الحروف في القرآن الكريم, حرف الكاف

حرف الكاف – منظومة الأشباه والتشبيه (كفؤ)

اسلاميات

منظومة  الأشباه والتشبيه

كفؤ – شبه – شكل- صورة – مثل – ندّ – مضاهي –

آخر كلمة في هذا الباب باب الكاف كلمة كفؤ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿4﴾ الإخلاص) أي مثلاً أو شبيهاً أو ما شاكل ذلك. إذاً هذه المنظومة منظومة الأشباه أي شبه مثلاً فلان شبه فلان، فلان شكل فلان، فلان كفؤ لفلان، فلان صورة فلان، فلان مِثل فلان، فلان ندٌٌ لفلان، فلان يضاهي فلاناً. هذه الكلمات على حسب ما أحصيناها وربما يكون قد فاتنا منها شيء نعتمد في ذلك على الله أولاً ثم على المشاهدين فهذه الكلمات هي التي أحصيناها من حيث أنها تدل على أن شيئاً يشبه الشيء الآخر. وكل كلمة منها ترسم زاوية في الصورة لا ترسمها الكلمة الأخرى فالقول بأن هذه الكلمات بمعنى واحد يعني عندما أقول فلان مثل، فلان نفس معنى فلان يشبه فلان وفلان كفؤ لفلان وفلان يضاهي فلان هذا ظلمٌ لهذا الإعجاز اللغوي القرآني كما سنعرف الآن وكما عرفنا في كل حلقة من الحلقات التي جاوزت الأربعمائة تقريباً.

شبه: يقال فلان شبه فلان، إذا استعملت هذه الكلمة معنى هذا أن التفريق بين الأمرين في غاية الصعوبة لأنه يلتبس هذا بهذا كالتوأمين توأمان متطابقان حتى الأبوان يتوهمان من هو أحمد ومن هو محمود لأنهما متشابهان تشابهاً عجيباً وهذا يحدث كثيراً عند التوأمين. ولهذا قال تعالى عن سيدنا عيسى عليه السلام (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (157) النساء) لم يقل مُثِّل ولم يقل صُوّر أو ضاهى ولكن قال شُبه، لماذا؟ لأن الذين كانوا موجودين قالوا (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ (157) النساء) يا ترى هذا الذي قتلناه المسيح أو غيره من الدقة بحيث لا يعرفون إن كان هذا هو المسيح أو شبيهه الذي يشبهه تماماً. يسمى شبه عندما يكون هناك أمران متشابهان بحيث لا تستطيع أن تفرق بينهما إلا بدقة متناهية يكون واحد في غاية الذكاء أو الفطنة أو جهاز آلي يفرق بينهما مثلاً العملة المزيفة لا تكشفها إلا بآلة، هذا الدولار كما هو هذا الدولار تقول هذا شبه هذا ولا يصح أن تقول مثل هذا أو شكل هذا أو صورة هذا لا بل هذا شبه هذا (وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) هذا التشبيه. الشكل: الشكل نفس التشبيه لكن هناك انسجام فقد يكون هناك شكلان يصعب التفريق بينهما لكنهما غير متوافقان قد يكون سيارة وسيارة قد يكون جار وجار وقد يكون صديق وصديق لكنهما متحاربان متخاصمان إذا كانا متوافقين منسجمين يسمى هذا شكلاً (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴿57﴾ وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴿58﴾ ص) من حيث أن الذين يعذَّبون في النار متوافقون (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴿27﴾ الصافات) حينئذٍ كل شبهين بينهما انسجام أو اتفاق أو توافق أو رضى يسمى هذا شكل والله تعالى قال (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (84) الإسراء) وقوله تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا (71) الزمر) (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73) الزمر) يوم القيامة أهل الليل مع بعض، الحكام العادلون مع بعض، العلماء العاملون مع بعض، الذاكرون مع بعض، الأسخياء مع بعض، يصبح بينهم توافق وكل واحد ينجذب إلى ما يشاكله ولذلك كل شيء متشابه لكن بينهما انسجام توافق يسمى شكل سواء كان حسي أو معنوي.

الصورة: أصل ونسخة (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) آل عمران) (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ (64) غافر) نحن كلنا نسخة من الذين خلقنا الله عز وجل في البداية عندما كنا في ظهر آدم عندما خاطبنا قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴿172﴾ الأعراف) فكلنا نحن الذين تسمعوننا الآن ونسمعكم ونراكم كلنا كنا مخلوقين عاقلين مميزين وخاطبنا ربنا وقال: ألست بربكم قلنا: بلى يا رب (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) إذاً خلقنا الله وخلق أفعالنا باختيار عندما كنا في عالم الأمر. عالم الأمر هو العالم الأصل الحقيقي قبل أن تُخلَق هذه الصور النسخة المطابقة فحينئذٍ نحن الآن صورة لذلك الذي خلقه الله في البداية. هكذا فحينئذٍ نحن الآن صوّرنا الله من جديد على تلك النسخة التي خلقها في البداية التي هي الأصل (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ (54) الأعراف) (يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ) هذا الصورة.

الكفؤ: التشابه فقط في القدر والمنزلة فكونك أنت تصلي والآخر لا يصلي لا يقال كفؤ لكن إذا كنت أنت أمير وفلان أمير ففلان كفؤ لفلان في المنزلة، أنت عالم وهو عالم فأنت إذا أردت أنت تخطب بنت أمير وأنت رجل فلاح أو بسيط أو ليس لديك ميزة فأنت لست كفؤاً كما يقول الشاعر:

فطلقها فلست لها بكفؤ        وإلا يعلو مرفقك الحسام

فالكفاءة أنت تكون أنت كفؤ لها في القدر والمنزلة. إذاً الكفاءة والمكافأة والتكافؤ كما قال صلى الله عليه وسلم (المسلمون تتكافأ دماؤهم) دمي مثل دمك عندما أقتل أنت تُقتَل الدية نفس الدية القصاص نفس القصاص إذاً الدماء متكافئة لا فرق بين دم أمير أو غفير الكل له نفس القصاص ونفس الدية فالدماء متكافئة متشابهة في القدر والمنزلة. لكن في الزواج لا فرُبّ رجل ليس كفؤ لامرأة معينة، أو أن تكون هناك وظيفة شاغرة وظيفة عظيمة وزير، سفير، مدير عام، رئيس جامعة، أستاذ جامعة، قائد جيش، قائد فرقة، قائد فوج وهنالك عشرون عقيد وخمسين لواء وخمسين عميد لكن أنت كفؤ لهذه الوظيفة أي تشبهها بالقدر والمنزلة فالكفؤ إذاً التشابه ولكن في أي شيء؟ تشابه بالقدر والمنزلة.

المِثل: المثل-بكسر الميم- والمَثل-بفتح الميم- والمثيل كالشبه-بكسر الشين- والشبه-بفتح الشين- والشبيه طبعاً شِبه وشبيه وشَبَه تأخذ نفس المعنى مثل ومثل ومثيل لا مثيل له (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا (24) إبراهيم) (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ (59) آل عمران) (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا (32) الكهف) حينئذٍ هذه الكلمة هو الشيء الذي يسد مسد الشيء الآخر بحيث لو أخذنا الأول وتركنا الآخر مضبوط (فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا (137) البقرة) وهو التوحيد لا يقبل إلا أن تماثلون بالضبط لا إله إلا الله تمحيص كامل ليس مع الله أحد لا بشر ولا قبر ولا عالم ولا صالح ولا نبي ولا مخلوق ولا شيء، تمحيص كامل (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴿25﴾ الأنبياء) حينئذٍ الله يقول سبحانه وتعالى هؤلاء اليهود والنصارى لديهم إيمان لكن مشوش، العزير ابن الله والمسيح ابن الله (فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) بحيث تأخذ إيمان المسيحي وتضعه عند المسلم سواء وتأخذ إيمان المسلم وتضعه عند المسيحي أو اليهودي سواء كل منكم موحد الله بالضبط وهذا حدث في التاريخ وحتى الآن هنالك قلة قليلة من اليهود والنصارى يوحدون الله تماماً لا إله إلا الله ليس هناك نافع ولا ضار ولا الخ إلا الله. حينئذٍ تجعل هذا سواء وكل ما في الكتاب العزيز من هذا القبيل كلمة(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ (59) آل عمران) وفعلاً فإن سألك شخص ما هي قدرة الله عز وجل؟ تقول له أن يخلق إنسان من دون أب فإن سألك مثل من؟ تقول له مثل آدم عليه السلام فيقول هذا صحيح، ومثل عيسى عليه السلام هذا المثل عيسى وآدم عليهما السلام لو جعلت كل شخص منهم مكان الآخر بالضبط يسمى مِثل. فالمماثلة لا تكون إلا منطبقة تماماُ أحدهما يسد محل الآخر. ولذلك التماثيل تسمى تماثيل لأنها تعطيك صورة كاملة عن هذا الذي هو ممثل له فأنت لو ترى متحف الشمع في لندن لاعتقدت أنه هو نفسه الشخص أمامك لولا أنك تعلم أن الذي أمامك من شمع وذلك من الدقة (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ (6) الرعد) فهذا الذي يحدث عندكم الآن في العراق، في فلسطين، في لبنان، الذي حصل في أفغانستان والذي حصل في الشيشان هذا جرى في التاريخ عشرات المرات فلماذا لا تتعظون؟ وقد حدث هذا قرابة الخمسون مرة في العراق منذ أن خلق الله العراق أول ما خلق الأرض إلى الآن مجازر ومطاحن والناس يقتلون بعضهم البعض (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ (65) الأنعام) هذه كلها تدور لكي ينقي الله العراق من الزيف والكذب والطائفية والفئوية والخيانة والنذالة والحقارة والجبن لكي يعود شعباً قوياً يسخره الله لأمر من الأمور. وهذا في التاريخ من زمن الصحابة وما حصل في كربلاء وفي زمن العباسيين وفي زمن الأمويين والعثمانيين والإنجليز وعندما أتى التتار حصل للعراق نفس الأمر، دولة إسلامية ممتدة كثرت فيها الخمر والجواري وترف وفسق وفجور جاء التتار وقسم أصبح مع التتار وبدأ بعضهم يقتل بعضاً وبعضهم يذبح بعضاً إلى أن استوى المجتمع استواءً كاملاً وذهب كل الزيف وانكشفت كل السلبيات وبقي شعب صحيح قوي فتح الله به وعليه وأعاد للإسلام هيبته. إذاً (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ ) أي تعودوا على أن تعرفوا التاريخ وهكذا حينئذٍ كلمة المثلات أو المِثل أي لو رفعنا المُشبّه وبقى المشبه به بالضبط ساواه هذا يسمى مثل. وبغداد لم تسقط على مر التاريخ من الخارج إلا بعد أن سقطت من الداخل والسبب في هذا أن الحرب لا تكون بين الحق والباطل لأنها لو كانت بين الحق والباطل لما طالت إذا كانت بين باطلين تطول لأن كلاهما باطلين لا بد أن يذوقوا الهوان إلى أن يفيء أحدهما إلى الحق تنتهي الحرب فالآن الحرب بين باطلين الكل باطل الآن جميع هذه الوجوه التي تفجر هناك وتفجر عند الشيعة وتفجر عند السنة وتقتل هذا وذاك كلها باطلة (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) إلى أن يصفو المجتمع من هؤلاء وتزول هذه الوجوه الكالحة وقد يكون بعد سنة وقد يكون بعد شهر وقد يكون بعد عشرين لا أحد يعلم إلى أن يعيد رب العالمين لهذه الشعب هيبته كما فعل في التاريخ حوالي العشرين مرة (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ ). إذن الشبيه هو الذي يلتبس بالمشبه به، بالآخر، والشكل هو الذي بينهما مشابهة والصورة هي الأصل والنسخة والكفؤ التشابه في القدر والمنزلة والمثل والمثيل الذي يسد أحدهما مكان الآخر هكذا.

الندّ: حينئذٍ نعود إلى كلمة الند، الند متشابهان على خلاف الشكل قلنا الشكل متشابهان متوافقان، الندّ متشابهان متنافران ومتخالفان، وزيران كلاهما وزير إذاً هما متشابهان لكن أحدهما ضد الآخر يسمى عداوة كار أو تحاسد الأقران، عالم وعالم متشابهان لكن أحدهما ضد الآخر، ملك وملك، رئيس ورئيس متشابهان فهما أنداد هذا ند وهذا ند لكنهما متخالفان بالرأي وأناس يحاربون أناس ودعاية وإعلام وهكذا ولهذا الله عز وجل قال (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا (22) البقرة) (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ (165) البقرة) فالأنداد هم صحيح آلهة هذا آلهة وهذا آلهة لكنهما مختلفان متخالفان هكذا إذاً فالند المتشابهان المتخالفان كما أن الشكل المتشابهان المتوافقان.

المضاهي: أخيراً المضاهي وهو شبيهان ولكن أحدهما يطيع الآخر ويتّبعه يفعل مثل ما يفعله هذا يسمي مضاهي كما قال تعالى (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴿30﴾ التوبة) شبيهان في أن الذين كفروا جعلوا لله أنداداً أو أبناء الخ هذا نفس الشيء ولكن هؤلاء يتبعون ذلك القوم. وكل شبيهٍ يتبع شبيهه أو يقلده أو يطيعه يسمى مضاهياً (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ). فالمضاهاة هنا توجب بعد التشابه الطاعة والتقليد.

هكذا هي هذه المنظومة التي أحصيناها في كتاب الله عز وجل وطبعاً لم نتكلم في أدوات التشبيه (كأن-كان الخ) لأنها معروفة والحروف ستأتي في حلقات خاصة إن شاء الله.

نتكلم في بعض الآيات التي فيها كلمة مِثل لكي نبين لماذا استعمل الله هذه الكلمة؟ وكلمة مِثل من أقوى الكلمات التي تدل على المشاكلة والشكل والإنشاء والخ لأن فيها معنىً عميقاً. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأعراف (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿175﴾ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿176﴾ الأعراف) (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) لماذا؟ في الحقيقة رب العالمين يتكلم هنا عن حالة عجيبة. قبل أن ندخل في التفاصيل ودعك من الذين كفروا فهو كافر أصلاً لكن هناك أناس جاءهم العلم والإيمان والتقوى والصلاح من أبوين مؤمنين سواء كان مؤمنين مسيحيين أو يهوديين أو مسلمين وآمن بموسى أو بعيسى أو بمحمد صلى الله عليه وسلم وأعطاه الله علماً وهداية وكان متجلياً ومقدماً الخ وإذا به على حين غفلة أضلّ الناس وجعل له فرقة وبدأ يقتل الناس كالآن في العراق وفي غيره والتاريخ مليء أناس يصلون ويصومون ويقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله تصلي خمس أوقات واسمك مسلم الله ربي محمد نبيي وإذا هذا الرجل يضحك عليه الشيطان ويجعله يكفّر كل الناس مليء بالحقد والكراهية ينسف الجوامع والحسينيات والمساجد ويقتل العلماء والمؤرخين ولم يتركوا أحداً في العراق لا عالم ولا مخترع من خمسمائة وثمانين مخترع حقيقي قتلوا منهم أربعمائة وكسور وكذلك علماء الدين، ضباط الجيش، الطيارين، أساتذة الجامعة، التجار، المهندس، لم يتركوا أحد وفوق كل هذا بعد أن ينتهي من كل هذا القتل يذهب لكي يصلي كما يفعل الخوارج وغيرهم يقتلون آل النبي صلى الله عليه وسلم ثم يصلي ويقول اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد وهو قد قتلهم قبل خمس دقائق ما هذا المكر؟! رب العالمين يقول عن هؤلاء (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ) والنبأ غير الخبر: النبأ هو الخبر الذي لا تستطيع أن تحصل عليه بجهدك أبداً إلا أن يُنبّئك به أحد (وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴿14﴾ فاطر) لم يقل ولا يخبرك فالخبر ممكن أنت تعرفه بوسائلك الأنباء هي التي تتم بعيداً عن قدراتك في معرفتها ولابد من جهة قوية مطلعة وقادرة تنبئك بما في ذلك (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ﴿1﴾ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ﴿2﴾ النبأ) وليس الخبر، نبأ أتى من السماء. والله تعالى يقول (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا) وانظر إلى دقة القرآن الكريم يقول لك هذا الإيمان فطري وأنتم تعرفون دائماً أن الإيمان فطري الإنسان يولد مؤمناً (كل مولودٌ يولد على الفطرة) (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ (14) النمل) فعندما تخرج من دينك بالفعل أو بالواقع أو بالكفر أو بالردة أو بتصرفاتك كأن الإيمان يسلخ منك كما يسلخ منك جِلدك لشدة ارتباط الإنسان بالإيمان وهذا كما قلنا قبل قليل أخذ الله علينا العهد منذ الأزل أن نقول نعم أنت ربنا (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى). (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ) وانظر إلى دقة التعبير: الذنوب نوعان نحن لا نفهم هذا ولو تأملنا في القرآن الكريم لرأينا عجباً كل ذنب تذنبه نوعين إما من نفسك أو من الشيطان، وأي الذنوب من نفسك؟ وأي الذنوب من الشيطان؟ كل شيء تشتهيه تتلذذ فيه وتعود إليه مراراً هو من نفسك زنى، شرب خمر، سرقة مال، غيبة، نميمة، كل هذا من نفسك وكل هذا من شهوات النفس (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿7﴾ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا﴿8﴾ الشمس) هذا من النفس عندما تعود لنفس الشيء فتشرب خمر اليوم وفي يوم الغد خمر وبعده خمر وبعده خمر إلى أن تتوب تتلذذ بذلك هذا من النفس كل شيء يتعلق بالصراط المستقيم أي بالعقائد الثابتة التي هي عماد دينك (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا (153) الأنعام) (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿16﴾ الأعراف) لم يقل سأجعلهم يشربون الخمر الخ هذا نفسه هي التي تجعله يفعل هذا (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ (14) آل عمران) فالشيطان يكون عمله في القتل والكفر والردة وقتل من هو ليس على مذهبك وتكفير الناس وإذا امتلأت الدماء كما في الحديث (إذا وضع السيف في رقاب أمتي فلن يرفع إلى يوم القيامة) وهذا صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. حينئذٍ رب العالمين يقول (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴿36﴾ الزخرف) الذي يحصل ما يلي كلنا قد نلهث في ساعة من الساعات تتعب تركض تحتاج للأكسجين للدم فتنهك حتى تلهث حتى تبلع الهواء أكثر تتنفس بسرعة حتى يدخل الأكسجين وهذا مرة مرتين المخلوق الوحيد الذي قانونه- وهذا ليس عيباً فيه بل قانونه- مثل قوله تعالى (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا (5) الجمعة) هذه ليس مذمة للحمار هذا قانون الحمار لكن ليس قانون عالم يلبس عمامة وله ذقن كما يفعل بعض علماء الفتنة في العراق وغيره هذا يحرض هذا وهذا يحرض هذا باسم الدين اقتلوهم اذبحوهم اسحلوهم هذا الرجل كيف يمكن أن يصل إلى هذا الحد؟ الكلب وحده هو الذي يلهث ساكت، جالس، نائم، مرتاح، دائماً يلهث المفروض أن الإنسان غير الكلب فالذي في الكلب هذا قانون لا بد أن يلهث أربع وعشرون ساعة. أنت إنسان لك قوانينك لماذا تلهث دائماً؟ أنت المفروض في السنة مرة تصبح عصبي مع شخص فتتخاصم معه وتشتمه وتكرهه أو أن يكون هنالك من سرق منك مالاً فيكون بينك وبينه خصومة أما أنك أنت تصل إلى حالة كلكم كفار، كلكم مشركون، كلكم خالدون في النار، أنا وحدي الناجي فل ابد أن أقتلكم وكيف أقتلكم؟ ليس قتل بالرصاص لا بل بالدريل الكهربائي وبالتفجير وباغتصاب النساء وأنا أصلي بعد هذا على أنني مجاهد سأدخل الجنة أفجر الأسواق، أناس يأكلون ويشربون نساء وأطفال الخ أفجرهم بالكامل ثلاثين أربعين شخصاً جثث ويومياً آخذ من السجون خمسين ستين سبعين سجين يومياً وأخرق أعينهم واقطع أمعاءهم ثم أرميهم على المزابل وأقول أنا مجاهد أنا أنصر الإسلام أي مكر هذا؟! الله يقول سبحانه وتعالى (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) هذا ليس لديه عمل لا يفكر بأحد طول النهار ليله نهاره صبحه مسائه كلامه فلان مشرك، اقتلوا فلان، اسحلوا فلان، اذبحوهم، موتوهم، لا ينام الليل، لا يأكل، قلبه مليء بالحقد، لا يسلم على أحد في المسجد يصلي مع الناس لا يسلم عليهم ينظر لهم شزراً، يصلي خلف إمام ثم يقتله، يصلي في مسجد ثم يفجره وهو سعيد أنه يعمل هذا لوجه الله (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿175﴾ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا) رفعناه عن كل هذا كما رفعنا كل الناس رفعنا تسع وتسعين بالمائة من المسلمين يحبون الناس كل من يقول لا إله إلا الله هو أخي كل من يصلي إلى القبلة هو أخي فليكن شيعياً أو سنياً أو الخ كلنا أمة محمد وكلنا إنسانياً نحب النصارى واليهود كلنا أديان سماوية كل أسمائنا إبراهيم وإسماعيل ويعقوب وإسحاق وداود كلنا أسماء بني إسرائيل فنحن مع الإنسانية في حلقة ومع المسلمين في حلقة ومع العرب في حلقة ومع أهلي في حلقة ومع مذهب في حلقة لا بأس لا مانع، ولكني أحب الكل وأتلطف مع الكل وأُحسِن إلى الكل وليس هذا فقط فأنا أحسن إلى الكلب إذا أحسنت إلى كلب رب العالمين يدخلني الجنة فكيف إلى إنسان؟ إنسان بناء الله (الإنسان بناء الله لعن الله من هدمه) كيف تقتلهم بالقنابل؟ مرة واحدة، مدينة كاملة، شارع كامل، كيف تفعل هذا؟ وهو يعتقد أنه إنما ينصر الله أنه يجاهد، أنه الخ، هذا مكر الله عز وجل (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) من أجل هذا (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿17﴾ الحجرات) من أجل هذا هذه لعبة الشيطان لماذا؟ إلتبس الأمر مع أنه في غاية الوضوح والذي فجّر هذا العسكري هو الذي فجّر عبد القادر الجيلاني هو نفسه لكنه يخدعكم حتى أناس تذبح أناس وفعلاً 99 من الناس لا شأن لهم فانقلب الناس إلى فريقين لا ثالث لهما فريق سيموت شهيداً إما مقتول أو مغدور أو مصلوب أو من الجوع أو بصاروخ أو بعبوة ناسفة أو بجيش الضلال أو بمليشيات الكلاب أو دولة الإسلام الحقيرة أو ما شاكل ذلك من القتلة المارقين يتركون المحتلّ ويأتون إلى هؤلاء كما يفعل الفلسطينيون الآن تركوا المحتل وتذابحوا فيما بينهم هذا عمل الشيطان وليس عمل النفس وليس عمل إسرائيل بل عمل الشيطان. الشيطان الذي في قلبك، لماذا؟ لأنه لا يوجد ذكر الله أصبح حتى الدين للدنيا من أجل هذا لَشرُّ الناس من طلب الدنيا بعمل الآخرة معظم دعواهم إسلام وإسلام. فلا بد لهذا أن يصفو فريق يموت شهيداً ليس عليه ولا ذنب من ملوك الجنة كل من يقتل اليوم في فلسطين، في العراق، في لبنان كل من يقتل ظلماً إنما يقتل وهو شهيد إلى جنة الله سبحانه وتعالى ويوم القيامة سيكون سعيداً بهذا البلاء وسوف يشفع لأهل بيته جميعاً وأما هذا القاتل فسوف يهلك هلاكاً لا شك فيه كما قال صلى الله عليه وسلم وكما قال القرآن (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا (93) النساء) أي من أجل إيمانه (فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿93﴾ النساء). حينئذٍ هذا الذي يجري ليس من عمل النفس بل من عمل الشيطان لأنه يتعلق بالصراط المستقيم. الشيطان لا يكون في الملهى أو في الماخور أو في الخمارة لا يوجد شياطين إطلاقاً فهؤلاء أمرهم منتهي ولكن أنت تجد الشياطين في المساجد، في حلقات الذكر، في مجالس الحكام، في من يصور نفسه كمجاهد، في الطوائف والأحزاب والفئات هذا حزب إسلامي وهذا شيعي وهذا سني وهذا وهابي الخ وكل يدعي وصلاً بليلى كل شخص منهم يتصور أنه ينصر الله عز وجل والله سبحانه وتعالى يلعنهم من فوق سبع سمواته إذاً (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) بالضبط انظر إلى التمثيل الدقيق وكيفية استعمال كلمة مِثل أو مَثَل أو مثيل (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) أنت إذا كان هنالك شخص معاديك تسبه وتشتمه لكننا لسنا معاديك نحن نصلي معك لكن لا هو يغلي على المسلمين ليل نهار لا همّ لهم لا في عدو ولا في محتل همّه هذا المسلم كيف يمزقه؟ كيف يخرق عينيه؟ كيف يفجر فيه عبوة؟ كيف ينسفه وأهله وبناته وأطفاله؟ كالكلب يلهث في حالة وكل حالة من أجل هذا رب العالمين استعمل كلمة مِثل ولذلك من عوفي فليحمد الله والله قال (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا) كلنا مرفوعون بها، كل من يقول لا إله إلا الله ويحب كل الناس كل الناس وانظر إلى فرعون الذي يقول أنا الله أرسل الله تعالى نبيين عظيمين موسى وهارون وقال (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا (44) طه) لفرعون وأنت رجل مسلم على هذا سني أنا أقتله هذا شيعي أنا أنسفه وحينئذٍ هذا الذي هو بلاء الله ورب العالمين يقول (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴿155﴾ البقرة) جميع الذين يُقتلون اليوم في العراق، في فلسطين، في لبنان، في كل مكان هؤلاء هم الصابرون هؤلاء هم ملوك الجنة فهنيئاً لهم هذا البلاء. بلاء الدنيا محدود يوم يومين أسبوع ساعة ساعتين ولو حتى دقائق وينتهي الأمر ثم بعدها نعيم مقيم يحمدون الله على ما أصابهم من بلاء كما قال عليه الصلاة والسلام (يتمنى أهل البلاء يوم القيامة لو ضاعف الله عليهم البلاء لما يرون من جزيل الثواب). أما الذين قَتَلوا أو حتى أيدوا يقول صلى الله عليه وسلم (من أعان على قتل مسلمٍ ولو بشق كلمة بُعِث يوم القيامة مكتوب على جبينه آيس من رحمة الله) هو لم يقتل لكنه أيّد أو فرح بقتل شيعي أو قتل سني أو قتل فلان أو قتل علان يكون قد انتهى هكذا رب العالمين سبحانه وتعالى يضرب هذا المثل. نعود فنقول العلاج لكل هذه الفتن أن تكثر من ذكر الله عز وجل (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) والشيطان هذا من البشر (شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ (112) الأنعام) الإنس مقدّمون على الجن (شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا (112) الأنعام) حينئذٍ إذا أكثرت من ذكر الله وهذا الذكر قد انقطع الآن ونحن وعينا على كل الأمة الإسلامية لها مجالس للذكر يومياً حتى جاء قومٌ خاسئون قتلة مجرمون كفّروا كل هؤلاء وأبطلوا هذه المجالس بحجة أنها بدعة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (إن لله ملائكة سياحين يتبعون حِلَق الذكر) هذا اللبس والالتباس. فحينئذٍ هذا الالتباس هو الذي يجعل الناس تُشرك وتعبد أحجاراً أو قبوراً أو أشخاصاً أو طوائف أو فئات أو أحزاب بحيث ينسى الله عز وجل وينسى ذكره، يُزيّن له هذا القرين أن هذا مجدك في هذا المذهب في هذا الشيخ، في هذا المرجع، في هذا القبر، وهلك كثير من الناس كما قال تعالى وحينئذٍ إذا أردت أن يعصمك الله عز وجل أولاً أن تكفّ يدك وقلبك عن هذه الفتنة. لا تستعمل يدك ولا توجّه قلبك للشماتة بأحد وحينئذٍ تنجو نجاة عظيمة يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم الهرج القتل القتل القتل حتى يقتل الرجل جاره وأخاه وابن عمه حتى لا يدري القاتل لما قتل ولا المقتول فيما قُتِل) ثم قال (حتى إذا دخل عليك بيتك فألقي سلاحك فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فضع ثوبك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه) حينئذٍ هنيئاً في هذه الفتن لمن لا يتورط بدم مسلم ولا يتورط بالشماتة لقتل مسلم وإلا بُعِث مكتوباً على جبينه آيس من رحمة الله من أجل هذا يبدو والله أعلم أن هذا الذي يجري في العالم الإسلامي والعربي خاصة وخاصة في العراق ولبنان وفلسطين رب العالمين له شأن، رب العالمين سبحانه وتعالى أراد أن ينقذ هذه الأمة من هذا الذل الذي هي فيه وهذا لا يكون إلا على أمة قوية أمة متماسكة لا تغرّها ولا تخدعها الدعاوى والفئات والطوائف والأحزاب والمتكسبون والتجار بهذا الدين وهذا لا يكون إلا بهذا البلاء (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴿155﴾ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴿156﴾ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴿157﴾ البقرة) فالأمة مقبلة على نهضة طال ذلها وطالت فرقتها وطال ظلم حكامها لها وما بقي على وجه الأرض من يعدل بين قومه إلا القلة القليلة تعرفونهم جيداً. وحينئذٍ الأمة في كل هذا الذي يجري إنما تُخلق من جديد إن شاء الله.

ما هو وجه الشبه بين لهثان الكلب؟ (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) هذا عندما يدخل الشيطان يبدأ باللهاث، يلعن كل الناس، يلعن الصحابة ويلعن الأولياء ويلعن الصالحين ويلعن العلماء وهذا شأنهم الآن كل هؤلاء الذين يتقاتلون الآن منهم من يلعن الصحابة ومنهم من يلعن آل البيت منهم من يلعن الأولياء منهم من يلعن الجهة الأخرى جميع الأولياء ملعونون حتى أبو بكر الصديق رضي الله عنه يعتبرونهم مشرك لعن الله فلان وفلان هذه البداية، هذا اللهثان. ثم يبدأ بعد ذلك بقتلهم ويتقرب إلى الله بقتلهم وهذه هي سُنّة إبليس في أنه أخلد إلى الأرض أي الوحل (وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) الخلود إلى الأرض هو هذا الذي يجري ورب العالمين قال (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ (65) الأنعام) صورايخ وريح صرصر كما فعل مع عاد جعل عاليها سافلها بالصيحة وهكذا (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ (65) الأنعام) كما فعل في طوفان نوح (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا (12) القمر) وكثير من العذاب (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ (65) الأنعام) حينئذٍ نقول إن هؤلاء الناس كما قلنا مهمة إبليس أن يبدأ بأن يجعله يلهث ضد كل من عداه ليل نهار لا شغل له إلا يلعن فلان ويسب فلان ويكفر فلان ويبدَّع فلان كما أن قانون الكلب اللهثان قانون هذا المسكين الذي اخترقه الشيطان، أتبعه الشيطان هو أن يلهث على المسلمين جميعاً وعلى غير المسلمين فليس لديه شيء آخر لا يهمه لا جهاد ولا صيام لعن فلان وفلان وفلان ثم عندما تتاح له فرصة يبدأ بقتلهم بالشكل الذي يجري الآن والذي جرى في التاريخ الإسلامي من الأيام الأولى لو تعرف ماذا حدث كأنه قدر (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) حينئذٍ صار قانوناً من أجل هذا كما قال تعالى من عوفي فليحمد الله.

سؤال من إحدى المشاهدات: هل كلمة سميّ تدخل في المنظومة؟ سمياً فلان إسمه مثل إسم فلان، هذه تدخل مع المكان مثل رفيق وصديق. وكلمة سواء تعني بالتساوي.

سؤال: (أورثتموها بما كنتم تعملون) والرسول r يقول (لا يدخل أحدكم الجنة بعمله)؟ الدخول إلى الجنة برحمة الله لكن المكان بالعمل فأنت أين مكانك بالجنة؟ بالعمل. فمثلاً عندما دخلين بيت الملك على مأدبة وكل يدخل مجاناً على حساب الملك هذا بيت الملك مفتوح كل من يريد أن يدخل يدخل لكن أين تجلسين؟ على حسب مقامك فهنالك أناس قبل الملك وآخرون بالآخر وأناس يدخلون للأكل مع الدفعة الثانية الدخول في الجنة بلا إله إلا الله برحمة الله عز وجل لكن أين أنت في الجنة؟ فالجنة هذه موضع سوط فيها خير من الدنيا وما فيها وحينئذٍ لسعتها أقل شخص يأخذ من الجنة بقدر الدنيا عشر مرات إذاً أين أنت في هذه الدنيا العجيبة؟ هذا بعملك أنت ترثين مُلكك في الجنة بالعمل أما الدخول يكون بلا إله إلا الله برحمة الله عز وجل.

حينئذٍ نقول لو تتبعنا الأمثال في كتاب الله عز وجل لما أشكل علينا مشكل. لاحظ رب العالمين مرة يقول (تلك الأمثال نضربها للناس) ومرة (نصرفها للناس) فاستعمل كلمة نضربها مرة ومرة نصرفها ما الفرق؟ ضرب المثل غير تصريف المثل ضرب المثل بقضية عالمية لا تختلف من قطر إلى قطر ولا من أمة إلى أمة حينئذٍ كما تضرب العملة التي نتعامل بها مع دول العالم وهناك عملة صغيرة تُصرّف في الداخل لا تتعامل بها مع البنوك والشركات فهناك أمثال تبين حالة خاصة للمسلمين في جيل معين، في مدينة معينة، في حالة معينة، هذا تصريف المثل وما من قضية تخصك أنت في سلوكك مع الآخر إلا وفي القرآن مَثَل يُصرّفه لك حينئذٍ أنت بتصريف المثل سلوكك اليومي أما ضرب المثل ففي القضايا العالمية العقائد الكبرى القوانين في هذا الكون ولهذا علم الأمثال الذي هو ثلث القرآن علينا أن ننتبه إليه انتباهاً عظيماً ولو تعرف أن كل مثل يأخذ بيديك وانظر للمثل على الكافرين (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴿17﴾البقرة) لو تأملت في كل كلمة لرأيت عجباً حينئذٍ كل حرف (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) ولم يقل أوقد لأنه ليس لديه بل طلبها من غيره (اسْتَوْقَدَ نَارًا) (فَلَمَّا أَضَاءَتْ) لم يقل أنارت لأن النور غير الضوء، (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) لم يقل أذهبهم الله قال لا بل رب العالمين أخذ نورهم وهم بقوا. يعني كل كلمة كل حرف، كل فتحة، كل حركة فيها معنى يأخذ بيدك إلى مراد الله بالضبط كما قال تعالى (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴿87﴾ النساء) (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴿122﴾ النساء).

سؤال من أحد المشاهدين: ما هو تفسير الآية: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) العنكبوت)؟ وليك الله سبحانه وتعالى هو يتولى أمرك إذا أسندت الأمر أن نفعك أو ضرك أو كل شأنك أسندته إلى آخر ابتداءً فقد اتخذت ولياً من دون الله عز وجل وليس لك ولي إلا الله سبحانه وتعالى هذا من حيث تدبير أمرك أما وليك في العبادة، وليك في الدين فرسول الله وليك، الصالحون أولياؤك، الصحابة أولياؤك، المجتهدون أولياؤك، العلماء أولياؤك كما قال تعالى (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿62﴾ يونس) ولهذا قال (إن من العلم كهيئة المكنون) هذا يهبه الله لأوليائه الصالحون فإن ولي الله عز وجل تعني أن الله سبحانه وتعالى لا ينبغي أن تتخذ من دونه أولياء أي الذين يديرون شأنك من خلقٍ إلى رزقٍ إلى علمٍ إلى توفيقٍ إلى بلاءً إلى ما شاكل ذلك ولكن هذه الولاية تنقطع بيوم القيامة (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴿11﴾ محمد) لأن كان أوليائهم الطاغوت في هذه الدنيا، ونحن قلنا أن القرآن الكريم فيه متشابه وليس فيه مترادف فالكلمة تحتمل أكثر من معنى ولكن ليس هناك كلمتان بمعنى واحد. والأمثال في القرآن الكريم علم هائل ولكن لم تأخذ حقها من الاهتمام والكتابات فيها محدودة ومعدودة، ونعود لقوله (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا) (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ) وبالتالي خذ كل ما يجري أنت هيئ نفسك لله عز وجل ولو أردنا أن نقارن بين كل أمم الإسلام بلا مجاملة وبين هذه الدولة المباركة لماذا في هذه الدولة عدل وأمل؟ وكما ترى أليس هذا حجة على الناس يوم القيامة؟ هذا بمن فيها من مذاهب وأفكار وشيعة وسنة وجنسيات متعددة هذا التحابّ، هذا التآلف، كيف حصل؟ كل هذا بعدل السلطان رب العالمين أكرمهم بزايد إلى أن وصل الأمر إلى سمو الشيخ محمد بن راشد وما بينهما كثير من قادة هذه الدولة قادة عادلون مع أنفسهم سمو الشيخ خليفة على رأسهم، كلهم هؤلاء الناس أحبهم الناس وأحبوا الناس ولهذا الإصلاح ممكن والطريق بيّن والحق واضح ولذلك ما دامت الحرب بين الباطلين فسوف تدوم وتطول ولذلك ينبغي على أحد الطرفين أن يفيء إلى الحق حتى ينصره الله عز وجل ونسأله تعالى لهذه الدولة ولكل العرب ولكل المسلمين الرفعة والمنعة وأن يثوبوا إلى رشدهم وأن يكونوا كما هو ظنّ النبي صلى الله عليه وسلم بهم وكما يريد الله تعالى منهم وإلا والله إن الطامة كبيرة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ونحن نعزي كل من يُقتل في هذه المعارك التي هي من محنة الله ومحنة الناس في الناس والله سبحانه وتعالى هو الحفيظ وهو الحافظ وهو الذي يوفق الناس وقلوبنا تدمى والأمة منكوبة نسأل الله تعالى أن يجنّبها هذه الأطياف الخبيثة والله ولي التوفيق.

بُثّت الحلقة بتاريخ 15/6/2007م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها