برنامج بينات – رمضان 1433 هـ
الحلقة 1
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا. حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في برنامجكم بينات وكنا في اللقاء الماضي توقفنا عند آيات في سورة النساء كنا وقفنا عند الآية السادسة والثلاثين بعد المئة وهي قول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) وكنا يا مشايخ تناقشنا في هذه الآيات وفي مطلع الآية كون الله سبحانه وتعالى يخاطب المؤمنين فيدعوهم إلى الإيمان (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ). فلعلنا في هذا اللقاء نستأنف الحديث وأيضاً كنا أخذنا شطراً أو شيئاً من الآيات التي بعدها في المنافقين فحتى يكتمل الحديث نبدأ إن شاء الله من هذه الآية التي فيها هذا النداء بوصف الإيمان ولعلنا نبدأ معك يا شيخ محمد حول هذه النقطة وهي قضية لماذا نادى بوصف الإيمان ثم قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا)؟ ثم نواصل الحديث حول الآيات إن شاء الله.
الشيخ محمد الخضيري: المؤمنون يؤمرون بالإيمان لأن الإيمان يتجدد ولأن الإيمان أيضاً مكون من أجزاء فيه عمل وفيه اعتقاد والاعتقاد يكون بالقلب والعمل يكون للسان وللجوارح وللقلب أيضاً فيقال للمؤمن آمن قد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الحاكم قال: «إن الإيمان ليخلَق في جوف أحدكم كما يخلًق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم».
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يخلق بمعنى يبلى.
الشيخ محمد الخضيري: يبلى نعم. فالمؤمن يحتاج إلى أن يؤمر بالإيمان هو مؤمن في الأصل لكن هذا الإيمان يضعف أو يذبل أو يبهت فيحتاج المؤمن أن يقال له آمِن، جدِّد إيمانك، حرِّك هذا الإيمان في قلبك وفي مشاعرك ووجدانك ولاحظ يا دكتور عبد الرحمن أننا في كل يوم نجدد إيماننا مراراً كثيرة لاحظ في أول ما يقوم الإنسان يصلي سنة الفجر يقرأ سورتي الإخلاص وهما سورتي الإيمان (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1))، (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)) ثم تدور به العجلة إلى أن يختم في صلاة الوتر بهاتين السورتين فيبدأ بالإيمان والتوحيد ويختم بالإيمان والتوحيد وبين ذلك من تجديد الإيمان مراحل كثيرة جداً، عندما يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ويردد معه.
الشيخ محمد الخضيري: ويردد معه، عندما يتوضأ يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فتحت له أبواب الجنة الثمانية، عندما يدخل المسجد، وعندما يصلي، وعندما يسمع الإمام، وعندما يقرأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2))، وعندما يركع، كل هذه تجديد للإيمان، الإيمان يطلب من الإنسان أن يستمر في تجديده وليس هو مثل عمل من الأعمال كالصوم تعمله في السنة مرة فيكتفي الإنسان بما قدم في ذلك إلا أن يزيد ويتصدق على نفسه بالنوافل، الإيمان أنت بحاجة إلى أن تجدده في كل لحظة في كل ثانية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وليس في هذا قد يقول قائل أن في هذا غضاضة على أنك تقول للمؤمن آمن لأنك كأنك تتهمه أنه ناقص الإيمان أو تتهمه بالنفاق ولكن عندما الله سبحانه وتعالى يقول مثل هذا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) فهذا توجيه كما ذكر الشيخ محمد أنك في حاجة ماسة إلى تجديده.
الشيخ محمد الخضيري: بل كان بعض الصحابة – معذرة أبا عبد الملك – يقول بعضهم لبعض: تعال بنا
الشيخ مساعد الطيار: نؤمن ساعة.
الشيخ محمد الخضيري: كيف نؤمن ساعة؟ ألم يؤمنوا قبل؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بلى.
الشيخ محمد الخضيري: الإيمان موجود أصلاً لكن هذا ما يحييه ويحركه في النفوس.
الشيخ مساعد الطيار: ابن عطية رحمه الله تعالى كان يقول في مثل هذا الخطاب أنه إذا أُمِر بفعل هو متلبِّس به فالمراد المداومة عليه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذا أمر بفعل هو متلبس يعني هو يقوم به أصلاً.
الشيخ مساعد الطيار: هو مؤمن فإذا قلت له آمِن معناه المراد داوم على الإيمان فهذا أحد المعاني.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أحسنت وأيضاً هذا ذكره العلماء في توجيه قوله سبحانه وتعالى (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)) يعني كيف يقول (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)) وهو مسلم ويصلي أيضاً فقالوا (اهْدِنَا) بمعنى ثبتنا ووفقنا للاستمرار.
الشيخ محمد الخضيري: وذكروا قربياً منه في قول الله عز وجل (وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)) [آل عمران] كيف ما تموت إلا وأنت مسلم؟ أصلاً الموت ليس بيدي فكيف أصنع هذا الأمر؟ يعني أن تثبت على أعمال الإسلام حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: على ذلك.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم.
الشيخ مساعد الطيار: إذاً هذه الآية كما هو ظاهر التي هي في الإيمان فلما سأل جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الإيمان؟ مصداقها في هذه الآية قال «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره» قال (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)) فهذه مقابلة هناك قال أن تؤمن وهنا بيّن أن من كان بخلاف ذلك (فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)) فمعنى ذلك أن من آمن فقد اهتدى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: آمن فقد اهتدى جميل جداً.
الشيخ محمد الخضيري: من المسائل التي أظن ذكرناها في المرة الماضية لما تعرضنا لهذه الآية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: التي هي؟
الشيخ محمد الخضيري: مسألة أنه ذكرت أركان الإيمان هنا ناقصاً الإيمان بالقضاء والقدر وأنت تعرف حديث جبريل المشهور لما ذكر الإيمان ذكر ستة أركان «تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره» هذا هو السادس والعجيب أنه في هذه الآية وفي آية البر التي في سورة البقرة أيضاً لم يذكر الإيمان بالقدر وأجاب العلماء على هذا بجواب جميل قالوا الإيمان بالقدر هو جزء من الإيمان بالله لأن القدر صفة الله، التقدير صفة من صفات الله عز وجل فلا يتم الإيمان بالله إلا بالإيمان بالقدر.
الشيخ مساعد الطيار: فهو مضمن.
الشيخ محمد الخضيري: فهو مضمن لكنه يفرد أحياناً للتنبيه عليه والعناية به والاهتمام بأمره ولأهميته لسلامة وسعادة الإنسان فيترك في هذه المواطن لأنه جزء من الإيمان بالله.
الشيخ مساعد الطيار: أيضاً يا أبو عبد الله من القضايا المهمة أن القرآن يذكر كثيراً قضية الإيمان بالكتاب الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم والكتاب الذي هو جنس الكتاب الذي أنزل من قبل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يدخل فيها.
الشيخ مساعد الطيار: فيدخل فيها جميع كتب الله سبحانه وتعالى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: التوراة والإنجيل والزبور.
الشيخ مساعد الطيار: وهذه ميزة عند المسلمين ليست عند غيرهم فاليهود آمنوا بكتاب موسى ولكنهم لم يؤمنوا بكتاب عيسى ولا بكتاب محمد صلى الله عليه وسلم، والنصارى آمنوا بكتاب عيسى وموسى ولكنهم لم يؤمنوا بكتاب محمد صلى الله عليه وسلم وأما المسلمون فآمنوا بكتاب محمد صلى الله عليه وسلم وكتب الله جميعها.
الشيخ محمد الخضيري: بكتب الله كلها.
الشيخ مساعد الطيار: ولهذا لا يجد اليهود أو النصارى مدخلاً على المسلمين في جانب النبوات وجانب احترام الأنبياء وجانب احترام الكتب السابقة لا يجدون أي مدخل إلا طبعاً المدخل الذي اتخذه النصارى في كونهم يقولون إن عيسى عليه الصلاة والسلام إله فيدعون أنه إذا قيل ليس له شريك أن هذا من باب السبّ له وهذا ليس كذلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك أذكر أظنه الشيخ محمد عبده رحمه الله ألّف كتاباً يقول “ربحت محمداً ولم أخسر المسيح” يتكلم فيه عن أن الإسلام يشترط عليك أنك تؤمن بكل الرسل السابقين وأنه لا يكتمل إيمانك ولا يصح إلا إذا آمنت بالرسل السابقين وبالكتب السابقة فأنت تعظم كل الأنبياء السابقين بل إننا نحن المسلمين أشد تعظيماً للأنبياء منهم يعني نحن أشد من اليهود تعظيماً لموسى عليه الصلاة والسلام وأشد تعظيماً لعيسى من النصارى ولا ينازعوننا في ذلك. ولذلك أذكر أحد القساوسة يقول عندما أخذت المصحف كنت أظن أنني سأجد فيه ذكر عائشة وخديجة وأقارب النبي صلى الله عليه وسلم قال فلما فتحت القرآن وقرأت فوجدت أن عيسى وأمه مريم أكثر ما يذكرون في القرآن ولم أجد فيه مرة واحدة ذكر عائشة ولا ذكر خديجة.
الشيخ محمد الخضيري: ولا غيرها من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولا غيرها ولذلك قلت لأحدهم وهو قسيس أهديته نسخة من المترجم القرآن وقلت له إذا لم تتمكن من قراءة القرآن كاملاً فأقرأ سورة مريم وسورة آل عمران لأن هاتين السورتين ركزت على موسى وعلى عيسى عليه الصلاة والسلام وعلى حقيقة رسالته وحقيقة عيسى أنه ولِدَ لمريم من غير أب وأنه بشر وأنه عبد فالشاهد أن هذه الآية التي تشير إلى ضرورة الإيمان بالكتب السابقة هي في الحقيقة تقوي موقف المسلمين في المناظرة ولذلك أذكر الشيخ رحمه الله أحمد ديدات كان يستند إلى هذه الحقائق القوية جداً في المناظرات فلا يجد خصومه إلا
الشيخ محمد الخضيري: أن يُلجَموا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إما أنه يلجم ويسكت وإما أنهم يسلمون.
الشيخ مساعد الطيار: من طرائف كتب الأدب يا أبو عبد الله مرة ذكروا أن يهودياً أحد أحبار اليهود يناظر بعض المسلمين فقال لهم قال الأصل أن نؤمن على ما اتفقنا عليه وما اختلفنا فيه فلسنا ملزمين به فقالوا له كيف؟ قال أنتم تؤمنون بموسى ونحن نؤمن بموسى ولكننا نختلف في محمد صلى الله عليه وسلم فنبقى على ما اتفقنا عليه وأما الذي اختلفنا فيه فهذا نتركه فذهبوا إلى أحد علماء المسلمين وقالوا له إن هذا اليهودي يقول هذا الكلام وما عرفوا يردون عليه فقال أنا أرد عليه فلما قابله قال له هذا الكلام قال أنا معك لكن بشرط واحد وهو أن يكون موسى الذي نؤمن به هو نفس موسى الذي تؤمن به أنت تماماً وموسى الذي نؤمن به بشّر بمحمد صلى الله عليه وسلم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [الصف:6].
الشيخ مساعد الطيار: هذا في قول عيسى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا عيسى.
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم. أو قد يكون في عيسى المهم سواء كان عيسى أو موسى في النهاية عليهم الصلاة والسلام في النهاية أنه قال له أنا أؤمن معك لكن بشرط أنه يكون نفس النبي الذي نتفق عليه هو نفس النبي لأن أيّ نبي بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم.
الشيخ محمد الخضيري: هذه القضية أيضاً إذا كانت حصلت بين أهل الإسلام وبين الملل الأخرى فهي حصلت أيضاً في دائرة أهل القبلة بين أهل السنة ومخالفيهم من الطوائف الأخرى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف يعني؟
الشيخ محمد الخضيري: أهل السنة مثلاً مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبونهم جميعاً ويحترمونهم جميعاً ولا يقدحون في واحد منهم ممن ثبتت صحبته أو كان من آل بيت رسول الله المؤمنين به أما مثلاً مخالفوهم من الشيعة فإنهم لا يريدون ذلك يقولون نحن نحترم آل البيت ونسب الصحابة وليس عندنا مجال لقبول هؤلاء الصحابة بل نلعنهم ونسبهم ونتبرأ منهم ونعتبرهم قد كفروا بعد رسول الله ونافقوا وارتدوا عن الإسلام إلى آخره ولذلك العنوان الذي ذكره محمد عبده لما قال ربحت ماذا؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: محمداً ولم أخسر المسيح.
الشيخ محمد الخضيري: جاء بعض الناس وألفه قال “ربحت الصحابة ولم أخسر آل البيت” لأن أهل السنة يجلّون هؤلاء جميعاً يحترمونهم جميعاً
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بل هم أشد إجلالاً لهم.
الشيخ محمد الخضيري: بل هم أشد إجلالاً لآل البيت ممن سواهم لأنهم
الشيخ عبد الرحمن الشهري: غلوا فيهم.
الشيخ محمد الخضيري: لأن أولئك غلو فيهم فأخرجوهم عن بشريتهم. الأمر الثاني يا دكتور عبد الرحمن في قوله (وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) يرى بعض المفسرين أن في هذه الصيغة (نَزَّلَ)، و (أَنْزَلَ) إشارة إلى طريقة إنزال القرآن والكتب السابقة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل استنباط جيد.
الشيخ محمد الخضيري: فنزّل تدل على التقطيع والتنجيم والقرآن أُنزل كذلك (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ) أي أنزلناه مقطّعاً مفرّقاً (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ) [الفرقان:32] وبهذا تميز القرآن عن الكتب السابقة أن الله أنزله على حسب الحوادث والوقائع والحِكَم الربانية ثم قال هنا (وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ) يقولون مادة (أنزل) تدل على الإنزال جملة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جملة.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم وهذه مذكورة مثلاً في قول الله عز وجل (الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) [آل عمران]. (وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ) [آل عمران] فذكر في إنزال الكتاب (نزّل) وذكر فيه أيضاً في مواطن أخرى في القرآن تنزيل التي هي مصدر لــ(نزّل) نزّل تنزيلاً تدل على التقطيع والتنجيم وهذه الحقيقة نستفيد منها في أن تعليم الكتاب ينبغي أن يكون بطريقة التفريق وأن الكتاب لا يؤخذ جملة وأن الذي يريد أن يستوعب علم الكتاب دفعة واحدة لن يستطيع.
الشيخ مساعد الطيار: لن يستطيع.
الشيخ محمد الخضيري: لأن فيه من العلوم وفيه من الحِكَم والأخبار وفيه من العبر والدروس ما لا يستطيع الإنسان أن يجمعه مرة واحدة.
الشيخ مساعد الطيار: أيضاً تتمة للفائدة طبعاً هذه فائدة تعتبر من المُلَح لأن هناك ما لو أراد أن ينقض أحدهم هذه المعلومة لوجد مثل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (أنزل إليه الكتاب بالحق).
الشيخ مساعد الطيار: لا، أنزلناه هذا إذا قلنا للإنزال الجملي صدقت لكن (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) [النحل:89] ففيه بعض الآيات وردت في القرآن بمادة (أنزل) مما يدل على أنها أغلبية وليست كلية.
الشيخ محمد الخضيري: لا أنا أقول فيه جواب يا أبو عبد الملك لهذه نقول هذه تدل على التقطيع والتنجيم والآيات التي أشير فيها إلى كلمة (أنزل) يراد بها الإشارة إلى نزول القرآن كله عند اكتماله، أنزل القرآن كله إليكم أيها الناس من أجل كذا وكذا مثلاً (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)) [القدر] إنزاله جملة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) [النحل:89] أي هذا الكتاب كله مبين للناس يعني ما أريد به الإشارة إلى هذا المعنى الذي هو التقطيع والتنجيم.
الشيخ مساعد الطيار: هذا تخريج جميل لكن أذكر أن ابن حيان وقف للفائدة واعترض على أن يكون
الشيخ محمد الخضيري: لأنها اجتمعت كما ذكرت في سورة آل عمران قال (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَأَنْزَلَ) صح.
الشيخ محمد الخضيري: (وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) أيضاً قال (وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) ففي تلك إشارة إلى كيفية نزوله وفي هذه إشارة إلى نزوله واكتماله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنا أتصور مثل هذه يعني أحياناً عندما يستدل بها أن يقال هذه الصيغة عبر بها نزّل لأنها منجمة وأنزل لأنها جملة واحدة أن هذه أشبه ما تكون بالقرائن وليست أدلة قاطعة لكنها يستأنس بها لأنه في قولهم (لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً) [الفرقان:32] إشارة إلى أنهم كانوا يعهدون من الكتب السابقة تنزل جملة واحدة وإلا لو أتيت تحقق في الدليل وتريد أنه تجعله دليل ما تستطيع أن تجعله دليلاً قاطعاً على أن الكتب السماوية السابقة نزلت جملة واحدة لأن بعض من رأيته كتب في هذا يقول أن الكتب السماوية أيضاً السابقة نزلت منجمة وأخذ يتحدث في هذا.
الشيخ مساعد الطيار: هو يقع الإشكال في هذه أن بعضهم يظن أن الشريعة إنما تكون من طريق واحد وهو الكتاب المنزل مع أن نعلم أن الشريعة على قسمين قسم يكون من كتاب منزل وقسم يكون في سنة النبي الذي يُبعَث. ولهذا مثلاً رحلة موسى عليه الصلاة والسلام إلى الخضر لازماً أن تكون نزلت في كتابه يعني في التوراة وإنما هي من الأخبار التي ترد فإذاً الشريعة قد تكون نزلت في كتاب وقد تكون من الشريعة ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم دون أن يكون من المقروء من الكتاب ليس في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل. خطر لي فائدة في نفس السورة أو في نفس الصفحة عندما تحدث الله سبحانه وتعالى وأمر المسلمين بالقيام بالقسط والعدل فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ) إلى آخره. ثم جاء بعدها الحديث عن الكفار ثم جاء بعدها الحديث عن المنافقين. التعبير في صيغة في قوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ) كلمة (قَوَّامِينَ) فيها مبالغة صح؟
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أن المسألة عندما تريد أن تعدل وتقيم العدل مع الناس أنك تحتاج إلى تحمل المشقة وعنت كثير ولاحظوا الآن في زماننا هذا أنت تلاحظ أنت فيما يقع بين الناس من الاعتداء يعني الظلم ظاهر وواضح يظلم الناس بعضهم بعضاً بشكل واضح وظاهر وملفت للنظر خاصة في زماننا هذا خاصة فيما يلاحظ في الانترنت وفي الحوارات والنقاشات فيه بغي واضح وفيه ظلم مما يدل على أن العدل والقيام به يحتاج إلى تكلّف شديد ولذلك الله لم يقل قائمين بالعدل وإنما قال (قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) أضف إلى ذلك أنه جاء الحديث بعدها عن الكفار وعن المنافقين
الشيخ محمد الخضيري: مما يدل على وجوب العدل
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حتى مع هؤلاء.
الشيخ محمد الخضيري: صحيح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا يحتاج إلى أن يحمل الإنسان على نفسه ويضغط على نفسه ويتحمل لكي يقوم بواجب العدل مع هؤلاء مع الكفار ومع غيرهم.
الشيخ محمد الخضيري: أيضاً من دلالة (قَوَّامِينَ) يا أبا عبد الله الدلالة على أن الإنسان ينبغي له أن يرعى القسط والعدل في أحوال كثيرة ما هي تراها تمر عليك في اليوم مرة أو في الشهر مرة والله تمر عليك مع زوجتك، مع أولادك، مع الكافر، مع المنافق، مع هذا الذي يكتب في صحيفة، ذلك الذي يتحدث في توتير، ذلك الذي يكتب في الفيس بوك، في أي مكان أنت تقول كلمة العدل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: قوام.
الشيخ محمد الخضيري: قوام هنا، وهنا، وهنا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً كأنها تدل الصيغة على إنك تكون مستعد دائماً.
الشيخ محمد الخضيري: دائماً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نتوقف مع فاصل قصير أيها الإخوة ثم نواصل الحديث إن شاء الله فابقوا معنا.
*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*
– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير
– إعلان جوال تفسير
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى مع برنامجكم بينات ولا زال حديثنا متصلاً حول هذه الآيات التي في سورة النساء في الآية السابعة والثلاثين بعد المئة، كنا أشرنا إلى رابط بين هذه الآيات قبل الفاصل ولعلنا ننتقل الآن إلى الآية التي بعدها وهي (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا) فيه فائدة في هذه الآية ظهرت لي وهي كيف أن الله سبحانه وتعالى فتح باب التوبة.
الشيخ محمد الخضيري: كيف؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لمن وقع في الكفر فقال (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا).
الشيخ محمد الخضيري: سماهم مؤمنين بعد كفروا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم ففتح لهم باب التوبة بعد الوقوع في الكفر فكيف بمن يقع في المعصية؟
الشيخ محمد الخضيري: لا شك أنه أرجئ.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا لا شك أنه أصلاً ما خرج حتى يقال له أنه دخل ولكن تعال الآن كنا نتكلم قبل قليل عن العدل والقسط وضرورة القيام بالقسط انظروا الآن لبعض من يقع في بعض المعاصي ولو كانت من الكبائر كيف يتعامل معه؟ فيما أراه وأشاهده في واقعنا اليوم يتعامل معه بقسوة وبغلظة شديدة وربما تدفعه البعض أحياناً إلى الردة عن الإسلام والانتكاسة والله سبحانه وتعالى قد أمرنا بالقيام بالقسط والعدل وذكر هنا قال (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) فدل على أنه حتى لو وقع الإنسان في الكفر فإنه ينبغي له أن يفتح له باب التوبة وأن يترك له الباب حتى يعود ويرجع.
الشيخ مساعد الطيار: وهذه قاعدة القرآن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم وليس من مقاصد الدين تنفير الناس وإنما من مقاصده تحبيب الناس إلى الدخول في الإسلام والعودة حتى لو وصلوا إلى الكفر فالباب مفتوح.
الشيخ مساعد الطيار: أذكر وقفنا في سورة آل عمران على كلام قريب من هذا في أوصاف المتقين (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ) هذه معطوفة على المتقين نفسهم (إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ) وأيضاً في سورة البروج قال (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) فهذا اعتراض (فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ) إذاً يستحقون عذاب جهنم وعذاب الحريق إذا ماتوا على كفرهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أما إذا تابوا.
الشيخ مساعد الطيار: أما إذا تابوا فإن الله
الشيخ محمد الخضيري: ولذلك تعتبر هذه من أرجى الآيات في القرآن من حيث فتح باب التوبة لمن فعل تلك الأفاعيل الشنيعة بالمؤمنين وهي الإحراق. هنا طبعاً الآية جاءت لتصور لنا قوماً كانوا يعيشون بين ظهراني المؤمنين متذبذبين إلى أبعد درجات التذبذب وأن هناك من البشر من يعيش هذا التذبذب وليس تذبذباً في خيارات متاحة اللون الأزرق وإلا الأحمر، المكان هذا والمكان هذا، لا، في قضيتين متضادتين تماماً إيمان وكفر سعادة في الدنيا والآخرة أو شقاء الدنيا والآخرة فيقول (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا) لأنهم عرفوا الحق وأبصروه لأنهم آمنوا رأوا الحق بيّناً فدخلوا فيه ثم نكصوا لشهوات وأهواء وأغراض خفية أو جلية وبدأوا يعودون، هؤلاء القوم ما حالهم؟ طبعاً هؤلاء هم المنافقون، هل يمكن أنه يوجد أناس من هذا النوع؟ نعم موجودون في ذاك الزمان.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وفي زماننا هذا.
الشيخ محمد الخضيري: وفي زماننا هذا وفي كل زمان قوم ليس عندهم ولاء للحق، عندهم ولاء شديد لمصالحهم ينظرون من هو الذي يحقق المصلحة لهم فهو إذا آمن سيخسر مثلاً قبيلته أو سيخسر منصبه أو سيخسر سمعته أو جاهه أو شيء من هذه الأشياء فيعود إلى الكفر لكن الحق له نور، له بريق، الحق مثل الشمس.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً فيه اتباعه المصالح.
الشيخ محمد الخضيري: إيه فيأتي مرة ثانية إلى الحق ثم يعود مرة أخرى إلى الباطل ولذلك الآيات تصور هؤلاء بأكثر من هذا عندما يقول الله عز وجل (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)) ثم يصورهم أيضاً فيقول (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) ثم يصورهم فيقول (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ) ثم يحكم عليهم بالنتيجة التي ستكون إليها مآلهم وهو قوله (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) لأنهم أخضعوا هذه القضية العظيمة لتوافه من مصالحهم وهو أنهم يبحثون عمن يحقق لهم شيء من المال أو المنصب أيّاً كان الإيمان والكفر ما تساوي عندهم شيئاً فهم يلعبون على الحبلين كما يقال. ونحن بهذا يا دكتور عبد الرحمن نحذِّر بعض من عرف الحق أن يتقي الله سبحانه وتعالى فيضحي بالحق لأجل بعض المصالح الآنية مصالح عاجلة أن يكون كاتباً في مكان أو مرموقاً أو صاحب منصب أو جاه أو يحصِّل شيئاً من الدنيا لأجل ذلك يضحي بالحق إياك، إياك، الحق باقي وهذا زبد (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ)[الرعد:17] فاتّقِ الله لا تضحي بهذه الحقيقة العظمى التي لا تزول وهي دائمة ما دامت السماوات والأرض تضحي بها من أجل بعض هذه المصالح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله أكبر! لاحظوا في أول الحديث عن المنافقين في هذا المقطع يا شيخ مساعد عندما يقول (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138)) هذه أول الحديث عن المنافقين في هذا المقطع (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138)) ثم يدخل في التفاصيل فيقول (الذينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)) انظروا الآن في مظاهر كثيرة نجدها في واقعنا اليوم نحن نتحدث عن المنافقين في هذه السورة وهي تصف حال المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كانوا يتعاملون مع النبي صلى الله عليه وسلم يقابلونه بوجه ويرجعون إلى أقوامهم بوجه (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) [البقرة:14] في كل زمان منافقونه، وسبحان الله العظيم لاحظوا الآن في زماننا هذا اليوم عاشت الدول الإسلامية فترة طويلة وهم لا يحكمون بشرع الله ويحارَب شرع الله في كل مكان نحن ولله الحمد هنا في هذه البلاد يحكمون بالشريعة الإسلامية والناس مطمئنون إلى هذا وبالرغم من ذلك بالرغم من أننا نطبق الشريعة ونطمئن إليها تجد هناك من يخرج من بيننا ينتقد هذا الحكم الشرعي، ينتقد هذا العالِم، ينتقد هذا الزي مثلاً لباس المرأة الشرعي بحجج والله هذا انظر لو تلاحظ كل الأدلة والحجج التي يحتج بها هؤلاء هي نفس الحجج التي احتج بها المنافقون فقط تتغير الشخوص وتتغير مفردات
الشيخ محمد الخضيري: العبارات والأساليب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني مثلاً إن جئت له بآية قال هذه ليست آية صريحة في الدلالة وإن جئت له بحديث قال هذا غير صحيح وإن جئت به صحيحاً قال هذا ليس كل ما في البخاري صحيح. تلتمس ما هو الذي يربط بين كل هذه التصرفات؟ فإذا به كما ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة محمد (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) فقط لا يريدون هذا التشريع ولاحظوا الآن في بعض الدولة الإسلامية التي أراد الناس كلهم أن يُحكَموا بشرع الله انظر كيف تتعالى الأصوات وأن تمكن المسلمين من الحكم بشرع الله هذا رجوع إلى الوراء، رجوع إلى الوراء ماذا لو كان هذا رأينا جميعاً؟ أليست الديمقراطية حكم الأغلبية دعونا نرجع لوراء ما دام هذا رأينا جميعاً لا يفرضون الوصاية حتى على الشعب كل هؤلاء لما أتيحت لهم الديمقراطية ما أحسنوا الاختيار لأنفسهم، ألا تلاحظون هذا؟
الشيخ محمد الخضيري: يحتاجون إلى وصاية
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ألا تلاحظون هذا؟
الشيخ مساعد الطيار: بلى.
الشيخ محمد الخضيري: لا بلى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن لو كان يعني انتصر من لا يحكم بالشريعة ولا يرى ضرورة حكمها
الشيخ محمد الخضيري: لكانوا أول المطبلين.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكانوا أول من يلتمس الأعذار ويبشر بهذه الديمقراطية.
الشيخ مساعد الطيار: أعطوه فرصة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبحان الله العظيم.
الشيخ محمد الخضيري: ولذلك هم ليسوا أصحاب مبادئ.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مذبذبين.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم مذبذبين ويتبعون أهوائهم في كل أحكامهم وتصرفاتهم.
الشيخ مساعد الطيار: في قوله سبحانه وتعالى (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ) يقع سؤال يتكرر أن الغالب في البشارة العادة أن البشارة تكون بالشيء السار وهنا إنما بشروا بعذاب أليم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالعذاب.
الشيخ مساعد الطيار: نعم فكيف وقعت البشارة بالعذاب الأليم في هذا الموقع وطبعاً كما نعلم أن مادة بشر مأخوذة من الباء والشين والراء.
الشيخ محمد الخضيري: بشر.
الشيخ مساعد الطيار: التي هي البشرة فإذا جعلنا أصلها البشرة فهو ما يظهر على البشرة سواء من خير أو شر.
الشيخ محمد الخضيري: من حزن أو فرح.
الشيخ مساعد الطيار: نعم ولهذا أحياناً تأتي على البشرة وأحياناً تأتي على الوجه (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39)) [عبس] فوصف الوجوه بماذا؟
الشيخ محمد الخضيري: بالاستبشار.
الشيخ مساعد الطيار: بالاستبشار لأن إنما يظهر الاستبشار على الوجه فهو أول، فإذا رأيت الإنسان مقبلاً ووجدت وجهه وأنت مثلاً وصيته بوصية وجدته
الشيخ محمد الخضيري: مستبشراً.
الشيخ مساعد الطيار: إيه متهللاً فأنت تقول له بشر يقول جاءك الخير أو أبشرك بالخير وإذا رأيت وجهه.
الشيخ محمد الخضيري: منقبضاً.
الشيخ مساعد الطيار: فتجده يبشرك بما لا تحب لأنه في النهاية يقابلك بهذا.
الشيخ محمد الخضيري: ولذلك العلماء صاروا يحملون هذه الكلمة (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ) على أنه لون من ألوان التهكم بهؤلاء الذين إذا جاءوا يوم القيامة يأتون في حالة من الغم يبحثون عن أدنى نفس في البحث عن مخرج مما هم فيه أو مقبلون عليه فيقال بشِّر بماذا؟ بشرهم بما يسوؤهم وهذا لون من ألوان خديعة الله لهم يوم أن خادعوا الله والمؤمنين (جَزَاءً وِفَاقًا (26)) [النبأ] فهم في الدنيا كانوا يخادعون يقولون آمنا وإلى آخره وكذا ويظنون أن هذا ينطلي على الله سبحانه وتعالى في يوم القيامة تنقلب هذه الخديعة عليهم (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) فيقال أبشروا لكن بماذا؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بعذاب.
الشيخ محمد الخضيري: بالدرك الأسفل من النار (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138)).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا والله توجيه الذي أميل إليه صراحة يعني الآن عندما نقول يا شيخ مساعد أن البشارة الغالب فيها والأصل فيها هو البشارة بالخير.
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فإذا استخدمت في غيره فلحكمة.
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل الحكمة هنا هي الاستهزاء بهم والسخرية لأنهم أصلاً هم طبيعة المنافقين طبيعة عملهم وتعاملهم مع المسلمين في الدنيا مبينة على الاستهزاء والسخرية والخديعة أليس كذلك؟
الشيخ محمد الخضيري: بلى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) [البقرة:9] ويسخرون منهم (سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ) [التوبة:79] أليس كذلك؟
الشيخ محمد الخضيري: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حتى في قوله سبحانه وتعالى في سورة الحديد عندما يقول الله سبحانه وتعالى (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ) ثم يذكر عن المنافقين الله سبحانه وتعالى قال (قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا) أن هذا سخرية واستهزاء بهم لأنهم كانوا يسخرون بالمؤمنين في الدنيا وهذا هو واقعهم اليوم يسخرون من المتدينين، يسخرون من شعائر الدين، يسخرون من الآذان، يسخرون يعني أنا رأيت أحد أعضاء البرلمان المصري أذّن، حضرت صلاة العصر فأذّن في البرلمان فطارت هذه القصة كل مطار وكتب فيها هؤلاء المنافقون كتابات استهزاء حتى يقول هذا الذي أذّن حتى أصبح قيامه بهذا الأمر
الشيخ محمد الخضيري: سُبَّة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبة وسخرية وإلا ماذا فيها كون واحد حضرت الصلاة فأذن هذا شرف له لكن أصبحت انقلبت إلى سخرية واستهزاء فكون الله سبحانه وتعالى يقول (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138)) هذه صراحة في غاية المناسبة لتصرفاتهم الاستهزاء بهم والسخرية بهم لأنهم يتعاملون مع المؤمنين بهذه الطريقة فأنا أرى أن هذا التوجيه الذي ذكرته يا دكتور محمد أنه أليق بدلالة البشارة هنا.
الشيخ مساعد الطيار: وهذا يقود إلى باب في القرآن وهي الأفعال قد تأتي أحياناً بمثل هذا لكنها في الغالب تكون أخبار.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل الهداية أيضاً (فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)) [الصافات].
الشيخ مساعد الطيار: أو مثل (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)) [الإنسان] هذا في المؤمنين قال (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا) [محمد:15] هذا في
الشيخ محمد الخضيري: (فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)) [محمد].
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم فلاحظ أن المادة هي واحدة لكن اختلف الحال فبعض الأفعال قد تكون عامة لكن بدايتها مشعراً بماذا؟ بنوع من الحسن سُقيَ في الغالب شيء
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم لكن نقول (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لاحظوا أيضاً من دلالات الآية التي ذكرها الله في صفات المنافقين يعني لاحظ يقول هنا (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138)) ثم يذكر من أول صفات المنافقين (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) يعني مسألة تولي الكافرين من دون المؤمنين يعني أول شيء فيه دلالة في قوله (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ) إشارة إلى أنهم جاءوا إليهم راغبين مقبلين قاصدين الأمر الثاني قوله (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) فيها إشارة إلى أن فيه إمكانية أنك تتخذ المؤمنين أولياء ولكنك تركتهم اختياراً وذهبت إلى الكافرين فهذه صفة الحقيقة صفة من صفات المنافقين المميزة.
الشيخ محمد الخضيري: والدائمة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في القديم والحديث.
الشيخ محمد الخضيري: تجد أن من أكثر الأسباب التي تدعوهم إلى النفاق أو تدعو المنافقين إلى أن يعملوا هذه الأعمال هو وجود أولياء لهم من غير المؤمنين.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يدفعونهم ويمولونهم.
الشيخ محمد الخضيري: ويحاولون قدر المستطاع أن يكونوا عيبة نصح لهم دائماً نصحهم لهؤلاء كما قال الله في سورة الحشر (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12)).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني كل الخيارات سيئة.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم.
الشيخ مساعد الطيار: ولهذا هذه بالفعل فائدة الحقيقة جميلة وهي أن المنافق لا يمكن أن يعيش وحده في صف المسلمين لأنه يحتاج إلى ماذا؟
الشيخ محمد الخضيري: عزة.
الشيخ مساعد الطيار: إلى عزة إي نعم.
الشيخ محمد الخضيري: لافتقاده العزة.
الشيخ مساعد الطيار: لافتقاده العزة أما العزة الحقيقة كما قال الله سبحانه وتعالى (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)) وكما قال (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)) [المنافقون] فهذه العزة التي يطلبونها لو فقدت فإنهم ماذا؟
الشيخ محمد الخضيري: يبحثون عنها.
الشيخ مساعد الطيار: يضعف وهم فيهم شبه بمن؟ باليهود في هذا المقام لما قال الله سبحانه وتعالى عنهم قال (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ) [آل عمران:112] وهذا انقطع، انقطع الحبل مع الله سبحانه وتعالى لأنهم قطعوا عهد الله منذ زمن (وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) الذي نراه اليوم فاليهود إذا لم يجدوا لهم معيناً من خارجهم لا يمكن أن يعيشون يبقون في دائرة ضيقة.
الشيخ محمد الخضيري: ضيقة مغلقين وليس لهم تمكين.
الشيخ مساعد الطيار: ولا هم مرغوبون.
الشيخ محمد الخضيري: في هذه السورة جاءت الإشارة بهذا اللون وأنا أقول سبحان الله يذكر من أول صفات المنافقين اتخاذ الكافرين أولياء يؤكد علينا أن من أعظم صفات المؤمنين أن تكون ولايتهم لله ولرسوله وللمؤمنين وأنه متى ضعفت هذه الولاية للمؤمنين فإن الإيمان نفسه يكون ضعيفاً ودليل على أن الإيمان لم يتمكن من النفوس. واليوم نحن الحقيقة يجب أن نراجع هذا المعنى كثيراً في نفوسنا هذا المعنى المذكور مع المنافقين بُسِط أكثر في سورة المائدة في قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)).
الشيخ مساعد الطيار: أيضاً لاحظ (يُسَارِعُونَ) و (يَتَّخِذُونَ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نفس المعنى. طبعاً الوقت انتهى والحقيقة هذه المعاني التي ذكرها الله سبحانه وتعالى وستأتي معنا إن شاء الله في اللقاء القادم عن تفصيل صفات المنافقين نحن في أمس الحاجة إلى كثرة مراجعتها سواء فيما بيننا أو حتى الإخوة المشاهدين لأننا نمر وصفات المنافقين تظهر في الازمات فكثرة تدبر القرآن ومدارسة هذه الآيات تنفع بإذن الله سبحانه وتعالى. أيها الإخوة المشاهدون الكرام انتهى وقت هذه الحلقة نلقاكم إن شاء الله في اللقاء القادم وأنتم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://almajdtv.tv/default.aspx?No=9073&type=2