حاشية في ختام تفسير سورة النحل
من كتاب التسهيل في علوم التنزيل للإمام الغرناطي
بملاحظة ودراسة آيات السورة تظهر لنا في حدود الأربعين نعمة من النعم الكبيرة والصغيرة متوزعة بين طياتها وسنذكر فهرساً لهذه النعم مع التأكيد على أن الهدف من ذكرها إنما هو لأمرين.
والنِعَم هي:
1. (خلق السموات)
2. (والأرض)
3. (والأنعام خلقها)
4. الإستفادة من صوفها وجلدها (ولكم فيها دفء)
5. (ومنافع)
6. (ومنها تأكلون)
7. الاستفادة من جمال الاستقلال الاقتصادي (ولكم فيها جمال)
8. (وتحمل أثقالكم) (والخيل والبغال والحمير لتركبوها)
9. الهداية إلى الصراط المستقيم (وعلى الله قصد السبيل)
10. (وهو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب)
11. إنشاء المراعي (ومنه شجر فيه تسيمون)
12. (ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات)
13. (وسخر لكم الليل والنهار)
14. (والشمس والقمر)
15. (والنجوم)
16. (وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه)
17. (وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا حلية تلبسونها)
18. (وترى الفلك مواخر فيه)
19. (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم)
20. (وأنهاراً)
21. (وسبلاً)
22. (وعلامات) لمعرفة الطريق
23. (وبالنجم هم يهتدون) في معرفة الطرق ليلاً.
24. (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها)
25. (نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين)
26. (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً)
27. العسل (فيه شفاء للناس)
28. (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً)
29. (والله جعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة)
30. (ورزقكم من الطيبات) بمعناها الواسع
31. (وجعل لكم السمع)
32. (والأبصار)
33. (والأفئدة)
34. (والله جعل لكم من بيوتكم سكناً) وهي البيوت الثابتة
35. (وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً) وهي البيوت المتحركة
36. (ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين)
37. نعمة الظلال (والله جعل لكم مما خلق ظلالاً)
38. نعمة وجود الملاجئ الآمنة في الجبال (وجعل لكم من الجبال أكناناً)
39. (وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر)
40. (وسرابيل تقيكم بأسكم) أي في الحروب
وجاء في خاتمة هذه النعم (كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون)
الهدف من ذكر النعم:
لا حاجة للتنبيه على أن ذكر النعم الإلهية الواردة في القرآن الكريم لا يقصد منها إلقاء المنّة أو كسب الوجهة وما شابه ذلك، فشأن الباري أجلّ وأسمى فمن أسلوب تربوي مبرمج يهدف لإيصال الإنسان إلى أرقى درجات الكمال الممكنة من الناحيتين المادية والمعنوية. وأقوى دليل على ذلك ما جاء في أواخر كثير من الآيات السابقة من عبارات والتي تصب مع كثرتها وتنوعها، تصب في نفس المجال التربوي المطلوب.
1. فبعد أن ذكر نعمة الجبال تسخير البحار، يقول القرآن في الآية 14 (لعلكم تشكرون)
2. وبعد بيان نعمة الجبال والأنهار والسُبُل، يقول في الآية 15 (لعلكم تهتدون)
3. وبعد بيان أعظم النعم المعنوية (نعمة نزول القرآن) تأتي الآية 44 لتقول (لعلهم يتفكرون)
4. وبعد ذكر نعمة آلآت المعرفة المهمة (السمع والبصر والفؤاد) تقول الآية 78 (لعلكم تشكرون)
5. وبعد الإشارة إلى إكمال النعم الإلهية، تقول الآية 81 (لعلكم تسلمون)
6. وبعد ذكر جملة أمور في مجال العدل والإحسان ومحاربة الفحشاء والمنكر والظلم، تأتي الآية 90 لتقول (لعلكم تذكّرون).
والحقيقة أن القرآن الكريم قد أشار إلى خمسة أهداف من خلال ما ذكر في الموارد الستة أعلاه:
1. الشكر
2. الهداية
3. التفكّر
4. التسليم الحق
5. التذكّر
ومما لا شك فيه أن الأهداف الخمسة مترابطة فيما بينها ترابطاً لا انفكاك فيه، فالإنسان يبدأ بالتفكير وإذا نسي تذكّر ثم يتحرك فيه حسن الشكر لواهب النعم عليه فيفتح الطريق إليه ليهتدي وأخيراً يسلّم لأوامر مولاه.
وعليه فالأهداف الخمسة حلقات مترابطة في طريق التكامل وإذا سلك السالك فمن الضوابط المعطاة لحصل على نتائج مثمرة وعالية.
وثمة ملاحظة: هي أن ذكر النعم الإلهية بشكلها الجمعي والفردي إنما يراد بها بناء الإنسان الكامل.
————————–
إضافة تدبرية بقلم موقع إسلاميات:
وسورة النَّحل سُورة النِّعَم، ومن النعم ما هو ظاهر واضح لنا ومعروف نلمسه في حياتنا ومنها ما هو خفي عنا فكل نعمة هي في حد ذاتها مجموعة من النعم لا نعرفها ولا نحصيها فالحمد لله رب العالمين على نعمه الظاهرة والباطنة. ربنا أوزعنا أن نشكر نعمك التي أنعمت علينا.
وكلما تأملنا في آيات السورة سنكتشف فيها نعمًا لم نتنبه لها في السابق ففي بداية السورة حديث عن إنزال الملائكة بالروح (يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴿٢﴾) وهذه نعمة عظيمة من الله تعالى أن أنزل علينا القرآن على رسولنا صلى الله عليه وسلم بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام..
وقد ورد لفظ (نعمة) في السورة في آيات عدة هي:
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿١٨﴾)
(وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴿٥٣﴾)
(وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴿٧١﴾)
(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴿٧٢﴾)
(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴿٨١﴾)
(يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴿٨٣﴾)
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴿١١٢﴾)
(فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴿١١٤﴾)
وذكرت في السورة صفة خاصة لإبراهيم عليه السلام وهو شكره لنعم الله تعالى لتتناسب مع سياق النعم في السورة قال تعالى:
(شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿١٢١﴾)
وقد ورد في السورة موقف الناس من النعم:
فمنهم الشاكر كإبراهيم عليه السلام
ومنهم الجاحد بها (أفبنعمة الله يجحدون)
ومنهم المنكر (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها)
ومنهم الكافر (وبنعمة الله هم يكفرون) (فكفرت بأنعم الله)
اللهم اجعلنا من الشاكرين لأنعمك الذين يذكرون المنعِم ولا ينشغلون بالنعمة عن المنعِم.
موقع إسلاميات