الحمية– الصمود – الصبر- العرام- العزة – العزم
النفس نوعان: هناك نفس ضعيفة لا يحترمها صاحبها وترضى الإهانة، ترضى الذل، ترضى أن تنتقد انتقاداً معيباً، ترضى بأن توصم بالعار ولا يحرك ذلك فيها ساكناً، هذه نفوس ذليلة ضعيفة والمؤمن قوي والمؤمن عزيز (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ (8) المنافقون). والنفس القوية لها مواصفات ولها أسباب ولها مواقف القرآن الكريم بين لنا أن نفساً قوية كما أطلق عليها النفس الخيرة (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا (12) النور) أول طريق إلى النجاح أن تثق بنفسك الثقة بالنفس أول طريق إلى النجاح وأول طريق إلى النصر والنصر نجاح فما لم تكن أنت منتصراً من أعماقك فإنك لا تنتصر على الواقع، على الأرض، فإذا كنت منهزماً من أعماقك فأنت منهزمٌ في الواقع. فرب العالمين في قضية الإفك قال (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا) حينئذٍ النفس الخيّرة هي النفس التي لا يهمها ما يقال لأنها واثقة من نفسها وبنفسها وذلك لشدة احترامهم لأنفسهم. فإذا كنت تحترم نفسك لأنك تعرف جوانبها وتفاصيلها وعناصر القوة فيها فأنت منتصرٌ على كل أعدائك المادية والمعنوية. إذا كنت لا تحترم نفسك لشعورك بالذل، بالتدني، بالنقص، بالعار، بالذنب، كل هذه مثبطات ومحبطات تجعلك منهزماً في أي مواجهة وحينئذٍ هذه هي النفس الضعيفة. وهناك فرق بين أن يكون لك عزم أو لا يكون لك عزم، رب العالمين سبحانه وتعالى يقول عن آدم (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴿115﴾ طه) ضعُف، بينما قال عن الآخرين (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ (35) الأحقاف) هكذا هو الأمر. المنظومة التي تدل على احترامك لنفسك وأن نفسك قوية هي مؤهلة ومرشحة للنجاح والنصر سواء كنت فرداً أو أمة هي كالتالي: الحميّة، الصمود، الصبر، العُرام، العزة، العزم. هذه هي الكلمات التي وصل علمي إليها وربما تكون هناك كلمة أو كلمتان فاتت علي لا أدري ولعل المستمعون والمستمعات الأفاضل يستدركون علينا بهذه الكلمة أو تلك كعادتهم. وكلمة الباب هي العِزّة.
الحمية: هي القوة الغضبية التي تأبى الضيم هناك من إذا أعتدي عليه في عرض أو مال أو وطن أو سمعة أو ما شاكل ذلك لا يأبه، فيه برود، تعلّم على الذل كما قال الشاعر:
من يهُن يسهل الهوان عليه مال لجرحٍ بميّتٍ إيلام
وهنالك أناس هكذا ليس له حمية وآخرون إذا سمع طعناً أو شتماً في نفسه، في دينه، في عرضه، يثور، يحمى، ويغضب تسمى هذه الحمية فالحمية قد تكون إيجابية إذا كانت في الحق وقد تكون جاهلية إذا كانت في الباطل (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ (26) الفتح) هذه الغضب للباطل كأن يغضب على الأصنام فمن يغضب للحق “ومن أستغضب ولم يغضب فهو جبان ومن أسترضي ولم يرضى فهو شيطان” إذن فأن تغضب في الحق وتغضب لله هذه حمية على دين، على وطن، على عرض، على حق، على مظلوم، هذه تسمى حمية، يقال رجلٌ حميُّ الأنف أي يأبى الضيم لا يرضى أن يذل، أن يقهر، أن يهان، لا يرضى هذا بل يغضب. هذا الغضب يدل على أن نفسك قوية، هذا الغضب دليل احترامك لنفسك أولاً وإذا احترمت نفسك فأنت منتصرٌ لا محالة أو على أقل حال أنت تقوم بما يجعلك منتصراً في الواقع وإن كنت لم تنتصر بالسلاح لكنك أديت الذي عليك. فعندما يقتتل اثنان المقتول هو المنتصر لأن المقتول بذل حياته في سبيل قضية ولو أن القاتل يعلم أن المقتول ليس خطيراً لما قتله. وحينئذٍ أنت عندما ينتهك عرضك أو دينك أو وطنك أو تحتل أرضك إذا احتُلّت أرضك فالناس نوعان: نوع ذليل خانع قذر يعيش مع المحتل يفرغ سمّه وقتله لأبناء وطنه، يقتلهم، يعذبهم أما صاحب الحمية الذي يأبى الضيم لا يملك إلا أن يقاتل دفاع عن وطنه بكل أعراف الدنيا أن من لا يقاتل دون وطنه فهو إنسان ذليل لا حمية له، إنسان يسمى بالكلمات الفصيحة نذل. والنذل هو الإنسان الذي لا يحمى أنفه لا على عرض ابنته ولا على زوجته ولا على وطنه ولا على دينه فهو ديوّث والديوث هو الذي يقر الخنى في أهله أو في وطنه أو في دينه أو في مجتمعه. الحمية هو أن يحمى أنفك غضباً ومن أستغضب ولم يغضب فهو جبان ومتى يستغضب الإنسان؟ يستغضب في عرضه أو دينه أو ماله أو وطنه. والحُمَيّة – بضم الحاء – شدة الغضب وأوله يقال فلان شديد الحُمَيّة أي شديد النفس والمنعة لا يقبل الضيم وحتى لو كان سيموت أو يقتل فليقتل ولكنه لا يسكت بل يفعل كل ما يستطيع فليقتل إذن وقتله انتصارٌ له. هذا الحمي. القرآن الكريم تحدث عن حمية قريش بالباطل (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ) هذه هي الحمية.
الصمود: الكلمة الثانية هي الصمود. الصمد أصله التل الصخري الذي هو دون الجبل. والصمود هو الشعور بالحياة، قوة الشعور بالحياة، أي لا تؤثر بي الأحداث والحوادث مهما حاولت أن تمحقني، أن تزيحني، أن تبعدني عن الطريق، أن تطمس معالمي، لا تستطيع لأن شعوري بالحياة شعورٌ قوي فالأحداث والحوادث لا تؤثر بي إطلاقاً وإنما تمر بي الأحداث وأنا صامد لا ينال مني الدهر. كلكم رأيتم بحراً وكلكم رأيتم صخرة صغيرة في هذا البحر من آلآف السنين والأمواج تتكسر على هذه الصخرة، أمواج قد تغرق السفن، قد تهدم السدود والصخرة باقية على صغرها لشدة صمدوها. ومن هنا كان من أسماء الله الحسنى الصمد (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴿1﴾ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴿2﴾ الإخلاص) لا تغيّره الأحداث ولا الحوادث، هو الذي يغيرها وحينئذٍ الصمود دليل النفس القوية.
الصبر: وكل هذه معالم نفسية لقوة نفسك فكيف تكون نفسك قوية؟ أن تكون ذا حمية على أهلك ودينك ووطنك تقاتل ولتقتل في الدفاع عن أهلك ومالك فهذه الحمية ويسمى حامي الضمار، حامي الحمى الذي تحمى من أجله وهو وطنك، حدود وطنك تحمى من أجلها إذا انتهكت ومن انتهك وطنه ولم يثر ولم يحمى أنفه لا يهمه أن ينتهك حمى عرضه هذا يسمى الحمى. الحمى القوة الغضبية، الصمود قوة الشعور بالحياة. الصبر قوة الشعور بالتحمل (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴿156﴾ البقرة) لا تهزه الهزائز (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴿155﴾ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴿156﴾ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴿157﴾ البقرة) (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿10﴾ الزمر) هناك أناس تقطع أوصالهم كما في العراق الآن من قطعت أوصاله وقتل أولاده وأهله وانتهكت أعراضهم وسلبت أموالهم، أحرقت ديارهم ولم يغير هذا منهم شعرة، لا يزالون ينافحون عن وطنهم وعرضهم وديارهم وشعبهم هذا صبرٌ (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) والحسنة هنا ليست بعشر أمثالها بل عطاء غير مجذوذ، عطاء لا ينقطع ولا يعد ولا يحصى، هذا الصبر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا (200) آل عمران) فأنت قد تكون جيشاً صغيراً، قد تكون أفراد من المقاتلين أو المقاومين قد تهزم دولة عظمى بالمطاولة وبالمصابرة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا) أهل بدر كانوا معدودين 314 شخصاً وأتاهم جيش عرمرم، سيدنا طالوت مع جالوت معركة غير متكافئة، نفر قليل مع جيش عرمرم صبروا وصمدوا بالمطاولة، سيدنا عليّ مع عمرو ابن ود هذا العملاق الهائل الذي كان يقدر بعشرة ألاف فارس وعليّ كان شاباً صغيراً وهو أصلاً قصير البنية وذاك مدجج بالسلاح والترس والدروع وعليٌّ مكشوف وليس له إلا سيف صغير ومع هذا بالمطاولة، بالصبر وإذا به يقتله فقال عليه الصلاة والسلام “لقتل علي لعمرو بن ود يعدل عمل أمتي إلى يوم القيامة” هذا عليّ ذي الفقار وما سمي بهذه الأسماء إلا لشدة صبره. فالصبر قوة النفس. وهناك من يهزم من أول المعركة يرى أنه لن يقدر فيهرب (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿16﴾ الأنفال) أصحاب الهزيمة هؤلاء نفوسهم ضعيفة جبانة وهم معذورون فليس لهم من الصمود شيء ولا من الصبر شيء، هذا هو الصبر.
العُرام: ثم لدينا كلمة العرام وهي قوة الشراسة فأنت قد تكون عندك حمية لكنك عاقل فأنت تغضب ثم تأخذ حقك ثم ينتهي الأمر وقد تكون صامداً فربما يكون المحتل في أرضك لمدة 20 أو 30 سنة وأنت تقاتل صامد إلى أن يتعب عدوك فينهار، وهذا حدث في التاريخ كثيراً المطاولة. ثم هناك الصبر، تصبر وأنت مستعد لكل شيء، العرام هو أن يكون لديك حمية وصمود وصبر لكنك شرس مندفع باتجاه العدو (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ (16) سبأ) السيل كثير ونحن نفرح بالسيل لأنه عندما يأتي السيل تسيل الوديان، تمتلئ الآبار ونفرح لكن هناك سيل عن سيل فهناك سيل يأخذ مدن وقرى وعواصم كما حصل في كاترينا وغيره في كل مكان وسمي الجيش العرمرم من العرم ونحن في لغتنا العامية لا نستعمله إلا مع النساء عندما تكون هناك امرأة فعندما تكون هناك امرأة شرسة نقول فلانة عرمة مع أنها كلمة عامة تطلق على كل ما هو شرس ومندفع وقوي لكن نحن في لغتنا الدارجة نستعملها فقط مع المرأة الشرسة القوية المندفعة يقال عرمة، وهي كلمة فصيحة ومنه العرمرم الجيش الكثير المندفع مأخوذ من هذه الكلمة والعرام هو شدة الاندفاع (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ (16) سبأ) أي انتهك الأول والتالي أي أخذ كل الدولة فسبأ كلها اختفت تحت هذا السيل. واعترام الفتن اشتدادها وشراستها كما في العراق يقال اعترمت الفتنة، أصبحت عرمة. والمعارمة المفاتنة عندما يكون هناك أناس طائفيين وفئويين وحزبيين وعملاء للمحتل وجواسيس ومقاتلين وأشراف وأنذال واختلط الحابل بالنابل يقال اعترمت الفتنة. ورجل عارم إذا كان خبيثاً شريراً لا يقهر يسمى هذا عارماً. هذه هي كلمة العرام (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ).
العزة: ثم هناك العزة. والعزة هي قوة الشعور بالغلبة أنني أنا دائم منتصر، لا أقهر، لا أرضى أن يقهرني أحد، ولهذا حتى لو قهرتني بالسلاح فأنا في أعماقي منتصر أتعبتك فأنت لم تحقق النصر علي إلا بعد أن أنهتك، إلا أن جعلتك تيأس رغم قوتك وجيوشك الجرارة وعندك طائرات وصواريخ ولديك قدرات هائلة ومئات الآلاف من الجنود أمام شلة قليلة قد دوخوك وقد تقتلهم في النهاية ولكن بعد أن مسحوا بك الأرض وبهيبتك الدنيا ولم تعد لك هيبة ولو قتلتهم. إذاً هذا الذي قتلته ولو أنه قتل لكن شعر بالعزة لأنه فعل بك شيئاً ليس وراءه وراء فلم يبقي من جهده شيء فمات وهو سعيد وهو يشعر بالفخر وأنه صاحب عزة. رب العالمين يقول عن القرآن (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴿41﴾ فصلت) لا يُغلَب فكم حاول أناس في التاريخ القديم والمعاصر أن يجدوا تناقضاً في القرآن ولم يستطيعوا، (قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ (28) الزمر) لا يمكن أن تجد فيه آية تتناقض أبداً، تتناقض مع نفسها أو تتناقض مع قاعدة علمية أو أن هناك اكتشاف ما يدل على أن القرآن خطأ وهذا مستحيل فهو كتاب عزيز (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ (42) فصلت). ورب العالمين العزيز لأنه لا يقهر، يغلِب ولا يُغلَب فهو العزيز.
العزم: الكلمة الأخيرة هي العزم وهو قوة الشعور بالقدرة على الإنجاز. إذاً العزة قوة الشعور بالغلبة أنت منتصر سواء كنت حياً أو مقتولاً أنت منتصر (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ (52) التوبة) فما الذي ستفعله بي؟ إما أن تقتلني وأكون شهيداً أو أن أنتصر عليك فأنا عزيز في الحالتين قتلت أو قتلت فأنت في عزة دائم وتشعر بالأنفة رافعاً رأسك حتى وإن عذبت في السجون بغوانتانامو أو في أبو غريب أنت مرفوع الرأس أنت منتصر حتى ولو قطعوك إرباً إرباً فأنت منتصر، أنت صاحب الأنفة، أنت صاحب التاريخ، والتاريخ ينحني أمامك. أنت صاحب عزة ولا تشعر وللحظة أو مقدار ذرة أنك منهزم ولو مزقوك تمزيقاً وقطعوا أوصالك، كما قال بلال رضي الله عنه وهو يُعذَّب قال أحدٌ أحد وهذا هو الشعور بالعزة. العزم قوة الشعور بالقدرة على الانجاز عزم. أي أنت أمامك مهمات صعبة هناك من قد ينسحب من هذه المهمات لصعوبتها فهو منهزم. آدم عليه السلام عندما أمره الله ألا يأكل من الشجرة إنهار ومن البداية هو لم يكن لديه قدرة على أن يقول لا (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)، ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) كسيدنا نوح عليه السلام يدعو قومه ألف سنة وهم يشبعونه ضرباً يومياً ولم يثبط هذا من عزمه ثم يقول (إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ ﴿71﴾ يونس) بعد ألف عام من العذاب والتعذيب والإنكار ما هذا العزم؟! فلم يملّ سيدنا نوح ولم ييأس ولم يتعب وهذا من العزم. سيدنا إبراهيم ألقي بالنار من بعيد بالمنجنيق في نار هائلة فجاء عليه جبريل وهو في طريقه إلى النار الهائلة وسأله جبريل عليه السلام: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا وأما إليه فهو أعلم بحالي، ما هذا العزم؟! (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴿69﴾ الأنبياء). محمد صلى الله عليه وسلم “إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي” بعد كل ما جرى (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ). فصاحب العزم قوة الشعور بالانجاز ولهذا هؤلاء الأنبياء الخمسة وفي رواية ستة وفي رواية سبعة وفي الحقيقة هم كلهم لكن هناك تفاوت بعض الشيء (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ (55) الإسراء) وحينئذٍ بعض هؤلاء طوال عمره وهو مع المشركين يؤذونه ويضربونه (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ (28) غافر) النبي صلى الله عليه وسلم ضُرِب وعُذِّب كما تعرفون جيداً وما ليّن عريكتهم ولا شعرة ولم ييأسوا كما قال تعالى عنهم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴿173﴾ آل عمران) أي أمر في غاية القوة والمنعة أهل بدر لم ييأسوا وإنما قالوا للرسول r لو خضت بنا البحر لخضناه معك. إذن إن ذلك من عزم الأمور، القرآن الكريم أحياناً يقول (فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴿186﴾ آل عمران) وأحياناً (إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴿43﴾ الشورى) فإذا قال (من عزم الأمور) أي أنك ليس لك خيار فأنت ميت ميت فتصبر رغماً عنك، لكن عندما يقول (لمن عزم الأمور) فيعني أنك لك خيار أن تنجو ورغم ذلك صبرت وذلك جاءت اللام للتأكيد، أصحاب العزم والعزائم الذين يقيمون دولاً وإمبراطوريات ومشاريعاً هائلة ويخوضوا حروب، الذين عمروا الدنيا حينئذٍ هؤلاء الناس الذين أقاموا كل هذا الملك في الأرض أصحاب العزائم فمنهم من أقام الدول، كعبد الرحمن الداخل الذي كان مطارداً يريدون أن يقتلوه فيذهب ويقيم دولة الأندلس في الغرب أي عزم هذا؟ وقس على ذلك في كل الدنيا وكل الأمم والشعوب فيها عزم هائل. وهذه الصفات في الغالب هي تكوين كصاحب الصوت الجميل يُخلَق بصوت جميل ولكن لابد أن يدرب نفسه على المقامات وكمن يولد شاعراً ولكن لابد أن يحسن هذا بمعرفة العروض والقوافي وهكذا. إذاً هذه هي المنظومة، منظومة النفوس القوية.
هكذا هي القوة النفسية التي هي أساس كل نجاح فما لم تكن نفسك قوية وذا عزم وعزيمة وعرام وحمية وصبر فإنك لا تنتصر ولهذا العدو أول ما يفعل هو أن يجعلك تنهزم نفسياً وهذه لها أساليب كما هو الحال على العرب والمسلمين الآن. الحرب قائمة منذ حوالي قرن كامل بإجهاض العرب نفسياً بشدة الهزائم والانتقادات والتشويش والتقزيم والتشظية وجعلونا مِزقاً حتى أفلحوا في كثير من المواقف أن العربي يؤمن بأنه ليس كفؤاً وأنه غير جيد لأي شيء وهذه نحن أدينا بعض أسبابها وحينئذٍ ما لم يتخلص العربي أو المسلم من هذا بما هو واقع في حاله فإنه لا أمل في أن ينتصر. حينئذٍ متى تفقد احترامك لنفسك أو لأمتك؟
من هذا أولاً الإحباط. والإحباط يكون عندما تتكسر كل أمالك وأحلامك كما هو حال العرب الآن بعمد وقصد لم يحققوا لنا ولا نصراً واحداً والقضية الفلسطينية أكبر مثال منذ سنة 48 وهم في اجتماعات وأفكار ووعود إلى أن يأّسونا بحيث أصبحنا في غاية القرف من حيث أننا عرب لأننا لم نفعل شيئاً لفلسطين بل فعلنا العكس. هكذا في العراق وهكذا في لبنان الآن هكذا كمسلمين في الشيشان وأفغانستان متعمدين ألا ننجح ولهذا عندما عبروا المصريون قناة السويس كانت غلطة رهيبة من الغرب ومن إسرائيل كيف حققوا للمسلمين هذا المجد. كالمصارع اليمني الذي غلب مرة أو مرتين قامت أوروبا ولم تقعد كيف هذا عربي يغلب؟ شيء مقزز. على مستوى العلم هناك اختراعات، ابتكارات، ولا يمكن أن يعترف به الغرب ولو ذهب إلى هناك عالم عربي طبيب أو عالم مهندس أو مخترع لقالوا أنه لم يأتي بأي شيء مميز أو جديد وهو في الحقيقة أستاذ أساتذتهم من حيث العلم. سمعتم جميعاً عن العملية المعجزة التي قام بها فريق من الأطباء السعوديين برئاسة الطبيب الأستاذ عبدالله بن عبد العزيز الربيعة حين فصل توأمين متلاصقين حتى بالأمعاء، لهم جهاز بولي واحد، فصلهم أحياء واستمرت العملية 24 ساعة ونجاح منقطع النظير ولو كان في هذا أوروبا أو أمريكا لأقاموا الدنيا وأقعدوها لكن لأنه عربي لم يمر عليه أحد بل بالعكس لو تحدثوا عنه لقالوا أنه كان معه شخص إنجليزي، ولكن الفريق لم يكن معهم أحد نهائياً. هذا الإحباط، هذا التكسير، وتاريخنا كله خطأ لو قرأت الموسوعات البريطانية عن العرب والمسلمين تجده كله خطأ إلى حد أنهم يقولون أن هذه أمة همجية لماذا؟ لأن البنت تتزوج وهي عذراء وأن هذه قسوة، حتى الدعارة والبغاء يسوقونه لنا ما هذا الإحباط؟ انطلى هذا علينا، وكلنا نحن محبطون لأسباب كثيرة وأنظمتنا وواقعنا وأحداثنا وحوادثنا ولهذا أشبعونا إحباطاً حتى قلّ احترامنا لأنفسنا.
السبب الثاني هو عدم الإحساس بالأمان إذا كنت خائفاً في بيتك خائفاً جداً من أبيك خائفاً من أمك، من أخيك، من مجتمعك، من الليل، من الظلام ففي داخلك خوف هذا يؤدي في النهاية إلى عدم احترامك لنفسك ثم بعد ذلك تشعر بكثير من عدم الثقة بها. ولهذا العرب والمسلمون في الغالب يملؤهم الخوف من أنظمتهم السياسية من حيث أن السجون في العالم العربي والإسلامي ممتلئة بشتى أنواع التعذيب بل إن العرب لم يصدروا شيء إلا المعذبين كما نسمع أن المعذبين في غوانتاناموا وفي سجن أبو غريب من دول عربية. وحينئذٍ هذا الشعور بالخوف وألوان من التعذيب تقشعر منه الأبدان. فالمواطن عندما يكون يوماً بعد يوم بهذا الخوف يشعر أنه جبان ثم يفقد احترامه لنفسه ثم يصبح ضعيف النفس لا ينفع في شيء ولهذا رب العالمين قال (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴿4﴾قريش) (أولئك لهم الأمن) وحينئذٍ أول نعمة من نعم الله عز وجل هي الأمن. حينئذٍ من أخاف مسلماً أخافه الله يوم القيامة، “لعن الله من أشار لأخيه بحديده” لكي لا يخاف. حينئذٍ إذا زال الخوف يؤدي إلى احترام النفس لأنك لا تشعر بالجبن فشعورك بأنك جبان من هذا العنصر الإستخباراتي الأمني وهو صعلوك وأنت خائف منه وأنت أستاذ وأنت شيخ عشيرة وأنت شيخ دين وأنت تاجر عظيم وأنت مفكر وأنت شاعر والذين يقتلون ويعذبون هم هؤلاء الطبقة المتحركة، شعراء، علماء، أدباء، مثقفين، تجار، هؤلاء يوم بعد يوم يتقزم ويشعر بأنه لا شيء وبالتالي يفقد الثقة بنفسه.
كذلك الاعتداء الجسدي أو العاطفي وما أكثر ما يحدث ذلك لكثير من الناس في هذه الأمة.
في سؤال لأحد المتصلين من العراق سأل عن مسألأة الإحباط ومحاولة التقليل من العربي فيما يتعلق بالشخصيات وهذا ما يجري في العراق حالياً بحيث يخرجون من حلقة إحباط إلى أخرى ومسألة إغتيال الشخصيات العلمية والثقافية تسير على قدم وساق. فأجاب الدكتور الكبيسي أن كل هذا الذي يجري في العراق هو ثمن عراق جديد موحّد قادم لا محالة وأقرب مما تتصورون كما جاء في الخبر “لا تكرهوا الفتن فإن فيها حصاد المنافقين”. هذه فترة كفترة المغول عندما جاء المغول وسيطروا على بغداد وهدموها وقتلوا ملايين العراقيين ولكن هذه المجزرة كشفت العملاء والخونة والأغراب والطامعين والأنذال والجبناء والجواسيس ولما خرج المغول خرج كل هؤلاء معهم إلى مزبلة التاريخ ونشأ ذلك العراق الذي عشنا عليه وهذا الذي يجري هو بداية عراق جديد ولولا وخز الإبرة ما استقام الثوب. هذا الوخز اليومي على شدة إيلامه وعلى غلاء ثمنه ثمن عراقٍ قوي موحد عظيم قادم ولا يخشى العراقيون شيئاً فهذا العراق أمنع من عُقاب. هذا العراق ليس أي بلد، إن لله فيه شأناً، جعل الله فيه رحمته وعلمه وكلّ خيره. لذلك شدة العراقيين معروفة ورب العالمين يوظف العراقيين لأمجاد الدنيا والآخرة ولكن عندما يتمددون ويدب فيهم السوس والخنى تأتيهم مثل هذه الفتن لكي تطهرهم فلا بد أن تقلم الشجرة حتى يبدوا فرعها الطيب. وهذا هو الذي يجري وأبشر بأن كل هذه الأرواح الطاهرة والعلماء والمفكرون الذين ذهبوا ضحية غدر نذل جبان هم مصابيح الدجى لهذا البلد وهم الثمن العظيم قدموا أرواحهم لكي ينشأ لكل العراقيين على اختلاف أطيافهم ومذاهبهم بلد عظيم يشار إليه بالبنان فخراً كما هو شأنه في كل التاريخ، كما قال تعالى (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ (5) الإسراء) هم قومٌ من العراق أشداء. وما أكثرهم في هذا البلد وكل العراقيين أشداء في الحق وإن كانت قد لعبت بهم الأهواء في فترة من الزمن وهذا من طبيعة الأشياء. كل ابن خطأ وخير الخطاءين التوابون وكثيرٌ من العراقيين بدأ يفيق ومن لا يفق فجهنم أمامه إلى جهنم وبئس المصير.
إذن الاعتداء على المواطن عاطفياً أو جسدياً بتعطيله، هناك دول عربية وإسلامية الموظف عدو المراجِع فالمواطن يدخل على الموظف كأنه يدخل على أفعى فهناك حقد وعداء واعتداء.
ومن الأشياء التي تهدم النفسية هي الانتقاد فأنت عندما تُنتَقد انتقاداً متتالياً وغير بنّاء يوماً بعد يوم تشعر بالهوان. هذه الأمة جميع أبواق العالم موجهة عليها كاليوم في الأخبار حالة رهيبة مجموعة عرب وفيهم عراقيون لاجئين من ديارهم من جهنم الحمراء التي في بلادهم يريدون الذهاب إلى إحدى الدول الأوروبية ولكن خفر السواحل قبضوا عليهم وبدل من أن يحبسوهم أو يطردوهم أو يعيدوهم إلى بلادهم قاموا بتقييد أيديهم وأرجلهم ورموهم في البحر وهذه دولة أوروبية! وبالتالي هذا إذا مرّ بدون عقاب، بدون ثأر، ستشعر بالذل والمهانة. فهذا الاعتداء المستمر كالذي يحدث بالعراق بحجة أسلحة الدمار الشامل ذبحوا الناس، قتلوا الناس إبادة شاملة وأثاروا الفتنة الطائفية ولا أحد يحرك ساكناً، وما حصل في الجزائر من فرنسا وما حصل في العراق ومصر من بريطانيا فلا يوجد دولة غربية إلا وقد استعمرت دولة عربية أو إسلامية بإذلال، بمهانة، بضرب، بسجون، بتقتيل، فهذا عمر المختار حتى وهو ميت لاحقوه وأزالوا قبره، وكثير من العلماء لوحقوا حتى في قبورهم يوماً بعد يوم، جيلاً بعد جيل تشعر أنت بأنك غير محترم وبالتالي تصبح نفسك ضعيفة غير قادر على أن تنتصر فأنت منهزم من الداخل كما قال صاحبنا (حصوننا مهددة من داخلها). المطلوب منا أنك أنت كعربي، أنت كمسلم، إبحث بموضوعية أين تفوقك على العالم؟ فأنت متفوق على كل العالم بموضوعية متناهية فأنت الوحيد الموحِّد في الدنيا، أنت الوحيد صاحب أسرة، أنت الوحيد الذي له نسب، أنت الوحيد الذي زوجته عذراء، أنت الذي لديك أسرة من أخوال وأعمام وكذا، أنت المتكافل اجتماعياً، فأنت لديك صفات لا يملكها غيرك حصراً بمجرد كونك عربياً أو لمجرد كونك مسلماً وكلاهما متلازم أحدهما مع الآخر. حينئذٍ قارن نفسك بهذه الدول العظمى الآن القوية الهائلة، مثلاً هل تعلم أن دولاً عظمى تملك من القوة والحضارة والمدنية ما هو معجز نسبة الإيدز فيها 40% وأنت في بلادك 0% أما قلت أي أمة نحن عظيمة فعلاً؟ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (110) آل عمران)، 36% من هذه الأمة العظيمة التي تحكم العالم يمارسون الجنس بمحارمهم مع أخته، مع أمه، مع ابنته وهو أمر طبيعي لديهم. بعض هذه الدول شرّعت الزواج المثلي، زواج الذكر بالذكر أيُّ حيوانية هذه! وأنت كيف تشعر بالنقص من أمم كهؤلاء؟! هل فيهم أمة ما استعمرت شعباً آخر؟ سرقت خيراته؟ قتلت رجاله؟ نهبت أرضه؟ مزقت حضارته وثقافته؟ أيّ وحشية هذه؟! وأي اعتداء هذا! وأنت لم تفعل هكذا بل بالعكس، وفي كل مكان حيث ما ذهبوا ذهب العار معهم.
في رد على سؤال من متصل من العراق يسأل عن جواز عدم الذهاب للمسجد نظراً للخوف من الأوضاع الأمنية هناك فأجاب الدكتور الكبيسي: لا يجوز شرعاً أن تخرج من بيتك إلى المسجد وأنت تعرف بأن الموت متربص بك 90% وحتى ولو كان 1% لو كان الخوف كما في الحديث “لا يترك المسجد إلا من خوف أو مطر” خوف ولو 1% فكيف وأن الرصاص موجه إليك فلا يجوز للناس- في العراق- الذهاب إلى المسجد بل عليهم أن يصلوا في بيوتهم وإلا كان انتحاراً. وهناك فترات في التاريخ الإسلامي عُطِّلت فيها الجمعة والجماعة لظروف معينة.
إذن نحن أمة قوية الكم غير الكف (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً (249) البقرة) إن مقاومين معدودين بالمئات ولا أقول بالآلاف جعلوا دولة عظمى تترنح الاتحاد السوفييتي الجبار الهائل الذي يملك نصف الكرة الأرضية ويملك من القنابل ما يدمر الأرض خمسين مرة أناس حفاة عراة أخرجوهم. نحن أمة لها إيمانها وعراقتها وتاريخها ونظافتها العقائدية فمن الذي يعبد الله خمس مرات في اليوم؟ من الذي يأمر بالمعروف وبنهى عن المنكر في الدنيا كلها غير هذه الأمة؟ من هو حسيب ونسيب؟ من يوحد الله غيرها؟ من له أعمام وأخوال وأسرة ونسب غيرها؟ من هو رحيم مع عدوه غير هذه الأمة؟ حينئذٍ فيها جوانب قوة هائلة ولكن إعلامها فاشل، حكامها أعداء شعوبهم، ولهذا لا يستطيع الحاكم أن يخرج إلى الشارع لمسافة 4 أو 5 أمتار لأن الكل يكرهه والكل لا يريده. حينئذٍ هؤلاء الناس أذاقوا شعوبهم الهوان والهول وهذا الغربي إذا ما رأى دولة شعبها يحب حكامها وحكامها يحبون شعبهم وإلا وكادوا لهم كيداً. من أجل ذلك عليك أن تتلمس أولاً أين القوة (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا) مطلوب من كل مسلم أن يصمد صموداً بحمية، بعزم، بعزة، بعرام، أنت سيد الدنيا بتوحيدك ونظافتك وعدلك ولم يحدث في التاريخ أنك سرقت جارك واستعمرت دولة أخرى، أبداً فأنت ناصح ومرشد ومعلم وهادي، أنت تعطي ولا تأخذ وما حدث أن أمة مسلمة إستعمرت جارتها. وعليك أن تعلم أن هذه الأمة فيها من عناصر القوة لو أنها احترمت نفسها ولو أنها وثقت بنفسها بعد احترامها ثم تلمست أين جوانب القوة فيها. وقبل هذا وبعد ذاك عليها أن تتخلص من هذه الجرثومة الجديدة التي زرعها فيها المحتل، هذه الحرب الطائفية التي في العراق تدمر كل شيء فيه وهي توشك أن تعود في لبنان فاتقوا الله في أنفسكم واعلموا أن لله يوماً آخر “من قتل مسلماً حرّم الله عليه الجنة”.
بُثّت الحلقة بتاريخ 8/12/2006م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.