الحروف في القرآن الكريم, حرف السين

حرف السين – منظومة الضحك (سخر)

اسلاميات

منظومة الضحك

الإبتسام – الضحك – السخرية – الإستهزاء – الإزدراء – الإستخفاف –

وصلنا إلى كلمة سخر وهي واحدة من منظومة الضحك والضحك من نعمة الله عز وجل على الإنسان من حيث أن الإنسان وحده هو الحيوان الضاحك كما يقال الحيوان الناطق (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى 43 النجم) والضحك له فوائده ولكنه في الغالب يستعمل إستعمالات سيئة كما هو الحال في كثير من نعم الله عز وجل فالسمع والبصر والفؤاد (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا 14 آل عمران) كل هذه النعم يمكن أن تستعمل إستعمالاً حسناً فهذا هو شكر النعمة ويمكن أن تستعمل إستعمالاً سيئاً وهذا هو كفر النعمة ومعظم كلمات الكفر في القرآن الكريم تعني كفر النعمة. المنظومة هي (الإبتسام- الضحك- السخرية- الإستهزاء- الإزدراء- الإستخفاف) كل هذه لا تتم بواحدة من أنواع الضحك والضحك أنواع كما سنذكرها بعد أن نبين الفرق بين هذه الكلمات القرآنية، ما الفرق بين تبسم وضحك وبين سخر واستهزأ أو إزدرى أو إستخف. وهذه كلها هي من منظومة الضحك لا تتم إلا بضحك من نوع معين يعطي إنطباعاً معيناً إما ابتشاماً أو ضحكاً أو سخرية أو استهزاءً أو إزدراء أو إستخفافاً.

الإبتسام: أي إنبساط الشفتين وهذه من أعظم أنواع الضحك (خير الضحك ما كان إبتساماً) ولهذا جميع الأنبياء عليهم السلام كان ضحكهم إبتساماً لا يقهقهون ولايسقطون على أقفيتهم ولا يصفقون ولا يضربون الأرض بأقدامهم كما نفعل نحن أحياناً عندما نسمع نكتة عظيمة أو يحصل موقف مضحك جداً فننبسط إنبساطاً كبيراً ونطلق أنفسنا على سجيتها وهذا ليس من مروءات الأنبياء كما أنه ليس من مروءات أتباعهم من الصالحين وما أكثر الصالحين في كل الأمم من حيث أنهم أصحاب المروءات والوجاهة: حكام أمراء شيوخ قبائل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، وهذا ما فعله سيدنا سليمان في قوله تعالى: ( فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا 19 النمل) هذا الإبتسام وحده أن تنبسط شفتيك بدون أن تبدو أسنانك يقال تبسم، إذا بدت الضواحك-والضواحك هي الأسنان الأمامية وتسمى القواطع أو النواجذ- معناها أن الضحكة كانت عريضة يقال تبسم ضاحكاً أو ضحك متبسماً ،

الضحك: أما الضحك إذا أطلق فهو بصوت يقال فلان يضحك أي بصوت وهذا هو الفرق بين الإبتسام والضحك.

السخرية: إذا كان فيك عيب أنقله للناس لكي يضحكوا أي أضحك الناس على عيب فيك كأن تكون بك فأفأة أو مأمأة أو لدغة أو أنك بخيل جداً أو عملت عملاً أمامي كان معيباً فأنقله إلى الناس على شكل  ضاحك لكي أسخر منك فهذه هي السخرية كما قال تعالى :(لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ 11 الحجرات) وقال تعالى:( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ 79 التوبة) المنافقون في جيش العسرة عندما طلب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين أن يتبرعوا فكلاً كان يأتي بما عنده لكن منهم من جاء بنعجة ومن جاء ببعير أو تمر..إلخ، وكثرت التبرعات بعض المسلمين لم يكن يملك إلا تمرة واحدة فتصدق بها فبعض المنافقين سخر من ذلك ليضحك الناس على شكل نكتة، قال الرسول عليه الصلاة والسلام (رب درهم غلب مئة ألف درهم) فهناك من يملك عشرملايين ويتبرع بمئة ألف درهم وآخرلا يملك إلا درهمين وتبرع بدرهم وهذا الدرهم أكثر أجراً عند الله من مئة ألف درهم لأن صاحبه لا يجد إلا جهده (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ) ليس عندهم غير هذا الذي قدّموه.  قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إتقوا النار ولو بشق تمرة) رب العالمين يريد منا الكيف وليس الكم فركعتين تصلى بخشوع وإتقان خير من ألف ركعة ضعيفة أو على عجالة، صيام يوم واحد بشكل جيد خير من صيام شهر وأنت تغتاب، وبالتالي تمرة واحدة من قلب صافٍ لا تملك غيرها بتواضع وخشوع عند إنفاقها خير من أن تنفق مليون وأنت تتحدث بها ونفسك ملىء بالغرور والعجب فالكيف عند الله أهمُّ من الكم بكثير. السخرية أن تضحك الناس على عيب من عيوب الآخر أو تصرف تراه نابياً من وجهة نظرك.

الإستهزاء: هو التقليد للإضحاك ففي عهد الرسول في سرية من السرايا فبدأ المؤذن يؤذن فقام شخص من المنافقين يقلد أذان المؤذن إستهزاءاً به ليضحك الناس، قال تعالى (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ 58 المائدة) وعندما سئل عن سبب فعله قال كنا نخوض ونلعب (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ 66 التوبة). فالسخرية من أي رمز من رموز هذا الدين تعتبر كفراً بنص هذه الآية، وكثير ما نسمع في حياتنا اليومية وللأسف نكات على علماء ومشايخ وأتقياء وصلاة وصوم…إلخ وخاصة في العمل الفني العربي الذي يحفل بكثير من الإستهزاء فنجد من يستهزء باللغة العربية حتى يضحك الجمهور واللغة العربية لغة القرآن ولغة أهل الجنة والضحك منها ضحك على القرآن الكريم وهذا كفر لا محالة. وكم وجدنا من سخرية على رجال الدين أصحاب العمائم (شخصية المأذون) وخاصة في مصر فقد إنصبت عليها النكات والأفلام والأقلام حتى أسقطوها تماماً تحت هذا الضغط الهائل لأن لها في التاريخ دوراً هائلاً في صد الإحتلال الفرنسي وأثرت في المجتمع المصري تأثيراً مباشراً في مصر وفي إفريقيا بحيث منعت الغزوات التبشيرية هي العمامة المصرية لرجال الدين  ولهذا الآن معظم رجال الأزهر يلبسون البدلة ويحلقون اللحية من هذا، وكل من كان له في التاريخ دور هائل هناك جهات تمحقه محقاً والأمثلة على ذلك كثيرة، فالإستهزاء هو أن تقلد شخصاً ما في طريقة مشيه أو كلامه كما في الكوميديا وهذا هو الفرق بينها وبين السخرية، فالسخرية هي أن أنقل عنك عيباً بشكل مضحك أما الإستهزاء فهو أن أعمل مثلما تعمل وأقلدك لكي أضحك الناس.

الإزدراء: هو أن أضحك ضحكة تدل على أن قيمتك قليلة عندي أظهر فيها أنه لا قيمة لك ويقول الله تعالى: ( وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا 31 هود). تقول من هو فلان؟ مع عمل حركات باليد أو بالعين للدلالة على الإزدراء

الإستخفاف: وهوأخطرها وهو ضحك على مبدأ على فكر على أمة على جماعة بحيث تغير حقها إلى باطل وتغيرها من حسن إلى قبيح قال تعالى: ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ 54 الزخرف) عندما إدعى فرعون الألوهية قال من هذا موسى؟  وإستخف قومه فأطاعوه، وكذلك قوم موسى بعد أن آمنوا بالله إستخف بهم شخص وجعلهم يعبدون العجل، فرب العالمين يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم:( وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ 60 الروم) ففي التاريخ الإنساني كله ذهبت أمم وشعوب وجماعات وأفراد وفئات ذهبت ضحية هذا الإستخفاف فنقلوهم من الحق إلى الباطل ومن الدين إلى الإلحاد ومن السُّنة إلى الإبتداع بكلمات مزوقة يستخفون بها الناس ويضحكون على الذقون استخفوا بعقولهم حتى بان جهلهم ولا زلنا نعاني من الإستخفاف إلى هذه اللحظة فكل ما أصابنا من أفكار وأحزاب وجماعات من باب الإستخفاف كما حصل من دخول ملايين من المسلمين والنصارى في الشيوعية إستخف بهم ماركس ولينين وغيرهم فقد تم الإستخفاف بعقولهم ونقلوهم من الحق والدين إلى الباطل والإلحاد، وهم يضحكون عليهم من ورائهم والضحك بخفية خلف الإنسان يسمى إستخفافاً. وكثير من المسلمين أبناء مسلمين إستخف بهم هؤلاء الشيوعيون فانصرفوا إليهم وضحكوا عليهم.

فهذه هي منظومة الضحك وكل ضحك له إسمه. قبل أن نتكلم عن الضحك السلبي نتكلم عن الضحك الذي هو رحمة من الله ونعمة ورب العالمين لم يخلق الضحك عبثاً إن العبث على الله محال، والعلم يقول الأن أن الإبتسامة شفاء وأن الضحك دواء وإن من أمراض الكآبة مالا يمكن أن يزيلها إلا أن تعلم هذا الكئيب كيف يضحك ومتى يضحك وقد ثبت علمياً أن الأطفال عندما يصابون بالحمى لو ضحكوا تزول بدون دواء وقد تم إستخدام هذه الطريقة في بعض المستشفيات يحضرون للأطفال المرضى بالحمّى من يضحكهم وهناك أناس متخصصون بهذا. لم يخلق الله تعالى الضحك عبثاً والضحك إستعماله كإستعمال أي نعمة كنعمة الطعام-الشراب-العلم-النظر…إلخ لابد أن تستعملها بالهدف وبالقدر الذي خُلِقت من أجله.

أنواع الضحك:

الضحك أنواع فهناك ضحك وجاهة وهناك ضحك تفاهة وهناك ضحك سفاهة وهناك ضحك نباهة وهناك ضحك بلاهة وهكذا.

ضحك الوجاهة يكون من ملك أو أمير أو شيخ أو عالم جليل أو رئيس قوم أو كبير في السن فعندما يُضحكه شخص صغير سواء كان من أبنائه أو أتباعه أو جيرانه أو زواره يكون ضحكه بإعزاز وتواضع ومحبة فهذا وجيه ولهذا لما ضحك سيدنا سليمان للنملة هذا يدل على وجاهته وعظمته كيف أنه قدر قدرة هذه النملة على أنها كانت نملة فقيهة (لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ 18 النمل) فهي تعرف أن القتل الخطأ ليس فيه عقوبة وأن سيدنا سليمان وجيشه لا يتعمدون قتل الأحياء حتى لو كانوا نملاً. ولهذا تكلم رب العالمين عن ضحك يوم القيامة (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ34  المطففين).

ضحك السفاهة هي كل المنظومة التي ذكرناها وهو السخرية والإستهزاء والإزدراء والإستخفاف فلا يعمل ذلك إلا سفيه.

ضحك التفاهة الذي لا يقدر قيمة الشيء و يضحك منه كما في قوله تعالى (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُون وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ 60 النجم) أي هذا القرآن ببلاغته وعظمته ونفوذه وهيمنته تسمعونه وأنتم عرب أصحاب البلاغة فتضحكون من هذا الكلام؟!! يا لكم من تافهين! وهذا إنما يدل على تفاهتكم ولا يضحك إلا تافه ومن ليس بتافه منكم حتى لو لم يؤمن يقر بأن هذا ليس بكلام بشر ولكنه صاحب عقل يتذوق هذا الكلام، أما شخص عربي يحسن اللغة العربية ويتذوقها ثم يسمع القرآن ويضحك فهو قطعاً تافه. فعدم تقدير الموقف بالضحك عليه يسمى تفاهة.

ضحك النباهة: أي أنك تفهم الموقف تماما، كما هو حال زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام سارة وهي امرأة عظيمة بكل المقاييس ولكن لاتنجب وبعد تسعين سنة يأتونهم ضيوف تقدم لهم طعاماً ثم يبشرونه بغلام-إسحاق- فالسيدة سارة فوراً فهمت الموقف أن هذا إعجازوليس الأمر عبثاً فضحكت إنبهاراً بهذا العمل (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ71  هود). مثال على ذلك أستاذ جامعة و يأتي طالب لديه ويحل مسألة عظيمة فيضحك من أعماقه فرحاً كيف أن هذا الطالب وصل إلى هذا المستوى؟ فأنت قدرت ما فعل على عكس السابق-التفاهة- فضحك التفاهة موقف عظيم تضحك منه إستهزاءاً لأنك أنت تافه وهو على العكس تماماً من ضحك النباهة فهو موقف عظيم تضحك له إعجاباً وفرحاً. الخبير بالإبداع يعرف أين مواطن الإبداع فيضحك ضحك نباهة.

ضحك البلاهة: وهو الذي يحدث لنا كل يوم ويضحك به الناس علينا ففي كل جيل يأتي شخص تافه يضحك على الناس فمرة جعلهم خوارج ومرة نواصب ومرة روافض ومرة شيوعيين وهكذا إلى يومنا هذا في كل جيل يأتي شخص تافه سخيف وقد لا يكون معروف من أين أتى، وأكبر مثال على هذا الشيوعية فكيف إستطاعوا على مدى عشر إلى خمسة عشر سنة أن يعمموا هذا الفكر السخيف المنافي لكل قيم الإنسان وطبائع الأشياء وحركة الحياة أن يعمموها على نصف الكرة الأرضية، وناس كثر تركوا دينهم وتقاليدهم وتاريخهم وقيمهم وماتوا في سبيل هذا الفكر السخيف وقتلوا الملايين، ملايين أبيدوا وعذبوا وقتلوا حتى يثبتوا هذا المبدأ السخيف وإذا به يتهاوى بيوم وليلة كالبيت الخرب إذن هؤلاء الذين أفنوا أعمارهم على مدى قرن كامل من عام 1917 إلى 1990 ملايين من الناس قتلوا تعذيباً وإعداماً وقتلوا دفاعاً عنه. فحينئذ هذا النوع من ضحك البلاهة الذي هو هذا الإستخفاف يستخف بعقلك ليس لك أرض ثابتة أقدامك لم تكن رصينة فيما أنت عليه أنت مُنبتّ (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ 26 إبراهيم). ما حكم المزاح والضحك؟ نحن كمسلمين لدينا قوانين ثابتة ومقاييس لا تخطيء ولسنا أمة هملاً والذي ينحرف منها يميل طائفياً فئوياً حزبياً كافراً مرتداً إنما يفعل هذا لخفة عقله (فاستخف قومه فأطاعوه). المعروف أن كل شيء فيه مفسدة حرام وكل شيء فيه مصلحة أو على الأقل ليس فيه مفسدة فهو مباح وأحياناً يكون ضرورة أو واجباً ولهذا (تبسمك في وجه أخيك صدقة) فهذا حباً أما تبسمك في وجه أخيك إزدراءاً فهذه مصيبة (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ 1 الهمزة) ويل: كلمة تدل على أشد أنواع العذاب يوم القيامة لا لشيء إلا لأنك تحقر أخاك المسلم فتحتقره وتتكبر عليه وترى نفسك أفضل منه وهو أقل منك هذه يوم القيامة هالكة ومهلكة. فحينئذ كل إضحاك فيه ترويع وفزع لا يجوز كان الرسول r جالساً مع أصحابه فنعس أحدهم فجاء من سحب نعليه من باب المزاح فلما إستيقظ رُعِب لما لم يجد نعله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تفزعوا مؤمناً) حتى ولو كان مزاحاً وهذا ذنب عظيم أن تفزع مسلماً (من أفزع مسلماً أفزعه الله يوم القيامة). والفزع فينا صار سجية يومية تفزع من أشياء كثيرة وأنت جالس في مكانك لم تفعل شيئاً. وأيضاً هنالك إضحاك بحُرُمات كالإضحاك على الأذان أو مشية أحد الصحابة وهذه من الأمور المهلكة يوم القيامة. كذلك مسألة الثوابت كالسخرية والإضحاك أصبح فناً عالمياً. قد يستعمل الإضحاك لثاوبت الأمة ايقلعوا عنها كالسخرية من اللغة العربية ومن العباءة ومن حجاب المرأة ومن لباس الرجل العالم كالعمامة وغيرها فمن يفعل هذا يوم القيامة يدخل تحت إنكار الأمة بالكامل جاء في الحديث: (المزاح إستدراج من الشيطان وإختلاع من الهوى) وعن علي كرم الله وجهه قال: (ما مزح أحد إلا مج من عقله مجة) كلما تمزح مزحة كأنك مججت عقلك كما تمج الماء من فمك. وكاتب عمر رضي الله عنه إلى عمّاله: (أن إمنعوا الناس من المزاح فإنه يذهب بالمرؤة ويوغل الصدر) والمرؤة هي الإحترام ومن يمازح الناس كثيراً يستهان به ولا يكون له إحترام  بينهم إذا كثر مزاحه، هذا يصح من بعض الناس إنسان فكِه أما أصحاب المروءات فلا يصح منهم ذلك، في السابق كان حاسر الرأس ليس له هيبة وما كان أحد يمشي حاسراً إلا ساقط الناس الذي سقطت مروءته وهيبته. والمزاح الشديد يفقد المروءة فعلاً. (لكل شيء بدر وبدر العداوة المزاح) ويقول الأحنف بن قيس الحكيم شيخ بني تميم الذي لم يكن يستغني عنه أحد من الصحابة لشدة عقله قال: كثرة الضحك تذهب الهيبة وكثرة المزاح تذهب المرؤة. وقد مر صلى الله عليه وسلم على بعض من الصحابة وهم يضحكون فتبسم وقال (لو تعلمون ما أعلم لطلعتم إلى الصعدات تجأرون وفي مكان آخر قال لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلأ) أنتم أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام كلكم أصحاب الهيبة والمرؤة والمفروض بكم تغيير الدنيا، وقد غيرتم الكون كله قضيتم على الوثنية وعلى الشرك ونشرتم الخير والتوحيد والفلاح في العالم- لديكم وقت تضحكون فيه!! لو تعلمون ما أعلم-أي النبي صلى الله عليه وسلم- من يوم القيامة ومن المحاسبة وكل دقيقة تحاسب عليها وأنتم من علية القوم فالناس لا يحاسبون يوم القيامة على وتيرة واحدة فالحاكم لا يحاسب كالمحكوم والعالم لا يحاسب كالجاهل وصاحب المسؤولية لا يحاسب كالفرد العادي والإنسان المحترم الوقور الوجيه لا يحاسب كشخص بسيط من الناس فكل واحد يحاسب على قدر مكانته وهيبته فأنتم أصحاب النبي لديكم وقت لتضحكوا!! وأمامكم تغيير العالم كله وفعلاً غيروا العالم ففي سنة واحدة أسقطوا دولتي فارس والروم وكل الكرة الأرضية دخلت في التوحيد وتقول لا إله إلا الله . فالقضية بهذه النسبية تؤخذ. وهذا لا يعني أنك لا تمزح ولا مرة واحدة في حياتك هناك مزاح وهناك قهقهة وهذا ليس من شأن أمة كريمة وهذا يسمى ضحك البلاهة. انظر ماذا يحدث في العالم حولك وأنت تضحك ساعات طويلة؟ فرسول الله مزح مع عجوز طلبته أن يدعوا لها بدخول الجنة فقال لها أنه لا يدخل الجنة عجوز فأخذت تبكي ثم قال لها أنك ستصيرين شابة جميلة وهكذا.

بعض الفقهاء يستدل بقوله تعالى: ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ 32 النجم) قالوا اللمم هو المزاح لا بأس به إن لم يكن مما يتعرض لثوابت الأمة. أمتنا أمة محاورة: لقي رجل أخاه وهو كثير المزاح والضحك فقال له: مالي أراك لاهياً كأنك آمن فأجابه قائلاً: ومالي أراك عابساً كأنك آيس؟. هذا جمال الحوار وتوازنه، لا أنا آمن ولا أنت آيس فليكن الإنسان وسطاً. ومن بعض أمزحة النبي صلى الله عليه وسلم الجميلة وكل الأنبياء كان ضحكهم إبتساماً والتي غالباً ما تكون إنسانية قال أحد الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله إحملني على جمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أحملك إلا على إبن الناقة فقال الرجل: يا رسول الله ما يحملني إبن الناقة فضحك فقال له كل جمل إبن ناقة. وقال صلى الله عليه وسلم لإمرأة: يا فلانة إذهبي إلى زوجك إن في عينيه بياض فأسرعت إلى زوجها لتطمئن على عينه فتعجب منها زوجها فقالت: النبي قال في عينك بياض قال: وأنت أيضاً في عينك بياض فما الجديد؟ فقد كان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً.

ولم يُرى صلاح الدين الأيوبي مبتسماً قط فلما سألوه عن ذلك قال: كيف أضحك والقدس بيد الصليبيين؟. وهذا لا يكون إلا لطبقة معينة من الصالحين. الآن يومياً على التلفزيون والفضائيات ليل نهار أغاني أو ضحك وقهقهة طوال النهار. الإضحاك كما نعرف صار فناً عظيماً له أبطاله وأعلامه في العالم كله كشارلي شابلن ولوريل وهاردي وفي العالم العربي كثر من المهرجين لكن بعضهم كنجيب الريحاني الذي كان كل إضحاكه يؤدي إلى فضيلة كما في فيلمه (غزل البنات) فالفيلم يدور حول سلبيات لا بد أن تزول فهو يفرق بين معلم يعلم العلم في المدرسة بأربع جنيهات ومهزأ وطردوه لأن طالب يضحك عنده فذهب إلى بيت الباشا في المنزل ليعلّم إبنته فلما وصل هناك رأى شخص ضخم ومهيب وجميل فظنه الباشا فقال له الرجل أنه ليس الباشا وإنما معلم الكلب فلما سأله عن راتبه قال: ثلاثون جنيه وسأطلب علاوة ، فهنا يوضح كيف أن معلم العلم يعلم بأربع جنيه ويكون تعبان أو مطرود ومعلم الكلاب يأخذ ثلاثين جنيهاً وما أكثر معلمي الكلاب في أمتنا هذه!. ومثل هذا مسلسل المرايا لياسر العظمة وهو فيه إضحاك ولكن إضحاك هادف من خلال تشخيص سلبيات معينة وحينئذ الإضحاك الآن أتخذ وسيلة لنقل سلبيات معينة وفعلاً ينجحون في ذلك كما العكس تماماً من الإضحاك من ينجح في إسقاط قيم من قيم الأمة. وكان الصحابي نعيمان-وقد كان بدرياً- رضي الله عنه دائماً ما يأخذه الرسول معه في الغزوات ولم تكن له مهمة إلا أن يُضحك الصحابة عندما يشتد بهم البأس وفي أحد السريات وكان الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قد خرج في هذه السرية وجعل نعيمان وأحد الصحابة في المخيم على متاع الجيش فلما تأخر الرسول عليه السلام فأراد النعيمان أن يأكل فلم يسمح له صاحبه لأنه أمر ألا يتصرف إلا بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم فلما تضور من الجوع رأى النعيمان قافلة من العرب يقطعون الطريق فقال لهم ألا تشترون عبداً فقالوا بلى فحذرهم من أنه سيدعي بأنه ليس بعبد فجاءوا وربطوا هذا الصحابي الجليل وحزموه وأخذوه معهم في القافلة فلما جاء الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ولم يجده قال النعيمان والله بعته يا رسول الله لأنني جعت ومنعني من الطعام فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وبعث بمبلغ أضعاف المبلغ الذي إشتراه وإسترجعه وسكت عنه وتبسم عليه الصلاة والسلام وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه فحتى عند موته وقف النبي على قبره يضحك فتعجب الصحابة فقالوا: يا رسول الله ما تضحك في مثل هذا الموقف فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: والله أبى نعيمان إلا أن يضحكنا حياً وميتاً، لأنه لما جاءه الملكان قال تحاسباني والرجل واقف دعوه يذهب ثم حاسبوني. فهذا الدين دين إنساني (ما أنا إلا بشر مثلكم) وهنا تكمن عظمته فهو دين واقعي.

فالإضحاك سلاح ذو حدين وكثيراً ما ضحك الناس على أنفسهم عندما يأتي ممثل يهرج على حجاب، على رجل دين، على عمامة، على لغة عربية، وقد كتب كت عديدة عن إختراق الأمة بهذه الأعمال الفنية التي تسهزئ بالأمة ومقدساتها وثولبتها. فالعمل الفني كله في الحقيقة في خدمة الغرب ضد قيم الأمة ومبادئها وأسرتها وأمهاتها ولباسها وهيكلها محق كامل بحيث لم تعد الأمة تثق بشيء من نفسها كما قال تعالى:( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا  12النور) ولذلك وراء كل ناعق بلا ضوابط  ولا بصيرة (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ 108 يوسف) ( قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ 104 الأنعام) وأين بصائر هذه الأمة في هذا الزمان؟ الآن بدأت تستفيق الأمة لم يعد يستطيع أحد خداعها من الغرباء والمشبوهين وأصحاب الريب وأصحاب الحماقات وأصحاب النزعات الفردية المضحكة لكن بعد فوات الأوان قليلاً لكن ما زال هناك متسعاً. فالأمة تمر الآن بمرحلة صياغة جديدة بدأت تطهر جراحها وتنفجر فيها الفقاعات التي طال إنتفاخها حتى تعاظمت وإن شاء الله ترجع الأمة بعد عقد أو عقدين إلى ماضي عهدها وتماسكها ووحدتها بكل أطيافها وقومياتها وفئاتها. هذا الإستخفاف الذي هو أبشع أنواع الضحك كما نسميه في اللغة الدارجة الضحك على الذقون لأنه يخرجك من دينك، من ملتك، من شعبك، من نزاهتك، وبحجج تقنع بها فتغير دينك وتغير مذهبك وتغير مبدأك تبغض أهلك وقومك  بوشايات شيطانية وبإستدراج وبوسوسة والوسوسة هي صوت الذهب كلام ليل نهار  وحدة حرية اشتراكية وما شابه من شعارات. ومثال ذلك اليزيدية الذين يعبدون الشيطان فهؤلاء أتباع عدي بن مسافر من كبار صالحي التابعين هرب من ظلم بني أمية وجاء إلى شمال العراق في الجبل ومعه ناس أصلحهم إصلاحاً فلما مات لم يكن لديه ذرية فإبن أخته هو الذي خلف خلفه فأضلهم وجعلهم يعبدون الشيطان!!!  كل الملل والنِحل كيف إنقلبت؟ (ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) وهذا هو قمة الإستخاف، الآن في المسجد الواحد أحدهم لا يتكلم مع الآخر وكل واحد يظن نفسه مسلماً وغيرهم مشركون وهذا من الضحك على الذقون. سيدنا موسى عليه السلام بكل معجزاته فعبر بقومه البحر والبحر تجمد أمامهم وغرق فرعون وأتباعه ثم إستخف السامري بهم فصنع لهم عجل وقال لهم إعبدوه، ولهذا في الآية الكريمة قال الله تعالى:( قُل لّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ 17الحجرات) فهل هناك عقل يقبل أن هناك بشراً يعبد بقرة؟ ،أبولهب الشخصية الفذة يعبد صخرة؟ وشخص كان مسلم يعبد شيطاناً؟ من أجل هذا الإيمان منحة من رب العالمين ولهذا إذا من الله عليك بالإيمان ثم أبقاك عليه إلى إن تموت فأعلم بأن الله سوف ينجيك قال الله تعالى:( وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ211 البقرة) ولهذا أن تؤمن أولاً ثم حسن الخاتمة ثانياً. من أجل هذا النبي صلى الله عليه وسلم كان دائماً يقول (سلوا الله حسن الخاتمة) فكم من ناس كانوا في غاية الصلاح وفي آخر يوم، آخر شهر، آخر سنة إنتهى وفقد الإيمان لأنه أمن مكر الله سبحانه وتعالى ولهذا الإيمان من نعمة الله  تعالى. من أجل ذاك عليك أن تستمطر رحمة الله سبحانه وتعالى بدوام هذا الإيمان إلى أن تموت فوالله لا يوجد أحد من المؤمنين أفضل عقلاً من كل هؤلاء الذين تركوا الإسلام والإيمان قبل أن يموتوا فمن أنت لولا رحمة الله عز وجل؟ قال الله تعالى: ( وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ 35 الأنعام) (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ 8 فاطر) فيجب على كل من عوفي أن يحمد الله. بعد أن إنتشر الإسلام ببعثة الرسول r جاء مسيلمة الكذاب الذي إدعى النبوة كم من الناس إستخف بهم و إتبعوه وخاضوا معركة اليمامة معه دفاعاً عنه ويقتل قراء المسلمون والعلماء والحفاظ والصحابة لكي يعيدوا الناس إلى دينهم، وهذه المصائب تكون في كل عصر وزمان، ومثال ذلك أيضاً أمة بعد خمسة عشر قرن وكل هذه الحضارة التي تحملها ثم يأتي شخص ما ويقول كل هذا التاريخ سقط فلا أبو حنيفة ولا شافعية ولا مالكية ولا صحابة ولا أولياء ولا صالحين فجميعهم مشركين وأنا وفلان وفلان وفلان الذين نفهم الإسلام حقا والباقي مشركون ويجد من الدعم ما يوفر له كل الحرية والصلاحية وكل ما يريد وتجد بعضهم ليس له عدو إلا المسلمين فهو يصلي صلاة عظيمة ولكنه ينظر إلى غيره كأنه من أهل جهنم، ما هذا العقل الغبي الذي يُغسل بهذه السرعة؟ ولديك قرآن تقرأه يومياً وسنة صحيحة أن هذه الأمة أمة موحِّدة وأن من قال لا إله إلا الله حفظ ماله وعرضه ودينه إلا بحقه والتطبيق العملي والواقعي فكيف تقوم تيارات تفتك ثلاثين أربعين عاماً تذبح وتقتل وتسحل وتدمر الأمة إلى أن تصبح الأمة أنقاض من شخص غبي أو أحمق أو خبيث دسَّ فيهم هذا ثم أشغل الأمة بواقعها وطول التاريخ الإسلامي ويبدو إلى يوم القيامة وفي كل قرن تظهر هذه الفتنة كما يحصل في العراق وما حصل في الشيشان وأفغانستان، وكلاً يعتقد أنه يعمل الصواب وأنه هذا هو الدين وحتى لو تأتيه بأدلة من القرآن والسنة لا يسمع قال تعالى: ( وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا 25 الأنعام) ولهذا فعلاً من عوفي فليحمد الله. ومن الإستخفاف الذي حدث للأمة أنها حين ضعفت وهو شيء طبيعي كان يجب ألا يتركوها بل يقوها من جديد ولكن الذي حدث أن الإنجليز أتوا وقالوا سوف نجعل لكم يا عرب دولة عربية كبيرة من المحيط على الخليج وفعلاً تم الإستخفاف بالأمة وأصبحوا دويلات صغيرة، والآن يقسمون هذه الدويلات الصغيرة إلى كيانات (شيعة، أكراد، سنة). وبالتالي كيف يستخف بالأمة بهذه الدرجة ويقتل بعضهم بعضاً!!! العالك يتقدم وهم يستخف بهم. هذا من الإستخفاف فكيف يمكن لعالم أو حكيم أو صاحب فكر أن يستخف عقله ويقال لا يلدغ المؤمن من جحره مرتين ونحن قد لدغنا مئات المرات من نفس المكان ومن الداخل، يقول الرسول r سألت ربي أن لا يجعل بأس أمتي بينهم فمنعني. فأين عقول الحكماء والزعماء والقادة؟؟. ونعود للإبتسامة النبوية الشريفة فالسكوت يعتبر موافقة لأنه صلى الله عليه وسلم لا يسكت على باطل لكن هذا السكوت كثيراً ما كان مشفوعاً بالإبتسامة زيادة في هذه الموافقة وزيادة في هذا الإقرار. وكثيراً من الأحيان ما يكون تبسمه حلماً صلى الله عليه وسلم قعندما كان يعتدى عليه كان يبتسم في وجه هؤلاء الناس. وفي المجادلة كثير من العلماء كانوا يفحمون خصومهم بالإنتسامة وهؤلاء هم السلف من مشايخنا عندما كانت الأمة مباركة أما عندما غزتنا الحضارات الغربية غابت هذه الصفات وغابت المروءة والهيبة. وأخيراً يقول الشاعر:

أنت الذي ولدتك أمك باكياً             والناس حولك يضحكون سروراً

فأحرص على عمل تكون إذا بكوا               في يوم موتك ضاحكاً مسروراًً

بُثّت الحلقة بتاريخ 28/4/2006م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها