الحلقة الرابعة
تأملات في سورة النساء الآيتين 4 – 5
د. الخضيري : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. مشاهدي الكرام هذا هو المجلس الرابع من مجالس سورة النساء نسأل الله أن ينفعنا بما فيها من العظات والعبر والدروس والأحكام والحكم ومعي في هذا المجلس مشايخ فضلاء الدكتور مساعد الطيار والدكتور عبد الرحمن الشهري الأستاذين بجامعة الملك سعود .مشاهدي الكرام كنا انتهينا من قول الله عز وجل (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)) قبل أن نلج إلى الآيات الأخرى ونتحدث عنها ينبغي لنا أن نستمع إلى هذه الآيات، إلى تلاوتها ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها .
الآيات :
(وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4) وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5))
د. الخضيري : مشاهدي الكرام بعد أن استمعنا إلى هذه الآيات الكريم نحاول أن نلقي الضوء عليها. قبل أن نبدأ فيها كنا قد انتهينا إلى مبحث دقيق في ختام قول الله عز وجل (ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) وبيّنا أن الإمام الشافعي رحمه الله قال (ذلك أدنى أن لا تكثر عيالكم) فالحقيقة كان للدكتور مساعد تعليق حول هذه الآية أرجو منه أن يعيده .
د . مساعد : نعم ، قوله ذلك أدنى بمعنى أقرب، (أَلَّا تَعُولُوا) أن لاتميلوا وتجوروا، هذا هو المعنى الأصل لمعنى تعولوا عال يعول بمعنى مال. والشافعي رحمه الله تعالى ذهب وذهب بهذا زيد بن أسلم رحمه الله من التابعين ذهب بها إلى معنى العيلة لا تفتقروا بسبب كثرة العيال. فهم نظروا إلى أحد أسباب الميل وهو العيلة وكثرة العيال فبسبب كثرة العيال يقع الميل والجور. وهذا الأسلوب أسلوب معروف عند المفسرين وهو الإشارة إلى بعض الدقائق التى لايلتفت إليها بسبب النظر إلى المعنى الأصل وهو يعرف بتفسير السبب أو بالمسبب أو باللازم أو بجزء المعنى وكل هذا يقع في التفسير وهو من فقه التفسير لأنهم أرادوا أن ينبهوا على معنى قد يخفى بسبب النظر إلى أصل اللفظ دون الأسباب. طبعًا من أمثلته لو أردنا أن نمثل لكي نكون أكثر وضوحًا في هذا المنهج ابن جُريج المكي لما جاء إلى قول الله سبحانه وتعالى يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم قال يمتهنوهن ويجعلوهن في الخدمة يعني يكون رقيقًا. لو تأملنا الآن يستحيون نساءكم معناه يسترقون نساءكم يجعلونهن أرقاء؟ الجواب :لا، لأن هذا ليس معنى هذا، لكن واضح من الآية إشارة إلى المعنى الذي ذكره ابن جُريج وهو يستحيون نساءكم فقابل النساء بالأولاد، يذبحون أبناءكم ما قال يستحيون فتياتكم أو بناتكم إنما قال نساءكم إشارة إلى أنهن يُستحيين ليكبرن فيكن في المهنة والخدمة فيكنّ كالرقيق فعبّر باللازم فلا شك أن هذا من فقه النص وأن هذه الإدراكات الخفية عند السلف مما يخفى على من بعض من ينظر إلى تفسيراتهم بالمطابق كذا معناه في اللغة كذا .
د. الخضيري : وهذا يعني أن الإنسان إذا قرأ في تفسير السلف ينبغي له أن لايتعجل بالتخطئة قبل أن يدرك المعنى ومسبباته ولوازمه وما يتصل به حتى يحكم حكمًا صادقًا على كلمة هذا الإمام من أئمة السلف بأنها صحيحة أو خاطئة .
د. مساعد : نعرف أن هذا أسلوب من أساليبهم طبعًا أتعجب من الإمام الطبري رحمه الله لما تعرض لتفسير ابن جُريج قال هذا لايعلم في عربية ولاعجمية واعترض على ابن جُريج اعتراضًا شديدًا مع أنه هو رحمه الله في مواطن كثيرة نبه على أن هذا أسلوب من أساليب المفسرين.
د. الخضيري : لكنها تحتاج إلى دقة في الفهم وبعد في النظر تجعل الإنسان يحمل الكلام على المعنى الذي أراده به ذلك التابعي أو الصحابي .
د. مساعد : صحيح الربط بين المعنيين لا شك يحتاج إلى بصر.
د. الخضيري : ننتقل بعد ذلك إلى الآية التى تليها وهي قول الله عز وجل.
د. مساعد. (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4))
د. عبد الرحمن : نلاحظ الآن الترتيب نلاحظ أنه جاء بالمقدمة في بيان عام بأداء الحقوق (يا أيها الناس اتقوا ربكم) إلى آخره ، ثم جاء بحديث عن اليتامى من الذكور والإناث ثم خصص اليتامى من الإناث بالآية ثم جاء الآن إلى النساء
د. الخضيري : بعد أن ذكرهن في الآية السابقة
د. عبد الرحمن :ذكر جزءًا منهن وهم اليتيمات منهن
د. الخضيري : لا، هذه اليتيمات. لكن ذكر النساء فقال (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) لما ذكر (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ) بيّن أنه إذا نكحتموهن فهنا يأتي موضوع
د. عبد الرحمن : الحقوق (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً). لكن أريد قبل أن نتحدث عن هذه الآية أن نشير إلى معنى جميل في الآية التى قبلها في قوله سبحانه وتعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) أن هنا يعني الله سبحانه وتعالى يقول أن مجرد الخوف من عدم القسط أباح للولي أن يتزوج اثنتين ثلاث أربع كل هذا إكرام لهذه اليتيمة، فهو هنا يقول إذا كان الواحد يعرف من نفسه أنه لايستطيع أن يعدل أو ظنّ فإنه لا يجوز له أن يُقدم لأنه سيدخل في ظلم للمرأة وهذا لاحظوا الآن التعبير بالخوف فيه حفظ في الموضع الأول لحق اليتيمة إذا كنت أنت خائفًا من حق اليتيمة لو تزوجتها من أجل هذا الخوف ورعاية حق هذه اليتيمة أباح الله لك خذ اثنتين وثلاث وأربع لاحظت؟!
د. الخضيري : نعم .
د. عبد الرحمن ثم لما أباح لك الزواج أو الجمع هنا حذّرك وقال: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) فلايجوز لك أن تجمع بين أكثر من واحدة (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) وتكفيك !وهذا المعنى يدلك أولًا على شدة رعاية حقوق هؤلاء اليتيمات والنساء والأمر الثاني يدلك على أنه لا يجوز للرجل أن يجمع مع امرأته غيرها إذا كان يعلم من نفسه ويتيقن أنه لن يستطيع أن يعدل لأنه قد نهى عن ذلك مع الخوف والظن فكيف مع اليقين والحقيقة؟! ثم يأتي الحديث الآن عن صداق المرأة (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)
د. الخضيري : طبعًا هو عبّر عن المهر الذي تعطاه المرأة بقوله (صداق) يقال إن ذلك من أجل أنه يبين صدق الرجل في رغبته في المرأة وهو يُظهر ذلك وهذا مما تميز به الإسلام. الآن النظم الغربية لاتقيم للمهر أي وزن، بينهم اتفاق على أن يتزوجها يذهبون إلى القاضي أو إلى المحكمة فيثبتون أن هذه المرأة قد وافقت على الزواج أو الاقتران بهذا الرجل دون أن يكون لديها ولي ودون أن يكون لديها صداق ودون أن يكون هناك أي شيء آخر
د. عبد الرحمن: أهم شيء الحب .
د. الخضيري :إي ، والحقيقة أن المرأة تجبر بالمال فهي لايُدخل عليها إلا بمال ولاتطلق إلا بمال كما بينا ذلك في سورة البقرة لما قال الله عز وجل (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) فبيّن أن المرأة المطلقة لها متاع وهو جبر لها وخصوصًا مع ضعفها وبذلها لنفسها ليكون هذا الرجل سيّدًا وآمرًا عليها وقيمًا فإن هذا الرجل يجبره بأن يعطيها هذا المال .
يقول لي أحد الإخوة :حضرنا عقد امرأة أسلمت وكان أحد العرب يريد أن يتزوجها في أسبانيا فلما أرادوا العقد قال العاقد للمرأة :نحن في الإسلام نوجب على الرجل أن يدفع مالًا للزوجة قالت: يعني لماذا ؟! يعني أنا قبلت به فلماذا هو يلزم بالمال؟ قال هذا من شرع الله عز وجل يؤمر الرجل بأن يدفع مالًا لهذه المرأة يعني أنت ِ ماذا تطلبين؟ فهي استغربت هذا الأمر لأنها لا عهد لها به وليس من ثقافة المجتمع أصلًا فتتذكر شيئًا تحتاجه لكي تقوله في هذا المجلس قالت: طيب يوفر لي الكتب الجامعية التى أحتاجها لأني الآن أدرس في الجامعة، طبعًا الزوج قال: موافق !
د. عبد الرحمن : طبعًا .
د. محمد الخضيري: الكتب الجامعية كلها تكلف مائة دولار أو شيء من هذا القبيل مباشرة وافق من أجل أن يحسم القضية
د. مساعد :وعاد هي بعد ما تزوج يقول لها: أنت ِ لو طلبت أكثر لكان من حقك قالت: ماعلمت أنا عن هذا .
د. عبد الرحمن ود. مساعد : هذه مثل الأعرابي الذي بال في المسجد
د. عبد الرحمن : والحقيقة هناك في بعض المجتمعات غير المسلمة المرأة هي التى تدفع مهرًا للرجل
د. الخضيري : وهذا يسمى عندهم (الدوطة) وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي فتوى بتحريم هذه العادة وهي موجودة في بلاد الهند لأنك تجد بعض العمال من المسلمين الهنود الآن يعملون في بلادنا تجده يعمل عشر سنوات من أجل أن يزوج بناته أو أخواته !!!لأن الرجل لايقدم عليها ولايأتي لخطبتها حتى يكون عندها مال تدفعه وهذا من انتكاس الفطرة، هذا الرجل ينبغي أن يكون قيمًا وباذلًا للمال يلزم هذه الضعيفة ووليها بأن تدفع المال له وهذا بلا شك أنه من البغي والظلم العظيم الذي لا يجوز أبدًا أن يقر . في قوله (نحلة) ما هي الدلالة يا دكتور مساعد ؟
د. مساعد. طبعًا نِحلة هي العطية التى هي مشوبة بهبة معناه كأنه نحله إياه أعطاه إياه هبة وكونه تورد هذه اللفظة لأنه قال (صدقاتهن) يعني الصداق المعروف (نِحلة) يعني عن طيب نفس، هدية لها.
د. الخضيري : عجيب !
د. مساعد : ولهذا سبحان الله كأن أمر الزواج كأنه قائم على أمور عدة من مبدئه في قضية القناعة والتواد والرغبة الصادقة، لو تأملنا اليوم تلاحظ بعض التقارير التى تصدر عن بعض القنوات أو في بعض المجلات أو في بعض دوائر البحث العلمي ما نشاهده اليوم من المبالغات في تكاليف الزواج فهي تخرج عن كراهة جدًا وخبث نفس وهي غير مراد الشرع. العجيب الكل غير مقتنع !!العجيب لو دخلت الزواج كل واحد في الزواج غير مقتنع بما يحصل لا الزوج ولا الزوجة ولا الحضور وأنا رأيت مقابلات كلهم يقولون هذه عوائد دخلت علينا هذه عوائد ما كنا نعرفها
د. الخضيري : طيب لماذا تنفذونها؟ يقولون مغلوبين على أمرنا
د. مساعد : من غلبكم ؟!
د. الخضيري : هذه المشكلة !
د. مساعد : من الذي غلب؟! سبحان الله، والله أنا شاهدت مرة مقابلات فإذا أنت وأنت وأنت كلكم تكرهون هذا ولا واحد منكم مقتنع بهذه الأعمال إذن فمن هو المقتنع؟
د. عبد الرحمن : قصدك في المجتمعات الإسلامية؟
د. مساعد. الخليجية بالذات، يعني تكاليف بعض الزواجات كمستوى أدنى ليلة الزواج مائة وخمسين ألف دولار يقول ليس ريال كحد أدنى !!
د. عبد الرحمن: دعني يا شيخ مساعد أقول في هذه النقطة أنا شخصيًا أحمل النساء مسؤولية هذه المغالاة تأتيك البنات
د. الخضيري : يا دكتور عبد الرحمن أشوف يعني باستمرار تحمل النساء
د. عبد الرحمن : لا، لا، نحن الآن نشاهد في مجتمعنا يعني الآن لما يأتي الرجل ويريد أن يقتصد ويقول لزوجته ولبنته يا ابنتي لانريد أن نكلف على زوجك باستئجار قصر أفراح بمبلغ كبير ولابإقامة وليمة بمبلغ كبير فتقلب البيت إلى مناحة. وأصبحوا الآن يأتي وقت الخطبة الآن أصبح كأنه زواج يستأجرون له قصرًا ويعزمون الناس ويدعون واحتفال طويل عريض ويكلف أكثر من مائة ألف أو مائتين ألف وقالوا هذه المِلْكة ثم يأتي الزواج فيبالغون وأنا رأيت من بعض الناس البسطاء يذهب إلى الفنادق الغالية ويستأجر فيها بخمسين ألف وستين ألف وبعضهم بمائة ألف، لماذا؟ قالت أنا ابنتي ليست أقل من بنت فلان أو بنت فلانة وأصبحت البنت تباهي بذلك أمام زميلاتها ودخلن في باب سباق (الماراثون) من هو الأكثر؟ هذه تكلّف ثلاثمائة ألف وهذه أربعمائة ألف! وجدت أن النساء لهن دور كبير وخاصة أمهات البنات والبنات أنفسهن في المبالغات التى تحصل والمشكلة أن النوعيات من مثل هذه الزواجات غير مباركة سبحان الله، تؤول دائمًا أو غالبًا إلى الفشل وأنه كلما كان الزواج ميسرًا وسهلًا وحتى على الزوج فإنها تدوم المحبة بينه وبين هذه الزوجة بعضهم يقول أنه لا ينظر إلى الزوجة لأنها سبب في الديون
د. مساعد : تكون أمامه مأساة كلما شاهدها يشاهد هذه الديون التي على ظهره. العقل الآن لماذا يتزوج الشاب من الشابة؟ هل نحن نعينه على أن يديم علاقته وأن يبني بيته؟ أو نعينه على هدم البيت؟ نحن نعينه على هدم البيت وإذا كثر العزاب وكثرت العوانس! يعني من لطائف القصص في قضية المغالاة في المهور والقصص كثيرة جدًا في أحد القصور افتتحوا القصر فكان أول افتتاح لهم زواج، وكان الزواج مكلفًا وقصر أخذ مبلغ وقدره فمدير القصر سنّ سنة قال أنه إذا تزوج عندنا أحد نقتطع من المال الذي أخذناه منه ونشتري هدية للعروسين ونذهب بها إلى بيت العروس ونقدمها له هدية من القصر يعني أنت جئت عندنا هو في النهاية من مال العريس طبعًا هو هدف لطيف من اللطائف يقول أول زواج عندنا كان مكلفًا جدًا مبالغات! فلما انتهى الصيف يقول ذهبت أنا واثنين معي من كبار المسؤولين في القصر وذهبنا إلى ذلك الشخص تلفونه عندنا وكلمناه وقلنا له نحن سنزورك وأنا مستغرب؟ فأتوقع إنه توقع بقي له حق يقول ذهبنا وسلمنا عليه السلام عليكم وعليكم السلام كذا وكذا وكذا وقص علينا يتقدم بهدية للعروسين وبعد ما انتهى قال أنا أطلبكم طلب تأخذون هديتكم هذه وتردونها قالوا: لماذا؟ قال أنا طلقت زوجتي.
د. الخضيري : لماذا؟
د. مساعد : ما أدري ما السبب لكن أكيد يكون أحد أسبابها هذه المبالغات الكبيرة جدًا..
د. عبد الرحمن : خذ عندك من الحكايات في هذا أخبرتني زوجتي يومًا قالت يعني فلانة ستتزوج وسيكون زواجها في الفندق الفلاني فندق غالي جدًا أعرفه ربما استئجار القاعة فيه يقال بالمائة ألف أو أكثر من ذلك
د. الخضيري : مائة ألف في ليلة ؟!
د. عبد الرحمن : نعم .أنا أعرف حالهم أنه أقل من المتوسط فقلت لماذا هذه المبالغة وهذه المغالاة على ماذا؟! وقلت في نفسي مثل هذه الزواجات لا تستمر. والله ما جلسنا كما قال الشيخ ربما أقل من شهرين فإذا يبلغني خبر طلاق هذه البنت!! وكانت أمها هي الحريصة جدًا على أنه يقام في هذا القصر وعلى أن يبالغون في إحضار بعض المطربين كلام فارغ! ولذلك أنا أربط بين هذه المغالاة وبين الآية التى بعدها (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُم) وأن فعلًا هذه الصفة صفة السفه هي الصفة التي تجعل هؤلاء يبالغون ويغالون ويثقلون كاهلهم وكاهل الزوج وكاهل الأسرة بمثل هذه التي ما أدري ماذا أسميها المهرجانات التى ليست من السنة في شيء ولا من الإسلام في شيء ولامن الألفة ولا من يعني مادام إذا كان هناك أموال زائدة عندك فاعطها لزوج ابنتك ولبنتك ولتكن عونًا لهم على هذه الحياة بدل انفاقها في ليلة كأنها استعراضات .
د. الخضيري : أحد الإخوة فعل هذا كان قدم أظنّ ثلاثين ألف ريال قال لأخته وأمه الرجل ترى حالته بائسة وما عنده شيء كثير ونحن هذا الرجل غنيمة بالنسبة لنا ما قدم إلا خمسة عشر قالت الأم: كيف ولا يمكن وبنتنا ما تقدّر! قال كذا ! تبغون الرجل أنتم ولا تبغون الفلوس ؟قالت لا نحن نبغى الرجل قال: إذا كان تبغون الرجل، الرجل ترى ما قدم إلا القليل ولكن أنا أضمن لكم إن احتجتم أدفع من مالي ! فمعروف أن الأم والأخت لن يحوجا الأخ أن يدفع من ماله لأنهم يرفقون به واقتطع نصف المبلغ المهم انتهوا من حاجاتهم واقتصدوا فيه اقتصادًا بالغًا بخمسة عشر ألف تقريبًا. لما دخل الرجل على امرأته يعني زفت المرأة إلى زوجها في تلك الليلة جاء وقدّم لها خمسة عشر ألف ريال قال هذا بين يديك الآن تصرفي فيه كيف تشائين !
د. عبد الرحمن : هو أعطاها ثلاثين ألف ؟
د. الخضيري : ثلاثين ألف وفّر لها مبلغًأ أفضل لها بدل أن تستعملها في أمور
د. عبد الرحمن : العادة أنهن يتلفونها تشتري بكل المبلغ
د. الخضيري ::بدل أن تشتري خمسة أثواب تشتري به ثوبًا نصفها لايصلح ولايعجب الزوج وبدلًا من أن تشتري ثوب العرس بألف ريال تشتري بسبعة ثمانية تسعة آلاف ولايلبس إلا مرة واحدة!
في قوله (صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) بالمناسبة الشيخ بن عثيمين له لفتة جميلة في هذه الآية قال: يجب أن يكون عن طيب نفس إذا كان عن طيب نفس فإنه لا يحلّ للزوج أن يمن على المرأة بما أعطاها،.يقول أنا كم دفعت عليك! كم أعطيتك! قال يجب أن يكون نحلة يعني عطية عن طيب نفس وإذا كان عن طيب نفس فإنه تحرم المنة به، هذا الملحظ الرائع صراحة! نقول يُكثر بعض الأزواج من ترداد أنا تعبت عليك أنا دفعت ما أدري ماذا وفي النهاية هذا يجرح المرأة جرحا قاهرا ولاينبغي يا أخي ما دمت أعطيت فاتقِ الله سبحانه وتعالى واحتسب أجرك عند الله والله عليه الخلف سبحانه وتعالى
د. عبد الرحمن : ومن المعاني الجميلة أن الحياة الزوجية مبنية على المحبة وعلى الود المتبادل وعلى الإحترام وعلى النظر للموضوع على أنها نفس واحدة نصفين يعني في قوله هنا (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ) أول شيء سماها صدُقات من الصدق معناه هي عطية لكنها عبّر عنها بالصداق من الصدق في المحبة. ثم قال (نحلة) ثم قال في الجانب الآخر (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ) فكلوه معناه أن علاقة الزوج بزوجته ما تعطيه أنت لها ليكن عن طيب نفس وأيضًا هي ما ترجعه لك أو تعطيك المفروض يكون عن طيب نفس. لا تمن ّعليك! للأسف هذا كثير من النساء وكثير من الرجال للأسف يعني سبب الخلافات الزوجية القضايا المالية ما في حاجة اسمها عن طيب نفس إلا كلها مصالح متبادلة فإذا حصل أي خلاف بينهم الخلافات بينهم أنا أعطيتك وأنت أعطيتني وأنا أعطيتك
د. مساعد : الفقهاء عرضت أكثر من حادثة أن يعرض على بعض القضاة يعني أنه امرأة ردت شيئًا من مهرها لزوجها (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ) فالمهم طلقها فراحت تشتكي القاضي تطلب ما أعطته فجاء الزوج وقال: لقد أعطتني عن طيب نفس قال: لو كان عن طيب نفس لما طلبته، فردوه لها .
د. الخضيري : عجيب! يعني قد أكرهها
د. مساعد : لا ما يلزم استدل بتمام طيب نفسها به أنها تطالب به
د. الخضيري: لكن قد يقال أنها جاهلة
د. مساعد. أنا أقول من الغرائب لأني أنا استغربت لكن المقصود إذا بلغ المال وخرج منها عن طيب نفس لأنها قد تدعي هي، لكن أيًا ما كان فهو استدل القاضي عن عدم طيب نفسها به كونها طابت به قال لو طابت نفسها به لما طلبته .
د. الخضيري : في قوله (صَدُقَاتِهِنَّ) يا دكتور عبد الرحمن حقيقة لما أضاف الصدُقات إليهن دل على ملك المرأة لهذا الصداق هنا يأتي السؤال هل يجوز للولي أن يشترط من المهر جزءًا؟ طبعًا إذا كان الولي من غير الأب فلا إشكال في حرمة ذلك يعني هذا ليس محل إشكال يبقى الإشكال إذا كان هو الأب
د. مساعد : الفرض من الصداق نفسه .
د. الخضيري : نعم يقول أنا أزوجك بنتي على صداق مقداره مثلًا أربعين ألفًا ولي منه كذا
د. مساعد : الظاهر من النص أنه لا يجوز
د. الخضيري : هذا ما ذكره شيخنا العلامة بن عثيمين أنه لايجوز لكن
د. عبد الرحمن : استدل بحديث (أنت ومالك لأبيك )
د. الخضيري: نعم
د. عبد الرحمن : لكن الحقيقة الآية واضحة أنه حق للزوجة للبنت
د. الخضيري : لكن نقول لبقية الأولياء لايحل لهم أبدًا أن يشترطوا شيئًا من صداق المرأة لأن الله جعله خالصًا لها
د. عبد الرحمن : وأن الأكمل حتى لو كان الولي هو الأب الأكمل في حقه أن يكون أرفق بالمرأة
د. الخضيري : أذكر شيئًا مهمًا قد يغفل عنه بعض الآباء والأمهات النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عال جاريتين حتى تبلغا كن له حجابًا من النار) أو في رواية أخرى (من عال جاريتين فربّاهن وأحسن إليهن كن له حجابًا من النار) يعني أنت تبتغي الأجر الأُخروي فماينبغي لك أن تستعجل شيئًا من أجرك فتحرم هذا الخير العظيم في كونك تستعجل والله أنا أبغى صداقها تعبت عليها إلى آخره. دع البنت إن أعطتك شيئًا من طيب نفس وبذلته لك فهذا من برها وعاجل خيرها وإن لم تعطيك فأجرك على الله وإياك أن تستشرف هذا المال الذي قد وقع بيدها .
د. عبد الرحمن : والله إني أستغرب أحيانًا حين أقرأ بعض الأخبار وبعض الأسئلة التى تسأل فيها بعض البنات وتقول يعني إن والدي يمنعني من الزواج رغبة في مالي أو عندما يتقدم أحد لبعض النساء فيأخذ الوالد الصداق كامل ويترك البنت تتصرف إنت عندك راتب وأقول في نفسي أنا أتمنى الرجل الكفء وأدفع له أنا المهر أشتريه شراء بالعكس أنا من حبي لبنتي أنا أريد أن أدفع إنها تروح للرجل الكفء الذي يستحقها وتستحقه وأستغرب من بعض الآباء الذين يسمسرون لبناتهم إن صح التعبير
د. الخضيري : ويزعل أن يقال أنت تبيع ابنتك، لو قلت هذه ممكن يغضب ويضرب ـ أكرمك الله ـ بوجهك الحذاء من شدة غضبه وهو في الحقيقة أنه كذلك لأنه لما جاءه فلان الكفء رفضه لأنه ما عنده مهر وافي ولما جاءه فلان وأغدق له المال وقد يكون كبيرًا جدًا في السن وقد يكون والعياذ بالله لايعرف بخلق ولادين أعطاه ابنته هذا بيع يا أخي والله بيع ومع ذلك يزعل أن يقال فيه هذه الحقيقة ولا يرضى بها ويرضى والعياذ بالله أنه يسمسر
د. مساعد : قال (فَكُلُوهُ)
د. الخضيري : نعم يا أبا عبد الملك الحقيقة (طِبْنَ) وضوح الطيبوبة في الأموال بمعنى أن الإنسان ما يستحل مالًا إلا وهو يعلم أنه عن طيب نفس من مالكه فلا تحاول تحرج الناس بأخذ أموالهم فلان ما شاء الله ما هذا الجوال الذي معك والله رائع وحلو يعني؟ أعطني إياه، أو فلان ما يقصر بيعشينا الليلة فالرجل خلاص يقول العشاء علي ّ وهو مسكين ما يملك .
د. عبد الرحمن : والله فعلًا إن هذه ملحظ مهم جدًا نغفل عنه كثيرًا .
د. الخضيري : يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لايحل مال امرىءٍ مسلم إلا بطيب نفس منه) قال بعض العلماء (أخذ المال بسيف الحياة مثل أخذه غصبًا) فيعتبر من المال الذي لا يحل للإنسان ولذلك يقال إن من ألجأته إلى أن يعطيك لا يحل لك أن تأكل ماله يعني تقول ما شاء الله ما هذا الخبز الجيد يقول اتفضل كُل كُل كُل، لا تأكل حتى تعلم أن نفس صاحبه قد طابت به .
د. عبد الرحمن : والله هذا حقيقة تربية على الذوق في الإسلام .
د. الخضيري : انتهى الحديث
د. مساعد : بقي (فَكُلُوهُ )
د. الخضيري : ماذا تريد تقول فيها ؟
د. مساعد :أقول فيها مثل ما قلنا في (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ) عبّر بالأكل انظر إلى ارتباط المال مع الأكل الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، لاتأكلوا أموالهم هنا قال (فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) فعبّر بالأكل كما قيل أنه هو الأغلب .
د. عبد الرحمن : ويقولون أنه من أخص أوجه الانتفاع بالمال مباشرة وأكثر وجوهه
د. الخضيري: في قوله (هَنِيئًا مَرِيئًا) يقال إن الهنيء في ذاته والمريء في عاقبته فهو في العاقبة مريء وهو في ذاته هنيء. علي بن أبي طالب له وصفة طبية جميلة عندماجاءه رجل مريض قال: انظر شيئًا من مهر امرأتك لو طابت لك عنها نفسها واخلطه بعسل وماء زمزم قال يجتمع لك الهنيء المريء الشفاء فيكون فيه العافية. لا قال بماء السماء ماء مبارك ماء السماء .
د. مساعد : الهنيء المريء مال المرأة
د. الخضيري : نعم، والعسل قال فيه شفاء، جمع لك الشفاء المبارك الهنيء المريء فتكون عافيتك فيه .
د. عبد الرحمن : والله هذا الحديث يفتح الباب للذين أزواجهم موظفات لأنهم يطالبونهن بالمال الآن !لأن المرأة الآن إذا طابت نفسها للزوج بشيء من مالها أن يكون فيه هذه الصفات مشكلة؟
د. مساعد : طبعًا المريءء فيه معنى أنه الذي يُستمرىء أي يستساغ ولايجد الإنسان فيه ولا غصة لأنه مرتبط بالأكل بالمريء .
د. عبد الرحمن : هل يا ترى هو مجرب الكلام عن علي ّ بن أبي طالب ؟
د. الخضيري : لا أدري ، ولاعن صحة الأثر الذي ذكره
د. مساعد : لكن فيه لطافة
د. عبد الرحمن :نعم فيه لطافة الحديث جميل جدًا أول مرة أنتبه له،
د. الخضيري : في شيء مهم جدًا أحيانًا تأتي لفظتين في الآية مثل هنيئًا مريئًا فالإنسان يفهم معناه جملةً لكنه لايتنبه إلى دقة القرآن في اطلاق مثل هذه الأوصاف وأن كل واحد منهما مقصود بذاته وله معنى ً مستقل به ينبغي أن تنتبه له أنا كنت أقول هنيئًا مريئًا يعني طيبًا
د. مساعد : تأخذها هكذا !
د. الخضيري : نعم، لكن (هنيء) يعني هنيء في ذاته، (مريء) في عاقبته وعاقبته لايمكن أن تكون إلا خيرًا هذه حقيقة
د. مساعد : وبعضهم من عبر بـ (هنيء) أنه الحلال و(المريء) بالطيب يعني الحلال الطيب وهو تفسير معنى وإلا الأدق ما ذكرت يعني الهنيء في ذاته المريء في عاقبته. لكنه أحيانًا قد تأتي التعبيرات منه للتفسير العام لمعنى الهنيء المريء يعني الحلال الطيب فكل ما كان حلالًا طيبًا فهو هنيء لأنه سيكون في ذاته يهنأ به الإنسان وهو يأكله، مريء أيضًا في عاقبته لأنه حلال طيب فيكون في عاقبته بالنسبة له أيضًا فلايكون لو كان حرامًا لما كان هنيئًا مريئًا أيضًا لو أخذه بهذه الطريقة اغتصبه بطريقة ما حتى الإنسان يكون عنده في نفسه شيء من هذا المال فلايكون عنده الهنيء المريء .
د. الخضيري : (صدقاتهن) عُبِّر عن الصداق في الآية هنا بلفظة الصداق للدلالة على الصدق والرغبة. في بعض الآيات (آتيتموهن أجورهن) فسماه أجرًا ما هي دلالة هذا الأجر؟
د. عبد الرحمن : أن الله سبحانه سوف يأجرك على عليه إذا صدقت نيتك في إعطائه
د. الخضيري : لا، ما يظهر هذا لكن ليعلمك أن المسألة فيها حقوق وأن بذل المال يقابله بذل البضع من المرأة ولذلك المرأة إذا منعت بضعها ما استحقت أجرها!، نعم لو قالت أنا لا أمكّنه من نفسي ما تستحق النفقة لأنه لأن الانفاق في مقابل شيء يُبذل من المرأة (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ) (فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) لذلك الإنسان إذا دخل على امرأة فاستمتع بها وجب عليه أداء هذه الأجرة حتى لو كان النكاح نكاح شبهة وجب عليه في مقابل اتلاف البضع الأُجرة انظر كيف استعمل الصدُقة عندما يكون هناك الرغبة في النكاح في البداية والأجرة عندما تكون هناك حقوق، لاحظ (فما استمعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة).
د. عبد الرحمن : نعم نعم وهذا معنى دقيق جميل
د. عبد الرحمن : ننتقل إلى الآية التى بعدها ياشيخ مساعد ؟
د. مساعد : أنا أقول في الآية نفسها لو تأملنا الآن لما قلت لكم في بداية الخطاب (وآتوا اليتامى) ثم قال (وآتوا النساء) لما تكلمنا عن آيات الحقوق فالآن المقام مقام اعطاء والمقام مقام استرجاع حقوق لما تقول أعطه حقه كأن المال ليس لك وإنما هو وديعة ترده إلى صاحبه
د. الخضيري : ولذلك يجب وفاؤه كاملًا
د. مساعد. ولهذا أنا ألاحظ لما قال فقط (وآتوا اليتامى) ثم قال هنا (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) مع أن الحال مختلف في الأول الأصل المال لليتيم فينتقل من المتصرف إلى اليتيم انتقال من صاحب التصرف إلى صاحب الحق. وفي الثاني الأصل في المال أنه للرجل ولكنه في هذه الحالة إذا ثبت زواجه كأنه صار هذا المال ليس حقًا له فينتقل منه إلى صاحب الحق وهو المرأة ولذلك قال (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة). (فإن طبن لكم عن شيء منه) لاحظ قدم الضمير (لكم) لأنه هو المقصود بالخطاب (عن شيء منه) هل (منه) للتبعيض أو للجنس؟ طبعًا لو قلنا للتبعيض سيكون فإن طبن لكم عن شيء من المال، بعض المال وإن قيل للجنس يمكن أن يشتمل الجميع فإن طبن لكم عن جميعه فإذا فكأن المعنى إن طابت نفسها عن شيء عن بعضه أو عن كله جاز لها ذلك لأن هذا حق لها فيجوز لها أن تطيب نفسها ببعضه أو أن تطيب نفسها به كله بمعنى أن قوله (فإن طبن لكم عن شيء منه) فبأي شيء منه كان قل أو كثر حتى أنه يصل إلى حد كمال المال فقال (فكلوه هنيئًا مريئًا) أنا فقط قصدت أن ننتبه دلالة (منه) ودلالة ( آتوا).
د. عبد الرحمن :ألا يمكن أن يقال أن حمله على التبيعض أرفق بالمرأة (فإن طبن لكم عن شيء منه)
د. مساعد :وهذا هو الغالب
د. عبد الرحمن :أنك لاتوافق على أن تأخذ مالها كله ولو طابت نفسها به وإنما تأخذ شيئًا منه وتترك لها الباقي .
د. الخضيري : في قوله (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ) بعد ماذكر ايتاء الولي اليتامى (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)) أولًا دعونا نتحدث عن السفهيه من هو ؟ أبا عبد الله
د. عبد الرحمن : طبعًا السفه في اللغة العربية هو الخفة لذلك يقولون إذا حركت الرياح أعالي الأشجار قالوا: تسفّهت الأشجار لأنها خفيفة فحرّكتها الرياح. الرجل السفيه خفيف العقل والثوب السفيه يعني الثوب الخفيف ولذلك عندما قال الله: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ) قال السفهاء لأنهم سفهاء عقول خفاف عقول هذا هو السفه. فعندما ترى الرجل لايحسن التصرف يقال هذا رجل سفيه خفيف العقل كأن الرجل العاقل يقال له رزين رازن لأن تصرفاته تدل على ثقله ورزانته. فقوله سبحانه (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ) الحقيقة هذه الآية يدخل فيها السفهاء من اليتامى ويدخل فيها السفهاء من النساء والسفهاء من الزوجات ولاحظ أنه عقّب بها بالحديث عن اليتامى والحديث عن اليتيمات والحديث عن الزوجات النساء ثم جاء وقال (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ)) فيدخل فيها كل من اتصف بهذه الصفة أنك لاتؤتي المال وتمكّن من المال من كان يتصف بهذه الصفة سواء كان من الأيتام الذين تحت ولايتك أو من اليتيمات أو من الزوجات أو من الأبناء أو من البنات يعني تعولهم فإن الله سبحانه وتعالى نهى أن يؤتى هؤلاء هذه الأموال لتبذيرها والعبث بها .
د. الخضيري : طيب تأكيدًا لهذا المعنى لعلنا نعود إليه في حلقة قادمة إن شاء الله تعالى ونحوم حوله بشكل أكبر. الحقيقة الحديث معكما لا يمل ، مع كتاب الله فيه من العبر ومن العظات الشيء الكثير ونحن نتحدث تبدو لنا أشياء كثيرة نسأل الله أن ينفعنا بكتابه وأن يجعلنا من أهل القرآن الذبن هم أهل الله وخاصته .مشاهدينا الكرام تختم بهذا حلقتنا ونقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بُثّت الحلقة بتاريخ 4 رمضان 1431 هـ