الحروف في القرآن الكريم, حرف القاف

حرف القاف – منظومة الاقتصاد (قصد)

اسلاميات

 

منظومة  الاقتصاد

الاقتصاد – الاستقامة – الوسط – السواء-

هذه الكلمات كلها تعني أنك تكون وسطياً لا إفراط ولا تفريط (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) الفرقان) هذه المنظومة تشير إلى أنك تصل إلى أهدافك بأقصر الطرق دون إفراط ولا تفريط، كن متوازناً وهذا سمت الحياة الفاضلة.

القصد: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ (19) لقمان) (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر) هو الذي يصل إلى هدفه بأقصر الطرق (لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ (42) التوبة) السفر طويل وشاق (وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ (9) النحل). من رحمة الله تعالى أنه يوصلك إلى أهدافك بأقصر الطرق: قل لا إله إلا الله محمد رسول الله، آمنت بالله ورسله وكتبه وتصوم رمضان إلخ هذا يسمى الاقتصاد. هناك اقتصاد في العبادة واقتصاد في المال والاقتصاد في كل شيء يعني أن تصل إلى غاياتك بأكثر القصد.

الاستقامة: فضيلة بين رذيلتين فيما يتعلق بقوى الإنسان الأربع: هناك قوى تتحكم في عمل الإنسان وفكره وحركته وهي قوة العقل وقوة العلم وقوة الغضب وقوة الشهوة. قوة العقل إن قلّت فهو الغباء وإن زادت جداً فهو المكر وإذا استوت فهي الحكمة (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا (269) البقرة) والحكيم ليس ببليد ولا ماكر وإنما يفكر ببساطة ووضوح غير معقد. قوة العلم إذا قلّت صارت جهلاً وإذا زادت فهي المروق والغلو في العلم يجعل صاحبه يسخّره تسخيراً نابياً فإذا استوى الطرفان فهو الرُشد. إذن الرُشد في العلم الحكمة في العقل. قوة الغضب إذا قلت فهو الجُبن وإذا زادت فهو الطغيان وإذا استوى الطرفان فهو الشجاعة والحِلم. قوة الشهوة إن قلّت فأنت مريض وإن زادت فأنت شرِه لا تشبع من مال أو جنس أو سلطة وإذا استوى الطرفان فهي العِفّة (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ (33) النور). فالاستقامة هي فضيلة بين رذيلتين، والرذيليتن تطرّف إما سلباً أو إيجاباً.

الوسط: أفضل النظائر. وكل كلمة في هذه المنظومة ترسم زاوية في الصورة لا ترسمها الكلمة الأخرى. كنتم خير أمة لأن الله تعالى جعلنا أمة وسطاً. أفضل النظائر لأنهم موحّدون يؤمنون بالله تعالى وبكل الرسل وصحيحو النسب فيهم عوائل وأُسر، يذكرون الله كثيراً، لا يفرقون بين البشر، يأكرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويراقبون الله عز وجل في تصرفاتهم، رحماء عند الخصومة وغيرها من الفضائل الكثيرة التي انفردت بها أمة الإسلام لذلك كانت وسطاً (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا (143) البقرة)، (قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) القلم) أي أفضلهم. هناك الكثير من العلماء لكن هناك قِلّة متميزون، هناك نوابغ قِلّة بين الناس، يقال أوسطهم أي أفضل النظائر.

السواء: الشيء المتفق عليه بين المتخاصمين. متحاربين عدوين مجادلين لكن هناك ما نتفق عليه، هذا يسمى سواء (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ (64) آل عمران) لما تحارب قوماً عليك أن تكون واضحاً تفهم القواعد الأخلاقية التي يتفق عليها الطرفان. المسلمون وحدهم الذين يلتزمون بهذه الكلمة السواء في التاريخ الماضي واليوم، أمة عادلة مع عدوّها لذا هي أمة وسط.

الاقتصاد والقصد أقرب الطرق الوصلة للغاية بأقل التكاليف. أنت مسلم عليك واجبات المطلوب منك القصد: أنت اعبد الله تعالى بأقصر الطرق التي تؤدي إلى المطلوب لا تصلي طول النهار، صلِّ بأقصر صلاة: الفاتحة وسورة قصيرة. لما رأى الرسول r رجلاً يطيل الصلاة  قال أنتم أمة أريد بها اليسر فعليكم بالقصد القصد القصد. إعمل العمل الكامل بأيسر الطرق بلا إفراط ولا تفريط ولا مغالاة. إختر أيسر الأمور، سهِّل على الناس وارحم ضعيفهم هذا يسمى القصد. القصد شرعة هذه الأمة. والقصد مطلوب في الدنيا والآخرة. الاقتصاد علم في التجارة وصار علماً في الدين.

ماذا تعني كلمة اقتصاد في هذه الأمة ككلمة قرآنية؟ (ومنهم مقتصد) (مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ (66) المائدة) يصل إلى غاياته وأهدافه بأقصر الطرق وأيسرها. الطريق القاصد بلا لف ولا دوران، واضح، يسمى قصد السبيل. طريق قاصد يوصلك بأسرع الطرق. هناك من يعبد الله تعالى يصلي خمس أوقات ويؤدي الزكاة وكلما أذنب استغفر أولئك على هدى من ربهم فإذا أراد أن يزيد (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) المؤمنون) هذا يكفي. أما لو دخلت في الفِرق والمذاهب هذا شيعي وهذا سني وهذا صوفي وهذا أشعري وهذا سلفي وهذا وهابي هذه ليست قصداً. هذا القصد مطلوب منا في الدنيا والآخرة. منظومة هذه الحلقة مطلوبة منا في الدنيا والآخرة في جميع أمورنا، مع الناس، في السياسة، في التعليم، في الانفاق، في المال، في كل شيء (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) الفرقان). الاستقامة هي فضيلة بين رذيلتين فالبخل الشديد رذيلة والتبذير الشديد رذيلة والاقتصاد فضيلة. الاقتصاد لا إله إلا الله لكن البعض أدخلنا في متاهات الأسماء والصفات وغيرها من الأمور التي لا ينبغي الخوض فيها في صفات الله تعالى وهو تعالى يقول (لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) الأنعام) بهذه المتاهات كفّر بعضهم بعضاً. أي خبل هذا؟! هذا خلاف القصد لذلك الذي أذهب هذا الدين من نفوس الذين أراد الله شقاءهم مفرّط أو مفرِط. الجاهل إما مفرِط أو مفرِّط وهذه الأمة وسط مستقيمة فضائلها بين رذيلتين، من الذي لا يعرف أن الله واحد؟ أو أن الزنا حرام؟ أو أن الربا حرام؟ (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء (58) الأنفال) (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ (64) آل عمران) لا نختلف فيها وهذه حجة المسلمين. فالاقتصاد والقصد أن تبلغ أهدافك في الدنيا والآخرة.

بعد أن عرفنا معنى القصد وهو الوصول إلى الهدف بأقصر الطرق، أنطمة الحياة في هذا الكون متعددة منها ما هو أقصى اليمين ومنها ما هو أقصى الشمال ومنها ما هو أقصى الوراء ومنها ما هو أقصى الأمام. أقصى اليسار نظام سياسي مثل الاتحاد السوفياتي الناس كلهم فقراء والدولة تعطيهم طعاماً، الدولة تملك الشعب الذي لا خيار له ولا حرية له والدولة تعطيه المسكن والمطعم والمشرف وهذا يكفي, كل الناس فقراء ولا أحد يملك درهماً أكثر من الآخر، هؤلاء حكموا العالم ثم ذهبوا إلى مزبلة التاريخ وتركوا النظام خراباً لا يمكن إصلاحه. هذا النظام غاية في الإفراط. نظام أقصى اليمين عكسه وهو أن المال والثروة أهم شيء في الحياة والطبقة الراقية تحكم كل شيء وتستعمر البلاد وخيراتها وهذا غاية اليمين وأن كل البشرية همج وحيوانات. وهناك أقصى الخلف بلدان متخلفة بائسة فقيرة فيها رشوة ولا قيمة لها وشعبها يغط في نوم عميق وحكوماته متخلفة وهناك شعوب فيها الفساد منتشر عام. وهناك دول في أقصى الأمان حباها الله تعالى مجموعة قادة وشعباً متآلفاً وحباها ثروة قننوها وجعلوا منها حضارة فأسعدوا شعوبهم وكل من على أرضهم وأسعدوا شعوباً قريبة وبعيدة بالذكاء وطيبة القلب وحب الناس لهم. هذا الرشاد رب العالمين يهبه لمن يشاء وإذا أحب الله تعالى شعباً سلّط عليهم حاكماً يحبهم والعكس صحيح ” كما تكونوا يولّى عليكم”. رب العالمين قال (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ (65) الأنعام) لما نزلت هذه الآية قال r أعوذ بالله، ثم قال تعالى (أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) فقال r أعوذ بالله، قال تعالى (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ) قال r هذه أفظعها ولمّا يأتي تأويلها بعد. ولو كان الرسول r حيّاً لعرف أن هذه الأية هي تفسير لما يحصل الآن. والمعروف أن الشعب إذا أحتُلّ يتكاتف وينسى الناس خلافاتهم ويتحدون في وجه المحتل لا كما يجري الآن في العراق وكثير من الدول الإسلامية.

ثم تحدث الدكتور الكبيسي في الحلقة بإسهاب عن الاستراتيجية التي أطلقها سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وكيف أن من ميزاتها أنها تتم للمرة الأولى في الدول العربية وأنها تتحدث عما هو واقع وقد تحقق معظمها والباقي طموح. فالقصد تحقق أنه أوصل الناس إلى الأهداف، أن تحقق لهم عدلاً ومسكناً وعملاً وتعليماً وأمناً والطرق آمنة، هذا هو القصد وهذا تحقق كما لم يحدث في أية دولة أخرى.

فالقصد هو الوصول إلى الحد الأدنى الكامل الذي يجزيء. كل عمل تكلّف به إذا أدّيته بالشكل الكامل وبأقصر الطرق وأيسرها هذا هو القصد. فالاستراتيجية تحدثت عما حققته: حققت العدل حتى اختفى الظلم وحققت الأمن حتى اختفى الخوف وحققت الكفاية حتى اختفى الفقر وهي تتحدث الآن عن مرحلة الطموح بكل مسؤولية وجد وليس مجرد كلام لاستدرار عطف الشعوب أو من باب الإعلام فقط كما يجري في دول عديدة. وكل لكمة في الاستراتيجية تدل على شيء فُعِلأ أولاً ثم قيل أو شيء سيُفعل وبدأ فعلاً. كل استراتيجية في العالم يحكم عليها من خلال واضعها من حيث قدرته: رئيس جمهورية، رئيس وزراء، ملك، وما مدى قدرته؟ ما مدى صدقه مع شعبه عندما يقول؟ ما مدى رغبته في أن يفعل؟ ما مدى أنه يملك قراره في أن يفعل أو لا يفعل؟ وهذه الاستراتيجية تتميز بأنه وضعها الشيخ محمد بن راشد والكل يعرف أن هذا الرجل لا يقول إلا بعد أن يُنجِز، ينجز أعمالاً عملاقة ثم يخبر عنه بكلام وجيز. تقول الاستراتيجية أنها تتحدث عما هو في الواقع وأي كلام في الصحة أو البيئة أو التنمية أو الرفاهية إذا قارنته بالواقع تجد أي مستوى وصلت إليه الدولة من تحقيق طموحات شعبها وتقديم الخدمات الهائلة بمواصفات هائلة في هذه الدولة لا تجده في دول أخرى في أوروبا ولا حتى في أميركا. لا يحدث خلل من شدة دقة النظام ودقة الخدمات في الدولة. الاقتصاد تحقق وجانب القصد تحقق والآن جاءت مرحلة الطموح لتصل إلى أعلى المواصفات العالمية وهذه قضية لا تجدها إلا في هذا البلد ونسأل الله تعالى أن يحفظ الشيخ محمد بن راشد من الحسد فما أكثر الطامعين وكلنا يعلم أن هناك أناساً لا يحبون أن يروا بلداً عربياً تحرك في جانب الحضارة والإنجاز إلا انقضوا عليه لذا نسأل الله تعالى أن يحفظ هذه البلاد وهذا الشعب لأنه ما من حكومة قدمت لشعبها أمناً ومحبة وتواضعاً كهذه الدولة المباركة خاصة في عهد الشيخ محمد بن راشد.

سؤال من مشاهدة تسأل عن قوله تعالى (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) فتقول أن المعروف أن الأفضل هو السابق بالخيرات فكيف نوفق بين هذا الرأي وما ذكره الدكتور في الحلقة عن أن الاقصد أفضل؟ أجاب الدكتور أن رب العالمين قال (والسابقون السابقون) هؤلاء ثلة من الأولين وثلة من الآخرين، ونحن لا نصل إلى هؤلاء وإنما هم قِلّة في الأمم. كلنا يلعب رياضة لكن قلة فقط هم المتميزون، هناك نوابغ قِلّة في العالم. الكلام في الآية عن أصحاب اليمين (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) أما السابقون فهؤلاء قلة لا يقاس عليهم كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: نحن أهل بيت لا يقاس علينا ولا نقاس على أحد، لهم مكانة وهبها الله تعالى إياهم. نحن نتكلم عن أصحاب اليمين وأصحاب الشمال.

سؤال من مشاهد يسأل عن مدى صحة الحديث: إياكم وخضراء الدمن فأجاب الدكتور أن الحديث شائع لكن لا يعرف مدى صحته ووعد بالبحث عنه.

القصد في الدين:

نقرأ حديثاً عن عبد الله ابن عمر قال ذكر لرسول الله r رجال يجتهدون في العبادة اجتهاداً شديداً فقال r: تلط ضراوة الاسلام وشرّته ولكل ضراوة شِرّة ولكل شِرّة فترة فمن كانت فترته إلى اقتصاد وسُنّة فلأم ما هو ومن كانت فترته إلى المعاصي فإنه هالك. الضراوة هي الإدمان واللذة والشِرّة هي النشاط بالحركة والعمل، ولما تتعب يحثل لك فترة. الرسول r يقول أن هؤلاء دخلوا في الاسلام جديد أدمنوا على الصلاة وفعلاً النبي r ان يقول: جعلت قرة عيني في الصلاة ويقول لبلال أرحنا بها يا بلال وكان يتلذذ بالصلاة فيقرأ في ركعة البقرة وآل عمران والنساء ويركع بقدر ما قام ثم يسجد بقدر ما ركع ولا يمكن لأحد أن يقوم بهذا العمل الذي كان يقوم به r. هؤلاء جدد وهذه ضراوة الإسلام وشرّته لكن وراءها فترة لأن وراء كل نشاط فترة. الناس تنفلت بعد الضراوة والشرّة وأحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قلّ. عندما يتعب هؤلاء يشركون والبعض يترك إلى اقتصاد وسُنّة. (أم الشيء) عماده وأصله نقول أم القرى وأم الكتاب وأم القرآن أي الفاتحة. يقول r إذا تعب أحدكم وفتر إلى سُنة  صلى ركعتين وقرأ بضع آيات، صام يوماً في الشهر أو الخميس، شيء بسيط، يقول هذا أصل الشيء وعماده (أمّ الشيء)، ومن فتر إلى المعصي فقد هلك. فالاقتصاد خير من الاجتهاد العظيم الذي سببه الضراوة والشِرّة وكلنا مررنا بهذه وتلذذنا بعبادة ثم فترنا والبعض فتر وانزلق والبعض فتر إلى اقتصاد وسُنّة. قال r: صلوا من الليل ولو ركعة، البعض يصلي أربعين ركعة في الليل ثم ينام عن صلاة الفجر! لذا علينا أن تكون فترتنا إلى اقتصاد وسُنّة. إعمل لك ورداً يومياً، صم ثلاثة أيام من كل شهر، استغفر الله تعالى (لا يزال العبد خائفاً من عذاب الله حتى يستغفر)، كن بشوشاً مع الناس، لا تكفِّر أحداً ولا تحتقر الناس حولك وإلا تكون في ضلال، وهذا من كيد إبليس الذي يصيب الناس بالمعاصي.

عن أبي الدرداء يقول سمعت رسول الله r يقول: فأما الذين سبقوا بالخيرات فهؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب وأما الذين اقتصدوا فإنهم يحاسبون حساباً يسيراً (والحساب اليسير هو أن ينظر الله تعالى في كتابه). فالمقتصد من أفضل الناس وعلينا أن نكون من المقتصدين.

قال r: لن ينجي أحدكم عمله، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته فسددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة والقصد القصد تبلغه. التزموا بالقصد أقل المجزيء.

حديث آخر: أنتم أمة أريد بها القصد، قصداً قصداً، وقد وردت هذه الكلمة في السُنّة بشكل عجيب بحيث تعجب من الذين كفّروا المسلمين وقتلوهم.

عن أبي ظبيان يقول r: إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمس وعشرين جزءاً من النبوّة.

يقول r لما رأى جماعة يصلّون بكثرة قال: عليكم هدياً قاصداً، عليكم هدياً قاصداً، عليكم هدياً قاصداً فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه. فديننا القصد والوسط والاستقامة بهذا اللطف والجمال أن تعبد الله وأنت محبٌ لذلك لا تكلف نفسك إلا ما تطيق ولا ترهقها وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ وأن لا تكفِّر أحداً وأن لا تنظر إلى الناس نظرة شك وريبة وعليك أن تحسن الظن بالله أولاً وبالمؤمنين.

بُثّت الحلقة في 20/4/2007م