الحروف في القرآن الكريم, حرف النون

حرف النون – منظومة إزالة الأثر (نسخ)

اسلاميات

 

منظومة  إزالة الأثر

نسخ– مسح – محا –  درس –  عفا – طمس

منظومة إزالة الأثر في كتاب الله عز وجل أحصينا لها ست كلمات فقط التي هي نسخ وهي كلمة الباب نحن في حرف النون، نسخ ومسح ومحا ودرس وعفا وطمس كلها تعني أن هناك شيء كان واضح ثم لم يعد واضحاً لقد مسح أو نسخ أو محي محواً أو طمس أو عفي أو درس هكذا هي الكلمات في كتاب الله عز وجل ولكل كلمة دلالة دقيقة لا تحتملها ولا تتحملها الكلمة الأخرى. وهذا يعني أن كل كلمة جاءت في مكانها ولو وضعنا في مكانها أو بدلها كلمة أخرى من أخواتها لا تغني عنها إطلاقاً. وعندما قال تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ﴿39﴾ الرعد) و (وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ (24) الشورى) لا ينفع لا ينسخ ولا يعفو ولا يدرس ولا يمسح لا تنفع إلا كلمة يمحو وهكذا (مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ (106) البقرة) ما ينفع أن يقول ما نمحو أو ما نمسح أو ما نطمس إطلاقاً هكذا هي الدقة البلاغية في هذا الكتاب والتي لا يمكن أن يلمّ بها على هذا النحو إلا رب العالمين عز وجل فهذا جانبٌ من جوانب إعجاز هذا الكتاب العزيز وهو الجانب اللغوي وما أكثر جوانب الإعجاز في هذا الكتاب العزيز وهو الجانب اللغوي وما أكثر جوانب الإعجاز في هذا الكتاب.

نسخ: كلمة نسخ أن تزيل الأثر بأثرٍ آخر. أثر يحل محل الآخر فيزيل يعني يأتي شيء يزيل شيء لكي يكون مكانه لكي يجلس مكانه نقول نسخت الشمس الظل، ما محا الذي يمحو لا يشترط أن يبقى معك أنت عندك سبورة لوحة عليها كتابة أنت عندما تمسح هذه الكتابة لكي تأتي بكتابة جديدة يقال نسخ ولهذا النسخة المنقول منها ويقول تعالى (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿29﴾ الجاثية) عندك نسخة فأنت تريد تنقل من هذه النسخة المنقول عنها كتاباً جديداً ليحل محل هذا الكتاب سابقاً ما كان في طباعة وإنما الناس تستنسخ معناه أنت وضعت كتاباً مكان كتاب. فحينئذٍ كلمة نسخ نوعٌ من أنواع إزالة الأثر بشرط أن الناسخ يحل محل المنسوخ وهذه جوهرية مهمة في عملية المسح. لكن أحياناً تجد على السبورة هذه تمسح الكتابة بآلة، المسح باليد هكذا مسحتها مسحاً بيدك هذا مسح ولم تكتب شيئاً لكن منذ أن تقول مسح أي بيدك (فمسح على رأسه) أي بيده، السيد المسيح عليه السلام سمي مسيح لأنه كان يمسح بيده على العاهات المزمنة كالأعمى والأبرص والأيدم الخ فيزيل هذا الأثر. حينئذٍ كلمة نسخ تعني أن تضع شيئاً مكان شيء هذا الشيء هو الذي يزيل الأثر الذي قبله ليحل محله، هذا نسخ.

مسح: إذا كنت لا تضع شيئاً مكان شيء وإنما فقط أزلت الأثر إذا كان بيدك فهو مسح وإذا كان بآلة فهو محو (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) إذا كان لخبطت الصورة بصبغ يعني أنت شوهت الصورة يسمى طمس (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا (47) النساء).

درس: إذا كان هذا الأثر أزيل بكثرة الاستعمال أنت لديك كتاب تقرأ فيه ليل نهار سنة سنتين عشرة عشرين ثلاثين أولادك يقرأون فيه لم يبقَ منه شيء هذا يسمى درس (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ﴿169﴾ الأعراف) من شدة ما قرءوا التوراة هؤلاء الناس كان عندهم نسخة لم يبقى فيها كتابة من كثرة ما قرأوها واستعملوها يسمى هذا درس (خير القبور الدوارس) القبور الدوارس يعني هو قبر من شدة كثرة الناس الذين يمرون عليه ويجلسون عليه ويشخطون عليه لم يبقى منه شيء ورياح وأعاصير وسيول لم يبقى شيء هذا دارس (ورسمٍ دارس) هو الذي من شدة الاستعمال سواء كأنواء، أجواء، أعاصير، مرور، ناس، جلاس، دواب، يسمى دارس إذا كان من قلة الاستعمال ولاحظ دقة القرآن الكريم إذا كان من كثرة الاستعمال يقال دارس وإذا كان من قلة الاستعمال يقال عفا (عفت الديار محلها فمقامها) لا أحد يمر عليها فأنت لديك بيت هذا البيت من شدة ما تستعمله عيال وأحفاد كل هذا أدى إلى تهلهله هذا يقال درس وبيت مغلق عشرين ثلاثين سنة ثم تهدم وسقط يقال عفا فإذا كان من كثرة الاستعمال يقال درس كما قال تعالى (وَدَرَسُوا مَا فِيهِ) وإذا كان من قلة الاستعمال أو الترك يقال عفا رب العالمين عندما يعفو عنكم أي ترك الذنب ونحن قد تحدثنا في حلقة سابقة عن العفو والمغفرة والتكفير والتجاوز وكل واحدة لها أسلوب من أساليب عدم مؤاخذة المؤمن بذنبه فكونه يعفو عنك تركه مثال: شخص ارتكب جريمة في هذا البلد من أي قبيل مخالفة مرورية لم يدفع ضريبة، هرّب شيئاً ممنوعاً ووصل للشرطة ولأمر ما لشخصية هذا الإنسان محبوبة عند أحد أصحاب النفوذ لها قيمة قال اركنوها على جنب هذا عفو، عدم الاستعمال ترك عدم استعمال الذنب هكذا. حينئذٍ نعود من جديد إذا أردت أن تزيل أثراً إذا كنت قد تركت أثر مكان أثر فهذا نسخ (مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ) وإذا كان بيدك يمسى مسح (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ﴿33﴾ ص) (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ (6) المائدة) أنت تمسح رأسك بيدك، وإذا كان بالآلة أو بالأسباب يقال محا (وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ) بماذا؟ يمحو الله الباطل بجيش قوي بعدوٍ على عدو (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا (65) الأنعام) أو أعاصير أو مياه أو (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴿65﴾ الأنعام) كل هذا أساليب من أساليب المحو وليس المسح بل المحو بقوة هائلة، بآلة، بأسباب. وإذا كان بكثرة الاستعمال يقال درس وإذا كان بقلة الاستعمال وعدم الاستعمال يقال عفا، إذا كان بالتشويه (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا) أي يملأها شعراً حتى تصبح مثل وجوه القردة فأنت لديك صورة تضع عليها صبغ كالذي يفعلونه في السريالية بعض الأصباغ على بعضها ثم يقولون هذه تمثل الحرية وهي عبارة عن قليل من الأصباغ فقم بلخبطة الصورة لكي تخرج بصورة أخرى فالطمس تشويه الأثر، عندك أثار جيدة أثار أقدام تاريخية مثلاً أثار معركة فقمت أنت بلخبطتها كما هي أثار بدر مطموسة بالكامل مع أنها هي من أقوى أسباب الهداية والعِبَر حينئذٍ هذا يسمى طمس. هكذا استعمل القرآن الكريم أدوات محو الآثار كل كلمة في مكانها المحترم الذي لا يمكن أن تسد كلمة مكان كلمة هكذا هي الكلمة القرآنية في هذه المنظومة.

نتكلم عن آية واحدة لأن كل كلمة تحتاج حلقة وربما حلقات لكن نتكلم عن قوله تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴿39﴾ الرعد) قلنا المحو بآلة وليس باليد أي بأسباب أخرى هذه الآية تشمل كل جوانب الحياة هذه سنة من سنن الله في خلقه (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴿140﴾ آل عمران) لا يوجد شيء ثابت (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ). يعني هناك خطة تفصيلية وخطة إجمالية وهناك الخطة الإجمالية التي تملكها الدولة والتفصيل عليكم أنتم العمال المهندسين. حينئذٍ رب العالمين عز وجل هذا الكون يقوم على الاختيار أولاً ورب العالمين “استخلفكم في الأرض فناظرٌ كيف تعملون” (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴿61﴾ هود) فتقوم على الحركة القضية واضحة أمم تروح وأمم تأتي أديان تروح وأديان تأتي كتب سماوية تنزل والأخرى تنسخها أو تأتي مكانها حكومة تروح وحكومة تأتي، شخص اغتنى ثم أصبح فقيراً أو فقيراً اغتنى وقس على هذا في كل جوانب الحياة ما من جزئية في هذه الدنيا إلا وتمر بهذه القاعدة (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) لم يقل يمحو الله ما يريد بل ما يشاء والمشيئة تتغير والله (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴿16﴾ البروج). حينئذٍ هذا الكون لا يركن إليه إلا مغفّل من حيث أنه قُلَّب حُوَّل ولا يعمر هذا الكون إلا بذلك من أجل هذا لو أننا تأملنا في فلسفة هذه القاعدة الكونية لرأينا كل ما يجري في هذه الحياة طبيعي ومتوقع ومألوف يعني لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ويومٌ لك ويومٌ عليك ويومٌ مشرق ويومٌ غائم ويومٌ سعد ويومٌ نحس وهكذا الحياة لا تصفوا إلا على هذه الشاكلة اختلاف ألسنتكم وألوانكم (جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا﴿27﴾ فاطر) (ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا (27) فاطر) فالاختلاف جمالية هذا الكون حتى بما يتعلق بالأديان لا يصلح هذا الكون إلا بين مؤمن وكافر. وجود الكافر ضرورة كوجود إبليس لا بد أن يكون هناك إبليس إلى جانب الملائكة فلا ينفع الكون إلا هكذا هذه قوانينه. من أجل هذا رب العالمين عز وجل يخاطب العقلاء والحكماء وأهل الرشد (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ﴿78﴾ هود) إذا عرفت أن هؤلاء هم الذين يضعون قوانين التعامل في هذا الكون سواء كان وحياً أو حكمة أو تلقيناً أو في وسط الخطاب (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴿269﴾ البقرة) هؤلاء هم قادة هذا الكون فإذا صار هذا الكون إلى أراذله فانتظر ساعة خرابه وهو الذي يجري اليوم. قارن في كل شيء في الحياة بين من كانوا على أيام جدّك ومن هم اليوم في كل جوانب الحياة في الحُكام، في الشعراء، في اللغويين، في العلماء، في الفنانين، في الجيران، في الجيوش، في الساسة، في الأحزاب، في الفئات، في الطوائف، تردّي هائل لا يمكن أن تفسره إلا على هذه القاعدة (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) ومعنى ذلك أنه عندما تصل الرداءة إلى أدناها فانتظر يوم النهضة الجديد الذي اختطها الله عز وجل واستنها لعباده. هكذا إذاً من أجل ذلك عليك أن تتعايش مع هذا الكون وألا تقهره قهراً لست بقدرته ولست هناك معه وإنما عليك أن تتبع ما قاله الله عز وجل وما قالته الرسل والكتب السماوية وما تقتضيه الحكمة حينئذٍ سوف يكون الكون قابلاً للتعايش بين الخير والشر جنباً إلى جنب وليس بالضرورة أن يكون الخير والشر متقاطعين متحاربين قد يكونا متناصحين وهذا عندما تبلغ البشرية أُسدها أما هذا الذي يجري كما قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴿159﴾ الأنعام) الدين الواحد بعضهم يقتل بعضاً شر قتلة يعني الآن شاعت هذه في التاريخ والآن عادت من جديد الدين الواحد طبعاً لدينا آيتان آية تتكلم عن غير المسلمين وآية تتكلم عن المسلمين (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) من أمتك طوائف وأحزاب وفئات كلٌ منهم لا شغل له ولا همّ إلا أن يقتل أخاه المسلم باعتباره مشركاً وجرى في التاريخ على فترات فأطفأها الله ثم عادت من جديد لكي يطهر الله منها الأرض من جديد وما هي إلا سنوات قليلة حتى تنظف هذه الأرض الإسلامية من هذا الذي يجري فيها اليوم من هذه العبثية التاريخية المستمرة (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) هذه هي الكلمات إذاً.

نتكلم بما يتعلق بنا نحن كأفراد الذي يهمنا ما الذي يثبته الله علينا وما الذي يمحوه من عبادات أو ذنوب هذا الذي يعنينا عز وجل جعل هذا النظام (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) نظام سوف تجده يوم القيامة محكماً إحكاماً لا يمكن لعقلك بقوانينه في الدنيا أن يدركه حينئذٍ نقول الأعمار تتغير واتركوا الموروث الساذج أن الأعمار ثابتة والأرزاق ثابتة والقضاء والقدر ثابت، نعم القدر ثابت فقط والقضاء متغير المهم عز وجل قال (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴿10﴾ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴿11﴾ نوح) فالأرزاق تتغير “من أحب أن يُنسأ له في أجله ويُزاد له في رزقه” هذا يُزاد له في رزقه والأجل (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴿2﴾ الأنعام) أجلين كل واحد منا له أجلان أجلٌ مسمى عند الله أنك أنت مخصص لك تعيش سبعين سنة هذا المخصص لك أصلاً في أم الكتاب ثم أنت حصل لك شيء لدغك عقرب قتلك واحد انتحرت أنت اخترمت ذلك الأجل المسمى عند الله ولهذا إما أن تثاب إذا كنت شهيداً تبرعت بباقي عمرك لقضية نبيلة أو قتلك أحد واعتدى عليك أو بقضية خاسرة فتعاقب باعتبارك انتحرت انتحاراً أو ما شاكل ذلك الأرزاق الآجال الأعمار كله (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴿11﴾ فاطر) هذا القرآن دقيق وليس أعجمي وليس لعبيد القرآن لغته معجزة (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) ولكن شخص آخر كما يقول بعض المفسرين غير العرب أنه شخص آخر ولو كان شخص آخر لقال وما ينقص من عمر آخر. إذاً الأعمار غير ثابتة والأرزاق غير ثابتة كل شيء في هذه الدنيا قابل للتغيير والتبديل الشعوب تتغير (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴿38﴾ محمد) وحصل (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ ﴿6﴾ الأنعام) (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) يومٌ لك ويومٌ عليك دول سادت الدنيا ثم ذهبت ودول كانت أضعف ما تكون ثم قويت حتى سادت الأفراد، العائلات، الشعوب، الناس، المدن، (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ﴿259﴾ البقرة) وإذا بها مدينة زهراء عظيمة. هكذا هو الأمر كل هذا في جناح البعوضة كل هذا عندما تصل الحلقوم (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ﴿83﴾ الواقعة) تدرك أن كل هذا الكون فعلاً لا يساوي عند الله جناح بعوضة تدركه بعقلك الجديد (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴿22﴾ ق)(قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ﴿112﴾ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ ﴿113﴾ المؤمنون) هذا من الخجل لا يستطيع أن يقول ثواني فهو يرى أن هذا غير معقول فيقول يوم أو بعض يوم. هكذا هو الأمر عز وجل أخبرنا عن ما يتركه من الذنب وما يمحوه وهذه قضية خطيرة ولكن كرم الله فيها أكثر مما تتصور هناك ما يمحوه عز وجل من ذنوب يوم بل من ذنوب وقت، ما بين الصلاتين كفارة من المغرب والعشاء كفارة وهكذا في الجمعة ساعة تغفر الذنوب ويستجاب فيها الدعاء أوقات في يوم وفي أسبوع الجمعة إلى الجمعة كفارة، وفي أيام مثل عشرة ذي الحجة في نصف من شعبان في مثلاً صيام يوم عرفة يكفر سنتين هكذا هو الأمر (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) وإذا محا الله عز وجل فإنه لا يعود إليه إذا أعلن الله المحو هذه قضية في غاية الأهمية ينبغي أن ندرسها جيداً إذا أعلن الله المحو عن جماعة أو فئة أو جيشٍ أو جيل أو فرد سواء كان بأسمائهم أو بحوادثهم أو بصفاتهم فبإذن الله عز وجل لا يعود بشكل يذهل. من أجل هذا أنت تستطيع أن تصنف هذا من أهل الجنة وهذا من أهل النار فرب العالمين قال (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴿1﴾ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴿2﴾ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ﴿3﴾ المسد) كلام أي شخص لديه ذرة ذكاء منذ أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله هل تطلبون مني شيئاً؟ لا والله لا نطلب منه شيء صار مسلماً فعلاً ونجا من النار لكن هذا مما يثبت هذا من الذي يثبت (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) محا عن وحشي الذي كان مثلهم لكن الله ما ذكره لكن هذا (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ) وأثبته عليهم. حينئذٍ نقول حاول أن تكون ممن يثبتك الله ويثبتك في المغفور لهم.

ونتكلم عن بعض الحالات نتكلم عن المغفرة المطلقة وهذه من كرم الله عز وجل ما أعطى أحداً مكرمة وحرم منها عباده الآخرين كشخص يقول نحن لم نأتي لا بزمن الأنصار ولا المهاجرين ولا الرضوانيين نحن حرمنا من هذا المجد ونحن لسنا بداخلين تحت قوله (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ (100) التوبة) لا والله رب العالمين ما ظلمك في كل جيل ولكل قوم ولكل إنسان فرصة أن يكون مثل الأنصار والمهاجرين أبداً إن الله لا يحرم أحداً هذه الفرصة “لا تقوم الساعة حتى يكون أجر العامل منهم أجر خمسين قالوا: خمسين منهم قال: بل منكم” تأمل. إذاً أمامك فرصة هناك حسنات تسبق بها السابقين إذا فعلتها إذاً فعليك أن تتحين الفرص لكي تكون ممن يثبت لهم عز وجل التوبة بحيث لا يعذبهم أبداً كما فعل مع أهل بدر “اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم” “لا يضر عثمان بعد اليوم ذنبٌ” وهكذا وهذا بالنص وبالتالي كما أن أبو لهب لا يمكن أن يؤمن والمغيرة (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ﴿11﴾ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا ﴿12﴾وَبَنِينَ شُهُودًا ﴿13﴾ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ﴿14﴾ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ﴿15﴾ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا ﴿16﴾ سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴿17﴾ المدثر) وهو لن يقول لا إله إلا الله أبداً لأن الله عز وجل أثبت هذا فهذا مثبت الله أثبته عليه فحاول أن تكون ممن يثبت الله له الجنة إن شاء الله.نذكر بعض النماذج التي رب العالمين عز وجل أعلن التوبة وأعلن الرضى وكيف يكون الإنسان ممن يثبت الله له؟ إما بالنص عليه أن فلان الفلاني الجماعة الفلانية (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ (100) التوبة ) رضى مطلق أعلن الرضى (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴿18﴾ الفتح) هذا رضى. أحياناً بالبراءة الأصلية الأنبياء معروف أن رب العالمين سبحانه وتعالى عصمهم من الذنوب (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴿2﴾ الفتح) عندنا أيضاً بالقرار رب العالمين قرر أن من يفعل كذا فقد غفر له لا هو من الأنبياء ولا هو من الصدّيقين وما أكثر هؤلاء مثل أهل بدر أخذوا أسرى (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿67﴾ الأنفال) إلى أن قال ولقد عفا عنكم هذا الذنب كان سبباً لأن يقرر الله عز وجل أنه عفا عن أهل بدر حتى قال “اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم” مثلهم بالضبط جماعة أُحُد (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴿152﴾ آل عمران) ولهذا أهل أُحُد أخذوا مكرُمةً كمكرُمة أهل بدر من حيث أن الله قرر بأنه عفا عنهم. مثلاً أهل تبوك أهل تبوك عملوا مشكلة أنهم استغفروا للمشركين (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿113﴾ التوبة) ثم أثناء العسرة كان هناك بعض الوساوس (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿117﴾ التوبة) كاد لأن حقيقة جيش العسرة هذا جيش مرّ بمحنة فوق الطاقة البشرية، العشرة يتناوبون بعيراً عشرة إذا متى يأتيك الدور؟ باليوم كله نصف ساعة وتمشي ثلاثة وعشرون ساعة ونصف، الخمسة كان طعام الخمسة تمرة كل واحد يمصها مصة الخامس يلقيها نواة وذهبوا وقاتلوا وانتصروا وعادوا فرب العالمين بدأ وقال (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ) لكي يعلّمهم أنه ليس فقط تاب عليهم فالتوبة مع النبي معناه أنها ليست فقط توبة ولكن توبة مطلقة “افعلوا ما شئتم” فالأمر ليس مقتصر على أهل بدر ولكن كلهم هكذا وجيش العسرة كل من رافق النبي في مسيرته كلها مر بالعسرة أليس الذي مر بالغار بعسرة؟ والذي بالهجرة أليس بعسرة؟ بدر وأحد وكل حياة النبي صلى الله عليه وسلم هي عسرة في عسرة كلها رعب وخوف وجوع وحرب وقتال وظلم من الناس وتخلى عنهم الأهل الخ. حينئذٍ عندما قال (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ) النبي تصور؟ إذا تاب على النبي إذاً انتهى الأمر ثم يقول (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴿118﴾ التوبة) معطوفة عليها وكرر التوبة في قوله (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿118﴾ التوبة) تكرار هائل ولهذا هؤلاء أهل جيش العسرة أهل تبوك نالوا وعداً بالمغفرة والتوبة أكثر من أهل بدر لشدة العسر الذي كانوا فيه. أهل بدر جاءت الملائكة معهم أما هؤلاء لم يأتوا الملائكة معهم حينئذٍ رب العالمين عز وجل عندما يقرر أن ينجي مثلاً في قوله (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ (187) البقرة) بشر كان في حكم الصيام أن المسلمين إذا صام بالليل لا يقرب امرأته ولا يأكل إلا إذا نام إذا بقي مستيقظاً له الحق متى ما نام انقطعت فطبعاً ثلاثة أربعة خمسة عشرة خمسة عشرة شخص منهم من أكل ومنهم من جامع الزوجة حتى منهم سيدنا عمر حتى المسلمين عندما أتوا الرسول وقال كل منهم أنا فعلت كذا وأنا فعلت كذا فعندما قال عمر أنا أيضاً فعلت كذا قال له: ما كان ذاك جديراً بك يا عمر فأنت ليس من المعقول أن تفعل هذا لكنه بشر فقال الله عز وجل (فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ (187) البقرة) عفو مطلق انتهى. هذا إذا رب العالمين قرر أن يعفو عن قومٌ بالاسم أو بالصفة أو بالوصف فهو عفو مطلقٌ لأن الله سبق في علمه أن هؤلاء من أهل الجنة. ولهذا عندما رب العالمين أثبت على بعض الناس أنهم من أهل النار طيب ولو حتى من باب العناد لكن أبداً هذا سبق في علم الله وانتهى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) من أجل ذلك إذا أردت أن تكون من أهل المغفرة المطلقة فتلمس في هذا الدين ما الذي يجعلك من أهل المغفرة المطلقة وما أكثر الأسباب. ونحن هذا المثال نقوله دائماً امرأة بغي بسقيا كلب دخلت الجنة، شخص قام وصلى من الليل قال “انظروا إلى عبدي هجر فراش حبيبه من أجلي” عملٌ واحد! الآخر كان يرحم أهله الآخر كان يحارب ثم حدث هجوم شديد معاكس فهرب الجميع وثبت قال خلاص لأقتل فيقول الله عز وجل “انظروا إلى عبدي ثبت لي بنفسه أشهدكم قد غفرت له”. واترك هذه الأشياء الصعبة “طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً” هل هذه صعبة؟ عوِّد نفسك أنك في اليوم على الأقل تقول مائة مرة (استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) ثق لا يبقى في صحيفتك ذنب (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴿165﴾ النساء) ماذا تريد أكثر من هذا؟ فعلاً كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم “لا يدخل النار إلا شقي”، “ثلاثة لا ينفع معها عمل ولا يضر معها ذنب وهي أولاً بر الوالدين كشخص توفي وهو بارٌ بأبويه لا يضره ذنب مطلقاً كما أن عاقّ الوالدين لا ينفعه عمل. هكذا هم أهل تبوك ولهذا رب العالمين سبحانه وتعالى قدم التوبة (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ) كما أنه قد قدم الفشل في أحد (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) الفشل هو عدم استطاعتهم السيطرة والقضية أن بعضهم وهم مجموعة صغيرة عندما رأوا جيش المشركين يهزمون مالت نفوسهم إلى الغنائم، هذا الفشل الضعف وتنازعتم أي عصيتم الأمير عبد الله بن جبير عندما قال لهم أن الرسول r أمرهم بأن لا يتحركوا من موقعهم قالوا لقد انتصرنا الآن وانتهى الأمر. إذاً رب العالمين عز وجل إذا قرر أن الفئة الفلانية  ولهذا جميع الأنصار وجميع المهاجرين وجميع الرضوانيين بمن فيهم العشرة المبشرين بالجنة وكل هؤلاء الناس أقر الله بأنه رضي الله عنهم ورضوا عنه أي طعن بهؤلاء يخرجك من الملة لأنك تكذِّب القرآن الكريم هذا معنى قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) أي أنك تستحدث لنفسك فكراً أو ديناً أو أحكاماً شرعية لا يقوم عليها دليل وأنشأت بذلك طائفة مبتدعة تناصب المسلمين العداء فهذا من الذين أثبت الله أنهم هالكون هكذا. فحينئذٍ رب العالمين عز وجل عندما نصّ على أن هذا الدين مفتوح إلى يوم القيامة تستطيع أن تجد لنفسك فيه مكاناً يمحو الله ما يشاء من ذنوبك وإياك أن تكون ممن يثبت ويثبت عليهم كتابه بأنك من أهل النار نعوذ بالله من ذلك قوله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿93﴾ النساء) هذا كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم من علامات آخر الزمان “لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم الهرج القتل القتل القتل حتى يقتل الرجل أخاه وجاره وابن عمه” حينئذٍ هذا الذي يجري في بعض الدول الإسلامية اليوم وبحجج تافهة تحت عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخ فهذا التكفير المنتشر الآن هذا من علامات الساعة وحينئذٍ إذا انتظم المسلم مع جماعة أو فئة أو طائفة أو مذهب يكفر من يقول لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله وهو من أهل القبلة فهذا من الذي أثبت وثبت الله لهم أنهم من أهل النار كما قال تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا). هكذا هو الأمر إذاً (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) رب العالمين كما تحدثنا سابقاً في حلقة سابقة عن عالم الأمر وعالم الخلق كل هذا الذي يجري نحن ملزمون ومجبرون عليه لأننا طبقناه وفعلناه مختارين عندما جمعنا الله عز وجل وقال (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴿172﴾ الأعراف) كنا واعين وعقلاء ومميزين ومكلفين ونحن الآن نعيد ما فعلنا على وفق ما فعلنا وفعلناه هناك اختياراً ونفعله الآن إجباراً إذاً عليك أن تعلم أن الله عز وجل علم الآن علم من وضعك كما أنت عليه الآن من حيث أنه سبق في علمه أنك ستفعل كذا وستفعل كذا والله يعلم أنك في اليوم الفلاني عندما خلقك في عالم الأمر علم أنك ستقتل في المكان الفلاني أو تقتل أو تكون مسلماً أو لا تكون مسلماً كل الذي يجري لك الآن علمه الله عز وجل عندما فعلته وقبل هذا سبق في علمه أنك فعلته في عالم الأمر ولا بد أنك فاعله هنا هذا نسميه قدر لأنه على وفق ما فعلته في السابق وإلا فإن الإنسان خلق مختاراً (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ﴿18﴾ الحج) وليس كلهم قسم منهم لأن تلك الأشياء كلها مجبرة والإنسان وحده المخير، هكذا هو الأمر من هنا تلمس ما هي الأفعال التي إذا فعلتها فإنك تثبت وتثبت نفسك مع الذين أثبتهم وثبتهم بأنهم من أهل الجنة. إذا رب العالمين عصمك من أن تكون من أهل الفتنة الذين ينشئون مذاهب وأحزاب وطوائف تقتل المسلمين وتكفرهم إذا نجّاك الله من ذلك فقد نجوت، ثانياً إذا نجاك الله من أن تقتل مؤمناً على إيمانه متهماً إياه بالكفر فبالتالي فأنت تستحل دمه فأنت بذلك قد خلدت نفسك في النار كالأول كلاكما خالد في النار وقد أثبت الله ذلك ما عدى هذا لدينا من الذنوب البشعة التي علينا أن نتوقاها. أولاً كما قلنا عقوق الوالدين ثانياً قطع الرحم ثالثاً أكل مال اليتيم رابعاً أكل الربا خامساً قذف المحصنات هذه في الحقيقة ذنوب نعوذ بالله إذا مت عليها فهي مصيبة المصائب ولهذا فحاول أن تكون من النوع الذي يغفر الله له وإن لم يتب فهؤلاء جماعة جيش العسرة لم يتوبوا ولكن الله غفر لهم قبل أن يتوبوا كما هي عقيدة أهل السنة أن الله سبحانه وتعالى قد يغفر الكبيرة لصاحبها من غير أن يتوب وهذا هو التكفير كما تحدثنا سابقاً عن الفرق بين التكفير والعفو والغفران الخ. التكفير أنك تعمل عملاً حسناً (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴿114﴾ هود) تعمل حسنة فرب العالمين إكراماً لها يغفر لك ذنوباً كثيرة.

الفرق بين المشيئة والإرادة: رب العالمين عز وجل له مشيئة وله إرادة وحينئذٍ كلها تعرف بما وصف الله بها نفسه (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) والله (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) كيف يريد لا تعرف، أنت عن نفسك لا تعرف (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴿21﴾ الذاريات) قل لي أين نفسك وأين روحك؟ حينئذٍ هذا كلام سقط أصبح ساقطاً هذا هرطقات علم الكلام وعلماء الكلام الذين أثخنوا المسلمين.

من الأعمال التي في الحقيقة تثبتك إن شاء الله مع الناجين أولاً براءة القلب، أن تموت وليس في قلبك غلٌ لأحد. ثانياً كما قال صلى الله عليه وسلم “لن يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً” إياك وأن تأتي يوم القيامة وفي رقبتك دمٌ حرام. ثالثاً إياك أن تأتي وأنت عاقٌ وقاطعُ رحم. هذه الذنوب التي إذا نجاك الله منها وهي أكثر ما يخاف منه يوم القيامة فقد نجوت حينئذٍ رب العالمين عز وجل فتح لك باب التوبة (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا ﴿135﴾ آل عمران) ما من عبدٍ يذنب ذنباً عظم أو صغر من الكبائر والصغائر إلا وهو تحت التوبة التي فتح الله أبوابها إلى يوم القيامة من أجل هذا لا تقول لماذا حرمني الله عز وجل من أن أكون في القرن الأول أو أكون أنا من الأنصار أو المهاجرين أو غيرهم لكل جيل ولكل عصر رحمة الله سبحانه وتعالى ورأفته والله قال (إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿117﴾ التوبة) فعليك أن تتخير من الأعمال ما تراه مناسباً لظرفك ولمهنتك ولمقامك ولعقلك ولنوع وظيفتك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴿35﴾ المائدة) إن كنت حاكماً فوسيلتك العدل وإن كنت عالماً فوسيلتك الصدق وإن كنت تاجراً فوسيلتك النصح وهكذا إذاً الباب مفتوح “تركتكم على السمحاء ليلها كنهارها” والله سبحانه وتعالى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) فحاول دائماً أن يمحو الله سيئاتك وأن يمحو خطاياك وأن يثبتك مع الصالحين ومع الصادقين وأن تموت والله عز وجل راضٍ عنك وليس هذا بالأمر العسير وإنما هو يسير على من يسّره الله عليه وابدأ بأن تُنقّي قلبك من الحقد والحسد والغل فإنها هذه هي المهلكة كما قال تعالى (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿88﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿89﴾الشعراء).

بُثّت هذه الحلقة بتاريخ 9/11/2007م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها