الحروف في القرآن الكريم, حرف الحاء

حرف الحاء – منظومة الحجاب

اسلاميات

منظومة الحجاب

 حجاب–  غطاء –  غشاء –  خمار – نقاب – ستار

هذه المنظومة هي منظومة المنع من الوصول وكل كلمة من كلمات هذه المنظومة تختص بمعنى تتفرّد بها عن أخواتها.

الحجاب: الحجاب في القرآن هو منع الوصول إلى الشيء من حيث التلاقي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً {53}) الآية في سورة الأحزاب تعني منع الآخرين من لقاء نساء النبي r والوصول إليهن. وكذلك قوله في سورة الأعراف (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ {46}) الحجاب يمنع أصحاب الأعراف من الوصول إلى الجنة ولقاء أهلها تصديقاً لقوله تعالى في سورة الحديد (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ {13}). فالحجاب إذن بهذا المعنى هو خاصٌ بنساء النبي r أما نساء المسلمين فيمكن لهم التقاء الآخرين لإذا كانت عليهن الملابس الشرعية وفي إطار الحشمة. وقد وردت كلمة الحجاب في القرآن الكريم في مواضع أخرى هي: سورة الإسراء (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً {45})، وسورة مريم (فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً {17})، وسورة فُصّلت (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ {5}) وسورة الشورى (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ {51}‏).

الغطاء: هو منع الوصول إلى رأس الشيء. فكل شيء يوضع على الرسأس ويكون صلباً يُسمّى غطاءً كالقدر يوضع عليه غطاء فلا يمكن لليد أن تصل إلى القدر إلا بعد أن ترفع الغطاء وتُسمى خوذة الجنود غطاءً لأنها تمنع الوصول إلى الرأس وهي صلبة وكذلك تُسمى القلنسوات الحديدية التي يلبسها المحاربون في المعركة. إذن فالغطاء هو كل شيء سميك صلب يمنع الوصول إلى الشيء. وقد استعمل القرآن الكريم هذه الكلمة للشرك في سورة الكهف (الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً {101}) فالشرك كان صلباً بحيث لا يلين. وكذلك استعملت للجهل إذا كان مُطبقاً ولا يمكن رفعه كما في قوله تعالى في سورة ق (لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ {22}) هناك جهل من طبيعة قوانين عقل الإنسان لأن معارف الإنسان فس الدنيا قليلة مهما بلغ من العلم وعندما يموت يكشف الله تعالى له معارف عظيمة لم يكن يفهمها من قبل بطبيعة عقله الإنساني

الخمار: والغطاء من حيث المرأة في الإسلام يُسمى خماراً هذا لإذا لم يكن الغطاء صلباً تغطي المرأة فيه شعرها وهو يمنع الوصول إلى شعر المرأة بالنظر. والخمار هو غطاء الرأس ولمّا لم يكن صلباً لا يُسمى غطاء بل يُسمّي خماراً. ويقال خَمَر الشيء بمعنى ستَرَه. والحديث الشريف يقول (خمّروا الآنية) أي غطّوها بشيء ليس صلباً كقماش أو نايلون أو نحوه. ولهذا جاء الحكم من الله تعالى لنساء المؤمنين بضرب خمورهن على جيوبهن كما في آية سورة النور ()وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {31}

الغشاء: إذا كان الغطاء ليس فقط للرأس وإنما للرأس والوجه يُسمّى غشاءً أو غُشوة كما في اللغة الدّارجة، كما جاء في قوله تعالى في سورة هود (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {5}) وفي سورة نوح (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً {7}) وضعوا ثيابهم على رؤوسهم ووجوههم حتى غطّها بالكامل. وكل شيء يغمر الوجه والرأس كله وجهاً وشعراً يُسمى غشاء كما في سورة طه (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ {78}) الماء صار فوقه رؤوسهم ووجوههم وفي سورة الأنفال (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ {11}) وكذلك في سورة آل عمران (ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {154}) النعاس شمل جميع الرأس وما حوى. وقد استعمل القرآن كلمة الغشاء في مواضع عديدة منها في سورة لقمان (وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ {32}) وفي سورة البقرة (خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ {7}) وسورة يس (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ {9}) وفي سورة يونس (وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {27}) وكذلك في سورة الليل (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى {1}). فالغشاء إذن شمولي والخمار جزئي.

النقاب: هو ما يوضع على الوجه فقط. وهي مأخوذة من نقب الأمر أي العمل الصالح الكريم ولهذا كان رئيس القوم يُسمّى نقيباً لعمله الصالح العظيم. وفي التاريخ الإنساني كان رئيس القوم يتنقب أي يُغطي وجهه دلالة على كرمه وشجاعته وكان يُسمّى نقيب القوم وما زالت بعض القبائل في المغرب العربي يغطون وجوههم رجالاً ونساءً. وقد استعمل القرآن هذه الكلمة في سورة المائدة (وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ {12}). وكل عمل صالح يُسمّى منقبة. والمناقب هي الأعمال الكريمة كما يُقال مناقب الصحابة وكذلك المنقبة النبوية وهي شعر في مدح النبي r وشمائله.

الستار: كل شيء يُستقبح النظر إليه ويُستفبح الوصول إليه يُسمّى ستاراً.عندما يُستقبح أن يُرى الشيء يُسمى ستاراً فالإنسان يستقبح أن يرى أحد عورته أو ما في داخل بيته ولهذا نضع ستائر على النوافذ. وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في سورة فُصّلت (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ {22}) وفي سورة الكهف (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً {90}).

وأضيف  على ما تفضّل به الدكتور الكبيسي ومن وجهة نظري الشخصية والمتواضعة أنه بعد هذا التفصيل لكل كلمة في هذه المنظومة يتبيّن لنا أن كلمة الحجاب تُطلق خطأ على خمار المرأة ويكثر اللغط حول هذا الأمر فعلى وسائل الإعلام والمسلمين جميعاً أن ينتبهوا لهذه الكلمات لأنه بمعرفة هذه الكلمات وحقيقة معناها ودلالتها يمكن لنا أن نعرف الحكم الإلهي فيها فالحجاب كما يتبيّن وكما تعنيه الكلمة هو خاص بنساء النبي r وليس لباقي نساء المسلمين أما الخمار فهو ما فرضه الله تعالى على نساء المسلمين في آية سوة النور. هذا والله أعلم.

بُثّت الحلقة بتاريخ 11/1/2004م