الحروف في القرآن الكريم, حرف العين

حرف العين – منظومة العبث (عبث)

اسلاميات

 

منظومة  العبث

العبث– اللعب – اللهو-  اللغو- الخوض

وصلنا إلى حرف العين والباء وتطالعنا كلمة عبث والعبث كلمة من منظومة في كتاب الله عز وجل هي العبث واللعب واللهو واللغو والخوض. هذه خمس كلمات تدل على اتجاه واحدٍ في معنى واحد ولكنه في كل كلمة معنىً آخر أو زيادة في المعنى لا تحتمله ولا تحمله الكلمة الأخرى والقرآن الكريم يرسم بالكلمات المعنى الذي يريده الله عز وجل.

العبث: اختلاط أمر صحيح بفعل يفسد أغراضه. مثلاً أنت تبني بيتاً وهذا عمل جميل وعمل جليل وعمل جيد ولكن تضع فيه تمثالاً على الباب كما نرى في بعض البيوت من وضع طيور أو غزلان كتماثيل، أنت أفسدت هذا البيت وهذا يسمى عبثاً فأنت خلطت الأمر الجيد وهو بناء البيت خلطته بأمر أفسده وأن هذا التمثال الذي هو كامل بروح منهيٌ عنه في الإسلام وقد أُمرنا بتكسيره وإزالته وكل مسلم يمر في الشارع ويرى هذا يفكر في قلبه أن صاحب هذا البيت قد أفسده هذا عبث. كمن يضع في الشاي ملحاً والشاي طيب لذيذ – ويعتبر الطعام الرئيسي لبعض الشعوب – فبذلك يكون أفسده فهذا عبث فكل شيء جيد يخالطه شيء يفسد غاياته وأهدافه وحسن استعماله يسمى عبثاً (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴿115﴾ المؤمنون) ( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ ﴿128﴾ الشعراء) أنتم تبنون جيداً يا قوم عاد، تبنون بيوتاً عظيمة وتنحتون من الجبال بيوتاً الخ أما أن تبنوا أبنية عالية وكلها تماثيل وتُعبد فأنتم أفسدتم هذا البناء لأنه صار عبثاً من حيث دخله ما يفسده، ولو لم يكن- بالنسبة للتماثيل – أي أثر إلا أن الملائكة لا تدخل هذا البيت لكفى. والصورة الاعتيادية الصورة المائية حسب ما أرى ولست أنا الذي أرى يرى بعض الفقهاء كشيخ الأزهر عندما سألوه عن حكم هذه الصور فأجابهم شعراً قائلاً:

حبست لكم ظلي بهذا لأنني            يعز على قلبي فراق أحبتي

فإن كنت في الأحياء فقلبي يحبكم      وإن كنت في الموتى ففي الحيّ صورتي

قال حتى هذا الحلال الملائكة لا تدخل. برغم كونه حلالاً لمزاج الملائكة فالملائكة لها مزاج خاص فكون رجل في بيته يصبح جنباً مع زوجته هذا حلال لكن إذا كنت جنباً الملائكة كلها تخرج فهذا مزاجها وإذا اغتسلت تعود،أو أن يكون هناك كلب فأنت قد تحتاج كلب للحراسة الملائكة لا تدخل هذا مزاجها. وحينئذٍ الصورة هذه الحلال لا تدخل الملائكة فما بالك بالحرام وهو التمثال المجمع على حرمته التماثيل لأنها كانت تعبد على أن بعض الفقهاء وهم قلة قالوا برغم كونها هكذا إنما زال السبب كما زال كثير من الأمور التي هي محرمة في بداية الإسلام ثم أبيحت لأن السبب زال كالأكل والشرب في أواني الخمر. ومع هذا شاهدنا أنه ربما تفعل فعلة جيد وتقوم بعمل جيد من بناء إلى مشروع إلى علم إلى تأليف كتاب وقد قرأنا بعض الكتب فيها خير كثير ولكن فيها شيء اعوجاج مجمع عليه صادم نصاً وإجماعاً أفسد هذا الكتاب. حينئذٍ هذا يسمى عبث مأخوذ من عبثية القوم كأن يكون هناك قبيلة بني فلان من عشيرة واحدة من قومٍ معينين دخل بكم أغراب مجهولون يسمى هؤلاء عبثيون أن فيكم ناس أفسدوكم. والذين قتلوا سيدنا عثمان غير معروفين أناس جاءوا إلى المدينة المنورة ومنهم من يقول أنهم من اليمن أو من مصر وحاصروا الخليفة وقتلوه ولا أحد يعرف من هؤلاء؟ دخلوا إلى المدينة التي هي المدينة فيها الأنصار والمهاجرون والرضوانيون الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه فلما دخل هؤلاء أفسدوهم وكل الناس يلومون الصحابة الكرام كيف بقيتم ولم تنصروا عثمان رضي الله تعالى عنه؟ إذاً هذا يسمى عبثية القوم. ومنها عبثية الغنم إذا اختلطت غنمك بغنم مجهولة هزيلة ويقال له أين ذهبت بعبثيتك؟ ومنها اشتقوا كلمة العبث كما في اللغة العربية لكل شيء جيد يُفسده شيء اختلط به يسمى عبثاً. كأن يكون هناك شخص يذكر الله فيقول سبحان الله ويكررها ثم يقول كلمة جدار ويكررها فهو عابث، إذاً هذا هو العبث.

اللعب واللهو: اللعب وليد الرغبة، اللهو وليد الهوى. فكونك أنت تلعب مع أولادك بالحصى أو الطاولة أو الورق هذا يسمى لعب غير متمكن من قلبك ولست هاوياً ولكنك أردت أن تستروح وتضيع وقتاً وبعد خمس دقائق ينتهي الأمر وقد لا تعود إليه. فاللعب هو ما ترغب به للترويح وتتركه بعد برهة وتزهد فيه هذا لعب فهو لا يتمكن من قلبك.

اللهو: هو وليد الهوى وهو مجموعة الشهوات. منظومة الشهوات (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ ﴿14﴾ آل عمران) الخيل هوى، النساء هوى، أولادك هوى، الذهب والفضة هوى، والمزارع والبساتين هوى فهذا يشغل بالك ليل نهار. اللعب يشغلك برهة والهوى يشغل معظم وقتك. والقرآن الكريم مرة يقول (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ (36) محمد) ومرة يقول (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ  (64) العنكبوت) النسبية فمن الناس من يلعب كثيراً ويلهو قليلاً والعكس صحيح. فأنا خالطت بعض التجار وقد كانوا طيبين هذا التاجر من الصباح إلى المغرب يتذكر أنه إلى الآن لم يتناول الغداء فبيعه وشراءه وربحه وماله رغم أنه كان من التجار البسطاء لكن يربح كثيراً فيجلس في المحل من الصبح إلى الليل فينسى الغداء وكنا نكلمه في الدين وهو يسأل عن البضاعة الفلانية وكنا مرة في رمضان على وشك الإفطار وقبل الإفطار الناس يذكرون الله عز وجل هو يسأل عن القماش الفلاني كم صار سعره فعندما كلمناه قال هذا الأمر ليس بيدي فأنا لا أحسن الكلام إلا في هذا والكلام في هذا متعتي هذا لهوٌ. ولهذا الغناء لهو، الفنون لهو، كما قال صلى الله عليه وسلم “هلا بعثتم معها لهواً” يتمكن من القلب فليس هناك من سمع أغنية في حياته ثم ترك الغناء بل على العكس يستمر في سماع الغناء حتى لو تاب من ذلك يحنّ دائماً إلى أن يسمع الغناء. وحينئذٍ الفرق بين اللعب واللهو إذاً أن اللعب لا يشغلك عن واجب (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ (12) يوسف) خمس دقائق، ساعة ويعود وانتهت اللعبة أطفالنا كلهم يلعبون باللعبة يوم يومين ثم يكسرها ويرميها زهد فيها. أما اللهو أمه يلهو بها هواه أمه هواه لا يمكن أن يتركها. إذاً اللعب وليد الرغبة وأنت تزهد فيه حالاً، واللهو وليد الهوى ولا تزهد فيه حتى لو تبت فقلبك يحن إليه. ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم حرّم الشرب بأواني الخمر حتى لو تشرب بها ماء لأنها تذكرك لأنه هوى تمكن من القلب. هذا العبث واللعب واللهو.

اللغو: اللغى كفتى السقط كل شيء سقط وما لا يعتد به من الكلام. كأن يتكلم شخص ما كلاماً لا قيمة له، لا ينفع بشيء، لا معنى له، ليس بذي قيمة، لا يصغي إليه وينتقده الناس عليه يسمى هذا لغى، لغى كفتى لا فيه نافع ولا فائدة مأخوذ من صوت العصافير. وانظر إلى دقة اللغة العربية ودقة أصحاب المعاجم: صاحب كتاب “تاج العروس” يقول كصوت العصافير ولم يقل كصوت الطيور لأن من الطيور ما فيها صوت جيد كالبلابل البلبل صوته جميل فعندما يغرد وتسمعه فيه نفع لكن العصفور لا هو مطرب وليس له معنى فهو لغو. فبما أن صوت العصافير يسمى لغى استعملوه على كل كلام لا قيمة له. فلا هو مطرب وليس فيه حكمة أو جمال أو خبر فهو كلام سقط وتجد أحياناً بعض الناس تكون مشغولاً وهو يكلمك وتريده أن يسكت فكلامه لا قيمة له وضياع للوقت يسمى هذا لغوٌ، كما قال تعالى (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ (55) القصص). واللغو في الأَيْمان الذي ليس له معنى كأن تسأل شخص إلى أين تذهب فيرد والله إلى البيت رغم أنه لم يطلب منه الحلف ولم ينكر أحد عليه هذا هل هو حق من حقوقي؟ فحينئذٍ يسمى لغواً لأنه لا معنى له فالقصود في هذا الدين أساس العمل. ولهذا هذا هو الفرق بين اللغو واللغط . فاللغط هو كلام ليس من شأنك رغم أنه كلام جيد ولكن ليس من شأنك كأن تقول لماذا لم يذهب الملك ليتغدى في المكان الفلاني؟ وهذا ليس من شأنك يسمى هذا لغط فاللغط أن تتكلم كلام معقول ومفهوم لكن ليس من شأنك. اللغو الكلام في أصله ليس له معنى مثل صوت العصافير ولهذا يقال: لغي بالماء أي يشرب ولا يرتوي. ولهذا لا بد من أن تتركه يسمى إلغاء وأنت لا تلغي شيء له قيمة فأنت لا تلغي إلا شيء ليس له قيمة ولا معنى ألغيته هكذا. هذا هو الفرق بين هذا وذاك في كتاب الله عز وجل. والملاهي ألآلات اللهو، والمقصود به الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ﴿8﴾ وَهُوَ يَخْشَى ﴿9﴾ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ﴿10﴾ عبس).

الخوض: وهو المرور في الماء الضحل لتعكره. هذا الماء عميق أنت تريد أن تحكم على هذا الماء العميق بما فيه من أسماك ولآلئ وأحجار كريمة وثروات ولحماً طرياً وأنت تخوض وتعكّر الصفو وتدّعي بأنك أنت ومن يغوص فيه واحد وهذه من شيم الجاهلين

تعلم آيتين وصار شيخاً      ويلحن كل وقت إن تلاهى

وما أكثرهم في تاريخ هذه الأمة وخاصة الآن فالكل يفتي ولا يرضى بالعلماء وهو لا يحسن أن يقرأ سطراً ويكفّر الآخرين ويسفّه الناس وهو لا يحسن أن يقرأ جملة واحدة بشكل صحيح. هذا إذا رُفِع العلم ونُزِّل الجهل وحينئذٍ هذا خائض (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ﴿45﴾ المدثر). هذا هو الخوض وهو أن تدعي أنك عالم وأنت جاهل، أن تدعي أنك حكيم وأنت أحمق، أن تدعي أنك محسن وأنت مسيء، هذا هو الخائض وحينئذٍ الذي لا يحسن شيئاً ويعتقد أنه يحسن كل شيء. (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ (68) الأنعام) وفعلاً تسمع أناس يتكلمون في المجالس كلام سقط إضافة إلى الجهل هناك قلة حياء فكيف تجرؤ تجلس بين الناس وتحدث بهذا الكلام السقط؟! هذا شاع الآن وهذا من علامات الساعة كما في الحديث “لا تقوم الساعة حتى يرفع العلم وينزل الجهل وحتى يتحدث بأمر العامة الرويبضة، قالوا: من هو الرويبضة يا رسول الله قال: الرجل التافه”. فهناك من ينصب نفسه عالم ويكفر هذا ويزندق هذا وله أتباع وأنصار ومتشيعون وهذا الذي يجري في الساحة الإسلامية اليوم مما هو من نوع الخبل كما قال تعالى في كتابه العزيز (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) (ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴿91﴾ الأنعام) ومن أفتى بغير علمٍ فقد كفر وكان الصحابة يدافعون ثلاثة: الفتية والإمامة والوديعة والُفتية هذه هي القاتلة فقد كانت تعرض على الصحابي فيقال له اسأل فلان إلى أن يمر على أكثر من شخص أو صحابي ولا أحد فيهم يفتي ومعهم علماء وهذه يوم القيامة مصيبة.

نتكلم عن اللعب: يقول الله تعالى (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ) كيف هذه الحياة والملوك والدول، إمبراطوريات، أمريكا، الإتحاد السوفييتي، والأميون والعباسيون والعثمانيون عاد ثمود فرعون كل هذا لعب؟ ونحن قلنا اللعب ما تزهد فيه، لعبة لا بد أن تنتهي. لكي تفهم معنى الآية يقول الله تعالى (قُرْآَنًا عَرَبِيًّا (2) يوسف) ارجع إلى كتب اللغة واقرأ ماذا تعني كلمة لعب هي ومشتقاتها؟ ستكتشف في النهاية أن كل هذا الكون وكل إنسان من آدم إلى أن تقوم الساعة حتى الأنبياء لا بد أن يكون قد اندرج في كلمة أو اشتقاق أو صيغة من صيغ اللعب. وهذه هي الطبيعة البشرية ولذلك خلقهم. ننقل من كتاب “تاج العروس” النبي صلى الله عليه وسلم قال “إنما العربية اللسان” لعِب يلعب لَعْباً مصدر لعب لعباً هذا أحد المصادر وهو العفوي منه أنت مررت بأشخاص ولعبت معهم ولم تكن قاصداً هذا يسمى لَعب بفتح اللام، لعب يلعب لَعِباً بفتح اللام وكسر العين هذا منظّم في فريق كرة قدم هذا لعب، لِعباً لعب يلعب لِعْباً  بكسر اللام أي مُتقن كأن يكون هناك في الفريق لاعب وسجل هدف هذا يسمى لعب لعباً لعب أي لعب، لعب يلعب تلعاباً وهو التعوّد على هذه اللعب فبقي لاعباً، عندنا تلعّب تلعّباً مرة بعد مرة وبشكل منظم. كل هذه نحن نطبقها وهناك من يذنب مرة واحدة لعبة واحدة، وهناك من هو لعبه منظم، وهناك من يكون لعبه مرة بعد مرة، وهناك من تعود على هذا اللعب تلعاباً. لاعَب أي لاعبت غيرك مثل المصافحة فيها مشاركة، أي هناك شخص آخر فأنت تلعب مع غيرك، كل من يسخّر غيره لصالحه بغض النظر عن مصلحة هذا الغير فهو يلاعب. كل شخص فأنت أصبحت أميراً، رئيس قوم، أستاذ جامعة، مديراً عاماً إذا سخرت أحد الناس لصالحك بغض النظر عن مصلحته فأنت لاعبته وهل منا من لم يلاعب يوماً؟ عندنا تلاعب تلاعباً أن يدخل على الجد ما هو من اللعب لدوافع من طمع أو بغضاء. وهناك من يلعب بالكلام أو بالشهادة أو بالأموال العامة أو بالألفاظ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا (104) البقرة) راعنا أي أنت راعٍ عندنا. ألعوبان كعنفوان وهو الماكر في اللعب فهو يلعب لكنه دائم فيه مكر من غش أو بهلوانيات وما أكثر اللعب في السياسة، في الاقتصاد، في العلم، في الرياضة، في الجوار، في الاجتماع، في الوظيفة، حتى في طلاب الجامعة هنالك طالب ألعوبان أي ماكر في استدراجك، في استجداء عطفك، فهو ألعوبان. لُعَبَة كهُمَزَة كثير اللعب في عدة أنواع من اللعب يلعب كل شيء هناك أشخاص يتخصصون في اللعب وهناك من يلعب على الجميع في كل مكان سواءً في السياسة تجد لديه لعبة وقد نسق مع سياسي في الاقتصاد، منسق مع تاجر في الوظيفة منسق مع مدير عام يلعب على الجميع وهؤلاء موجودين ويسمى لُعَبَة كهمزة فهو له لعبة مع كل شيء. لُعْبة كقُبة وهو من يلعب به فهذا الذي لعب به هنالك من أخذ منه مال وعده بشيء استدرجه لشيء وما أكثر ما يجري هذا الآن ويسمى لعبة إذا كان يلعب به مرة بعد مرة. الملعب هو موضع اللعب. اللُعبة بضم اللام هو كل جرم يلعب به، من نرد إلى شطرنج إلى لعب الأطفال. اللِعبة بكسر اللام لون اللعبة التي تلعبها، فأقول أي لِعبة تلعب؟ تلعب أنت قدم أو طائرة أو سلة أو ما شاكل ذلك؟ وحينئذٍ لو تأملت في كل هذا لوجدت أن كل إنسان تقريباً في هذا الكون لا بد أن يكون قد مر بالفعل لعب أو بأي مشتق من مشتقاته. إذاً هناك نصف الحياة فيها لعب والنصف الثاني فيها لهو وهي منظومات الشهوات من النساء والذهب والفضة والخيل وكل ما تشتهيه نفسك وتلذ به نفسك وترتاح إليه وتتعود عليه وتدمنه وتهواه فهو من اللهو الذي هو مسيطر على كل حياتنا من ألفها إلى يائها إلا من رحم ربي. هكذا هي الحياة لعب ولهو ويبقى الجزء اليسير (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿15﴾ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴿16﴾ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴿17﴾ آل عمران) أي وسط كل هذا الركام من اللعب واللهو هناك من أخذ نصيبه من اللعب المباح وأخذ نصيبه من اللهو المباح أيضاً ثم غيّر حياته حتى جعل كل أفعاله وأعماله في سبيل الله عز وجل. ولهذا تستطيع أنت أن تجعل حياتك من ساعة استيقاظك إلى ساعة نومك حتى طعامك وشرابك ونومك ولهوك هو في سبيل الله ما دمت تنوي به خيراً. فليس كل لهوٌ مذموم وليس كل لعب مذموم إلا إذا ألهاك عن واجب فهو مذموم. الحياة متشابهة فقد تستغرب أنت أن هذه الحياة كل جيل فيه عدة مقاطع تشغل الناس حديث الناس بحيث تتصور أن هذا أمر سوف يبقى قروناً وإذا به ما أن تمر أيام أو شهور أو سنوات إلا وانتهى كأن لم يكن (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿24﴾ يونس) وانظر إلا التاريخ من آدم إلى اليوم وإلى أن تقوم الساعة دول، إمبراطوريات، أناس شغلوا الدنيا وشاغلوا العالم وحديث زمانهم حتى ظن هو أنه لن يموت ولن يفنى ولن يبيد وانتهى الأمر وكأنه ليس موجوداً، انتهت لعبته انتهت اللعبة. ولهذا رب العالمين سبحانه وتعالى أمرنا أن نسير في الأرض لكي ننظر كيف كان عاقبة الذين من قبلنا لتكون عبرة، مدائن خربت أفكار، مذاهب، أحزاب، جماعات، انتهت كأن لم تكن ولذلك عليك أن تكون متنبهاً فإياك أن تفنى فناءاً لا قيمة له عليك أن تعمل وذلك بأن تعمل للآخرة وهي الحيوان أي الحياة التي لا تفنى والحياة الدنيا هي الفانية.

نتكلم عن اللاعبين في هذا الكون هناك لاعبون رئيسيون وشغلوا العالم وكنت تظن أنه لن يبيد وكان هو يظن أنه لن يبيد وكان أهل عصره يظنون أنه لن يبيد لشدة انشغالهم به وإذا به ما هي إلا سنوات معدودة حتى زال وكأن لم يكن. سيدنا آدم هو أبو البشر خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روحي وأمره ألا يأكل من الشجرة فالجنة فيها كل شيء لكنه أكل من الشجرة فرب العالمين يريد هذا فهذه طبيعة الحياة (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) فحينئذ رب العالمين سبحانه وتعالى حتى تكون أنت واقعي ولا تفزع وإذا أخطأت تتب وإذا انحرفت ترجع وإذا أذنبت استغفرت الله سبحانه وتعالى وانتهينا. سيدنا آدم كما نعرف أكل من الشجرة ثم أتى أولاده وهم أولاد نبي قتل أحدهم الآخر (قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿27﴾ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿28﴾ المائدة)، ثم الملك النمرود (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ (258) البقرة) وهكذا. عاد الأولى قالوا من أشد منا قوة؟ كانت تشغل العالم وانتهت بريح بسيطة. وفرعون من كان يصدِّق أن فرعون يغرق؟ هذا الذي إدّعى الإلوهية وكان يقتل أبنائهم ويستحيي نسائهم وكان حديث عصره بالكامل انتهى بثوان،

إجابة سؤال: والذي يحدث في العراق من قتل لا يسمى عبثاً هذا جريمة وكفر وردة فهدم المساجد وقتل المسلمين طائفياً وحرق المصاحف هذه ردة عن الدين وكل من يقتل مسلماً لإسلامه طائفياً أو مذهبياً أو حزبياً ويهدم مسجداً أو يمزق القرآن أو يحرق القرآن فهذا الذي يجري في العراق ردة فإياكم وهذا  وسوف يلقى الله-وأنا مسؤول عن هذا الكلام- وهو خارج عن ملة الإسلام (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا) أي يقتله لإسلامه لخلاف طائفي فكري مذهبي حزبي (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿93﴾النساء) هذا ليس عبث فالعبث منه الحلال كأن يعبث أحد بأصابعه فهذا ليس عبث بل ردة عن الين جريمة نكراء عار في الدنيا والآخرة-،ثم جاءت بني أمية ثم بني العباس وأصبح الناس يتحدثون عنهم قرون ملكوا الدنيا ثم انتهت ولم يعد أحد يذكرها، ثم جاء العثمانيون بعد ذلك والعائلات التي حكمت في العصر الحديث كعائلة بهلوي في إيران والهاشميين في العراق والأردن والسنوسيين في ليبيا ومحمد علي في مصر ومحمد الدين في اليمن لمدة نصف القرن وأصبحوا حديث الناس وكأن الأمر استتب إلى يوم القيامة ثم انتهوا ولم يعد يذكرهم أحد حتى عندما تذكرهم يكون الكلام فيهم لا يعني أحد فقد انتهى وتوالت العائلات والأشخاص على الملك، وهناك من هو أخطر من ذلك كله هو هذا اللعب بعقول الناس وإيمان الناس وهذه من أخطر الخواطر كجابر بن زيد الذي قال أن جميع الصحابة كفار ونحن فقط المسلمين وقتلوا الصحابة شر قتلة بقروا بطونهم وهم الخوارج وهذا اسمه جابر بن زيد وغيره وفعلاً تبعهم الآلاف إلى يومنا هذا هناك من يتبعهم ويكفّر الصحابة بالكامل بل ويكفّر كل المسلمين. وطبعاً قتلوا فيهم التابعين والعلماء والمفكرين وبقي القتل مستمراً بيد هؤلاء وهم كما قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاتهم جيدة “يحقر أحدهم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم” أي يخنّون بقراءة القرآن فلا يقرأ من صدره بل يقرأ من أنفه وإلى الآن هؤلاء موجودون ويكفرون جميع المسلمين. وأي غباء هذا؟! أي لعب هذا؟! أي لهو هذا؟! كيف يمكن لعاقل أن يفعل هذا؟ ولكن هناك من يفعل هذا ويموتون من أجل ذلك.

ثم أتى شخص اسمه إسماعيل الصفوي وكان التشيع أي نصرة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانب بني أمية وجميع المسلمين كانوا شيعة أي أنهم مع آل البيت ومن الذي يقول غير هذا؟ والحق مع عليّ بدون منازع، ثم جاء هذا الصفوي وقال لا محمد صلى الله عليه وسلم ليس النبي والنبي هو عليّ وأن القرآن ليس هو الذي بين يدينا بل الذي لدى فاطمة والصحابة والمسلمون جميعاً كفار وعليكم قتلهم وهذا الذي يجري الآن. فكيف استطاع هذا الشخص الواحد أن يضل الملايين؟! هذه ألعوبة كبرى. ثم هناك شخص اسمه عدي بن المسافر من كبار التابعيين اضطهده بنو أمية في الشام فنزح إلى شمال العراق وهو رجل صالح من الصالحين ومات ليس له ولد، خلفه على قومه ابن أخته واسمه شمس هذا استطاع أن يجعل هؤلاء القوم يعتبرون أن أصلح الناس هو يزيد بن معاوية ويعبدون الشيطان ويسمون اليزيدية وهم الآن موجودون بالملايين في شمال العراق وفي روسيا منتشرين في كل مكان يعبدون الشيطان ومثالهم في الدنيا هو يزيد بن معاوية ولهذا كان اسمهم اليزيدية. كيف استطاع واحد أن يفعل هذا بهؤلاء الناس؟ أي لعبة هذه وأي ألعوبة هم هؤلاء؟!. ولهذه هذه الآية أعجوبة (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ (17) الحجرات). يأتي شخص اسمه لينين أو ستالين أو ماركس ويقول لا يوجد الله ولا آخرة وتتبعه نصف الكرة الأرضية ومنهم المسيحيون والمسلمون وكل هؤلاء يتبعون هذا الإنسان اليهودي وهو بقي يهودياً وفعلاً بقيت قرن من الزمان عبثوا في العالم، أسقطوا الممالك، قتلوا ملايين الناس، وحرضوا الناس على أديانهم وعلى أنبيائهم ثم ذهبوا إلى مزبلة التاريخ ثم انتهوا، فأي لعبة هذه؟! وفعلاً هذه الحياة لعبة كبيرة. وفي عصرنا هذا، هذا فلان طائفة والآخر طائفة أخرى والمسلمون كلهم كفار يقتلهم ويحز رقابهم وكلكم مشركون إلا هو فقط وهو لا يحسن قراءة الفاتحة وهو فقط الذي يفهم، الفقهاء، العلماء والمفسرون كلهم مشركون والتاريخ الإسلامي لا وجود له فقط هو وأربعة أو خمسة من العميان يفهم هذا الدين وكفروا الناس جميعاً ويزدادون يوماً بعد يوم (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ) (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿35﴾ الأنعام) من الذي جعلك أنت لا تفعل ذلك؟ أنت؟ بل بفضله تعالى، ومن عوفي فليحمد الله عز وجل. هناك معهم من هو خير مني ومنك بعلمه وشخصيته كأن يكون عالم رياضيات، عالم دين، عالم فقه، عالم لغة وفيهم غير ذلك كثير ويقودهم جاهل غبي، أعمى جاهل، تافه جاهل لا يحسن قراءة آية من كتاب الله عز وجل يقوده ويخرجه من دينه ويبدأ يقتل ويسحل ويغتال وبالتالي نحن لا ضمان لنا إلا بالله عز وجل ، أبداً إياك أن تغتر بنفسك وتقول أنا أصبحت مسلماً لا والله إن الله هو الذي هداك إلى هذا. ونصل الآن إلى هذا الرجل (جورج دبليو بوش) هذا الذي يقول أن الله يحدّثه كما قال الذي قبله نفس الكلام وأن الله يحدثه ويقول له أنك يجب أن تنصر إسرائيل وتقضي على المسلمين وهو يفعل هذا ولكنه الآن عالق في العراق لا يعرف كيف يخرج من ذلك، وكما سمعت وقرأت هناك مقالات تقول أن حكماء أمريكا وما أكثر حكماء أمريكا يقولون انتهت أمريكا بهذا العبث وهو فعلاً عبث الذي يجري في العالم. وبالتالي كيف يمكن لإمبراطورية بهذه القوة وبهذه العظمة، بهذا العمق والقدرة الأسطورية التي لم تتيسر لأي دولة في العالم، لأول مرة في التاريخ تصبح دولة بهذا الشكل كيف يمكن أن تنحط إلى هذا المجال وتخطيء هذا الخطأ الشنيع وأن يقودها رجل مثل هذا. هذا أمر الله عز وجل كما كان فرعون يقول (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴿24﴾ النازعات) وهنا يقول أن الله أخبرني وأن الله كلفني وأن الله أمرني هذا الأمر الذي تستغرب له كيف يمكن أن يأتي أستاذ عظيم ويعبد بقرة كيف يحدث هذا؟ أو يعبد صنماً كأبو لهب وهو كان شخصية فذة كيف يعبد صنماً؟ حينئذٍ هذه الدنيا لعب ولهو وزينة (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا (20) الحديد) هذه كل الدنيا (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا (259) البقرة) آثار المدن موجودة بكثرة من الرومانية واليونانية والإسلامية والعربية قبل الإسلام وكل دول العالم أوروبا وغيرها فيها آثار مدن عظام عاشت قروناً وكانت عواصم وإذا بها أطلال (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ (42) الروم) فالدنيا فعلاً لعبة كبيرة. ثم أتى هتلر مع موسوليني وكانوا حديث الناس وأفكار انتشرت وأناس أصبحوا نازيين وآخرين فاشيين ثم زالوا كأن لم يكن ثم أتاتورك وزال كأن لم يكن وجمال عبد الناصر وشغل الدنيا وحديث العالم العرب كله ثم صدام من بعده ومن يا ترى سيأتي من بعد هؤلاء؟ ما هذه المسرحيات التي لا تنتهي وما هذا اللعب الذي انتهى كله ولم يخلف شيئاً؟ والشيء الوحيد الخالد الباقي الذي لا يذوب ولا يزول هو لا إله إلا الله (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴿24﴾ إبراهيم) ولهذا ذهبت آثار الملوك وبقيت آثار الأنبياء ومن ورثهم من العلماء. ولهذا عليك أن تكون من أهل الحيوان لا من أهل الحياة، إعمل لأخرتك فإنك قادم إليها لا محالة وما قلّ وكفى خيرٌ مما كثر فألهى. والحياة لا بد فيها من اللعب واللهو لكن دون أن تنحاز إليه أو أن تفرّط في دينك فالجاهل إما مُفرِط أو مُفَرِّط والحياة لا تتكامل بلون واحد والنبي صلى الله عليه وسلم كان حوله من يمزح فقد كان الصحابي النعيمان يضحك النبي صلى الله عليه وسلم ومرة بقي يضحك على مقلب من مقالبه فعله بأبو بكر الصديق عاماً كاملاً ويقول فعلها نعيمان. وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً ولكن الكلام عن اللعب واللهو في الآية يعني أن الحياة حتى في جدِّها هي في النهاية لعبة أي أنها تنتهي. فالقاسم المشترك أنه كما تنتهي اللعب ولا تخلد شيئاً فكل شيء في دنياكم الذي يتعلق بالدنيا فقط وليس فيه ربح الآخرة فهو لعبة من ممالك وإمبراطوريات الخ ليس فيها ذرة آخرة هي لعبة. فكل ما كان من أجل الدنيا فقط ليس فيه للآخرة نصيب مهما كان عظيماً فلتكن إمبراطورية عظيمة أو ملكاً عظيماً أو ثروة عظيمة أو علماً عظيماً هو في الأخير لعبة تنتهي. ربما ينقاد الإنسان مع الهوى من فترة لأخرى وكل ابن آدم خطّاء وهذا من طبيعة هذه الدنيا (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ) لكن أن تنحسر أنت انحساراً كاملاً هو هذا. وخير الخطائين التوابون هو السؤال ليس أن تخطيء ولكن ماذا بعد أن تخطيء ؟ هذا هو السؤال (إن عبداً أذنب ذنباً فقال يا رب قد أذنبت ذنباً فاغفره لي فقال الرب عز وجل علم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب قد غفرت له ثم مرة ثانية وثالثة فقال يا رب قد أذنبت ذنباً فاغفره لي فقال الرب عز وجل: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب قد غفرت لعبدي وليفعل عبدي ما يشاء) إذا كان كلما أذنب استغفر فهذا طبيعي إذاً أنت لست لاعباً اللعب جاء من حاجتك كإنسان. أنت جاد، أنت جاد في الآخرة أنت متعلق بالله ولكنك تخطيء وتذنب ولابد أن تذنب لأن الله خلقك خطاءً بجبلتك، بطبيعتك، بدمك ولحمك لكن أن تستلم لهذا الخطأ تكن استسلمت لإبليس، أن تتوب استسلمت لآدم فأنت ابن أبيك الذي أخذ عقوبته وانتهى الأمر وبقي عند الله معززاً مكرماً هكذا. حينئذٍ نقول لا عيش إلا عيش الآخرة (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿20﴾ الحديد) فأنت أمامك خيارين لا ثالث لهما، فآثروا ما يبقى على ما يفنى وكل شيء أنت لك الحق أن تفعله ما دام مباحاً حتى ولو كان لهواً بشرط أن لا تنسى الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا فساعة الصلاة قم وصلي لكن أن يلهيك لهو الدنيا عن الصلاة وعن الحج أنت استسلمت لها استسلاماً كاملاً. فالكلام في هذا الباب يتحدث عن اللهو المطلق وليس اللهو النسبي والذي هو الكفر، الارتداد، الجريمة، القتل كل هذا الذي لا علاج له “لا يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً” هذه القتول التي تحصل في العراق فهذا الذي يجري في العراق لم يجري في التاريخ مثله. وحينئذٍ أي سقوط هذا؟ وكلٌ باسم الدين هذا شيعي وهذا سني وهذا وهابي  يتذابحون باسم الدين يفترون على الله افتراءً كاذباً والله قال (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ (78) الحج) كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، “تركتكم على السمحاء ليلها كنهارها”، (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿165﴾ النساء) من أجل هذا ليس هنالك حجة فالكل يعلم أنما هو يغوص في الوحل ويغوص في العار ولذلك يوم القيامة لن ينفع أن تقدم أعذارك لأنه لا فائدة. وليس كل لهو ولعب مذموم فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول “إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظرٌ كيف تعملون” وحينئذٍ يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافاً وقناعة”. وفي الأثر:

روحوا عن النفوس ساعة بعد الساعة           فإن القلوب إذا كلّت عييت

بُثّت الحلقة في 1/12/2006م وطبعتها الأخت نوال جزاها الله خيراً من السعودية وتم تنقيحها