الحروف في القرآن الكريم, حرف الظاء

حرف الظاء – منظومة النصر (ظفر)

اسلاميات

 

منظومة  النصر

الظفر– الغلبة – الفتح-  الفوز- النصر

وصلنا إلى حرف الظاء أخت الطاء وما بقت لنا في هذا الحرف والحروف المتبقية إلا كلمات أو ثلاثة حيث استوفينا معظم كلمات الحروف المتبقية مع الحروف الأولى وبهذا نكون على وشك أن ننتهي من هذا البرنامج بحيث استعرضنا كل كلمات القرآن الكريم المترادفة حصراً لأول مرة في تاريخ هذا الكتاب العزيز.

منظومة اليوم تبدأ من كلمة ظفر (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) الفتح) الظفر والفتح والنصر والغلبة والفوز كلمات مترادفة يقال انتصر فلان، فتح فلان، فاز فلان، غلب فلان، ظفر فلان ولكن كل كلمة من هذه الكلمات استعملها القرآن استعمالاً إعجازياً مضطرداً لم يتخلف ولا مرة واحدة ولا يمكن أن يفعل هذا إلا رب العالمين.

الظفر: التمكن من المطلوب وإخراجه من دائرة الطلب، أنت لك عدو، أنت تريد أن تأخذ شهادة أنت تريد أن تصبح غنياً، عندك أمنية، مطلوب، طموح فإذا حصلت عليه ولم يعد هذا من مطلوبك ولم يعد يشغلك يسمى ظفر. إذا كان لك عدو ثم تمكنت منه بحيث لم تعد تحسب له حساب إنتهى وأخرجته من دائرة الصراع ولم يعد يعنيك أمره يسمى هذا ظفراً (مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) في صلح الحديبية تعرفون القصة كاملة في تلك الأثناء أسر المسامون أكثر من ثمانين من عدوهم وكانت تلك قوة شوكتهم، تلك الجماعة المأسورة كانت قلب العدو فأسروا وجيء بهم إلى الرسول r فبهذا يكون الرسول r قد أخرجهم من دائرة الصراع وفعلاً ما قاتلوا وقالوا نبغي الصلح معنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أظفره الله بهم بحيث أخرجهم من دائرة الصراع، استسلموا للواقع وإن بقوا أعداء ولكن لم يعد أمرهم يعنينا مطلقاً فقد ظفرنا بهم كأننا أنشبنا أظفارنا بهم من هنا مأخوذة الكلمة فمن بعد أن أظفركم بهم كأنكم أنشبتم أظفاركم بهم فلم يعودوا يستطيعون الحركة هذا هو الظفر ولهذا يقال هذا جيش مظفّر أي أنه أخرج عدوه من ساحة المعركة بالكامل ولم يعد يستطيع هذا العدو أن ينازلك مرة أخرى مطلقاً يسمى ظفراً. فلان مظفّر له قوة في الحرب والحكم هذه كلمة ظفر.

الغلبة: التمكن في جولة واحدة ولاحظ الفرق الدقيق. فالظفر أن تخرج عدوك نهائياً من المعركة فهذا ظفر وإذا غلبته معركة واحدة فقد يغلبك مرة أخرى قال تعالى (الم ﴿1﴾ غُلِبَتِ الرُّومُ ﴿2﴾ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴿3﴾الروم) (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ (249) البقرة) معركة واحدة فربما في المعركة القادمة القوة الكبيرة تغلب. إذاً كلمة غلب في معركة واحدة وقد جاءت في القرآن في عدة مواضع أي في حادثة معينة، في نطاق معين صارت هناك غلبة (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي (21) المجادلة) في المعركة الفلانية مع قريش مثلاً. ولهذا رب العالمين غلب في بدر وغلب المشركون في أحد، إذاً الغلبة مرة واحدة. وقد تقع مرتين أو ثلاثاً لكن لا يمنع من أن يغلبك عدوك مرة أخرى ولهذا يقال الحرب سجال يوم لك ويوم عليك، كرٌّ وفر. فالفرق بين الظفر والغلبة أن الظفر تكون قد أخرجت عدوك نهائياً وفعلاً من صلح الحديبية ما قامت للمشركين قائمة، فأتى بعدها فتح مكة ثم حنين (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ (25) التوبة) وانتهى المشركون إلى هذا اليوم وإلى يوم القيامة فلم يعودوا في الحسبان هذا الظفر. الغلبة: في بدر غلبناهم لكن في أحد غلبونا فالغلبة إذاً مرة واحدة.

الفتح: إذا تمكنت منهم واستوليت على أرضهم وحكمتهم هذا فتح (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴿1﴾ النصر) وفعلاً النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحكمها واستولى على أرضهم ودخلت مكة في أرض الإسلام هذا فتح (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ﴿1﴾ الفتح). إذاً الظفر إخراج العدو من المعركة مكسوراً، الغلبة في معركة واحدة، الفتح ظفر وغلبة واستيلاء على أرضهم وحكمهم يسمى هذا فتحاً.

الفوز: عندما تتعرض لموقف خطير كاد أن يرديك أو أن يهلكك فنجّاك الله منه ثم تمكنت من هذا الآخر. وانظر إلى دقة القرآن (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ (185) آل عمران) أنت لو قال أدخل الجنة هذا الفتح أدخل الجنة وسكنتها لكن عندما تمر على النار وكلنا (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴿71﴾ مريم) لا بد أن نراها وكلنا يوشك أن يقع فيها حينئذٍ لما تذهب عنها إلى الجنة هذا هو الفوز. فالفوز، خذ كل سباق يقال فاز فلان أو الفريق الفلاني هو الذي فاز بعد ما مر في محنة أوشك ألا يفوز وأوشك أن يفوز عليه عدوه، فالفوز يطلق عندما تكون في خطر ثم تتجاوز هذا الخطر وتتمكن من هذا الآخر سواء كان هذا الآخر جيشاً أو امتحاناً أو فريقاً أو ما شاكل ذلك يسمى هذا فوزاً (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)،

النصر: أخيراً هو التمكن من الآخر بمعاونة خارجية. والنصر لا يكون من ذاتك إلا أن يعينك أحد عليه (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ (7) محمد) (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ (40) التوبة).

هكذا هي المنظومة وكل كلمة منها ترسم جانباً في الصورة ما أن تقول ظفر إلا يعني أن عدوك انتهى، خرج من المعركة ولم يعد لك عدو هنالك عدو آخر لأن الأول انتهى. تقول غلب أي أنك انتصرت في معركة واحدة في جولة واحدة والجولة والصولة تختلف، الفتح أنت تمكنت واستوليت على الأرض وحكمتهم، الفوز يكون بعد تعرضك لخطر شديد أوشكت أن تهلك فيه ثم نجوت وتغلبت هذا فوز، النصر أعانك عليه آخر سواء كان نصراً عسكرياً أو سياسياً أو اجتماعياً هناك من وقف إلى جانبك (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ) ولهذا سمي الأنصار أنصاراً لأنهم نصروا النبي صلى الله عليه وسلم، المهاجرين والأنصار (وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (72) الأنفال) فأهل المدينة هم الذين نصروا النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في عدة أحاديث. إذاً هكذا هي المنظومة كل كلمة فيها تعني معنىً لا تغني عنه ولا عنها الكلمة الأخرى وهذا هو شأن القرآن الكريم وهذا هو معنى قوله تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ (82) النساء) والتدبر هو أنت تبقى دبر الكلمة، دبر الآية يوماً بعد يوم وجيلاً بعد جيل إلى أن تصل إلى مراد الله عز وجل وإن لله مرادات عديدة وكل جيل يعنيه واحد منها.

نتكلم عن النصر لأن كلمة النصر هي الشائعة عندنا فالظفر والغلبة والفتح كلمات الآن لا تستعمل كثيراً وجميع الأمة بسياسييها وإعلامها والكل يتكلم عن النصر مع أننا عندنا كلمة النصر والظفر والغلبة والفتح والفوز وكلنا مررنا بواحد منها لكن الناس استسهلوا كلمة النصر وصار لها بريق فهنالك نصر في الكرة ونصر في المعركة ونصر في السياسة والانتخابات وهنالك دول عظمى تحتل بلدان الآخر وتسميه نصراً، أي نصر هذا؟ فأنت وجدت لصاً يسرق أموال الناس وبلاد الناس فنصر على ماذا؟ إذاً الكلمة شائعة جداً والكل يدعيها وأعظم الناصرين في التاريخ الإسلامي أهل المدينة الأوس والخزرج (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿9﴾ الحشر) (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (100) التوبة) ثلاث فئات في كتاب الله عز وجل رضي الله عنهم: المهاجرون الذين جاءوا من مكة إلى المدينة تاركين أهلهم وديارهم وأموالهم في سبيل الله ثم الذين استقبلوهم وهم الأنصار في المدينة (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ) والرضوانيون (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ) (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ (18) الفتح) وهؤلاء الثلاثة هم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وهم أصحاب النبي من حيث التقديس فكل من رأى النبي والنبي رآه يعتبر هذا من الصحابة من حيث كونهم رواة حديث أو ما شاكل ذلك. أما الذين رضي الله عنهم فقد اكتسبوا هذه الميزة على أمة محمدٍ جميعاً إلى يوم القيامة هم ثلاثة: المهاجرون والأنصار والرضوانيون. هؤلاء فقط حكم عليهم بأنهم خير هذه الأمة وخير القرون وما من أحدٍ يدانيهم (لو أن أحدكم أنفق مثلي جبل أحدٌ ذهباً ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه) لو أنفقت جبلاً من ذهب وأنفق واحد من أصحاب النبي كفاً من حِنطة لكان هذا خيراً من جبلك عند الله عز وجل. ولهذا عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وهو سيف الله السملول قد رفع صوته على أحد المهاجرين وهو عبد الرحمن بن عوف قال له النبي صلى الله عليه وسلم (يا خالد دع عنك أصحابي والذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثلي جبل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) وهذا خالد بن الوليد فكيف نحن إذاً؟ ولهذا هؤلاء ذهبوا بالخير كله وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين نتقرب إلى الله عز وجل بحبهم.

نتحدث عن فلسفة النصر قليلاً: أعظم نصر أن ينصرك الله عز وجل وإن الله لا ينصرك إلا إذا نصرته (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) إن لله فعلاً وإن لله رد الفعل، فعل الله أن خلق الدنيا كلها كما تعلم خلق كل هذا وسخر كل شيء وله رد فعل: افعل أنت لكي يفعل هو عز وجل (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ (67) التوبة) (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) البقرة) وهكذا سلباً أو إيجاباً، فكيف تنصر الله عز وجل لكي ينصرك؟ هناك قواعد ثابتة لو طبقها المسلمون صار النصر خارجاً عن دائرة المتعارف عليه. فالمتعارف علي اليوم أن النصر يأتي بالقوة: كثرة عددية (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ (26) الأنفال) ثم هنالك كثرة (فكثركم) وقال (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ (60) الأنفال) الآن القوة الرمي: مدافع وطيارات وصواريخ حينئذٍ هذه من قواعد النصر في التاريخ كله وهذه الأمة لها خصيصة لو تأخذ كل تاريخنا ما انتصرت من قوة أبداً ولا مرة بل انتصرت من كونها نصرت الله عز وجل برغم كونها ضعيفة عدداً وعدة ففي بدر (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ (26) الأنفال) مع قلتكم وضعفكم وذلتكم لأنكم نصرتم الله عز وجل فقد طبقتم شروط النصر التي يريدها الله منكم فنصرتموه فنصركم. فأنت تنصر الله بأن تحقق له خمسة مبادئ ضرورية لكي تصبح أمة يرضى الله عنك على ما فيك من أخطاء أخرى ولكن هذه الخمسة لا بد منها وإذا حدث خلل بهذه الخمسة لو ملكت كل الدنيا لا تنتصر. في حنين كانت جحافل المسلمين على مد البصر حتى أن أحدهم تتطلع فيها وقال والله لن نغلب اليوم من قلة، فقال تعالى (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴿25﴾ التوبة) لكن بقت مجموعة أربعة أو خمسة هؤلاء نصروا الله سيدنا علي والعباس وسفيان بن الحارث بن عبد المطلب الخ، مجموعة من سبعة أو ثمانية ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين مجموعة صغيرة. إذاً هذه الأمة من خصائصها أن النصر يأتيها ليس من كثرة عدد وعدة وهذا مطلوب وأُمِرنا أن نُعِد ذلك وأن نسهر على إعداده ولكن ليس هذا هو الذي يأتيك بالنصر ولكن الأشياء الأخرى التي أرادها الله منك إذا فعلتها فقد نصرت الله فينصرك الله عز وجل من قلة.

أولاً: وحدة العقيدة : فبدون أن تكون موحداً فلست من هذه الأمة قطعاً وهذه قضية مفروغ منها ومن كرم الله عز وجل إلى هذه الدقيقة ما من أمة على وجه الأرض من مشرقها إلى مغربها توحد الله عز وجل كما توحده هذه الأمة وهذه من سمتها وميزتها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي أبداً) هذا أولاً وهذا التوحيد الخالص لا تجده إلا عند هذه الأمة لا تؤمن لا بحجر ولا بمدر هناك نوع من البركات والتبرك وبني إسرائيل رب العالمين جعل لهم التابوت (التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ (248) البقرة) وآثار موسى وشعر موسى ونعل موسى وعمامة هارون لكن الفاعل هو الله عز وجل (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ (102) البقرة) فالفاعل هو الله عز وجل كما لو أنك تأخذ حبة أسبرين تشفيك بإذن الله فرب العالمين جعل في هذه الحبة طاقة الشفاء فأنت تشرب الدواء لأن الله جعل فيه قوة الشفاء، جعل الحرارة في الشمس والروية في الماء وهكذا حينئذٍ أنت تعلم بأن الفاعل والمؤثر والمسبب هو الله عز وجل والأسباب من خلقه. وهذه القضية عند هذه الأمة بديهية تماماً وكل أمم الأرض لا تفعل ذلك، كل أمم الأرض حصراً تشرك بالله رباً آخر.

ثانياً: مما هو مطلوبُ حصراً وحدة الدين مسلم بلا عنوان آخر: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ (78) الحج) هذا الدين إذا فرقته طوائف ومذاهب وأحزاب ودبت بينكم الخصومة وكلٌ يكفر الآخر كما هو واقع الحال الآن فلا أمل بالنصر حتى ولو ملكت كل قنابل الدنيا. ولهذا عليك أن تكون مسلماً بغض النظر عن اتجاهك، كونك مسلماً لا يمنع أن يكون لك مزاج أو مذهب أو توجه أو فهم خاص ضمن المشروع وقد قلنا كثيراً الفرق بين (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا (187) البقرة) و (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا (229) البقرة) وهذا الدين السُنّة فيه متعددة فأصحاب النبي اختلفوا في بعض الأمور وكلهم على هدى، لكن هذا شيء وكونك تتخذ من مذهبك أو طائفتك أو جماعتك أو حزبك أنك أنت الوحيد الذي على الحق والباقي كلهم مشركون تقتلهم كما يفعل الناس في العراق وفي الشيشان وفي الأفغان أخلوا بهذا إخلالاً عظيماً ووضع بعضهم سيفهم في رقاب البعض الآخر قتلاً وغيلة وتعذيباً كما هو الحاصل في هذه الدول التي نكبت وما نكبت من قلة سلاح ولذلك يقول رب العالمين في أحد (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ (152) آل عمران) جاء النصر أولاً الشيشان انتصروا وعملوا جمهورية وعملوا انتخابات ثم اختلفوا وتضاربوا وتطاحنوا وهذا مصيرهم. والأفغان نفس الأمر انتصروا وأقاموا دولة ثم تقاتلوا فيما بينهم إلى الآن. والعراق هكذا ففي العشرينات وقفوا موقفاً واحداً ولم يستطيع الإنجليز أن يبقوا يوماً واحداً فقد كان العراق شعباً واحداً كلهم مسلمون شيعة وسنة وأكراداً وعرباً كلهم كانوا يداً واحدة فنصروا نصراً مؤزراً على قلة عددهم فقد كان العراق مليونين ونصف فقط وببنادقهم العثمانية القديمة تغلبوا على جيش الإمبراطورية البريطانية التي لم تكن تغيب عنها الشمس بوحدتهم لأنهم طبقوها، الآن هم 25 مليون ولديهم صواريخ ودبابات وكل شيء وهذا حالهم كما نراه (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ) فالهزيمة تكون من الداخل (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) وإن تخذلوه يخذلكم وهي واضحة وضوح الشمس.

ثالثا:ً وحدة الأمة: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً (92) الأنبياء)

رابعاً: وحدة المرجعية: هناك كتاب وسنة ماذا قال الله عز وجل؟ ماذا قال رسوله؟ وانتهى الأمر ليس لأحدٍ معهما نصيب إلا نصيب التفسير والتنفيذ والتطبيق.

خامساً: وهذا من باب التطبيق الواقعي الدنيوي وحدة القيادة: والذي حصل في أحد على كثرتهم أنهم عصوا صار لهم أكثر من قائد أكثر من مجتهد والنبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تنصرونا ولو أكلتنا الطير) أي لا أحد يتحرك من مكانه فقال تعالى (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ) عصيتم القيادة ولم تسمعوا كلمتها. ولهذا خمسة لهم قائد أقوى من مليون لا قائد لهم وهذا الذي يحدث في كل الدنيا هذه قضية مسلم فيها. من أجل هذا الشرط الخامس من شروط النصر وحدة القيادة أي الطاعة (إسمعوا وأطيعوا ولو ولي عليكم عبدٌ حبشيُ له زبيبة إسمعوا وأطيعوا إلا أن تروا كفراً بواحاً) كأن يقول أحدهم لا يوجد إله فهذا الشخص لا تطيعه.

في كل هذه الشروط الخمسة ينبغي أن تحقق الأمة العدل فيما بينها أفراداً (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴿117﴾ هود) بظلم أي بشرك أي أنهم يحققون العدل فيما بينهم وإذا تظالم العباد فيما بينهم رفع الله يديه عن الخلق فلا يبالي بأي وادٍ هلكوا كما قال ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ (65) الأنعام) دبابات، طيارات، صواريخ، قوة هائلة، أمطار، صواعق، (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ (65) الأنعام) وهذه ظاهرة هذا العصر. هذا الدول المنكوبة الآن فلسطين، العراق، أفغانستان، الشيشان، وأمثالها جعل الله بأسهم بينهم بعضهم يذيق الآخر بأسه وكلهم من أمة واحدة يقولون لا إله إلا الله هذا شيعي وهذا سني وهذا وهابي وهذا سلفي وهذا حنفي الخ من الأمور التي لا يمكن للعقل البشري الإسلامي أن يتصور نصراً كهذا وهذه حالة مرت في التاريخ. ففي عصر الرسول صلى الله عليه وسلم في أُحد وبعد النبي صلى الله عليه وسلم في صفين وفي وقعة الجمل وفي كثير من مواقع المسلمين التي خذلوا فيها من أجل هذا فقط (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ) جاءكم النصر أولاً وزال هذا النصر كما قال تعالى (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴿38﴾ محمد) والتاريخ الإسلامي مليء بهذه العظة: لما جاء المغول واحتلوا بغداد حصل كما يجري اليوم في بغداد فمحقوا محقاً كما قال تعالى (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) وفعلاً بعد عشرين عاماً ذهب المغول وذهب عملاؤهم وأذنابهم والمختلفون والطائفيون والفئويون والجواسيس ذهبوا وعادت الأمة موحدة وبقيت موحدة من القرن السادس إلى بداية القرن العشرين. هذه قواعد ثابتة لا تتغير. وهناك شروط للنصر ميدانية متغيرة فشروط النصر في العراق تختلف عن شروط النصر في انجلترا أو أمريكا. وحينئذٍ إذا وفرت هذه الشروط وهي سهلة التوفير لمن سهلها الله عليه ينتصرون حتى مع قلتهم وذلتهم (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ (26) الأنفال) وإلا كيف تفسر أن شعب الأفغان وهم ثلاثة ملايين وكلهم حفاة يُسقطون الإتحاد السوفياتي الجبار الذي كان يملك نصف الكرة الأرضية ولديه من الأسلحة والقنابل الذرية ما يمكن أن يدمر الأرض كلها خمسين مرة انهزموا أمام ثلاثة ملايين حافي الأقدام وذلك لأنهم كانوا موحدون فقد توحدوا توحداً عظيماً وانتصروا وشكلوا دولة قوية عظيمة ثم اختلفوا وتحاربوا 18عاماً مع بعضهم وهذا هو مصيرهم الآن مع بعضهم (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ). هذا يجري الآن في كل الأرض المحتلة سواء كان في فلسطين كما تسمعون أو في العراق كما ترعبون ما يجري في العراق وسيجري في كل مكان مثله وفي أفغانستان وفي الشيشان وإن في ذلك لعبرة ولهذا ما لم تتوحد الجهة الواحدة، الدولة الواحدة، الشعب الواحد، في الحد الأدنى والقيادة واحدة وأن يرحم بعضهم بعضاً وأن يحققوا العدل فيما بينهم فلا أمل ويبقى رب العالمين يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض. ولهذا قال الصالحون من هؤلاء وفيهم صالحون كثيرون فالغالبية صالحون ولكن لا رأي لهم ولا رأي لمن لا يطاع قالوا: “إعتزل تلك الفرق كلها فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فضع ثوبك على رأسك ودعه يقتلك يبوء بإثمك وإثمه”. وكل من يقتل في هذه الفتن شهيد هو شهيد بلا شك في ذلك والقاتل خالدٌ في النار. فالمسلم الذي يقتل مسلماً على عقيدته متهماً إياه بالشرك أو بالكفر كما يفعلون في العراق و في غيره حينئذٍ هذا القاتل خالدٍ في النار لأنه لم يقتل من أجل ثأر ولكن قتله من أجل عقيدة والله تعالى قال (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿93﴾ النساء). إذاً هذه المعركة التي ليس فيها شرط واحد من شروط النصر ستحرق الأخضر واليابس. فالفاجر القاتل إلى جهنم وبئس المصير، والصالح منهم المظلوم يذهب إلى الجنة ثم يولي الجميع و (يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) وهذا وعد الله عز وجل لهذه الأمة ما تخلّف ولا مرة واحدة فعلى رأس كل مائة يأتي من يقود هذه الأمة الغالبية العظمى، والغالبية العظمى من هذه الأمة صالحة ولكنها تختطف يأتون أشتات الناس يختطفونها حيث لا يبقى للناس حول ولا قوة. والله سبحانه وتعالى هو الذي يقول بعد ذلك كلمته التي تفصل بين الناس. إذاً جميع المسلمين الآن المنكوبون ارتكبوا ما ارتكبه أهل أُحُد (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ) هكذا هو العقاب (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ). حينئذٍ في هذا الخضم المخيف الصفحة السوداء الطافية على السطح في هذه الدول الإسلامية المنكوبة، والأخبار تخبرنا أن هذه التجربة ستعمم كما يقول أصحاب الشأن الغالبون في العالم اليوم: هذه تجربة سنعممها على الشرق الأوسط الكبير فالكل سيكون مثل العراق.

ما هي عناصر قوتنا كأمة الآن؟ نحن الآن فريقان فريق جاء مع هذا القادم، صحافيون وإعلاميون وسياسيون يطبلون لهم ويزمرون وينتقدون الأمة حتى جعلوها أمة من الغجر. هؤلاء مكشوفون وكما جاء في الأثر “لا تكرهوا الفتن فإن فيها حصاد المنافقين” وفعلاً في هذه الظروف جميع المنافقين انكشفوا فلم يعد أحدُ يجهل هذا المنافق أو ذاك ولم يعد أحدُ يغمض عليه أن يميز بين هذا وذاك. فما هي عناصرنا نحن؟ والذي نعنيهم بالفشل في هذه الأمة 1% و 99% سليم لكن لا يملكوا شيئاً. الذي يملك 1% قادة، ساسة، عصابات، أحزاب، فئات، طائفيين، مراجع سواء كانت دينية أو سياسية أو اجتماعية الخ هؤلاء لا يزيدون عن 1%،فما هي عناصر قوة هذه الأمة بحيث أنها تنتصر ذلك الذي يقودها ويحقق لها الشروط الخمسة للنصر. عناصر قوة هذه الأمة الآن من القوة بحيث من قرون لم تحصل فيها قوة كقوتها الآن برغم كل ما يقال. فالذين انهزموا فئة انهزمت قيادات، حكام ظلمة، قساة أذلوا شعوبهم، قتلوا الناس، عمروا سجونهم، شاع نوع من التعذيب بحيث يكفيك أن هذه الدول الإسلامية المنكوبة الآن المحتل يستورد لها معذبين من الدول العربية والإسلامية وكفاك بهذا عاراً! نستعرض قوة هذه الأمة مما لا تملكها أمة أخرى بموضوعية وبدون تبجح بشهادة الجميع ما يلي:

أولاً قضية التوحيد وهذه معروفة وتتحدى العالم كله أن يكونوا قد وحدوا الله كما وحده المسلمون وهذه قضية أساسية في الدنيا والآخرة.

ثانياً هي الأمة الوحيدة التي بينها نسب فكل واحد منها يقول لك أنا فلان بن فلان بن فلان بن فلان أعمامي فلان وأخوالي فلان وأمي فلانة هذا في هذه الأمة. قبائل وشعوب وعشائر وفصائل وأسر حينئذٍ أمة متماسكة نسيج واحد وذلك لعذرية المرأة. فالمرأة لا تعرف إلا زوجها وهذا لا تراه إلا في هذه الأمة.

ثالثاً وحدة المشاعر: كل هذه الأمة بعربها وأكرادها وعجمها وأوروبيها وفارسيها الخ مشاعرهم تجاه أحداث الأمة واحدة وهذا لا تجده بهذا الاختلاف القومي إلا في هذه الأمة وما من أحدٍ استطاع أن يقيم أمةً فيها كل القوميات والأجناس ومع هذا محشورة في هذا التوافق الفكري والعاطفي إلا محمد صلى الله عليه وسلم.

رابعاً وحدة المرجعية طواعية الكتاب والسنة ماذا قال الله عز وجل؟ ماذا قال رسول الله؟ وهذا لـ99% من هذه الأمة مرجعية لا تقبل النقاش.

خامساً قوة الثقة بالنفس كم هذه الأمة لقيت هجمات استعمارية من عام 1917 إلى الآن أنواع الاستعمار بريطاني وفرنسي وهولندي وأمريكي وأسباني ما بقت دولة إلا وصبت جام غضبها وهذا الأمر مستمر إلى هذا اليوم وقد يكون إلى الغد ولكن الأمة واثقة من نفسها لم يزعزعها هذا والدعوة بأنها أمة إرهابية والإسلام فاشستي لا ينال من هذه الأمة من عواطفها شعرة. فالكل يعرف من نحن؟ وأي أمة نحن؟ وأي أمة وسطية هذه الأمة؟ (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا (12) النور) وحينئذٍ هذا الذي يقال في الإعلام لا يمر على أذن مسلمٍ من المسلمين إلا أذنٌ لهم كما قال تعالى (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ (47) التوبة) وهؤلاء الجواسيس انكشفوا انكشافاً مخزياً في الدنيا قبل أن ينكشفوا في الآخرة. حينئذٍ قوة التكافل الأسري ولا يوجد أسرة في العالم تشبه الأسرة الإسلامية بإخوانها وأخواتها وأعمامها وأخوالها هذا التكافل الأسري العجيب في الخير وفي الشر. تكافل اجتماعي: جوار وقبيلة وعشيرة وفي الخير والشر أيضاً. نظافة الأمة من الجرائم المنظمة وهذا ما لا تجده في أي مجتمع آخر غير مجتمع المسلمين اليوم النظيف برغم قلة الأدوات عندنا. سلامة الأعراض: مع الحلال والحرام. هناك العيب وهنالك فرق بين أن تساق بالقانون فقط كما هو في العالم كله فالقانون هو الحاكم وبدون قانون أنا أفعل أي شيء ولكن نحن لدينا العيب وهذا لا يليق وهنالك المروءة أمة قيمها حاكمة كحكم الشرع بل إن سطوة العيب أحياناً يكون أقوى من سطوة الحلال والحرام طمعاً في مغفرة الله أن الله غفور رحيم لكن الناس لا يرحمون. فالناس لهم رأي عام في العيب جعل هذه المجتمعات من أنقى مجتمعات الأرض. ما من أمة تذكر الله كما نذكره نحن في قيامك، في قعودك، خمس مرات تصلي، في اللقاء، في الاستغفار فكلمة الله على لسانك 24 ساعة وهذا فقط في هذه الأمة وهذا واقع الأمة وهذه أسباب قوتها ومجموعة من أسباب قوتها وهي أسباب لا تجدونها في أمة أخرى. معنى ذلك أن كل هذه القشرة الظاهرية من ضعف الأمة واستيلاء قوة خارجية عليها وتفرق كلمتها عارضٌ وهو زائلً لا محالة (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) وهذه دورة تاريخية في حياة هذه الأمة منذ أن جاء الإسلام وإلى يوم القيامة وهكذا هي الدنيا كرٌ وفر ولكن الشيء الأكيد الذي لا نقاش فيه ولا شك وكأني أراه بعيني أن مجد الأمة قادم وأن هذا الذي يجري فيه حصاد المنافقين (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ﴿60﴾ الأحزاب) ملعونين أينما ثقفوا. حينئذٍ هذه الأمة فيها هذه الجيوب، وهذه الجيوب لديها سلطة: صحافة وإعلام وجامعات ونفوذ سياسي وجيوش الخ حكمت قرناً من الزمان بهذا الأسن وآن الأوان أن تنظف هذه الأمة من تيارات تزعم أنها دينية أو أنها قومية أو أنها اشتراكية بانت عمالتها وبان سخفها وبان خطئها وخللها والأمة الآن واعية لكل ذلك وكل من يقتل اليوم أو يضام أو يسجن إنما يجتبيه الله اجتباءً. والأمة ستنظف في مستقبلها القادم لا محالة وهذا من وعد الله عز وجل لينصرن الله هذه الأمة على شرط بأن تتخلى من بعض ما ذكرنا من حيث أن أسباب الشقاق موجودة وهذا بدأ يزول وبدأت الأمة تتوحد في القواعد وإن كانت في القمم فيها بعض الاختلافات. حتى في القمم هناك مراجعات جادة نسأله تعالى أن تؤتي ثمارها. نصل من هذا كله إلى أن الله عز وجل ينصر هذه الأمة على ضعفها على شرط أن تنصره هي أولاً بهذه الأمور الخمسة الثابتة، ثم هناك نصر آخر الذي علينا أن نحققه نحن في ما بيننا أُمرنا نحن المسلمين أن ننصر المظلوم (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ (148) النساء) علينا أن ننصر المظلوم فإذا قللنا نسبة المظلومين في مجتمعاتنا نكون بذلك قد استدرجنا نصر الله عز وجل (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ) أي بِشِركٍ (وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) إذا كانوا يحققون العدل فيما بينهم وقد نصر الله الشعوب الغربية الآن لأنهم يحققون العدل فيما بينهم أما وقد دخل الغرب الآن كما دخلها في أول القرن العشرين، فالغرب بدأ القرن العشرين باستعمار العالم الإسلامي كله وأذاقوه الهول ثم انتهى الأمر ثم جاء القرن الواحد والعشرون وهاهم يفعلون نفس الشيء وثق أيها المسلم أنك أنت المنتصر من هذه اللحظة وإياك أن تنهار وأنت لا تنخدع فأنت لست إرهابياً أنت أمة وسط، رحيم، غفور، تقدّس سيدنا عيسى بقدر ما تقدس محمداً وتحترم التوراة والإنجيل بقدر ما تحترم القرآن. وحينئذٍ أنت وارثُ هذه الأرض فبعد هذه الهوجة أنت الوارث والعاقبة للمتقين وعليك أن تصبر قليلاً لكي تعلم أن وعد الله قادم لا محالة. ما من أحد سوف يرث هذه الأرض إلا أمة تحب الجميع، تؤمن بجميع الأديان، لا تظلم أحداً، لا تطمع في مال أحد، عندها من الخير ما يكفي، تحب كل الأديان، وتقدس كل العقائد، هذه الأمة فقط تفعل ذلك وهي قادمة لا محالة على أنقاض هذا الكفر والطغيان والاحتلال واللصوصية والسجون السرية والتعذيب الذي استشرى في كل العالم والبهتان. كل هذا زائل لا محالة وهذه من طبيعة الحياة والله غالبٍ على أمره. إذاً من النصر المقدس أن تنصر مظلوماً ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “من رأى مظلوماً وهو قادرٌ على نصرته فلم ينصره خذله الله يوم القيامة ومن نصر مظلوماً نصره الله يوم القيامة” ولذلك يقول الله عز وجل (اتقوا دعوة المظلوم فإن الله يرفعها فوق السحاب ويقول وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين) فتجحفل مع المظلوم. كل مسلمٍ يرى مظلوماً فيقف إلى جانبه ولو بكلمة ولو بشق كلمة فقد استمطر رحمة الله له. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “من أعان على قتل مسلمٍ ولو بشق كلمة بعث يوم القيامة مكتوباً على جبينه آيس من رحمة الله” رحمة الله يوم القيامة تسع كل شيء (ليرحمن الله الناس رحمة يوم القيامة يتطاول لها إبليس) واحد فقط يائس منها: من يقتل مسلماً متعمداً ظلماً (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :” لا يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً” تقتل رجل يقول لا إله إلا الله بأي حجة كما هو حاصل في هذه الدول البائسة التي ابتليت باحتلال خارجي وعلماء فسقة طائفيين، عملاء، قصيري النظر، جعلهم الله سبحانه وتعالى حطب جهنم كما قال صلى الله عليه وسلم :” لا تقوم الساعة حتى يكون علمائهم ظُلّامهم منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود” هذا يكفر هذا ويستحل دمه والآخر يكفر هذا ويستحل دمه وهذا الذي يجري والكل في النار “إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار”.

بُثّت الحلقة بتاريخ 3/11/2006م وطبعتها الأخت نوال جزاها الله خيراً من السعودية وتم تنقيحها