الحروف في القرآن الكريم, حرف الذال

حرف الذال – منظومة أسماء القرآن (ذِكر)

اسلاميات
حرف الذال

منظومة  أسماء القرآن


 

ذِكر – قرآن – صحف – كتاب – فرقان

 

هذه منظومة جديدة نستطيع بسهولة ويسر أن نتلمس ما بين كلماتها من فروق تدل على أن القرآن كلمات معجزة. ذِكر من الكلمات المشتركة لها أكثر من معنى كما سنذكره. الذِّكر هو إسم من أسماء القرآن الكريم وأسماء القرآن في القرآن : الذِكر، القرآن، الفرقان، الصحف أي المصحف والكتاب. ولعل بعض الناس يظن أن هذه الكلمات بمعنى واحد والجواب لا. الإسم الأصلي لهذا الكتاب هو القرآن: القرآن الكريم الذي جعله الله تعالى عَلَماً على الكتاب الذي أُنزل على محمد r كما جعل التوراة علماً على الكتاب الذي أُنزل على موسى u والإنجيل علماً على الكتاب الذي أُنزل على عيسى u وغير ذلك. العَلَم الأصلي لكتاب الله المنزل على محمد r هو القرآن وله إسم آخر يدل على زاوية أخرى من زوايا هذا الكتاب: الفرقان وإسم آخر يدل على زاوية أخرى من زواياه هو الذِكر وإسم آخر يدل على زاوية أخرى من زواياه وهو الكتاب ثم إسم آخر وهو الصحف أي المصحف.

القرآن: قرأ يقرأ قراءة وقرأ يقراً قرآناً. المصدر فعلان مثل جحدان ونكران في غاية الغِلظة أي أن العقل بلغ مداه في المعنى. كفر يكفر كُفر(هذا كفر نسبي) وعندنا كفر يكفر كفراناً (بلغ منتهاه في الكفر). رجح يرجح رجوحاً هذا نسبي ورجح يرجح رجحاناً هذا بلغ القمة. هناك فرق بين من أخذ 60 % في المعدل العام وآخر أخذ 55% نقول رجح فلان على فلان رجوحاً لكن لنا نقول أحدهم أخذ 50% وآخر أخذ 100% فهذا رجحان مطلق.

قرأ يقرأ قراءة بمعنى أي شيء القراءة تأكيد لقرأ نسبي. قراءة جاءت من القراءة لكن بنسبة لكن قرآناً مثل رجحان هذه قضية بلغت المدى في القصة والعمق أي ما تقرأه فيه عمق لا نهائي وأنت توغل في هذه القراءة فهماً بحيث تصل إلى غاية ما يمكن  أن يدركه عقلك في زمانك ثم يأتي كل جيل يقرأ ويفهم ما لم تفهمه أنت. كل جيل يقرأ قراءة يستنبط معانيه هذا قرآن وهذا سر هذا الكتاب العزيز. القرآن هو الكلام المنزل على محمد r وينبغي أن تقرأه قرآناً (فمنهم ظالم لنفسه يقرأ ببساطة، ومنهم مقتصد بفهمه ويتعلم أحكامه ليس عميقاً كفاية ومنهم سابق بالخيران في زمانه واسع المدى. لم يقرأ أحد مثل عبد الله إبن عباس (ترجمان القرآن) وعلي بن أبي طالب (سيد الفهم) هذا فهم خاص يؤتيه الله تعالى من يشاء من عباده.ثم جاء الرازي والزمخشري فهموا من القرآن ما لم يفهمه غيرهم. كل جيل يبعث الله تعالى من يفهم القرآن فهماً جديداً نافعاً يعطي معاني جديدة لم يسبق لأحد الوصول إليها وهذا لا ينقطع إلى يوم القيامة فهو كتاب لا تنقضي عجائبه. المطلوب من المسلمين أن يوغلوا في القرآن ويغوصوا في معانيه إلى يوم القيامة كما قال تعالى (يوم يأتي تأويله). في زماننا هذا إكتشفت معجزات وأسرار لم تنتبه إليها الأزمان السابقة مما فتح الله تعالى على الناس من إختراعات وقد ذكرنا هذا في برنامج سابق (آية تبحث عن معنى) كل آية من الآيات المتشابهة، المحكم ليس قرأناً القرآن متشابه. المحكم إفعل ولا تفعل معانيها واحدة : صوم رمضان ليس فيه عمق مطلق وإنما عمق نسبي إنتهى الآن وليس في آيات الأحكام جديد فسّرها رسول الله r ونقلها اصحابه إلى الناس. العمق العظيم في آيات التوحيد: في كل جيل يفهم فهماً جديداً هذا هو القرآن والأحكام الشرعية هي الكتاب. القرآن مجموعة من الكتب (فيها كتب قيمة) لو جمعنا الكتب تؤلف كتاباً (كتاب الصلاة، كتاب النفس، كتاب الطهارة، كتاب الموت وغيرها) ننظر بها مجتمعة هذا يسمى ترتيل (ورتل القرآن ترتيلا).

القرآن من حيث عمقه ينبغي أن تكون قراءته قراءة عقلية (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به) الذين يغوصون في معاني المتشابه منه غوصاً يدل أن الله واحد وأن هذا الكلام كلام الله تعالى وأنه لا إحتمال أن يكون هذا الكلام من صنع البشر لأن ما فيه من معلومات لا يمكن لمحمد ولا جيله أن يعرفها كما قال موريس بوكاي العالم الفرنسي الذي أسلم. القرآن بالنسبة لعمق المعنى الذي فيه والذي يقتضي قراءة عظيمة من أصحاب العقول الرشيدة (العقل الراشد لب العقول وذروتها وهو غاية الحكم والفهم والمعرفة) هذا هو القرآن.

الفرقان: القرآن من حيث كونه معجزاً: كل شيء يحسم الموقف (واحد دخل في مشكلة مع واحد فقال كلاماً يحسم الموقف) (وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان الفرقان) حجة بليغة قوية تحسم الموقف بحيث لا يستطيع أحد في الدنيا أن تشك فيها. (يوم الفرقان) بدر فرقان كيف أن 312 واحد تنزل الملائكة تقاتل معهم هذا فرقان قضية محسومة. (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء وذكراً للمتقين) الضياء التوراة والذِكر جزء منها والفرقان جزء منها. معجزة موسى وعيسى عليهما السلام أقام الحجة على الكافرين. هذه المعجزات هي الفرقان لأنها تحسم الموقف موسى معجزته خارج التوراة (اليد، العصى، القُمّل، الضفادع، الدم وغيرها) هذه التي ما إن رآها السحرة حتى خروا ساجدين حسمت الموقف وهذا فرقان معجزة. القرآن الكريم هو نفسه المعجزة. هذا الفرق بين القرآن والكتب السابقة لأن الكتب السابقة كانت المعجزة خارجها (إحياء الموتى لعيسى u من خارج الإنجيل). القرآن هو معجز لذا سمي فرقاناً (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) من معانيه اللانهائية كل جيل هناك من يكتشف في القرآن معنى جديداً لم يعرضه أحد من قبله. هذا القرآن لأنه معجز في كلامه يحسم المواقف فهو فرقان. الفرقان قد يكون للأنبياء أو الأولياء أو الصالحين أو كل من يعطيه الله تعالى كلاماً حاسماً. عمر عندما قال: يا سارية الجبل هذا فرقان. كل من حسم الموقف تماماً يسمة فرقاناً والقرآن كله فرقان من حيث أنه ليس فيه تناقض ولا عوج ولا يبلى على كثرة الرد.

الذِكر: نوعان قلبي ولساني (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) كلاهما نوعان كل منهما اللسان والقلب نوعان إما ذكر عن نسيان وإما ذكر لإدامة الحفظ. والذكر الذي وصفه القرآن هو الحفظ عن ظهر قلب وظاهرة الحفظ لا تضاهيها ظاهرة حفظ هذا أي شيء آخر. ملايين الناس يحفظونه لا يعلمون معناه. هذه الظاهرة لم تتوفر إلا لهذا الكتاب العزيز منذ نزل القرآن إلى اليوم وهو محفوظ في الصدور وكلما تخلّت الأمة عن العمل به كلما سخّر الله تعالى من يقوم برعايته من حيث كتابته وطباعته وحفظه وأنواع الخدمات العظيمة. في هذا الزمان الذين يحفظون القرآن آلآف الأضعاف مما كانوا يحفظون في عهد النبي r. نساء ورجالا وأطفال وترك وفرس وصينيون يحفظونه وهناك مطابع في كل مكان (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر) هذا القرآن يسّر الله تعالى حفظه للناس وهذا من إعجازه.

الكتاب: موضوع معين له عدة آيات تناقش هذا الموضوع يسمى كتاباً. كتاب الطهارة، البيوع، الصلاة، هذا المصحف فيه كتب قيمة. وكل موضوع كتاب: كتاب الموت، النصر، الهزيمة، العادات، الذكر، الصدقة، الصوم. هنا علينا أن نقرأها (ورتل القرآن) أي ضع الآيات التي تتعامل مع موضوع واحد وأدرسها مع بعضها ولا تقسم ما لا ينقسم. هكذا جميع الآيات المتعلقة بكتاب واحد تؤخذ مجتمعة ويُنظر بها مجتمعة. وهذا سبب الإختلاف المذهبي. تضع الآيات في موضوع واحد تنظر إليها كرّة واحدة رتلاً رتلاً على نسق واحد. الرتل متناظر متقدم بإتجاه واحد وقانون واحد.

الصحف: الصفحة كل شيء يقرأ معروض للآخرين يرونه. يقال صفحة خدك من حيث أن الناس إذا نظروا إليها إستفادت جمالاً. يقال أيضاً صفحة الماء كل من يراها يشعر بجمالها ولو وقفت على صفحة دجلة والفرات. الصفحة الشيء الذي يُعرض لذا سُمي صحف. والصحافة لأنه تكتب وتعرض على الناس لو لم تعرض على الناس تسمى شيئاً آخر.وهكذا هو كتاب الله صحف إبراهيم وموسى وصحف محمد r. كل كلمة تعطي معنى دقيقاً من زاوية معينة ولذا مستحيل أن يكون في القرآن مترادف.

الكتاب: كما يعرف أهل اللغة (أل) إما تكون للعهد الذهني نقول جاء الأمير أي عندنا أمير في البلد فالكل يعرف أن الأمير هو المقصود. وأحياناً تأتي لإستغراق الجنس: جميع الأمراء يقال لهم الأمير. كذلك كلمة الكتاب (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه (المائدة)) رب العالمين أنزل الكتاب (أل) للعهد الذهني أي القرآن ليصدق ما بين يديه من الكتب المنزلة كلها (التوراة والإنجيل والزبور والصحف). كلمة الكتاب الأولى للعهد الذهني وهو القرآن والثانية لأستغراق الجنس تعني كل الكتب المنزلة قبل القرآن. والله تعالى يقول أن هذا الكتاب مهيمن على الكتب السابقة. كلمة مهيمن كلمة مشتركة في اللغة وتعني القريب والحافظ والشاهد والمتفوق والأمين والمؤتمن. بمعنى أن القرآن رقيب محافظ شاهد متفوق مؤتمن أمين على الكتب السابقة. كل معنى أثبته القرآن والواقع المعاش:

الرقيب الذي يرصد حسنات وأخطاء الآخر وهكذا هو القرآن دلّ على حسن أو سوء الأداء في كل ما جاء في القرآن من تقريرات عن التوراة والإنجيل والزبور.

التحريف: نص القرآن على أن التوراة والإنجيل حُرّفا  (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ (النساء)) (حرفوا الكلم عن مواضعه: ساعة نزوله قام اليهود بتحريفه) ثم بعد مئات السنين قاموا بتحريفه (من بعد مواضعه) (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا (المائدة)) إستمرار اليهود في ذلك التحريف. التحريف يعني أن الآية موجودة لكن يقرأونها بشكل فيه نقص (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) آل عمران).

التزوير: أن يقولوا ما لم يقله الله تعالى وحاولوا إضافة بعض الآيات (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) البقرة) هذا التزوير.

الكتمان: هناك آيات كتمها اليهود (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) البقرة) وطمسوها.

الإهمال والنبذ: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) آل عمران).

الخديعة: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ)

النسيان

كل هذا من باب الرقابة. القرآن مهيمن أي رقيب على ما جاء في الكتب السابقة والرقابة إلى يوم القيامة بدليل إستعمال صيغة المضارع (يكتمون) بمعنى مستمر.

كونه شاهد شهد القرآن بما في التوراة والإنجيل في إعجاز وتوحيد (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) المائدة) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) (الأحزاب)) (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) آل عمران). كلام لا تجده في كتب اليهود والنصارى فكون القرآن مهيمناً أنه شاهد.

ومن معنى المهيمن: الحافظ. القرآن وسط هذا الإهمال والتزييف والتحريف احتفظ ببعض درر التوراة والإنجيل (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) المائدة) أحكام توراتية طوّرها القرآن (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) آيات منقولة نصاً أو معنى من التوراة. وكذلك قصص موسى u وعيسى u ونوحاً u تكاد تكون متشابهة. حافظ لما ورد في بعض هذه الكتب.

من معاني المهيمن: المتفوق.(مصدقاً لما بين يديه ومهيمناً عليه) أي متفوقاً على التوراة والإنجيل. وإذا نظرنا إلى جزئيات التفوق: جميع الكتب جاءت بقضية مركزية واحدة وهي واحدة (أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) لم يفلح النصارى واليهود في التوحيد المطلق وأفلح فيه المسلمون بالكامل. هاجسهم التوحيد ويمتنعون مما هو جائز مخافة الشرك الخفي والمسلمون هم الأمة الوحيدة التي توحد الله عز وجل لأن القرآن مصان من التحريف والتزوير. التوراة والإنجيل أمر الله تعالى الحفاظ أن يحفظونه (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)) والقرآن الله تعالى تولى حفظه. يحافظ على التوحيد في قلوب أتباعه حتى في قلوب غير المسلمين إذا أسلموا وحّدوا توحيداً كاملاً. إستطاع القرآن بجدارة أن يبث عقيدة التوحيد بشكل مطلق بينما لم تستطع الكتب السابقة في زمانها وبعد أن تبقى على التوحيد. قلة من اليهود والنصارى موحدون والباقي أشركوا بالله.  من تفوقه أنه غير قابل للتزوير وهو معجزة مستمرة في كل جيل يعطي معنى جديداً يوصل إليه من مجريات الأمور. مثلاً (مرج البحرين) الآن ثبتت وكذلك بصمة اليد والنقل الضوئي وسعة الكون. الكل يشهد بتفوق القرآن على كل الكتب (مصدقاً لما بين يديه). من التفوق أن في القرآن فقهاً دائماً ثابتاً إلى هذا اليوم شهد الجميع أن جميع الفقه سيبقى عالة على الفقه الإسلامي. ومن تفوق القرآن أنه كوّن المحبة تكويناً نسيجياً لا تجده إلا عند المسلمين. تبدأ عائلة بأم وأب وأولاد ثم يتزوجون فتصبح العائلة عدة عوائل ثم تصير أُسراً ثم تصير فصيلاً ثم عدة فصائل تصير عشائر ثم عدة عشائر تكوّن قبيلة لأن العشائر تتفرع (العشيرة يعيشون مع بعض) (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) ثم عدة قبائل تكون شعباً ثم عدة شعوب تكون أمماً. والأمة الإسلامية تعود لشخص واحد. هذا لا تجده إلا في الأمة المسلمة. الرحم وبر الوالدين والعلاقة الزوجية وهذا الولاء المطلق ليس في العالم الإسلامي أن يكبر والداك فتضعهما في ملجأ. زوج وزوجة بينهما إندماج كامل وفناء مطلق فتفنى الزوجة في زوجها فناء مطلقاً وكذلك الزوج. العلاقة بين حقوق الجار لا تتخلى عنه. هذا تفوق في القرآن الكريم. المعلِم والعالم والحاكم والمحكوم والسخيّ والوجيه لا يعترض أحد على القيم الجميلة التي جاء بها القرآن الكريم وهذا لا نراه إلا في هذا الدين. الحياء من خُلُق هذا القرآن. وأعظم تفوق في هذا الدين أنه نزع من قلبك أي حساسية أو كراهية لكل من يخالفك في هذا الدين. تؤمن بعيسى وموسى كما تؤمن بمحمد r.(آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ)أيُّ تفوق حضاري؟ مة تقبل بالآخر ولا تفرق بين نبي ونبي. الحب والسلم والتعلق بأنبياء الله جميعاً كتعلقهم بالرسول r.

ومهيمناً عليه: من يُنكر هذا؟ المسلمون وحدهم ينظرون إلى جميع الديانات نظرة واحدة. المسلم شريف مقدس كريم يحترم الناس ولا يسخر من أنبيائهم (ولا تسبوا الذين ). التفوق العظيم للقرآن لن يخل به هذا. من التفوق أن القرآن وحده يمنع الجرائم المنظمة التي تخيف الناس وتبتزهم. هذه الأمة الذنوب فيها بسيطة وغير دائمة لأن المذنب يتوب بسرعة وكم واحد يصر على الذنب؟! المسلمون لا يصرون على ذنوبهم وقد يذنب أحدهم ولكنه يتوب بسرعة. أمة زكية زاكية (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)) والأمة زاكية بالرسول r الذي إستطاع أن يحرك الدنيا بدينه وما من دين حاضر في الدنيا سلاماً ومحبة مثل هذا الدين.

نعيد بإختصار كلمات هذه المنظومة: الذِكر إدامة الحفظ، القرآن لعمق المعنى، الكتاب للموضوعات المجمعة، الصحف التي تُعرض على الناس، الفرقان إعجاز.

كان للرسول r معجزات كثيرة ولكن المعجزة الحقيقية كانت القرآن الكريم وهو الوحيد الذي كتابه معجزة وكل الأنبياء كانت معجزاتهم خارج كتبهم وكانت تحصل فقط في زمانهم أما الرسول r فمعجزته باقية إلى يوم القيامة.

بثت الحلقة بتاريخ 30/9/2005 م