برنامج التفسير المباشر

برنامج التفسير المباشر – الحلقة 62 – سورة ق 2

اسلاميات

التفسير المباشر الحلقة 62:

بسم الله الرحمن الرحيم

الجمعة 5/6/1430هـ

تفسير سورة ق.

الآيات محور الحلقة : 6- 11

د. عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامجكم التفسير المباشر الذي يأتيكم على الهواء مباشرة من استديوهات قناة دليل الفضائية من مدينة الرياض. اليوم بإذن الله تعالى سوف نواصل الحديث عن آيات سورة ق والتي كنا بدأنا بأولها تحدثنا عن الخمس آيات الأولى في سورة ق مع موضوعها وما يتعلق به واليوم بإذن الله تعالى سوف نستأنف الحديث عن تفسير هذه الآية من الآية السادسة من هذه السورة العظيمة. وباسمكم جميعاً أيها الأخوة المشاهدون الكرام في بداية هذه الحلقة أرحب بضيفي في هذه الحلقة فضيلة الشيخ عصام بن صالح العويد، الأستاذ بقسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فحيّاكم الله يا شيخ عصام..

الشيخ. عصام: حيّاكم الله وبيّاكم.

د. عبد الرحمن: وللمشاهدين الراغبين في المشاركة معنا في هذه الحلقة يمكنكم التواصل عن طريق الهاتف على الأرقام التي تظهر تباعاً على الشاشة:.

من داخل السعودية الرقم الموحد: 920009599

ومن خارج السعودية: 00966920009599

وللتواصل بالرسائل القصيرة على الرقم: 0532277111

أو يمكن التواصل أيضاً عبر منتدى البرنامج [email protected]

وقبل البدء بتفسير هذه الآيات نستمع إليها مرتّلة ثم نعود لفضيلة الدكتور عصام.

(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴿٦﴾ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴿٧﴾ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴿٨﴾ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴿٩﴾ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ﴿١٠﴾ رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ﴿١١﴾)

د. عبد الرحمن: مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى ونبدأ على بركة الله تعالى في الحديث عن هذه الآيات مع فضيلىة الشيخ عصام وكنا قد بدأنا في الحلقة الماضية يا شيخ عصام وتحدثنا موجز عن موضوع سورة ق ولأننا تغيبنا في المحاضرة الماضية لعلنا باختصار أن نذكر الأخوة المشاهدين بمقصد سورة ق ثم نشرع مباشرة في تفسير هذه الآيات.

الشيخ عصام: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أسأل الله عز وجل أن يعلمنا الفقه في كتابه وأن يرزقنا أن نفهم مراد الرب سبحانه وتعالى. بالنسبة لهذه السورة العظيمة أنا لا أريد أن يأخذ منا موضوع المقصد شيئاً طويلاً ولذا يعذرني الأخوة إن لم نطل في هذا الأمر ولكني أعرض إليه سريعاً بما أن الإخوة أيضاً ذكروه. الإمام إبن القيم رحمه الله لما تكلم عن سورة ق قال ق هي سورة قافية كما أن ص سورة صادية وهو ينبه إلى العلاقة بين مفاتح هذه السور وبين مضمون ومقصود هذه السور. ولذا هو له كلام عجيب جداً في هذا الباب. يعني يقول مثلاً سورة البقرة كل السور التي بدأت بألم سواء في أول القرآن أو في وسطه كلها تدل على أمر معين، ما هو؟ يقول تدل على البدء والتوسط والختام يقول لأن الألف بدأت من هنا (من أول الحلق) ثم لام من وسط الحلق ثم ميم من آخر الحلق، هذا إمام محقق رحمه الله رحمة واسعة. فلما جاء إلى سورة ق قال سورة ق سورة قافية، ما الذي يقصده من أنها سورة قافية؟ قال هي تدور حول هذا الحرف العظيم بما فيه من الصفات وحرف قاف من المعلوم أنه حرف جهري قوي لما تقول قاف، من المعلوم ما الذي يدل عليه هذا الحرف بنطقه بدلالته كل هذا الحرف من أوله إلى آخره عبارة عن قوة وقدرة عن شيء قوي يحتاج أن تنتبه له أن تحذر منه ولذا سورة ق حقيقة من تأملها وجد أنها تدور حول القدرة والقوة فقوة الرب سبحانه وتعالى وأيضاً قدرة الرب جل في علاه بانت في هذه السورة سواء القدرة المتعلقة بالخلق سواء القدرة أو القوة المتعلقة بالحجة والبرهان، القدرة بالوعد والوعيد وهذا ظاهر فيمن تأمل أوائل السورة ومن تأمل في خواتمها، فالله بدأ هذه السورة بذكر القرآن (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) وهنا تنبيه على أن أعظم برهان واقوى حجة هي هذا القرآن ولذا أقوى من يؤثر في القلوب من يريد الهداية ومن يريد السداد ويريد أن يسير في هذه الحياة الدنيا على هدى ونور ويكون في الآخرة في رفعة وجنات عالية فعليه أيضاً أن يكون مع هذا القرآن ولذا ختمت السورة (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ)

د. عبد الرحمن: .أتصور أن الإمام إبن القيم رحمه الله متأثر في هذا القول الذي ذكرته بإبن جني في كتابه الخصائص كان يطيل في خصائص الحروف وأن العربية تتميز بهذه الميزة التي تكاد تنفرد بها وهي أن كل حرف له معاني يدل عليها وله دلالات ينبغي أن يُتنبه إليها. فتح الله عليك. دعنا نبدأ يا شيخ عصام في تفسير الآيات التي معنا في هذه الحلقة ونبدأ بقوله تعالى (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6))

الشيخ عصام: أولاً ينبغي أن لا تخرد هذه الآيات عن المقصود الذي قُصد هنا حتى تتسق في التدبر وفي الفهم وهذا يعين كثيراً. لا يعني أنه لا يوجد أمر غير هذا الذي ذُكر ولكن قد يكون هناك أشياء في السورة ولكن حتى تتسق النظرة الذهن يكون مرتباً في فهم الآيات ما يغيب شيء ظاهر بيّن في الآيات فإذن عندنا مقصود ينبغي أن ننتبه له. فهنا المقصود الواضح من هذه الآيات التذكير بقوة الرب سبحانه وتعالى في خلقه. وهذه القضية قبل أن ندخل في تفاصيلها فيما ذكر الله عز وجل هذه القضية هي مسألة أن يتدبر الإنسان في الكون أن يفتح بصيرته وأن يفتح عقله ويفتح نظره وأن يفتح سمعه كذلك لهذا الكون العظيم جداً لتيعرف من خلال الخلق على الخالق جل في علاه. هذه حقيقتها تسمى عبادة الأنبياء. عبادة الأولياء والصالحين في كل زمن قبل الإسلام قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وبعدها هذه هي عبادتهم ولذلك نلحظ مثلاً أن خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام لما تكلم الله عز وجل عن بعض صفاته قال في سورة الأنعام (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)) أراد أن يكون موقناً في قلبه بالله عز وجل بوعده ووعيده، موقناً بأن ما أمره به حق وما نهاه عنه أيضاً كذلك حق سبحانه وتعالى فعليه بشيء واحد وهو (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) فليفتح بصره لهذا الكون ينظر في كل شيء يتأمل في الخلق كله ولذا من كان كذلك كان أتبع الناس للأنبياء. ولذا محمد صلى الله عليه وسلم مثلاً في سورة الملك بأي شيء أمره الله عز وجل في أولها؟ (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ (3)) فالله سبحانه وتعالى لما أمر أنبياءه كان الأمر بالفكر والتفكر من أظهر ما جاء في كتاب الله عز وجل في طريقة الأنبياء في معرفتهم بربهم سبحانه وتعالى. ولذا أحصيت سريعاً أكثر من 300 آية تأمر بالتفكر (قل سيروا في الأرض) (أفلا ينظرون) وآيات كثيرة جداً حتى في قصار السور في سورة عبس (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24)) هذا الشراب فلينظر الإنسان إلى طعامه إلى شرابه ثم بعد ذلك يتفكر فيه. في سورة الطارق (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)) وتجد هذا كثيراً في أول سورة عمّ ولا تكاد تمر بسورة إلا ويأتيك هذا الأمر (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)) وهنا سؤال -اسمح لي شيخي وحبيبي- أن أذكره لي ولك وللناس أجمعين هنا لما يأمر الله عز وجل في سورة ق ومثل هذه السور الكثيرات يأمر بالتفكر، أين نعيش نحن من قضية التفكر؟ هل بالفعل الإنسان قد عاش حياته في بيته، عاش حياته في الشارع، عاش حياته لما يخرج إلى البحر، لما يجلس تحت جبل، لما يستظل بشجرة، هل عاش حياته بالفعل وهو قد أشغل قلبه بالفكر والتفكر والنظر والتأمل في خلق الله عز وجل؟ أذكر من القصص الطريفة المفيدة جداً أن الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله رحمة واسعة قرأ عليه بعض تلامذته هذه الآية من سورة الغاشية (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) فقال لتلامذته يللا مشينا، قالوا أين يا شيخ؟ قال ألم يقل تعالى (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) لنذهب ونرى فذهب رحمه الله إلى حظيرة فيها شيء من الإبل فأخذ يمسح على أعناقها ويبكي ويردد (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ). وتتمة لهذا واذكر واحد من الأخوة طبعاً سورة الغاشية الناس تحفظها وهي من قصار السور، يقول مرة من المرات كنت أصلي بالناس الجمعة فقرأت سورة الغاشية (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) يقول قلت في نفسي سبحان الله ما نظرت إلى الإبل والإبل قريبة منا في كل مكان موجودة! فقلت لا بد أن أذهب (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) هذا عتاب استفهام معه عتاب معه توبيخ لم لا تنظر؟ فيقول بعد صلاة الجمعة أخذت أولادي وكان معي ثلاثة وقال فأخذتهم ومررت على سيارة أيسكريم وهو يعرف الإبل تحب الشيء الحالي والسكر وهذا معروف من يعرف الإبل يعرف أنها تحب ذلك تماماً فيقول فأخذت خمس حبات أولادي ثلاثة فسألني ولدي الكبير لماذا خمسة ونحن ثلاثة؟ قال له اثنتان ليست لكم. يقول فذهبت إلى مكان قريب فجلست بجزار شبك كان فيه بعض الإبل فأشرت للبعير من بعيد فرآها فجاء سريعاً فأكل الأولى كاملة لكنه يقول جلس يتلذذ بها قرابة عشر دقائق ويقول وأنا أنظر إلى شفتيه إلى عينيه إلى رقبته يقول فلما انتهى منها أعطيته الثانية فأخذها فجلس أيضاً قريباً منذ لك. فيقول والله رجعت إلى بيتي بعد هذا التأمل (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) يقول والله لا أحسب كم أشعر بزيادة الإيمان في قلبي. ولذا كما يقول إبن القيم لمعرفة الله بابان أما الباب الأول فهو النظر في الآيات المشاهَدة وأما الباب الثاني فهو التدبر في الآيات المتلوة. إذن هنا لما نتكلم عن هذه الآيات أرجو من أحبتي رجالاً ونساءً أياً كان أرجو أن ينتبه إلى قضية خطيرة جداً وأنه من لم ينظر هنا في هذه الآيات ويتفكر في خلق الله فهو عاص لله تبارك وتعالى قد خالفه وترك عبادة من أجل العبادات. لما جاء رجل إلى أم الدرداء يسألها يا أم الدرداء ما كانت عبادة أبي الدرداء في بيته؟ عبادته في بيته، وبيت أبو الدرداء ما شاء الله مائة متر في مائتي متر وأدوار وحدائق؟ لا يحتاج، بيت أبي الدراداء إن كانت كبيراً فهو خمسة متر في خمسة متر هكذا كانت بيوتهم،. ما يسال عن العبادة خارج بيوتهم إذا خرج في الصحراء وإنما العبادة في داخل البيت، ما كانت عبادة أبي الدرداء في بيته؟ قالت التفكر. ولذلك يقول ابن عباس تفكّر ساعة خير من قيام ليلة لا يلعب ولا قالها خطأ ولا يحتاج أن نقول الإسناد ضعيف، هذا كثير جداً عند السلف بل قال بعضهم عبادة سنة لا تعدل تفكر ساعة. لماذا؟ لأن العبادة زيادة الحسنات، في في عداد الحسنات وأما التفكر فهو زيادة في الإيمان وفرق جداً بين الزيادة في الإيمان القلبي وبين الزيادة في حسنات الجوارح.

نعود للآيات (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6)) وهنا نفس القضية تماماً. يعني الله سبحانه وتعالى لما جاء هنا جل في علاه يقول في سورة ق (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ) بعض المفسرين لما جاء إلى كلمة فوقهم، السماء معروف أنها فوقنا فكأن الله عز وجل ذكر شيئاً لا حاجة إلى ذكره، لا، ليس من هذا القبيل وإنما تضمين عتاب السماء فوقك قريبة جداً منك تمشي في أي طريق تمشي في أي شارع في أي حديقة السماء فوقك لم لا تنظر إليها؟ ولذا كان هذا عتاب في أي شيء ممكن أن تتفكر فيه ولا تتفكر فيه. أضرب لك مثالاً وأنت تمشي في الشارع تأمل السيارات وهي تذهب وتجيء وتأمل عدد هؤلاء الخلائق، وكم عدد من يمشي على قدميه ومن يمشي بسيارته ومن يجيء ويتكلم أعداد هائلة من الناس ومن السيارات ومن المحلات ومن ومن وأنت في الطريق، من الذي يحصي كل حركة لهؤلاء الناس؟ لو واحد منا في سيارته أخذ قلماً وحركه يميناً ويساراً قد كتب في اللوح المحفزظ واطلع ربنا سبحانه وتعالى قبل ذلك أنه هذا العبد فلان ابن فلان في الساعة الفلانية في السيارة الفلانية في كذا وكذا بالتفاصيل الدقيقة أنه رفع قلمه ثم حركه من هنا وهناك خمس مرات بكل تفاصيل الحركة. لما تسقط ورقة في أي مكان من الأرض ثم تتحرك من هنا وهنا وتذهب مئات الكيلومترات قد كتب كل تقلب لهذه الورقة في اللوح المحفوظ فضلاً عن أن ربنا سبحانه وتعالى قد أحصى كل شيء عدداً. ونحن ننظر إلى السيارات في الشارع لو أحدنا فقط أطلق بصره ليتفكر ويعرف ربه من هذه الأحداث التي تدور من حوله. ولذا هنا لما قال تعالى (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ) كان التذكير بأن السماء عندكم أيها العرب قريبة والجو مفتوح في الهواء الطلق لم لا تنظرون إلى السماء؟ إن كنا نحن دائماً في البيوت والسيارات فلم لا ننظر في ماذا؟ ليس فقط في السماء، عندنا أشياء كثيرة من حولنا. انظر في إصبعك الذي يتحرك، في لسانك الذي ينطق، بالناس من حولك، انظر في طفلك الذي كان يزحف ثم أصبح يجري بعد مدة يسيرة ، في وفي وفي. هنا (فَوْقَهُمْ) تذكير أن الأمر القريب لا بد أن يكون سبيلاً لمعرفة ربنا جل في علاه.

ثم قال تعالى (كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ) ذكر سبحانه وتعالى ثلاثة من الأمور أما الأمر الأول فهو النص على البناء (كَيْفَ بَنَيْنَاهَا) ونحن لا ندري كيف بنيت السماء الثانية والثالثة والرابعة إلى السابعة لا ندري لكن ندري عن السماء الدنيا نراها لأن كل ما ارتفع عن الإنسان يسمى سماء سواء كانت السماء بنفسها الشمس والقمر الكواكب هذه. وهذه كلها تسمى سماء والواحد منا لو تأمل في واحدة من هذه المخلوقات كيف بني الله عز وجل الشمس؟ كيف بنى ربنا سبحانه وتعالى القمر؟ كيف بنى الكواكب؟ كيف بنى هذه السحب التي من فوقنا لخرج بشيء عظيم من معرفته بربه. ودعني أيضاً أروي قصة طريفة أيضاً حصلت لما كنا في الثانوية وأنا أريد أن أؤكد على أن هذه المسائل ليست خاصة بالسلف، لا، هي في أيامنا كما كانت عندهم ولكنا حرمنا أنفسنا منها. واحد من الإخوة يقول لي كنت ألعب كرة قدم واعذرني على هذا المثال في التفسير المباشر- يقول كنت ألعب كرة قدم وكان الفريق الذي ألعب معه فريق قوي جداً والفريق الآخر ضعيف وكنت أنا لا أحسن اللعب فجعلوني حارس المرمى فكنت أجلس متكئاً على عمود الشباك يقول أجلس لربع ساعة ما تأتيني الكرة لأن الكرة في الجهة الثانية فيقول سبحان الله لما جاء وقت الغروب قبل الغروب بثلث ساعة يقول رفعت بصري إلى السماء وأخذت أتأمل في الشمس حال غروبها من الذي يحركها؟ لم لا تسرع؟ لم لا تبطئ؟ لم اليوم لا تخرج في وقت متأخر؟ يقول أخذت أنظر سبحان الله إلى هذه الشمس وحركتها العجيبة وقوة إضاءتها وكيف لو أنها زادت فأحرقت الناس وكيف لو أنها ضعفت فتجمد الناس؟ ثم جاء سحاب فغطى الشمس وقت غروبها ثم نظرت إلى السحاب يقول فأخذت في هذه ثلث ساعة أنظر إلى السماء وما فيها يقول والله خرجت من هذا الملعب وذهبت لأصلي المغرب يقول ما صليت في حياتي صلاة أخشع ولا ألذ من هذه الصلاة.

د. عبد الرحمن:.الله أكبر. ولا شك أن التفكر في مخلوقات الله سبحانه وتعالى فيه هذا وأشد من هذا. أستأذنك يا شيخ عصام وأستأذنكم أيها الأخوة المشاهدين في فاصل قصير ثم نعود إليكم فابقوا معنا حفظكم الله.

——————–فاصل——————-

د. عبد الرحمن: مرحباً بكم أيها الأخوة المشاهدون الكرام مرة أخرى ولا يزال الحديث متصلاً حول سورة ق مع ضيفنا الكريم فضيلة عصام بن صالح العويد، توقفنا يا دكتور عصام عند قوله (كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ).

الشيخ عصام: أما كيف بنيناها فسبق الحديث عنها ولا نريد أن ندخل في تفاصيل، لا يحتاج. بعض الناس يقول لن أتفكر حتى أنظر في الصفات العلمية والفلك والسنوات الضوئية، لا، الأمر يسير أسهل من هذا بكثير كصاحبي الذيكان حارس مرمى وصلى تلك الصلاة. قال بعد ذلك (وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ) وهنا لما ننظر إلى السماء وأنا أتمنى من أحبتي حينما ينظرون إلى السماء أن ينظروا إلى زينتها كيف زينها الله عز وجل. بعض الناس ينظر ليتفكر فقط مجرّداً يعني بالخلق لا، السماء فيها من الزينة شيءعجيب جداً. لكن متى ينظر الإنسان إلى زينة السماء الدنيا؟ يركب سيارته ويخرج عن المدينة عشرين كيلومتر أو ثلاثين كيلومتر وفي الرياض تحتاج أن تخرج مسافة سبعين كيلومتر من الغبار والإضاءة القوية جداً والرياض كبيرة فإذا خرجت عن الرياض مسافة خمسين سبعين كيلومتر إفرش بساطك واجعل لك وسادة لرأسك ثم إرفع بصرك إلى السماء في الليل سترى كيف زين الله السماء بهذه الكواكب زينها زينة عجب سبحانه وتعالى. ثم قال بعد ذلك (وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ) الفروج معروف أنها الشقوق الفتحات التي تكون فيها وقد نفى الله عز وجل أن يكون في السماء فروج أو فطور كما في سورة الملك. ولكن ذكر عز وجل في سورة الذاريات وهذا من العجب أن فيها حبك (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ (7)) ما هي الحبك؟ الطرق ولكنها طرق مسلوكة مضبوطة كما داخل قصور الملوك ليس هناك كما يقال فتحات أو شوارع من هنا وهناك تدخل من أي جهة، لا، وإنما حُبُك قد ضبطت هذه السماء ولذا قال عز وجل (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) الذاريات) بقوة بالغة وإنا لموسعون فالسماء قوية شديدة جداً بناها الله سبحانه وتعالى وهنا بيّن أنه لا فروج فيها وإنما فيها كما في سورة الذاريات حُبُك التي يسلك الناس من أراد الله عز وجل أذن اللهمن الخلائق أن يسلك من خلال هذه السماء يسلك كما عرج بنبينا عليه أفضل الصلاة والسلام.

د. عبد الرحمن: أستأذنك يا شيخ عصام في أخذ اتصالات.

أبو عبد الله من السعودية: أولاً أشكركم على هذا البرنامج أسأل الله عز وجل أن يجعله في ميزان حسناتكم. عندي سؤالان أولاً بالنسبة للتفكر في مخلوقات الله عز وجل كيف تكون هذه عبرة وموعظة للمتفكر فيها؟ أم أنها خاصة للعبد المنيب كما جاء في الاية؟ السؤال الثاني هل هناك بعض المراجع التي يمكن من خلالها التعرف إلى آيات الله عز وجل وكيفية التفكر فيها والتعرف إليها؟

أبو لوط من السعودية: بخصوص النظر هذه الآيات توقفت عندها في قوله تعالى (وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) الكهف) كانوا لا يستطيعون سمعا. حين تدبرت قوله (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) النجم) وتدبرت قوله تعالى (كلا والقمر إذا أسفر الكبر) هنا لقد رأى من آيات ربه الكبرى إنها لإحدى الكبر اكتشفت أن الأمر واضح جداً لأن الله عز وجل يقول (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى (36) النازعات) أنا الآن أرى المكروفون الذي على صدرك لكن الماركة غير بارزة لي ولكن المكروفون بادي. ويم القيامة برزت الجحيم لمن ير أي أنها مرئية ولكن غير مرئي ما فيها. فاللغة يعني المسلم بدون لغة عربية لا يجب عليه أن يتدبر كتاب الله. هذا ما أردت أن أقوله. (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى) أي أنها قضية غير بارزة.

د. عبد الرحمن: نعود للشيخ عصام وووقفنا عند قوله (وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ)

الشيخ عصام:.تكلمنا عن هذا وأظن الأمر واضح، ليس فيها فروج يعني ليس فيها شقوق مضطربة وإنما لها طرق وحبك خاصة.

د. عبد الرحمن: وأيضاً كما تفضلت يا دكتور عصام الحديث عن السماء في القرآن الكريم حديث طويل وقد ذكرها الله بأكثر من صفة وقال (وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6) ق) (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ (3) الملك) وهذه من فوائد التفسير الموضوعي وهو جمع الآيات التي تتحدث عن موضوع واحد في مكان واحد تعطي صورة متكاملة للموضوع.

الشيخ عصام:.الآن هناك كتاب وضع قريباً وهو السماء في القرآن وهو مفيد جداً لكن أنا أريد أن أنبه إلى نقطة مهمة، مشكلة مثل حبيبنا الذي اتصل قبل قليل يقول أريد كتب تعين على التدبر يا أخي أكبر كتاب هو كتاب الكون الكبير فلم نحرم أنفسنا لنضطر أن نذهب إلى كتاب ومرجع كبير جداً ونقول ذكر السماء وكذا وكذا ونأخذ في تفاصيل الأمر لا يحتاج إلى مثل هذا، الأمر يحتاج فقط أخي المبارك وربي إذا جاء أخوك الصغير لتلعب معه أو ابنك الصغير لتلاعبه أن تنظر فقط كيف فتق الله عينيه، أن تنظر في لسانه لما كان بالكاد يقول بابا، ماما، والآن يتكلم بكل قوة وكنا كلنا ما نتكلم والآن الواحد منا يخاطب الملايين. من الذي خلق ومن الذي أعطى؟ أنا أقصد أخي المبارك لما نتكلم عن هذه القضايا لا نريد السماء بتفاصيل أهل العلم والاختصاص، هذا جيد إذا كان الإنسان له تخصص أو يريد ذلك. ولكن نريد التفكر الذي يصلح لكل أحد للعجوز في التسعين من عمرها والطفل في العاشرة من عمره وللمدرس في الجامعة وللبدوي الذي يرعى الغنم ولكل أحد فهذه قضية عامة شاملة لا تخص أحداً دون أحد.

د. عبد الرحمن: وهي أظن مراتب أيضاً التدبر والتفكر فيها ولا شك أن العالم كما قال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) كلما زاد علماً في هذا الأمر كلما زاد يقينه وإيمانه بالله سبحانه وتعالى.

الشيخ عصام:. والله كلما زاد علماً يربط هذه القضايا بالله هذا صحيح يزداد إيمانه لكن إذا ازداد علماً بتفاصيلها مثلاً وكالة ناسا القائمون عليها كفار يكفرون بالله ليل نهار وهم أعرف الناس بهذه القضايا.

ثم قال ربنا سبحانه وتعالى بعد ذلك (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)). كان الكلام عن العلو والكلام الآن عن الأرض المنطقة السفلية التي يمشي عليها (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا) لعلك تلحظ الآن أن بدءاً قال (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء) وقال (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا) كأن المسألة فيما يتعلق بالأرض أقرب إلينا من السماء ولذلك لما يكون الإنسان في حقيقته يشغل قلبه بالتفكر سيتفكر حتى في الأمر القريب مثل الأرض التي يمشي عليها وهنا فائدة أن الإنسان يتفكر أحياناً وأحياناً يتفكر في الشيء العجيب الغريب يقول سبحان الله ما شاء الله لا إله إلا الله! أما إذا أشغل قلبه بالتفكر دائماً سيتفكر في كل شيء أنا أرى الآن شيخي وحبيبي الدكتور عبد الرحمن أستطيع أن أراه وأبتسم أضحك معه وأنا أتكلم معه وأنا أتفكر في نفسي وفي نفسه في هذا الكون وخلق الرب سبحانه وتعالى. ولذا هنا (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا) تقريب إلى ما يتعلق ويحيط بالإنسان أقرب وألصق به فقال مددناها، المد هذا ظاهر جداً لو أن الواحد منا أنت يا دكتور عبد الرحمن من عسير ونحن من القصيم عندنا الأرض في القصيم ممدودة لو أن الأرض كلها كأهل عسير كان الأمر أصبح عسيراً بالنسبة للناس أليس كذلك؟ فلذلك رحم الله عز وجل الناس فما جعل الأرض هكذا ولكن في أغلبها أنها ممدودة للناس. قال (وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) أما مسألة الجبال عجب ولو أني أخذت في الحديث عن الجبال من القرآن لكان هذا من أغرب من يكون وأهيب بالأخوة أن يرجعوا إلى تفسير الرازي لما تكلم عن الجبال وعن أحوالها في الدنيا والآخرة وخصوصاً في الآخرة وذكر شيئاً من ذلك في تفسيره لسورة عمّ في أحوال الجبال ومنازلها وتكلم عنها كثير من المعاصرين فيما يتعلق بالجبال. ويكفي أخي المبارك أن الله عز وجل هنا لما تحدث عن الجبال قال (وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ) وأنت الآن حينما ترى الجبال الجبال ليس منظمة ولا مرتبة وكلمة ألقينا مثلما أشرت الآن ولذلك جاءت العبارة هنا عجب في بيان حال نشوء هذه الجبال (وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) الجبال هذه شقت الأرض وخرج منها هذا الصخر العظيم وأسهل من ذلك أن يخرج منها النبت اليسير فقال سبحانه وتعالى (وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (وأنبتنا فيها) النبت هنا خرج من هذه الأرض نبت فيها ثم بدأ يخرج من الأرض. ولذا أنا أقول هذا المشهد في هذا الكون ينبغي أن لا يغيب عنا وهو سهل وميسور وربي ولذلك دائماً نقول أهل الفلاحة أقرب إلى الله من أهل الصناعة وهذا قاله أهل العلم قديماً لأنه يرى قدرة الرب سبحانه، الماء ينزل على النبتة ثم النبتة تنفلق وتخرج. والآن لما نريد أن نصنع أي شيء مثل الكوب كم نحتاج من العدة وقوالب وأمور كثيرة جتى نخرج منها كأساً لكن تعال إلى حبة كانت ميتة فأنبتت بعد ذلك مئات الحبوب كما نبه الله عز وجل بعد ذلك. كيف هذا الميت أخرج هذه الأشياء بحياة دبت فيه هذا الذي لا ينبغي أن يغيب هنا. ولهذا قال تعالى (وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (من) هنا لا شك أنها ليست تبعيضية ويخطئ من يزعم ذلك وإنما هي بيانية تأكيدية تؤكد ولذلك من قال أنها زائدة ومن قال أنها بيانية ولا شك أن اللفتة البلاغية فيها أنها جاءت للتأكيد ولم تأت للتبعيض فقال (وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) ولذلك تأمل أخي المبارك لما يذهب واحد منا إلى حديقة ويجد فيها أنواع من الزهور والورود والأشجار والله هذا مجال للتفكر سبحان الله. هذه نبتة هنا وهذه ورقة حمراء وأخرى صفراء وأخرى خضراء وألوان والزهر هذا كله لو تأمل فيه الإنسان لدلّه على ربه. فقال سبحانه وتعالى (وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ). وهنا تأكيد على مسألة أن الخلق كله إما في أغلبه أو كله أنه عبارة عن أزواج ولذلك من تأمل الكون وجد هذا ظاهراً حتى في البروتون والالكترون حتى في الأشياء الدقيقة جداً هكذا. وهنا لا ينبغي أن يغيب هذا عن الإنسان لأنه سيستفيد منه في حياته. الرجل يتزوج امرأة وبعض الناس الآن للأسف الشديد صرنا نسمع في الجامعات وفي المدارس أن البنت قلبت نفسها إلى ولد وصارت بمسمى بوية وكنا نظن البوية صبغة الجدار! بويات جمع بوية وأصلها مأخوذة من مفرد بوي وهي الولد فهي تجعل نفسها ولد لكنهم حتى يميزونها عن الولد يسمونها بوية ودخلنا في مسائل واشتقاقات لغوية ضخمة جداً حتى أنها تخرج نفسها من كونها زوج تحرم نفسها من خلقة الله عز وجل وهذه لو تفكرت في خلقتها وخلقة الله عز وجل للمقابل لها وهو الذكر لما سلكت هذا الطريق المشين جداً وقلبت نفسها من كونها أنثى أطاب الله خلقتها بفطرتها وبجمالها وأنوثتها حتى تقلب نفسها ذكراً وهي باقية على خصائص الذكر ولا شك فهنا مسألة الزوجية ينبغي أن ينتبه لها في مسألة التفكر (مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) بهيج إما أن تكون مبهِجة وإما تكون مبهَجة حينما خُلٌِت فهي إما هذا وإما ذاك وكلاهما صحيح.

د. عبد الرحمن: كما قال (وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ (60) النمل)

الشيخ عصام:. فهي بنفسها ذات بهجة توصف بأنها ذات بهجة وإذا نظرت إليها أدخلت البهجة إلى نفسك وإذا تأملت سبحان الله في خلقها الذي خلقها خلقها وهي مبهجة جميلة جداً. ولذلك أذكر جيداً والله يا أخي واحد من الأخوة نظر في البحر مرة في الليل جلس مرة قبالة البحر قرابة ساعة ونصف يقول أردت فقط أن أتأمل في البحر وخلقته بهيج سبحان الله يقول خرجت وأنا منشرح الخاطر سبحان الله يعني الذي خلق هذا البحر ورحم ما فيه من مخلوقات بأن أودع في هذا من غذائها ومن طعامها ومما تحتاج إليه في هوائها وفي كل أمورها لن تغيب رحمته عن هذا المؤمن عن هذا الذي شهد أنه لا إله إلا الله الذي شهد له وصلى وصام ولذلك التفكر في الكون يدخل البهجة لأنك تعرف رحمة ربك تعرف قدرته تعرف وعده ووعيده سبحانه وتعالى. قال (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (8))

د. عبد الرحمن:. أستأذنك أن نكمل هذه الآية بعد الفاصل يا شيخ. فاصل أيها الإخوة المشاهدون ثم نعود إليكم فانتظرونا.

———————- فاصل ————————

د. عبد الرحمن: مرحباً بكم أيها الأخوة المشاهدون الكرام مرة أخرى, ولا زال حديثنا متصلاً عن سورة ق ومع قوله تعالى (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ) مع فضيلة الشيخ عصام بن صالح العويد وقفنا يا دكتور عصام عند قوله تعالى (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ) كأن التعليل لكل ما تقدم.

الشيخ عصام:.نعم هذا الخلق كله لقضية. الهدف والغاية من هذا الخلق العظيم من أعظم الغايات هو هذا الأمر أن هذا المخلوق الذي سيحاسب يوم القيامة يقيم الله عز وجل عليه الحجة ويعطيه البرهان لينظر فقال (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى) أما تبصرة فهي واضحة من جهة البصيرة أن الإنسان يُبصر ، كيف تبصر الآخرة والدنيا؟ كيف تبصر الحقيقة والباطل؟ كيف تعرف أن الرب سبحانه وتعالى وما يستحقه من العظمة؟ كيف تعرف أن الظلم إذا ظلمت صغيراً وكبيراً ومسكيناً وامرأة وفقيراً كيف تعرف أن عاقبته في الآخرة شديدة جداً؟ بالتفكّر، ستنظر إلى هذا وانظر عواقب الله عز وجل في الكون تجد عجباً. انظر إلى الجبابرة في هذا العصر، انظر هذا إلى الطاغية مثلاً ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي الذي ذهب الله بلاه بأمراض عجب يحكون عنه في مسألة الأمراض شيء غريب جداً من قديم والله يقلّب فيهم. شارون كيف فعل الله عز وجل به فقط أبقى الدم الذي في عروقه أبقاه ساكناً كان يتحرك فسكّنه، فالآن له سنوات طويلة وهو على هذه الحال (تبصرة) يبصر الإنسان، نسمع الأخبار أو نقرأ الأخبار سماعنا وقراءتنا لها يختلف تماماً قبل أن نتفكر وبعد أن نتفكر. وإذا كان الإنسان يُعمِل نفسه بالفكر في الأخبار والقتل والأشياء وإذا كان يتفكر فيها فإذا أشغل قلبه بالفكر صارت الأخبار له عبادة -طبعاً إذا لم يكن فيها متبرجات وغيره- لكن أقصد الأخبار فإنها عبادة أما إذا كانت سماع وضياع وقت فقط. قال الله عز وجل (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى) ما الفرق بين التبصرة والذكرى؟ التبصرة دائمة والذكرى عند الحاجة. أحياماً الإنسان يغفل فيحتاج إلى ذكرى، يمرض هو، يمرض قريب له، حادث سيارة يراه أمام عينيه، نار تشتعل، برنامج فضائي يكون يذكر ويحرك قلبه فيبصر أنه كان لا يبصر فالذكرى تأتي مثل العلاج مرة ومرة. أما التبصرة فهي دائمة والمفترض أن تكون في كل الأحوال (لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ) الأخ سأل سلّمه الله هل هي تفكر خاص؟ لا، التفكر لكل أحد ولهذا أمر به حتى الكفار وحتى المجادلون وحتى المعاندون ولكن الثمرة من التفكر إنما تكون للعبد المنيب. ما الفائدة أن يتكلم الإنسان وقد ذكرن وكالة ناسا الأميركية ما الفائدة وهم يتكلمون عن عجائب السماء والخلق العجيب العظيم جداً وأن يكون هناك مجلدات لا آخر لها ثم بعد ذلك ما أبصروا من هذه أن هناك خالقاً لها سبحانه وتعالى وهذا أبصره حتى العجوز التي في بيوتنا وحتى البدوي الذي يمشي في الصحراء لا يعرف ألف باء ولا يعرف الفضاء ولا يعرف التكنولوجيا ولا شيء، فما الفائدة منها؟ إنما الفائدة لكل عبد منيب الذي أناب ورجع منها لما نظر ونظر ونظر واستفاد أنه عرف الرب فعاد إلى خالقه منيباً خائفاً وجلاً راجياً.

د. عبد الرحمن:.والمنيب وهو الذي يرجع ويعود

الشيخ عصام:.من الأوب وهو العَوْد. قال بعد ذلك سبحانه وتعالى (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9)) سبحان الله لما جاء في أول الأمر الأمر بالتفكر جاء في السماء ثم بعد ذلك في الأرض ثم جاء هنا الآن الواسطة بينهما الواسطة بين السماء والأرض ماء ينزل من السماء إلى الأرض فيفعل فعلته في الأرض فقال سبحانه وتعالى (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا) مسألأة نزّلنا وأنزلنا قد الإخوة يرغبون أن يسمعوا الفرق بين نزّلنا وأنزلنا ولماذا تأتي هذه؟ هذا مبحث لغوي فيه فوائد ولكن ندعه الآن حتى لا يأخذ منا من الوقت. قال (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا) فالله تعالى حينما ينزل المطر هذا المطر الذي ينزل ليس أي ماء وإنما هو مبارك ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في مسلم قال “إنه قريب عهد بربّه” وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج متاعه ويرفع ثوبه حتى يصيبه ليس من الماء وإنما من المطر الذي فيه بركة مع هذا الماء الذي ينزل. فهذا المطر الذي نزل هو بركة وبعض الناس يقولون يا أخي ليت المطر ما ينزل علينا في مدننا لأن هناك مشاكل وزلق وحوادث سيارات ومن هذا القبيل فنقول نعم حوالينا ولا علينا ولكن لا بد للمدن من المطر لأنه ماء مبارك وحتى المدينة تحتاج إليه. المطر يغير طبقات الهواء حينما تكون ملوثة المطر هذا يغسلها لأنه مبارك ولذا هذه سُنّة ينبغي أن لا نغفل عنها إذا جاءنا المطر والحمد لله نحن المطر عندنا من فترة لفترة عسى الله أن يغيثنا لكن بعض الدول المطر كل يوم فمن يريد أن يعرّض نفسه لهذا المطر لكن نحن بين وبين فبإمكاننا أن نطبق هذه السنة. ثم قال تعالى (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) وهذه بركة المطر أو بركة الماء أن ينبت أما مطر لا ينبت فهذا ليس فيه بركة وماء لا ينبت أيضاً ليس فيه بركة. فقال الله سبحانه وتعالى عن هذا الماء (فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) أما الجنات مهي معروفة هي البساتين وإنما سميت جنات لأنها تجنّ من بداخلها فلا يراه من هو خارج عنها، جنّ من الستر وهذا واضح. وإذا أنزل الله عز وجل هذا المطر علينا أو على غيرنا رأينا البساتين وانظر إلى البلاد التي يصب عليها المطر ليلاً ونهاراً كيف تكون. لذلك سبحان الله الآية التي أخبر الله عز وجل بها (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (30) الأنبياء) آية من أعجب وأغرب ما يكون. إذا نزل هذا الماء في أي مكان عاشت الأرض وإذا لم ينزل فالأرض بور. ولذلك سبحان الله حتى الخرسانة تراها جامدة يابسة ترشها بالماء تقوى وتثبت.

د. عبد الرحمن:.اهتزت وأنبتت. وعندما وصف الله (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) الحج)

الشيخ عصام: ثم قال سبحانه وتعالى (فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) حب الحصيد المقصود هنا الإضافة هنا على ظاهرها والمقصود هنا الحبّ الذي يحصد بعد ذلك فهناك جنات وهناك حبّ مثل الشعير والقمح وهذه الأمور والأرز فهذا يُحصد فقال الله عز وجل أن هذا المطر ينبت هذا وذاك.

ثم قال (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10)) قبل أن أتكلم عن معنى باسقات خذوا هذه الحادثة قصة عن أعرابي صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم. لماذا أقول هذا قبل ذاك؟ لأنني أريد حينما نستمع الآيات نفرّق بين استماع من تدبر واستماع من قرأ ومضى. هذا الأعرابي جاء يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم قال فصليت فقرأ سورة ق فلما بلغ قول الله عز وجل (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ) يقول والله ما أدري ما الذي قرأ بعد هذا.

د. عبد الرحمن: يتفكر في النخل

د. عصام: نسي التي بعدها وإنما يتبر في هذه الآية وما دلت عليه من جمال الوصف. ولذا جمال الوصف في قوله سبحانه وتعالى (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ) ماذا تعني باسقات؟ تعني أولاً أن تكون طويلة، الباسق الطويل لكن لا بد مع هذا الطول أن تكون بارتفاع يعني الطويل الذي في الأرض مثل حبل على الأرض هذا لا يسمى بلغة العرب باسق ولا يسمى أيضاً باسقاً في لغة العرب إلا ما كان قويماً جميلاً في ارتفاعه بمعنى أنك لو رأيت شيئاً مرتفعاً لكنه معوج أو ليس جميلاً هذا لا يسمى باسقاً في لغة العرب. وإنما الباسق هو النخل الذي قد ارتفع وطال ثم حسُن في منظره حينما تتأمل تجد الجذع دقيقاً وتجد أن رأس النخلة قد امتلأ بالثمار وما فيها من السعف ونحو ذلك فبان جمالها وظهر. ولله الحمدوالمنة قد أبان الله عز وجل عن عظم هذه الآية في هذا العصر أكثر من غيره. فالآن عندنا نحن في السعودية كان يؤتى بأشجار من هنا وهناك وتعرف ما يسمونه النخلة الأميركية الصغيرة التي رأسها كأنها جنّية ثم الناس يأتون بأشجار وظللنا فترة من أعمارنا في هذه البلاد وفي غيرها يأتون بأشجار من هنا وهناك من العالم ثم لما جربوا هذه النخلة بجمالها إذ بها أجمل ألف مرة من تلك الأشجار. ولذا الآن نلحظ في الرياض والحمد لله أن هذه النخلة قد ملأت الشوارع وحتى حيّ السفارات من دخله يجد النخل قد جمّله جمالاً ليس بعد جمال. ولذا هنا قال الله عز وجل في وصفها (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ) ليس هناك شجرة في الدنيا أبداً أجمل من هذه الشجرة بهذا المنظر الجميل الباسق الذي يلفت الأنظار في قوام وحسن منظر ونحو ذلك ولذا (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ) هذه قبل الإثمار ثم بعده.

عبد الرحمن: ألاحظ يا شيخ عصام قوله (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ) مع أنها تدخل في ضمن الجنات في قوله (فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ) فلماذا خصّها؟

الشيخ عصام:.هذا من ذكر الخاص بعد العام لجمالها. أنا بعد هذه الآية وعندنا نخل كثير في القصيم والحمد لله ذهبت أتفكر في النخلة والله ما كفتني ساعتين. تنظر في حالها وفي كلها كل شيء فيها يستفاد منه. الآن وفي القديم أيضاً كذلك ولكن لا نريد أن ندخل في النخلة لعل هذا أن يكون من حديث أهل الاختصاص. قال (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ) هذه النخلة وهذه الثمرة نضيد يعني منضود فوق بعضه منظره جميل مرتبة فوق بعضها من أجمل ما يكون

د. عبد الرحمن: طلع يعني ثمر

الشيخ عصام:. الطلع الثمرة وحتى قبل الثمرة، الثمرة من بدايتها إلى أن تنضج أول ما تخرج سبحان الله أول ما يخرج يخرج نضيد أي مرتب ثم يكبر وهو على هذه الصفة على هذه الحال فهي شجرة منسّقة مرتبة منظمة وهكذا يجب أن يكون المسلم منظماً مرتباً ليس كبقية الأشجار.

د. عبد الرحمن: معنا إتصالين يا شيخ عصام أستأذنك.

الأخت مهى من السعودية: لا قوة إلا بالله ربنا أعطاك أسلوباً في التفسير، نعتب عليك يا شيخ بارك الله فيك نريد تفسيراً كاملاً بهذه الطريقة، ونريد تطبيق القرآن في حياتنا ربنا أعطاك أسلوباً ولك قبول عند الناس فنريد تفسيراً بهذه الطريقة بحيث أنه ييسر للناس قبول القرآن وتطبيقه في الحياة. جزاك الله خيراً.

الأخ عبد الهادي من السعودية: ما هو أفضل كتاب يعين على مسألة التدبر؟ ومفاتيح التدبر؟ وكيف يستطيع الإنسان أن يتدبر كلام الله عز وجل لأنه حقيقة أنكم حلّقتم بنا كثيراً ما شاء الله.

د. عبد الرحمن: الأخت مهى تسأل عن إنتاجك يا شيخ عصام وأنا أتصور أن الحلقات التي سجلتها موجودة في مواقع الإنترنت أو بعضها على الأقل.

الشيخ عصام: الهيئة العالمية لتدبر القرآن إن شاء الله بعد مدة ليست بطويلة ستجمع نتاج أعضاء الهيئة وأنت على رأسهم وبقية المشايخ وأنت تبعٌ لكم.

الأخ عبد الله من السعودية: أشكر الإخوة في القناة على إستضافة الشيخ عصام ونحن متأثرون بكلام الشيخ ونستفيد من علمه. هل الإعراض يؤثر في عدم التدبر في القرآن خاصة لما قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) الكهف)

د. عبد الرحمن: الأخ عبد الهادي والأخ عادل يا شيخ عصام كانوا يسألون عن كتب في قضية التدبر والتفكر أيضاً في الآيات لو تعطيهم عنوانين ثلاثة.

الشيخ عصام: بالنسبة هناك كتاب الدكتور خالد مفاتيح تدبر القرآن وهو كتاب مفيد جداً وللعبد الضعيف أيضاً كتاب فن التدبر أيضاً يمكن أن يستفاد منه. وأيضاً بإذن الله أعيد وأكرر أن العيئة العالمية لتدبر القرآن ستضم هذا كاملاً ورسائل جوال تدبر يعين على هذا.

د. عبد الرحمن: والكتاب الذي طُبع أيضاً لرسائل جوال تدبر. أسأل الله أن ينفع بك. نعود إلى قوله تعالى (رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11)) وربما نختم بهذا يا شيخ عصام.

الشيخ عصام: (رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) رزقاً للعباد وهذا سبحان الله لا إله إلا الله كم أجرمنا بحق ربنا سبحانه وتعالى يُنعم علينا ليلاً ونهاراً يعني في طعام وشراب ولباس وحفظ وحماية وأمور كثيرة جداً أخي المبارك ثم بعد ذلك حتى في هذا البلد الطيب نتكلم عن بلادنا نحن في السعودية هنا الله عز وجل (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ (67) العنكبوت) ثم ينعم ربنا علينا سبحانه وتعالى وعلى بلاد المسلمين بأنواع من النعم ثم هذه النعم ما تلقى شكراً لله عز وجل هذا الأمر الذي ينبغي أن نتنبه له كثيراً في حياتنا. ربنا يريد منا أمراً واحداً ينعم عليك ويعطيك, آخذ مثلاً في الدنيا الآن لو أن ملكاً من ملوك الأرض كبير وصاحب جاه جاءك وقال لك يا شيخ عبد الرحمن أنا من عندي دون أن يدري أحد من الناس سأعطيك فيلا عرضها ثلاثمائة متر وطولها خمسمائة متر ومبني فيها قصر ولا أروع وفيها خمس سيارات وخدم وحشم وأي شيء تحتاجه بل وأولادك من بعدك سارعاهم وأنظر ماذا يحتاجون إليه وأي شيء سأقوم به ثم بعد أن أغدق عليك كل هذه النعم بل وأعطاك أكثر من ذلك من الصحة والعافية والتوفيق والهداية ومعرفة القرآن والإسلام ثم صمت عن شكره وعن الثناء عليه ماذا نسميه في حياتنا لا أتكلم عن المصطلحات الشرعية؟

د. عبد الرحمن: لئيم وجاحد

الشيخ عصام: إذا فلان ما شكر ربه فهو لئيم وجاحد وإذا فلانة ما شكرت ربها فهي لئيمة وجاحدة هذه عبارات وإن كانت قاسية لكن تراها حقيقية أي إنسان عاقل. ربنا أنعم علينا بنعم عظيمة جداً ومن هذه النعم أن قال هنا (رِزْقًا لِّلْعِبَادِ) ما خلق هذا كله إلا رزقاً للعباد رزقاً لنا. لما قلّ الأرز والهند ضيقت قليلاً والباكستان ما عادت تزرعه كما كانت وغلّقوا علينا الأبواب قليلاً ماذا حصل بالناس؟ كيس الأرز بعد أن قيمته مائة وثمانين ريالاً صار ثلاثمائة ريال وخمسمائة ريال بل دخل السوق السوداء. (رِزْقًا لِّلْعِبَادِ) لو أن الله منع عنهم المطر وهم يزرعون بالمطر فقط ماذا سيحدث لنا؟ لا يعود عندنا أرز ولا كبسة! لو أنه ضربت شركات التحلية معناه لا يعود هناك ماء نشربه. لذا قال الله سبحانه وتعالى (رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) البعث سيكون كذلك. البعث سيكون من خلال مطر ينزل من السماء على هذه القبور فتنبت كما تنبت هذه النباتات والجنات فتخرج وهذا الذي أبان الله عز وجل عنه في كتابه ولذلك كان من أعظم الفكر أن نتفكر في البعث

د. عبد الرحمن: أسأل الله أن يتقبل منك وأن يجزيك خيراً شيخ عصام على هذه اللفتات الرائعة جداً في بيان هذه الآيات. انتهى الوقت وإلا الحديث ذو شجون. في نهاية هذا اللقاء أيها الإخوة المشاهدون أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنكم وأن يرزقنا وإياكم تدبر كتابه وأن ينفعنا وغياكم بما تفضل به الدكتور عصام العويد. وباسمكم جميعاً أشكر فضيلة الشيخ عصام بن صالح العويد، الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على تفضله بجوابنا في هذه الحلقة وأشكركم أنتم أيضاً على المتابعة وألقاكم في الأسبوع القادم بإذن الله تعالى وأنتم على خير. حتى ذلك الحين أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


رابط الحلقة فيديو

رابط الحلقة (صوت)