التفسير المباشر
الحلقة التاسعة
9-9- 1429هــ
د:عبد الرحمن: بسم الله الرّحمن الرّحيم. الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلَّم وبارك على سيِّدِنا ونبيِّنا محمّد وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين. اللهمَّ إنّا نَحْمَدُكَ ونَشْكُرُكَ ونُثْني عليك على ما أنعَمْتَ بهِ علينا من الصِّيام ومن مُدارسة القرآنِ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبَّلَ منّا ومنكم أيُّها الإخوةُ المُشاهِدون الصِّيامَ والقيامَ وأن يجعَلَنا وإيّاكم من أهل القرآن المتدبِّرين التّالينَ لهُ حقَّ تِلاوته.
مرحباً بكم في حلْقةٍ جديدةٍ من حلقاتِ برنامجكم اليومي [التّفسير المباشر]، هذا البرنامج الّذي يأتيكم يوميّاً من استديوهات قناة دليل الفضائيّة بمدينة الرّياض. اليوم سوف نتناولُ بإذن الله تعالى في حديثِنا الجزء التاسع من أجزاء القرآن الكريم.
وكما تعوَّدنا في بدايةِ كُلِّ حلقة أيُّها الإخوة المشاهدون أن أعرِضَ لكم أبرز الموضوعات الّتي اشتمل عليها الجزء الّذي سوف نناقشه. والجزء التّاسع من أجزاء القرآن الكريم يبدأ من الآية الثامنة والثمانين من سورة الأعراف، وينتهي بالآية الأربعين من سورة الأنفال، وقد اشتمل على:
– تفصيلِ قصةِ موسى عليه الصّلاةُ والسّلام مع فرعون وما فيها من العِبَر والعِظات.
– وعاقبةُ بني إسرائيل ونتيجةَ عِصْيانِهم وتمرُّدِهم.
– وخُتِمَت سورةُ الأعراف بالتوحيد، كما افتُتِحَت بالتوحيد.
– ثمّ بدأت سورة الأنفال بالحديث عن غنائم الحرب وكيفيّة تقسيمِها.
– وتفاصيلِ غزوةِ بدر.
– والأمر بالاستجابة لله ولرسولِهِ صلّى الله عليه وسلّم.
وقبل أن نبدأ أيُّها الإخوة في الحديث أُحِبُّ أن أُرَحِّبَ باسمكم جميعاً بأخي العزيز فضيلة الشيخ الدكتور: أحمد بن محمد البريدي، الأستاذ المساعد بجامعة القصيم، والمتخصّص بالدّراسات القرآنيّة، والمشرف على ملتقى أهل التفسير على شبكة الإنترنت. فحياك الله يا أبا خالد.
د:أحمد: الله يحيّيك يا شيخ عبد الرّحمن، مرحباً بك وبالإخوة المشاهدين، وبالأخوات المشاهدات.
د:عبد الرحمن: الله يحيّيك، وأسأل الله أن يتقبّل منك كما قَبِلْتَ هذه الدّعوة. قبل أن نبدأ يا أبا خالد أُريد أن أُذَكِّر الإخوة المشاهدين بأرقام الاتّصالات الّتي يمكنهم أن يتواصلوا عن طريقها، وهي تظهر أمامهم على الشّاشةِ تباعاً؛ كما أُذَكِّرهم أنهم يمكنهم أن يُرْسِلوا رسائل على هاتف الجوّال الّذي يظهَرُ أمامهم وهو أيْضاً (0532277111)، يمكن أيْضاً أن يُرْسِلوا أسئلتَهم على شكل رسائل نصيّة على هذا الهاتف.
الجزء التّاسع يا أبو خالد مليء الحقيقة بالآيات الّتي تستحقُّ أن يُوقَف معها، وقد ابتدأها بالحديث عن قصّةِ موسى عليه الصّلاةُ والسّلام بعد أن كان الحديث في الجزء الثّامن في آخره في سورة الأعراف عن الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام: نوح، وصالح، وهود، وشُعَيب عليهم الصّلاة والسّلام، ثمّ جاء تفصيلٌ لقصّةِ موسى عليه الصّلاةُ والسّلام. قبل أن ينتقل الحديث من سيرة شُعَيْب عليه الصّلاة والسّلام إلى سيرة موسى عليه الصّلاة والسّلام وردت آيات عظيمة يا أبو خالد في غاية القوّة ومليئة بالعظات منها قوله سبحانه وتعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96] أريد كمدخل للحلقة يا أبو خالد أن نتحدّث عن هذه الآية وما بعدها، حتى تأتينا بعض الاتِّصالات من بعض الإخوة المشاهدين.
د: أحمد: بسم اللهِ الرّحمن الرّحيم، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، وصلّى اللهُ وسلَّمَ وبارَكَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمَعين، فاللهمَّ عَلِّمنا ما ينفَعُنا وانْفَعْنا بِما عَلَّمْتَنا إنَّكَ أَنْتَ العَليمُ الحَكيم. كما تفضّلْت أخي المبارك؛ فإنَّ اللهَ عزّ وجلّ قد قصَّ قصصَ خمسةٍ من أنبيائه، وهم على التّوالي: نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشُعَيْب عليهم الصّلاةُ والسّلام، وما حلَّ بِأقوامِهم بعد تكذيبهم لرُسُلِهم، وستبدأُ قصَّةً موسى عليه السّلام، وهي قصَّةٌ طويلة، وهي في سورةِ الأعراف أطول قصّة لموسى عليه السّلام وهذه القصّة -كما تعلم ويعلم الإخوة المشاهدون- أنّها من أكثر قصصِ القرآنِ تكراراً، فمرَّةً تأتي طويلة، ومرَّةً تأتي قصيرة؛ وذلك لأنَّها تمثَّلَ فيها الصِّراع بين الحقِّ والباطل، وبالتّالي فقبل أن تبدأ هذه القصّة الطّويلة، فرُبَّما يذهب أو يغيب عن الذّهن السُّنَّة الإلهيّة، أتى هذا المقطع فاصلاً بين قصص الأنبياء الخمسة وبين قصّة موسى عليه السّلام؛ لبيانِ السُّنّة الإلهيّة الكَوْنِيّة الّتي أرادَها الله عزّ وجلّ لعِمارةِ هذه الأرض، فقال اللهُ سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ} [الأعراف:94]، وما أرسلنا؛ لأنَّ الله تبارك وتعالى قال: { َمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً } [الإسراء:15]، {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء} [الأعراف:94] البأساء هي: الأمراضُ في الأبدان، والضّراء هي: الفقرُ والحاجة، لماذا؟ هل هو انتقام منهم؟ هل هو تشفّي؟ لعلّهم يتضرعون، يرجعون ويعودون إلى اللهِ عزّ وجلّ بعد أن كذَّبوا رُسُلَهم، هل نفع معهم هذا؟ إذاً يحِلُّ بهم العذاب؟ كلاّ! تأتي الآية الأخرى؛ لِتُبَيِّن { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ} [الأعراف:95] ما نفع معهم البأساء، ولا الضّرّاء، إذاً لِنُعْطيهِم النِّعَم لعلَّهُم يَرْجِعون بدّلْنا مكان السيِّئة التي هي النّقمة والحالة السيِّئة إلى حالةٍ حسنة؛ حتى عَفَوْا، حتى كثُرَت أموالُهم وأوْلادهم {وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء} [الأعراف: 95] النّتيجة هل اتَّعَظوا؟ لا، هذه سنّة قالوا، آباؤنا مستهم البأساء والضّرّاء ثمّ أتاهم النِّعم. إذاً هؤلاء لا يُفيد فيهم.
د:عبد الرحمن: يعني ابْتُلوا بالضّراء فما أفاد، وابْتُلُوا بالنّعم فما نفع فيهم، ثمّ الجزاء قال: {فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} [الأعراف:95]
د: أحمد: انظر التّعبير بالفاء فجأة.
د:عبد الرحمن: دليل على سرعة انتقام الله سبحانه وتعالى.
د: أحمد: نعم، فجأة فأخذناهم بغتة بِلا مُقَدِّمات، حينما لم ينفع معهم لا البأساء ولا الضّرّاء أخَذْناهم بغتة. ثمّ بيَّن الله عزّ وجلّ كان الأوْلى بهم أن يُؤمِنوا ويَتَّقوا، والله عزّ وجلّ غَنِيٌّ عنهم سبحانه وتعالى، الله سبحانه وتعالى غنيٌّ عنهم ((يا عِبادي)) كما جاء في الحديث القُدْسي: ((لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كانوا عَلى أَتْقى قَلْبِ رَجُلٍ واحِدٍ مِنْكُمْ ما زادَ ذَلِكَ في مُلْكي شيْئاً))، وإنَّما أراد الله عزّ وجلّ لهم الخير؛ ولذلك قال: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96]، النّتيجة {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ {97} أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ {98} أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {99}}.
د:عبد الرحمن: الحقيقة يا دكتور أحمد عندما نتحدّث وتسمع مثل هذه الآيات الّتي تدلّ على الاستئصال العام للأُمَم المُكَذِّبة والأُمم العاصية والمُتَمَرِّدة، يحضر في ذهني بعض الكوارث الّتي رأيْت بعض مشاهدها في عصرِنا الحاضر مثل الغرق الّذي أصاب بعض الدّول الإسلاميّة اجتاح بعض، أو مثل الزّلازل الّتي ينام النّاس وهم في أمن وفي سَعة يصبحون ونصفهم تحت الأرض، تحت الأنقاض، فيتبادر إلى ذهني مثل هذه الآيات الّتي {فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً} وإلى شِدَّة انتقامِ اللهِ سبحانه وتعالى وشدّة سطوته سبحانه وتعالى إذا انتقمَ من العُصاة.
لدينا اتّصال يا أبو خالد قبل أن نُكمل حديثنا من الأخ سعود من السّعوديّة
سعود: السّلام عليكم.
د:عبد الرحمن: وعليكم السّلام ورحمة الله.
سعود: مسّاك الله بالخير
د:عبد الرحمن: وإيّاك.
سعود: لو سمحت أبغا أسأل عن ماشطة فرعون هل هي زوجة فرعون؟ وهل أولادها هم أولاد فرعون أو أولادها هي فقط؟
د:عبد الرحمن: خيراً إن شاء الله شكراً يا أخ سعود.
د: أحمد: نكمل فقط؛ ثمّ قال الله عزّ وجلّ: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا} أو لم يتبيَّن لهؤلاء الّذين أَتَواْ بَعدَ هؤلاءِ المُهْلَكين، الأرض معمورة، هؤلاء هَلَكوا وانتهَوْا، أتى بعدَهم أقوام، أوَلَمْ يَهْدِ لهم ويتبيَّن لهم أن لَو نشاء أصَبْناهم بذنوبهم؟ هؤلاء أي لماذا يتّعِظون الّذين سبقوهم؟ لماذا لا يعودون إلى الله عزّ وجلّ؟ لماذا لا يتّعظون؟ أيُريدون العِبرةَ بهم؟ إذاً لقد قصصنا عليهم أخبارَ أُمم كذبوا وما عادوا إلى الله عزّ وجلّ فأهلكناهم فقال الله عزّ وجلّ: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ {100} تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ} يا محمّد {مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ {101} وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ {102}} ثمّ بدأت قصّة موسى عليه السّلام.
د:عبد الرحمن: العجيب يا أبو خالد؛ حتى يتبيّن للإخوة المشاهدين أنّ سورة الأعراف سورة مكيّة، وهذه القصص نزلت على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو في أمسِّ الحاجة إلى ما يُثَبِّتُهُ عليه الصّلاة والسّلام ويُعَزّيه ويُقَوّي صبره على أذى هؤلاءِ المشركين الّذينَ يُكَذِّبونه أليس كذلك؟
د: أحمد: بلى.
د:عبد الرحمن: فجاءت قصص الأنبياء تتتابع؛ لِتُبَيِّن للنَبيِّ صلّى الله عليه وسلّم كيف ابْتُلِيَ الأنبياء وكيف كُذِّبوا ثمّ جاءت قصّةُ موسى الآن، وفيها – كما تفضّلت – بيان واضح للصِّراع بين الحقّ والبطل، وفيها أكبر عِبرة للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هذا الموقف بالذّات.
قبل أن نُجيب على سؤال الأخ سعود الّذي سأله، نريد أن نأخذ سؤال من الأخ أبو شيماء من السّعوديّة.
أبو شيماء: السّلام عليكم.
د:عبد الرحمن: عليكم السّلام ورحمة الله.
أبو شيماء: كيف حالكم؟
د:عبد الرحمن: يا مرحباً.
أبو شيماء: كل سنة وأنتم طيّبين.
د:عبد الرحمن: وأنت كذلك الله يحيّك.
أبو شيماء: يا شيخي العزيز عندي ملاحظة.
د:عبد الرحمن: تفضّل.
أبو شيماء: بالنسبة للكوارث والزلازل التي تحصل في العالم نلاحظ من بعض المتدَيِّنين ونحن منهم إن شاء الله على طاعةِ الله إذا وقعت كارثة مثلاً في بلاد الكفر يقول: هذه انتقامٌ من الله، فإذا وقعت في بلادنا نحن المسلمين لم يتحدث أحد عن الموضوع، فقط مجرد توجيه حول هذا الموضوع؟
د:عبد الرحمن: بارك الله فيك. هل ترى يا دكتور أحمد أن نأخذ أسئلة الإخوان أم تريد أن نتحدّث عن بعض الموضوعات الأساسيّة؟
نجيب عن أسئلة الإخوان؛ لأنّنا نُلام يا دكتور في بعض المقترحات في ملتقى التفسير حول البرنامج بعض مَن يقول لهم تُقَلّلون الاتّصالات حتى يُتاح للشيخ فرصة للحديث أو كذا وأنت كما تلاحظ نريد أن نجيب عن أسئلة الإخوة المشاهدين.
د: أحمد: لا بأس.
د:عبد الرحمن: الأخ سعود يسأل عن ماشطة بنت فرعون يقول: مَن هي ماشطة فرعون؟ ويقول يسأل سؤال عن أولادها ويقول: هل هم أولادها وأولاد فرعون ما فهمت الحقيقة.
د: أحمد: يعني كثيرٌ من الإخوة يهتمّون فيما أُبْهِمَ في القرآن، والواقع أنَّ المبهمات في القرآن تنقسم إلى قسمين:
- مُبْهَمٌ بُيِّنَ في كتابِ اللهِ عزّ وجلّ وسنَّةِ رسولِهِ صلّى الله عليه وسلّم؛ فهذا نُبَيِّنُه ونُعَيِّنُه كما بيَّنَه الله وبيَّنه رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
- أمّا المبهمات الّتي أهملها القرآن وتركها، كما ذكر السائل ماشطة فرعون أو غيرها، أصلاً هي لا تحمل ذات قيمة كبيرة جدّاً يعني ليست ذات قيمة مثلاً في القصّة حتى لا بدّ أن نُبَيِّنها ونعرف مَن هي؟
القصص القرآني أُريد بها العبرة والعِظة دون الدّخول في تفاصيلِها. لكن لو ثبت ذلك إمّا في كتابِ اللهِ عزّ وجلّ أو سنّة رسولِهِ صلّى الله عليه وسلّم فإنّنا نُبَيِّنُهُ ونُعَيِّنه.
أولاد فرعون ماذا يعني؟
د:عبد الرحمن: أنا ما أعرف أنّ له أولاد أنا؟
د: أحمد:يعني هل له أولاد؟ أو شيء؟.
د:عبد الرحمن: لعلّه هو السّؤال يعني كما تفضّلت في – كما ذكرت – المبهمات، المبهمات هي الأشخاص الّذينَ ذُكِروا في القرآن الكريم ولم يُبَيَّن أعيانهم مثل: {وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} [القصص:20]، ربّما بعض الشاهدين عندما يسمع كلمة مبهمات يقول: ويش معنى مبهمات؟
د: أحمد: يعني أشخاص أو مثلاً أوصاف أو ما هي البقرة؟ أو ما هو الجزء الّذي ضُرِبَ به القتيل؟
د:عبد الرحمن: هل هو رجله فخذه، نعم نعم. أحسنت جزاك الله خيراً. والعجيب حتى يعني يطمن أنّ الأخ سعود يكون سؤاله ما هو مرة مرة بعيد أنّ ابن عبّاس رضي الله عنه تذكر كان يتلمّس مَن هم الزّوجتان الّلتان تظاهرتا على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؟ فيقول: “ما زِلْتُ أتَطَلَّب مَن هما هاتان المرأتان حتى وجدتُ لي فرصة أن أسأل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقلت: مَن هما؟ فقال: عائشة وحفصة ” فالصحابة كانوا يتتبّعون مثل هذه، لكن الأصل كما تفضّلت هو عدم تتبُّع المبهمات؛ لأنّه ليس هناك منها فائدة.
د: أحمد: أنا أقصد تتبُّع المبهمات ليس يعني أمراً مُنكَراً، السّلف رحمهم الله كانوا يبحثون وتلقّوا هذا عن أهل الكتاب. الّذي أقصدُهُ أنَّ مثل هذه الأشياء غالِبُها مُتَلَقّى من أهلِ الكتاب من قَبيلِ الإسرائيِلِيّات الّتي لا تُصَدَّق ولا تُكَذَّب.
د:عبد الرحمن: جزاك الله خيراً. الأخ أبو شيماء ينبِّه تنبيهاً يا دكتور أحمد عن قضيّة الكوارث والزّلازل الّتي تُصيب العالم اليوم فيقول: بعضنا بعض الدُّعاة وبعض الوُعّاظ رُبّما إذا وقعت كارثة مثلاً في أمريكا أو في بلادِ غيرِ المسلمين يقول: هذه انتقامٌ من الله، فإذا وقعت في بلادنا نحن المسلمين سكتنا، فيقول: لو يكون هناك تنبيه حول هذا الموضوع؟
د: أحمد: ولماذا نسكت؟؟!!!
د:عبد الرحمن: هو يتساءل يقول: أنّ بعض المشايخ يسكت عن هذا.
د: أحمد: قصده يعني أنّه ليس انتقاماً؟
لا أظنّ أنّه يدور في ذهن مَن سكت أنّ هذا ليس انتقاماً، أو ليس تخويفاً وإنذاراً، فإنّ اللهَ عزّ وجلّ كما يُعاقبُ الكافرُ يُعاقبُ المؤمن، سواءً بالمصائب أو بالزّلازل أو غيرِ ذلك؛ ولذلك وقوع هذه ينبغي أن يكون إنذار لنا سواءً إذا وقع في بلادِ المسلمين أو بلاد الكافرين، فإن كان في بلادِ المسلمين فلْنَتَّعِظ نحن، وإن كان في بلادِ الكافرين فنحمَدِ اللهَ عزّ وجلّ على أن جعل العِظة في غيْرِنا.
د:عبد الرحمن: الله أكبر! جزاك الله خيراً. عندنا اتّصال من الأخت أمّ عبد الله من السّعوديّة، تفضّلي يا أمّ عبد الله:
أمّ عبد الله: السّلام عليكم ورحمة الله .
د:عبد الرحمن: وعليكم السّلام ورحمة الله.
أم عبد الله: جزاكم الله خير عندي ثلاث أسئلة.
د:عبد الرحمن: تفضلي.
أم عبد الله: السؤال الأول: بالنسبة للكلام الذي ذكرتموه سابقاً ليتكم تنبهون إلى قضية الغلاء التي انتشرت وأن الإيمان والتقوى من أصول البركات
السؤال الثاني: الآية الرابعة والعشرون (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ (24) الأنفال) ليتكم توضحون معنى هذه الآية
السؤال الثالث: الآية في بداية سورة الأنفال ذكر الله صفات المؤمنين وقال (أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)) وفي آخر سورة الأنفال ذكر الله المهاجرين والأنصار وقال أيضاً (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)) وذكر جزاءهم فهل هناك رابط بين الآيتين؟
د:عبد الرحمن: الحقيقة نشكر الأخت أم عبد الله أسئلتُها دائماً في الجزء المحدّد، ونحن نُنَبِّه دائماً في كلّ حلْقة أن تكون الأسئلة في الجزء الّذي سنتناولهُ حتى ينضبط البرنامج كما تفضّلت.
الأخت أم عبد الله تسأل فيما كنّا نتحدّث عنه يا أبو خالد {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ} تقول: لو ينبّه النّاس إلى قضيّة الغلاء الّذي يعيشه النّاس اليوم، وعلاقتها بمثل هذه الآية؟
د: أحمد: ما دام أمّ عبد الله سألت ثلاث أسئلة أنا أحبّ أنَبِّه إلى قضيّة يا شيخ عبد الرّحمن وهي: أنّ مثل هذه الجَلَسة هي جلسة حواريّة، أنت يا شيخ عبد الرّحمن لستَ مُجَرَّد مذيع، أنت مشارك – جزاك الله خيراً – في قضيّة الإجابة فلعلّ أتقاسم أنا وإيّاك هذه الأسئلة في الإجابة عليها. أنا أُجيب عن هذا السُّؤال وتجيب إن شاء الله تعالى أنت على بقيّتها.
د:عبد الرحمن: طيّب، جزاك الله خير.
د: أحمد: ويصحّ أن يُقال ليس المسؤول أعلم من السّائل.
د:عبد الرحمن: طبعاً يا دكتور أحمد البرنامج – كما تُلاحظ – النّاس ألِفوني أنّي أنا المقدّم فربّما إذا تدخّلت في الجواب يقولون: “هذا ملقوف”.
د: أحمد: حاشاك الله يبارك فيك. لا هو لمّا يكون هناك يعني: أنا أُجيب وأنت تُجيب يكون أنفع للسادة المشاهدين، بل أتوقّع أنّ بعض المشاهدين يريدوا رأيَك على وجه الخصوص أحياناً.
د:عبد الرحمن: الله يجزيك خير تفضل الله يحيك.
د: أحمد: لا شكّ التّعبير القرآني دقيق جدّاً؛ ولذلك قال: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء} ما قال: أنزلنا أو أنبتنا؛ لأنّ البركة هي تحلّ ولو كان في الشيء القليل نفع الله عزّ وجلّ به، أحياناً ينزل المطر على أرض لا تُفيد فيها المطر فهنا منزوعة البركة، أو ينبت نبات لا يستفيد منه يعني لا يستفيد لا يُأكَل مثلاً أو لا يُسْتَفاد منه في أشياء أخرى؛ ولذلك التعبير القرآني (بركاتٍ من السّماءِ والأرض)، ولا شكّ أنّ ما نشاهده من الغلاء هو ابتلاء من الله تبارك وتعالى لهذه الأُمّة، ونسألُ اللهَ عزّ وجلّ أن يُرخِص أسعار المسلمين فإنَّ المسلمين اليوم بحاجة ماسّة جدّاً إلى الرّحمة بهم والرّفق بهم من هؤلاء التُّجّار أو غيرِها إن كانوا ينسبون هذا الغلاء دولي ليس لنا دخل به، لكنّنا نتعاون جميعاً التّجار يحملون همّ تنزيل هذه الأسعار مثلاً وإرخاصها وتكون مُتناوَل لأيدي النّاس؛ كما أنّ النّاس يرعوون ويعودون إلى الله تبارك وتعالى ويرجعون إليه.
د:عبد الرحمن: نحن الحقيقة نهتمّ به يا دكتور أحمد ونحن في أمسّ الحاجة إليه خاصّة مع الغلاء والنّاس أصبح همُّها المعيشة، وأصبح همُّها في يومِها وفي ليلتِها هو توفير يعني بعض النّاس لا يستطيع أن يوفِّرَ الأشياء الأساسيّة لغلاء الأسعار كما تفضّلت. ولو نُبِّهَ النّاس إلى قضيّة المعاصي والذّنوب وأنّها هي السّبب الرّئيسي سبحان الله العظيم في مثل هذه الابتلاءات مثل وغلاء الأسعار ومثل القحط الّذي تعيشه بلادنا ونحو ذلك.
د: أحمد: لمّا ذكرتَ الذّنوب ذكَّرَني بقول الله عزّ وجلّ في هذا الجزْء {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون} [الأعراف:33] يقول ابن عبّاس حبرُ الُأمّة وتَرْجُمان القرآن: “كان فيهم أمانان: النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، والاستغفار، فَقُبِضَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم” فذهب الأوّل وبقي الثّاني، قُبِضَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وبقي الاستغفار، فأنا أنصح نفسي وأنصح الإخوة في ظلّ هذه الأسباب أن يستغفر من الذّنوب، وأن نُكْثِر من الاستغفار، الاستغفار لله عزّ وجلّ؛ لأنّ غلاء الأسعار عذاب.
د:عبد الرحمن: تسأل سؤالاً آخر في الآية الرابعة والعشرين من سورة الأنفال وهي قوله سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال:24] تقول: ما معنى يحول بين المرءِ وقلبِه؟
د: أحمد: يعني يحول بينه وبين الهداية فلا يهتدي، يعني كثيرٌ من النّاس يا إخوان الآن مثلاً نضرب مثالاً في واقعنا المعاصر: كم يحضر الجمعة؟
د:عبد الرحمن: كثير
د: أحمد: مَن الّذي يستفيد؟
د:عبد الرحمن: قِلّة!
د: أحمد: هذا مثال لمَن حال الله عز وجل بينه، كان ينبّه على معاصي هو مرتكبها ومع ذلك سمعها من هنا وخرجت من هنا وما استفاد، هذا معنى.
د:عبد الرحمن: أيْضاً إذا أذِنْت لي يا أبو خالد بإشارة حول هذه الآية في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} ثُمَّ عقَّب فقال {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} كأنّه يُفْهَم والله أعلم يا دكتور أحمد: أنَّ الّذين لا يستجيبون لله ولا للرّسول صلّى الله عليه وسلّم قد يُبْتَلَوْن بأن يُحال بينهم وبين التوبة وبين الاستجابة، فيقعوا كما قال الله سبحانه وتعالى مع هذا الكِبْر والإعراض عن الاستجابة لله والرَّسول فيما قال الله {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: 146] ولذلك كما قال الله سبحانه وتعالى في آيةٍ أخرى قال: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ} [سبأ:54] فأحياناً الواحد منّا يا دكتور أحمد يعني مع كثرة إعراضه يعرف أنّ هذا من السّنّة ويعرض عنه، يعرف أنّ هذا واجب ويتركه، يعرف أنّ الصّلاة واجبة ويتهاون فيها، يعرف أنّ الصّيام واجب ويتهاون فيه، يعرف أنّ قيام اللّيل سنّة ويتركُها، يعرف أنّ الحجّ واجب ويُؤخِّرُهُ حتى يبلغ عمره السّتين أو السّبعين بحجّة أنّه مشغول أو مسافر أو كذا، أنا أتصوّر أنّ هذا هو إعراض عن الاستجابة لله وللرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فقد يُبْتَلى – والعياذ بالله – بأن يحول الله بينه وبين قلبه فلا يستطيع أن يتوب. وأنا أُلاحظ يا دكتور أحمد الآن هناك أُناس أثرياء جدّاً يملك المليارات، ولكنّه والعياذ بالله لا يُوَفَّق لعمل الخير، فتجد أنّ كلّ استثماراته وأعماله كلّها في المعاصي والذّنوب، وأنا أقول والله أعلم أنّ هذا من العقوبات الّتي يُعاقب الله بها بعض النّاس بأن يحول بينها وبين الخير، ويحول بينها وبين البِرّ، ويحول بينه وبين الطّاعة؛ جزاءً لاستكباره وعُتُوِّه عن الاستجابة لأمرِ ورسوله، ولعل هذا من أسرار أمر الاستجابة لله سبحانه وتعالى ثمّ جاء بعدها {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
د: أحمد: نعم هذا صحيح، يعني مثلاً المُهتدي الّذي يرى أو النّاصح، أو الآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر يأمر الإنسان ويذكّره ويوخوّفه بالآية وأظنّ أنّه الآن مباشرة سيستجيب فلا يجد هذا يستمع ولا يستفيد، فهذا الّذي وقر في قلبه الإيمان، وأحسّ بقيمة هذه الآيات العظيمة، وهذه الأشياء، يستغرب كيف هذا ما يستجيب وأنا أنبّهه وأعطيه الأدلّة والتّرغيب والتّرهيب والجنّة والنّار ومع ذلك ما يستجيب، هذا هو الّذي أحال الله عزّ وجلّ بينه وبين قلبه، وهذا الرّجل الّذي لا يشعر بهذا هي المصيبة أنّه لا يشعر بهذه القضيّة.
د:عبد الرحمن: سبحان الله العظيم! معنا الأخ أحمد من السعودية تفضل يا أخ أحمد حيّاك الله
أحمد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د:عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أحمد: حفظك الله يا شيخ أسأل عن {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} [الأنفال:1] الآن نرى كثرة الخصومات بين الناس، لعلّ الشيخ يتطرّق إلى قضية الخصومات بين المسلمين وكيف تعالجها هذه الآية الله يحفظك.
د:عبد الرحمن: جزاك الله خيراً.
هناك يا دكتور أحمد سؤال سألته الأخت أمّ عبد الله في سورة الأنفال، لكن الحقيقة أنا عندي سؤال قبل سؤال أم عبد الله يتعلّق بسورة الأعراف.
في سورة الأعراف آية مشهورة في كتب التفسير يقولون: (هذه أشدُّ آيةٍ على العلماء) بعض النّاس يسألون عنها يقولون: لماذا سُمِّيَت أشدّ آية على العلماء؟ أولاً نريد أن نعرف ما هي هذه الآية؟ وتعليقك حول هذه الآية.
د: أحمد: الآية هي قول الله تبارك وتعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ {175} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} والّذي سمّى هذه الآية: (أشدّ آية على العلماء) هو عطاء رضي الله تعالى عنه من التّابعين؛ نتيجة ما حذّر الله عزّ وجلّ وبيّن في هذه الآية لمثال مَن نقض العهد في قول لله تبارك وتعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف:172] أتى بعد هذه الآيات {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا} كمثال لمَن نقض العهد، هذا الرّجل أعطاه الله عزّ وجلّ آيات فانسلخ منها واتّبع الشيطان فكان من الغاوين ولو شاء لرفعه الله عزّ وجلّ بهذه الآيات، لكنّه ماذا؟ أخلَدَ إلى الأرض واتّبع هواه فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث، أشدّ مثال شُبِّهَ به مَن أخذ آيات الله، كثير من النّاس يحمل القرآن ومعه العلم، لكنّه أعرض عن الله تبارك وتعالى ولم يستجب لله عزّ وجلّ ولم يستجب لرسوله صلّى الله عليه وسلّم، قال الله عزّ وجلّ فشبّهه بأخسِّ الحيوانات {إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} هذا الرّجل إنَّما ترك الآيات من أجل الدّنيا، واتِّباعِ الهوى {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {176}
د:عبد الرحمن: إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث يا أبو خالد ما معناها؟ الكلب.
د: أحمد: يعني أنّه لا يفيد فيه، سواءً تعظه أو لا تعظه، هذا الرّجل هو يحمل الآيات هو معه حجج الله عزّ وجلّ وقد أخطأ مَن أخطأ من قال أنّ معه النُّبوّة، الصحيح أنّه ليس معه النّبوّة هو أثر رُوِيَ عن مُجاهد رضي الله تعالى عنه، وهذا الأثر لا يصحّ عن مجاهد رضي الله تعالى عنه لأنّ مَنْ أُعْطِيَ النُّبُوَّةَ فقد عُصِم، وهذا رجُلٌ قد ضلّ، وهو من قوم موسى عليه السّلام يُقال له بلعام بن باعوراء بعض المفسّرين سمّاه (بلعام بن باعوراء) ومن المفسرين مَن قال: أنّهُ “أُمَيّة بن الصّلْت” الّذي كان في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهذا مَن قال بهذا القول يقصد أنّه داخل في حكم هذه الآية، ولس المراد بهذه الآية.
د:عبد الرحمن: عندنا اتّصال يا أبو خالد ثم نواصل الحديث في الآية. الأخ أبو مصعب من السّعوديّة تفضّل يا أبو مصعب
أبو مصعب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د:عبد الرحمن: وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
أبو مصعب: شكر الله لكم سعيكم وبارك الله فيكم وبقناتكم وبما تُقَدِّمون.
د:عبد الرحمن: اللهم آمين جزاك الله خير.
أبو مصعب: يا شيخ دعني أسألك عن ما أسمع في الدّعاء المأثور “اللهمَّ إنّي أسألُكَ النّظر إلى وجهِك الكريم، والشوق إلى لقائك في غيرِ ضرّاء مُضِرّة ولا فتنةٍ مُضِلّة” لماذا هذا الدّعاء يقترن بالاستعاذة من الفتن والضّراء؟ ثمّ بعد ذلك يا شيخ أرجو أن تكون قناتكم هي أوّل قناة تتبنى أحياناً يذاع على القنوات شاهدوا هذا البرنامج أو تابعوا كذا على هذا الرقم ويضعونه مكتوباً وهناك الكثير يتابع القناة وهو لا يعرف الرقم وهناك الأمي أتمنى أن يعلن الرقم بالصوت فيتمكن من المتابعة.
د:عبد الرحمن: أبشر الله يحيك يا أبو مصعب يا مرحبا. معنا أبو أحمد من السّعوديّة تفضّل يا أبو أحمد.
أبو أحمد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د:عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أبو أحمد: كيف حالكم شيخ عبد الرّحمن؟
د:عبد الرحمن: الله يحيّك، يا مرحباً بك.
أبو أحمد: حيّا الله ضيفك الكريم. عند استفسارات لكن قبل هذا عندي توجيه للإخوة المشاهدين هذا البرنامج يعتبر فرصة الإنسان يقرأ الجزء المحدد ثم بعد البرنامج يقرأ الجزء العاشر ثم يحدد بعض الاشكالات
(انقطع الاتصال)
د:عبد الرحمن: الأخ نايف من السعودية تفضل يا أخ نايف.
نايف: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د:عبد الرحمن: وعليكم السلام حياكم الله أخ نايف.
نايف: تحية طيبة دكتور عبد الرحمن ولضيفك الكريم. ليس عندي سؤال وإنما أريد من الشيخ أن يحدثنا عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وطريقته في التفسير أو أسلوبه في التفسير أو شيء من ميزات الشيخ رحمه الله كتب الشيخ بالتفسير لأن الشيخ أحمد له عناية بجهود الشيخ فلو يتحفنا بها جزاه الله خيراً.
د:عبد الرحمن: أبشِر، شكراً يا أخ نايف الله يحييك.
نعود يا دكتور أحمد إلى الآية الّتي هي أشدّ آيةً على العماء في الحقيقة أنّ الإنسان يسألُ الله سبحانه وتعالى أن يلطُفَ بِنا وبِإخواننا المشاهدين من هذا المَثَل الّذي ضربَهُ الله للعالِم الّذي أعطاه العلم ثمّ نكث واشترى الحياة الدّنيا وباع الآخرة بثمنٍ قليل، فشبّهه الله بهذا المَثَل مثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، الّذي أفهمه يا دكتور أحمد من {إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} معناه تطرده، الكلب سواءً لحقته أو طردته فهو يلهث وإذا تركته فهو يلهث أيضاً فهذا معنى إن تحمل عليه فبعضهم يقول: هل تحمل عليه؟ تحمل عليه تضع فوقه الأثقال وتحمل عليه والكلب ليس بالعادة معدّاً للحمل.
د: أحمد: هذا معناه من جهة الكلب أمّا من جهة المُشَبَّه الّذي هو هذا الرّجل، فمعناه إنّك إن تَعِظُهُ لا ينتفع وإن تتركه أبداً لا ينتفع يعني سواءً وعظته أو لم تعظه لن ينتفع؛ لأنّ الله عزّ وجلّ قد أعطاه الآيات وتركها، ولذلك قال القرطبيُّ رحمه الله: “هذا مثالٌ لِمَن أوتِيَ القرآن فلم يعمل به” كثيرٌ من النّاس يقرؤون القرآن، والقرآن يأمرهم وينهاهم ومع ذلك لا يعملون به.
د:عبد الرحمن: اتصال الأخ أبو أحمد رجع إلينا خلنا نأخذ اتّصاله ثم نعود. تفضل يا أبو أحمد حياك الله
أبو أحمد: السلام عليكم.
د:عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.
أبو أحمد: عذراً يا شيخ انقطع الخط.
د:عبد الرحمن: تفضل الله يحيّك
أبو أحمد: ميزة في البرنامج هذا ما هو مثل برامج المسابقات. أقول يا شيخ هناك نصيحة للإخوة المشاهدين أن البرنامج هذا فرصة للمشاهد الكريم بأن يحَضِّر الجزء ويقرؤه، ثم يكتب ما يستشكل عليه ويسأله في اليوم التالي فمثلاً اليوم يقرأ الجزء العاشر يكتب ما استشكل.
د:عبد الرحمن: جميل جزاك الله خيراً، وهذا اقتراحٌ طيب.
أبو أحمد: أمّا السّؤال ففي قوله سبحانه وتعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] ابن القيم عليه رحمة الله يذكر أن هذه الآية من باب السياسة الشرعية وتكلّم فيها كلاماً كثيراً ، هل نطبق هذه السياسة وهذه الآية على ما مرّ من قصص في هذه السّورة وخاصة قصة موسى التي طال ذكرها في هذه السورة؟
السؤال الثاني يا شيخ: في العلاقة الرابطة بين قصة موسى عليه السّلام في سورة الأعراف فتأتي غزوة بدر بعد سورة الأعراف فما الرابط؟
سؤال أيْضاً ثالث يا شيخ في قوله تعالى: {وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال:5] الكره هنا هل هو حقيقة الكره يعني أنّهم كانوا كارهين أن يخرجوا من المعركة والقتال أو حصول المشقة في هذه العبادة وهذه الشعيرة وهل نأخذ منه جواز أن يتمنى الإنسان أن لا يكون هناك مشقة في عبادة معينة؟
د:عبد الرحمن: بارك الله فيك شكراً يا أبو أحمد حيّاك الله وبارك فيك .
كنّا يا دكتور نتحدّث عن الآية وهي الّتي تفضّلتَ بذِكْرِها وهي تنبيه رائع جدّاً منك يا دكتور أحمد والآية الّتي هي أشدُّ آيةً على العلماء أرجو من الإخوة المشاهدين ينتبهون لهذه الآية ويُراجعونها، وأسأل اللهَ أن يكْفِيَنا ما فيها من الوعيد وما فيها من المثال الّذي هو أشدّ الأمثلة – كما تفضّلت يا شيخ – ضرب الله بها بأخسِّ المخلوقات.
معنا الأخ عبد الله من السعوديّة تفضّل يا أخ عبد الله
عبد الله: السلام عليكم ورحمة الله.
د:عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.
عبد الله: كيف حالك يا شيخ؟
د:عبد الرحمن: الله يحيك.
عبد الله: في الجزء الفائت في سورة الاعراف (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)) ما دلالة التعبير بالفعل المضارع (سينالهم)؟
د:عبد الرحمن: سؤال دقيق وجيّد شكراً لك الله يحيّيك يا مرحبا.
نعود يا دكتور أحمد إلى سؤال الأخت أم عبد الله السّؤال الثالث سألت سؤالاً نبّهت في الحقيقة إلى مطلع سورة الأنفال. مطلع سورة الأنفال يقول الله سبحانه وتعالى فيه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {2} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} نفس التّعقيب ذكره الله سبحانه وتعالى في آخر السورة فقال في آخر السورة {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال:74] فتقول: ما وجه الربط بين ذكر هذا في أوّل السّورة وفي آخره؟ وكأنّها تُنَبِّه على المناسبات بين أوائل السّور وخواتيمها.
د: أحمد: يعني غالباً أن يكونَ هناك مناسبة بين فاتحة السّورةِ وخاتمتها، فهنا في بداية السّورة أثنى الله عزّ وجلّ على صفات من صفات المؤمنين، وفي نهايتها كذلك أثنى على صفات من صفاتهم، صفات أخرى ثمّ ختمها بقوله: {أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} أي صدقاً، في الأوّل {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} وهنا {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ} فكلُّها من صفاتِ المؤمنينَ حقّاً.
د:عبد الرحمن: جميل .
يسأل الأخ أحمد من السعوديّة عن قوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} الأخ أحمد يعرف سبب النّزول أنّها نزلت في غزوة بدر، وأنّها عندما اختصم الصّحابة رضي الله عنهم في الأنفال وفي الغنائم، فيقول الأخ أحمد ليتكم تُنَبِّهوني عن مناسبة هذه الآية إلى كثرةِ الخصومات الموجودة الآن بين المسلمين وكيف أن تُعالجها مثل هذه الآيات؟
د: أحمد: يعني: كما قال الله عزّ وجلّ في آيةٍ أخرى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] والصلح بعد الخِصام مطلَب مهم، ورمضان فرصة كبيرة جدّاً للمتخاصمين، وحقيقيةً كثيرٌ من الأسئلة تأتي الأسئلة الخاصّة تسأل وتقول: يعني نحن خاصمنا فلاناً وفلاناً وفي بداية هذا الشهر نريد أن نتصالح ونعيد الأُمور لمجاريها فيها تفكير جيّد، ولعلّ هذا التّفكير لا ينحصر في رمضان يعني أنّه رمضان لا شكّ أنّه فرصة للخيرات وكذلك سائر القربات، لكن الصُّلح مطلب في رمضان وفي غيره.
د:عبد الرحمن: وكأنّه والله أعلم يا دكتور أحمد أنَّ الله سبحانه وتعالى ينهى عن الخصومة في هذا الموضع بعد هذا النّصر الّذي حقَّقَه المسلمون ونصرهم الله على عدوّهم، ثمّ يأتي الخصام على الأنفال، يشير والله أعلم إلى أنّ غالب الخصومات لا تكون إلاّ على الدّنيا ومتاع الدّنيا، تُلاحظ هذا؟ بالرّغم من أنّ الصّحابة رضي الله عنهم على جلالتهم وأهل بدر لهم مكانة خاصّة في الإسلام أليس كذلك؟
د: أحمد: بلى.
د:عبد الرحمن: فحتى أصبح بعد بدر يقولون: شهِد بدراً، يعني من مميِّزات هذا الصّحابي أنّه شهِدَ بدراً.
د: أحمد: والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال “قال الله عزّ وجلّ اعملوا آلَ بدرٍ فقد غفَرْتُ لكم” .
د:عبد الرحمن: لعلّه الله اطّلع على قلوب أهل بدر فقال: “اعملوا ما شئتُم فقد غفرتُ لكم” وبالرّغم من ذلك على فضل هذه الصّفوة وقعت الخصومة بينهم في متاع الدنيا، فهذا من جهة هو عزاء لمَن يقع في الخصومة أنّه قد وقع ممَّن هم أفضل منّا مثل هذا، لكن هو أيْضاً توجيه من جهة أنّه الصّلح كما قال الله {وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} حتى يقول المُفَسِّرون أنّ هذا التّعبير مما انفرد به القرآن ما كانت تعرفه العرب قبل ذلك. (صلح ذات البَيْن) يقولون هذه من بلاغات القرآن الّتي انفرد بها كما قال ابن عاشور له كلام جميل في تفسيره عن هذه الآية وأمثالها.
لدينا سؤال يا دكتور أحمد عن كتابيْن من كتب التّفسير المُتَداوَلة وردنا هذا السُّؤال عن طريق الجوّال يقول: ما رأيُكم في كتاب صفوة التّفاسير ودرّة التفاسير لفضيلة الشيخ محمّد بن علي الصّابوني؟ وهذان التّفسيران موجودان ومطبوعان، ما رأيك يا دكتور أحمد بهذين التفسيرين؟
د: أحمد: لعلّك تتولّى الإجابة أنت سبق أنّك قمت بسرد لكتب التّفسير جزاك الله خيراً في برنامج خاص فلعلّك تجيبه أنت.
د:عبد الرحمن: والله أنا أجيب بأنّ كتاب صفوة التّفاسير ودرّة التّفاسير من الكتب الّتي جمعها الشيخ محمّد علي الصّابوني من عِدّة كتب من كتب التّفسير والحقيقة أنّه أجاد في جمعِها وترتيبها وتبويبِها، والكتاب نافع جدّاً، لولا ما فيه من التأويلات في باب العقيدة، فأنا أقول للّذي يقرأ أوَّلاً يجب أن تكون طالب علم تُفَرِّق وتعرف منهج السَّلَف الصّحيح في آيات الصِّفات على وجه الخصوص، وفي بعض الآيات الّتي وقع الخلافُ فيها، خاصَّةً من النّاحية العَقَديّة، إذا عرفتَها تجنّب المواضع الّتي وقع فيها الشيخ في هذا الموضع وأمّا ما سِوى ذلك فهو كتابٌ نافع أجاد فيه الشيخ حفظه الله.
الأخ أبو مصعب يا دكتور أحمد يسأل في قوله تعالى في دعاء بعض النّاس، وإن كان هذا السؤال ما أدري لعلّه أخذه من أواخر سورة المائدة أو سورة الأعراف الّتي معنا (لعلّهم يضَّرَعون) أو كذا فيقول: أنَّ الدُّعاء الآن يعرف الّذي يدعو في الصّلاة يقول: “اللهمَّ إنّي أسْأَلُكَ الشَّوْقَ إلى لِقائك والنّظرَ إلى وجهِكَ الكريم في غيرِ ضرّاء مُضِرَّة وَلا فِتْنَةٍ مُضِلَّة” يقول: لماذا يعني نُذَيِّل الدّعاء بمثل هذه؟
د: أحمد: يعني كأنّه يقول أقول أنّ الله عزّ وجلّ يعني الدّاعي يقول أنّي أشتاق إلى لقائك ليس من بلاءٍ بي ولا من فتنةٍ وقعت لي، وإنَّما شوقاً إلى لقائك، فليس المقصود أنّي أنا مريض وتعبان وفقط أريد أن أتمنّى الموت ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم “لا يتمينَّ أحدكم الموت لضُرٍّ نزل به”، وإنَّما كُلُّ هذا شوقاً إلى لقائك.
د:عبد الرحمن: الله أكبر جميل أسأل الله أن يكتب أجرك. معنا الأخ طلال من الكويت، تفضّل يا أخ طلال حيّاك الله
طلال: السّلام عليكم
د:عبد الرحمن: وعليك السّلام ورحمة الله.
طلال: كيف الحال يا شيخ؟
د:عبد الرحمن: الله يحيِّيك.
طلال: طيِّبين إن شاء الله؟
د:عبد الرحمن: يا مرحباً بك.
طلال: شيخنا بارك الله فيك عندي سؤالين:
د:عبد الرحمن: تفضّل.
طلال: هل يُسْتَنبَط أنّ الله حينما بعث الطوفان والجراد والطّوفان والقُمَّل والضّفادع، هل تُعتبر هذه معجزة من معجزات موسى عليه الصّلاة والسّلام كما هي معجزة العصا واليد، هل هؤلاء يعتبرون من معجزاتِ موسى؟
د:عبد الرحمن: جيّد.
طلال: سؤال ثاني بارك الله فيك: مَن هو السّامِريّ الّذي ذكر الله اسمه في سورة الأعراف؟ شكراً لكم.
د:عبد الرحمن: بارك الله فيك. أستأذنك يا أبو خالد، وأستأذن الإخوة المشاهدين بفاصل نعرِّف فيه بكتاب من الكتب، ثم نعود إليكم فابقوْا معنا.
************************
…….الفاصل: تعريف بكتاب…….
“النَّبَأُ العظيم” نظراتٌ جديدةٌ في القرآن.
مُؤلِّفُ هذا الكتاب هو: العلاّمةُ الدّكتور محمَّد عبد الله دراز رحمه الله المتوَفّى عام ألفٍ وثلاثِ مئةٍ وثمانيَةٍ وسبعينَ للهجرة.
هذا الكتاب من أفضلِ الكتب الّتي كُتِبَت في عصرِنا الحاضر في إعجاز القرآن الكريم ممّا يُبَصِّرُ المُسلِمَ ويذَكِّرُهُ في خِضَمِّ سَعْيِهِ وَانْشِغالِهِ بالدُّنيا بحقيقةِ القرآن الكريم، فهو يلفتُ نظرك إلى نواحٍ عِدَّة قد تغيبُ عنك شعوراً وإحساسًا وإن لم تَغِبْ عَن قلبِكَ تصديقاً وإيماناً. ويُذَكِّرُكَ بأمورٍ يحتاجُ المسلمُ إلى استحضارِها كي يبقى قلبُهُ مُعَلَّقاً دوماً بالقرآنِ الكريم.
ويتميَّزُ هذا الكتاب بعِدَّةِ مميِّزات:
- أسلوبٌ علميٌّ رصين، ومَنْهَجٌ مُرَتَّبُ الأفكار بخطواتٍ مُتَّئدَّةٍ متَصاعِدة.
- سلاسة العبارة وجوْدَةُ البيان.
- توَسُّطُ حجمُ الكتاب حيثُ لا يمَلُّهُ القارِئُ لطوله.
- مخاطبةُ أبناءِ هذا الجيل بِأُسلوبٍ يُناسِبُهم.
- الاهتمامُ بالوَحدةِ الموضوعِيّة للسُّوَرِ القرآنيّة، والإثباتُ بالحُجَّةِ والبُرْهان أن السّورةَ الواحِدَةَ من القرآن إنَّما هي كالبناء المتماسك لا يمكن أن تُنْزَعَ منهُ لبِنَةً واحدة دون أن يتداعى ويفسُدَ نظامه.
- وقد تحدَّثَ عن تعريف القرآنِ ومصدره، ونفى أن يكونَ من كلامِ محمَّدٍ صلّى الله عليه وسلّم؛ كما يزعُمُ أعداءُ الإسلام.
- ثمّ تحدَّثَ عن بعضِ جوانبِ الإعجازِ في القرآن.
- ثمّ ختم كتابَهُ بالحديثِ عن سورةِ البقرة وموضوعِها، وهو من أجوَدِ موضوعاتِ الكتابِ وأعمَقِها.
- وقد صدر الكتابُ عِدَّةَ إصداراتٍ من أجوَدِها: طبعةُ دار طَيْبَة بالرِّياض عام ألفٍ وأربعةِ مِئةٍ وسبعةٍ عشر للهجرة بتحقيق عبد الحميد الدّخاخيني.
- وهو كتابٌ قيِّمٌ جدّاً يُنْصَحُ بِقراءته عِدَّة مرّات للانتفاعِ به.
*********************************
د:عبد الرحمن: مرحباً بكم أيُّها الإخوة المشاهدون مرَّةً أخرى في برنامجكم التفسير المباشر. أُجَدِّدُ التّرحيب بأخي العزيز الدّكتور أحمد بن محمّد البريدي، الأستاذ المساعد بجامعة القصيم، والمشرف على ملتقى أهل التفسير والمُتَخَصِّص في الدِّراسات القرآنيّة. مرحباً بك يا أبا خالد مرَّةً أخرى.
د: أحمد: الله يحييك.
د:عبد الرحمن: كان الحديثُ مُتَّصِلاً يا أبا خالد قبل الفاصل عن أسئلة الإخوان.
أبو أحمد اقترح اقتراحاً أشكره عليه بخصوص الأرقام يعني يقول: بودّي لو أُنَّبِّه إلى الأرقام الّتي اتصل عليها شفاهاً يعني أقول 020108 ولا يُكْتَفى بالكتابة؛ لأنّه قد يكون هناك أُناس لا يبصِّرونها أو أُناس لا يقرأون، وأنا أتّفِقُ معك، وأنا أحرِصُ على هذا كثيراً يا أستاذ أحمد ليست بين يدي ما هي مكتوبة الأرقام ولا أحفظ إلاّ رقم الجوال فأقوله من ذاكرتي ولعلّي من الحلقة القادمة أبدأ بكتابة الأرقام وأذيعها بإذن الله تعالى.
أيْضاً يقترح اقتراح جميل جدّاً للمشاهدين أنا أُأَيِّده حقيقة فيه وهو يقول لو الإخوة المشاهدين يقرأون اليوم الجزء العاشر؛ استعداداً للغد، وأنا أقول ليس بالضّرورة أن يُقْرَأ اليوم غداً في صلاة الفجر أو بعد الظّهر وتُسَجَّل الأسئلة الّتي قد تُشكِل إمّا كلمة غريبة أو سؤال مشكلة أو آية لم يُفْهَم معناها حتى يمكن يتّصل على الضّيف الّذي يُشَرِّفنا في هذه الحلقة ويجيب عنها. أنا أشكر الأخ أحمد الحقيقة على اهتمامه وعلى ما تفضّل به.
هناك سؤال سألَه وهو في قصَّةِ موسى يقول قصّة موسى فُصِّلَت في الأعراف، ثمّ جاء بعدها في سورة الأنفال ابتدأت بالحديث عن غزوة بدر وقصّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيها يقول: ما هي المناسبة يا تُرى بين هاتين يعني آخر سورة الأعراف وأوَّل سورة الأنفال.
د: أحمد: أنا يظهر لي أنَّ المناسبة بينهما هي تلك المحاورة الّتي حصلت بين النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وبين الصّحابة رضي الله تعالى عنهم، فإنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان خرج لعير ولم يكن مستَعِدّاً للقتال؛ ولذلك فلمّا العير ذهبت من جهة البحر وخرجت قريش فتقابلوا في بدر، فالنّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم استشار الصّحابة؛ لأنّه أراد أن يخرج بهم لأخْذِ العير، فأشار عليه المهاجرون بالقتال، وما زال ينتظر، فقام سعد أظنّه سعد بن عُبادة فقال: كأنّك تعنينا يا رسولَ الله؟ يعني أهل المدينة؛ لأنّهم أخذوا بينهم وبين النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حِلْف أن يحموه إذا كان في المدينة أمّا الآن خارج المدينة فقال كأنّك تعنينا يا رسولَ الله، واللهِ لا نقولُ لك كما قال قومُ موسى لِموسى {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:24] بل نقول: “اِذهب أنت وربُّكَ فَقاتِلا إنّا معكم مُقاتِلون” .
د:عبد الرحمن: الله أكبر! ارتباط في غاية المعنى.
د: أحمد: جدّاً.
د:عبد الرحمن: جزاك الله خيراً. يعني النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا قال لهم أشيروا عليّ أيُّها النّاس فقام أبو بكر قال أشيروا قام عمر هو ما يريد هؤلاء، يريد الأنصار، الله أكبر! جزاك الله خيراً هذه لفتة نافعة جدّاً الله يكتب أجرك.
الأخ عبد الله يسأل سؤال فيقول: في قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ}[الأعراف:152] إلى آخر الآية فيقول التّعبير بقوله: {سَيَنَالُهُمْ} يقول {اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ} عبّر بالماضي فكان في نظر الأخ عبد الله وفي نظرنا نحن أنّ الظّاهر أن يقول: (إنَّ الّذينَ اتَّخَذوا العِجْلَ نالَهم) لكن لماذا قال {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ}؟
د. أحمد: يظهر والله تبارك وتعالى أعلم أنَّ التّعبير المضارع هنا معناه أنَّه كلّ مَن اتَّخَذَ عِجْلاً، والعجل يختلف أحياناً ليس المقصود به العجلَ الّذي اتُّخِذَ في ذلك الماضي فإنَّ الآلهة متعدِّدة، ما أكثر العجول في هذا الزّمان! {سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا}.
د:عبد الرحمن: فكأنّ العقوبة تتجدَّد كُلَّما تجدَّد الذّنب، الله أكبر! وهذا مثال واضح.
الأخ سعد من الكويت سأل سؤاليَن فيقول موسى عليه الصّلاة والسّلام ذكر الله له آيات كثيرة في سورةِ الأعراف القُمَّل والضّفادِعَ والدَّمَ آيات مُفَصَّلات يقول هل هذه معجزات لموسى عليه الصّلاة والسّلام كالعصا وكاليد؟.
د: أحمد: نعم هذه من التّسعة آيات الدّاخلة {فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ} [النمل:12]، ولعلّي نُبَيِّن ما هي المقصود بهذه:
- القُمَّل هي: السّوس، فكانوا لا يأكلون شيْئاً إلا يجدونه فاسداً.
- * والضّفادع: معروفة الضّفادع.
د:عبد الرحمن: هذه يا دكتور أحمد الآية رقم 133 من سورة الأعراف.
د: أحمد: نعم.
د:عبد الرحمن: وهي: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ}[الأعراف:133].
د: أحمد: الشيخ: الطّوفان معروف المطر.
- والجراد كذلك يأكل محاصيلهم تماماً وقد ذكر بعض المفَسِّرين أنَّها أُنْزِلَت بهذا التّرتيب. يعني سلّط الله عزّ وجلّ عليهم الطّوفان فدَعَواْ ارفع عنّا العذاب ونستجيب؛ فما استجابوا، فأرسل عليهم الجراد، فقالوا ارفع عنّا العذاب ونستجيب؛ فما استجابوا، فأرسل عليهم الضّفادع، القُمَّل وهي السّوس، ثمّ الضّفادع، ثمّ الدّمّ.
- الدّم معناه: كلّ مياههم انقلبت دماً فإذا أتى ليشرب ماء وجدها دماً. ومع ذلك لم يستجيبوا.
وأنا أقول من قصّة موسى عليه السّلام مع قومه هي مثال للدُّعاةِ إلى الله عزّ وجلّ، يعني صحّ يكون الانتكاسات الدَّعَوِيَّة، يعني كلّ ما موسى عليه السّلام سار بهم في طريق رجعوا، بل إنَّ السّبعين الّذين اختارهم موسى عليه السّلام عندما خرج بهم ليتوب على بني إسرائيل قالوا: {أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً} [النساء: 153]
د:عبد الرحمن: لا حول ولا قوة إلا بالله! هؤلاء أحسن الناس.
د: أحمد: هؤلاء بني إسرائيل، فهي مثال وتسلية للدُّعاة إلى الله تبارك وتعالى في هذين الأمرين يدعي الإنسان ثمّ يجد هذا مثلاً ضلّ أو هذا أو لم يُسْتَجَب له وبالتّالي فإنَّهُ عزاءٌ وصبر له موسى عليه الصّلاةُ والسّلام صبر وصبر وصبر ولذلك كان من أُولي العزمِ من الرُّسُل.
د:عبد الرحمن: الله أكبر اللهمّ صلِ وسلِّم عليه. يسأل الأخ طلال سؤال آخر وهو: السّامِرِيّ .
الأخ نايف سأل سؤالاً عن الشيخ العثيمين لكن أنا أريد أن أُأَخِّرَه حتى يكون هناك مجال للحديث.
السّامِرِيّ مَن هو السّامِريّ هذا ؟ {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه:85]
د: أحمد: هو الّذي سوّى لهم العجل، وهو من أتباع موسى عليه السّلام ونقول فيه ما قلنا في قضيّة المبهمات.
د:عبد الرحمن: جاءنا سؤال من الجوال يقول: في قوله سبحانه وتعالى: {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [الأعراف:164] هذه الحقيقة الآية يا دكتور يعني هو طبعاً يسأل عن معنى الآية وهو الحديث عن الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وكذا فلو تُبَيِّن يا دكتور أحمد هذا؟
د: أحمد: نعم، هؤلاء انقسموا إلى ثلاث فِرَق لمّا اتَّخَذوا العجل انقسموا إلى ثلاث فرق، أو لمّا أكلوا من الحيتان يوم السّبت وتحايلوا، وهؤلاء اليهود أهلُ تحايُل، انقسم النّاسُ إلى ثلاثة أقسام:
- قسم فعلوا وتحايلوا.
- وقسمٌ امتنعوا ووعظوهم.
- وقسمٌ امتنعوا ولم يَعِظوا، بل قالوا {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} فردّوا: قالوا معذرةً إلى ربِّكم. إقامة الحُجَّة عليهم لا بُدّ أن نُقيم علهم الحُجّة {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } لعلّهم يرجعون. {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ} [الأعراف:165] وَالّذينَ سَكتوا سُكِتَ عنهم.
يعني: بيَّن الله عزّ وجلّ هنا حالَ مَن؟ حالَ النّاهي، وحال الفاعلين، أنجى من نهى وعذّب مَن ارتكب المنكر، وهؤلاء الّذين لا فعلوا ولا أنكروا سُكِتَ عنهم، وقد اختلف المُفَسِّرون في حالهم. ابنُ عبّاس له رأيان، منهم مَن قال أنّهم تبع النّاجين، ومنهم مَن قال أنّهم تبع الهالكين، وعِكْرِمة مُتَحَمِّس جدّاً على أنّهم من النّاجين يقول: “أنّي أقنعتُ ابنَ عبّاسٍ أنّهم من النّاجين” ولعلّ هذا هو الرّأي الأخير له فكساني حُلَّة.
د. عبد الرحمن: عجيب جميل جزاك الله خيراً. الحقيقة الحديث ذو شجون يا أبو خالد وكما تُلاحظ بالرغم أنها ساَعة إلاّ أنَّ الوقت انتهى، وأنا الحقيقة في غاية الخجل من الأخ نايف أنّه سأل عن تفسير الشيخ ابن عثيمين لكنّه نعتذر منه بأمرين:
- الأمر الأول: انتهاء الوقت.
- الأمر الثاني: لو تحدّثتَ عن تفسير ابن عثيمين يحتاج لك أنت خمس حلقات.
د. أحمد: جزاك الله خيراً.
د. عبد الرحمن: لأنّ بحثك في الدّكتوراه كان في منهج الشيخ وفي جهوده فأسأل الله أن يكتب لك الأجر، فلعلّك أن تُرْضيه بكتابةٍ مختصرة في ملتقى أهل التّفسير إن أمكن.
أيُّها الإخوة المشاهدون باسمكم جميعاً أشكر الله سبحانه وتعالى ثمّ أشكر أخي العزيز الدّكتور أحمد بن محمّد البريدي، الأستاذ المساعد بجامعة القصيم، والمتخصِّص في الدِّراسات القرآنيّة، والمشرف العلمي بملتقى أهل التفسير على شبكة الإنترنت. ألقاكم بإذن الله غداً في برنامجكم [التفسير المباشر] أستودعكم الله والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.