الحروف في القرآن الكريم, حرف العين

حرف العين – منظومة آلية الوصول إلى الله (العروة الوثقى)

اسلاميات

 

منظومة  آلية الوصول إلى الله

حبل الله– العروة الوثقى – الصراط المستقيم – سواء السبيل – الكعبة

عندما تريد أن تصل إلى مكان ما كأن تريد أن تسافر إلى بلد آخر، هذا السفر له شروط وأسباب وأركان وله آلية. من شروطه أن يكون لك جواز سفر، أن تكون لك مصلحة في البلد الثاني، أن يكون عندك مال. أما الآلية فأنت تسافر في سيارة، في طائرة، تحصل على فيزا، يكون عندك خارطة، أن تتحمل الغربة، أن يكون عندك ثقافة بالبلد المسافَر إليه أو لديك مهمة مناطة بك كمحاضرة أو اجتماع. ما هي آلية الوصول إلى الله عز وجل؟ كلنا خُلٌِنا لعبادة الله عز وجل وهدفنا مرضاته فكيف نصل إلى الله عز وجل؟ رب العالمين سبحانه وتعالى تكلم عن هذا الموضوع في كل كتابه، هذا الكتاب العزيز من بدايته إلى نهايته: كيف تبتعد عن النار؟ كيف تدخل الجنة؟ ميف يرضى الله تعالى عنك؟ كيف يغضب الله تعالى عليك؟ ثم هذا العمق الهائل في كل جوانب الحياة. إذن ما هي آلية الوصول إلى الله عز وجل في كتابه الله العزيز؟ على قدر ما أحصيت وجدت المصطلحات التالية التي لم أجد لها فرزاً أو توصيفاً أو تحديداً محدداً في أي من الكتب التي لدي وربما تكون في كتب لم أطّلع عليها. هناك كلام كثير لكن لا يُشفي ولا يَشفي مثل كلمة “حبل الله المتين” (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ (103) آل عمران) حبل الله من آليات الوصول، الصراط المستقيم (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ (153) الأنعام) هذا الصراط يوصلك إلى الله عز وجل وهو آلية من آليات الوصول إلى الله تعالى فما هو الصراط المستقيم؟. سوءا السبيل (وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (108) البقرة)، صراط مستقيم وسواء السبيل ما الفرق بينهما؟ وما معنى كل واحدة؟ العروة الوثقى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) البقرة)، الكعبة (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ (97) المائدة) الكعبة آلية من آليات الوصول إلى الله عز وجل مع أن المساجد لله كثيرة. جعل الله تعالى الكعبة البيت الحرام قياماً للناس وأمناً ومجداً وعزاً ووصولاً ومغفرة ووحدة بين شتات المسلمين المتوزق. إذن هذه المصطلحات القرآنية ينبغي في برنامجنا هذا الذي يقوم على وضع التفاصيل الدقيقة بين كلمة وأخرى مما ظوه المفسرون على امتداد 15 قرناً أنها شيء واحد، ينبغي أن ندلل على أن كل كلمة منها تعني جانباً أو أداة أو آلة من آلات الوصول إلى الله عز وجل غير الآلة الثانية والمصطلح الثاني. فالصراط المستقيم غير سواء السبيل والعروة الوثقى غير حبل الله المتين.

حبل الله: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ (103) آل عمران) الحبل هو الذي يوصلك إلى العمق، السيارة توصلك إلى الأفق والطائرة توصلك إلى الجو والحبل يوصلك إلى الأعماق أو ينتشلك من الأعماق فهو وصول، وصول إلى الهدف إما ينزل بك إلى قعر بئر تفجر منه بترولاً أو تستخرج منه مادة ثمينة أو أن تتردى في هاوية عظيمة وحفرة سحيقة فيمد لك الحبل فينقذوك منها. في الحاتين هو آلة وصول، هو آلة الوصول إلى الأعماق (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ) (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ (112) آل عمران) بني إسرائيل إذا وقعوا في هوة عظيمة من الذل والمهانة لا ينقذون منها إلا بحبل يمده الله تعالى لهم أو يمده الناس لهم لكي ينقذوهم مما هم فيه وهذا واقع الحال. حبل الأميركيين والأوروبيين هو الذي ينقذ اليهود مما هم فيه ولولا حبل الناس لما بقي اليهود في فلسطين. وفي التاريخ أنقذهم الله تعالى ومد لهم حبله لينقذهم من فرعون، هذا الحبل. ما هو الحبل الذي يوصلنا للأعماق؟ هو القرآن حصراً، قال r: إنه مأدبة الله عز وجل، وهو حبل الله المتين والنور المبين عصمة لمن تمسك به لا يعوج فيقوّم ولا يزيغ ولا يخلق على كثرة الرد. حبل الله إذن القرآن الكريم هو الذي يوصلك إلى العمق.

قال تعالى (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) المزمل) كل جيل وكل عصر يأتي بالأعاجيب وتجد له في كتاب الله عمقاً عجيباً فهو لا تنقضي عجائبه ولا يخلق على كثرة الرد. إذن هذه العجائب في كتاب الله تعالى هو العمق الذي ينبغي أن يصل بك إلى مراد الله عز وجل. فالقرآن الكريم هو حبلك إلى مرادات الله عز وجل العميقة الثقيلة (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا) (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا (87) النساء) (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً (122) النساء) (قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ (28) الزمر) لا يمكن أن يحدث في الكون شيء يدل تناقض القرآن. كم شهد هذا العصر الذي نحن فيه من العجائب والاختراعات العلمية في السموات والأرض ولكن لم يحدث شيئاً واحداً يناقض القرآن الكريم (قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ).

هذا الشيء الثقيل هو حبل الله المتين ” تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً”. هكذا القرآن الكريم هو حبل الله المتين حصراً كما نصّ على ذلك النبي r صراحة. جعل الله تعالى هذا القرآن الكريم، هذا القرآن شيء ثقيل فكيف تحمل شيئاً ثقيلاً؟ إذا كان عندك صندوق ثقيل فيه جواهر لا حصر لها لا يُحمل هذا الصندوق إلى بطريقة واحدة وهي أن تكون له عراوي وثيقة. لا يُحمل هذا الشيء الثقيل إلا من عروة فكيف تحمله وهو صندوق ثقيل؟ وحتى لو استطعت أن تحمله فلا بد أن يسقط من بين يديك. فإذا كانت له عروة وأنت تحمله من العراوي فقد تملّكت ناصيته وتشبثت فيه واستقر بين يديك وتستطيع الدفاع عنه والاستفادة منه وأن تضمه وأن ترفعه وأن تفتحه وأن تغلقه من عراويه. وتأمل كل شيء حولك ثقيل إن لم تكن له عروة فأنت في مشكلة في حمله والاحتفاظ به والانتفاع منه ومشكلة في أن تتعامل معه. إذا كان له عروة تحمله بسهولة (فقد استمسك بالعروة الوثقى).

العروة الوثقى: العروة الوثقى كما في القرآن الكريم تعني ثلاثة (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) البقرة): أولاً التوحيد (ويؤمن بالله) لكي تتعامل مع القرآن وتملك ناصيته وتغوص في أعماقه لا يمكنك أن تفعل ذلك إلا أن توفر له الأسباب التالية: أولاً التوحيد وثانياً الكفر بالطاغوت (فمن يكفر بالطاغوت) والطاغوت هم الكهنة والمرجفون والسادة الكبراء والذين يطذبون على الله والمحرّفون الذين يحرّفون الكلِم، كل هؤلاء المتغيّشون على الشرائع من يهود ونصارى ومسلمين، كل فرق اليهود والنصارى والمسلمين التي تفرقت وتحاربت وتضاربت وستبقى إلى يوم القيامة من فئات وحزبيات ومهبيات وملل إفترقوا إلى بضع وسبعين شعبه كلها في النار إلا واحدة. كل هذا جاء من الطاغوت (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) الأحزاب). إذن العروة الوثقى هي أنك أنت تحمل هذا القرآن الكريم وتستطيع أن تتعامل معه ويجعله آلية من آليات الوصول إلى الله عز وجل إذا تمسكت بالعروة الوثقى. وعروة الله الوثقى هي التوحيد (ويؤمن بالله) والكفر بالطاغوت (فمن يكفر بالطاغوت) وهذا فيه كلام طويل (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً (51) النساء) واليهود أضلّهم بعض الأحبار المحرّفين وعّاظ السلاطين مندسين أناس حرفوا في الديانات كلها. عليك أن لا تنخدع بأي طاغوت كان سواء سيّد أو مُلاّ أو حاكم أو فئة أو حزب أو مذهب أنت عندك شيء لا يجعلك تضل ولا تتيه، حبل الله القرآن إذا تمسكت به لن تنخدع بهؤلاء على شرط أن تكون موحداً بلا قبور ولا أضرحة ولا فلان، لا إله إلا الله فلا تأتي نبيّاً ولا شاخصاً ولا غيره. وثالثاً الإخلاص في العمل (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) لقمان).

لاحظ الدقة القرآنية العجيبة (فقد استمسك بالعروة الوثقى) ما قال تمسك وإنما قال إستمسك. مثلاً إذا نازعني أحد في قلمي أقول تمسكت به أي لا أعطيه إياه وعندما أقول استمسكت به فهذا يعني أنه يتفلت مني وأنا أمسك به وأتابعه لشدة قوة العدو أو لضعفي أو غيره. فقال تعالى (فقد استمسك بالعروة الوثقى) يشير عز وجل بكلمة إستمسك إلى أن هذا ليس سهلاً: أن تبقى على السبيل والسُنة أو الصراط المستقيم ليس سهلاً وعليك أن تستمسك به. يأتيك من يقول لك تعالى كُن من الخوارج أو النواصب أو الروافض أو غيرها من دعاوى التاريخ الإسلامي الملئية والتي أسالت دماء المسلمين أنهاراً وولغ هؤلاء المحرفون المنحرفون بهذه الدماء وقتلوا العلماء والأولياء والخلفاء الراشدين والصالحين وقتلوهم تحت دعاوي سخيفة كل منهم حفظ آية وفسرها على هواه وجزّأ القرآن (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) الحجر) ثم أفتى بقتل المسلمين كما نسمع الآن وهو وحده في الجنة والباقون في النار لكن عليك أن تعلم أنك أنت الباقي على الله، أنت الباقي على حبل الله ليس من السهولة أن تتمسك بالعروة الوثقى عليك أن تستمسك وكلما حاولوا أن يفتحوا يديك وأن ينفلت من بين يديك إرجع وتمسك مرة ثانية. فالاستمساك هو معاودة التمسك كلما أفلتوك سحبوك إما خوفاً أو إغراء بالمال أو إقناعاً أو عصبية أو جاهلية عُد كما قال r ” المؤمن كالفرس في أخيّته يجول ويجول ويرجع إلى أخيّته” فالفرس الجميل يوضع في مكان جميل يليق يه والفرس يجول لكن من أصالته يعود إلى أخيته وفيٌّ من أصالته يعرف قدر نفسه وأين موقعه وأين مكانه، هكذا هو المؤمن كالسنبلة تميل تارة وتستقيم أخرى. هذا شأن المسلم يخطئ يوماً ثم يعود (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران). لأن الجواد أصيل يرجع إلى أخيته ولكل جواد كبوة لكنه يقوم من كبوته ويجول ويصول كما تصول الأسود لذا قال تعالى إستمسك. كلما تفلت يدك إستمسك إلى أن تتمسك في النهاية لذا قال تعالى (فقد استمسك بالعروة الوثقى) إذا كنت لست موحداً لن تستفيد من هذا الحبل المتين. أنت وحبل الله نقيضان أنت تؤمن بوليّ ينفع ويضر، تؤمن بقبر ينفع ويضر فأنت غبي لا تستحق أن تتعامل مع هذا القرآن. (أفلا يتدبرون القرآن) هذا القرآن لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم والراسخ في العلم يقول لا إله إلا الله. من هذا القبر الذي يساوي الله عز وجل؟! من هو الولي أو الصالح أو المزار الذي يساوي الله عز وجل؟! عندما يرون آلهتهم في النار يوم القيامة يقولون (قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) الشعراء) هذا طاغوت وقد يكون عالماً أو كاهناً أو إماماً خطيباً أو رئيس فرقة أو رئيس حزب أو جماعة أصولية أو حاكماً مستبداً وهناك من الحكام من حرّف وزيّف ومنهم من ألغى الصيام وألغى الحج وكل واحد يدّعي بأنه من سلالة النبي r وكل واحد يدّعي أنه صاحب الشرع وغيره لا يفهم وهماك علماء يوافقونه على ما يقول فيصير الناس أحزاباً وطوائف وناس تقتل ناس. وتاريخنا منذ موت النبي r مليء بهؤلاء والطائفية في هذه الأمة قدر. (وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) الأنعام) قدر هذه الأمة بل قدر جميع الديانات السمواية أن تتشزر إلى طزائف بعضهم يقتل بعضاً وقد أخبر النبي r بذلك حصراً ” عليكم بكتاب الله عز وجل” دوروا مع القرآن حيث دار. هذا حبل الله المتين كما جاء في الحديث الصحيح. قال تعالى (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (179) آل عمران) ليس كل المسلمين أنصار ومهاجرين ورضوانيين. إذن حبل الله هو القرآن والتعامل معه ينبغي أن يكون بالعروة الوثقى. عراوي هذا القرآن التوحيد الخالص والكفر البطاغوت ولا يغشك صاحب لحية أو صولجان أو مال، ثم الإخلاص (ومن يسلم وجهه لله) أنت تعمل بهذا القرآن لوجه الله قد تخسر مالاً أو منصباً لا يهمك ولكن المهم الآخرة، حسبُك خرقة تيتر عورتك ولقمة تسد جوعتك وإن كان لك سقف يظلك فبخٍ بخٍ. بهذه العراوي أنت إستمسكت بالعروة الوثقى لأن هذا ليس سهلاً أنت تؤمن فقط بالله لا إله إلا الله وكل من يصلي للقبلة فهو أخوك ما لم يصب من دمك فإذا أصاب من دمك فقد صار من أمة أخرى ” لا يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً فمن وضع سيفه فيك فقد خرج من هذه الأمة” هذه هي العروة الوثقى.

بعد حبل الله الذي هو القرآن والعروة الوثقى وهي التوحيد والكفر بالطواغيت وما أكثر الطواغيت: السامري صنع لبين إسرائيل عجلاً له خوار والناس تسمع كلام الطواغيت (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) الأنفال) (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا (112) الأنعام) هؤلاء علماء ومرجعيات وسحرة ورؤساء وأحزاب وحكومات وأصحاب مال أناس يخترقونك، دول عظيمة تخترقك وكل هؤلاء طواغيت (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله) ومن يسلم وجهه لله أو إخلاص كامل لا تشتري به عرض الدنيا ولا تشتري به ثمناً قليلاً أنت تكون قد إستمسكت بالعروة الوثقى وتستطيع الوصول إلى الله تعالى عن طريق حسن التعامل مع القرآن لأنك حملت القرآن الثقيل من عراويه التي بها يسهل حمله والاستفادة منه.

الصراط المستقيم: أقرب الطرق وأقصرها بين نقطتين كالسد بين جبلين أو جسر بين ضفتي نهر أو وادي هذا طريق سهل ولا يمكن أن تتيه فيه. الصراط المستقيم قصير وقوي ومتين وواضح ويوصلك إلى الهدف مباشرة. الصراط المستقيم ليس كل القرآن وإنما بعض القرآن الكريم. حب الله المتين هو القرآن والصراط المستقيم هو الثوابت التي لا يختلف فيها إثنان (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)) ما الذي أنعم عليهم؟ (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا (69) النساء) الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين لم يختلفوا في يوم من الأيام على ثوابت دياناتهم. هل إختلف المسلمون على الصفحة الأولى من المصحف؟ إذا نظرنا في المصحف نجد الفاتحة بشكل مزخرف جميل ويقابلها بداية سورة البقرة بداية القرآن. الفاتحة قرآن كامل (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) الحجر)، بداية القرآن هذه الصفحة الجميلة (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) البقرة) يؤمنون بالغيب يصلون ويزكون ويؤمنون بالرسل السابقين وبالآخرة أولئك على هدى من ربهم هذا هو الصراط المستقيم.

(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) أي أنعم عليهم بالصراط المستقيم. هناك فرق بين الصالحين وبين الذين آمنوا وعملوا الصالحات. كلنا نعمل الصالحات لكن البعض تطوّر حتى صار من الصالحين. الصالحون أبطال الصلاح هؤلاء أنعم الله عليهم بالصراط المستقيم أي الثوابت التي لا يختلف فيها أحد. لا الأنبياء ولا الصالحين ولا الشهداء ولا الصديقين تجد فيهم من هو طائفي. هؤلاء هم أصحاب الصراط لأنهم يأخذون من الدين المتيقّن ويبتعدون عن الشبهات التي تؤدي إلى الشقاق كما قال r أخشى عليكم اللبن والكتاب يتاوله الناس. كل أصحاب الطوائف أخذوا آية ثم فسروها كما يشاءون وتبعهم بعض الأغبياء حتى صاروا طائفة وقتلوا الخلفاء والمسلمين والعلماء كما يحصل الآن من تفجير الناس والأسواق بإسم الإسلام، هؤلاء لا يمكن أن يكونوا من أصحاب الصراط المستقيم. كل النصوص تقول أنه لا يجوز قتل مسلم.

حبل الله المتين هو القرآن، العروة الوثقى أدوات التعامل مع القرآن بفهمه وعمقه، الصراط المستقيم هو الأحكام الواضحة التي لا يتختلف فيها أحد (الصلاة، الزكاة، تحريم الميتة، وغيرها) يتعاملون مع هذه الآيات لذا يصل بأقرب الطرق من الشِرك إلى الإيمان ومن العداوة إلى البغضاء. الصراط المستقيم هو الطريق القصير المتين الذي ينقلك من حافة إلى حافة كالجسر بين ضفتين، هل سمعتم أحداً تاه على جسر نهر؟ الجسر ينقلك من ضفة إلى ضفة، طريق واضح يحبث لا يمكن أن تتوه فيه وكل من يريد العبور لا يجد إلا هذا الطريق القصير الموصل إلى الهدف مباشرة دون أن يعوج أو يتفرع وواضح وضوح الشمس.

سواء السبيل: (وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (108) البقرة) الطريق الطويل عندما تعبر الجسر تسير في شارع طويل في الغالب يكون على جانبيه رمل أو شوط أو مياة آسنة أو حجارة. الطرق بعد الجسور تسمى سبيلاً وهي طويلة جداً وأحياناً يمر بغابات، بأشواك، برمال، وآمن مكان فيه هو وسطه. سواء السبيل أي وسطه وأنت تمشي في منتصف الطريق بتؤدة وبسرعة معينة في غاية الراحة تبتعد عن الرمال والحجارة على جانبيه، فهو طريق سهل واضح مبني على السعة وهناك مجال تتوقف فيه وإستراحات وغيره ليس محدداً ولا يمكن لأحد أن يتوقف على الجسر وإنما على السبيل يمكن أن ترتاح وتتوقف. السبيل فيه سع. ما عدا ما قلناه الإيمان بالله (الأركان الخمسة) الغيبة حرام، هذا صراط مستقيم وهناك أمور فيها سعة فيها حدودية يمكن أن تصلي الظهر بين الساعة 12.30 والساعة 3.30 قبل 12.30 لا يصح، تلك حدود الله فلا تقربوها وبعد 3.30 لا يصح، تلك حدود الله فلا تعتدوها، هذه السعة كما قال العلماء : رفع الحرج، التدرج في التشريع، الحدود العليا والدنيا. هذه السعة تسمى سواء السبيل ونسميها ما عُلِم من الدين بالضرورة. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (1) الممتحنة) عدو يريد أن يخرجكم من أرضكم كيف توالونه؟ هذا محتلّ فكيف تماريه؟ كيف تخون شعبك وأرضك؟ هذه بديهيات كيف يفعلها الجاسوس؟ (وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ) عندك سعة يمكن أن تناور، تعقد حلفاً، تتفاوض، طريق طويل أما أن تصير عميلاً أو جاسوساً! هذا مما عُلِم من الدين بالضرورة. سواء السبيل الأمور السهلة التي لا تحتاج لكثير عمق فهم وإنما هي ممن شملهم الدين بالضرورة. الذي يصل سواء السبيل من باب أولى أن يصل الصراط المستقيم.

الكعبة: (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ (97) المائدة) كما أن حبل الله ميزان آلة من آلآت التعامل مع الله، العروة الوثقى آلة من آلآت التعامل مع الله، الصراط المستقيم آلة من آلات التعامل مع الله، وسواء السبيل آلة من آلآت التعامل مع الله تعالى، الكعبة كذلك (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ) آمِن (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا (97) آل عمران) كل الناس تلبّي بلباس واحد أبيض، كل المذاهب والطوائف هناك فقط مسلمون، هذا الطاغوت الذي وراء الأسماء والعناوين لا يوجد هناك وإنما كلهم مسلمين يلبّون الله تعالى (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ) قياماً للناس وأمناً وعزّاً. الكعبة البيت الحرام قياماً للناس، كل المساجد بيوت الله لكن لماذا نقول هذا المسجد للشيعة وهذا للسنة وهذا لفلان؟ هناك فرق بين هذه المساجد وبين البيت الحرام فهذه الجوامع بيوت الله بإختيار البشر فهذا جامع السنة وهذا للشيعة وهذا لعيرهم أما الكعبة فهي بيت الله بإختيار الله عز وجل (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ) ليس إبراهيم u إنما الله تعالى أوحى له أن يذهب ليرفع القواعد. الكعبة إذن آلة من آلآت الوصول إلى الله تعالى ولو نعرف ماذا يعني الحج المبرور الذي ليس له جزاء إلا الجنة، هذا الذي يتوحد المسلمون فيه فلا تفرق بين سني وشيعي ووهابي وغيرهم، هذا الذي يتوحد فيه المسلمون وحينئذ جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس، العبادة فيه بمائة ألف والخطيئة فيه بمائة ألف وتنظيفه وأمنية المسلم أن يحج وكلما حجّ يزيد شوقه لها أكثر.

هذه بإختصار آليات التعامل مع الله عز وجل: حبل الله المتين هو القرآن والتعامل مع القرآن لا يكون إلا بالإستمساك بالعروة الوثقى، تؤمن بالله وتكفر بالطواغيت – وهناك من يفسر بعض الآيات على حسابه فيقول قوله تعالى (لا يصلاها إلا الأشقى) يقولون هذا أبو بكر رضي الله عنه – هذا من فعل الطواغيت الذين جلسوا يفكرون كيلة حياتهم بتمزيق هذه الأمة وخسئواز قال r: ” كل أمتي في الجنة إلا من أبى” ويقول تعالى (وإن كان كبر عليك إعراضهم) هذا مكر الله فعليك أن تستمسك بالعروة الوثقى وهذا ليس سهلاً، إنسلخ من كل الطواغيت والأحزاب التي تشيع البغضاء، هؤلاء كلهم طواغيت كما قال دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها، (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج) هذه حجة الله البالغة يوم القيامة. لذا عليكم أن تكون مسلمين فقط وكل من يقول لا إله إلا الله فحرام قتله ” إذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم” يأتي من يحرق المسلم في بيته وأهله أي طواغيت هذه؟! الطواغيت زعماء الفتنة كما قال r في رحلة الإسراء والمعراج عندما رأى رجالاً تقرض شفاههم بالمقاريض فلما سأله جبريل u عنهم قال هؤلاء خطباء الفتنة.

بُثّت الحلقة بتاريخ 23/2/2007م