العُرام– الغضب – الحميّة – الغيظ –العزّة – السُخط
منظومة هذه الحلقة هي منظومة الغضب، وصلنا إلى كلمة العُرام (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ (16) سبأ) فالعُرام نوع من أنواع الغضب. العُرام والغضب والحمية والغيظ والعزة والسُخط هذه هي الكلمات التي تدل على الغضب وكل كلمة منها تدل على غضب معين محدد بحيث لا تنطبق على كل غضب لأن الغضب أنواع. وكل غضب له في كتاب الله عز وجل مدلول أي كلمة تدل عليه بالضبط من هنا أنت عندما تتحدث بلغة القرآن لست بحاجة إلى أن تستعمل يديك كما هو الشأن في بعض لغات العالم عندما يتكلمون يحاول أن يوصل المعنى المطلوب بإشارات يديه، الكلمة القرآنية هي بذاتها توصل المعنى محدداً وهذا المعنى هو الحجة على أهل اللغة وكما قال تعالى (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴿122﴾النساء) وهذا ما نعالجه في هذا البرنامج “من أصدق من الله قيلاً” من يستطيع أن يستعمل كلمة في القول؟ والقول هو الكلمة التي لها معنى. وبنفس الوقت كما نتحدث في تلفزيون سما دبي يوم السبت الساعة التاسعة بتوقيت الإمارات عن (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴿87﴾ النساء) هناك الحديث وهو الكلام الذي له موضوع مستقل موحّد يقال حديث (فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴿78﴾ النساء) وهو ما نتحدث عنه في كل سبت. هذا الفرق بين الآيتين: في هذا البرنامج (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) وفي الآخر (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) وكلاهما يبين إعجازاً لغوياً في هذا الكتاب العزيز.
قبل كل شيء الغضب قانون إنساني كالبكاء، كالضحك، كالفرح، كالرضى، كل هذه من قوانين البشر ولكن الغضب كالبكاء منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم. هناك بكاء وصراخ على الأموات وهذا مذموم وهناك بكاء من خشية الله وهذا محمود، وهكذا الغضب هناك ما هو محمود وهناك ما هو مذموم كما تبين هذه الكلمات القرآنية في كتاب الله عز وجل عندما تحدد كل واحدة منها نوعاً من أنواع الغضب.
الغيظ: أولاً الغيظ، الغضب فوران الدم لوجود شيء مرفوض منك تماماً، مرفوض ويثير فيك رغبة الانتقام هذا غضب، هنالك رد فعل قوي. كل رفض تام لشيء تكره نفسك يثير فيك رد فعل قوي من ضرب أو قطيعة أو هجر أو سباب أو انتقام أو ما شاكل ذلك يسمى غضباً ولكن هذا الغضب أسبابه مختلفة. إذا كان استفزازاً فهو غيظ كالحسد كأن ترى صديق لك أصبح مديراً وأنت لا تزال موظفاً صغيراً هذا استفزاز رغم أنه لم يعتدي عليك هذا العمل أثارك، استفزك فهو غيظ. الحسد، الغيرة، الشعور بالقهر، فأنت تحس أنك ضعيف، أنك ذليل فهناك من غلبك لأنك غبي وهو ذكي فالمهم أن هنالك إثارة هو لم يحاول الاعتداء عليك لكنه في وضع إيجابي أنت لا تستطيع الوصول إليه فصار غيظاً (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ (29) الفتح). هذا المسلم النظيف يعبد الله وحده طاهر الذيل، عفيف اليد، عفيف اللسان، يذهب إلى المسجد متوضئ، معطر، ملابسه جميلة، متحابون في الله، لا يغتاب أحدهم أحداً. الكفار بينهم من الوساخات كما كان المشركون في الجاهلية فيهم من الوساخات ما فيهم عصبية وحسد وغل وقهر ونجاسة ويعبدون حجراً، قطعاً عندما يرى المؤمنين يشعر بالاستفزاز (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) هكذا وكما قال تعالى (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ (15) التوبة).
إذاً الغيظ هو غضب الاستفزاز المفاجئ من حسد أو غيرة أو قصور(إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴿12﴾ الفرقان)، (ليغيظ بهم الكفار) ولهذا قال تعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ (134) آل عمران) فلم يقل والكاظمين الغضب فليس في وسع الإنسان أن يكظم غضبه فالغضب قانون أنت تستطيع أن تكتم ضحك طوال عمرك لا بد أن تضحك في يوم من الأيام هل يمكن أن تكتم فرحك؟ لابد أن يظهر عليك وانظر إلى دقة القرآن لم يقل والكاظمين الغضب بل قال (والكاظمين الغيظ) والغيظ هو الاستفزاز فـأنت لا تغار ولا تحسد وحتى إذا حسدت أنت كالجبل فلا يبدو عليك بل بالعكس تدعو له بالتوفيق ولكن في قلبك أنت متعب نفسياً لماذا لم تصبح أنت مثل ما أصبح؟ ويحيل هذا الشعور إلى غبطة فهو يكظمها أولاً ثم يحيلها إلى غِبطة فرب العالمين سبحانه وتعالى يمتدح هؤلاء الناس الذين يكظمون غيظهم من هذه العوامل، يكظمون هذا النوع من أنواع الغضب -الغيظ- وليس كل غضب لأن الغضب لا يمكن كظمه فهذا قانون فانظر إلى دقة القرآن أن تكظم غضباً قبيحاً غضباً ليس جميلاً، غضباً ليس كريماً، هذا حينئذٍ أنت تكظمه لرجولتك، لإيمانك بالله، لأن هذا من صنع الله عز وجل وحينئذٍ هذا لا يبدو عليك. كظم يعني بقوة تبقى مع صاحبك بالبشاشة وتدعوا له بالتوفيق ولو أنك متألم إلى حدٍ ما ليتك أنت كنت كذلك أيضاً مع بقاء النعمة عليه هذه هي الغبطة. إذاً رب العالمين امتدح الذين يكظمون الغيظ وليس الغضب ولا السخط ولا العرام بل الغيظ فقط، غضب الاستفزاز على نعمة أو ما شاكل ذلك هذا هو الغيظ.
العُرام: هو الغضب المدمر والتاريخ كله مليء بالغضب الذي يقتل المغضوب منه. كل الذين قتلوا، كل السياسيين الذين قتلوا خصومهم أصل هذا غضب لكنه عرام، غضب مدمر. رب العالمين استعمل كلمة الغضب على غضب الطوفان، غضب الماء، كالتسونامي فالتسونامي غضب دمر الدنيا، دمار هائل (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴿16﴾ سبأ) دمر الدنيا دمر قطر كامل مزارع وحقول وبيوت فلم يترك شيء كما حدث في التسونامي هذا الذي هو بركان غاضب، هذا أعجوبة العجائب حينئذٍ هذا الذي حصل الإعصار المخيف هذا عَرِم حتى في لغتنا نقول للمرأة القوية والشرسة عرمة وهي كلمة فصيحة تستعمل كلمة عرمة في لغتنا الدارجة ولكن هي لغة فصيحة. فالعُرام هو الغضب المدمر، الحمية: هي الغضب المقدّس، غضب لما تعتقده أنت أنه مقدس فالتقديس هنا نسبي إما لانتهاك وطن أو انتهاك عرض أو انتهاك دين أو انتهاك كرامة وبالتالي الجاهليون كانوا يعتقدون أن الأصنام آلهة كما قال تعالى (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ (26) الفتح) حمي أنفهم وغضبوا غضباً شديداً قالوا محمدٌ يسفه آلهتنا وهي عبارة عن حجار. وحينئذٍ هذه حمية ولكنها جاهلية كما قلنا هناك غضب محمود وغضب مذموم عند انتهاك العرض فمن لم يغضب كما في القول الحكيم “من استغضب ولم يغضب فهو جبان” عند انتهاك عرضك أو دينك أو وطنك أو كرامتك هذه إذا غضبت من أجلها فهي حمية. الحمية إذاً أن تغضب إذا انتهك أحد عرضك أو وطنك أو دينك أو مالك أو كرامتك أو سمعة أهلك تغضب، تثور، هذا هو الغضب المقدس وهو نسبي كما قلنا هذا المقدس نسبي هناك من عنده قبر مقدس أو حجر مقدس أو شمس مقدسة يعبدها أو بقرة إذا أحد اعتدى عليها يغضب حمية جاهلية، فهو لا يغضب لنفسه بل يغضب لإنتهاك شيء مقدس عنده وهو أمر نسبي. فكل شيء أنت تعتبر أن انتهاكه عار أو عيب أو مذلة أو مهانة وما أكثر هذا في حياتنا كأبو رغال وابن العلقمي مضى عليهم قرون ولا يزال الناس يلعنونه لأنه ما غضب بل دل المحتل على وطنه، أبو رغال جاء بالأحباش على مكة وهم أعدائه وابن العلقمي جاء بالمغول إلى بغداد وأعانهم على قتل العراقيين هذا عار. الذين يغضبون إذا دُنِّست أرضهم أو دينهم أو أعراضهم فهؤلاء أهل حمية حقيقية. فالحمية إذاً الغضب من أجل المقدس فهو غضب محمود.
العزة: غضب المتكبرين، ملوك وخاصة رؤساء الجمهوريات من أي كلمة يغضب ويعدم المئات، سجون مليئة بالتعذيب على كلمة، على نكتة، وعلى نكتة أعدم آلاف الناس. فهذه تسمى العزة بالإثم وإذا قيل اتقِ الله يا رجل وهي كلمة جميلة رب العالمين يقول لمحمد (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1) الأحزاب) رسول الله المعصوم الكامل سيد الأنبياء الذي رفع الله له ذكره والذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول له (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ) أي اتق الله تقوى متجددة، ترقّى في مجال التقوى كل يوم تتقيه تقوى أفضل من تقواك الماضية، وهذا الترقي في هذه المدارج. فمحمد صلى الله عليه وسلم فرِح بهذا. أنا اعرف أن رئيس جمهورية قال له أحد الأشخاص اتق الله فقتله شر قتلة وأعرف ملكاً كان قد أمر بقتل أحد الأشخاص فقال أحدهم له يا صاحب الجلالة اتق الله فقتل هذا أيضاً، هذا غضب الكبرياء فكيف تقول لي اتق الله؟ وكثير في حياتنا، أنت عالم من العلماء، داعية من الدعاة، شيخ من الشيوخ، وجيه من الوجهاء، شاعر عظيم، كاتب كبير، محسن عظيم كريم الجود، لكن إذا انتقدك أحدهم تغضب هذا يسمى العزة بالإثم هذا غضب الكبرياء. في حين أن العظماء العظماء لا يغضبون مطلقاً في هذا الباب كما روى التاريخ أشكالاً وألواناً من هؤلاء مثل عدي بن حاتم الطائي كان لوحده فدخل عليه شخص فأهانه فقال له عدي: يا أخي أنا سيد القوم أفرغ ما عندك من سباب الآن قبل أن يأتي أحد الناس فإنهم يغضبون إذا شتمت سيّدهم، قُل لي بعد ماذا تريد؟ والله إني استحق هذا الكلام منك، وأعطاه عدداً من النوق. هذا الرجل لم يغضب ولهذا بقي أثره فعدي بن حاتم الطائي عنده آثار كثيرة ولكن بقي هذا الأثر يتندر به الناس. سيد بني تميم الأشج بن القيس النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبه، هذا الأشج شخص عظيم حتى أن شخص سأله: بالله عليك بما سُدت قومك ولست من أغناهم؟ فقال: بالحلم . سيدنا علي زين العابدين بن الحسين كان إذا شتمه شخص يقول: والله إن ما خفي عنك من ذنوبي لأعظم. ويروى عن الشيخ راشد رحمه الله مثل هذا: دخل عليه شخص وبدأ ينتقده إنتقاداً شديداً حتى أن ولده الشيخ محمد تهيأ لكي يوقفه لأن ذلك كان قد أوغل في إغلاظ القول له فمنعه أباه بأن مسك يده لكي لا يقوم وبعد أن انتهى الرجل خرج ثم هذا الرجل راجع نفسه ورأى أنه اعتدى على الشيخ فلما عاد تهيأ الشيخ محمد أن هذا عاد ليشتم ولكنه تأسف واعتذر فقال له الشيخ راشد: ظننتك عدت لتكمل علي. كم فضل الشيخ راشد؟ لكن بقيت هذه عند الناس يتحدثون بها، الحلم سيد الأخلاق ويستر كل عيب. ولذلك إذا كان لك ألف فضيلة بينها الحِلم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج بن القيس: إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة، فقال:هما مني؟ فقال الرسول:لا من الله. وقال الله تعالى (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿34﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿35﴾ فصلت) كم من الزعماء مثل الأشج بن القيس؟ ومثل علي زين العابدين؟ ومثل مروان بن الحكم؟ أيضاً كان حليماً رغم إساءته في حكمه ومثل الشيخ راشد وأمثاله كم واحد؟ معدودين. هنالك من قتل الآلاف والسجون مليئة لكلمة، لموقف، لإشاعة، قتل الإنسان عندهم كشربة الماء ولهذا سقطوا عند الله وعند الناس وفي التاريخ وفي عقر أنفسهم هو في نفسه يعتقد بأنه ساقط ولذلك لا يحبه أحد وهو لا يحب أحداً وتراه يمعن يوماً بعد يوم في إذلال شعبه لأنه يعرف إذا تولوه لن يرحموه ولهذا هو يبطش بهم. كل هذا من الغضب.
السخط: بقيت آخر كلمة وهي السُخط بالضمة والسَخْط بالسكون والسَخَط بالفتحة. هذا السُخط هو الغضب الشديد لقلة المطلوب أو رداءته. كأن أطلب منك شيئاً إما امتحان أو مال أو وظيفة أو إنجاز مهمة فأنت تقوم بها بشكل بسيط جداً كأن أطلب منك مليون درهم فتعطيني عشرة دراهم فهذا يغضبني لأن المطلوب رديء أو جداً قليل. أنت أستاذ جامعة والطالب يأخذ عندك خمسة من مائة فطبعاً ستسخط عليه أو مثلاً تكلف طالب ماجستير ببحث وإذا به كلام فارغ لا يقول به جاهل فأنت حينئذٍ تغلي من الغضب، هذا سخط. فالسخط عندما تستقل المراد أو المطلوب أو أن يكون رديء جداً فأنت من باب إنكار هذا الفشل في أداء المهمة، للرداءة أو للقلة يسمى هذا سخطاً. يقول الله تعالى في آية عجيبة على قوم مستمرين من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴿58﴾ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ﴿59﴾ التوبة) وهذا قصته معروفة كما يعرفها الناس جميعاً شخص اسمه ذو الخويصرة هذا الشخص عندما النبي صلى الله عليه وسلم قسّم غنائم حُنين قال: يا محمد اعدل فإنك لم تعدل. تصور شخصاً يقول لمحمد إعدل، أيّ قلة أدب هذه وقلة ذوق؟ هذا سخط ولذلك معظم الثورات في العصر الحديث من أقليات ساخطة لقلة شأنها، لهوانها، لعدم إنجازها، فليس فيهم لا رجال مال ولا رجال علم ولا رجال وطنية وهم الطابور الخامس لكل محتل كل محتل يجد فيهم عوناً هؤلاء دائماً ساخطون. وردّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: ويحك إن لم أعدل فمن يعدل؟ وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم “سيخرج من ضعن هذا- أي من معدنه ونسله- قومٌ أحداث الأسنان سفاه الأحلام مهمته التحليق يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية”. الساخطون غير الغاضبين وغير المغتاظين وغير أصحاب الحميّة. الساخطون قوم في الحقيقة يشعرون بفوات المغنم، بأنك أنت لا تعطيهم كما تعطي الآخرين، لا تحترمهم كما تحترم الآخرين، وهم في الغالب ليس لهم شأن فهم ليسوا من أهل العلم ولا من أهل المال ولا من أهل القوة ولا من أهل الوطنية ولا من أهل الكفاءات، هؤلاء هم الطابور الخامس، هؤلاء في النهاية يصبحون قتلة في كل التاريخ. النبي صلى الله عليه وسلم تكلم عن الخوارج عندما قال “يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية”، وفعلاً يتظاهر بأنه خاشع في الصلاة وهو ليس خاشعاً ويقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم، ثم حينئذٍ هؤلاء ينقلبون قتلة وهم إلى الآن موجودين ومستمرين في كل مكان هؤلاء الناس لهوان شأنه ولأنه نكرة ولأنه جاهل في كل العالم الإسلامي انتشروا كالفقاعة في يوم واحد أسقطوا التاريخ كله والصحابة كلهم والعلماء والمذاهب فلم يتركوا أحداً إلا أربعة أو خمسة وهم جهلة بمعنى الكلمة الآن يقتلون الناس شر قتلة في كل مكان العلماء والصالحين والدعاة والمجاهدين عاثوا في الأرض فساداً كما قال صلى الله عليه وسلم في تكملة الحديث يقول “اقتلوهم فهم شر قتلة ما بين السماء والأرض”. نسق التاريخ كل فئة أو جماعة أو رئيس أو ملك أو حزب يتخذ القتل وسيلة لا بد أن ينقطع أثره. جميع الممالك التي كانت تبطش بالناس، الخوارج على سبيل المثال قطعوا أوصال الآلاف، بقروا بطون الحوامل، قلعوا العيون، الآن هناك فرق تقتل المسلمين بالدريل أو تحرقهم حرقاً وهناك فئات أخرى من هؤلاء الخوارج وهم في كل مكان موجودون يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، فهم قد أعملوا سيوفهم بتشفي وغيظ لشعورهم بالهوان وأنهم لا شأن لهم لا في علمٍ ولا في غيره اتخذوا القتل وسيلة، هؤلاء منقرضون لا محالة والتاريخ مليءٌ بهذه الفقاعات النتنة التي أذاقت جيلاً كاملاً من الهوان والبطش والقتل والتعذيب والتشريد ثم انقطع آثرها بالكامل. والعجيب أن هذه الأحداث كان من المفروض أن تتخذ عبرة ولكن أبداً كأنها قدر كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم “إذا وضع السيف في رقاب أمتي فلن يُرفع إلى يوم القيامة” وهذا هو صدق هذه النبوءة منه عليه الصلاة والسلام فهم في كل مائة عام أو مائتي عام تخرج فئة تعيث في المسلمين قتلاً وحرقاً وبقراً إلى ما نسمع اليوم على شاشات الفضائيات ولهذا على كل مسلم أن يعلم أن تجنّب هؤلاء هو النجاة وإلا فقد أصابك مكر الله ومن عوفي فليحمد الله عز وجل من أجل هذا رب العالمين يقول (الم ﴿1﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ العنكبوت) هذا قدر، الطائفية والفئوية والقتلى والمارقون من قدر الله في عباده (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ (179) آل عمران) ومن أجل هذا في هذه الفتن عليك بالعزلة وعليك بالنجاة وألا تنغمس حتى بالكلمة. إياك والكلمة ولو تتبعت هؤلاء القتلة لوجدت أن كل واحد منهم مبتلى بكبيرة خسيسة لا يستطيع الفكاك منها ومن أكثرها عقوق الوالدين وقد تتبعت كثيراً من هؤلاء فوجدتهم عاقين لآبائهم وأمهاتهم ويحتقرون زوجاتهم والمرأة عموماً احتقاراً كبيراً ولقد كانوا هكذا على امتداد التاريخ. هؤلاء الساخطون (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) هؤلاء كلهم وفي التاريخ يظهرون مع العدو لهوان شأنهم يجدونها فرصة عندما تضعف الأمة ويكون مقتلها مكشوفاً تكاثروا واصطفوا وتجحفلوا مع العدو فإذا زال العدو والعدو لابد أن يزول كما فعلوا في المغول فالمغول عندما ذهبوا ذهبوا معهم بالكامل وتنظفت منهم الأرض. ورب العالمين يجعل هؤلاء امتحاناً للأمة وغربلة لها “لا تكرهوا الفتن فإن فيها حصاد المنافقين”. وها أنت ترى كما يرى الناس جميعاً أن هذه الأحداث التي تحيط بالأمة تفجر دمامل المنافقين بالكامل كثير من الأحزاب والفئات والطوائف والعناوين تذهب الآن سراعاً إلى مزبلة التاريخ لما أذاقوا أمتهم في هذه الضعف النسبي الذي مر بهم وبدل أن يقفوا مع أمتهم شادين على عزائمهم محتملين للمسؤوليات وإذا بهم يطعنون الناس من الخلف ولهذا هم زائلون مع العدو. والعدو لابد أن يزول، هذا من سنن الله في الكون فما من غالب إلا وسيصبح مغلوباً في يوم من الأيام، وما من قتلة إلا ويزولون. انظر إلى الملوك، الرؤساء، الحكام في التاريخ كله من اتخذ القتل وسيلة زائل هو وأسرته بالكامل ومن رفق بالناس وتألفهم ورحمهم كما قال صلى الله عليه وسلم “اللهم من وليَ من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم اللهم فأرفق به، ومن ولي من أمتي شيئاً فشق عليهم اللهم فأشقق عليه” ولهذا هؤلاء الملوك والطغاة والرؤساء الذين يرهقون شعوبهم بالقتل والتجويع يموتون شر ميتة وإن لكم في هذه الأنباء التي نسمعها ونراها ونقرأها في التاريخ عبرة ولكن كما قال تعالى عن هؤلاء المغلفة قلوبهم (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا (25) الأنعام) هذا عن السخط.
نعود ونقرأ شيئاً عن الغضب: الغضب طبعاً هو القوة الرابعة من القوى التي تتحكم بالإنسان. هذا الإنسان كل تحركاته، كل أفعاله، كل خواطره، تنبع من أربع قوى لا خامسة لها: قوة العقل وقوة العلم وقوة الشهوة وقوة الغضب،هذه كل منها فضيلة بين رذيلتين: أي إذا كنت بالفضيلة فأنت مستقيم وإلا فأنت إما مفرط أو مفرط. قوة العقل إذا قلّت فأنت غبي أو بليد الذي تقل قوة عقله فهو بليد وإذا زادت عن الحد المطلوب فهو المكر إذا استوت تعادلت فهو الرُشد (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ﴿78﴾ هود) (وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ (51) الأنبياء) فالرشد استقامة (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا (30) فصلت) فالإنسان الرشيد صاحب العقل المتوازن لا إفراط ولا تفريط هذا رشيد، هذه قوة العقل. قوة العلم إذا قلّت فهو جاهل وإذا زادت فهو زنديق فهو يقول كلاماً خارج العِلم كإبليس زاد علمه زيادة شائنة حتى صار زنديقاً وإذا اعتدلت فهي الحكمة (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) البقرة). قوة الشهوة إذا قلت فهي الخمول فهو لا يشتهي نصر ولا يشتهي زوجة ولا يشتهي علم ولا يشتهي أن يصلي فهو خامل وإذا زادت عن الحد المطلوب فهو الشَرَه فيصبح إنساناً شرهاً وإذا استوت فهي العفة فالعفيف مستقيم (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا (33) النور). الغضب قوة إذا قلّت فهو جبان لا يغضب لا لدينه ولا لعرضه ولا لأرضه حتى الحيوان يغضب لعرضه ويغضب لعشه ويغضب لأطفاله فقوة الغضب إذا قلت فهو جبان وإذا زادت فهو طغيان أنت غضبت لكن دمرت الدنيا تقتل آلاف الناس إذا غضبت هذا طغيان فإذا استوت فهو الحلم. إذاً الحِلم فضيلة بين رذيلتين ولهذا الاستقامة هذه القوى الأربعة كل تصرفاتك ترجع إما للعقل أو للعلم أو للشهوة أو للغضب. فكل حركاتك إذا استقامت فأنت مستقيم وهذا معنى قوله (قل ربي الله ثم استقم) كن متوازناً.
سؤال من إحدى المشاهدات عن الارتداد عن الدين الإسلامي وهل هو شِرك بالله؟: الإرتداد عن الدين له صيغ كثيرة هناك الكفر وهناك الشرك وهناك الإلحاد. الشيوعيون يقولون بعدم وجود الله، الكفر يقول أن الله وجود ولكن لا يؤمن به، الشرك أن يتخذ مع الله الذي يؤمن به آلهاً آخر يؤمن به أيضاً وهكذا نرى أن الكفر أنواع. وطبعاً هناك الكفر العام في الكتاب والسنة معظمه كُفر النعمة الذي قمنا نحن بغبائنا بتعميمه يقول الله تبارك وتعالى (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴿150﴾ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴿151﴾ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴿152﴾ البقرة) وهو كفر النعمة كما في البخاري بابٌ “كفرٌ دون كفر” قال الكفر الذي يخرجك من الملة هو أن تجعل لله نداً وهو خلقك وما عدا هذا كله كفر نعمة وكفر النعمة الآن موجود بآلاف الصيغ وجعلناه كفر ملة نقتلهم الشيعي يقتل السني والوهابي يقتل الصوفي والمعتزلي يقتل المرجعي والقدري يقتل الشعائر والتاريخ مليء بكلمة لا تعني ردة ولا تعني الخروج عن الملة وإنما هو كفر النعمة. فهناك من يقول من حلف بغير الله فقد كفر اقتلوه كأن يقول شخص بشرفي أو وحياتك وهذا ليس كفر ردة وإنما كفر نعمة، النياحة من الكفر كمن مات زوجها فناحت على زوجها هذا كفر ولكن كُفر نعمة وليس كفر ملة حتى تقتلوه، وحينئذٍ الطعن بالإسلام أو إنكاره أو إنكار الرب عز وجل أو إشراك به إله آخر أو أنه لا يؤمن بشيء هذا هو كفر الملة.
سؤال من أحد المشاهدين عن معنى المغضوب عليهم؟ الفرق بين غضب والمغضوب عليهم أن الغاضب اسم فاعل غضب الله عليهم فهو غاضب فالله يغضب على من يرتكب أسباب الغضب لكن الفرق أن البشر يقولون سبق غضبي رحمتي اقتلوه، ورب العالمين يقول سبقت رحمتي غضبي ولهذا رب العالمين فرعون عندما قال أنا الله، أنا ربكم الأعلى، ما علمتم لكم من إله غيري وقد غضب الله عليه غضباً شديداً ومع ذلك يقول عز وجل (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴿44﴾ طه) يوم القيامة إذا شخص لديه عمل واحد ضمن سيئات لا حصر لها، عمل يرضي الله عز وجل يقول اذهبوا بعبدي إلى الجنة. “إن العبد ليأتي يوم القيامة وما له حسنة فيقول الرب عز وجل: خذوا عبدي إلى الجنة فتقول الملائكة: بم يا رب وليس له حسنة؟ قال: إنه كان يرحم أهله” هو موحد وكان بناته وأهله وأولاده يحبونه وهو يحب الناس ولم يكن يؤذي أحداً وهذه هي الوسيلة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35) المائدة) أي أن تأتي بعمل واحد وهو كما في الحكمة المأثورة القائلة(اعرف بعض الشيء عن كل شيء واعرف كل شيء عن شيء واحد) أنت قم بكل العبادات صم قليلاً وصلِّ وزكاة دائمة وصدقة قليلة لكن اتخذ لك عبادة أتقنها إتقاناً عظيماً إما أن تكون ذكّاراً كثير الذكر أو أن تكون حاكماً عادلاً أو مجاهداً أو منفقاً عظيماً أو عالماً جليلاً داعية لله عز وجل أو رب أسرة هائل أو زوجة مطيعة المهم أن تتخذ لك عبادة عظيمة وتتقنها جيداً لكي تدخل بها الجنة هذا أولاً. ثانياً المغضوب عليه كل من يجعل لله نداً قالت اليهود عزير ابن الله قالت النصارى المسيح ابن الله المسلمون وحدهم الذين يقولون لا إله إلا الله وكل من يوحد الله من اليهود والنصارى وهم موجودون وكثيرون في كل الأجيال كما امتدحهم رب العالمين (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿62﴾ البقرة) الموحدون موجودون لكن بالنسبة العظيمة كالمسلمين غير موجود هنالك نسبة محدودة من النصارى ونسبة محدودة من اليهود هم الذين يوحدون الله كما يوحده المسلمون والباقي لا. إذا اعتقد المسيحي أو اليهودي أن العُزير ابن الله فعلاً وأن المسيح ابن الله فعلاً فهذا مشرك وحينئذٍ قطعاً رب العالمين يغضب لمثل هذا فهم مغضوب عليهم والله عز وجل لا يرضى إلا عن من يوحده (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (48) النساء) فجواز السفر يوم القيامة لدخول الجنة هي لا إله إلا الله مدى تمحيصك لها، مدى فهمك لمعناها، مدى إصرارك على مدلولاتها أنت ناجٍ لا محالة “من قال لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبه دخل الجنة”.
سؤال من إحدى المشاهدات عن دلالة آيتين في سورة النور (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ (7)) و(وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)) فما الفرق بين الغضب واللعنة؟ الغضب أقوى من اللعنة إذا أصرت على ذلك وهي تعلم أنها كاذبة فحينئذٍ غضب الله عليها وإذا هو أصر وهو يعلم أنه كاذب يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿23﴾ النور) هذا عليه لعنة الله.
وتكلم النبي صلى الله عليه وسلم عن أنواع الغاضبين في حديث ينفعنا ويهمنا جميعاً يقول صلى الله عليه وسلم في حديث طويل خطب فيه الناس بعد صلاة العصر وتكلم عن ما هو كائن إلى يوم القيامة ومن ضمن ما قال “أن الدنيا حلوة خضرة وأن الله مستخلفكم فيها فناظرٌ كيف تعملون” وقال “فاتقوا الدنيا واتقوا النساء” وفعلاً كما تعرفون أخطر شهوتين لا تقاومان إلا بصعوبة شهوة المال وشهوة النساء. ثم قال “ألا إنه يُنصب لكل غادرٍ اللواء يوم القيامة بقدر غدرته ولا غدر أعظم من غدرة إمام عامةٍ يركزّ لواءه عند أُسته” بمعنى أن كل غدّار سواء كنت غادراً في وظيفتك، غادراً في حلفك مع جماعة، غادراً في أهلك، غادراً في رفاقك يكون له لواء معين وكل من يحمله هو غادر لكن أغدر الغادرين إمام جماعة أي وزير، مدير عام، أمير، رئيس جمهورية، لديه سلطة هذا يغدر بقومه يعتقلهم، يعذبهم كل من يحمل هذا اللواء أو العلم الذي يدل على أنه غادر في الدنيا هذا إمام القوم أي المسؤول في الدولة يغدر بشعبه بقتلهم أو اغتيالهم أو الكذب عليهم يأتي لواؤه في أسته فتصور أن هذا اللواء يكون في دُبُره في غاية القذارة فعندما يرى الناس أن هذا لواؤه مركز من دبره إلى ظهره يقال أن هذا غادر سياسي. وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم “ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات ألا إن منهم البطيء الغضب السريع الفيء” أي أنه لا يغضب إلا ببطء ويرضى بسرعة هذا أضمن الناس بطيء الغضب سريع الفيء “ومنهم سريع الغضب سريع الفيء” أي أنه يغضب بسرعة ولكنه يرضى بسرعة “وأسوأهم سريع الغضب وبطيء الفيء” نرجو أن لا نكون منهم إن شاء الله.
بُثّت الحلقة بتاريخ 2/3/2007م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها