الحروف في القرآن الكريم, حرف الثاء

حرف الثاء – منظومة ثبت

اسلاميات

منظومة  ثبّت

أيّد – أمدّ – نصر – أعان – مكّن  – ثبّّت – آزر – بعث

هذه الكلمات كلّها في منظومة ألطاف الله تعالى على عباده وهي خاصة بالمؤمنين لأنها من عطاء الألوهية فالله تعالى يُمدّ ويؤيّد وينصر ويمكّن المؤمنين.

أيّد والتأييد : عندما يعطي الله تعالى عبده من لطفه الإلهي قوة خارقة لا يملكها إلا هو سبحانه. (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) (فآواكم وأيدكم بنصره) أيدهم بالملائكة في بدر. والأيد لغة هي الشدّة والصلابة وهي القوة الخارقة. (واذكر عبدنا داوود ذا الأيد) (فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم )سورة الصفّ، (والله يؤيد بنصره من يشاء) ، (وإذ أيدتك بروح القدس) ، (فأنزل الله سكينته عليه وأيده) ، (وأيدهم بروح منه).

أمد والمدد: هو إرسال المدد من غير أن تكون معه بمعنى المدد مستمر ومنه كلمة تمدد وقد يمدّ اللع تعالى عباده على دفعات ومراحل مثل الإمداد بالملائكة في بدر، فالله تعالى يُعطي بعض عباده مدداً في العلم والمال أو الولد مستمر (يمددكم ربكم بألف من الملائكة مردفين) سورة الأنفال آية  ، والمدّ يكون عادة في الشر (نمدّ له من العذاب مدا) وأمدّ تكون بالخير. وإمداد الله تعالى قد يكون بالملائكة أو بنعمه سبحانه وتعالى. يقال مد الظل ومد العذاب بمعنى مستمر بلا توقف، وقوله تعالى (والأرض مددناها) يعني رزقها إلى يوم القيامة) فالمدّ مستمر مدة طويلة والمدد يكون على مدة متتابعة.

نصر: المدد تعني إرسال الغير أما النصر فيجب أن تذهب بنفسك وتدخا مرة واحدة لحسم الموقف بمعنى أن يُنجينا الله تعالى بنفسه (إلا تنصروه فقد نصره الله ) تدخل مباشر من الله تعالى والنصر لا يكون إلا عند وشوك الهزيمة فيأتي النصر من عند الله بعد أن يستنفذ البشر كل الوسائل المتاحة لهم (إن تنصروا الله ينصركم) (وإن استنصروكم فعليكم النصر) مثل المسلمين المستضعفين في الأرض علينا نصرهم إذا استنصرونا وهذا أمر إجباري وليس اختياري.

أعان والإعانة: إذا كان المدد إلهياً، إذا كان النصر ليس عسكرياً يكون عوناً (أعينوني بقوة) في بناء السدّ والعون والإعانة هي من أنواع المدد لكن ليس جهداً عسكرياً وهو كالتبرعات وغيرها.

مكّن والتمكن: هو أن تبسط نفوذك على مكان فيصبح ملكك، هناك صراع طويل ثم في النهاية يُحسم الموقف لصاحنا (وكذلك مكّنا ليوسف ) أي بعد طول صراعات مع إخوته وامرأة العزيز والملك وفي النهتية حُسم الموقف لصالحه وأصبح ممكناً في الأرض، (ألم نمكّن لكم حرماً آمناً) ، (ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان) مكّن لهم في الأرض ولم يحدد المكان بمعنى حيث حلّوا يعيثون فساداً في كل بلد( وما من مجتمع حلّ فيه اليهود إلا تمكنوا فيه ثم عاثوا فيه فساداً وهذه من سنن الله تعالى في خلقه أن لا يكون لليهود وطن. (وإذ تأذن ربكم ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب) بمعنى أنه كلما تمكنوا في مكان بعث الله تعالى عليهم من يسومهم سوء العذاب وهذا إعلان من الله تعالى مستمر إلى يوم القيامة.

ثبّت والتثبيت: شخص صالح بدا له شيء من الزلزلة كالمسلم جاءته فتنة أو شكت أن تعصف به ثم يأتيه أحد الصالحين فيثبته بعد أن أوشك أن يتزلزل ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلا) ، والتثبيت هو منع الإنهيار كما في سورة الكهف في قصة الجدار جاءت الآية (فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقضّ فأقامه) ولم يقل ثبّت وهذا دليل على أن الحائط وقع فعلاً لو لم يقع وكان الحادثة في بداية انهيار الجدار وتداعيه لجاءت الآية بلفظ ثبّت. والتثبيت يكون في حالتي الحرب أو السلم وعند بداية زلزلة موقف ما. (يُثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) سورة ابراهيم آية ، وفي استعراض الآيات التي قبل هذه الآية وبعدها في سورة ابراهيم نلاحظ أن كلمة يثبت جاءت في مقابل كلمة اجتثّت، هناك نظريتين: نظرية الكفر (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت)، ونظرية الإيمان: الكلمة الطيبة والقول الثابت وهو (لا إله إلا الله) فالمؤمن أصوله ثابتة بـ (لا إله إلا الله) كاشجرة تماماً أصلها ثابت وفرعها في السماء مهما تمايل يبقى الأصل ثابتاً والفرع هو بمثابة العمل وبدون لا إله إلا الله لا يصلح العمل، كما في قوله (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) كل عمل مربوط بحينه ولا إله إلا الله في كل حين.

حصل انفراد للمؤمن (محمد رسول الله r) في أمور كثيرة بكلمة لا إله إلا الله: أُسري به – طاهر الثوب – عفيف العِرض – يذكر الله – يدعو الله – الآذان – الصلاة – هاجسه من الكبيرة – رحيم بعدوّه.

آزر: قوّى وشدّ وأعان واستقام بحيث لا عوج فيه. وأصله من شدّ الإزار, والأزر هو القوة الشديدة. والآزر يكون عادة من الأقارب كما أورد اقرآن الكريم على لسان موسى u (أشدد به أزري) أي أتقوى به (كزرع أخرج شطئه فآزره).

بعث: هو في الأصل إثارة الشيء وتوجيهه، والله تعالى يبعث للناس الرسل مبشرين ليعينوهم على التوحيد والنجاة من النار (ولقد بعثنا في كل إمة رسولا) وهذا من باب الإعانة لآنه لو لم يبعث الله تعالى الرسل والأنبياء لما استعان الناس على الإيمان بالله وتوحيده ولما اهتدوا للحق. (بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار) سورة الإسراء آية 5 وفي الآية بعث الله تعالى لعباده المؤمنين لمحاربة اليهود المغضوب عليهم وفي هذا البعث إمدام وتأييد للمؤمنين ونصرتهم على أعدائهم من بني إسرائيل.

بثت الحلقة بتاريخ  8 و 10/6/2001م