الحروف في القرآن الكريم, حرف الذال

حرف الذال – منظومة وظائف اللسان (ذِكر)

اسلاميات
حرف الذال

 

منظومة  وظائف اللسان


 

ذكر – كلام – نطق – همس – لفظ – قول – حديث – خطاب – بيان

 

بما أن كلمة الذكر من الكلمات المشتركة والقرآن ليس فيه ألفاظ مترادفة وإنما مشتركة أي للكلمة أكثر من معنى. تحدثنا عن معنى كلمة الذكر على أنها علماً من أعلام القرآن واليوم نتحدث عنها كوظيفة من وظائف اللسان.

الكلام: من وضائف اللسان الكلام. نتكلم باللسان. كل صوت فيه حروف تشكل كلمة أي كلمة فيها حروف لها معنى أو بلا معنى يسمى كلاماً. شخص صيني يتكلم أمامك لا تعرف ما يقوله وما معناه لكن فيه حروف. كل صوت يتركب من حروف تشكل كلمة يسمى كلاماً بغض النظر لها معنى أو ليس لها معنى حتى الكلام الذي يتحدث به الطفل يشكل حروف ليس له معنى ولكنه كلام. الكلام إسم جنس: كل صوت فيه حرف يسمى كلاماً بغض النظر عن نوعه وقيمته وشكله ومفيد أو غير مفيد. فالكلام إسم جنس والكلمة جمعها كلِم (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ). إبن مالك كان دقيقاً عندما قال:

كلامنا لفظ مفيد كاستقم       واسم وفعل ثم حرف الكلِم

ورب العالمين في كتابه العزيز أطلق الكلِم على كثير من الأشياء: خطبة، كلمة، عيسى كلمة (رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم)، القرآن سمّاه كلمة. فالكلمة لها معاني عديدة كلها تعني صوت فيه حروف منها ما هو قصيدة ومنها ما هو قرآن. عيسى سُمي كلمة لأن وجوده كان بكلمة، وُجِد بكلمة (كن). كل ما تسمعه صوتاً فيه حروف يسمى كلام.

النطق: هذا الكلام إذا كان بصوت مسموع يسمى نطقاً تقول نطق قد يتكلم الإنسان بهمس لكن إذا رفع صوته فقد نطق. كان ساكتاً فرفع صوته فنطق (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) النمل). والنطق غير الصوت: الصوت للحيوانات (رغاء للإبل، ثغاء للغنم، صهيل للخيل، نهيق للحمار) فكيف سمّاه القرآن منطق؟ لأن سليمان u كان يفهم صوت الطير كأنه يتكلم بكلمات فسماها منطقاً.

الهمس: إذا كان الكلام بصوت خفيض يسمى همساً. (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) طه) فالهمس من وظائف اللسان.

اللفظ: عندما تخرج الكلمة من فمك بقوة وحماسة. متى تفعل ذلك؟ إما أن تكون خطيباً أو مدافعاً أو مهاجماً أو شاتماً أو مادحاً أو ذاكراً أو كافراً كلما يكون كلامك فيه دافع من نفسك عاطفي أو عقادئي أو غضب أو فصل الخطاب يسمى لفظاً. لفظ الأشياء أي الرمي. الأرض تلفظ النتن أي ترمي. اللفظ هو الكلمة التي تخرج من فمك بقوة. من دقة القرآن الكريم قال تعالى:(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق) ليس أي كلام تقوله عليه رقيب لكن الكلام الذي بقوة وعناية وبنيّة يسمى لفظاً. اللفظ الكلمة القوية التي تخرج من الفم بقوة كما تلفظ النواة من التمرة. (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق) عندما تقول كلاماً قوياً في أي مجال مدحاً أو قدحاً أو غيبة أو سباً أو مدحاً يرصد الملك كل ذلك فعليك أن تكون حذراً من أي خلل يوردك المهالك.

الذكر: الكلمة أو الكلام الذي تقوله فيما يُحمد (وإنه لذكر لك ولقومك) (واذكروا ما فيه لعلكم تتقون) (قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) أي كل كلمة قوية هي حق وصدق تسمى ذكراً. الذكر هو الكلام الطيب ( واجعل لي لسان ذكر في الآخرين) (أو يحدث لهم ذكراً) الذكر من وظائف اللسان لكن لا تطلق إلا على الحق والشيء المهم تقول لي ذكر لي فلان أنه ناجح (أذكرني عند ربك) القضايا المهمة تقول لها ذكر وكل شيء فيه حق ومدح يسمى ذكراً.

القول: كل كلام مفهوم للمقابل يسمى قولاً. أمامك شخص صيني أو أفريقي يتكلم كلاماً لا تعرفه فتسأل ماذا يقول؟ أي ما معنى كلامه؟ القول هو الكلام المفهوم الواضح ولهذا لما بعث تعالى موسى وهارون إلى فرغون قال: (فقولا له قولاً ليناً) حتى تقوم الحجة عليه فموسى تكلم مع فرعون بلغة يفهمها ولم يتكلم معه بالعبرية التي لا يفهمها فرعون. من تفريعاته أقوال (لِما كان صواباً) وأقاويل (قول سيئ). ويقال نهى عن قال وقيل. القالة أو الكلمة السيئة التي تشيع عن إنسان معين (وقيله يا رب).

الحديث: الكلام في موضوع واحد (الله نزل أحسن الحديث) (ما كان حديثاً يفترى) إذا تكلم عن فرعون فالحديث عن فرعون وعندما نتكلم في التلفزيون عن موضوع يقال حديثاً.أي موضوع واحد.

الخطاب: (وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب) (ولا تخاطبني في الذين ظلموا) كلام لهم بين يدي ملك أو جمع له قيمة. فرق بين الغوغاء أي الناس الذين لا قيمة لهم أي كلام تقول لهم يضحكون له أو ما شابه والملأ أو الجمهور الذي له قيمة. مسرحية كوميدية يضحك الناس لا يقتضي وصفاً مهماً لهؤلاء الحضور لكن يفهمون لغة المتحدث فيضحكون. لكن أمام الأطباء أو السياسيين أو العلماء يسمى الكلام خطاباً لأن الحضور يجب أن يكونوا من أهل الإختصاص في جمهور يفهم ما تقوله حتى يفهموا الخطاب. ومنها المخاطبة: واحد يرد على الثاني (ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون). حتى الخِطبة بكسر الخاء سميت خِطبة لأنه جرى العرف أن الذي يخطب فتاة يلقي كلمة تسمى خُطبة من أجل الخِطبة والآن بطلت هذه العادة الخِطبة هي الحفل الذي يلقي فيه الخاطب خطبة. ومنها الخطْب (ما خطبكما) أي المصيبة الكبرى وصاحب المصيبة الكبرى كثير الكلام يشكو ويبكي ولهذا يسمى خطْب.

البيان: الكلام البليغ من لسان فصيح. الفصاحة وصف للسان والبلاغة وصف للكلام. يقال كلام بليغ ولسان فصيح موسى كان في غاية الدقة والفصاحة فقال (هو أفصح مني لساناً) لم يقل أبلغ مني لساناً. البيان يعني لغة الشعراء والأدباء والمتحدثين البارعين وأصحاب الباع الطويل في صناعة الكلام والجمل ، أهل البيان. وأعظم بيان هو القرآن الكريم ومن إعجازه أن علّمك الله تعالى البيان (خلق الإنسان علّمه البيان) (ثم إن علينا بيانه) كل شرّاح الفقه واللغة يسمى بياناً لأنهم يوضحون الأمر بكلام بليغ من لسان فصيح. إشتقاقاتها: بان وتبين واستبان.

هذه هي منظومة وظائف اللسان. وبإختصار: الكلام صوت فيه حروف تشكل كلمة، النطق الكلام بصوت مسموع بعد سكون، الهمس الكلام بدون صوت، اللفظ رمي الكلام أو إخراجه بقوة لحماسة أو حب أو مدح أو ذم، القول هو الكلام المفهوم، الحديث الكلام عن موضوع واحد، الخطاب كلام مهم بين يدي ملك أو جمع له قيمة في ذلك الإختصاص، الذكر كلام مهم وهو كلام حق لكل الناس أفراد وجماعات، البيان كلام بليغ من لسان فصيح.

وفي مداخلة إحدى الأخوات المشاهدات أضافت الكلمات التالية: لغو وهو الكلام الفارغ وكلمة تعبير.

استعمل القرآن كل كلمة من الكلمات في مكان لا تغني كلمة عن كلمة أخرى.حتى كِلمة التي تشيع بين الناس (كِلمة) فصيحة في لغة تميم جمعها كِلَم وكلِمة جمعها كَلِم وهذا من دقة اللغة. هذه منظومة اللسان وكل كلمة منها إستعملها القرآن الكريم في مكان بحيث لا تغني كلمة عن كلمة أخرى. لما قال (ما يلفظ من قول ) لا تغني عنها ما ينطق من قول أو ما يقول، كل كلمة في المكان المعيّن. موسى لو قال تعالى (فقولا له كلاماً ليّناً) بدل قولاً لكان خاطبه بالعبرية وفرعون لا يفهم العبرية فخاطبه موسى u بلغته ولذا قال تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه).

الذكر: الكلام الجميل .فلان يذكرك بخير، فلان له ذكرٌ بين الناس. لكل عبد ذكر في السماء كما له ذكر في الأرض كل واحد له صيت في الدنيا  يقال فلان العالِم، المجاهد، الكريم، العادل، وفي الملأ الأعلى له نفس الصيت. يقال عن عمر بن عبد العزيز عمر العادل. الذكر هو الكلام الجميل بمنظومة الجمال المتعددة بذكر محاسنه ومآثره ،نصائح، مآثر. بتغنيك به: تتغنى بأمك، بأبيك، بشعبك، بأرضك كلها ذكر وأعظم ما يقول اللسان وما من كلمة من كلمات هذه المنظومة التي هي من وظائف اللسان أقدس من كلمة الذكر فأجلّ وظائف اللسان هي الذكر. كل من لهم ذكر فهو جميل. وأعظم أنواع الذكر أن تذكر الله عز وجل. عندما تقول كلمة الذكر مضافة (ذكر الملك، ذكر العلم) لكن عندما تطلق كلمة الذكر فهي تعني ذكر الله. الذكر هذا ذكر الله من خصائص هذه الأمة وهذا من خيريتها (كنتم خير أمة) ما من أمة على وجه الأرض الله عز وجلّ على لسانها على مدى الساعة والدقيقة إلا هذه الأمة. على مدى النهار الله تعالى ملازم لكل عبارة من عبارات التخاطب. هذه الأمة تذكر الله تعالى على مدار الدقيقة إن الله عز وجل في قلوبها الله تعالى ورسوله وما من أمة بلغ حبها لله تعالى ولرسوله كما بلغت عند هذه الأمة. عندما تسمع أحاديث الترغيب أوالبشائر كما قال تعالى (لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لُدّا) “من قال لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبه دخل الجنة وإن زنى وإن سرق” عقولنا لا تحيط بالله تعالى وكذلك لا تحيط بكرمه أيضاً فهو سبحانه كريم وجواد. ليس في قدرتك الإحاطة بكرم الله تعالى مع هذا عندما تتأمل وترى كم أن الأمة ذكّارة: من أن تستيقظ إلى ساعة ما تنام وهي تذكر الله تعالى طول النهار. هذا من حيث العموم وكذلك جعل الله تعالى لهذه الأمة عبادة لم تسبق إليها أمة في كل الأمم وهي ذكر الله تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر) ذكر الله أكبر من الصلاة كيف نفهم هذا؟ أيهما أعظم؟ أن تبني للملك مشروعاً إقتصادياً هائلاً أو قصراً عظيماً أو تخترع له آلة جديدة أو أنك تقول فيه كلاماً جميلاً يدخل السعادة والرضى على قلبه؟.هناك فرق بين من ترضي عقله ومن ترضي قلبه: قصيدة واحد أو كلمة طيبة واحدة أو عبارة مدح واحدة لملك من الملوك الكرماء قد تنال من رضاه وعطائه وحبه ما لا يانل صاحب مشروع عظيم.قضى عمره فيه واحد جلس ساعة يقول سبحان الله وبحمده والآخر في هذه الساعة كان يصلي ويصوم ويجاهد أو ينفق أو يعمل عملاً صالحاً هذه الساعة التي كان هذا يسبح فيها الله أحب إلى الله تعالى وأعظم أجراً وعطاء من كل ما فعل الآخرون المجاهدون والمعلمون والحكام والبارون بوالديهم. “ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وخير من إنفاق الورق والذهب وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فيضربوا رقابكم وتضربوا رقابهم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله” قال تعالى (ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكلها كل حين بإذن ربها) لا إله إلا الله تصعد وحدها كالشهاب والأعمال الصالحة ترفعها الملائكة. أنت عملت عملاً فسمعه الملك بأُذنيه منك مباشرة وغيرك عمل عملاً أُخبِر به الملك من غيرك (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) جميع الأعمال الصالحة ترفعها الملائكة إلا الكلم الطيب أو التوحيد (لا إله إلا الله) فتصعد لوحدها فيها قوة إندفاع وتبقى تتردد إلى يوم القيامة.

كلمة التوحيد (ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكلها كل حين بإذن ربها) لها جذور في الأرض وفروع في السماء وكل حين والحين هو جزء الثانية. لا إله إلا الله تتردد ويقول العلماء أن الصوت لا يفنى. وفرق بين الكلام الآخر الذي لا يفنى أيضاً وبين لا إله إلا الله التي هي أفضل كلمة على وجه الأرض وخير ما قاله النبيون ولن تأتي يوم القيامة بعمل أفضل من لا إله إلا الله. القوة اندفاعها تصعد وتتردد في الفضاء إلى يوم القيامة وكلما ترددت جاءك أجرها كما تؤتي الشجرة أُكلها. والذكر في هذه الأمة أعجوبة:

الذكر أعظم العبادات كما في الأحاديث.

كل عبادة لها حدود فالصلاة حدود: أركان وشروط وأزمنة والصيام كذلك له حدود والزكاة كذلك إلا الذكر فهو مطلق بلا زمان ولا مكان ولا عدد (واذكروا الله) (والذاكرين الله ) هذه العبادة مطلقة إفعلها ما شئت. وهناك حديث عجيب: أذكروا الله حتى يقال مجنون معناه أنه لا قيد عليك: قعوداً وقياماً وعلى جنوبهم. أدِّها كما تريد بذوقك والقيد الوحيد هو أن لا تصرخ “رويدكم فإنكم لا تدعون أصم” (إن الله لا يحب المعتدين) أي الصاخ والصوت العالي جداً في الدعاء. ما عدا هذا يمكنك أن تذكر الله تعالى في كل طريقة وفي كل حال وحدك، قائماً، قاعداً، على جنبك  في كل حالة فهذا ما يوصلك إلى الله تعالى بمسافة أقل من عبادات أخرى.

هذه الأمة محدّثة وفيها خوارق كما في سائر الأمم كان لهم خوارق (عيسى وموسى وأممهم وغيرهم) لكن ليس بالشيوع والكثرة التي عند هذه الأمة. كل واحد يحاول أن يكون له ورد محدود فالذكر المحسوب المحدد تأثيره أكثر من غيره (تسبيح 33 مرة، تهليل 33 مرة، تكبير 33 مرة)، مئة مرة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، إستغفار للمؤمنين والمؤمنات 25 مرة، 7 مرات تقول حسبنا الله ونعم الوكيل، هذا المعدود يؤثر تأثيراً كاملاً. هذه الأوراد المأثورة عن الرسول r في الكتاب والسنة إذا داومت عليها بشكل معين في الثلث الأخير من الليل، صلّ ركعيتن تهجّد وإجلس على مصلاّك ولك ورد يومي في هذه الساعة وهناك مأثورات كثيرة إختر منها ما تشاء ثم إجلس وقل هذه الأوراد بخشوع وحضور قلب مستحيل إلا أن ترى شيئاً خارقاً. (الصحابي الذي قرأ البقرة فقط حتى نزلت الملائكة تستمع إليه)

كل من يذكر الله عز وجل بشكل دؤوب ومرتب ومنظّم بمواعيد معينة ثم يدعو الله تعالى بإحضار القلب لا بد في النهاية إلا أن يرى شيئاً، نوراً، فتحاً، حركة، يسمع آخرين لا يراهم يرددون معه نفس الذكر على شرط أن يكون قلبه قوياً لأن بعض الناس فقدوا عقولهم. تأثير الذكر في النفس الإسلامية تأثير عجيب إذا داومت عليه يقول تعالى في الحديث القدسي (أنا جليس من ذكرني) كلما ذكرته سبحانه وتعالى جالسك الله تعالى لم يقل هو جليسي ولكنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني فماذا تنتظر من جماعة الله تعالى جليسهم؟.

حديث إن الرجل ليلقي بالكلمة لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً” الكلمة التي تؤدي لسخط الله تعالى هي الشِرك، الغيبة، البهتان، النميمة، كلمة زور أو كلمة تساعد على قتل أو إيذاء مسلم “من عان على مسلم بشق كلمة بُعث يوم القيامة مكتوب على جبهته آيس من رحمة الله”، “إذا إلتقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار”،.بينما كلمة لا إله إلا الله ، كلمة حق وكلمة حق عند سلطان جائر، شهادة حق كلها من الكلمة الطيبة. لا إله إلا الله كلمة لها قيمة وكم من العباد يقولون الحق في موطن قد يكلفهم أنفسهم أو يدفعون حياتهم ثمناً لها. ومن أعظمها اليوم عندما تكون في مجلس يغتاب فيه أحد صدقاً (غيبة) أو كذباً (بهتان) فقال أحدهم إتقوا الله لا تغتابوا ودافع عن الذي يغتابونه وحمى ظهره فهذه وحدها تنجيه يوم القيامة والله تعالى يحاسبه عليها حساب الكِرام. رب العالمين يجزي الطيبين بأحسن الذي كانوا يعملون ويجزي السيئين بأسوأ الذي كانوا يعملون (غيبة، شرك، بهتان لا يتجاوز عنها الله تعالى) لكرم الله تعالى وجوده وسخائه والسخاء خُلُق الله تعالى الأعظم فالكلمة الواحدة قد تهلك الإنسان والكلمة الواحدة قد تنجيه نجاة.ما بعدها هلاك. الذكر يختزل كل العبادات فقد تكون الصلاة أو الصوم أو الزكاة غير خاشعة ومنضبطة لكن ذكرك لله تعالى كان ذكراً يحبه الله تعالى خفية وخيفة وقياماً وقعوداً بهذا الذكر تختزل جميع العبادات الأخرى كما في الأحاديث المتفق على صحتها. (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) الأحزاب) لم يقل صلى وصام وزكى وإنما قال وذكر لأن الذكر أعظم. (ذكراً كثيراً) ذكر مطلق ليس كالعبادات بعدد وكما ذكرنا في الحديث “اذكروا الله حتى يقول المنافقون مراءون” (واذكر اسم ربك وتبتّل إليه تبتيلا) لا يكون بلسانك فقط وإنما بلسانك ويمس شغاف قلبك في الأوقات التي فيها نصوص تنقطع عن الدنيا وتتأمل أن الله تعالى جليسك بما يليق بجلاله يحدث لها فتوحات ربانية في العلم والفهم والكرامات بشكل غير منقطع.

(فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم) أي في كل حال. (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) ارتباط القاب باللسان عند الذكر ضرورة. (ألم يأن للذين آمنوا أن تخضع قلوبهم لذكر الله) . الذكر يأتي عادة بعد العبادات (فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله) وهو قمة العبادة. “أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني” “قالوا يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: أن تموت ولسانك رطب بذكر الله” يقول r في إختزال العبادات: “من عجِز عن الليل أن يكابده ومن بخل بالمال أن ينفقه ومن جَبُن عن العدو أن يجاهده فليكثر من ذكر الله” “قال r: سبق المفردون، قالوا من هم يا رسول الله؟ قال: الذاكرين الله والذاكرات يضع الذكر عنهم أوزارهم” ” المولعون بذكر الله المستهترون الذين لا يبالون ما يقال فيهم” “إجعلوني كقدح الراكب” الله تعالى لا يقبل الدعاء  أو الذكر إلا إذا كان بين صلاتين عن النبي r. “إنما اجعلوني في أول الدعاء وفي آخره وفي أوسطه”.

من المجالس المشهودة من الملائكة: هناك مجالس شريفة العبد فيها ضامن على الله يخرج منها مغفور له.كيوم ولدته أمه: زيارة مريض لوجه الله عز وجل، مجلس إمام عادل أو رئيس دولة عادل منصف يحب شعبه ويحبه شعبه إذا جلست عنده فنصحته إذا رأيت خطأ تخرج من ذنوبك كيوم ولدتك أمك. ومنها مجالس الذكر “إن لله ملائكة سيارين يتتبعون حلق الذكر” مهمتهم أنهم يتبعون هذه المجالس ومولعون بها ولعاً شديداً والله تعالى في الحديث في البخاري ومسلم يقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم. قالوا يا رب إن فيهم فلان الخطّاء جاء لحاجة يقول تعالى بكرمه وفضله :وله غفرت إنهم القوم لا يشقى جليسهم”. مجلس علم أو ذكر تحضره الملائكة يغفر لمن فيه حتى الخطّاء الذي ليس من هؤلاء القوم وإنما مرّ مروراً يغفر له من أجلهم. هذا الزمن الذي فيه الفتن مجالس الذكر أصبح بعض الناس يحذرون منها، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه  وهذا الزمن سوّقت فيه البغضاء فإياك والسفه وإياك أن تبغض أحداً وهو يقول لا إله إلا الله فإنك هالك وتمسك بدين الأعرابي.

“من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته من خير ما أعطي السائلين” هناك فرح بالمنعم وفرح بالنعمة. الكرماء إذا أعطوك تحبهم لأنهم أكرموك وأنت فرح بعطائهم ولكن هناك من إذا أُعطوا لا يفرح بالعطاء وإنما بالمعطي. هناك طبقة من أمة محمد r ومن كل الأمم السابقة من أتباع الأنبياء عشقوا الله تعالى عشقاً فعندما يعطيه الله تعالى لا يهمه لكنه فرِح بأن الله تعالى خصّه بالنعمة. هذا الذي يذكر الله تعالى وليس في ذهنه شيء سوى الله تعالى. “والله لو ألقيتني في النار ما شكوت منك” هؤلاء ثلة من الأولين وقليل من الآخرين.

ومن الأوقات الشريفة للذكر بين المغرب والعشاء.

إذا أُطلقت كلمة الذكر اللساني فهي أعظم وظائف اللسان أن تذكر الله عز وجل والحديث عن ذكر الله عظيم.

بثت الحلقة بتاريخ 3/2/2006