برنامج بينات

برنامج بينات 1428 – الجزء الرابع عشر

اسلاميات

الحلقة الرابعة عشر

بينات 1429 هـ – الحلقة 14

 

الشيخ محمد الخضيري: بالمناسبة يا دكتور عبد الرحمن كتابكم إن شاء الله الذي سيصدر قريباً “الشاهد الشعري” ما أدري ما فكرته؟ وما سبب تأليفه أيضاً؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يا أخي العزيز هو رسالتي للدكتوراه التي كتبتها في الدكتوراه عنوانه “الشاهد الشعري في تفسير القرآن الكريم” وتأخرت طباعته لكثرة مشاكل النشر وكذا لكنها على وشك الصدور إن شاء الله.

الشيخ محمد الخضيري: تقع في مجلد إن شاء الله؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سيخرج مجلداً يمكن في تسعمائة صفحة تقريباً وأرجو إن شاء الله أنه يصدر قريباً بإذن الله.

الشيخ محمد الخضيري: أسأل الله أن ينفع به.

الشيخ مساعد الطيار: لكن معه الفهارس؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إيه مع الفهارس طبعاً قال لي صاحب دار النشر قال لو أخرجناه في مجلدين لقلّ الإقبال عليه يقول عندنا بعض الكتب القيمة في مجلدين ما مشت

الشيخ محمد الخضيري: يرتفع سعرها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يرتفع سعرها من جهة وأيضاً الشحن إلى آخره فيقول دعنا نجعله في مجلد واحد ولو يكون كبير قليلاً أنا أرى أنه أفضل وذكر لي مميزات وكذا.

الشيخ محمد الخضيري: ما فكرة الكتاب؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هي دراسة تأصيلية لموضوع الاستشهاد بالشعر في تفسير القرآن الكريم يعني تلاحظ الآن وأنت تقرأ في بعض كتب التفسير الاحتجاج بالشعر.

الشيخ محمد الخضيري: كثير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني مثلاً يقولون ومعنى كذا معنى قوله تعالى مثلاً (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37)) [المعارج] فيأتي الطبري يقول: والعزون هم حِلَق الرفاق التي تتحلق حول الشخص ومن ذلك قول عبيد بن الأبرص:

وجاءوا يهرعون إليه حتى    يكونوا حول منبره عزينا

فيستشهد بالشعر على معاني الألفاظ أو غريب القرآن الكريم.

الشيخ محمد الخضيري: وحتى على الأساليب أيضاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم على الأساليب وعلى الألفاظ. ففكرة الكتاب وفكرة الموضوع هو دراسة تأصيلية لطريقة المفسرين في الاستشهاد بالشعر وما هي الشواهد التي استشهدوا بها وما هي القواعد والضوابط التي ساروا عليها في اختيارهم للشواهد الشعرية وإلى آخره. إن شاء الله نهدي لك نسخة إن شاء الله إذا طبع.

الشيخ محمد الخضيري: أسأل الله أن يتقبل وأن يجعله عملاً صالحاً، لكن مسائل نافع وابن عباس هي قائمة على هذا المعنى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم، نعم درستها في فصل كامل.

الشيخ محمد الخضيري: هل هي صحيحة وثابتة؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني كثير منها صحيح وورد منها كثير بعضها في كتب السنة، وقد ثبت أن رجلاً كان يأتي إلى ابن عباس ويقول: الناشئة في القرآن تختلف علي فلما درست الروايات وجدت أنه هو ابن الأزرق صرح به في مواضع وأُبهم في مواضع، وهناك أيضاً وردت في بعض المواضع فيها احتجاج بالشعر وفي بعض المواضع ليس فيها احتجاج بالشعر وقد درستها في فصل إن شاء الله أنه يحوز على رضاك.

الشيخ محمد الخضيري: أرجو، جزاك الله خيراً. لكن تعتبر أصلاً في هذا الباب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أرجو ذلك. طبعاً هي مسائل نافع تقصد.

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم، نعم، تعتبر أصلاً في هذا وعمر بن الخطاب أيضاً قد ورد عنه أنه سأل أو أشار إلى هذا في القصة المعروفة يا أبو عبد الملك التي يقولون أنه وهو يقرأ سورة النحل.

الشيخ محمد الخضيري: ستأتي معنا بعد قليل تخوف الرحل منها تامِكاً قِرداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طيب نخليها حتى.

الشيخ محمد الخضيري: أحسن.

الشيخ مساعد الطيار: لكن أبو عبد الله لنختم موضوع “الشاهد الشعري” خاصة مسائل نافع هل وجدتم مما ذكر من مسائل أبيات احتج بها ابن عباس بعد رواية لشاعر نسب الشعر إليه وهو متأخر عن ابن عباس؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً وهذا من المطاعن التي رددت بها بعض المسائل.

الشيخ مساعد الطيار: بعض المسائل، يعني الطعن فيها من هذه الجهة لا يعني الطعن في أصلها؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا، يعني في نسخة رأيتها لعلك رأيتها التي هي “مسائل الطستي” التي جمعها الدكتور عبد الرحمن عميرة وقال: هذه مسائل الطستي هي مسائل نافع بن الأزرق التي سألها ابن عباس. فلما درست هذا الجزء وجدت فيه مطاعن كثيرة منها على سبيل المثال أنه يحتج بشعراء متأخرين عن ابن عباس كثير مثل بشار بن برد له شواهد في مسائل الطستي مع أنه متى ولد؟ بعد ابن عباس بدهور! وأيضاً هناك استشهاد بشعراء آخرين غير بشار بن برد من المتأخرين ولذلك وجدت أن الدكتور عبد الرحمن عميرة قد جمع المسائل الموجودة في “الدر المنثور للسيوطي” والسيوطي كما تعلمون ذكر مسائل نافع بن الأزرق في “الإتقان” ذكر منها تقريباً ما يقارب المائتين لكنه في “الدر المنثور” أورد 245 مسألة ولكنها مفرّقة في مواضعها من السور.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من التفسير نعم، والحديث يطول عن مسائل نافع بن الأزرق.

الشيخ محمد الخضيري: هو أكثر من استوعبها وجمعها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هو والسيوطي نعم.

الشيخ مساعد الطيار: عندنا سورة الحجر.

الشيخ محمد الخضيري: عندنا اليوم سورة الحجر والنحل نسأل الله أن يعيننا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الجزء الرابع عشر باعتبار أن اليوم هو الرابع عشر.

الشيخ محمد الخضيري: نعم، في قول الله عز وجل (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1)) [الحجر] أنا أقول التعبير بـ (تِلْكَ) ينبغي أن ينتبه له الإنسان فهي إشارة طبعاً إلى هذه الآيات التي أنزلها الله عز وجل، ولم يقل “هذه آيات القرآن” أو “آيات الكتاب وقرآن مبين” وإنما يشير باسم الإشارة الدال على البُعد يعني للدلالة على فخامتها وعلو منزلتها وشرفها ورفعة من يتلوها ومن يأخذ بها فهو لون من ألوان التشريف بأسلوب عربي رائع جداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثله يا دكتور محمد في سورة العنكبوت أو عفواً في سورة القصص في آخرها عندما قال: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا) [القصص:83] فعبّر بتلك للإشارة إلى علو قدر هذه الجنة ومكانتها.

الشيخ محمد الخضيري: ومثلها ذلك أيضاً في سورة البقرة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)) المفسرون يقولون (ذَلِكَ) بمعنى “هذا” وهناك فرق في الدلالة اللغوية بين هذا وذلك لكن المعنى يراد به تشريف الكتاب والإشارة إلى علو منزلته وشرفه ورفعته.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وبمناسبة “الشاهد الشعري” عندما قلتم هنا في هذا الموضع (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ) دائماً المفسرون يحتجون بشاهد شعري لخُفَافِ بْنِ نُدْبَةَ السُّلَمِيِّ.

الشيخ مساعد الطيار: إنني أنا ذلكا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم. يقول:

أقول له والرُّمْحُ يَأْطُرُ مَتنهُ     تَأَمَّل خفافا إنني أنا ذَلِكَا.

يعني يقول إنني أنا ذلك الرجل الذي كنت تسخر منه.

الشيخ مساعد الطيار: في هذه الصفحة، الصفحة الأولى قوله سبحانه وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) [الحجر] طبعاً ملاحظ أنه قال (إِنَّا نَحْنُ) دلالة على ماذا؟ على العظمة ونسب سبحانه وتعالى الإنزال إلى نفسه قال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) فهل نزل القرآن مباشرة من الرب إلى محمد صلى الله عليه وسلم وإلا بواسطة؟ نقول بواسطة جبريل عليه السلام.

الشيخ محمد الخضيري: جبريل عليه الصلاة والسلام، ولم يثبت أنه نزل شيء من القرآن من الرب على محمد من دون واسطة.

الشيخ مساعد الطيار: نعم. ولما قال (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) أيضاً هناك واسطة في ماذا؟ في الحفظ، وهو عمل الرسول صلى الله عليه وسلم لما حرص صلى الله عليه وسلم على تحفيظ أمته القرآن وكذلك على كتابته ثم مَنْ جاء بعده من الخلفاء أبو بكر لما جمع القرآن ثم عثمان لما نسخ المصاحف فالله سبحانه وتعالى تكفل بحفظه وهيّأ الأسباب لحفظه. ولهذا لو نظرنا إلى الكتب السماوية لا نجد إطلاقاً ما يقارب القرآن أو يدانيه أبداً في ماذا؟ في الحفظ والتوثيق ولهذا حُفِظ القرآن في عهد الصحابة بأدق ما يمكن أن يُحفظ به ولا يمكن أن يتصور دقة للحفظ أكثر مما فعله الصحابة وهذه قضية تجعل الإنسان يقول كيف سبحان الله هذا الكتاب منذ أن أنزله الله ونسخ وكتب وتدارسه المسلمون لم يتغير فيه حرف واحد؟! ولا يستطيع أحد أن يغير حرفاً واحداً والقصص في هذا كثيرة جداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جداً.

الشيخ مساعد الطيار: مثل الناسخ الذي كان ما أذكر هل هم اليهود أو النصارى؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم الذي كان في عهد المأمون.

الشيخ مساعد الطيار: نعم فكتب كتاب اليهود وبثّه بينهم فلم ينكروه وغيّر فيه وكذلك النصارى وأيضاً نفس القضية ولكن لما كتب المصحف اكتشفهم طلاب في الكتاب اكتشفوه.

الشيخ محمد الخضيري: أو أحد في سوق الوراقين.

الشيخ مساعد الطيار: وفي رواية أيضاً في قصص أخرى أيضاً أحد الوراقين وفي روايات أنه أحد الصغار اكتشف هذا الخطأ فهذا يدل على ماذا؟ على تمام حفظ الله سبحانه وتعالى لكتابه ولو كان المقام يسمح لذكرنا بعض الشُبَه التي تورد مثل قضية الأحرف السبعة أو القراءات أو قضية ما تُرِكت تلاوته أو غيرها هذه قضايا لا تؤثر على حفظ هذا الكتاب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فيه قصة طريفة حدثني بها أحد الإخوان في إحدى الدول الإسلامية يقول: تعلمون أنه إذا تم استيراد مجموعة من المصاحف أنه لا بد تعرض على جهات مختصة وزارات الأوقاف مثلاً.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قال: فجاءت كمية من المصاحف كبيرة جداً قال: وأحيلت المطبوعات للفسح قال: فوقعت في يد موظف عادي في هذه الدائرة قال: فنظر في المصحف فتح مباشرة قال فوقعت عينه على تحريف حرف واحد إما بدل (من) (عن) أو (إلى) (على) أو شيء من هذا قال: فكتب مباشرة عليه قال هذا موضع تحريف يقول أول ما وقع عليه نظري هو هذا التحريف قال: فسجلته. قال: فتوجست وقلت أكيد المصحف الآن مليء بالتحريف قال: فشكّلنا لجنة وأعطينا كل واحد من أعضاء اللجنة نسخة ثم اجتمعنا قال: فأخذناه من أوله إلى آخره فما وجدنا فيه إلا هذا الموضع الذي رأيته أول مرة.

الشيخ محمد الخضيري: هذا حفظ إلهي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فهذا حفظ من الله. أضف إلى ذلك القصة التي ذكرها الدكتور فعلاً قصة عجيبة هذا الرجل كان خطاطاً يا دكتور يقول كان خطاطاً وكان يجالس المأمون وكان المأمون يتمنى أنه يُسلِم لجودة خطه وذكائه وكذا فكان يقول له أسلِم وكان يعده ويقول أعطيك كذا وكذا وكان يقول اتركني يا أمير المؤمنين على ما أنا عليه، ثم غاب عنه مدة فرجع فإذا به قد أسلم فسأله عن السبب فحدّثه بما ذكره الدكتور مساعد.

الشيخ محمد الخضيري: اختبار عملي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يقول: كتبت نسخة من التوراة وجوّدت خطها وبدّلت وزدت ونقصت قال: فَسُرّ بها أحبار اليهود واشتروها بغالي الأثمان قال: فعلمت أنه دين غير محفوظ.

الشيخ محمد الخضيري: قال ووجدتهم يقرؤونها في بعض بيعهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قال ثم صنعت ذلك مع النصارى قال فلما صنعت هذا مع المسلمين قال ردّني صغار الوراقين قالوا هذا لا يروج عندنا هذا فيه خطأ هنا وفيه خطأ هنا وفيه خطأ. فلا شك (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) في غاية الوضوح. فيه مسألة وهي في قوله (إِنَّا) التي ذكرها الدكتور محمد وأن المقصود بـ (إِنَّا) هنا التعظيم يعني أن الله يعبّر عن نفسه بصفة الجمع فيقول: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا) وفعلنا وكذا (إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34)) [الصافات] وهو يتحدث عن نفسه سبحانه وتعالى. أذكر واحد بريطاني قال يوماً قال: أنتم تقولون إن دينكم دين التوحيد وأزعجتم الناس التوحيد، التوحيد، التوحيد، لكن الذي يقرأ في ترجمة كتابكم يجد أن الشرك على أشدّه تقولون أن فيه توحيد والله يقول (إِنَّا نَحْنُ)، (إِنَّا نَحْنُ)، (إِنَّا نَحْنُ) جماعة هؤلاء وليس مفرداً فقلت هذا تعظيم قال: لكن الذي أفهمه أنا أنه شرك، فقلت: أسألك سؤالاً، ملكة بريطانيا عندما تصدر مراسيم ملكية ماذا تقول؟ هل تقول I am أو تقول we are؟ قال تقول: we are. نحن كذا، نحن ملكة بريطانيا وحتى في صيغ الملوك كما هو معلوم.

الشيخ محمد الخضيري: معروف نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فقلت هو تماماً نفس الموقف، هذا أسلوب تعظيم والله سبحانه وتعالى أولى بالتعظيم من البشر.

الشيخ محمد الخضيري: نعم لا شك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فقال أما هذه فنعم صح. هذه لفتة مهمة جداً بلاغية عندنا وعند غيرنا قال حتى في الفرنسية وحتى في الإيطالية. فانظر حتى كيف تقع الشُبْهَة في نفوس بعض غير المسلمين من مثل هذه المواضع البلاغية.

الشيخ محمد الخضيري: هنا يا دكتور عبد الرحمن في آخر هذا الوجه قال: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا) [الحجر] أنا أذكر وأنا أقرأ القرآن تُحكى لنا في القرآن طلبات المشركين يعني أن تُحوّل مثلاً مكة إلى جنان وأنهار وأن يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم خدم وحشم وقصور وغير ذلك لماذا لم يجابوا حتى يسلموا؟ والحقيقة أن الجواب في هذه الآية لو فعل الله ما طلبوا سيجيبون بجواب يعلن عن كفرهم اُنظر مثلاً جوابهم لو فتح الله لهم باباً إلى السماء فظلوا فيه يعرجون ماذا سيقولون؟

الشيخ مساعد الطيار: (سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا).

الشيخ محمد الخضيري: (سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا) فالله عز وجل لم يُجبهم رحمة بهم لأنه لو أجابهم إلى ما طلبوا ثم لم يؤمنوا لأنزل بهم العذاب في الدنيا لأن كان عندهم شيء من العذر ما دام لم يجابوا أن يستأنى بهم فلا يُعذَّبوا (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا) إما أن تكون أُغلقت وإما أن تكون.

الشيخ مساعد الطيار: سُحِرت.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم سحرت نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا لعلكم قرأتم ما تحدث به بعض العلماء من الإعجاز العلمي في هذه الآية يا دكتور مساعد.

الشيخ مساعد الطيار: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في قوله سبحانه وتعالى: (لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا) فيقولون (سُكِّرَتْ) بمعنى أُغلِقت.

الشيخ مساعد الطيار: وهذا أحد أوجه التفسير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم وهذا أحد أوجه التفسير كيف؟ قالوا أن الإنسان إذا صعد إلى السماء فإنه يصل إلى منطقة لا يرى فيها شيئاً إلا ظلاماً دامساً، فيقول لو حصل أننا فتحنا لهم باباً وصعدوا إلى السماء فعلاً لكنهم لن يروا شيئاً لأن طبيعة المنطقة وطبيعة الارتفاع وكذا سوف تجعلهم لا يرون إلا ظلاماً في السماوات سوف يقولون أغلقت أبصارنا ولن يعترفوا أنهم عرجوا فعلاً أو عُرِجَ بهم إلى السماء وهذه من لطائف ما يتكلم به أهل الإعجاز العلمي في مثل هذه الآيات.

الشيخ مساعد الطيار: قوله سبحانه وتعالى وهو يتحدث عن نعيم أهل الجنة قال: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)) [الحجر] قوله: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) الحقيقة أنها يعني لما يتأمل المسلم هذا المقطع يجد عجباً لأنه إذا تأمل حال الناس في الدنيا يجد أن الغلّ موجود وأحياناً والعياذ بالله قد يكون بين الإخوة الذين يكونون من بطن واحد أما في الجنة فلا.

الشيخ محمد الخضيري: ينزع نزعاً.

الشيخ مساعد الطيار: فإنه ينزع وهذا من تمام النعمة ولهذا الذي يكون في أدنى الجنة لا يرى أن من هو في أعلى الجنة له مزية وفضل عليه وهذه قضية لو تأملها المسلم يقول سبحان الله كيف؟ أما اليوم في الدنيا فلا، تجده مهما كان يحس بالفرق ليس هناك واحد يقول ليس بيني وبين فلان فرق.

الشيخ محمد الخضيري: وهذه من منغصات الدنيا يا أبا عبد الملك.

الشيخ مساعد الطيار: نعم.

الشيخ محمد الخضيري: لكن في الجنة يذهب هذا المنغص الذي هو الغل.

الشيخ مساعد الطيار: وهو نعمة يعني ذهابه نعمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حتى التعبير في بعض الآيات قال: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) نزع

الشيخ محمد الخضيري: لا وكلمة (من) هذه أيضاً للاستغراق.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا يبقى شيء.

الشيخ محمد الخضيري: لا يبقى منه شيء. قبل ذلك بصفحة يا أبا عبد الملك قول الله عز وجل: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)) [الحجر] حقيقة آية تملأ القلب هيبة ومحبة وإجلال لله عز وجل ما من شيء إلا وخزائنه عند الله عز وجل من العلوم من المال من القطر من الأرزاق كل شيء سبحان الله حتى القبول خزائنه عند الله سبحانه وتعالى ثم قال: (وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)) حتى هذه القطرات التي تنزل من السماء تنزل بقدر.

الشيخ مساعد الطيار: قطرة، قطرة.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم، ولذلك أنا أذكر وقفة للشيخ ابن عثيمين في هذه الآية يقول: قول العامة إذا نزل مطر كثير قالوا هذه قطرة ما وُزِنَت يقول هذه مضادة للقرآن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه قطرة ماذا؟

الشيخ محمد الخضيري: ما وزنت يعني شيء كثير إنه خارج عن الميزان.

الشيخ مساعد الطيار: يعني من كثرته.

الشيخ محمد الخضيري: يقول لا (وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)).

الشيخ مساعد الطيار: من لطائف تفسير قتادة عند هذه الآية يقول: إنه ليس ماء يعني مطر أكثر من مطر في السنة ولكن يفرّقه الله سبحانه وتعالى على الأرض.

الشيخ محمد الخضيري: قد يكثر على هؤلاء ويقل على هؤلاء.

الشيخ مساعد الطيار: وهذه إن ثبتت فهي من اللطائف.

الشيخ محمد الخضيري: في قوله: (فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ) [الحجر:22] يقال إن هذه أطول كلمة في القرآن في قوله (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ) [الحجر:22].

الشيخ مساعد الطيار: أحد عشر حرف.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: و (فَسَيَكْفِيكَهُمُ) [البقرة:137] كم حرف؟

الشيخ محمد الخضيري: أقل منها.

الشيخ مساعد الطيار: طيب (أَنُلْزِمُكُمُوهَا) [هود:28]؟

الشيخ محمد الخضيري: أيضاً أقل منها.

الشيخ مساعد الطيار: أقل؟

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه الحقيقة بعض الأسئلة تأتينا ويقولون ما هي أطول آية؟

الشيخ مساعد الطيار: أطول كلمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله هذه الحقيقة تحتاج واحد يجلس يحسب.

الشيخ محمد الخضيري: نعم. الحقيقة مما يلفت في هذه السورة أو في قصة آدم في هذه السورة قوله: (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28)) [الحجر] دكتور عبد الرحمن نجد اختلاف التعبير عن خلق آدم مرة من تراب ومرة من طين ومرة من حمأ مسنون فما هو الجواب في ذلك؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه مراحل “مراحل الخلق” أنه أصله من التراب ثم أصبح كما قال هنا: (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28)) أنه الطين الذي قد أوقد عليه حتى اسودّ والمقصود بالمسنون هنا المصبوب كأنه قد صُبَّ أو شُكِّلَ تشكيلاً معيناً حتى اشتد وصار كالفخار له صوت أو كالصلصال.

الشيخ مساعد الطيار: بمعنى صوّت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم بمعنى صوّت أليس في الحديث أن إبليس مرّ على آدم وهو يطيف به وهو أصبح له هذا الشكل مجوف وله صوت فقال: هذا الخلق أشرف مني، كما في الحديث. فهذه تدل على مراحل خلق آدم عليه الصلاة والسلام وأنه خلق من طين ثم أصبح صلصالاً ثم أصبح إلى آخره.

الشيخ محمد الخضيري: هنا وقفة لسفيان بن عيينة رحمه الله وهو من أصحاب الفهوم الثاقبة لكتاب الله عز وجل قال: يا ابن آدم لا تيأس من دعاء ربك، فإن إبليس وهو شرّ الخلق قد دعا الله فأجابه (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37)) [الحجر] فإذا كان إبليس قد أجيب دعاءه فحريٌ بك وأنت المؤمن الموحِّد على ما عندك من المعاصي والمخالفات والهفوات حريٌ بك أن تُجاب فلا تيأس من ربك سبحانه وتعالى ولا تقنط من رحمته ولا تستبطئ الإجابة ألِحّ على ربك فإن الله عز وجل سيجيبك أو يعطيك خيراً أو يدفع عنك شراً.

الشيخ مساعد الطيار: قوله سبحانه وتعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)) [الحجر] مقام الرجاء ومقام الخوف ولهذا تجد اختلال مقام الرجاء ومقام الخوف عند الناس يؤثر على عباداتهم فإذا قُدّم مقام الرجاء كثُرت الذنوب وإذا قُدّم مقام الخوف كثُر القنوط ولهذا الله سبحانه وتعالى يقول: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)) [الحجر] وهذا تقديم المغفرة على العذاب يتناسب مع كون الله سبحانه وتعالى قال: «إن رحمتي سبقت غضبي» وهذه قاعدة كلية ولهذا لو تأملت آيات القرآن تجد بالفعل أنه يصدق عليها مثل هذا الموطن فابتدأ بالمغفرة ثم ذكر بعد ذلك العذاب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإن كان في بعض المواضع أحياناً يقدم العذاب.

الشيخ مساعد الطيار: على حسب السياق لكن الأصل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنه يقدم المغفرة.

الشيخ مساعد الطيار: نعم.

الشيخ محمد الخضيري: قال: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39) أَلَمْ) [المائدة] ما الآية في سورة المائدة؟ لكن قال (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ) [المائدة:40].

الشيخ مساعد الطيار: لمناسبة السياق.

الشيخ محمد الخضيري: لمناسبة إي نعم السياق.

الشيخ مساعد الطيار: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في قوله سبحانه وتعالى في سورة العنكبوت قال: (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21)) [العنكبوت] فقدم العذاب على المغفرة لاقتضاء السياق.

الشيخ محمد الخضيري: لأنه جاء في موطن النذارة. في قوله: (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)) [الحجر] كلمة (ضَيْفِ) في ظاهرها لفظ مفرد يعني يدل على المفرد لكن هي الحقيقة تدل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: على العموم.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأن المفرد المضاف يدل على العموم.

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فإذا قلت بسم الله، ما المقصود بسم الله؟ يعني يصح فيها أن يكون أي اسم لله الرحمن الرحيم العزيز الكريم لأن المفرد إذا أضيف كما في قوله سبحانه وتعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ).

الشيخ محمد الخضيري: (لَا تُحْصُوهَا) [النحل:18].

الشيخ مساعد الطيار: (لَا تُحْصُوهَا) [النحل:18].

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (نِعْمَةَ) مفرد لكنها أضيفت ولو كانت مفرد ما كان قال في آخرها (لَا تُحْصُوهَا) لكن دليل على أنها تدل على العموم أنه قال في آخرها (لَا تُحْصُوهَا) كما في هذه الآية (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ) [الذاريات:24] أي ضيوف إبراهيم.

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ مساعد الطيار: ما هو سبب وجل إبراهيم عليه السلام لما دخل عليه أضيافه؟ قال (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52)) [الحجر] هل هو المفاجأة لأنه قال: (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) فدخولهم المفاجئ هذا وعددهم وكونهم غرباء لا يُعرَفون من هذه الأرض يورث عنده مثل هذا؟

الشيخ محمد الخضيري: قد يفسره قوله: (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25)) في سورة الذاريات .

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ) [الحجر:57] والخطب هو الأمر الجلل العظيم، ما جاء بكم إلا شيء.

الشيخ محمد الخضيري: في قول الله عز وجل: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)) [الحجر] قال العلماء: هذا فيه تشريف لمحمد صلى الله عليه وسلم حيث لم يُقسِم الله بأحدٍ من خلقه في القرآن إلا به فأقسم بحياته عليه الصلاة والسلام، ولا شك الحقيقة أنك لما تقرأ قسم الرب بحياة محمد صلى الله عليه وسلم هذا شرف عظيم لم يحظى به أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشيخ مساعد الطيار: لكن العجيب مع إجماع المفسرين على هذا إلا أن الزمخشري أغرب هذا الموطن وذهب إلى أن القسم بحياة لوط عليه السلام وهذا يدلك على مسألة مهمة جداً وهي الرجوع إلى أقوال السلف رحمهم الله ولهذا لم يخالف ولا وقع خلاف بينهم في أن المُقسَم به هنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشيخ محمد الخضيري: والخطاب يدل على ذلك، كيف يقال للوط: لعَمرُك؟.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تلاحظون أيها الإخوة في العذاب الذي أصاب الله به الأمم السابقة سبحان الله العظيم كيف يكون مع بزوغ الصبح يأخذهم الله سبحانه وتعالى مع بزوغ الصبح بغتة فانظر في قوله سبحانه وتعالى في قصة لوط قال (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ) متى؟ قال (مُصْبِحِينَ (66)) [الحجر] وقال بعد ذلك في قصة أصحاب الأيكة قال: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83)) [الحجر] وذكر هذا في أمم أخرى يعني سبحان الله تلاحظ الآن المدن والقرى في وقت الصباح في غفلة.

الشيخ محمد الخضيري: في هدوء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وفي هدوء وفي سكينة.

الشيخ محمد الخضيري: فيأتي

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يأتي العذاب في هذه اللحظة.

الشيخ محمد الخضيري: نسأل الله العافية والسلامة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك يقول الشاعر:

يا راقد الليل مسروراً بأوله    إن الحوادث قد يطرقن أسحارا

سنة الله سبحانه وتعالى في أخذ هؤلاء المكذبين في هذا الوقت البغتة.

الشيخ محمد الخضيري: وأنا أذكر بهذه المناسبة الزلزال الذي حصل في الهند قبل خمس أو ست أو سبع سنوات تقريباً حدث بعد أذان الفجر أو أثناء صلاة الفجر لاحظ معي الذين خرجوا لصلاة الفجر لم يصيبهم شيء وقتل في ذلك الزلزال خمسة وعشرين ألف نسمة لاحظوا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أُخذوا بغتة.

الشيخ محمد الخضيري: أُخذوا بغتة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: غير مستعدين.

الشيخ محمد الخضيري: والذين ناموا أو قد بيّتوا أن يناموا عن هذه الفريضة صاروا تحت الأنقاض نسأل الله العافية والسلامة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله هذه فيه لفتة إلى مكانة صلاة الفجر وأهمية الاستيقاظ لها، كثير من الناس يا إخوان فرطوا في صلاة الفجر في المساجد وأصبحوا ينظرون إليها نظرة لا مبالاة.

الشيخ محمد الخضيري: نسأل الله العافية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تجده أنه يوقت الساعة كم واحد يسأل يوقت الساعة على توقيت الدوام.

الشيخ محمد الخضيري: أعوذ بالله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولا يوقتها على توقيت الصلاة.

الشيخ محمد الخضيري: الشيخ ابن باز يرى أن من فعل ذلك وصلّى عندما يقوم للدوام أن صلاته غير صحيحة لأنه أدى الصلاة على غير ما أمر الله عز وجل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ» يعني أن صلاته لن تقبل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هو متعمِّد.

الشيخ محمد الخضيري: إيه متعمد. ويرى أنه كفر وهذا خطير والله هذا خطير. في قول الله عز وجل (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)) [الحجر] يقولون هذه الآية الوحيدة في القرآن التي دلت على موضوع الفراسة والفراسة حق، الفراسة حق ويؤتيها الله عز وجل من شاء من عباده وتكون عند أهل الإيمان يتفرسون.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: المتوسم هو؟

الشيخ محمد الخضيري: المتفرّس الذي يعرف من محيا وسيما من يحدّثه صادق أو كاذب، عنده مشكلة أو لا، إلى آخره يستطيع أن يقرأ الأحداث من وجه المتحدِّث.

الشيخ مساعد الطيار: قوله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)) [الحجر] هذه الآية بيّناها النبي صلى الله عليه وسلم بياناً شافياً واضحاً فقد فسر السبع المثاني بأنها سورة الفاتحة وهي أيضاً القرآن العظيم قال: «هي السبع المثاني وهي القرآن العظيم الذي أوتيته» وقد يستغرب بعض الناس حينما يقرأ في هذه الآية وجود خلاف بين المفسرين كيف أن بعضهم قال إن السبع المثاني هي السبع الطوال ونقول في مثل هذا المقام إن كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا شك أنه هو المقدم ويعتذر لمن قال بغير هذا القول أنه لم يبلغه.

الشيخ محمد الخضيري: الحديث.

الشيخ مساعد الطيار: هذا الحديث فقال باجتهاده فقط.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثم جاء المفسرون بعد ذلك نقلوا الأقوال.

الشيخ مساعد الطيار: نقلوا الأقوال نعم نقلوا لكن المقدّم بلا ريب هو قول النبي صلى الله عليه وسلم وإذا ثبت النص طاح ما دونه كما يقول ابن حجر رحمه الله تعالى.

الشيخ محمد الخضيري: لاحظ معي يا أبا عبد الملك في قوله «السبع المثاني» لو حملناها على السبع الطوال ما صحّ هذا الكلام.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنها لا تثنى.

الشيخ محمد الخضيري: لا تثنى في ركعات الصلاة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما تثنى الفاتحة.

الشيخ محمد الخضيري: كما تثنى الفاتحة، الفاتحة تثنى في كل ركعة وتردد وتكرر فهو الوصف ينطبق عليها دون غيرها.

الشيخ مساعد الطيار: نعم. جيد إنه المثاني من الثني.

الشيخ محمد الخضيري: من الثني.

الشيخ مساعد الطيار: وهو طيّ الشيء وإعادته على نفسه ولهذا أقول ثنيت الورقة كما الآن ثنيت الورقة هذا ثني طويت أولها على آخرها.

الشيخ محمد الخضيري: لعل نختم هذه السورة بقول الله عز وجل (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)) [الحجر] وفيها وقفتان أولاً عبادة الله عز وجل لا حدّ لها وأن مقام العبد من ربه سبحانه وتعالى بقدر ما منزلته في العبودية وإذا كان هذا التوجيه لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يعبد الله حتى يأتيه الموت فغيره كذلك. الثانية قوله (حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)) اليقين هو الموت وقد دلّ القرآن على ذلك في سورة المدثر (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)) هذا من تفسير القرآن بالقرآن وقد أجمع المفسرون على أن اليقين هو الموت وهذا فيه الردّ على بعض منحرفي وغُلاة الصوفية الذين يقولون اليقين هي مرحلة من بلغها سقطت عنه التكاليف.

الشيخ مساعد الطيار: لمَ لمْ تسقط عن النبي صلى الله عليه وسلم؟!

الشيخ محمد الخضيري: الذي بلغ أعلى المراحل وأكمل الدرجات عليه الصلاة والسلام ننتقل إلى سورة النحل تسمى عند كثير من أهل العلم سورة

الشيخ مساعد الطيار: النعم.

الشيخ محمد الخضيري: لأن الله سبحانه وتعالى ذكر فيها أنواع النعم.

الشيخ مساعد الطيار: وفيها (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ) [النحل:18].

الشيخ محمد الخضيري: وفيها (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)) [النحل].

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولاحظوا أنه بدأها بأعظم النعم وهي نعمة الوحي سبحان الله العظيم عندما قال (يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2)) [النحل] فبدأها بنعمة الوحي التي تعتبر ما سواها من النعم فرع عنها.

الشيخ محمد الخضيري: نعم لأنها هي الحياة الحقيقة ولذلك سماها روحاً قال (يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ) كأنها الحياة لا تكون إلا بهذه الروح كما أن حياة البدن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يسمى جبريل عليه الصلاة والسلام روحاً.

الشيخ محمد الخضيري: روح والقرآن روح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن هنا يسمي الوحي نفسه روحاً وأن الملائكة تنزل بهذا الروح.

الشيخ محمد الخضيري: يقول الشيخ السعدي أن هذه السورة بدأت بذكر أصول النعم ثم ثنّت

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالتفاصيل.

الشيخ محمد الخضيري: بالتفاصيل والكمالات وهذا يفسّر لك ما سيأتينا إن شاء الله (سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) [النحل:81] يعني يمتن الله على عباده بأنه قد خلق لهم سرابيل تقيهم الحر، طيب ما يقيهم البرد أولى مما يقيهم من الحر لأن الناس في الحر قد يتخففون من الثياب، حاجة الناس إلى اللباس في البرد أشد من حاجتهم فأين هي؟ طبعاً أكثرهم يقول إنها إذا كانت النعمة في سرابيل الحرّ فمن باب أولى يقال لا، الجواب الأتم في هذا أن سرابيل البرد من أصول النعم التي لا يستغنى عنها الإنسان قد يموت بسبب البرد إذا لم يكن عليه لباس هذه ذُكِرت في أول السورة في أصول النعم قال (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ) [النحل:5] وهنا الحقيقة تعرف إن كيف الإنسان إذا جمع السورة بكمالها وتأملها وتدبرها استطاع أن يستنبط المعاني ويحل المشكلات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا صحيح هذا التفسير الموضوعي من أنواعه تفسير السورة تفسيراً موضوعياً ومن أهم أهدافه الفكرة التي ذكرتها يا دكتور جمع السورة أولها وآخرها والنظر وتقليب النظر في أولها وفي آخرها حتى تبين مثل هذه المعاني يعني مثل هذا المعنى الذي ذكره الدكتور محمد الآن معنى لطيف يعني في قوله سبحانه وتعالى (سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) ويأتي دائماً السؤال أين سرابيل البرد؟

الشيخ محمد الخضيري: وهي أهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهي أهم ثم يتمحّل في الأجوبة لكن عندما تنظر في أول السورة فإذا بها واضحة (لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ) [النحل:5].

الشيخ مساعد الطيار: نعم بالمناسبة في قضية التفسير الموضوعي من خلال السورة شيخنا مصطفى مسلم عنده مشروع الآن قام به مع مجموعة من الباحثين يشرف عليه هو في تفسير القرآن تفسيراً كاملاً تفسيراً موضوعياً على هذه الشاكلة يعني تفسير كل سورة تفسيراً موضوعياً فيحدد لها موضوع وتفسر بناء عليه على ما هو معروف من قضية التفسير الموضوعي في تفسير موضوعات السورة. قوله سبحانه وتعالى (وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ) [النحل:9] قد يقع يا أبا عبد الله وَهْمٌ في مردّ الضمير في قوله (وَمِنْهَا جَائِرٌ) فإلى ما يعود؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في قوله سبحانه وتعالى (وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ) [النحل:9] بعض الناس يفهم كما تفضل الدكتور مساعد أن المقصود (وَمِنْهَا جَائِرٌ) أي ومن هذه الخيل والبغال والحمير.

الشيخ محمد الخضيري: عجيب.

الشيخ مساعد الطيار: التي ذكرت قبل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: التي ذكرت في الآية التي قبلها والصحيح أن قوله (وَمِنْهَا جَائِرٌ) يعود على السبيل على السُبُل فمعنى الآية وعلى الله هداية الناس إلى السبيل الأقوم الصحيح وهو سبيل الحق وإلى الطريق المستقيم. (وَمِنْهَا جَائِرٌ) يعني ومن الطرق التي يسلكها الناس طرق الضلال التي تجور بهم عن الطريق المستقيم لأن الجَوْر في اللغة هو الخروج عن الطريق المستقيم ويذكر الدكتور مساعد قول الشاعر:

تخيرتُ من نعمانَ عودَ أراكة           لِهِنْدٍ فمَنْ هذا يُبَلِّغُهُ هِنْدَا؟

إلى أن قال:

وقولا لها ليس الضلال أجارنا          ولكننا جرنا لنلقاكمُ قصدا

فالشاهد أن الجَوْر هو الخروج عن الطريق المستقيم فقوله سبحانه وتعالى (وَمِنْهَا جَائِرٌ) أي ومن هذه الطرق التي يسلكها الناس طُرُق ضلالٍ جائرة عن الطريق المستقيم.

الشيخ محمد الخضيري: في قول الله عز وجل (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلَامَاتٍ) [النحل] حقيقة كلمة (وَعَلَامَاتٍ) تجد بعض الناس قد يقرأها مع قوله (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)) فيلتبس عليه المعنى.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم.

الشيخ محمد الخضيري: كلمة (وَعَلَامَاتٍ) آية عظيمة من آيات الله عز وجل. هذه الأرض لا تكاد تجد فيها شيئاً يشبه بعضه بعضاً وهذا من رحمة الله بعباده جعل لهم علامات تجد هذه أرض سوداء وهذه أرض جبلية وهذه أرض سهلية وهذه أرض بيضاء وهذه أرض لا نبات فيها قفر وهذه أرض كلها نبت وهذه أرض فيها منعرجات ومداخل ومطالع وغير ذلك فهذه علامات لكي يعرف البشر حدود هذه الأرض ومعالمها لئلا يتيهوا فيها. انظر إلى بعض المواقع التي يكون فيها الأرض مستوية من بعيد متصلة بالسماء يعني في خط الأفق كيف يتيه الناس فيها مثل عندنا الآن الصمّان وإلا فيه صمان يا أبو عبد الملك؟

الشيخ مساعد الطيار: الصمان ومواطن كثيرة.

الشيخ محمد الخضيري: يعني سبحان الله تكون أرض منبسطة.

الشيخ مساعد الطيار: والمستوي مثلاً.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم ليس فيها علامة فالداخل فيها قد يتيه فهذه سبحان الله من آيات الله عز وجل التي جعلها في هذه الأرض.

الشيخ مساعد الطيار: من اللطائف قوله سبحانه وتعالى (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17)) [النحل] لاحظ أنها جاءت بعد ذكر آيات كثيرة منذ أن بدأت السورة وهي تذكر آيات من آيات الخلق لله سبحانه وتعالى وهذه دلالة عقلية لهذا المشرك الذي يشرك بالله سبحانه وتعالى ويجعل شيئاً من خلق الله إلهاً فالله سبحانه وتعالى يقول لمثل هؤلاء (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17)) [النحل] كيف ساويتم بين المخلوق والخالق؟! ولا شك أن هذا ضلال مبين ولعلنا ننبّه هنا على أهمية النظر في أدلة القرآن العقلية التي بثها الله سبحانه تعالى في الكتاب في مواطن كثيرة جداً بحيث يستفاد منها لإيصال دعوة الحق. لأن الله سبحانه وتعالى أورد في القرآن الأدلة العقلية التي تتناسب مع كل الناس ما يحتاجون إلى عقل رياضي لكي يفهموه ولهذا نلاحظ أن بعض من يدعو غير المسلمين خصوصاً من يدعو الغرب يتجه في دعوتهم إلى ما يشبه الأساليب الرياضية يريد الإيمان العقلي البحت مع أن المشاهَد وما يُقرأ من أسباب إيمان كثير من هؤلاء من الغرب وغيرهم إنما هو تناسب هذا الدين مع فِطَرِهم فيروا حدثاً يسيراً صغيراً فيؤثر في قلب حياته كلها. فإذاً نقول لمن قد وجّه نفسه لدعوة أمثال هؤلاء احرصوا على الأدلة العقلية القرآنية التي تتناسب مع فِطَر جميع الناس.

الشيخ محمد الخضيري: أو ما كان على منوالها.

الشيخ مساعد الطيار: أو ما كان على منوالها.

الشيخ محمد الخضيري: أدلة واضحة سهلة بيّنة شاهدة يشهدها كل إنسان ويعرفها كل أحد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه المسألة التي ذكرها الدكتور مساعد من أهم ما ينبغي على طالب العلم أن يُعنى به في الدعوة إلى الله العناية بأدلة القرآن العقلية وأدلته التي فيها من القوة وفيها من الوضوح ما نبّه عليه العلماء كثيراً كما نبّه عليه ابن الوزير اليماني في كتابه.

الشيخ مساعد الطيار: “الترجيح وأساليب القرآن”.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: “الترجيح وأساليب القرآن على أساليب اليونان” أبان في هذا إبانة رائعة جداً وجدير بطالب العلم يحاول أن يتفهم دائماً أدلة القرآن.

الشيخ مساعد الطيار: لكن هذا الكتاب يا أبا عبد الله هل له طبعة أخرى غير طبعة دار الكتب العلمية؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا أعرف إلا هذه الطبعة.

الشيخ محمد الخضيري: (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ) [النحل:47] نحن وعدنا الحقيقة أن نتكلم عن كلمة (تَخَوُّفٍ) فما هو التخوف؟ الحقيقة أنا أريد أن ننبه لهذا لأن كثيراً من الناس قد يذهب وهله عندما يقرأ هذه الكلمة إلى مادة الخوف المعروفة والحقيقة أن هناك معنى آخر تفضل يا أبا عبد الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ذكرت لك في أول الحديث عندما تحدثنا عن مسائل نافع بن الأزرق والاستشهاد بالشعر على التفسير أن هناك قصة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه تروى في كتب التفسير وكتب الأدب يقولون أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في أيام خلافته كان على المنبر يخطب فمرّت به هذه الآية في سورة النحل في قوله سبحانه وتعالى (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47)) فلما قرأ هذه الآية الأخيرة (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ) توقف أمير المؤمنين وقال: ما هو التخوّف؟ قالوا: فسكت الناس فلما رأى رجل من هذيل الناس قد سكتوا قال: يا أمير المؤمنين التخوّف عندنا هو التنقص فقال له عمر – وعمر رضي الله عنه كان كما تعلمون يحب التثبت كما في قصة أبي موسى الاشعري في الاستئذان وغيره – قال: وما شاهدك على ذلك؟ قال: قول شاعرنا أبي كبير:

تخوف الرحل منها تامكا قِرداً.         كما تخوّف عود النبعة السَّفَن.