التفسير المباشر1433هـ
الحلقة (154) – 1 رمضان 1433هـ
ضيف البرنامج في حلقته رقم (154) يوم الجمعة 1 رمضان 1433هـ هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور مصطفى مسلم الخبير بمركز تفسير للدراسات القرآنية وأستاذ الدراسات القرآنية بجامعة الشارقة سابقاً.
وموضوع الحلقة هو:
علوم سورة الممتحنة.
*************************
د. الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة المشاهدون في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم في برنامجكم الرمضاني التفسير المباشر. اليوم هو اليوم الأول من شهر رمضان من عام ألف وأربعمئة وثلاث وثلاين للهجرة أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا جميعاً في هذا الشهر وأن يجعله معموراً بذكره وطاعته والإنابة إليه. هانحن قد عدنا لكم أيها الإخوة مع برنامجكم التفسير المباشر في دورته السادسة وقد وصلنا من بعد سنوات مرت معنا إلى سورة الممتحنة سوف يكون حديثنا بإذن الله تعالى اليوم عن سورة الممتحنة على المنهج الذي سرنا عليه في السنوات الماضية وهو الحديث عن السورة من حيث اسمها موضوعها مقصدها سبب نزولها والمحاور الرئيسية في هذه السورة. وباسمكم جميعاً أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان أرحب بضيفنا في هذا اللقاء فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى مسلم أستاذ الدراسات العليا بجامعة الشارقة وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً والخبير في مركز تفسير للدراسات القرآنية بالرياض حالياً فحياكم الله يا دكتور مصطفى
د. مسلم: أهلاً بكم
د. عبد الرحمن: وأهلاً وسهلاً بكم. من الأشياء الجميلة أننا اختتمنا بك في رمضان الماضي واستفتحنا بك في هذا الرمضان وهذا من الأشياء التي تدعونا للفأل الحسن
د. مسلم: الحمد لله
د. عبد الرحمن: قبل أن نبدأ يا دكتور مصطفى لو توجه كلمة للإخوة المشاهدين مع بداية شهر رمضان وأيضاً نبارك لكم هذه الانتصارات التي هي انتصارات للجميع والمسلمين في سوريا نسأل الله أن يكللها بالنصر العظيم
د. مسلم: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد. أولاً أبارك للمسلمين عامة حلول شهر الطاعة شهر البركة شهر المغفرة وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يحقق الآمال في هذا الشهر الكريم. كما أبارك للمجاهدين في بلاد الشام دخول شهر رمضان شهر الصبر شهر الجهاد شهر النصر بإذن الله تعالى. عوّدنا الله سبحانه وتعالى خلال التاريخ الإسلامي أن تتحقق أكبر الانتصارات في شهر رمضان منذ أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلال تاريخ الدولة الاسلامية والخلافة الإسلامية ونرجو أن يتحقق ذلك في هذا العصر بانتصار المجاهدين في بلاد الشام، بقي القليل إن شاء الله ولذلكم نوصيهم بوصية الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) آل عمران) إن شاء الله سبحانه وتعالى هذا الصبر الذي أذهل العالم كله بهذا الاستمرار وبهذه التضحيات الجسيمة وبهذا البذل من الشباب في مقتبل أعمارهم قاوموا كل شيء بصدورهم العالية إلى أن هيّأ الله سبحانه وتعالى لهم هؤلاء الفتية الذين آمنوا من الجيش الحر لكي يكون سنداً لهم وحماية لمظاهراتهم السلمية نرجو الله سبحانه وتعالى أن يحقق الآمال على أيديهم في تحرير بلاد الشام بإذنه تعالى. ونداء أوجهه لعامة المسلمين لمساعدة هؤلاء الثوار الحقيقة الشيء الذي لا يشعر به كثير من الناس هو النزوح الداخلي المدن التي دمرت مثل حماه وحمص وإدلب وجسر الشغور وغيرها أهلها بعضهم تمكن من الخروج واللجوء إلى الدول المجاورة ولكن كثير منهم لجأوا إلى المدن الداخلية التي فيها القصف أقل من غيرها من المدن. هؤلاء يقدر أعدادهم بأكثر من مليوني ونصف عوائل كثيرة جداً نزحت إلى القرى وإلى المدن البعيدة والناس في حيرة من أمرهم فنرجو أن يستجيب المحسنون في هذا الشهر المبارك بتوجيه زكواتهم وتبرعاتهم وصدقاتهم خاصة إلى هؤلاء النازحين إلى الداخل فهو شهر كريم الله يضاعف المثوبة والأجر في هذا الشهر أرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفق أهل الخير والإحسان لإيصال هذه المساعدات إلى هؤلاء النازحين.
د. عبد الرحمن: اللهم آمين نسأل الله أن ينصرهم نصراً عزيزاً وأن نسمع في هذا الشهر أخباراً تسرنا. نعود يا شيخنا إلى موضوعنا في هذا اللقاء وقبله أذكر الإخوة المشاهين أنه سوف يكون هناك مسابقة يومية في برنامج التفسير المباشر وجائزتها جهاز آيباد 3 أو آيباد نيو فسوف تعلن إن شاء الله في أحد الفواصل في هذه الحلقة فتابعونا كما يمكن تلقي أسئلتكم عن طريق تويتر وسوف يظهر لكم العنوان إن شاء الله أثناء الحلقة. شيخنا نبدأ على بركة الله مع سورة الممتحنة وقبل أن نبدأ يا شيخ هل الصواب أن تقول سورة الممتنحِنة أم سورة الممتحَنة؟ والحديث عن أسماء السورة.
د. مسلم: سورة الممتحنة كأن الله سبحانه وتعالى وهذا شأن القرآن الكريم يعني عندما يستعرض المؤمن طالب العلم سور القرآن الكريم يجدها تقع على مشاكل المسلمين وأحداثهم وكأن هذه السورة نزلت في أيامنا هذه لتبين مواقف المسلمين من هذه الأمور. سورة الممتحنة أما بالنسبة لأسمائها فتسمى الممتحِنة بالكسر والممتحنة بالفتح بالنسبة للمرأة التي امتُحِنت والممتحِنة بالكسر بالنسبة إلى السورة التي كان بواسطتها تمتحن النساء
د. عبد الرحمن: يعني اسم فاعل واسم مفعول
د. مسلم: وأيضاً تسمى سورة الامتحان وتسمى سورة المودّة لورود ثلاث مرات كلمة المودة في هذه السورة. وهذه الأسماء كلها ليست توقيفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أطلق عليها الصحابة رضوان الله عليهم ثم بعد ذلك سجلت عندما وضعت أسماء السور اختارها بعض التابعين لهذا الأمر.
د. عبد الرحمن: يسأل الأخ ادريس يقول متى نزلت هذه السورة؟ هل هي مدنية أو مكية؟
د. مسلم: سورة الممتحنة بجميع الأقوال هي سورة مدنية. وقت نزولها كان قبيل فتح مكة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه الخبر وجاء شيخ بني خزاعة يستنجد الرسول عليه الصلاة والسلام على بني بكر حلفاء قريش أنهم نقضوا عهد صلح الحديبية وطلب منه المدد والعون لأن قريش اعتدوا وقتلوهم ركعاً سجداً
د. عبد الرحمن: إن قريشاً أخلفوك الموعدا
د. مسلم: نعم، فقال رسول الله أبشِر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حريصاً ألا تراق الدماء في ساحات مكة وميادينها يحافظ على حرمة البلد الحرام فأمر الصحابة بالتجهز ولكن ما حدد الوجهة صار يلمح إلى مناطق وهذه طريقة رسول الله عندما كان يريد غزو قوم أو جهة يورّي إلى جهة أخرى ويسأل عن بُعدها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعمّي الله الأخبار عن قريش حتى ما يكونوا على استعداد لهذا الأمر، طبعاً سنأتي في سبب النزول بالتفصيل فيها
د. عبد الرحمن: إذن هي مدنية بالإجماع
د. مسلم: مدنية بالإجماع ونزلت قبيل فتح مكة في السنة اثامنة للهجرة
د. عبد الرحمن: هل لها سبب نزول مباشر سورة الممتحنة؟
د. مسلم: الحقيقة أريد أن أقف وقفة قصيرة هنا هنالك أربع أسباب نزول لهذه السورة:
1. حادثة حاطب بن ابي بلتعة عندما كتب لقريش بأن رسول الله سيغزوكم فخذوا حذركم، هذه نزلت فيها افتتاحية السورة وهي متأخرة أي عند إعداد رسول الله صلى الله عليه وسلم العدّة أي في السنة الثامنة بينما آيات نزلت في صلح الحديبية
د. عبد الرحمن: من السورة نفسها
د. مسلم:
2. من السورة نفسها (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)) هذه كانت بعد صلح الحديبية جاءت أم أسماء بنت أبي بكر وكان مشركة وكان اسمها قتيلة جاءت إلى اسماء أتت لها ببعض الهدايا من البادية وهي تود في صلتها ابنتها فاعتبارها مشركة أسماء ما قبلت لا الهدايا ولا أدخلتها بيتها حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، انظُر قضية الإيمان! فقالت لعائشة سلي رسول الله عليه الصلاو والسلام فأذن لها رسول الله ونزلت الآية إذن هي بعد صلح الحديبية وهي في السنة السادسة للهجرة.
3. وبعد صلح الحديبية أيضاً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ (10)) أيضاً كانت تتعلق ببند إعادة من جاء مسلماً من المشركين أن يعيدوه ولو كان مسلماً أما إذا كان إذا ارتد أحد المسلمين إلى قريش فلا يعيده، هذا البند في صلح الحديبية أثار حفيظة كثير من الصحابة فجاءت هذه الآيات تلغي الجانب المتعلق بالنساء فلا يجوز إعادة المؤمنة إلى المشركين.
4. أيضاً بعد صلح الحديبية (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ) كانت بعد فتح مكة.
إذن أربع مناسبات ولكن هذه النقطة أريد أن أركز عيها ترتيب السورة ما جاء على الترتيب الزمني يعني حادثة حاطب بن أبي بلتعة قبل الغزو وحادثة بيعة النساء بعد فتح مكة جاءت في الأخير وأمران يتعلقان بصلح لحديبية جاءا في الوسط، ما الحكمة في هذا الترتيب؟
د. عبد الرحمن: هذا سؤال وجيه
د. مسلم: دائماً القرآن الكريم يقدّم ما يثير الأهمية ما يثير الاهتمام، القضية الأساسية وهي كما سيأتي في محور السورة قضية الولاء والبراء. الولاء والبراء هو محور السورة ولذلك الآية الأولى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء (1)) وآخر آية في سورة الممتحنة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)) أيضاً في الولاء والبراء. ولذلك عندما افتتحت بهذه الآيات التي تنهى عن الاتصال بالعدو وإعطاء الولاء لهم لأن أساس السورة ومحور السورة يتعلق بالولاء فقدمت هذه الأشياء التي تتعلق
د. عبد الرحمن: مع تأخرها زمنياً
د. مسلم: نعم، أنا دائماً أضرب المثل بسورة الأنفال. سورة الأنفال (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ (1)) هي تتعلق بغنائم، اختلاف الصحابة على الغنائم وكانت بعد انتهاء المعركة فافتتحت السورة بها لماذا؟ لأن الأمر الأساسي في تربية الصحابة رضوان الله عليهم أول وقعة كبيرة فاصلة بين المشركين، كان ينبغي – وطبعاً هم بشر- لا شك ينبغي أن لا يختلفوا على ذلك فهم أرفع من ذلك، صار لهم مواقف عظيمة وأمور كثيرة وحديث عن غزوة بدر والثناء على بعض الصحابة ولكنها جاءت كلها في الوسط وفي الأخير بينما قُدِّم نقطة الضعف ليربي الصحابة لأن أهم شيء في الأمر قضية اختلافهم في الأنفال ولا ينبغي لهم فقدّم الأهم في افتتاحية السورة. وكثير من سور القرآن بهذا الشكل يستفتح بها وأنا أريد أن أعلق على هؤلاء الذين يريدون تفسير القرآن على ترتيب النزول، القرآن الكريم ترتيبه خاص وتوقيفي ونزل من عند الله سبحانه وتعالى، الله أحكم هذا الكتاب بهذا الترتيب فلا ينبغي أن نغيّر ونحاول أن نعيد الترتيب
د. عبد الرحمن: إذن هذا الموضوع هو عن محور سورة الممتحنة، محورها الذي تدور عليه هو الولاء والبراء والحقيقة الموضوع هذا خاصة في زماننا هذا كثر الحديث عنه لكثرة وقوع كثير من المسلمين في موالاة الكافرين حتى أحياناً وصلت المسألة إلى موالاتهم عسكرياً ضد اخوانهم المسلمين فليتنا نفيض في هذا الموضوع يا دكتور.
د. مسلم: الحقيقة عندما أنظر في قضية الولاء والبراء أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يتحدث عن آخر الزمان: يمسي الرجل مسلمًاً ويصبح كافراً ويصبح مسلماً ويمسي كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، هذه في قضية الولاء والبراء لأن قضية تغيير العبادة ويخرج من الملة أو كذا هو صار كافراً أو نصرانياً أو يهودياً أو مشركاً هذه بعيدة الوقوع أما قضية الولاء والبراء وإذ به يعجب بشيء فيؤيده في مواقفه إنسان كافر عمل عملاً وإذا به يقول أحبه، يوده يريد أن يكون مثله وهذا والعياذ بالله
د. عبد الرحمن: يخرج من الدين من غير أن يشعر!
د. مسلم: أبداً. عندما ينادي والعياذ بالله كما حدث عندنا في بلاد الشام عندما يفدي فلان الطاغية بشار: الله – سوريا – بشار وبس، هذا كفر وهذا شرك وردة عن الدين والعياذ بالله. حتى بعض الأمور التي صارت على ألسنة الناس الذين يقولون دولة مدنية ما تعني؟ يعني نعطل شرع الله ونلتزم بالقوانين المدنية نعادي الكتاب والسنة ولا نحكّمها، هذا نقض للشهادتين والعياذ بالله. يقال نريد دولة علمانية لا نريد الدين، هذا والعياذ بالله كله كفر وردّة
د. الشهري: لكنهم لا يشعرون عنما يقول أنا لا أريد أن أدخل الإسلام في السياسة وألوّث الدين بإدخاله في السياسة لأن السياسة مبنية على الكذب والتدليس والدين منزّه عن ذلك، هو لا يشعر بأنه يقول كلمة الكفر
د. مسلم: نعم، الحقيقة هذا دور أهل العلم وطلبة العلم ودور الفقهاء توعية الأمة الثقافة الدينية وخاصة قضية العقيدة قضية الولاء والبراء قضية مهمة جداً، قد يكون الإنسان في بلده وخرج من دينه لأنه أيّد إنساناً في المغرب أو المشرق وهو لا يشعر. ما معنى قضية الردة والكفر؟ إذا خرج من دينه والعياذ بالله بطل نكاحه صار يمارس الزنا مع زوجته، إذا مات لا يدفن في مقابر المسلمين! قضية خطيرة في غاية الخطورة ولذلك قضية الولاء والبراء قضية مفصلية تتعلق بالعقيدة فينبغي التركيز عليها وينبغي نشرها بين طلبة العلم حتى يوعوا الناس بهذا الأمر.
د. الشهري: نواصل الحديث لكن بعد هذا الفاصل القصير، فاصل قصية ثم نعود لاكمال حديثنا حول سورة الممتحنة.
—-فاصل: تعريف بمركز تفسير——–
د. عبد الرحمن: حياكم الله مرة أخرى أيها الإخوة المشاهدون بعد هذا الفاصل ولا زال حديثنا متصلاً حول محور سورة الممتحنة وأسباب نزولها. نعود دكتور مصطفى إلى موضوع سبب نزول السورة ، ما السبب الريسي لنزول السورة؟
د. مسلم: كما قلت عندما جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتح مكة
د. الشهري: في السنة الثامنة
د. مسلم: في السنة الثامنة للهجرة ولم يُخبر إلا قلة من الصحابة بتوجه إلى فتح مكة وأعلن أنه يريد أو لمّح إلى جهات أخرى وكان من بين من أُخبر حاطب بن ابي بلتعة. حاطب بن أبي بلتعة أحد الذين سكنوا مكة وليس من صلب قريش، فالضعف البشري وإذ به يكتب خطاباً لبعض زعماء مكة ويقول أن “رسول الله يريد غزوكم فخذوا حذركم” وأرسل هذا الخطاب مع امرأة مسافرة إلى مكة في الروايات الصحيحة جاءت إلى المدينة (ظعينة) أي المرأة المسافرة فعندما خرجت من المدينة جاء الخبر إلى رسول الله بالوحي، أخبره جبريل أن في مكان كذا امرأة ظعينة معها خطاب لقريش، فعندما أُخبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل علي بن أبي طالب والزبير بن العوام والمقداد بن الأسود قالوا اخرجوا إلى روضة خاخ فإن بها ظعينة معها خطاب لقريش إئتوا به فخرج الفرسان الثلاثة، روضة خاخ مكان بين مكة والمدينةعلى بعد 12 ميل من المدينة
د. عبد الرحمن: يعني ما زالت في بداية الطريق
د. مسلم: نعم، فأدركوها في بداية الطريق وقالوا لها أخرجي الخطاب أنكرت هذا الشيء فقال علي بن ابي طالب رضي الله عنه: أخبرنا رسول الله بذلك وما كذب رسول الله فإما أن تخرجنّ الخطاب وإلا تضعين الثياب فلما رأت الجدّ أخرجته من عقاصها وإذ به الخطاب من حاطب بن أبي بلتعة فلما جاؤوا بالخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا رسول الله حاطب، قال يا حاطب ما هذا؟ قال يا رسول الله اِسمع مني، لا تستعجل عليّ والله ما عملت ذلك ردّة بعد أن اسلمت ولا أريد الاضرار بالمسلمين كل ما هنالك أن أغلب صحابتك المهاجرين لهم قرابات في قريش وأنت تريد فتح مكة وقد يكون قتال وخشيت لي أولاد وذرية هناك وليس لي أحد أنا من موالي قريش ولست من صلبهم ليس لي أقرباء هناك فأردت أن أتخذ يدًاً عندهم يحمون أولادي والله ما اتخذت ذلك ردّة، فقال رسول الله أما هذا فقد صدقكم يعني صادق في هذا الشيء ولكن سيدنا عمر نظر إلى الجريمة “يا رسول الله نافق الرجل، دعني أضرب عنقه”. النظر إلى الجريمة، الجريمة خيانة عظمى هذه في حالة حرب وأنت تخاطب الأعداء وتكشف سراً من أسرار الدولة خيانة عظمى هذه! ولكن الرسول نظر إلى الضعف البشري
د. عبد الرحمن: أظن الجيوش المعاصرة تعاقب على مثل هذا بالقتل
د. مسلم: أبداً دائماً كلهم، إذا كان في حالة حرب ون محاكمة وحالة إعداد جيوش قتل ميداني بدون محكمة كثير من الناس ينفذوه
د. الشهري: أظن هذه جريمة عظمى
د. مسلم: الرسول نظر إلى صدق الرجل والضعف البشري فقال لا يا عمر إنه من أهل بدر ولعل الله اطّلع على أهل بدر فقال: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم يعني مكانة أهل بدر. فقال عمر الله ورسوله أعلم وكان وقافاً عند حدود الله فسكت. هذا بالنسبة للحادثة الرئيسية والآيات التي افتتحت بها ولكن الآيات الأخرى التي لها أسباب نزول خاصة كما قلنا (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ (8)) قضية الذين وهذه أوجهها للجيش الحر ولإخواننا المجاهدين: هنالك من الطائفة النصيرية طائفة لم تشترك كلها في ذبح الناس كلها في ذبح الناس في قتل الناس لا ينهاكم الله عن الإحسان إليهم ومعاملتهم بالعدل. كل من ارتكب جريمة، انتهك عِرضاً اعتدى على مسلم نحاسبه مهما كان هذا سنياً أو علوياً لكن أن يقال الفرقة العلوية كلها ندمرها كما يفكر بعض الشباب المتحمس لا ينبغي كلٌ يأخذ جزاؤه على ما ارتكبت يداه أما التعميم لا يجوز. موضوع سورة الممتحنة كأنه موضوع الساعة (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) من الذي تعادونهم ولا توالونهم وتحاربوهم؟ (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ)
د. الشهري: هذا يحصل الآن وأنت ذكرت النزوح، الله سبحانه وتعالى جعل الإخراج من الديار كأنه القتل
د. مسلم: جريمة مثل القتل، فتنة للناس. سبب النزول الثالث هجرة بعض النساء بعد صلح الحديبية جاؤوا فلحق بهم أزواجهن، المسلمة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية ولم يجفّ الحبر بعد يعني كتبتم عهداً بيننا وبينكم أن تعيدوا إلينا من جاءكم مسلماً فنزلت الآية تبين أن هذا لا يمكن أن يكون بالنسبة للمسلمات فألغي هذا الشرط ونُسِخ. في الحقيقة بعض الدول تقول هناك التزامات دولية، وقّعنا على كل ما يذكر في حق الأسرى في جنيف والمعاهدات الدولية، الأمم المتحدة، على الإخوة طلبة العلم شباب الجهاد أن يعيدوا النظر في كل المعاهدا الدولية كل ما لا يوافق شرع الله ودين الله ينبغي أن ننسخه لسنا مقيدين إلا بما يوافق عليه شرع الله سبحانه وتعالى هذا ينبغي إعادة نظر في هذه الأمور
د. الشهري: وهذه الآية دليل على هذا
د. مسلم: نعم، الرسول كتب عامة ” كل من جاءكم من المسلمين تردونه” عامة، ولكن عندما جاءت قضية الفتنة للنساء استثناها الله ولكن مع ذلك انظر إلى اللفتة، خسر زوجته ولكن عوضوهم عما أنفقوا، هذا الكافر نعامله ما دام بيننا وبينهم معاهدة إذن لا يخسر الزوجة والمه الذي أنفق (وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا (11)) من بيت مال المسلمين.
د. الشهري: قمة العدل، حفظ لحق المرأة. لماذا استثناء النساء من معاهدة النبي صلى الله عليه وسلم نفسه وقّع عليها؟
د. مسلم: المرأة الضعيفة التي لا تستطيع حماية نفسها. هذا البند الذي صار فيما بعد عندما أعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أعاد أبا جندل وسهيل بن عمرو وغيره بناء على هذه الاتفاقية بعد ذلك شردوا من أهلهم وقطعوا الطريق على قوافل قريش وعملوا عصابات لقطع الطريق والرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يردهم، أنتم قلتم ردوهم فرددناهم ثم جاؤا إلى سيف البحر فصاروا يقطعوا الطريق على قوافل قريش فأرسلت قريش من يرجو رسول الله صلى الله عليه وسلم احذِف هذا البند، اِقبلهم لأنهم سينتظمون في نظام الدولة عندئذ يعتقدون يأتمرون بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة ليس عندها هذه الإمكانيات أن تتشرد وتتعرض فهي معرضة للفتنة وللكفر إذا أعادوها ولذلك الله سبحانه وتعالى استثنى هذه المرأة نسخ هذا الحكم بأمر رسول الله بالآ يعيدوهم (لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا (10)) لكن لا ظلم عندنا أعيدوا عليهم نفقتهم والمهر الذي صُرف على المرأة أعيدوه لهم
د. الشهري: ننتقل إلى مقاطع السورة ونتوقف مع أبرز مقاطع السورة. أول ما افتتحت السورة بقوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (1)) عن ماذا يتحدث مقطع السورة الأول؟
د. مسلم: المقطع الأول يتحدث عن قضية اتخاذ الأعداء أولياء لا يمكن أن يكون عدوك، علل الأمر بأمرين: أولاً كفروا، هم كفار لا يؤمنون وهم مع ذلك أخرجوكم من ديارهم، أولاً كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمنون بعقيدتكم يطلقون عليهم الأصابع يقولون هؤلاء خالفوا أمور دينكم فلا يجتمعون معكم في العقيدة هذه ناحية والناحية الثانية الظلم الذي سلطوه عليكم أخرجوكم من ديارهم أعادوكم هذا في السابق والآن إذا ظفروا بكم لن تسلموا من إيذاء أيديهم وألسنتهم ويودون أن تعودوا كفاراً بعد ذلك. كيف تتولى فكيف تعطي محبتك وولاءك وودك في إنسان لا يجتمع معك في العقيدة وظلمهم سارٍ عليكم ويؤذوكم بألسنتهم وايديهم ويريدون أن يعيدوكم إلى دينهم بعد أن أنقذكم الله منهم، فكيف تعطون الولاء لهؤلاء؟. ثم ضرب المثل (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ (4)) ابراهيم عليه السلام ينبغي أن تقتدوا به وهذا شأن الأنبياء والمرسلين وأبوكم ابراهيم أبو الأنبياء ابراهيم عليه السلام كان له هذه المفاصلة والبراءة من قومهم (إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ (4)) تبرأوا وليس قضية العداوة والبغضاء بينهم وبين قومهم حتى يؤمنوا بالله وحده. فهؤلاء قدوتكم ورسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتكم في ذلك ولذلك يا أيها الذين آمنوا يا أمة محمد لتكن لكم قدوة في ذلك الأنبياء السابقين ومواقفهم في أقوامهم بأن لا تعادوا المعادين لدينكم الذين لا يجتمعون معكم في العقيدة وقد ظلموا وعملوا ويريدون إعادتكم إلى الكفر مرة أخرى فلا ينبغي أن يكون هناك نوع من المودة، هذا المقطع الأول.
د. الشهري: المشكلة الآن كثير من المسلمين الآن بحجة التعاون الثقافي والتقارب الثقافي والتعايش والعبارات المطاطة التي تتداول في زماننا هذا غزتنا عادات الكفار في أعيادهم في ملابسهم في ثقافتهم في لغاتهم في وسائل الإعلام فأصبحت هذه القضية مميعة بشكل كبير وأصبحت ليست واضحة معالم الولاء والبراء، فلعل كلامك يؤكد خطورة مثل هذا.
د. مسلم: كثير من الناس ما يفرّقون بين ما يمكن أن نتعاون فيه ونستفيد ونفيد منهم وبين ما لا يمكن، يعني في قضايا بعض الناس يفرقون وهذا تفريق جيد بين القضايا المدنية والتمدن المخترعات هذه ليست دينية ليس لها عقيدة هذه نتعامل معهم فيها، هذه نتيجة التقدم العلمي العالمي ليست نتائج فكر نصراني ولا يهودي ولا اشتراكي ولا إلحادي الله عز وجل عرفهم على السنن الكونية نستفيد منهم لكن هناك أمور تتعلق بعقائدهم بعاداتهم الاجتماعية بأمورهم بمنهجهم في الحياة هذا الذي نقف عنده. بعض الناس يقول الغرب تفوق علينا تقدموا في التقنية وغير لك إذن نأخذ كل ما جاءنا من الغرب ما ينبغي هذا، المؤمن ينبغي أن يفرق بين ما يجوز له الأخذ القضايا المدنية والتقنية هم سبقونا إليه ونحن تقاعسنا للأسف إذن نأخذ منهم لكن طريقتهم الاجتماعية للأسرة ولتربية الأبناء للقضايا الفكرية والعادات الاجتماعية هذه ينبغي أن نقف عندها ولا يجوز أن نأخذ بها
د. الشهري: نأخذ فاصل نعلن فيه سؤال هذه الحلقة ثم نواصل إن شاء الله حديثنا.
-فاصل: سؤال المسابقة
السؤال الأول: قال الله تعالى (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)) ما هو تفسير كلمة (أن تَبَرّوهُم)؟
1. موالاتهم
2. الإحسان إليهم
3. محبتهم
———-
د. الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى ولا زال حديثنا مع ضيفنا الدكتور مصطفى مسلم حول سورة الممتحنة. توقفنا عند المقطع الأول، انتهينا من المقطع الأول وقلت أنه يتحدث عن موضوع الولاء والبراء وجوب المفاصلة والبراءة من الشرك ومن أهله براءة ليس فيها أيّ تهاون وأيّ تساهل. المقطع الثاني؟
د. مسلم: استثناء من القاعدة أو توضيح بأنه ليس من باب الولاء والبراء في قضية التعامل مع الكفار يعني بعض العلماء يقول عندما نزلت الآيات والناس تبرأوا من أقربائهم ولكن تبقى قضية العاطفة والقرابة أن هؤلاء ما آذونا وما وقفوا في الجاني المعادي لنا ولا جيّشوا الجيوش لنا فما موقفنا؟ كما هي حادثة أسماء بنت أبي بكر مع أمها فجاءت الآيات الكريمة فتح باب الرجاء (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً (7)) (عسى) بالنسبة لنا رجاء أما بالنسبة لله سبحانه وتعالى تحقق يعني الله سيجعل بينكم وبين هؤلاء الذين عاديتم مودة وجعل بعد فتح مكة صارت القرابات
د. الشهري: أبو سفيان رضي الله عنه وابنه معاوية رضي الله عنه كانوا من أشد المعادين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاروا من أشد أنصاره بعد ذلك.
د. مسلم: هذه من حكمة تعدد الزوجات بأكثر من أربعة، عندما بنت أبي سفيان رملة أم حبيبة أرسل للنجاشي أن يتولى نكاحها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام سمع أبو سفيان، اُنظر التآلف أحياناً المصاهرة والمزاوجة توجد نوعاً من الرابطة، قالوا محمد عدوك أخذ ابنتك! قال: هو الفحل لا يقدع أنفه، افتخر بهذه المصاهرة ولان قلبه وبعد ذلك عندما جاء إلى رسول الله بعد فتح مكة أراد أن يكفّر كل مواقفه ضد رسول الله وضد الإسلام ومجاهداً في سبيل الله. القرآن الكريم لا يريد أن يقطع الوشائج الصلة الإنسانية بينك الناس ما دام ما جاءك أذى من هؤلاء، صحيح أنهم يخالفونك في العقيدة لكن لا أذية منهم، برّهم عاملهم باللطف تستعبد قلوبهم إذا أحسنت إليهم، “الإنسان عبد الإحسان” كما يقول المثل. ولذلك فتح المجال هؤلاء الذين لم يقاتلوكم ولم يخرجوكم من دياركم ولم يظاهروا أحداً عليكم برّوهم، البرّ يدك هي العليا موقفك هو الأقوى تقسط إليهم تعاملهم بالعدل، غير الولاء الولاء أن تعطي المحبة محبة قلبك وكأنك تابع له هو له السيادة وأنت تواليه توده بقلبك تريد أن تقدم له خدمة هناك فرق بين قضية الولاء وبين العدل والمعاملة بالإحسان. وهذا هو المقطع الثاني الذي ذكر هذا الأمل وتحقق فيما بعد وهي قاعدة كما قلت نسير عليها دائماً: نعامل الناس حسب مواقفهم من الاسلام حسب مواقفهم من عقيدة المسلم.
د. الشهري: هي أربع مقاطع، المقطع الثالث؟
د. مسلم: المقطع الثالث قضية مجيء المؤمنات مهاجرات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ (10)) الامتحان أيضاً للتحقق من صدق ولائهن، بعض الروايات تقول: كانت تُسأل المؤمنة المهاجرة يجعلوها تحلف بالله أنها ما خرجت كُرهاً في زوجها السابق ولا حباً في أحد وإنما أخرجها الإيمان بالله ورسوله وحباً لله ولرسوله، يعني الولاء خالص لله تعالى قضية الإيمان هي التي دفعتها للخروج حينئذ لا يجوز إعادتها للكفار حتى تفتن. بعد الإيمان لا يجوز أن نبقي المشرك زوجاً لها بعد الإيمان، الإيمان فصل بينهما ولذلك حفاظاً على أصل المعاهدة أننا لا نظلمه نقول خسر زوجته ويخسر ماله، لا، عوضوهم أيها المسلمون ردوا عليه ما أنفق من مهر وهدايا وغير ذلك.
سؤال من أحد الإخوة على التويتر: (وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا) الآن هل في هذه الآية (11) دليل على أن الدولة تتحمل التكاليف التي تترتب على الأفراد إذا كانت متعلقة بسياسة الدولة؟ الدولة اتخذت قراراً يضر ببعض الأفراد فهل تعوّض هؤلاء تعويضاً كما في هذه الحالة
د. مسلم: نعم، كل أمر تبنته الدولة سياسة عامة أو خاصة لمصلحة عامة أو خاصة وتضرر بعض الأفراد منها على الدولة أن تعوضهم بذلك
د. الشهري: المقطع الرابع
د. مسلم: المقطع الرابع والأخير هو ما يتعلق بمبايعة رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنات (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ (12)) هذه الآية نزلت بعد فتح مكة عندما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عامة ذهب إلى الصفا ودعا النساء إلى مبايعته وتلا عليهن هذه الآية فهي ستة أمور كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ على النساء:عدم الشرك، لا سرق، لا زنى، لا قتل أولاد، لا بهتان بإلحاق الأولاد بأزواجهن افتراء، ولا يعصين رسول الله في معروف، الرسول أمر النساء باشياء كثيرة: قضية النياحة، شق الجيوب، لطم الخدود، الخلوة بغير المحارم وغير ذلك فلا يعصينه، وهل يعقل لرسول الله أن يأمر بغير معروف؟ إذا قيل لرسول الله (ولا يعصينك في معروف) فما بالك بغير الرسول؟! هذا من باب التنبيه إذا اشتُرط على رسول الله هذا الأمر فما بالك على غير رسول الله؟!
د. الشهري: إذن هذا المقطع الرابع. أستأذنك معنا ابنك الدكتور محمد حقي صفا
د. صفا: أحييكم وابارك لكم الشهر الفضيل. الولاء والبراء أمر خطير وأعتقد أن الكثير لم يعرفوا صور الولاء والبراء ولأجل هذا وقعوا في خطورة هذا الأمر، ماذا يفعلون مثلاً وهم يرون أمتهم في تخاف مستمر وخلاف دائم يطلق أحدهم اللحية ويلبس الثياب القصيرة ومع ذلك يقاتل أخاه المسلم في الطرف الآخر! يتآمرون عليهم بل صار بعضهم يقف مع الظلمة ويؤيدهم والظالم يقتل أخوه ويدمر مسجده، نحن بصراحة متأخرون حضارياً وتقنياً وسلوكياً كيف ستقنع هؤلاء الناس بأن يوالوا إخوتهم وبنو عشيرتهم ودينهم ويعادوا من يظهر أو يتظاهر بأرقى مستوى من التعامل والتطور والرقي. اليوم نجد مثلاً الدول الكافرة تقف معك وتناصر بعض قضايا المسلمين وإن كان الجانب المصلحي هو الأول في قصدهم ولكن أيضاً في الجانب الآخر يتكاتفون لأجل إيقاف هذا النزف من الدماء وغير ذلك. الأمر خطير جداً في قضية الولاء والبراء وحال المسلمين بهذا التخلف، كيف نستطيع أن نخرج من هذا المأزق الكبير؟
د. الشهري: سؤال وجيه يقول نحن للأسف كثير من المسلمين يرسخون هذا المفهوم وهو مفهوم التخلف والتأخر الحضاري والسلوكي ثم يلام من يتأثر بهؤلاء الكفار وهم يمارسون أرقى المظاهر المدنية والتعامل والرقي مع أن الجانب المصلحي طاغي في تعامل هؤلاء مع المسلمين فما تعليقك في هذا الأمر؟
د. مسلم: في رأيي ثلاث نقاط ينبغي أن نعمل من خلالها:
- أولاً الدعوة الفردية والتنبيه وبيان قضية الولاء والبراء قضية خطيرة في العقيدة على أوسع المستويات نحاول أن نبينها للمسلمين.
- الأمر الثاني: كشف زيف الوسائل التي تستخدم لتمييع قضية الولاء والبراء كثير من الناس يقول الديمقراطية قريبة من الشورى، العلمانية ما يمنعك من الصلاة في المسجد، فهي قضية نبين زيف هذه الدعاوى وبيان الإسلام وشرعة الاسلام ودين الاسلام ومنهج الإسلام
- الأمر الثالث: ينبغي أن تتمثل هذه القضايا في دولة، دولة تتبنى هذه الأمور، دولة تبين في مواقفها وفي أمورها قضية الولاء والبراء إن لم تكن دولة فلتكن جماعة تتبنى هذا الشيء بحيث تطبقه تطبيقاً عملياً. من خلال النقاط الثلاث: توعية الناس، بيان زيف الادعائات التي تريد تمييع القضية، القدوة في هذا الأمر وبإذن الله تحل هذه المشكلة.
د. الشهري: قد يكون من الإشكاليات الموجودة الآن أنه عندما يثار موضوع تطبيق الشريعة كما تلاحظ في الدول الإسلامية التي استقلت أو التي وفقت وتخلصت من الظَلمة عندما يثار تطبيق الشريعة لا يتبادر إلى أذهان الأعداء ولا الأصدقاء أحياناً إلا قضية قطع الأيدي ورجم الزاني مع أن تطبيق الشريعة له جوانبه الأخرى له جوانب قضية العدالة الاجتماعية وإيصال التعليم لكل أحد وإغناء الناس وتوزيع الثروات بشكل جيد
د. مسلم: تطبيق الشريعة، سيدنا عمر في عام الرمادة منع قطع الأيدي، السبب لأن الظروف المحيطة قد تدفع إلى السرقة فعندما نؤمّن لقمة العيش الدولة الاسلامية إذا أمنت الأشياء الضرورية لكل فرد من رعاياها قضية المطعم والمسكن والملبس والتعليم إذا أمنت الدولة هذه الأمور وبعد ذلك سرق سارق هذا ينبغي قطع يده أما قبل ذلك فإنه يدفع جوعته أو أو يستر عورته بهذا الأمر. عندما نقول البرامج كلها تدعو للفاحشة والانحراف وتبين قضية العلاقات الجنسية أنها حرية شخصية، الضغوط الهائلة على الشباب ورأساً تقول تعالى أقم حكم الزنى، لا بد من توعية تسبق هذا، حاجات الناس الأمور، الجو العام لكل هذه الأمور ينبغي أن نعمل بها جملة ولا نأخذ في هذه الأمور نقيم حداً نقتطعه. الشيء الآخر الذي يحتجون به هو قضية الأقليات، الأقليات لا نظلمها ولا نجبرها، الأقلية تحكم بحكم ما، الناصارى في بلاد المسلمين هؤلاء هل سيطبقون النصرانية في بلاد المسلمين؟! لا، يريدون العلمانية ما الدافع لهم إن طبقوا العلمانية على أمورهم مع العلم أن الاسلام يعترف لهم بطريقة نكاحهم وزواجهم على طريقتهم يعطيهم هذا الحق فبدل ما يطبقوا الدستور العلماني طبقوا شريعة الإسلام وهي أرحم معهم فما الذي يختلف معهم؟ سيطبقوا شيئاً غير دينهم في القضايا العامة في المعاملات التجارية في سياسة الدولة ولذلك يخوفون بأشياء هي حجج تافهة ولا تقوم على أساس.
د. الشهري: في بعض الأحكام في السورة وأنا أراها مليئة بهذا لعلك تنتخب لنا مما تراه نعرضه على الإخوة المشاهدين.
د. مسلم: كنت أريد أركز على واقعية الاسلام. واقعي الإسلام تتبين في قضية مراعاة الظروف الخاصة الرسول عندما خاطب حاطب بن أبي بلتعة ولم يقم عليه حد الخيانة العظمة كانت قضية واقعية جداً. في قضية تعلق قلوب الناس بأقربائهم الله سبحانه وتعالى راعى هذه الواقعية في نفوس الناس، في قضية المهاجرات يهاجرن يهاجرن وهن معرضات للفتنة، عدل الإسلام وواقعيته ما ظلمهم، حتى المسلم إذا ارتدت زوجته قال عوضوهم ايضاً إذا حصلتم على غنائم من هؤلاء المشركين عوضوا المسلم الذي ارتدت زوجته يعني العدل في جميع الجوانب. الحفاظ على عقيدة المسلمة وعرضها وشرفها، التعويض على الزوج الكافر الذي ذهبت زوجته، التعويض على المسلم الذي ارتدت زوجته.
د. الشهري: نقطة رائعة في الختام. شكر الله لكم، باسمكم جميعاً أشكر الدكتور مصطفى مسلم أستاذ الدراسات العليا بجامعة الشارقة وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً والخبير في مركز تفسير للدراسات القرآنية بالرياض حالياً على ما تفضل به وأرجو أن تكون هذه الحلقة خير فاتحة لحلقات هذا الشهر المبارك نسال الله أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن ولعلكم إن شاء الله تشاركون في المسابقة علماً أن الجواب عن طريق مركز تفسير للدراسات القرآنية ألقاكم غداً إن شاء الله في مثل هذا الوقت والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رابط الحلقة على اليوتيوب:
http://www.youtube.com/watch?v=vmOuzqx34Dw&feature=plcp
روابط التحميل
جودة عالية فيديو
http://archive.org/download/thexinxy…fsir1433e1.AVI
جودة متوسطة
http://archive.org/download/thexinxy…fsir1433e1.WMV
جودة صوت