الحروف في القرآن الكريم, حرف السين

حرف السين – منظومة الكتاب (سِجِل)

اسلاميات
حرف السين

منظومة الكتاب

كتاب – سِجِل – سِفْر – صُحُف – رقيم – زَبور –

وصلنا إلى حرف السين ونلفت النظر إلى أن باقي أبواب الحروف لم يتبقى فيها كلمات كثيرة لأن معظم الكلمات أخذناها سابقاً في باب حرف الألف والباء والتاء وغيرها مما تقدّم. وفيها كلمة سجل وكلمة سفر. والسجل من منظومة الكتاب (كتاب-سجل- سفر- صحف-رقيم- زبور) وكل هذه أسماء الكتب ولكن كل كلمة تعطي معنى غير المعنى الأخر أي أنها تزيد من معنى الكلمة الأخرى.

الكتاب: كل صحف تجمع مع بعض. لأن كتب بمعنى جمع. عندما تضم السطور إلى بعضها تقال كتب ومنها الكتيبة كتيبة الجيش الأفراد يضمون بعضهم إلى بعض في صفوف متوازية. وإذا ضموا السطور وضموا الصحائف يسمى كتاباً. كتب يكتب كتاباً أي أنك جمعت هذه الصحف فالصحف إذن مشروع الكتاب (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى 19 الأعلى) صحفاً مطهرة فالصحف إذن هو ما يسمى الأن في الجامعات الملزمة أو الملازم لأنها مشروع كتاب. فالملازم أوراق يكتب فيها موضوع من المواضيع ولكنها غير مجلدة غير مغلفة ولا تأخذ شكل كتاب ولكن هي مشروع كتاب قادم. فالملازم هي الصحف وهذه الصحف عندما تُطور تصبح كتاباً. هذا الكتاب فكل صحف تجمعها مع بعضها وكل صحف تتناول موضوعاً واحداً تسمى كتاباً كما قال تعالى: ( يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً ِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ 3 البينة) وكلمة الكتاب في القرآن الكريم كلمة عجيبة جاءت بعدة معاني.

السجل : كل الدوائر الحكومية من النفوس، المرور وغيرها فيها سجلات. فالسجل هو الكتاب الذي فيه العهود والمواثيق والوثائق فهي سجلات قال تعالى: ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ 104 الأنبياء) لأهمية كتاب السجل يسمى الشخص الذي يقوم على ذلك سجلاً لشدة أهمية السجلات من حيث أنها وثائق الدولة فبدونها لا يوجد دولة. الدولة لها سجلات في النفوس وفي المواطنين والشهادات. كل الوثائق تجمع في سجل هذا السجل هو أساس الدولة ولهذا معظم الدول تفقد سجلاتها في الحالات غير الإعتيادية كالحروب والإحتلال والفوضى فالسجلات هي أول ما يتلف كي لا يبقى لهذه الدولة أي وثيقة أو حقوق أو إثبات أو ملكيات. ورب العالمين-لأهمية الكتاب الذي يصبح سجلاً- سمى الذي يكتب هذا السجل سماه سجلاً فكأنه يشرف كاتب السجلات بأن أعطاه نفس الإسم (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) لأن صاحب السجل يطوي سجلاته في غاية الدقة والنظافة ولا تركن هذه السجلات إلا لخبير معروف بالخط الجميل وبالأمانة وبالثقة وحينئذ يصبح كاتب السجلات وحافظ السجلات شخصية محترمة موثوقة في كل مكان. فالفرق بين الكتاب والسجل أن الكتاب موضوع ككتاب الفيزياء أو الكيمياء أو لغة عربية ..إلخ، أما السجل فهو عبارة عن مواثيق ووثائق وعهود.

السِفر: قال تعالى: ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا 5 الجمعة) السفر كتاب يجمع شتات الموضوع كاملاً بحيث أنك لا تجد معلومة أخرى عن هذا الموضوع خارج هذا السفر والذي يسمى في لغتنا المعاصرة الموسوعة. والموسوعة تتناول قضية معينة من جميع جوانبها لا تذر شاردة ولا واردة إلا تذكرها في صفحاتها وبطونها. وكذلك السِفر يقابل الموسوعة في لغتنا المعاصرة و حينئذ السفر هو كتاب شامل لموضوعه وجمعه أسفار.

الصُحُف: هي الملازم كما قلنا وهي الأوراق المبسوطة المكتوب عليها موضوعاً معيناً لكنها لم تصل إلى درجة الكتاب وإنما هي مشروع كتاب وكل الصحف في الغالب تصبح كتاباً.

الرقيم :( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا 9 الكهف) الرقيم كتاب. الفرق بينه وبين الصحف والسجل أن كتابته واضحة وضوحاً عجيباً كالوشي على الثوب. الثوب الموشّى الوشي الذي فيه-الصور والرسوم- تكون أوضح من الثوب نفسه وحينئذ إذا رأيت كتاباً وكتابته في غاية الدقة والإتقان والنظافة وخطه مزركش معنى ذلك كل الرقاع أو اللوح -التي يزين بها البيت- التي يخط عليها خطاً جميلاً تسمى رقيماً سواء كان قطعة أو كتاب كبير أو حجراً. ولهذا يوم القيامة يُسمي الله تعالى الكتاب كتاباً مرقوماً. قال تعالى: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ 9 المطففين) فالكتب يوم القيامة مرقومة لشدة وضوحها وزركشتها وقوتها بحيث لا يخطىء أحد في قرآءتها. ففي يوم القيامة يقول الناس: ( مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا 49 الكهف) لوضوح هذه الكتب بحيث الأمي وغير الأمي يقرأه. مامن أحد يوم القيامة إلا ويقرأ الكتاب وإن كان أمياً من حيث أن البرزخ وهو الحياة بين الموت وبين البعث الأخر وهي الحياة الثانية بعد أن تنتهي حياتك في الدنيا تنتقل إلى البرزخ قبل أن تقوم القيامة هذا البرزخ هو فترة إعداد للروح من جديد فالطفل يكبر والمجنون يعقل والجاهل يتعلم (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ 22 ق) وحينئذ الكل يصبح راقياً تصبح روحه عظيمة لكي تليق هذه الروح وتتناسب مع ذلك الجسم العملاق القادم عليك يوم القيامة بعد أن بلي هذا الجسم في التراب وأصبح تراباً لن تعود إليه ولن يعود إليك و إنما أنت يوم القيامة سوف تحل روحك العظيمة الخالدة في ذلك الجسم العملاق الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثون متراً ليس فيه فتحات ولا يجوع ولا يعطش وكل شيء فيه بمنتهى الإتقان فتتناسب الروح مع ذاك الجسم العظيم . الرقمتان هما الأثر على عجز الحمار لأنه يُشد بجزء من الخلف فيحكّ الجلد بؤخرة الحمار فيتركان أثران أسودان في شدة الوضوح. فالرقيم هو الكتاب الواضح إلى هذا الحد. كتاب شديد الخط الجميل الواضح الذي لا يُخطئه أحد.

الزبور:( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ 196 الشعراء) ( وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا 55 الإسراء) الزبور هو الكتاب الذي فيه كتابة قديمة تشكل حضارة أو ثقافة أو تراثاً لأمة والتي تسمى في عصرنا الحاضر المخطوطات. وهذه من أخطر الكتب لأن فيها تراث الأمة وتاريخها ولذلك نلاحظ أن كل بلد يصيبه عدو أو إحتلال أو فوضى أو ثورة همجية دائماً المخطوطات تكون أول ما يتلف كما فعل هولاكو عندما إحتل بغداد أول ما فعله هو أنه أحرق وأغرق كل المخطوطات التي كانت بالملايين حتى صار لون نهر دجلة أزرقاً من شدة الحبر حوالي 600 علم كان العرب توصلوا إليها قبل أن تتوصل إليها أوروبا. الآن سجلات العراقيين كلها أُحرقت لأنها وثيقة وجود هذا البلد. فالمخطوطات دائماً تكون هدفاً لكل هجمة على أي بلد لشدة أهميتها من حيث كونها حضارة ذلك البلد وتراثه ووثيقة وجوده.

الكلمات في الكتاب العزيز لا تعطي نفس المعنى وكل كلمة ترسم معنى آخر.  الكتاب هو الجمع لموضوع واحد، والصحف مشروع الكتاب، السجل كتاب الوثائق والمواثيق والعهود، السِفر الكتاب الذي يشمل الموضوع كاملاً كما هي الموسوعات، الزبور كتب المخطوطات القديمة التي هي تراث الأمة وتاريخها وأصالتها كما قال تعالى: ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء 24 إبراهيم) وهذه هي الأصالة، فالأصالة جذور صحيحة في التاريخ وثبات في الحاضر وعطاء في المستقبل. هذه هي الحضارة ومخطوطاتك في كل بلد عريق ولا تكون هناك مخطوطات إلا لبلد عريق. البلد الجديد ليس له مخطوطات. هذه المخطوطات أصلها ثابت في التاريخ ومستمرة في عطائها وفروعها إلى ماشاء الله.

الزبور هو الكتاب الجميل الذي فيه حكم وفيه قيم الأمة وأعرافها وأمثالها وحكمها من تجارب الحياة. فزبور سيدنا داوود كله حكم وأمثال كصحف سيدنا إبراهيم حكم وأمثال (أيها المتسلط إن وراءك يوم قاسي). الزبور حكم وأمثال ونصائح وقيم كما كتاب المستدرك في كل مستطرف، الحكم والأمثال، كتب لهذه الأمة المباركة قريبة من الزبور تحوي الحكم وكتب تربوية جميلة وتسمى من باب الزبور (وإنه لفي زبر الأولين) لأن الأولين لهم كتب قيمة متعددة.

هذه هي منظومة الكتاب وشأنها مثل شأن كل المنظومات تبين كيف أن الله عز وجل إستعمل كلمة إستعمالاً إعجازياً وهذا معنى قوله(كهيعص، عسق) معناها أنكم أيها العرب يا من بلغتم في أدبكم ولغتكم مبلغاً لم تبلغه أمة قبلكم ولا بعدكم فما من أمة ثقفت لغتها أدباً وشعراً ولغةً وفقهاً كالعرب وهذا أمر مسلّم به فرب العالمين يقول هذا الحرف الذي أبدعتم في إستعماله أنا رب العالمين سأستعمله إستعمالاً تعجزون أنتم عنه وهو معجزة هذا النبي لأن معجزة كل نبي من طبيعة ما ساد في زمانه، فما شاع في عصر النبي صلى الله عليه وسلم اللغة والبلاغة والمعلقات تلك الإعجازيات الهائلة التي هي خالدة إلى يوم القيامة

وإن الذي ملأ اللغات محاسناً           جعل الجمال وسِرّه في الضاد

وعجب لأمة عندها هذه اللغة العظيمة تتركها لتبحث عن لغة أخرى لا تدانيها لا من قريب ولا من بعيد وكما يقول المثل: ويل للمغلوب. فالغالب دائماً مهما كان تافهاً يفرض حضارته إن كان له حضارة أصلاً على المغلوب.

الكتاب:

إستعمل القرآن هذه الكلمة إستعمالاً عجيباً لأهمية الكتاب والله تعالى لم يفرق بين كتاب وكتاب كأنه يريد كل واحد أن من واجبه يعرف معنى هذه الكلمة المقدسة. الكتاب كلمة مقدسة وكل كتاب يتعلق بهذا الذي نحن فيه هو كتاب مقدس ولذلك قال تعالى: (وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ 79 آل عمران) فالعالم والمتعلم شريكان في قدسية الكتاب وأهميته والكتابة فن والكتاب فن في التعامل معه وحفظه وخطه وتصحيفه وتصفحه وإقتنائه وكل أمة لا تقاس بدباباتها. وهنالك فرق بين الحضارة والمدنية، فالمدنيات حِرَف فهنالك حداد ونجار وبنّاء وكهربائي فالمدنية صنائعية لا أكثر ولا أقل أما الحضارة فهي قيم وأخلاق وإبداع وعدل وسماحة وفكر. وهذه الحضارة تقاس بقدر ماعندك من كتب ومافي تاريخك من كتب وأسفار وأرقام وسجلات وصحائف هذه هي رمز الأمة ودلالة حضارتها. فرب العالمين عندما يطلق كلمة الكتاب في القرآن الكريم ترى عجباً: الكتاب هو اللوح المحفوظ، والكتاب له معنى آخر فهو مع سيدنا موسى u يعني التوراة ومع سيدنا عيسى u الإنجيل و مع سيدنا داوود u الزبور ومع يحيى (يا يحيى خذ الكتاب بقوة). قال تعالى على سيدنا عيسى u: ( وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ 110 المائدة). ولدينا قاعدة في لغتنا العظيمة أن الشيء لا يعطف على نفسه أبداً. فيقول الله تعالى على سيدنا عيسى u بأنه يعلمه الكتاب- والكتاب هنا لا يعني الإنجيل وإلا لما قال والإنجيل في آخر الأية-  التوراة والإنجيل وردت في آيات أخرى بكلمة الكتاب أما هنا فلا يمكن أن تعني الكتاب . الكتاب له عدة معاني فالقرآن فيه مشترك وليس فيه مترادف. الكلمة الواحدة تعطي عدة معاني ولكن ليس فيه مترادف أبداً لتزاحم المعاني في الكلمة الواحدة فقد تجد عشرة معاني في كلمة واحدة ولا تجد عشر كلمات بمعنى واحد أبداً فهذا مستحيل ولا يوجد في لغة العرب ولا في القرآن الكريم على خلاف ما قد أجمع عليه الناس قبل ذلك. ولدينا كتابين في غاية الأهمية: الأول، وهو اللوح المحفوظ الذي فيه سجل كل الكون (وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ 59 الأنعام) هذا اللوح المحفوظ الذي يغرف منه الملائكة ويغرف منه جبريل عليه السلام لكي يأتيك بالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن. وكل ما في الكون من علوم وأفكار (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا 31 البقرة) كل ماعدا الله عز وجل فهو في هذا الكتاب اللوح المحفوظ والذي يمكن أن يقاس عليه الإنترنت والذي يستطيع أن يجد فيه الإنسان كل شيء يريده وهذا يسهل عليه المهمة أن كل المخلوقات وكل ماعدا الله سبحانه وتعالى كل ذلك موجود في اللوح المحفوظ. فاللوح المحفوظ إنترنت رب العالمين وشتان بينهما. قال تعالى: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ 36 التوبة) والمقصود بالكتاب هنا اللوح المحفوظ وكذلك في قوله (وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ11 فاطر) وقوله (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا 22 الحديد) قبل أن تخلق هذه المخلوقات موجودة في اللوح المحفوظ.

أحياناً يأتي الكتاب بمعنى الطاقة الفعلية والمعلومات التي هي فوق العقل مثل المعجزات والخوارق التي لا يستطيع الإنسان أن يفعلها إلا بفعل الله المباشر يقول الله تعالى: ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ 40 النمل).( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75) النمل). رب العالمين يعطي بعض عباده الصالحين كالأنبياء والمرسلين وغيرهم من صالحي هذه الأمة يعطيهم العلم اللدني العلم الخاص (وعلمناه من لدنا علما) وهو ليس علم مكتسباً أبداً وإنما هو علم موهوب. مكان ما تقرأ القرآن فأنت تتعلم علم وقراءة القرآن عظيمة وتتعلم منه. رب العالمين يعطي بعض عباده كتاباً من غير قراءة كتاباً عملياً ما أن يلم العبد الصالح بهذا الكتاب إلا ويصبح متصرفاً في الكون كالعبد الصالح مع سيدنا موسى وكالذي جاء في قوله تعالى (قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ 40 النمل) في زمن أقل من الصفر نقل عرش بلقيس من سبأ إلى مملكة سليمان وهذا علم مدون في كتاب عند الله عز وجل يهبه لمن يشاء من عباده الصالحين. ومثل ذلك عندما قال سيدنا عمر رضي الله عنه ( يا سارية الجبل الجبل) والخوارق والمعجزات وما فوق العقل كل ما حصل ويحصل اليوم وفي كل زمان يسمى هذا كتاباً.

في قوله تعالى: (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) آل عمران) ( وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ) فالكتاب هنا ليس الإنجيل أو التوراة إنما يعني المعرفة التي هي فوق العقل: يبرىء الأكمه والأبرص ويحي الموت وينبئهم بما يأكلون وما يدخرون. وهذا هو كتاب العطاء الرباني الذي يقول يا عبدي أطعني تكن مثلي تقل لشيء كن فيكون. رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره. هذا الجانب الهائل في هذه الأمة جانب الصالحين والأولياء والقديسين في كل الأديان أتباع سيدنا موسى وأتباع سيدنا عيسى في زمانه من صالحي المسيحيين و اليهود وغيرهم كلهم لهم من الكرامات و المعجزات ما لا يمكن إلا أن يكون موهبة من رب العالمين في كتاب وهذا معنى قوله تعالى في عيسى (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل). وكما علم سيدنا موسى فالتوراة شيء والكتاب كتاب اليد والعصا والجراد والقمل فقد سخر له الله عز وجل الكون يمشي على الماء والعصا تأكل ما يأفكون هذه اليد العظيمة. كل هذا كتاب كتاب المعجزات والفوارق.

قال الله تعالى : ( قل كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ 43 الرعد) سيدنا جبريل الذي عنده كتاب يعرف كل مافي الكون من رسالات ومن أحداث ومن حوادث ومن أمطار وكل شيء في هذا الكون ستجده يعرفه لأن عنده علم الكتاب (وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم).

إذن فكلمة الكتاب كلمة مشتركة فيها عدة معاني. تأتي بمعنى الكتاب الشرعي (التوراة-الإنجيل-القرآن). ويطلق على مجموع ما أنزل الله من شرائع مكتوبة: كتاب خاص بموسى، كتاب خاص بعيسى، كتاب خاص بمحمد r ، وبمعنى اللوح المحفوظ، كتاب الصالحين أصحاب العلم والمعرفة اللدنية، وجميعها يطلق عليها كتاب. قال الله تعالى: ( هَاأَنتُمْ أُولاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ 119 آل عمران) فالمسلمون هم الوحيدون الذين يؤمنون بكل أنواع الكتب فلن يسبقهم ولن تلحقهم أمة أخرى أبدعت في إيمانها كما أبدعوا فهم الوحيدون الذين يؤمنون بكل الكتب فسماها رب العالمين كتاب ومجموعها كتاب. الكتاب هنا إسم جنس وليس إسم أوراق. قال كتاب العلم والخوارق وغيرها كلها سماها كتاب.

(صحفاً مطهرة فيها كتب قيمة) هو الموضوع الواحد بكل جزئياته. ففي القرآن الكريم هنالك كتاب الموت، كتاب الصلاة، كتاب الصوم، كتاب الجهاد، كتاب النصر والهزيمة، كتاب العقيدة، كتاب التاريخ. كلمة كتب في القرآن الكريم أعجوبة ولكي تفهم القرآن الكريم عليك أن ترتلها ترتيلا (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا 4 المزمل) أن تجمع الآيات المتناظرة في الموضوع الواحد وكأنها كتاب واحد وتنظر فيها مجتمعة. لا يمكن فهم القرآن إلا هكذا وما جاءتنا مصيبة الفرق الضالة و الأفكار الشاذة إلا أن كل واحد إكتفى بآية بغض النظر عن رفيقتها وهذه هي التعضية (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ 91 الحجر) التعضية هي قسمة ما لا ينقسم. وهكذا الآيات في كل كتاب (صلاة-صوم-حج-زكاة-عقيدة) فهي مجموعة آيات في عدة سور تشكل موضوعاً واحداً تسمى كتاب وهي لا تنقسم كما في كتب السنة والعقيدة تجد باب الصلاة، باب البيوع، باب الصيام وغيرها. فلا ينبغي بأن تنظر بآية دون أختها وإلا فأنت تعضي والله سبحانه وتعالى شنع على الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرونه ببعضه ونحن إن شاء الله لسنا منهم ولكن هنالك من يعضي. معظم الخلافات بيننا ومعظم الفرق التي إنتشرت حتى أثقل كاهل الإسلام منها وبدأ بعضها يحارب بعضاً والكل ينخر في الإسلام ويحفر فيه حفرة كانت من أسباب التعضية فالكل أخذ حديثاً أو آية وحدها بل إن البعض من المحققين يسمح لنفسه أن ينزع من الأصل ما يشاء وهذه سرقة وضلال. فالترتيل أن تجعل كل موضوع كتاباً بأن تجمع كل آياته وتنظر بها رتلاً على خط مستقيم حينئذ تصل إلى النتيجة وإلى مراد الله عز و جل. فهنالك كتاب الصلاة وكتاب الموت وكتاب العمل الفردي (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا 13 الإسراء) كناب الإحصاء (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا 29 النبأ) والإحصاء هو كل المعلمات المتعلقة بالشيء تسمى هذا إحصاءاً وهذا من معاني الكتاب أيضاً. قيمة هذا الكتاب أن الله تعالى قال فيه (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ 53 فصلت) والجيل الذي لا يكتشف في هذا الكتب العزيز جديداً جيل متقاعس وجاهل فقد شاع عندنا منذ خمس قرون أنه لا يحق لأحد أن يقول كلمة لأن السلف الصالح قال كل ما في هذا الدين. لكن السلف الصالح قالوا لزمانهم وأجيالهم وهم ينتظرون منا أن نقول مثل ما قالوا وأن نفعل مثل ما فعلوا حينئذ هذا الكتاب العزيز يعطي في كل جيل عطاءاً جديداً إلى يوم القيامة و يوم القيامة سنعرف شيء لم نكن نعرفه في الدنيا (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ  53 الأعراف) .

والقرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي يستعصي عل التزوير والتغيير على كثرة المحاولات يبقى هذا الكتاب العزيز حجة على الناس إلى يوم القيامة مامن مكتوب إلا ويمكن أن يزور إلاهذا القرآن الكريم. لم يبق مكتوب تاريخي إلا زور في الغالب لا توراة ولا إنجيل ولا زبور ولا صحف إلا هذا الكتاب المستعصي بل إن إعجازه في أنه تحدى الدنيا كلها أن يغيروا فيه حرفاً واحداً. وقد جرت محاولات من دول عظمى وشخصيات كبيرة وطوائف حقيرة ولم يستطع أحد أن ينال منه حركة فتحة أو ضمة بين ضيْق وضيّق وميت وميّت حتى الخط الذي كتب به لم يتغير إلى هذا اليوم. فهو أساس وجودك وأساس فضلك وأساس التمييز يوم القيامة (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا 14 الإسراء) فالكتاب له قدسية من قدسية العلم بقدر ما في العلم من قدسية يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن مما يلحق العبد بعد موته علماً نشره) وتنشره بالكتاب. وبالتالي كم تأمل أن يسجل في صحيفتك صوم وصلاة وصدقة وإستغفار وعمل معروف وكظم غيظ وبرالوالدين وجهاد؟ لو كتبت كتاباً واحداً شرحت فيه ما تعلمته شرحاً بسيطاً تدخل التاريخ يوم القيامة وكل من يقرأه يحسب لك حساب من غير أن يتقص من أجره شيء. قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما من رجل يتعلم كلمة كلمتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً مما فرض الله عز وجل يتعلمهن و يعلمهن إلا دخل الجنة) وهذا قيمة الكتاب في قوله تعالى: ( وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) نسبهم لجلاله (ربانيون)، هناك قراءة تدرسون وقراءة تدرّسون. فالكتاب هو الشاهد على الناس  شاهد على حضارتها، علمها، ثقافتها، أخلاقها، أدبها. فهو وثيقة تشهد على الناس فإذا عرفت قدر العلم وما هي قدسيته يوم القيامة وكيف أن العلماء يأتون مع الأنبياء ومن أتاه أجله وهو يطلب علماً لقي الله يوم يلقاه وليس بينه وبين الأنبياء إلا درجة النبوة. فليحرص كل شخص على أن يقرأ كل ليلة ولو صفحة من كتاب مفيد بنية طلب العلم والتعلم تلقى الله وأنت طالب علم وليس بينك وبين الأنبياء إلا درجة النبوة وهذا هو فضل الكتاب-

.يقول النبي عليه الصلاة و السلام (أهل القرآن أهل الله و خاصته) فأهل القرآن ليس فقط الذي يقرأه بل الذي يقرأه أو يشرحه أو يتأمله أويفسره أو الذي يحصي الحروف أو الذي يحصي الحركات أو الذي يحصي الكلمات أو الذي يبحث في إعجازه أو في المحكم والمتشابه..إلخ. فأي كتاب يتناول أي موضوع من مواضيع القرآن الكريم يجعلك من أهل الله وخاصته. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريق إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىً بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السموات والارض). فقط يكفي أن تنوي بأنك طالب علم ولا يشترط أن تكون طالب جامعة فكل من ينوي أن يتعلم في كتاب من كتب الحديث، كتب الفقه يقرا يومياً ولو مسألة بنيّة طلب العلم يحشر يوم القيامة مع العلماء في زمرتهم لا ينقص من أجره شيء (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا 73 الزمر) فلا يفوتنكم هذا الفضل ولذلك لا بد لكل مسلم أن يكون في بيته مكتبة يقرأ بها هو وأهل بيته.

وأم الكتاب هو اللوح المحفوظ قطعاً وهو أعجوبة العجائب.

رب العالمين سبحانه وتعالى جعل لهذه الأمة أسباباً تفسر معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يدخل النار إلا شقي) فما عليك إلا أن تقوم بعمل بسيط وطبعاً قبل كل شيء تكون مؤدياً للأركان فالأركان قضية أساسية في الوجود حتى أنها ليس فيها أجر كثير لأنها واجب على كل مسلم. فأنت من واجبك تجاه الله سبحانه وتعالى بأن تصلي وتصوم وتزكي وتحج البيت الحرام ومن لا يفعلها وهو قادر عليها ليس مسلماً أما فيما عدا ذلك فإن أي حركة تجعلك من كبار القوم يوم القيامة: برالوالدين، دمعة من خشية الله، ركعتان في الليل، كظم غيظ، تعفو عمن أساء إليك، صدقة خفية، قلبك معلق بالمساجد. إلخ، ومن ضمنها من يتعلم يومياً ولو كلمة في مسجد، فمن يريد أن يكون في مقام رفيع يوم القيامة لا ينبغي أن يمر عليه يوم من غير أن يصلي ولو ركعة واحدة في المسجد على الأقل ويمكن أن يجعل الوقت بين المغرب والعشاء وقتاً لقراءة كتاب في مسجد أو تتعلم آية أو تسمع درساً أو تتعلم مسألة علمية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر لأن تغدوا إلى بيت من بيوت الله فتعلم آية واحدة خير لك من أن تصلي مائة ركعة، ولأن تغدوا إلى بيت من بيوت الله فتعلم باب من أبواب العلم خير لك من أن تصلي ألف ركعة).

قال الله تعالى: ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ 48 المائدة) المهيمن تعني الرقيب والشاهد والحفيظ. المهيمن أي الحفيظ لكل هذا الكون فالقرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي أضفى الشرعية على التوراة والإنجيل. بدون القرآن لا قيمة للتوراة والإنجيل من حيث شدة التزوير الذي حفظ حقيقة التوراة والإنجيل هو القرآن الكريم. حفظ آياته وشرعيته وصدقه وأنه من الله عز وجل وفي ذات الوقت قال أنه محرف حرفه اليهود وزوروا الكلمة الفلانية. وإحتفظ لنا بأساسيات هذين الكتابين العظيمين وهي التوحيد والحلال والحرام وقصص بني إسرائيل وكيف فعلوا من أول عهد سيدنا موسى إلى نهاية سيدنا عيسى عليه السلام كل ذلك محفوظ في كتاب الله عز وجل بحيث لو أن جميع نسخ التوراة والإنجيل إحترقت لا سمح الله أو ذهبت فالقرآن فيه من الحفظ والشهادة على هذا الكتاب من حيث كونه مهيمناً عليه وهذا معنى الهيمنة بحيث أنك تحفظ ما هيمنت عليه وتكون شاهد عليه إذن هذا معنى أن القرآن الكريم مهيمناً على التوراة والإنجيل وفعلاً لو لم يكن القرآن موجوداً لما بقي من التوراة والإنجيل آية واحدة صحيحة فالتوراة محرفة بالكامل والإنجيل له عدة نسخ كل نسخة مختلفة عن الأخرى وكل من جاء يكتب نسخة مختلفة عن الأخرى والوثيقة الوحيدة على وجه الأرض التي لا يمكن أن تزور ولن تزور على كثرة المحاولات هو هذا القرآن الكريم وهذا القرآن الكريم مهيمناً على التوراة والإنجيل من حيث أن خير ما في التوراة والإنجيل وأهم ما في التوراة والإنجيل إحتفظ بها القرآن الكريم لكي يعرضها على الناس كما قال تعالى: ( لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا 143 البقرة) وهذا هو معنى الهيمنة. نشرت صحيفة الأهرام المصرية أنه قد عثر على بعض الأسفار القديمة المسيحية تعود إلى القرن الثالث في مصر وهي 12 وثيقة قديمة في كل واحد منها ما يختلف مع الأناجيل المعترف بها الأربعة في الوقت الحالي وتتفق تمام الإتفاق مع القرآن الكريم وتؤكد صحة ما ورد في قصص الأنبياء وخاصة القضية المشهورة عن علاقة سيدنا يهوذا بسيدنا المسيح عليه السلام وعدم دقة ما أثير في الأناجيل الأربعة حول هذه القضية وهذه وثيقة واحدة ولو حققت بقية الوثائق لرأينا العجب العجاب.

القرآن الكريم من موضوعيته و إحترامه لكل الأديان  وأهل الأديان يخاطب اليهود والنصارى بأهل الكتاب وهذا تشريف مع أن هؤلاء الناس الذين لايجدون في هذا الدين خيراً لو تسأل أحدهم ماذا ترى في الإسلام من خير يقول لك ليس فيه خير. ورغم هذا الموقف المعادي للإسلام والمسلمين فأنه لن يغير من موقف المسلمين شيئاً من شدة تقديسهم لسيدنا موسى وسيدنا عيسى عليهما السلام ولشدة تعبدهم بالتوراة والإنجيل من حيث أنها كتب مرسلة ومنزلة وصحيحة إحتفى بها القرآن الكريم وأمرنا بأن نؤمن بها إيماننا بالقرآن ما عدا ما حرف من ذلك. قال الله تعالى: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ 64 آل عمران) فالقرآن والإنجيل والتوراة كلها سواء في لا إله إلا الله. ثم يقول تعالى: ( مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ 105 البقرة) (ها أنتم تحبونهم) ثم يقول تعالى: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ 78 البقرة) وهذا تعاني منه كل الديانات الجهل الجهل المتعالم فكل الديانات مبتلون بجاهل يدعي العلم ومن أجل ذلك من أفتى بغير علم فقد كفر فهو هالك، فهُم- في المسلمين واليهود و النصارى- قوم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني يفتون فتاوى أضلوا فيه الناس وصاروا فرقاً متناحرة.

برغم كل ما أثبته القرآن وأخبر به من شدة عداء أهل الكتاب للإسلام والمسلمين وسعيهم الدائم إلى أن يخرجوا المسلمين من دينهم لموضوعية هذا الدين ولصدقه لم ينسَ أن يمتدح كل ماعندهم من صفات فقال تعالى: ( لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ 113 آل عمران) ( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ 75 آل عمران) ورغم ما يعانيه المسلمون من عداء وكراهية وإضطهاد وقمع وحرب بحجة الإرهاب أمرنا الله عز وجل (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ46 العنكبوت) أي تفوق أخلاقي هذا مع هذا نحبهم ولا يحبوننا ( عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً 7 الممتحنة) تعجب أن هؤلاء الناس يعرفون كل ذلك بحيث نحن نذكر تسع وتسعين حسنة وسيئة واحدة، بالمقابل لم يذكروا هم في تاريخهم كله حسنة واحدة للإسلام حتى كون نسائنا شريفات يتزوجن وهن عذارى لم يذكروه أنه حسنة. قال الله تعالى (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ 85 البقرة) ( وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ 150 النساء) هذه المذمة لم ينجوا منها إلا المسلمين فما من أمة على وجه الأرض تؤمن بجميع الديانات كاملة وبجميع الأديان كاملين وبنفس الحماس والقدسية والإحترام إلا المسلمين ومع هذا كله نعتبر نحن الإرهابيون وهم أهل السلام. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن الله من آذى ذمياً). بلادنا مليئة بأهل الديانات الأخرى وليس منهم من يتعرض له المسلمون بأذى أما المسلمون في بلادهم فيعتبرون إرهابيين ويعاملون معاملة لا تليق ببشر. لكن مهما طال حبل الكذب أو زاد أنصاره فلا بد من أن تجد من يعرف الحقيقة والعدل والإحسان على قلتهم.

يقال في آية سورة الكهف (وكان تحته كنز لهما) أن الكنز الذي كان تحت الجدار هو كتبٌ تركها أبوهم لهم. وكثير من الإكتشافات التي سجلها الأوروبيون هي في الأصل عربية من مخطوطات ووثائق موجودة في بلدان مختلفة ويجب علينا الإهتمام بهذه المخطوطات والوثائق. ولو قارنا بين حركة التبشير وحركة الدعوة الإسلامية….حركة الدعوة تكون جاهدة في إبراز محاسن اليهود والنصارى وسيدنا موسى وعيسى تربي الأولاد على تقديس سيدنا عيسى وموسى وهم جادون في كل مناسبة في شتم هذا الدين العظيم .

*****************************************

دعاء تفريج الكرب:

هذا دعاء الكرب لعلي زين العابدين وهو مجرب وهو لمن له كرب شديد يقوم في الثلث الأخير من الليل يصلي ركعتين تهجد ثم يقرأ هذا الدعاء مائة مرة ثم يقول يا ربي فرج كربي الفلاني لمدة ثلاث أيام. وقد جربه الآلاف ولايوجد حالة إستثنائية واحدة فكل من دعا به فرج كربه، ونصّ الدعاء هو:

إلهي كيف أدعوك وأنا أنا، وكيف أقطع رجائي منك وأنت أنت، إلهي إن لم أسألك فتُعطني فمن ذا الذي أساله فيعطيني، وإن لم أدعُك فتستجب لي فمن ذا الذي أدعوه فيستجيب لي، وإن لم أتضرّع إليك فترحمني فمن ذا الذي أتضرّع إليه فيرحمني، إلهي كما فلقت البحر لموسى فنجّيته من الغرق فصلّ وسلم يا ربي على محمد وآل محمد ونجّني مما أنا فيه من كرب بفرجٍ منك عاجلٍ غير آجل وبرحمتك يا أرحم الرحمين.

وعلينا أن نعلم أن الدعاء لا يغيّر القدر ولكنه يغير القضاء لأن ورد أن الدعاء والقدر يتصارعان.

دعاء يعين على القيام لصلاة الصبح:

اللهم لا تؤمّني مكرك، ولا تكشف سترك، ولا تُنسني ذكرك، ولا تولّني غيرك، ولا تجعلني من الظالمين. يُقرأ ثلاث مرّات وفي المرّة الرابعة يضاف إليه: أيها الملك الموكّل أيقظني في الساعة كذا. على أن ينام الشخص على وضوء

بُثّت الحلقة بتاريخ 21/4/2006م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً ثم تم تنقيحها