لم لا ترجع إلى العلماء الراسخين في التخصص جادل في ذلك.
د. العباس: هناك فرق بين أن يتصدى الإنسان لتفسير القرآن وإبانة معانيه للناس وبين أن يقرأ هو القرآن لنفسه ويفهم ما شاء من معانيه. الأول يشترط فيه ما اشترطه العلماء من شروط في المفسر معروفة ليس هذا مكان تفصيلها أما الآخر فلا أحد يحجر على أحد في تدبره للقرآن، أن تقرأ أنت القرآن في مثل هذه الأيام المباركة وتتأثر به وتفهم أن المراد بهذه الآية كذا لا يصح لأحد أن يحجر عليك لكن تظهر وتقول للناس هذه الآية معناها كذا هنا نكون انتقلنا من التدبر الخاص إلى التفسير العام وهنا لا بد أن تطبق عليه الشروط المشروطة في أهل التفسير.
معنى آخر مهم أشير له في هذه السورة العظيمة وهو إنما الأجر إنما ينتظره الإنسان ويبحث عنه في الآخرة ولا ينتظره في الدنيا (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) الحرث يعني الأجر والثواب، من يعمل يريد الثواب في الآخرة هذا يضاعف الله عز وجل له ثوابه وحسناته إلى سبعمائه ضعف كما أخبر الله عز وجل. ثم ياتي الشق الآخرمن الآية (وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا) الذي يريد الثواب العاجل في الدنيا فقط (نُؤتِهِ مِنْهَا) الله لا يظلم أحداً، ولهذا ربما يتساءل بعض الناس عندما ينظرون في مشارق الأرض ومغاربها ويرون ما في بعض بلاد الكفار من أجواء معتدلة وأمطار وأماكن خضرة ورزق واسع يقولون كيف يؤتى أولئك هذا مع كفرهم؟ نقول هؤلاء بذلوا لهذه الدنيا وحرصوا أن يكون ثوابهم في الدنيا فوعدهم الله أن يعطيهم في الدنيا (نُؤتِهِ مِنْهَا) ولكن (وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ) ولهذا من صنع من أهل الاسلام مثل أولئك يعني من طلب أن يكون أجره في الدنيا فإنه لا ينال في الآخرة شيئاً وقد ذكر الله عز وجل في سورة البقرة (فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ (200)) هؤلاء أهل الشرك عندما كانوا يخرجون في الحج وهو مكان طلب الآخرة ولكنهم يبيعون ويشترون ويطلبون كل متع الدنيا ولا يسألون من الآخرة شيئاً. ثم أثنى الله (وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)) قسّم الله الدعاء أثلاث ثلث للدنيا (آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) أي نعيم إن كان أهل التفسير قالوا حسنة الدنيا الزوجة الصالحة والمسكن الواسع فهذا على سبيل التمثيل وليس على سبيل الحصر وإنما هذا يشمل كل نعم الدنيا لم يمنع الله عز وجل عباده من طلبه حتى في الحج في ذلك الموقف. ولكن الثلثان الآخران للآخرة وهذا أدب يجب أن يتأدب به الانسان في سائر دعائه إذا وقف يدعو فيقسم دعاءه ثلاثة ثلث للدنيا وثلثين للآخرة ونحن في هذه الليالي العظيمة يكثر الناس فيها من الصلاة والتهجد والركوع والسجود وبعضهم يطيل في سجوده ولا يسأل الله عز وجل إلا الدنيا وفيه وفي أمته من الحاجات ما يحسن بالمسلم أن يترفع أن يكون انانياً ولا يدعو إلا لنفسه، يجب أن يدعو لإخوانه ولأمته وأن يكون نصيبه الأكبر من دعائه لنفسه لآخرته لأن الله عز وجل علمنا أن يكون ثلث دعائك للدنيا وثلث للآخرة.
د. الشهري: بعدها قال تعالى (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ) ألاحظ هذه السورة تفصل كثيراً في مجادلة المشركين من جهة وفي تصوير أحوالهم في الآخرة وما يصيبهم من الحسرة والندامة على تفويتهم للإيمان في الدنيا وهذا يهيب بنا إلى العناية بهذه الدنيا واستثمارها على الوجه الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات.
د. العباس: أهم محاور السورة المهمة هو ذكر عقوبة الكافرين والظالمين في الآخرة وكذلك ذكر ثواب المؤمنين في الآخرة وهذا أيضاً معنى مبثوث في القرآن بشكل عجيب لا تكاد تخلو منه سورة لأن الإنسان عندما يسير في هذه الحياة ولا يذكّر نفسه بأن الثواب والعقاب الحقيقي إنما هو في الآخرة ربما يغفل ربما يصيبه الملل ربما يصيبه الحزن ربما يصيبه القنوط ولكن الله عز وجل يذكرنا دائماً بهذا المعنى فيقول عز وجل (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ) لا محالة جزاء وعقوبة وكل عمل وكل شرك وكل معصية سيجدونها في الآخرة. وفي نفس الآية وقبل أن تنتهي الآية تحصل مقارنة يذكرنا الله عز وجل بثواب المؤمنين لأنه بضدها تتبين الأشياء ولذلك سمي القرآن مثاني لأنه يأتي فيه ذكر الجنة والنار والمؤمنين والكفار والدنيا والآخرة حتى لا تنقطع الصورة التي صورت لنا في الجزء الأول من الآية يقول عز وجل (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ) روضة تؤدي معنى الجنة وجنة تؤدي معنى روضة ولكن الله عز وجل جمع بينهما للمؤمنين في هذه المكان (فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ) وهذه الكلمة لو تكلمنا فيها اياماً وشهوراً ما وفيناها حقها. لأن الله عز وجل كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عد للمؤمنين في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر أسأل الله عز وجل أن يعطينا من فضله.
د. الشهري: وأيضاً لاحظ البشر بعدها (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ). في قوله في الاية التي بعدها (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) ما معنى هذه الآية؟ إلا المودة في القربى
د. العباس: هذه الآية من الآيات التي ذكر في مكان نزولها خلاف ولذلك ذكر بعض أهل التفسير أنها نزلت في المدينة ولكن الراجح أنها نزلت في مكة. وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما تفسير لها جاء في البخاري وأحمد وغيرهم سُئل ابن عباس رضي الله عنهما عن معنى هذه الآيى وكان في مجلسه سعيد بن جبير التابعي وتلميذ ابن عباس فكأنه استعجل ليبين معناها قال في أهل بيتي، المودة في القربة في أهل بيتي فقال ابن عباس عجِلت، وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك بطنٌ في قريش إلا وله فيه قرابة أو صهر ولهذا معنى الآية (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) إلا أن تودوني لقرابتي فيكم، ما في قبيلة أو بيت من العرب إلا والنبي صلى الله عليه وسلم قد صاهر بعضهم. الله عز وجل يقول لهم إن لم تؤمنوا بما جاء به إذا لم تستعملوا عقولكم فاستعملوا عواطفكم، إذا منعتكم عقولكم من الإيمان به واتباع ما جاء به فاستعملوا عواطفكم فأنصفوه لقرابته فيكم، هذا معنى. وهناك معنى آخر ليس بعيداً: إلا أن تودوا قرابتي فيكم، إلا المودة لقرابتي فيكم، ولا تعارض بينهم. فيها توصية بقرابة النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان التفسير الأول هو الثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما.
د. الشهري: ويبدو من موقف ابن عباس هنا كأنه يعلّم تلاميذه، ابن عباس وسعيد بن جبير في نفس المجلس وهذه أيضاً قد وجدتها في ترجمة ابن عباس أنه كان يجعل بعض تلاميذه يفتي في حضرته مثل مجاهد مثل سعيد بن جبير ويقول له أن تفتي وتجيب وأنا موجود يدعوني إلى تقويم الخلل، وهذه لفتة تربوية جميلة جداً.
د. العباس: هذه الاية لورود المعنيين فيها تصور بعض المفسرين أن هذين المعنيين متعارضان فادّعى أن الآية مما تكرر نزولها هذه من الآيات النوادر التي قيل فيها هذا، فقال نزلت مرة في مكة وكان معناها إلا أن تودوني لقرابتي فيكم ونزلت في المدينة وكان معناها إلا أن تودوا قرابتي ولكن هذا القول غير صحيح.
د. الشهري: نقول للمشاهدين أنه لا يصح أن نستثني آية من سورة فنقول كل السور مدنية إلا آية أو العكس إلا بدليل صحيح
د. العباس: ويقع ذلك في القرآن، هناك آيات مكية في سور مدنية والعكس ولكنها متناسقة معها كل التناسق وهذا من اعجاز القرآن بين آية وآية عشرين سنة في زمن النزول ولكن كأنها نزلت في زمن واحد وهذا من إعجاز القرآن.
سؤال: لماذا قال في سورة الشورى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ) وقال في سورة التوبة (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ (104))؟
د. العباس: سياق آية التوبة الكلام عن الصدقات وعن المنافقين الذين يلمزون المطوعين في الصدقات فكان إبراز جانب الصدقات هناك والكلام هنا عن السيئات والحسنات فكان إبراز جانبها هنا.
سؤال: ما دلالة التعبير بحرف الجر (عن) مع فعل (يقبل) فلم يقل من عباده وإنما قال يقبل التوبة عن عباده ؟
د. العباس: حروف الجر وتناوب بعضها عن بعض مسألة في العربية مشهورة وإن كان هناك من المفسرين والنحاة من ينكرها ويعيض بدلاً عنها تضمين الفعل معنى فعل آخر يقبل تجاوزه بحرف الجر لكن لا يحضرني هنا معنى دقيق في اختيار الحرف.
د. الشهري: قضية الرزق في هذه السورة في الآيات (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) وأيضاً (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)
د. العباس: هذا أحد محاور السورة المهمة وهو متعلق تعلقاً شديداً بالوحي والرسالة فإن الذي رزقكم هو الذي أوحى إليكم وإذا كنتم تؤمنون أن الرازق هو الله فآمنوا أن الموحي لرسوله هو الله. وهذه الآية ذكر في بعض كتب التفسير أنها نزلت في المدينة ونزلت في فقراء أهل الصفة وهذا فيه تسلية لهم لماذا كانواعلى هذه الهيئة من الفقر (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) وهناك من يضعف هذه الرواية ويقول الآيات مكية وهي خطاب للمشركين لأن مر عليهم سنة من السنوات أصابهم جدب وقحط فكأنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم تدعونا للإيمان وربك يمنع عنا القطر؟! فأخبرهم الله عز وجل أنه كما أن في نزول المطر عليكم ابتلاء كذلك في حبسه ومنعه ابتلاء. الرزق في القرآن الغالب أنه عام وليس خاصاً بالطعام والشراب وللأسف الشديد الناس تفهم الرزق أنه الطعام والشراب والمال لكن الرزق هو أعم من ذلك وعندما يصف الله عز وجل المؤمنين (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) ليس المال فقط، صحيح المال درجة أولى لكن الانفاق من العلم فالعلم رزق والجاه رزق والمكانة رزق والصحة رزق والعافية رزق وكل هذه مطلوب من الإنسان أن ينفق منها ولكن في رأسها المال. ومن معاني الآية هنا (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) أنه لو أصبح الناس كلهم على درجة واحدة من الغنى لا يبقى بعضهم يخدم بعضاً وبالتالي تتعطل الحياة، هذا أحد المعاني. معنى آخر لو وسّع عليهم جميعاً ربما أصابهم البطر والكبر كما ورد في الأثر: إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لطغى وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لكفر.
د. الشهري: نعود إلى موضوع نزول الغيث واليوم رأينا اليوم في حملة الرحمة قضية المساعدة والنفير من أجل انقاذ إخواننا المسلمين في القرن الإفريقي في الصومال وكينيا وبعض المناطق الذين ضربهم الجفاف فهل من توجيه حول هذه الآية (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ) ومسؤوليتنا نحن تجاه إخواننا المسلمين هناك؟
د. العباس: الله عز وجل أخبر أنه ينزل الغيث على عبده بعد أن يصيبهم القنوط وعند تأخر نزول الرحمة ولهذا نلاحظ في الأيام الماضية لما اشتدت حاجة أولئك المساكين في الصومال وما جاورها إلى الغيث دعوا الله فأنزل عليهم المطر وهذه جاءت في وسائل الإعلام حتى أصاب بعض مخيماتهم الغرق وكانت إغاثة الله لهم بالمطر اسرع من إغاثة سائر الناس في سائر العالم والله أرحم بعباده ومن هذا أحث نفسي وإخواني على استغلال هذا الشهر الكريم المبارك وعندما تتحرك فينا مشاعر الرحمة ومشاعر الشعور بالغير من فقراء ومساكين فإنه يجب أن نترجم هذا الشعور إلى واقع عملي فنساعد إخواننا في تلك البلاد المنكوبة بما تيسر وبحمد الله بلادنا المباركة فيها مجموعة من الجمعيات فتحت مكاتبها وأبوابها للمتبرعين لهؤلاء الفقراء. ولفت انتباهي في وسائل الاعلام أن المسلمين الفلسطينين في غزة على فقرهم والحصار الظالم الذي يضرب عليهم في الأسبوع الماضي جمعوا تبرعات للصومال.
د. الشهري: هي ابتلاءات، الله سبحانه وتعالى يبتلي بعضنا ببعض وإلا فقد مرت علينا نحن في هذه المنطقة سنوات عجاف كالتي في الصومال وكان الناس في ذلك الوقت يهاجرون إلى هناك بل أعرف أناساً من عندنا ذهبوا إلى أثيوبيا يعملون ليحصلوا على لقمة العيش، فهي ابتلاءات بعضنا ببعض نسأل الله أن يعيننا وأن يرزقنا وإياك.
د. العباس: وهذه المصيبة لا تخلو من خير ولا تخلو من فائدة ولا تخلو من أثر طيب وهذا ذكره الله في الآيات في هذه السورة (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) ولهذا قال بعض أهل التفسير هذه الآية أرجى آية في كتاب الله فإن الله عز وجل أخبرنا أنه يعفو عن كثير، إذا كان هذا الضر والجوع أصاب أبدان الناس وأجسادهم والماديات عندهم فإنه لم يصب أرواحهم ودينهم وعقائدهم وتحرك هذه الجموع الكبيرة من الناس لإغاثتهم كله تذكير بهذا الأمر
د. الشهري: ننتقل إلى صفات المؤمنين في هذه السورة حتى سورة الشورة سميت بالصفة التي وصف المؤمنين بها هنا عندما قال (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) ليتنا نتوقف معها.
د. العباس: الله عز وجل ذكر بعض النعم وبعض الآيات التي امتن بها على عباده قال (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ) إلى أن بدأ بذكر صفات بعض المؤمنين الذين يشكرون هذه النعم (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ (35) فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36)) وقبل أن أذكر صفات المؤمنين أريد أن أقف مع هذه الآية فإن الله عز وجل لخّص كل ما أوتيه الناس في هذه الدنيا من نعم بكلمة (متاع) ثلاث أحرف! كل ما يؤتاه الناس في هذه الدنيا وكذلك في سورة القصص (متاع) سمى الله عز وجل هذا الخير أو الرزق أو النعمة أو الغنى (متاع) لكن من يعلم هذا؟ وصفه الله عز وجل (وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى) لمن؟ (لِلَّذِينَ آمَنُوا) ثم بدأ ذكر صفاتهم (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). أول صفة من صفات المؤمنين الحقيقيين الذين يعلمون حقيقة الدنيا وأنها زائلة وأنها متاع وأن الباقية هي الآخرة هم الذين يتوكلون على الله عز وجل ولا يتوكلون على غيره يعتمدون على الله يطرحون حاجاتهم بين يدي الله عز وجل قال (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ) الصفات التي ذكرها الله للمؤمنين كما ستأتي بعد قليل جزء منها عبادات قلبية وجزء منها عبادات جوارح ونحن اليوم للأسف الشديد كثير منا يركز على عبادات الجوارح ولكن كثيراً من العبادات هي عبادات قلبية وكثير من الناس اليوم لا يفهمها فضلاً عن أن يعمل بها. ولهذا أول عبادة ذكرت هنا عبادة قلبية (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ثم ذكر عبادة جوارح قال (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) ذكر صفتين متعلقة بالأفعال، صفة عبادة متعلقة بعدم الصبر على الشهوات فيعبرون بارتكاب الآثام والفواحش وصفة أخرى بعدم الصبر على الناس فهم يغضبون عليهم ولا يعفون عنهم قال(وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) صفة متعلقة بحق الله وصفة متعلقة بحق الناس
د. الشهري: نلاحظ في قوله عز وجل (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ) فيها رحمة أنه أشار إلى احتناب الكبائر وليس اجتناب اللمم وهذا من فضل الله
د. الشهري: نواصل الحديث عن الصفات حتى لا يدركنا الوقت.
د. العباس: ثم ذكر بعد ذلك صفة متعلقة بحق الله عز وجل قال (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ) استجابة عامة أسلموا وآمنوا ثم ذكر صفة أخرى متعلقة بحق الله قال (وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ) ولاحظ الموصوفون بهذه الآية هم المسلمون في مكة قبل أن تفرض الصلاة بهيأتها المعروفة أو عند بداية فرضها فأن الإسراء والمعراج كان في آخر المرحلة المكية وفي هذه المرحلة المبكرة يصف الله عز وجل المؤمنين قال (وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ) ولم يقل أدّوا الصلاة، أقاموا والإقامة غير مجرد الأداء فالإقامة هي أن تؤدّى الصلاة مسبوقة بآدابها وشروطها مقرونة بأركانها وواجباتها ومندوباتها متبوعة بآثارها، هذه هي الإقامة الحقيقية للصلاة. ومن أول فرض الصلاة الله عز وجل يخاطب المؤمنين بهذا اللفظ (وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ). ثم ذكر صفة من صفات المؤمنين متعلقة في تعاملهم فيما بينهم قال (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) وهذه الآية التي سميت بها هذه السورة. وهذا الاتصاف بالشورى يمنع المجتمع المسلم من الوقوع في التفرق والاختلاف التي وقعت فيه الأمم السابقة والمجتمعات السابقة وكثير من المجتمعات التي جاءت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
د. الشهري: كأن الشورى كما جاءت في الآية أنها ضامنة لعدم التفرق. أحياناً الشورى تستشير من ليس له رأي وأحياناً يأتي بعضهم براي غير مناسب، أليس الشورى آداب وضوابط؟
د. العباس: لها شروط ولها صفات ولها كيفيات وتختلف صفاتها وضوابطها من مجتمع لآخر ومن عصر لآخر ولكن الله عز وجل هنا أعاد الضمير إليهم قال (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) المؤمنون شورى بين المؤمنين وهذا ضابط مهم أيضاً.
د. الشهري: والنبي صلى الله عليه وسلم كان يشاور بل حتى في قصة أُحد عندما وقعت الانكسارة في الجيش الإسلامي قال سبحانه وتعالى (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ (159) آل عمران) وأصلاً كان سبب خروج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى أُحد هو مشاورة الصحابة كثير منهم رأى الخروج مع أن الني صلى الله عليه وسلم ما كان يراه
د. العباس: والحادثة التي ذكرت أن اهذه الآيات نزلت فيها هي المشاورة والمحاورة التي جرت بين النبي صلى الله عليه وسلم والطائفة المؤمنة الأولى من المدينة رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يهاجر إليهم بعد وإنما قدموا إليه في الحج وكان بينهم حوار طويل مذكور في السيرة وبينهم مشاورة هل نبدأ قتالهم هل نخرج عليهم بالسيف؟ هل نبقى؟ في هذا الظرف المبكر في الدعوة الاسلامية النبي صلى الله عليه وسلم يشاور ويحاور المؤمنين ويأخذ برأي بعضهم.
د. الشهري: فهو كان خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم
د. العباس: والمؤمنين أيضاً
د. الشهري: لا زال حديثنا حول آيات سورة الشورى ووقفنا عند الصفات التي ذكرها الله للمؤمنين في هذه السورة ووقفنا عند قوله سبحانه وتعالى (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)
د. العباس: وهذه صفة متعلقة بتعاملهم مع بعضهم
د. الشهري: وهذا يدعونا إلى حثّ الإخوة المشاهدين على الشورى حتى على المستويات الضيقة مع أسرته في البيت، الأستاذ مع طلابه وعدم التفرد دائماً بالقرارات.
د. العباس: وإذا لم يتعود الإنسان على هذا الخُلُق في الدوائر الضيقة فهو من باب أولى أبعد عنه فيما سوى ذلك
د. الشهري: ما ضر المسلمين في زماننا إلا الطغاة الذين يتفردون بأقوالهم دون مشاورة أهل الحل والعقد.
د. العباس: الصفة الأخرى (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) وهذه صفة متعلقة بالتعامل مع الناس، وفي زماننا هذا ما أحوج إخواننا في الصومال إلى أن ينفق الناس من رزق الله عز وجل لهم. (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ) هذه من الصفات النادرة التي ذكرت للمؤمنين بالذات في هذا الموضع وأهل التفسير لهم كلام طويل عنها قالوا الغالب في صفات المؤمنين أنهم يعفون وأنهم هينين لينين أذلة على المؤمنين ولكن في هذه الصفة ذكر الله عز وجل أنهم ينتصرون وهذه الآية قبل الإذن بالجهاد للمؤمنين في آخر المرحلة المكية فالله عز وجل يقوي من عزائم المؤمنين ويخبر أن لهم حقاً وأن من حقهم أن ينتصروا لأنفسهم (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (39) الحج) ثم بين الله عز وجل لماذا لهم الحق أن ينتصرون؟ قال (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) من اعتدى عليك فإنك تعتدي عليه وسمّى الرد سيئة هو ليس سيئة ولكنه لما كان في مقابل السيئة سماه سيئة كما أن الرد على الاعتداء ليس اعتداء ولكن الله قال (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ (194) البقرة) سماه الله اعتداء مشابهة.
سؤال: في الآية (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ) لم ذكر الله تعالى هنا إناثاً نكرة وعرّف الذكور؟ ولماذا عبّر بفعل (يهب) بدل يعطي؟ ولماذا قدّم ذكر الإناث على الذكور؟
د. العباس: فيه كلام طويل قالوا قدّم الإناث لكثرتهن، هذا أحد العلل. والكثرة أيضاً تعليل للتنكير فإن التنكير يدل على الكثرة وإن كان بعض أهل التفسير ولعل تفسيره نابع من تأثير ضغوطات اجتماعية أسرية قال قدم الإناث تشريفاً لهن ولكن الله عز وجل قال (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء (34) النساء)
د. الشهري: ويمكن أن يقال أن العرب تعودوا أنهم يحزنون ويستاؤون إذا ولد لأحدهم أنثى فأراد الله أن يبطل هذه العادة فقدّمهم هنا
د. العباس: أن هذه نعمة عظيمة فاشكروها ولا تحزنوا من أجلها.
د. الشهري: أسأل الله أن يتقبل منك شيخنا الكريم ويجزيك خيراً.
أسئلة المتصلين هاتفياً بالبرنامج:
إتصال من خالد من السعودية: سؤالي عن كثرة ورود موسى عليه السلام في القرآن في سورة كثيرة أكثر من غيره فما الحكمة في ذلك؟
د. العباس: قصة موسى عليه السلام مذكورة في القرآن في كل سورة بسياق مختلف وبشكل مختلف وفي كل سورة تبرز قضية لم تبرز في مكان آخر في يونس مثلاً من أوائل السور التي ذكرت فيها قصة موسى، ذكرت في سورة البقرة والأعراف لكن سورة يونس في الغالب تتكلم عن الدعاة وصدق اللجوء إلى الله عز وجل ولهذا وضع اسمها يونس وهو الرمز في الأنبياء في اللجوء إلى الله لما نادى وهو في بطن الحوت (أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) الأنبياء) ذكر دعوة موسى وهارون عليهما السلام كيف دعوا الله عز وجل أن ينجيهما من فرعون وهذا دعاء صادق فاستجاب لهما ثم ذكر الدعاء الكاذب دعاء فرعون (آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ (90) يونس) لم يستجاب له وكذلك في كل سورة يبرز جانب من قصة موسى عليه السلام. لماذا موسى عليه السلام؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتقل للمدينة كان جيرانه اليهود وهم يدّعون النسبة لموسى عليه السلام ويتبعونه وكان كتابهم المحرف موجود بين أيديهم فكان لزاماً أن يعرّف المجتمع المسلم من هم جيرانه. وما زال أكثر أمة وأكثر ديانة يزاحمون المسلمين ويؤذونهم ويخالطوهم هم الذين يدعون النسبة لموسى عليه السلام فما أحوجنا إلى اليوم أن نتعرف على طبيعة هؤلاء الناس كما علمنا القرآن.
إتصال من أبو عبد الرحمن من السعودية: في الآية (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) هل يمكن إضافة بعض التعليقات فيما يتعلق بالعقيدة وبعض المسائل قول الرسول صلى الله عليه وسلم “إن الله إذا أحبّ عبداً ابتلاه” كيف نوفق بين الآية وبين الحديث والذين ضلوا في بعض مسائل القدر مثل “والشرّ ليس إليك” والبعض أنكروا بعض ما قدره الله على العباد من المصائب تنزيهاً لله عز وجل.
الفائز بحلقة الأمس: محمد عبد الرازق
سؤال الحلقة: بين الله في الجزء الثاني عشر الحكمة من نزول قصص الأنبياء على النبي صلى الله عليه وسلم فما الآية الدالة على ذلك؟