السفك – الدفق – السيل –الجريان – الفيضان – الطوفان – السفح – السكب – النضخ
الإسالة أو الإفاضة سواءً كانت لدم أو لماء أو لأي شيء سائل. كل شيء سائل إذا جرى على الأرض فهو في كل مرحلة من مراحله يأخذ إسماً معيناً من هذه اللغة المعجزة، فكل كلمة تشير إلى مرحلة من مراحل إسالة الماء أو الدم أو غيره من غير أن تحتاج أن تشرح كبقية اللغات. معظم لغات العالم لكي توصل معنى الكلمة إلى السامع لابد أن تستعين بإشارات من يدك لكي تفهمه ماذا تريد بهذه الكلمة. اللغة العربية دلالتها ذاتية كل كلمة ترسم جزء محدداً من الصورة والمعنى كما سنذكره الآن سواءً كان ماعندنا ماء أو دم ماهي مراحله؟
السفك: أول ما ينطلق ساعة الإنطلاقة تسمى سفكاً فلنتكلم عن الدم شخص بيده سيف ضرب رقبة آخر هذه الضربة ما يصاحبها من بروز الدم لأول مرة يسمى سفكاً قال الله تعالى: ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء 30 البقرة) فسفك الدم إذن هو مواكب لإزهاق الروح، لعملية القتل بداية التنفيذ بعد الشروع. في هذه اللحظة الحاسمة ساعة ما يخرج الدم لأول مرة يسمى سفكاً.
الدفق: إذا إنتهت مرحلة السفك وهي في ثانية بعد السفك الدم أو الماء يخرج متدفقاً قال تعالى: ( مَّاء دَافِقٍ 6 الطارق).
السيل: بعد الدفق يأتي السيل سالت فعندما تذبح الخروف عند الحز يخرج الدم هذا يسمى سفكاً ثم يخرج الدم نافراً يسمى دفقاً. لاحظ الفرق عندما تقول تدفق شيء وسفك شيء آخر. كلمة سفك تعطي صورة والمرحلة التي بعدها يأتي السيل، بعد الدفق يأتي السيل. في قتل رجل أو خروف عند الحز يسمى سفكاً ثم بدأ ينفر يسمى دفقاً ثم بدأ يسيل على الأرض يسمى سيلاً، قال تعالى:( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ 16 سبأ).
الجريان: إذا إستمر السيل يسمى جرياناً. (فيهما عينان تجريان)، (تجري في تحتها الأنهار).
الفيضان: وإذا غمر هذا الجريان بعض الأماكن الأخرى غير المجرى يسمى فيضاناً (أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء 50 الأعراف).
الطوفان: إذا إستمر بشكل كبير جداً يسمى طوفاناً (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ 14 العنكبوت).
السفح: هذا كله إذا في النهاية يستمر ضعيفاً جداً بحيث يضيع في الأودية أو بالأماكن بحيث لا ينتبه له ولا قيمة لذلك يسمى سفحاً (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا 145 الأنعام) . فلو لاحظنا عند ذبح الخروف صار سفكاً ثم دفقاً ثم بدأ يسيل.
السكب: هذا السيل إذا كان بشيء معين ومحبب ونافع يسمى سكباً (وَمَاء مَّسْكُوبٍ31 الواقعة)، وإذا كان مهملاً يسمى سفحاً وبالفعل دم الذبيحة في النهاية يذهب إلى التراب ويُغسل ولا قيمة له وكل شيء يسيل بلا غاية ولا قيمة له يسمى سفحاً (إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا) ولهذا سمي الزنا سفاحاً لأن ماء الرجل وهو المني الذي هو سبب الجسد عزيز وينبغي أن يكون في فرج طاهر لكي يورث نسباً (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا 54 الفرقان) هذا ليس سفحاً هذا دفق. لكن عندما يزني الشخص بامرأة والعياذ بالله هذا الماء ذهب بلا فائدة ولا قيمة له يسمى سفاحاً أي سال منيه سفحاً من غير فائدة ومن غير قيمة ولو كان بقيمة قوية وأنجب طفلاً صحيح النسب لكان شيئاً آخر إذن السفح في نهايات السيل والمجرى بحيث لم يعد له قيمة.
السكب يكون من الأعلى والسفح يكون بلا فائدة أما السكب فبفائدة (وَمَاء مَّسْكُوبٍ31 الواقعة) بالجنة، بالحدائق، بالبيوت في النافورات ماء مسكوب له جمال وله قيمة كل شيء يسكب فله قيمة تسكب الدمع تسكب الشاي تسكب الطعام..إلخ. هكذا هي منظومة الإسالة سواء كانت إسالة دم أو إسالة ماء أو شيء آخر تأخذ هذه المراحل ولو تتبعتها في كتاب الله عز وجل لعلمت كيف أن الله سبحانه تعالى إستعملها إستعمالاً دقيقاً من حيث أنه يفرق بالكلمة الواحدة بين ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء) فالسفك لا يكون إلا ظلماً وإعتداءً لولا أو الله عز وجل أباح لنا ذبح الأنعام نأكلها ونسخرها لنا لكان ظلماً أن تذبحها فهو إعتداء ولكنه إعتداء مسموح به، لكن مع الإنسان لا يسمى إعتداء، وعندما تعدم قاتل قصاصاً لا يقال سفك دمه أبداً يقال قصاص، ولكن عندما تقتله ظلماً يقال سفك دمه. فالسفك إذن لا يكون إلا إعتداءً وظلماً. القرآن الكريم إستعمل السفك والدفق والسفح والجري والإفاضة. انظر الدقة في الإستعمال: قال تعالى :( أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء) فلم يقولوا صبوا أو رشوا أو إسكبوا ولكن إستخدم عز وجل أفيضوا لأنهم في جهنم وجهنم تأتي من كل جانب فقالوا أفيضوا بحيث يغطينا ويغمرنا لأن السكب قد يكون على الرأس. وكل كلمة فيما يتعلق في منظومة الإسالة إستعملها القرآن الكريم إستعمالاً إعجازياً لهذا لا يمكن أن نسكت على من يقول بأن سفك وسفح ودفق وغيرها بنفس المعنى فهذا خطأ شديد وظلم لهذه اللغة المعجزة لغة القرآن الكريم.
نقف عند سفح الدم وسفك الدم وسفح الدم وهو القتل وقلنا أن السفك لا يكون إلا ظلماً وإعتداءً وإن أعظم جريمة على وجه الأرض هي هذه الجريمة التي يسفك فيها الدم ظلماً وهي أول جريمة وقعت على هذه الأرض عندما إختصم قابيل وهابيل إبنا آدم على ما إختصما عليه قال (قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ 30 المائدة). هذه الجريمة التي عانت منها البشرية وسوف تبقى تعاني إلى يوم القيامة لأن الله عز وجل من ضمن العقوبات التي رتبها على معصية آدم :(قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ 24 الأعراف) هكذا قدر الله عز وجل أن تكون هذه الأسرة الواحدة المنحدرة من أم واحدة وأب واحد هما آدم وحواء أن يكون العداء بينها أصيلاً (اهبطوا بعضكم لبعض عدو) ثم سلط الله على آدم وذريته عدواً آخر شنيعاً فظيعاً وهو إبليس قال تعالى: ( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى 117 طه). فنحن في هذا الصراع الذي جعله الله عز وجل إبتلاءً لمدى طاعة البشر الذي يختار أن يطيع أو لا يطيع. المخلوق الوحيد الذي يملك أمره والله سبحانه وتعالى كرّمه بهذا العقل (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ 70 الإسراء) أي أنه صاحب إختيار وكل المخلوقات الأخرى صاحبة إجبار (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ 18 الحج) كثير من الناس وليس كلهم والسابقون كلهم مجبرون لا إرادة لهم إلا الإنسان مختار ولهذا هناك من يسجد وهناك من لا يسجد فمن يسجد إنما يسجد طائعاً ومختاراً والله سبحانه وتعالى فضّل من يطيعه إختياراً على من يطيعه إجباراً، ولهذا فإن صالحي الإنس، صالحي بني آدم أفضل من صالحي الملائكة. رب العالمين سبحانه وتعالى جعل هذه الجريمة جريمة بشعة (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا 32 المائدة) الجريمة الوحيدة التي تعتبر إعتداء على الإنسانية كلها هي جريمة القتل ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لن يزال المؤمن بخير ما لم يسفك دماً) هذا الدم الذي أهدرته إذا أهدرته أصبح أمرك صعباً وقال r: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دماً حرام) أي أنه مهما كان ذنبك عظيماً هناك ذنبان شنيعان: الشرك والدم. فأنت إذا لم ترتكب واحدة منهما فلا تزال هناك فسحة عظيمة أن الله سبحانه وتعالى يغفر لك. يقول العلماء: من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حِلّة. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لزوال الدنيا أهون على الله من دم سفك بغير حق ولو أن أهل السموات والأرض إشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار). لو أن جميع أهل الأرض والسماء إشتركوا في قتل إنسان أدخلهم الله تعالى النار. وهناك أحدايث كثيرة في القتل: يقول الحديث (إذا أصبح إبليس بثّ جنوده فيقول: من أخذل اليوم مسلماً ألبسته التاج، قال فيجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عقّ والديه فيقول إبليس: يوشك أن يبرّهما ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك فيقول إبليس: أنت أنت، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قتل فيقول: أنت أنت ويلبسه التاج) فعلاً من يرتكب هاتين الجريمتين عامداً متعمداً يكون وضعه في غاية الخطورة. ويحدثنا النبي صلى الله عليه وسلم كما في الكتاب العزيز عن أنواع من القتول فهناك قتل في ساعة غضب في حالة دفاع عن عرضه، عن دينه. ولكن قتول توازي الشرك كقتول الطائفيه، إتهام بالكفر. يقول النبي صلى الله عليه وسلم، يقول عن عبادة بن الصامت يقول قال r: (من قتل مؤمناً فإغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً). يقول العلماء كيف يقتله ويغتبط؟ إغتبط في قتله أي الذين يقاتلون في الفتنة فيقتل أحدهم الآخر فيرى أنه على هدى فلا يستغفر الله. كما يجري الآن في العراق طوائف وشيع بعضهم يقتل بعض وكلٌ منهم يقتل الآخر متقرباً إلى الله بقتله، وهذا هو الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأحاديث العجيبة وهي التي تدل عليه الآية (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا 93 النساء). وهناك فرق بين من قتل نفساً بغير نفس فذلك قصاص أما هذا الذي في الآية فهو قتل عن عقيدة كأن يقتل مؤمناً متهماً إياه بالكفر أو الشرك كما يحصل الآن في العراق الكل يقتل صاحبه على أنه مشرك أو ضال أو مبتدع والكل هالك هلاكاً لا شفاء له. ولهذا كما في الحديث كلهم مغتبطون بما يفعلون هذا الذي يقتل جماعة لأنهم ليسوا من طائفته أو مذهبه أو حزبه وكلهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ويصلي إلى القبلة وبعضهم يكفّر بعضاً هذا الذي لا أمل فيه يوم القيامة كما في الحديث (إذا إلتقى المؤمنان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار) القاتل والمقتول في النار القاتل لأنه قتل والمقتول لأنه كان حريصاً على قتله وهذا الأمر في أمر من أمور الدنيا فمابالك إذا كان القتل عل العقيدة أي أنك تتهمه بالشرك أو الكفر، إذا كان كافراً قد يكون لك عذر لكن حتى لو كان كافراً فهناك كثيرمن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تتوعد من قتل ذمياً أو معاهداً، كلام خطير فيمن قتل ذمياً فما بالك بمن قتل مسلماً؟! فحينئذ هذه الجريمة التي تقتل على إتهام بالكفر أو الشرك أو الزندقة أو الإبتداع وهو مايجري في العالم الإسلامي اليوم هذا هو الهلاك قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام (لا تكرهوا الفتن فإن فيها حصاد المنافقين) ولهذا يصبح الرجل مؤمناً ويسمي كافراً. وهذه هي الفتن التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً وليس القاتل فقط من يعاقب بل أيضاً لو أن أحد الناس يتفرج فقط يصيبه نفس الذنب ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لا تحضروا قتل أي إنسان قد يكون مظلوم فيصيبكم مايصيبه” ولهذا كل جريمة تتفاعل معها أنت بعواطفك كما في الحديث (من أعان على قتل مسلم ولو بشق كلمة بعث يوم القيامة مكتوباً على جبينه آيس من رحمة الله). ونلاحظ من خلال التاريخ من آدم إلى اليوم أن كل ما صار من قتل جماعي من فئة على فئة، الفئة المعتدية الباغية أولاً تصبح في التاريخ سُبُة وتلعن ثم يختفي أثرهم تماماً ولو ذكرنا أمثلة من التاريخ كطالوت وجالوت، العماليق وبني إسرئيل. وفي التاريخ الإسلامي الخوارج مسكوا المسلمين وهم قلة ما عداهم الكل مشرك وقتلوا الناس وقطعوا ألسنتهم والآن يُلعنون كما يُلعن إبليس ثم لم يبق لهم أثر. السفيانيون في مقتل آل البيت إنتهى أثرهم، المروانيون في مقتل آل زيد بن علي إنتهى أثرهم. في بغداد صارت مجازر كما هي اليوم بين الحنابلة والشافعية والغريب أنه في كل التاريخ هناك من ينتحل جماعة أو إسم وهو ليس منهم. فجاء جاءوا في العراق قالوا إنهم حنابلة وقتلوا علماء الشافعية في ليلة واحدة فسُئل من قتلهم قالوا الحنابلة فصارت مجازر، والإمام ابن حنبل شيخ العراق بعد هذه المجزرة لم يبق ولا حنبلي والإمام ابن حنبل بريء منهم كما قال جعفر الصادق: إنهم أناس يتأكلون بنا. الإمام البخاري لم يصلي عليه أحد في بخارى. فتن طائفية كبيرة كأنها دورية كلما تمددت الأمة وشاع فيها الفساد كما يفعل الفلاح في كل عام يقلم أشجاره ولله المثل الأعلى رب العالمين على رأس كل مئة يرسل هذه الفتن لتتطهر الأمة ويبعث الله من يقودها إلى صفاءً لا يمكن أن يمر إلا على هذه الجثث الآسنة، قال تعالى: ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ 2 العنكبوت) وقس على هذا من الفتن في كل التاريخ، فكل من يرتكب هذا القتل الجماعي على الفكر والعقيدة والطائفة والمذهب إضافة إلى لعنة التاريخ والخلود في النار فالذي يقتلك على الكفر فهو كافر كما تقول الآية ينقطع آثره ويذمون في التاريخ ثم ينتهون من على الأرض جميعاً.
نتكلم في قوله تعالى على مسألة قابيل وهابيل: هذه الجريمة كأن رب العالمين أراد أن يبين لنا أن هذا من شأن البشرية حتى وإن كنتم أبناء نبي فكل ما في الأمر أنه حسد أخاه ولما حسده بدأ يبرر. من أجل هذا كل من يرتكب الجرائم وكل سفاح في التاريخ، كل جزار يبررهذا كما برر قتلة سيدنا عثمان وعلي رضي الله عنه وآل البيت جريمتهم وحينئذ يريد بهذا المثل أن هذا التبرير لا ينطلي على أحد ولا ينبغي أن ينخدع له أحد والله تعالى يريد أن يخبرنا عن هذه القضية: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). الفساد في الأرض كقطع الطريق ومن أشد أنواع القتل إثنان: هما الزاني المحصن وقاطع الطريق، قتل تنخلع له القلوب لأن شيوع الزنا إنتهاء الأمة وهو من علامات الساعة وحينئذ الزاني الثيّب يقتل شر قتلة وقاطع الطريق (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ 33 المائدة) تقتيل. ماعدا هذا من قتل نفس لأي غرض فكأنما قتل الناس جميعاً لأنه إعتداء على الأمة. من أجل هذا الفقهاء إستنبطوا أن كل قتيلٍ يُقتل ولايعرف قاتله المجتمع كله مسؤول عنه ويحاسب كما هو نظام القسامة وحصلت حادثة مع النبي r رأى قتيلاً ولم يعرف قاتله فقال: أيُقتل وأنا بين أظهركم؟ فكل من قتل نفساً عمداً وظلماً فكأنما قتل الناس جميعاً. لذلك يُسأل المجتمع واشارع الذي يوجد فيه القتيل كلهم مسؤولون و يحلفون اليمين ويدفعون الدية والغرامة وينظر لهم على أنهم مقصرون في الدفاع الإجتماعي. معنى ذلك أن جريمة قابيل وهابيل أنتجت لنا أول شهيد وأول قاتل.
ويحدثنا القرآن الكريم بأن أسباب شيوع القتل هو الموقف السلبي. إذا أي مجتمع من المجتمعات إذا وقف موقفاً سلبياً فالمتفرجون يحملون ذنب هذا القتل. من خصائص الظلم الذي يؤدي إلى القتل أن الله سبحانه وتعالى يعاقب القاتل مرتين في الدنيا والآخرة بعد ما رب العالمين سبحانه وتعالى ساق لنا قصة ابني آدم بالحق قال:(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ 27 المائدة) إنتقل إلى خطاب بني إسرائيل: ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 85 البقرة) وهذا كما يجري اليوم بالضبط ما جرى لبين إسرائيل يجري اليوم في العالم العربي. وجزائهم الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة والخزي في الدنيا الذم والإنقطاع عن العالم، ولهذا هناك جرائم يعاقب عليها العبد مرتين: في الدنيا خزي وعقوبة ومحق وفي الآخرة نار ومن ضمنها عقوق الوالدين الذي يدمر الإنسان على عكس بر الوالدين الذي يثمر في الدنيا خيراً وسماحة ورزقاً وسلامة، فالقتل الجماعي قتل الظلم وسفك الدم مصيبة المصائب في الدنيا والآخرة ما رأينا قاتلاً إلا وقد دفع ثمن جريمته في زمانه وحياته كما قال تعالى: ( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ 21 السجدة). رب العالمين حدثنا أن القتل أساسه في الغالب هو الحسد كما قال أخوة يوسف: (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ 9 يوسف) وهكذا إبني آدم. وحينئذ هذه الآية دقتها عجيبة (تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ) فهذا الذي تقتله هو منك كأنك تقتل نفسك وتخرجه من دياره وهذا هو الذي يجري في بغداد الآن كل طائفة تُخرج الطائفة الأخرى من أرضها وتقتلها وهذه معادلة عجيبة ولا يرتفع صوت بنكير وكأن هذا قدر لابد أن يصفي الله عز وجل حساباته مع هذه الأمة الآن التي تمددت بالخطأ والطغيان فلا بد من أن يتضح الخطأ من الصواب على هذا الطريق. ولولا وخز الإبرة ما إستقام الثوب. ما يجري اليوم من قتل بين السنة والشيعة إنما هو تصفية (كل المسلم على المسلم حرام) ما يجري اليوم هو تصفية وولادة جديدة فيجب أن لا نبتئس فمن قُتِلأ مظلوماً ففي الجنة ويتمنى لو أن الله تعالى ضاعف عليه البلاء لما يرى من النعيم وأما القاتل فالويل له. وسينتهي كل هذا وتعود الأمة إلى وحدة لا يمكن أن يتصورها أي إنسان إلا إذا رجع إلى التاريخ فكلما مرت الأمة بمثل هذا وما أكثر ما مرت به من مثل هذا ثم إنكشف الأمر عن أمة موحدة حبيبة نشيطة بعد أن أزالت عنها ذلك السوء وذلك الغبش وذلك الغثاء. وكما خاطب الله عز وجل بني إسرائيل يعود ويخاطب المسلمين في قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا 29 النساء) فأنت عندما تقتل مسلماً لدينه أو لعقيدته أو لطائفته أو لمذهبه أو لحزبه أو لطمع أو حسد كما يجري فأنت بذلك تقتل نفسك كما قال تعالى: ( فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ 61 النور) عندما تدخل المسجد فتقول السلام عليكم أنت تسلم على نفسك فهؤلاء نفسك قال صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). فلا تكون مسلماً إلا هكذا إذا وجدت في نفسك حقداً على من يقول لا إله إلا الله فاعلم أنك خارج هذه الأمة، مقياس سهل لكي لا يكون للناس حجة على الله بعد الرسل (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) من الآن هل تكره الشيعي لأنه شيعي؟ هل تكره السني لأنه سني؟ فإذا كانت إجابتك بالإيجاب فأنت تغتبط لقتله فاعلم أنك هالك لا محالة مهما صليت وصمت ومها زعمت من نصرة لله ورسوله وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنت هالك من الهالكين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تخزوني يوم القيامة عند ربي) فأنت ممن يخزى منك رسول الله عليه الصلاة والسلام وأهل بيته والصالحون من هذه الأمة والله تعالى يقول (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كلن بكم رحيما). وكل يد تمتد إلى مسلم من أجل طائفة أو فئة أو مذهب أو تيار وأنت تعلم أنه من الموحدين الذين يقولون لا إله إلا الله ولا يعلن ولا يجاهر بأنه إرتد عن هذا الدين فأنت قد أوقعت نفسك في مصيبة لا حل لها ولا ينقذك منها أحد إلا أن تسلم نفسك لله ورسوله.
سؤال من أحد المشاهدين خلال الحلقة عن أن القاتل يعاقب لأنه قطع عمر المقتول وذكرت سابقاً أن للإنسان أجلين: قال الله تعالى: ( ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ 2 الأنعام) أي أن هنالك أجلين كما يقول العلماء أجل قدري بأن يقول الله تعالى أن فلاناً له حق أن يعيش مئة سنة وأجل إخترامي كأن يأتي شخص ويقتله فهذا يعاقب لأنه نقص عمره أو هو تبرع بالباقي صار شهيداً فيكرم فلو أنني كنت سأموت في هذه الدقيقة لماذا أكرم إذا كنت شهيداً؟ فأنا مقتول مقتول ولماذا يعدم هذا القاتل أيضاً فأنا مقتول مقتول؟ وهذا غير صحيح فأنت لم تكن تقتل لولا هذا كما قال تعالى: ( وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ11 فاطر) هو نفسه وخطأ الناس أنهم لا يفهمون اللغة لغة القرآن المعجزة والله عز وجل لم يقل وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمر آخر فلو قال هكذا لقلنا صحيح الأعمار ثابتة، ولكن في الآية ما يعمر من معمر (أنا) وينقص من عمره (أنا) فهو شخص واحد فهذا يعني أن الأعمار تزيد وتنقص كما في الحديث (من أحب أن ينسأ له في أجله فليصل رحمه) إذن الأعمار والأرزاق ليست ثابتة تزيد وتنقص لكن عند الله ثابته فالله يعلم أن فلان الذي كتبه له الله تسعين سنة سوف يقتل بالعشرين سنة أو سيستشهد بالأربعين سنة فهو عز وجل يعلم هذا فهما أجلان والموت قد يكون قضائياً وقد يكون قدرياً. الموت من حيث كونه فكرة فهو قدر لابد أن يموت كل إنسان (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ 60 الواقعة) وهذا لا يتغير فالقدر لا يتغير وهناك موت قضائي (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ 14 سبأ) موتي وموتك وموت كل الناس قضاء، تلدغك عقرب أو تأكلك حية أو يقتلك أحد بتفجير سيارة أو غرقاً في البحر أو حادث سيارة..إلخ كل هذا قضائي ممكن تغييره فالقضاء ما لك فيه خيار والقدر ما ليس لك فيه خيار. فكون لك يد هذا قدر وفيها حركة هذا قدر توجيه الحركة هذا قضاء فأنت تضرب بها، تعطي بها، تصلي بها، تسرق بها أنت تفعل هذا، الأرزاق هكذا قال تعالى: ( لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ 35 يس) فاللقمة أمامك لو تبقى مليون سنة لن تقفز إلى فمك لابد أن تذهب وتمد يدك أنت وتأتي بها، فلنفهم الإسلام فهماً عقلانياً كما يليق بعظمة هذا الدين العظيم وبدون هذه الإسرائيليات التي تسربت إلى بعض منعطفات تفسيرنا لها من فهمنا ليس كل ما نقرأه مقدس ولو عاد علماؤنا اليوم لتقززوا مما نفعل ولأرادوا أن نتطور كما تطوروا هم وكل جيل يجب أن يفهم هذا الكتاب على عقلية جيلهم وعقولهم وكل منا يصنع تفسيراً لدينه في المتاشبه وأما الثوابت فهي ثابتة لا تتغير. النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأحد الصحابة فقال أطال الله عمرك فطال عمره مئة وعشرون سنة ولم يسقط من فمه سن واحد.
القتل هو أم الفواحش. إذا شتمك إنسان فادخل الجنة بتبرعك بعرضك على مسلم شتمك أو سبك. رب العالمين جعل أبواب الجنة سهلة تخدم أمك وأبوك تعفو عن من ظلمك تعطي من حرمك ركعتين بالليل دمعة على خدك ومن ضمنها أن تتبرع بعرضك على المسلمين فتقول يا ربي كل من شتمني أو سبني أو أبغضني أو أذاني أهبه لوجهك الكريم وأتبرع بعرضي فليشتموني من يشتموني وهذه لوحدها تدخلك الجنة على ما كان منك أي نعمة هذه. ولا يخلو أحد من الشتائم ولكن اعتبرها فرصة أن تقول ياربي لا تؤاخذ مسلماً بسببي بهذا يوم القيامة تكرم به النبي صلى الله عليه وسلم والله لا أرضى وواحد من أمتي في النار ولا تفرحه بشيء أكثر من أنك تعفو عن أمته قل يارسول الله أنا لوجه الله وإكراماً لك أعفو عن كل أمتك مهما أساءوا إلي فتدخل الجنة بهذا وتفرح النبي صلى الله عليه وسلم وتدخل مسلماً الجنة وربما كان سيدخل النار بسببك.
(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء) على مدار التاريخ كان هناك طائفة من أهل الحل فأين هم الآن؟ الآن في العراق البلد محتل ونحن نحسن الظن بالعراقيين أن يبعث فيهم من يطفيء النار لأن العراقيين أصبحوا منبوذين من الناس لما يسمعونه ويرونه من قتل فيه.وكل الفتن في التاريخ يكون هناك أطراف من الخارج تثيرها. (المستشرق الأمريكي دولر أنصف العراقيين من دون إجحاف وقال تتبعت هذه الفتن التي ظهرت في بواكير العصر الإسلامي في العراق فوجدت أن هذه الفتن لم تتولد من العراقيين أنفسهم وأساسها دخيل ولكن بقايا المرتدين ومانعي الزكاة الذين كبح جماحهم). من قتل علي؟ من قتل عثمان؟ كلهم مأجورون وكل الذي يجري الآن في العراق يقتل المسلمين بعضهم بعضاً هؤلاء من خارج البلد لا يعرفهم أحد والإسلام بريء مما يحدث في هذه الفتن فكل الذي يدّعون أنهم إسلاميون ومجاهدون مأجورون جاءوا لكي ينفذوا جريمة بشعة. كل شيء سيعود لكن بعد أن ينكشف الستر وعلينا أن نبدأ ونصلح ونأمل أن يكون هناك من يوقف هذه الفتن ويطفيء النار المستعرة التي إشتعلت فيه والتي ذاق العراقيون ويلاتها منذ خمسين عاماً. العراق قلب الأمة وسيعزّ رغم أنوف الجميع إن شاء الله تعالى. وما يحدث اليوم في فلسطين من منع الطعام والشراب والمال عن إخواننا الفلسطينين هو نوع من القتل أيضاً.
يجب أن يوجد من أهل الحل والعقد والمشورة ليطفئوا نار الفتنة المستعرة بين المسلمين وهذه فتنة لا بد أن ترتفع بها الأصوات وتنكشف العورات. قال الله تعالى: ( لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ 37 الأنفال)
وفي مداخلة لإحدى الأخوات سألت عن كلمة فار إذا كانت تدخل في المنظومة فأجاب الدكتور أنها قد تدخل.
النضخ: في إتصال مع الدكتور أحمد الكبيسي سألته عن كلمة النضخ في قوله تعالى (فيهما عينان نضّاختان) إذا كانت تدخل في المنظومة أيضاً فقال تدخل ومعنى النضخ في الماء كالسفك في الدم.
بُثّت الحلقة بتاريخ 5/5/2006م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها