الفاء المباركة

الفاء المباركة – فغفر له

اسلاميات

الفاء المباركة – فغفر له

بسم الله الرحمن الرحيم. هذه الفاء الأعجوبة التي نستمطر ما بعدها من رحمات وهبات وعطايا من الله عز وجل مبنية على قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) رؤوف بهم إذا اساؤوا ورحيم بهم إذا أحسنوا. من أجل ذلك كل الأنبياء وهم المعصومون لا يمكن أن يستغنوا عن التضرع لله عز وجل. تعرفون قصة موسى عليه السلام (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ (15) القصص) تخيل لو كنت أنت في شجار ضربت واحداً فمات قطعاً لضعفك وضعفنا جميعاً لعدم ثقافتنا ولعدم قوتنا في المعرفة بالله -والعارفون بالله هذه طبقة عظيمة الأنبياء والصديقون – هؤلاء العارفون بالله لا يغيبون عنه دقيقة. سيدنا موسى من أولي العزم لما قتل هذا قال (قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ) لو كنا نحن وليس فقط نحن حتى أشداؤنا وآباؤنا وعلماؤنا وشجعاننا سينخذلون ويرتبكون وقد لا يذكرون الله لشدة المفاجأة. موسى عليه السلام ضربه بيده ومات، قال موسى رأساً لم يخف ولم ينهزم ولا توجه إلى شرطي (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) – (فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) تخيل الموقف واحد قتل وأنت مطلوب والرجل من جماعة فرعون، من حاشية الملك والملوك يدافعون عن من يعمل معهم حتى لو كان فرّاشاً لأنه محسوب على الخاصة الملكية، فكيف تقتله؟ هذا إهانة للملك، كل هذا ما همّه أنه عصى الله وقال (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ) (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) تصور كيف قالها سيدنا موسى؟ كيف قالها في هذا الظرف الذي هو فيه؟! وعليك أن تتعلم إذا كنت في محنة ارتبكت اعتديت ضربت أحد الناس حتى لو في بيتك صرت عصبياً وضربت أحد أفراد الأسرة وضربة ما كانت تليق لا أدبياً ولا مادياً وتوقفت رأساً وإذا بك تعترف أمام رب العالمين أن هذا خطأ شنيع قل رب إني ظلمت نفسي، قلها وتخيل كيف قالها سيدنا موسى وهو العارف بربه الذي كلمه الله عز وجل كيف قالها بخشوع وثقة ويقين قال (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي). لاحظوا كل الأنبياء الوسيلة إلى الله أن تتضرع إليه إعترف بتقصيرك قل يا رب أنا غلطان، ظلمت نفسي، هذا خطأ مني، هذا عمل الشيطان. هذا تضرع، إن الله يحب أن يسمع تضرع عبده، “تضرع المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين” حينئذ (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) (فَغَفَرَ لَهُ) هذه الفاء الشريفة رأساً قال (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) فجاء الجواب فورا (فَغَفَرَ لَهُ) هذه الفاء أعجوبة تعطيك يقيناً بأن أثر ما قبلها فيما بعدها سريع وما بعدها يأتي على ما قبلها بأسرع ما تتصور أنت (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ (251) البقرة) (فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا (25) القصص) (فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ (84) الأنبياء) رأساً لذا عليك أن تعرف أنك قريب من الله عز وجل وأن الله تعالى أقرب إليك من حبل الوريد (وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) ق) فعليك أن تتعلم أن تراقب الله كأنه معه وهو معك. إذن هذه الفاء أعجوبة وكل فاء من هذه الفاءات الشريفة صارت قاعدة كونية دينية على من كل من يقرأها في كتاب الله عز وجل أن يتأمل في فحواها وظروفها ويتعلم كيف يقولها في نفس الظرف ونفس الحادثة وحينئذ سوف يأتيه الفرج بعد الفاء مباشرة، هذه هي الفاء الشريفة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.