الضعفاء–المساكين – الفقير – السائل – المحروم – القانع – المعترّ – العائل – الأسير – الخادم – اليتيم
لا نزال في حرف الميم وكلمتنا لهذه الحلقة كلمة المسكين. والمسكين واحد من منظومة عديدة الأسماء هم أفراد منظومة الضعفاء (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ (91) التوبة) والضعفاء من لا قوة لهم وحينئذٍ هؤلاء الضعفاء منهم المسكين والفقير والسائل والمحروم والقانع والمعتر والعائل صاحب العائلة الكبيرة والأسير والخادم واليتيم وهكذا هؤلاء كلهم ضعفاء وكلهم يشتركون في أن لهم وضعاً خاصاً في كتاب الله وسنة رسوله وهم ميزانك يوم القيامة. إذا أردت أن تعرف أين موقعك يوم القيامة فاسأل نفسك أين أنت من هذه المنظومة؟ ما موقفك من السائل والمحروم والمسكين واليتيم وهكذا؟
المسكين: فالمسكين هو الذي لا شيء له إطلاقاً أي لا يملك شيئاً بل لا يملك قوت يومه. أُنظر إلى التسلسل القرآني الكريم (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ﴿39﴾ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴿40﴾ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ﴿41﴾ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿42﴾ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴿43﴾ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ﴿44﴾ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ﴿45﴾ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴿46﴾ المدثر) أولاً أنك لم تكن تصلي وثانياً أنك لم تطعم المسكين ثم موضوع التصديق بيوم الدين الخ كم هي قضية حساسة وخطيرة أن تعرف أن مسكيناً يسكن إلى جوارك وأنت تأكل ولا تطعمه وأنت تعلم أنه لا طعام له (ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره إلى جنبه جائع) (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴿1﴾ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴿2﴾ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿3﴾ الماعون) إن المساكين دولة يوم القيامة فإذا أردت أن تكون ناجياً فاتخذ لك في هذه الدولة أنصاراً وعليك أن تتخذ مع المساكين يداً هذا هو المسكين وهو من أقوى الضعفاء.
الفقير: أعلى من المسكين قليلاً فالفقير يملك قوت يومه ولكنه لا يملك مقتنيات المسكين حتى قوت يوم ليس لديه. الفقير لديه قوت يوم ولديه ملابس ويسكن في بيت إيجار مثلاً لكنه لا يملك مقتنيات أي ليس لديه سيارة ملك ولا أثاث ملك ولا بيت ملك فهو يعيش يومه معتمداً على اللقمة التي يأكلها فهذا فقير. فالفقير إذاً أعلى مرتبة من المسكين من حيث أن له طعامه اليومي ولكنه ليس له مقتنيات يملكها أي لا يملك شيئاً من الأشياء الثابتة من أثاث وبيت وسيارة وركوباً ومزرعة وما إلى ذلك. هذا الفقير (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴿32﴾ النور) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ﴿15﴾ فاطر) كما قال سيدنا موسى وسيدنا موسى سار مسيرة عشرة أيام وكان يأكل لم يمت من الجوع ولكن ليس لديه أي شيء فقال (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴿24﴾ القصص) هذا الفقير.
الغارم: وكما تعرفون الذي يكون مديناً ولا يملك وفاء الدين والدين ذُلّ فهو ضعيف. الغارم صاحب المروءة والكرامة لا يخرج إلى السوق ولا يمشي في الشارع خوفاً من أن يراه صاحب المال صاحب الدين فيشعر بخجل وحرج شديدين فهو في غاية الضعف كشخص تطلبه ألف درهم، مائة ألف درهم وهو لا يملك سداد هذا الدين لا يستطيع أن يراك تراه يختبئ منك، يتحاشاك، فهو في غاية الضعف.
اليتيم: وهو معروف من انقطع عن أبيه قبل البلوغ من السنة الأولى إلى سن الرابعة عشر إذا كان أبوه ميتاً فهو يتيم. واليتيم هذا كما تعرفون يوم القيامة أعجوبة العجائب في موقفك منه أو موقفه منك. وفي القرآن (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴿9﴾ الضحى) مهما حصل ورب العالمين ما مدح سيدنا علي رضي الله عنه مدحاً أعظم من هذا (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴿8﴾الإنسان) قد يكون يتيماً يعيش في كنف أحد ربما يطعمه هناك كافله ومع هذا مع كفالته ينبغي أن يكون له حسن تعامل لا تقهره لا تضربه لا تقهره تربي تربية هادئة إياك أن تجعله يبكي فإن بكاء اليتيم يسري فوق الغمام حتى يصل إلى العرش يقول صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين) (من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح في سبيل الله وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كما أن هاتين أخوين) يا لها من كرامة! ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن أحب البيوت إلى الله عز وجل بيت فيه يتيم يكرم). حديث آخر (من مسح على رأس يتيم) رأى يتيماً ومسح على رأسه من باب التلطف وحسن المداعبة (لم يمسحه إلا لله كان له في كل شعرة مرت عليها يده حسنات) وليست حسنة واحدة فتأمل كم شعرة في رأس اليتيم بمئات الآلاف فما أن تمسح عليه بأقل من ثانية حتى تحصل على كم مليون حسنة. (شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه قال له: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟) أي ليس فقط قلبك يلين زيادة على ذلك رب العالمين يستجيب دعائك قال له: نعم يا رسول الله، قال: (ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك) هذه حسن معاملة اليتيم لشدة ضعفه تغفر الذنوب تضاعف الحسنات وتصبح مستجاب الدعوة كل حاجاتك يلبيها الله لك عز وجل هكذا هي رحمة هذا الضعيف. حديث آخر يقول رب العالمين (ما من أحد أحبّ إليّ من عبادي كحبي لليتيم والمسكين) وفي رواية (ما أحببت أحداً من عبادي حبي لليتيم والمسكين). يقول النبي صلى الله عليه وسلم (والذي بعثني بالحق لا يعذب الله يوم القيامة رجلاً كفل يتيماً) هذا عن اليتيم.
الأسير: كذلك الأسير (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) هنالك حرب بين دولتين ووقع في يدكم أسرى فعلى قدر حسن معاملة الأسرى يكون مقامكم يوم القيامة أفراداً أو شعوباً أو حكومات.
السائل والقانع: منهم السائل نحن تكلمنا عن الفقير والمسكين. الفقير والمسكين قد يسأل وقد لا يسأل إذا لم يسأل فهو القانع (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴿36﴾ الحج) القانع الذي لا يسأل (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴿273﴾ البقرة) هذا أولى بالإكرام من الذي يسأل لأن السائل حل مشكلته لأنه استطاع أن يصل إلى أن يقول يا فلان أعطني أطعمني أنا ليس لدي شيء وفي كل مكان هنالك متسولون في كل الدنيا منذ أن خلق الله الكون وإلى يوم القيامة هناك من يتسول في كل بقعة سواء كان شخصاً يطرق عليك الباب أو في شارع يسألك أن تعطيه. هذا حل للمشكلة إلى حد ما لكن ماذا تقول في من بلغ به الحياء والتعفف بحيث لا يستطيع أن يفعل ذلك؟ هذا القانع وحينئذٍ هؤلاء الذين قال الله فيهم (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) أصحاب المروءات هذا أولى بالإكرام إكراماً من غير أن تجرح شعوره قدم له المساعدة بطريقة لا تجرح مشاعره على شكل هدية أو ما شاكل ذلك أو قل له هذا قرض وإن شاء الله أن توفيه لي في المستقبل ولا تسأل فيه بعد ذلك، هذا القانع.
المعتر: الحيوان هذا أحد التفاسير بعضهم قال الكلب ولكن في الحقيقة هو كل حيوان. المعتر من عرَّ يعرُّ هو الجرب في اللغة كلمة العَر-بفتح العين- أو العُر-بضم العين- لغتان عر وعر- بفتح العين في الأولى وضمها في الثانية-هو الجرب فالأجرب يحك كثير فالحيوان الجائع يظل يرتجف ويحرك ذيله ويتلفت من شدة جوعه (وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) وللحيوان حقوق في هذا الدين أعجوبة كما سنذكره بعد قليل.
المحروم: لدينا أيضاً المحروم (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿19﴾ الذاريات) المحروم شريحة كبيرة في المجتمع في الحكومات الظالمة الاستبدادية عندهم طريقة يصادرون أموال بعض المتهمين المنقولة وغير المنقولة في الأحكام السياسية في الجمهوريات العربية والجمهوريات الإسلامية عموماً بل حتى في الاتحاد السوفييتي فهذه الجمهوريات التي سموها الاشتراكية وغيرها من أسماء ألفاظ مجانية تافهة وأمعنوا في شعوبهم قتلاً وتشريداً في هذه الجمهوريات العالمية كلها يشيع من العقوبات السياسية مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة هو كان لديه مال لكن صادروه أو شخص عليه حجر عليه دين محجور عليه وقد يكون لسفه كشخص أقام أولاده عليه دعوى سفه أن هذا مبذر فالمحكمة حكمت عليه بالحجر أنه لا يتصرف في أمواله. أو طفل لكن لديه أموال موروثة لكن لأنه قاصر فالأموال ليست تحت تصرفه وإنما تحت تصرف الدولة في هيئة رعاية أموال القاصرين. هناك أناس لا يتصرفون في أموالهم فأموالهم ذهبت كان لهم أموالهم ولكنها ذهبت لأمر ما غرقت تجارته مثلاً أو خسرت خسارة كبيرة أفلس أعلن إفلاسه أمثال هؤلاء ممن ذهبت أموالهم بأي سبيل كان مؤقت أو دائم يسمى محروماً وهؤلاء من الضعفاء الذين ينبغي أن تراعيهم وأن ترعاهم (ارحموا عزيز قوم ذَلّ) فالمحروم هو عزيز قوم ذل ونحن قلنا أن العائل هو شخص لديه عيال مرتبه خمسمائة درهم في الشهر ألف درهم في الشهر ألف وخمسمائة درهم في الشهر ألفين في الشهر لكن لديه عشرة أو خمسة عشر ولد وبنت بيت وإيجار ومصرف الخ لا يكفي لديه راتب فهو ليس فقيراً ولا مسكيناً ولكن لا يكفي هذا عائل (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴿8﴾ الضحى) (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴿28﴾ التوبة) هذا العائل.
الخادم: وأخيراً الخادم طبعاً من الضعفاء أيضاً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (إخوانكم خولكم ألبسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تطعمون) ولا يجوز ضربهم ولا ولا وقال أحدهم: يا رسول الله كم أعفو عن خادمي؟ قال صلى الله عليه وسلم:(سبعين مرة في اليوم). ولهذا كان صالحو هذه الأمة إذا أفزعوا خادماً إذا كان مملوكاً أعتقوه وإن كان غير مملوك أكرموه. فحدث مرة أن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه كان له خادم فقدم له الطعام فعثر هذا الخادم فسكب الطعام على ملابسه فقال له جعفر الصادق: عفوت عنك وأنت حر فعفا عنه وقال إن الله يحب العافين فقال له الخادم: إن الله يحب المحسنين فأعتقه. هكذا هي منظومة هؤلاء الضعفاء يوم القيامة أنت تأتي بصلاة وصيام كثيرين وهذا سوء فهمنا أننا نعول على ذلك بالجملة وهذا ليس صحيحاً الصلاة والصيام شعائر لا بد من الشعائر ولكنك أنت لا ترقى بالشعائر وإنما ترقى بالسلوك. الجندي في الجيش أو الضابط في الجيش لا يترقى بملابسه العسكرية وهي لا بد فبدون ملابس عسكرية ليس محسوباً على الجيش ولكن رقيه ببطولاته وبسالته وخططه والخ أنت لا بد أن تصلي إن لم تصلي فأنت لست مسلماً هذه شعيرة (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴿32﴾ الحج) ولكن ليست هي التي ترفع درجاتك يوم القيامة. سلوكياتك بل نوافلك في الصلاة وليس الفرض. من أجل هذا ما تقول في امرأة بغي تسقي كلباً يلهث فيغفر الله لها وامرأة مؤمنة تؤذي جيرانها بلسانها تدخل النار؟! إذاً بالسلوكيات مع الآخر ميزانك يوم القيامة بسلوكياتك مع الآخر اعلموا هذا جيداً هناك تقوى شخصية والتي يدخل تحتها الصوم والصلاة هذه شعائر المقامات يوم القيامة بموقفك من الآخر سواء كان الآخر شارعاً تنظفه (رأيت رجلاً يتقلب في ربض الجنة بشوكة نحاها عن طريق المسلمين) لم يقل شخصاً يصلي في المسجد، لم يقل عندها لحية طولها شبرين ولم يقل ثوبه قصير ولديه سواك لا بل شوكة رفعها من طريق المسلمين تعامل مع الآخر وهو الطريق. تعامل مع الجار تعامل مع الخادم تعامل مع زوجته وأعظم التعامل يوم القيامة مع هذه المنظومة ما هو موقفك يوم القيامة؟ ورب العالمين يمتدح الناس أو يذمهم، يرحمهم أو ينتقم منهم بمدى موقفهم من هذه المنظومة منظومة الضعفاء (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴿117﴾ هود) إذا كانوا يحققون العدل فيما بينهم بحيث لا يُغبَن بينهم ضعيف. ولهذا إن أول خطبة خطبها سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه قال (إن الضعيف منكم قويٌ عندي حتى آخذ الحق له) ما وجد شيئاً أهم من أن يقول للمسلمين أن اهتمامي بضعفائكم والضعيف منكم سواء كان مسكيناً أو فقيراً أو غارماً أو عائلاً أو قانعاً أو معتراً أو أسيراً أو ما شاكل ذلك الضعيف قوي عندي حتى أعطيه كل حقوقه. من أجل هذا نسبة نجاتك أو هلاكك يوم القيامة تتوقف تماماً على نسبة موقفك من هذه المنظومة، ما هو موقفك من المسكين والفقير والقانع والمعتر والغارم والسائل والمحروم والخادم وما إلى ذلك؟ هؤلاء الضعفاء الذين ليس لهم إلا مروءتك، إلا هيئتك، وأصحاب الهيئات هم أصحاب الهيئات يوم القيامة (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم). أصحاب المروءات الرجل الذي له من الكرامة والخلق مستحيل يرى فقيراً أو بائساً أو مديناً أو غارماً أو معتراً أو خادماً أو سائلاً أو قانعاً إلا وينصفه هكذا هي الدرجات العالية يوم القيامة، إذاً هذه المنظومة منظومة الضعفاء هي موازينك يوم القيامة وهم إما شهودك أو شهود عليك إذا شهدوا لك فقد نجوت وإذا شهدوا عليك فقد هلكت تعرف مكانك منذ الآن فاتّخذ عند المساكين يداً فإنهم دولة يوم القيامة هؤلاء ملوك الجنة. هذه المنظومة المسكين والفقير والقانع والمعتر واليتيم الخ هؤلاء ملوك الجنة فعليك أن تتخذ عندهم يداً اليوم (رُبَّ أشعث أغبر مدفوعٌ بالأبواب ذو طمرين لو أقسم على الله لأبرّه) هكذا هو الحال ولهذا تمتدح الشعوب والأفراد بموقفهم من هؤلاء اقرأ كل شيء عن العرب القديم والحديث قبل الإسلام وبعد الإسلام تجد أن فلان الفلاني كان يعطي الفقراء ويطعم الجائع
ناري ونار الجار واحدة وإليه قبلي تنزل القِدر
سؤال من أحد المشاهدين: من يحدد مبلغاً وقدره كذا شهرياً يرسله إلى يتامى -دون كفالة يتيم بعينه- وهو قادر فهل إذا جاء يوم من الأيام ولم يستطع أن يرسل المبلغ لسبب ما هل يعتبر كافل يتيم أو لا؟ الإجابة: هذا الدين دين موضوعي وليس فيه ظلم ولا شعرة (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴿49﴾ الكهف) كل من له عبادة يقيم ليل، كافل مساكين، ينفق في سبيل الله، يُعلِّم، يتعلم، ثم منعه مانع قهريٌ من هذه العبادة تكتب له كاملة. لو كنت بنيت مسجداً والناس تصلي فيه فلك أجر ولكن في يوم من الأيام لأمر ما هذا المسجد هُدِم بالسيل طوفان بنوا عليه شارع أزالوا المسجد لأمر ما واختفى المسجد يبقى أجره يدرُّ عليك إلى يوم القيامة فأنت كافل يتيم ولأمر ما إما لم يبق لديك مال أو انقطعت السبل لأمر ما وأنت تريد ويعلم الله من قلبك أنك ترغب في أن تستمر في كفالته فكأنك تكفله.
النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا حديثاً عجباً عن الأوروبيين وهم الروم (الم ﴿1﴾ غُلِبَتِ الرُّومُ ﴿2﴾ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴿3﴾ الروم) فالروم الآن الغربيون الأمريكيون والاتحاد الأوروبي. النبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا بأن الروم أشد الناس عليكم أي قبل يوم القيامة أن الروم يعادونكم عداءً عجيباً كما هو الآن وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالأحاديث التي أخبر النبي بها بما يحدث في المستقبل كما أخبر بها بالتفصيل بكل ما حدث من وفاة النبي إلى الآن كل شيء أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم بالتفصيل الدقيق وكلها صدقت. فالنبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن هؤلاء الروم لهم حسنات وانظر إلى موضوعية الإسلام وإنصاف الإسلام وإنصاف الأخلاقية الإٍسلامية يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يكون الروم أشد الناس عليكم) وأنتم تعرفون هذا اليوم الذي حصل في العراق والشيشان وأفغانستان والبقية تأتي هم يقولون البقية تأتي. هذه التجربة في العراق ستعمم كما يقول الغربيون ولكن (لا تقوم الساعة حتى يكون الروم أشد الناس عليكم وهم) انظر إلى صفات النبي ماذا قال عليهم ثلاث صفات: (وهم يومئذٍ أمنع الناس من ظلم السلطان) فهي أمم تحقق العدالة في بلادها ليس هناك من يسكن بينهم ويُظلَم وهذا صحيح. الآن في بريطانيا في أمريكا المحتلتان ولكن من يسكن في بريطانيا في أمريكا في أوروبا عموماً لا يُظلَم في محكمة هناك حقوق وهناك أدلة وبراهين ليس هنالك شخص يظلم سواء كان عربياً أو مسلماً أو انجليزياً أو أمريكياً كل من يسكن في تلك الأرض يحققون العدل فيه (وهم يومئذٍ أمنع الناس من ظلم السلطان). ثانياً (وهم يومئذٍ أحنى الناس على فقيرٍ ويتيمٍ وضعيف) الآن جميع الناس الفقراء في أوروبا وأمريكا لهم ضمانات ولهم رواتب لا يوجد شخص يجوع هناك كل واحد ليس لديه عمل مريض ضعيف قانع معتر عليه دين غارم مسكين هناك كفالة له وهذا فقط في أوروبا. ثالثاً (وهم أسرع الناس أوبةً بعد هزيمة) عندما يهزمون بسرعة يكرون وينتصرون وهذا أيضاً صحيح فهم لا يسلمون بالهزيمة وينامون على آمال كاذبة وإنما يقومون بجهود يغيرون هذا الوضع الانتكاسي. وأنتم تعلمون الآن أن هذا كله صحيح حتى ظلم الغربيين للشعوب كما فعلوا في العراق الذين أنصفهم أنفسهم مثلاً البريطانيون هم الذين أخرجوا بلير على هامش غزو العراق وهم شعب بريطانيا قالوا أنت أخطأت وأنت ظلمت العراق فاخرج وأعتقد الآخر ليس مصيره أكثر من هذا. سجن ابو غريب الأمريكيون أنفسهم هم الذين احتجوا على هذا وأظهروه للعالم كله فصدق رسول الله كما قال (وهم يومئذٍ أمنع الناس من ظلم السلطان) لا يُظلَم عندهم أحد وإذا وقع ظلم سريعاً ما يغيرونه كما يفعلون الآن وهم أحنى الناس على الضعيف والأرملة واليتيم كما تشاهدون جميعاً وهذا مما لا نجده في العالم الإسلامي مع الأسف برغم دعوانا العريضة بأننا نطبق الإسلام وأصبح الإسلام تجارة سخيفة على أفواه أناس لا يعرفون من الإسلام شيئاً بل لا يأبهون به بأي شيء يتوقون به ولا يقوونه.
سؤال من إحدى المشاهدات: الوالد تارك للصلاة وعمره 52 أو 53 سنة والوالدة تحاول أن تدعوه للصلاة وتحثه على الدين وتعلمه لكن مع الأسف ليس لديه إلا قول واحد أنا لم أسرق أحد ولم اقتل أحد ولم أظلم أحد فلماذا أصلي؟ الإجابة: قولي له أنت مثل شخص ضابط في الجيش يذهب للدوام بالمايوه ويقول أنا ضابط وأنا رجل لا أقصر بواجباتي وأبدأ الدوام من الساعة الثامنة صباحاً إلى الساعة الثامنة ليلاً وأنا أودي واجبي وأنا بالمايوه قل له يا أخي كيف ضابط وأنت تلبس مايوه؟ فهذا لا يصح اجعليه يفهم هذا وقولي له (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿42﴾ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴿43﴾) أولاً ثم ورائها (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ﴿44﴾) فيطعم المسكين هذه معاملة ممكن أن أبوك يفعلها لكن لا بد أن يصلي لا بد أن يلبس البدلة الخاكي بدلة الجيش لكي يكون ضابطاً فهو ليس ضابطاً بدون بدلة الجيش ولو أنها ليست هي القتال فالقتال يستطيع أن يقاتل عادي لكن لا يصح هذا فلابد أن يكون مرتدياً بدلة الضابط ولو رأينا ضابط أتى بالمايوه إلى المعركة القائد الأعلى يعدمه لاستهزائه فقولي لأبيك أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من جاوز الأربعين ولم يغلب خيره على شره فليتجهز إلى النار) فليترك الفلسفات التي ستضيعه وهذا من عمل الشيطان (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿16﴾ الأعراف) والصلاة من الصراط المستقيم فإبليس بذلك يكون قد خدعه وضحك عليه فيجب عليكم أن تضغطوا عليه ضغط معنوي وأن هذا عيب شخص يأتي يوم القيامة عمره فوق الخمسين ولا يصلي! هذا لا يجوز.
سؤال من إحدى المشاهدات: إذا كان هنالك شخص متشرد وينام في الشارع وليس لديه بيت ولا مأوى وليس لديه أكل وعندما يتصدقون عليه الناس يذهب لشراء الخمر هل يجوز أن نتصدق عليه؟ الإجابة: لا يجوز ومثل هذا الشخص تشتري له ملابس وطعام ومن إكرامه تأخذينه معك البيت تحاولون تصلحونه تهدونه بالكلام الطيب وأنا واثق أن المتشرد لو وجد عناية هكذا وقد رأيت هذا بعيني كان أباؤنا إذا رأوا مثل هذا كانوا يأخذونه إلى البيت يغسلوه وينظفوه وأحد كبار الصالحين الذي أصبح من الأولياء تعرفين كيف أصبح من الصالحين؟ كان هذا في بغداد عندما كانت بغداد عاصمة الدنيا قبل أن يميل بها الزمن كما هو الحال اليوم كانت تحكم الكرة الأرضية وكان هنالك شخص دائم السكر وكان في أحد الأيام في السوق وهو سكران ومر شخص من كبار الصالحين ومن المعروفين في زمانه فرأى هذا السكران وطلب من الناس أن يحضروا له ماء فأخذ الماء وغسل فمه وغسل وجهه وأصلح ملابسه وسحبه من الشارع إلى مكان آخر وألبسه ملابس نظيفة ودعا له ثم ذهب هذا الرجل فلما أفاق أخبروه أن فلان الفلاني فعل بك كذا فقال فلان الشيخ الفلاني وهو كان شيخ بغداد شيخ الدنيا في زمانه فسأل الرجل قال هو مسح فمي قالوا نعم مسح فمك ووجهك وغسلك وألبسك فتاب الرجل من ساعتها وأصبح من كبار الصالحين. فالموضوع ليس فقط إطعام، فإكرام هؤلاء الضعفاء ليس فقط بالإطعام ولكن أيضاً بالكلام الطيب تأخذونه للبيت وتلبسونه كان سيدنا إبراهيم هكذا يفعل وكان آباؤنا يفعلون هذا رأيتهم بعيني يفعلون هذا كم من مرة والدي رحمة الله عليه أتى إلى المنزل بمساكين ممزقة ثيابهم لا يملكون شيئاً نغسلهم ثم يلبسون ملابس جديدة بسيطة متواضعة ويأكلون ونسأله أنت من أين؟ وما هو عملك؟ باحترام وإكرام ويتغير فهذا المتشرد الذي يشرب الخمر لو وجد يداً حانية إن شاء الله سوف يتغير ويعود إلى الحق وحينئذٍ خير لك من الدنيا وما فيها.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله) يوم القيامة كما تعلمون رب العالمين ادخر تسعة وتسعين رحمة في هذه الدنيا كلها رحمة واحدة نتراحم بها جميعاً يوم القيامة تسع وتسعين رحمة وإذا كان الإنسان لا يرحم هؤلاء الضعفاء لا تناله رحمة الله عز وجل ورحمة الله تصب عليك صباً يوم القيامة إذا كنت قد رحمت هؤلاء الضعفاء في هذه المنظومة رحمت واحداً منهم ولو مرة يقف لك على الصراط والله يقول له خذ بيد أخيك إلى الجنة وهو بوضوء، وضوء، شربة ماء شخص عطشان ومر ببيتكم بالليل أو النهار وسقيتموه ماء يقول النبي صلى الله عليه وسلم (يقف على الصراط وهذا صاحب الماء الذي سقى من أهل النار ثم رآه الرجل وقال له: يا فلان أما تعرفني؟ قال: لا قال: أنا الذي وهبتك وضوءاً – شربة ماء- قال: أنت فلان؟ ما الذي أوصلك إلى النار؟ ثم قال له الرجل: اشفع لي فقال: يا رب هذا سقاني وضوءاً فشفعني فيه فقال له الله عز وجل: (خذ بيد أخيك إلى الجنة) بشربة ماء لعطشان. يا جماعة سقيا كلب، كلب سقته بغيّ ولا يوجد أقذر من هذا فالإنسان قد يزني أم أن تكون بغيّاً فهذه مأساة هذه البغيّ سقت كلباً يلهث لوجه الله فغفر الله لها وامرأة مؤمنة صالحة حبست قطة لها فلم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت دخلت بها النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن امرأة دخلت النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) بسقيا كلب بغيّ تدخل الجنة وبتجويع هرة امرأة صالحة تصوم وتقوم تدخل النار هكذا هي التقوى.
عن عبدالله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ارحموا تُرحَموا واغفروا يُغفَر لكم ويلٌ لأقماع القول) أي الذي يسمع هذا الكلام دون أن يستفيد منه مثل القمع الذي فيه ماء ويرميه من دون أن يستفيد منه. الدلو أو الكأس عندما تملأه ماء تشرب منه وثم ترميه فأصبح فارغاً فكأن بعض الناس يسمع الكلام يستوعب الكلام كما يستوعب الماء القدح ولكن يرميه كما يرمى الماء من القدح لا يستفيد منه شيء (ويلٌ لأقماع القول) الذين يسمعون القول ولا يفعلون به شيئاً (ويلٌ للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون). عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس منا من لم يوقِّر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر). عن نصيح العنسي عن ركب المصري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (طوبى لمن تواضع في غير منقصة وذل نفسه في غير مسألة ورحِم أهل الذلة والمسكنة) ترحم الذليل المسكين الضعيف وهم هذه المنظومة هذا مرحوم يوم القيامة. حتى لو لم يأتي إلا بالشهادة والصلاة فإن الله عز وجل سوف يرحمه (ورحمتي وسعت كل شيء). إذاً الآن المطلوب منا أن نأتي الله عز وجل ونحن من الراحمين والراحمون يرحمهم الله والناس نوعان هناك أناس قساة القلوب وهناك أناس قلبهم رقيق فما هي امتحانات الرحمة؟ كيف تعرف أن قلبك قاسي أو أن قلبك رحيم؟ امتحان ذلك بما يلي: أولاً هل أنت تُقبِّل صبيانك إذا كان لديك أولاد تقبلهم وتحتضنهم جاء رجل إلى رسول الله وقال يا رسول الله نحن لا نقبل أطفالنا وصبياننا فقال له رسول الله (أو أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك). هناك أشخاص لا يقبِّلون أولادهم فليعلم أن قلبه قاسيٍ وعليه أن يتدارك هذا بسرعة قبل أن يموت لأنه لا يُرحم يوم القيامة. ثانياً إذا كنت على غداء أو مائدة ومعك صبيان أولاد أبناء بنات صغار الخ تأكل قبلهم أو تطعمهم قبلك؟ إذا كنت تبدأ بإطعام الصبيان فأنت قلبك رحيم. جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاها ثلاث تمرات وكان معها صبيّان فوزعتها عليهما أعطت كل واحد منها واحدة وبقيت تتكلم مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن انتهت تمراتهم فلم يشبعوا فرأتهم قد انتهوا فقسمت تمرتها نصفين وأعطت كل واحد منهما نصفاً ولم تأكل فالنبي صلى الله عليه وسلم قال (رحمتهما رحمها الله ). فإذا كنت من النوع الذي يهتم بإطعام الصبيان قبل الكبار فاعلم أنك من الراحمين. ثالثاً هل أنت ترحم الخادم؟ إذا كان لديك خادم وأساء وأخطأ وكل الخدم يفعلون هذا فهل تعاقبهم؟ هل تشتمهم؟ هل تضربهم؟ هل تخصم من راتبهم؟ إذا كنت تفعل ذلك فأعلم أنك لست راحماً ولكن إذا قلت أنه هذا مسكين وفقير وكلنا تخطيء والمسامح كريم فأعلم أنك قلبك رحيم (أخوانكم خولكم). والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (ثلاثٌ من كن فيه نشر الله عليه كنفه) أي رحمته (وأدخله الجنة رفيقٌ بالضعيف) كل هؤلاء الضعفاء رفيق بهم جداً (وشفقةٌ على الوالدين وإحسانٌ إلى الخادم) هكذا. رابعاً من علامات الرفق عندما تذبح خروف أو نعجة أو دجاجة تشعر بقليل من الشفقة وتفكر هذا المسكين ولكن الله سخره للناس ولكن قلبك متألم فأنت لا تذبحه وأنت فرح أو تذبحه بلا مبالاة بل تشعر بشفقة عليه إذا حنّ قلبك على الحيوان عندما تذبحه أو عندما تراه يُذبح أمامك تشعر بشيء من الوعكة من التألم لهذا المخلوق فأعلم أنك من الراحمين وأن الله سيرحمك يوم القيامة. يقول جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إني لأرحم الشاة أن أذبحها فقال عليه الصلاة والسلام (إن رحمتها رحمك الله) أي عندما تذبح الشاة لكن قلبك ينكسر على هذا المخلوق. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً أضجع شاة وهو يحد شفرته فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أتريد أن تميتها موتتين هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها) فهذا من قسوة القلب أن تحد الشفرة أمامها فهكذا أنت تخيفها وتذبحها مرتين فهذا رجل في قلبه قسوة كان عليه أن يحد الشفرة بعيداً عن عين الحيوان فالحيوان يدرك أنه سيذبح فيرتجف. كلنا رأينا هذا يرتجف فكونك لا تفعل هذا أمامه هذا يدل على أن في قلبك رحمة فما دام في قلبك رحمة فإن الله سيرحمك يوم القيامة. جزار جاء يسحب شاة برجلها ليذبحها فقال النبي غاضباً (يا جزار ويلك سقها إلى الموت سوقاً رقيقاً) يا لرقة رسول الله صلى الله عليه وسلم! وصدق الله إذا يقول (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿4﴾ القلم). وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيراً أو دجاجة يترامونها أي يتعلمون الرماية وأعرف أحد الناس كان رجلاً متنفذاً هذا قبل خمسين عاماً أو أكثر ومن شيوخ قبائل العراق وكان له عبيد وكان يتعلم الرماية فيجعل البيضة على رأس العبد ويتعلم الرماية كيف هو يصيب البيضة وكثيراً ما يقتل العبد نعوذ بالله هذا لا يرحمه الله يوم القيامة. فهناك أناس يتعلمون الرماية بالطير أو العصافير أو الدجاج وهذا أيضاً لا يجوز. فعندما مر بهم سيدنا عبدالله بن عمر قال (لقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً) والغرض هو هدف الرماية (لا تكن غرضاً فتصوب إليك السهام) كل شيئ يتعلم به الرماية يسمى غرضاً فالنبي لعن كل من يجعل شيئاً فيه روح غرضاً لكي يتعلم الرماية. فحقوق الحيوان في هذا الدين أعجوبة. رأى النبي صلى الله عليه وسلم حمار موسوم على وجهه قال (لعن الله من فعل هذا) أنت عندما توسم حمارك أو دابتك أوسمه في مكان آخر غير الوجه فتصور الذي لا يصلي ملعون والذي يأكل الربا ملعون والقاتل ملعون ومع هذا الذي يؤذي الحيوان ملعون تأمل أي دينٍ رحيمٍ رقيقٍ هذا الذي نحن فيه والذي ظلمناه كثيراً في سلوكياتنا في هذا العصر؟! يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يركبنّ ثلاث على دابة) لا يجوز أن يركب ثلاثة على ظهر حصان أو فرس أو بعير أو حمار لا يجوز أن يركبه ثلاثة وعلى الأكثر اثنان وهو في الأصل واحد وإذا كنت مضطر اثنان أنت وابنك مثلاً تردفه خلفك ثم يقول صلى الله عليه وسلم (إذا ركب الثالث فاحصبوه حتى ينزل) فإذا رأيت حيواناً دابة خيلاً أو بعيراً أو حصاناً أو حماراً أو بغلاً ثلاثة راكبين عليه فاضرب بالحجارة بالحصباء على أحدهم لكي ينزل واستمر في الضرب إلى أن ينزل لا تتركه لأن الحيوان من حقوقه ألا تُثقل عليه هذا الإثقال. وقال صلى الله عليه وسلم (لا تتخذوا ظهور الخيل منابر) فالإنسان عندما يقف على الحمار أو الخيل أو البعير يؤلمه فعندما تكون جالساً هو ليس بمتألم لكن عندما تقف عليه بقدميك وتبقى تخطب ساعة بالجماهير فلا يجوز هذا وملعون من وقف مدة طويلة على ظهر حصان أو غيره وهو يخطب الناس حتى يسمعون تستطيع أن تجلس وتتكلم أما أن تقف فهذا لا يجوز، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم قال هذا ممنوع في هذا الدين من مصارعة الديكة كما نرى في الأفلام وللأسف الشديد في الغرب هذا حكاية مصارعة الثيران في غاية القسوة تصور يظلون يضربونه بالنبال في كل مكان في جسمه إلى أن يقع. أعجب كيف يفعل هذا الأسبانيون؟ فهذا في الإسلام ملعون من يفعل هذا تحريش ومصارعة الديكة ومصارعة الثيران أما أي شيء فيه سباق يجوز، سباق الخيل سباق الهجن أيّ سباق للحيوانات يجوز أما أن تحارش بينها حتى يقتل أحدهما الآخر فهذا من محظورات الدين. من حقوق هذا الدين أيضاً عدم التفريق بين أي حيوان وصغاره ومرة النبي صلى الله عليه وسلم مع جيش مر بحُمَّرة وكان أحد الأشخاص الذي في الجيش رأى النخلة وفيها حُمّرة ومعها أفراخها فأخذ فرخين فالنبي قال (من فجع هذه؟) فالحُمّرة ترجف وهي تمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وتقف أمام الجيش وهي ترعش حنيناً إلى أولادها فسأل النبي من فعل بها هذا فدلوه على الذي أخذ أفراخها فقال (ردوا إليها فرخيها فلعن الله من فرق بين مخلوق وصغاره). التحريق لا يجوز والنبي صلى الله عليه وسلم رأى قرية فيها نمل كثير ورأى الناس يحرّقون وحتى الآن نجد أناس عندما يكون لديهم في البيت نمل يضعون عليه غاز ويحرقونه والنبي صلى الله عليه وسلم لعن هذا الفعل (لعن الله من حرق النمل) قال(لا تُعذِّبوا بعذاب الله) فهنالك مبيدات جيدة بدون تعذيب أما التحريق لا يجوز (لا تعذبوا بعذاب الله). والتحريق الآن في كل مكان في السجون في المعتقلات الناس تخرج وهي مكوية من فوق إلى تحت مشوية شوياً فما بالك بالنمل؟! وحينئذٍ كل هذا من ضلالات هذا البشر وقسوة القلوب وكل قاسٍ معروف في التاريخ كل إنسان قاسي على أهله على جيرانه على الناس على شعبه على شعبٍ آخر لا بد أن يفنى واستعرض كل التاريخ كل من بغى وطغى وانظر إلى فرعون (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴿51﴾ الزخرف) لأنه كان يقتل بني إسرائيل أُبيد. مملكة دامت ألاف السنين انتهت لأن هذا الفرعون الأخير كان يذبح الناس. وخذ التاريخ كله كل من اتخذ القتل ديدناً يزول إلى غير رجعة سواء كان ملكاً أو كان طائفةً أو كان حزباً أو كان جماعةً أو كان عشيرةً لابد أن يذهب ذهاباً غير مأسوفٍ عليه ويبقى في التاريخ محل لعنة.
هكذا هو موقف الإسلام من هؤلاء الناس الضعفاء ورب العالمين سبحانه وتعالى جعل حبه ورحمته بك على قدر حبك ورحمتك لهم فهنيئاً لكل من هداه الله عز وجل إلى موقفٍ كريمٍ مع ضعيفٍ من الضعفاء. واعلم أن هذا من الوسائل العظيمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴿35﴾ المائدة) رب العالمين يوم القيامة كما قال (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿35﴾ الزمر) رب العالمين لن يحاسبك على كل شيء سيقول لك هذا العمل أعظم شيء عندك أنا سأحاسبك عليه فقط فلعل الله عز وجل يوم القيامة كما هي الأحاديث الصحيحة لأنك رحمت ذليلاً أو ضعيفاً، أبرأت مديناً من الدين، كفلت يتيماً، سعيت على أرملة، سعيت على ثلاثة بنات، سقيت كلباً يلهث، يا رجل سقيت حيوانات ضالة، أطعمت مسكيناً، أطعمت فقيراً قانعاً معتراً، فككت أسيراً، كل هذه المنظومة العظيمة عظيمة من حيث كثرتها إذا هداك الله عز وجل لأن تفعل فعلك في واحدةٍ منها بسخاء وإدامة ولوجه الله عز وجل ليس فيها أي شائبة من رياء أو سمعة فاعلم أن الله سبحانه وتعالى سيغدق عليك رحمته كما أغدقها على ذلك المحكوم عليه بالنار وهو في الأصفاد يساق إلى النار فكّ الله وثاقه وقيوده لأنه سقى عطشاناً شربة ماء. هكذا هي رحمة الله عز وجل (ليرحمنّ الله الناس يوم القيامة رحمة يتطاول لها إبليس) من أجل هذا نقول كل شعوب العالم وكل الأصناف وكل الجماعات وكل العوائل وكل الأفراد يوم القيامة يحاسبون ويقاسون على موقفهم من هذه المنظومة منظومة الضعفاء فاتخذوا عند المساكين يداً فإنهم دولة يوم القيامة. هذا المسكين الذي تفضلت عليه بعشاء ليلة أو بقطعة ملابس أو بقطعة نقود سوف يهبك هو من رحمة الله عز وجل يهبك جنة عرضها السموات والأرض ولهذا كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (لا يدخل النار إلا شقي) أيّ مسلمٌ هذا الذي لم يرحم ضعيفاً؟ فما بالك بمن يقتل النساء والأطفال بسم العيون، بالدريل والتحريق والإبادة والإغراق والتغريق بالماء والشعل بالنار وكل هذا الذي لا يذكره الإعلام من فظائع الناس الذي يجري في بلاد إسلامية يقولون لا إله إلا الله ويصلّون ولا صلاة لهم طبعاً ماذا تقول إذاً؟! إذا كان وصل الأمر بهذا الجيل بهذه الحيوانية فمن عوفي من ذلك فليحمد الله واسألوا الله تعالى أن نكون مع الضعفاء ومع المساكين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم احشرني مسكيناً وابعثني مع المساكين).
بُثّت الحلقة بتاريخ 20/7/2007م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها