الحروف في القرآن الكريم, حرف النون

حرف النون – منظومة الأمر بالمعروف (نصح)

اسلاميات

لمنظومة  الأمر بالمعروف

النصح – الوعظ– الإرشاد – الهداية –  التذكير والتذكرة –  التبصير والتبصرة –

الأمر بالمعروف عبادة جليلة في هذا الدين وكلمة المعروف في كتاب الله عز جل كما في سُنة المصطفى r تعني كل شيء يُعرف بالعقل الصحيح حسنه، كل شيء يوصلك عقلك السليم إلى أن هذا حسن أو تعرّفك الشريعة بذلك فهذا معروف فليكن ذلك العمل ما يكون، هذا المعروف والله تعالى أطلق كلمة المعروف على عدة عبادات (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) البقرة) (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى (263) البقرة) (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ (114) النساء) معروف هو كل شيء ما تأمر به الناس عندما تريد أن تصلحهم بالأساليب التي جاءت في كتاب الله فهو معروف. منظومة المعروف في كتاب الله عز وجل أساليبها: النصح، الوعظ، الإرشاد، الهداية، التذكير أو التذكرة والتبصير أو التبصرة. هذه الكلمات هي التي تكون داخلة ضمن منظومة الأمر بالمعروف فالأمر بالمعروف لا يخرج عن واحدة من هذه الأساليب إما أن تنصحه وإما أن تعظه وإما أن ترشده وإما أن تهديه وإما أن تذكّره وإما أن تبصّره. وكل واحدة من هذه الكلمات تتناول زاوية في الأمر بالمعروف لا تشملها ولا تتناولها الكلمة الأخرى ولكل أسلوب من هذه الأساليب خصيصته إذن هكذا عرفنا المعروف كل ما هو حسن في العقل أو في الشرع كما قال تعالى (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ (2) الطلاق) (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) البقرة) في كل ما أراد الله عز وجل أن يوصف فعلاً أو عملاً شيئاً بالحسن قال بالمعروف. إذن هذا المعروف كيف نأمر الناس به وحينئذ نكون قد حققنا هذه العبادة؟

النصح: النصح هو بذل الجهد في المشورة وضدها الغش، عندما تسألني عن عملي أصحيح أو لا أقول لا يا فلان عليك أن تفعل كذا ولا تفعل كذا أشير عليك بما هو أفضل يسمى هذا نصحاً فإذا أخلصت هذا النصح ولم أغشك مهما كان موقعك ومهما ينالني من أذى ولا يهمني غضب المقابِل ما دام استنصحني أقول له الحق وأقول الذي أعتقده وأبذل جهدي في أن أوصل له الحق يسمى هذا نصحاً (وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ (34) هود) (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ (62) الأعراف) (وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79) الأعراف) (فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) القصص) (وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴿68﴾ الأعراف) النصح إذن المشورة الصادقة ولهذا التوبة النصوح أي الصادقة التي ليس فيها رياء ولا غموض ولا تعود إلى الذنب الذي تبت منه، يقول الله تعالى (تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا (8) التحريم) إذاً توبة خلصتها من الخلل فهناك توبة فيها خلل توبة مؤقتة أو غير معنية أو ليس صارماً ولست نادماً والخ وقد تعود كثيراً هذه توبة فيها خلل إذا خلصت التوبة من خللها فهي التوبة النصوح ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم “للمسلم على المسلم من المعروف ستٌ” كل هذه الأفعال من المعروف لأنها حسنة قال “يسلم عليه إذا لقيه يشمته إذا عطس ويعوده إذا مرض ويجيبه إذا دعاه ويشهده إذا مات ويحب له ما يحب لنفسه وينصح له بالغيب” عندما تكون غير موجود أتكلم عنك بالنصح أي بما هو حقٌ وأخلص لك القول وأقول فيك ما ينبغي أن أقوله في وجهك يسمى هذا نصحاً ولهذا النبي قال: “الدين النصيحة” “الدين النصيحة لله ولرسوله ولعامة المؤمنين وخاصتهم ولولاة الأمور” أي أن تشور عليهم بما هو حقّ. النصح لله ورسوله أنت عندما تنصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم كأنك نصحت لله (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴿20﴾ الأنفال) ولهذا أن تنصح لرسول الله أن تشير عليه كما فعل الحُباب بن المنذر في بدر عندما وضع النبي صلى الله عليه وسلم الجنود في مكان قال له: يا رسول الله أهذا منزلٌ أنزلكه الله أم هو الحرب والمكيدة؟ قال: لا هي الحرب والمكيدة، فقال: ليس هذا بمنزل بل هي كذا كذا، وفعلاً كانت هذه مشورة هائلة رائعة هذا الرجل نصح لرسول الله وكلمة نصح تتعدى باللام أو بنفسها نقول نصح رسول الله أو نصح لرسول الله وفيها اختلاف في المعنى ليس هذا مكان لشرحه لأنه يطول. هذا النصح.

الوعظ: عندنا بعد ذلك الوعظ ما الفرق بين النصح والوعظ؟ النصح أني أقول لك الحق حتى لو أغضبتك حتى لو قلت خلاف ما تحب. أحياناً بعض الناس عندما يستشيرك في قضية ما يتزوج فلان أو لا يتزوج فلانة، يفعل كذا أو لا يفعل كذا، هل ما قلته كان صواباً أو خطأً؟ هل تصرفي صح أو خطأ؟ أحياناً تجامل أنت بذلك تكون قد غششته لم تنصح له ولم تنصحه كان عليك أن تنصح هو أو أن تنصح له وقد يغضب وحتى لو حدث هذا لا بأس فالمستشار مؤتمن فأنت يجب أن تقول له الحق وإلا غششته هذه نصيحة. إذا كنت أكلمك كلام أرقق قلبك وأتألفك وأحاول أن أؤثر فيك عاطفياً لكي تفعل ما هو صواب وتقلع عن الخطأ الذي أنت فيه، كشخص يشرب خمر ممكن أن تقول له أنت فاسق أنت فاجر وهذا لا يصح هذا كلام سقط هذا كلام خلاف فلسفة وأخلاقيات هذا الدين تماماً وهذا أسلوب مذموم كرهه الله ورسوله في الكتاب والسنة كما سأذكر بعد قليل. الوعظ يكون بالرقة أنت رجل طيب واتقي الله ورب العالمين يحبك الآن وأنت تعصيه لكن الله سبحانه وتعالى يبسط يديه لكي تتوب إليه ينزل إليك في الثلث الأخير من الليل ومهما عصيت رب العالمين سوف يتوب عليك (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴿53﴾ الزمر) ترقق قلبه حتى تحبب إليه الإيمان وتحبب إليه التوبة تحبب إليه الصلاة تحبب إليه الصوم تحبب إليه ألا يكذب تحبب إليه أن يتوب عن كل الذنوب بأسلوب رقيق لا تعنف ولا تشتم ولا تيأس “يسِّروا ولا تعسروا، بشروا ولا تنفروا” يسمى هذا وعظاً. فالوعظ هو ترقيق القلب لكي يفعل صاحبه ما هو صواب ولهذا قال (فَعِظُوهُنَّ﴿34﴾ النساء) بالرقة والعاطفة فأنت كيف تفسر قوله تعالى (وَاضْرِبُوهُنَّ (34) النساء) أن تأتي بعصا وتضربها وتكسر رأسها ولكن قال (فَعِظُوهُنَّ) الوعظ ترقيق القلب كأن تقول يا بنت فلان يا بنت عمي يا غالية يا طيبة أنت بنت ناس طيبين وأنت أخلاقك عالية وأنت الخ لماذا فعلت هكذا؟ لا يصح، ارجعي للبيت ليش زعلانة هل بدر مني شيء؟ أنا حاضر الخ من الكلام الطيب الرقيق (فَعِظُوهُنَّ) رقق قلبها لكي تعود إلى البيت الذي تركته بدون إذنك وترفض العودة إليه هذا هو النشوز. النشوز أن تترك البيت وترفض العودة إليه وليس لها في ذلك عذر وإذا سألتها هل فعلت شيئاً؟ تقول لا لكن لا أريدك، فتتكلم معها بكلام رقيق كأن تقول يا بنت الحلال أنت ابنة فلان وأنت كذا الخ بالكلام الجميل وأنا أحبك وأنا حاضر الخ ترققها فكيف تنتقل نقلة بالضرب؟؟ فالضرب يكون بشيء مثل السواك وعندما تصر ولا تقبل وسفيهة ولسانها سليط وعملت مصائب تضربها على نحو السواك بلمسة من السواك وقلها ما هذا الكلام أليس هذا عيباً؟ هكذا وهذه عند الحرائر كبيرة والإمام مالك يقول “لو نظر إليها شزراً كان لها أن تطلب التطليق” المرأة المسلمة صاحبة كرامة فحتى هذا الفعل من الضرب الخفيف لا ترضى به ومع ذلك قال: شُلَّت يميني أن ضربتك زينبا، هكذا حتى على هذا والنبي قال على هذا قال r: “اضربوا ولن يضرب خياركم”. حتى هذا أما هذا الذي نسمع عنه بالعصا وبالنعل ويؤذي عينها ويبتر يدها هذا حيوان. المهم إذاً هذا الوعظ رب العالمين لما تكلم عن (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴿2﴾ المجادلة) إلى أن قال (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴿3﴾ المجادلة) يعني رقق لك إياها ترى هذه زوجتك وليست أمك فكيف تقول لها أنت علي كظهر أمي وأمك هي التي ولدتك الخ انظر إلى كلام الرقة رقيق ولطيف إلى أن قال (ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿57﴾ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴿58﴾ يونس) عليك أن تفرح بالموعظة. هذا الذي يفعله بعض الناس هذه شتيمة هذا تيئيس، النبي r غضب منه في الحديث “ما رأيت النبي غضب غضباً كما غضب على رجلٍ جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله ما أدركت الصلاة مع فلان لأنه يطيل فغضب النبي غضباً شديداً لم يغضب مثله قال: إنكم أناس تنفرون” أنتم كذا “يسروا ولا تعسروا بشروا ولا تنفروا إن فيهم الضعيف وذا الحاجة…الخ”، كلام هذا الوعظ فكيف أنت تفعل هذا بمسلمين كان عليك أن تتألفهم وترقق قلوبهم؟! (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ﴿13﴾ لقمان) يا بني أقم الصلاة يا بني يا بني ما هذه الرقة من هذا العملاق هذا الحكيم مع ابنه حينئذٍ هذه هي الموعظة فالموعظة رقة وأسلوب طيب وتحتمل الناس قد يأتي شخص ويتطاول عليك وآخر يصرخ في وجهك ويقول لك أنت لا تفهم قل له جزاك الله خير لكن اسمع الكلام الخ فعليك أن تكون حليماً كريماً طيباً لا تعنف ولا تهجر ولا تسب هكذا هذا يسمى وعظ فالوعظ على خلاف النصح فالنصح قد يكون فيه قليل من القسوة لأنك يجب أن تكون صادق فالناصح هذا المستشار مؤتمن قل لي الحق حتى ولو غضبت. ولهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من سعد الحاكم أو الملك أن يكون عنده أناس يقولون له الحق إذا أخطأ الملك يشورون عليه بالحق حتى ولو أغضبه قليلاً والتاريخ مليء من ملوك نصحهم الناصحون والمستشارون بحزم وحكمة وصدق نصحوا لهم بدون غش وقد يغضب يوم ويومين ثم يقول له أشهد بأنك أنت على صواب وأنا آسف وأنت على حق وأشكرك وبارك الله فيك. وهكذا فالفرق بين النصح والوعظ أن الوعظ يكون بترقيق القلب بالكلام الطيب (وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴿68﴾ الأعراف) و (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى﴿46﴾ سبأ). يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، لماذا؟ لأن يوم الجمعة يوم راحة فيكفي عشر دقائق النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد عن هذا، عشر دقائق في موضوع ململم مرتب ففي الجمعة الناس يكونون متعبون طول الأسبوع وهذا يوم راحة ولهذا في العيد إذا صادف العيد كما هو العيد الماضي إذا صادف العيد يوم الجمعة صل واحدة من الصلاتين إما صلاة العيد أو صلاة الجمعة لأن هذا يوم عيد ويوم فرح ويوم زيارات تقضيه كله في المسجد؟ فانظر إلى رقة هذا الدين فيوم الجمعة النبي صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يطلع على المنبر يقول كلمتين دقيقتين جداً ومختصرة لكنها في غاية الأهمية يستوعبها الجميع ونطلع نصلي ورب العالمين جعلها ركعتين ففي مقابل الخطبة ركعتين فقط، معناه أن رب العالمين يريد أن يخفف (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴿28﴾ النساء) بينما تجد بعض الخطباء يأخذ ساعة ساعة ونصف وساعتين وكلام إنشاء جزاه الله خير لكن عليه أن يعلم أن هذا يوم راحة بعشر دقائق ممكن أن يلخص كل ما قاله من هذا الإنشاء الطويل. هذا الوعظ، عرفنا الفرق بين (وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) و (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى) ناصح أقول لكم الصواب وليغضب من يغضب أنا أقول الحق لا أكذب عليكم ولا أغشكم ولكن بالوعظ رقة وتألف وأسلوب جميل إلى أن يحبوك وإلى أن يسمعوا كلامك هذا معروف.

التذكير: سواء كان وعظاً أو نصحاً لكن يتكرر يعني تلحّ كل يوم كل يوم وفي قضية مهمة جداً (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿55﴾ الذاريات) لماذا؟ هنالك قضية مهمة والناس تعودوها وكلنا نجرب كل الذين يتكلمون في هذه القضايا هنالك قضايا من أول مرة نسمع كلامك وننفذه وانتهى، أحياناً هنالك أشياء مستحكمة النفوس تعود الناس عليها وهي خطأ لكي يألفها الناس أنت تكرر وتكرر هذه الذكرى والتذكير (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ). النصح إذا لم يجدي والوعظ إذا لم يجدي في القضية الواحدة تكرر يسمى هذا تذكيراً ولا بد أن يكون الأسلوب نفسه بالنصح نفسه وبالوعظ نفسه لكن أيضاً متكرر لا يكفي أن تقول مرة وتمشي لا بل يجب أن تحاول، كالمريض فالمريض قد يأخذ دواء ويشفى من أول مرة وأحياناً لا يعطيك.يحتاج للعلاج مرة ومرتين وثلاث وأربعة وهكذا فإذا اقتضى الأمر لقضية ما تكرار النصح يسمى هذا تذكيراً (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ﴿49﴾ المدثر) كم مرة أرسلنا لهم تذكرة؟ كم مرة علمناهم؟ لا يفيد فيهم، وكما قال تعالى (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا ﴿146﴾ الأعراف) هذا التذكير.

التبصير: التبصير يتعلق فقط من نواحي الأمر بالمعروف يتعلق بالشيء الذي فيه أدلة وهذه الأدلة دقيقة فيحتاج أنك تعرفها كأن يسألك شخص ما فائدة أني أصوم رمضان؟ لماذا لا أصوم في يناير؟ أو لماذا اذهب للحج في مكة؟ لماذا لا أذهب إلى بيروت أو لندن الخ؟ وهنالك قسم من الناس يسأل هكذا أسئلة (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴿31﴾ الزخرف) (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ﴿55﴾ البقرة) (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ ﴿93﴾ الإسراء) حينئذٍ هذا يحتاج أن تأتي له بأدلة عندما تعظ أو تأمر بالمعروف بشكلٍ أو بشيءٍ فيه غموض يحتاج إلى أدلة يسمى تبصيراً (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴿8﴾ ق) سبقتها أدلة على البعث، قال كذا كذا وبعثنا كذا. فحينئذٍ التبصير هو الحث على إتباع الدليل أنت تأتي بالدليل لكي يقتنع يسمى تبصير فحينئذٍ كل شيء يحتاج منك (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴿108﴾ يوسف) عندي أدلة (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴿104﴾ الأنعام) أدلة وبراهين رب العالمين أقنعكم إقناع كامل ولهذا (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴿165﴾ النساء) فليس هناك حجة ولا عذر أعطاك الله الأمر كاملاً. فحينئذٍ رب العالمين يقول (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) حينئذٍ الله يقول عن بعض الناس (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا) كأنه هذا هو قدره. حينئذٍ التبصرة أمر بالمعروف فيما يحتاج إلى دليل يسمى هذا تبصرة (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ).

الإرشاد: بما فيه مكارم الأخلاق لما الشيء الذي يحمدك الناس يعني تلاحظ أنت يقال لك هذا مكتب الوعظ الإرشاد. الوعظ: في ما هو فيه حرام وحلال وذنوب أرقق قلبك بها المخالفات، الإرشاد أنا أغريك بأن تتبع الأشياء التي فيها محامد مكارم الأخلاق يعمل لك سمعة طيبه عند الناس أغريك بالكرم أغريك بالحلم عن يوم القيامة أغريك بصلاة الليل هذا كله إرشاد إرشاد لماذا؟ لأن هذه أمور تحمد بها إما في الدنيا وإما في بالأخر أو في كليهما “لكل عبد صيت في الآخرة كما له صيت في الدنيا” الكريم هنا كـحاتم الطائي بما أنه لم يدرك الإسلام وإن شاء الله ناجي حاتم الطائي كريم بالدنيا و كريم بالآخرة. يعني خالد بن الوليد يقال عليه شجاع بالدنيا والآخرة، سيدنا عمر يقال عليه الفاروق أو العادل ينادى بأحب الأسماء إليه، فكل واحد له صيت فأنت يا ابن الحلال كن حليماً، أكرِم، قل (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴿263﴾ البقرة) (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿134﴾ آل عمران) هذه شمائل هائلة والله قال عنها (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿34﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿35﴾ فصلت) لماذا؟ هؤلاء الناس عرفوا، ما هي قيمته؟ أنه حليم، حاتم؟ أنه كريم، عثمان بن عفان؟ أنه عفيف لا يشرب خمراً ولا يقرب النساء فهذه المحامد المفاخر (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً) الصوم (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴿186﴾ البقرة) حينئذٍ أنت ستكون راشد ورشيد والرشيد الذي لا يؤتى من منقصة أي أصحاب المروءة الذي لا يرتكب العيب ولا العوج هذا الإرشاد إلى ما فيه الرَشَد (وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴿51﴾الأنبياء) أنت لو تشرب خمراً أعظك لو أنك لا تصلي الصبح أعظك يا ابن الحلال الخمر هذه ليست طيبة تذهب بعقلك وأنت الخ يجعلك تشتاق قلبياً إلى أن تكره الخمر، هذه أغريك بمكارم الأخلاق أنت رجل صالح ولكن أنت ينقصك أنك غضوب فأقول لك لا فهذا الغضب يفسد الدين والنبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تغضب) الخ، هذا إرشاد كل شيء يُحمَد في الدنيا والآخرة ويكون سبب لأن يكون ذكرك حسناً (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ ﴿84﴾ الشعراء) فحينئذٍ هذا يسمى إرشاداً أرشدك إلى ما هو فيه نفعك هذا الإرشاد.

الهدى والهداية: هي طبعاً شخص تائه أو ضال والفرق بين من يضل ومن يتيه إذا شخص يريد أن يذهب من دبي إلى أبو ظبي هنالك طريقان طريق يوصل وآخر لا يوصل هذا ضالّ لم يأخذ الطريق السليم بل أخذ الطريق الخطأ يسمى ضل الطريق، فعندما تدله على الطريق تكون بذلك قد هديته، وآخر تائه (أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ﴿26﴾ المائدة) التائه ليس له طريق صحراء مفتوحة يلفّ فيها ولا يعرف إلى أين يذهب فليس هناك طريق ولا معلم هذا تيه. فالتيه والضلال عدم معرفة الطريق لكن الأول-الضلال- أنت سلكت طريقاً لكنه لا يوصل، أما التيه فلا فليس هناك طريق أصلاً وبني إسرائيل كانوا يمشون بالصبح ويعودون في الليل إلى نفس المكان وأنت إذا علمت تقول هديت (اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) الفاتحة) إن الله يهدي السبيل الطريق فأن تقول هذا هو الطريق الذي يوصل إلى أبو ظبي وليس هذا تكون بذلك قد هديته ويسمى هذا هداية.

نوجز إيجازاً الفرق بين الكلمات: النصح حسن المشورة الصادقة ولو أغضبت الذي استشارك فإذا استشارك قل له الحق المشورة الصادقة يسمى هذا نصحاً، الوعظ ترقيق القلب حتى يترك الخطأ، التذكير عندما النصح والوعظ لم يأتي بنتيجة أولية كرر المسألة مرة أخرى حتى يكون هناك أثر يسمى هذا تذكير وتذكرة، التبصير الاعتماد على الأدلة عندما تناقش شخص صاحب عقل تأتيه بأدلة حتى يقتنع يسمى هذا تبصير وتبصرة، الإرشاد إلى مكارم الأخلاق والأمر بالمعروف فتعلمهم الحلم والكرم والسخاء وحب الجار وحقوق الوالدين وهكذا يسمى هذا إرشاداً، والفرق بين الإرشاد والوعظ أن الوعظ مع الخطائين والمذنبين والإرشاد مع الصالحين فتكمل معه المحامد، الهداية دلالة التائه أو الضال على الطريق الذي يوصله إلى مبتغاه. إذا هكذا فهمنا الفروق بين هذه الكلمات القرآنية من حيث أنها منظومة الأمر بالمعروف وكل كلمة لها أسلوب تحاول أن تتبعه. هذه الأساليب الستة لها قاسم مشترك لا ينبغي أن يأمر بالمعروف كما قال أبو سفيان الثوري وغيره “لا يأمر بالمعروف إلا من كان على ثلاث خصال رفيقٌ بما يأمر، عدلٌ بما يأمر، عالمٌ بما يأمر” أما أن كل من هبّ ودبّ يقوم بتكفير الناس وظلم الناس وشتم الناس وسبّ الناس والآن وصلنا إلى قتل الناس وذبح الناس وتخريق عيون الناس وكل هذا تحت عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تأمل! حينئذٍ هذه الأساليب القرآنية في الأمر بالمعروف وهي النصح والوعظ والتذكير والتبصير والإرشاد والهداية تشترك في أنه ينبغي أن تكون رفيقاً وان تكون رقيقاً وأن تكون عادلاً وأن تكون عالماً. والله سبحانه وتعالى يقول عن فرعون الذي يقول أنا الله (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا﴿44﴾ طه) قولاً ليناً لفرعون إذن فما بالك بالمسلم! ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم كان يغضب وكان الصالحون يعتبرون أنه من الرياء أن تعنِّف غيرك ويقول سيدنا عبدالله ابن مسعود “لا تحاسبوا الناس وكأنكم أرباب” وهذا رب العالمين يقول أنت كافر وأنت مشرك وأنت في النار وأنت ضال فقط رب العالمين الذي يقول هكذا. وحينئذٍ إذا رأيت هذا الذي يعظ الناس أو ينصحهم أو يذكرهم أو يبصرهم أو يرشدهم أو يهديهم يعنِّف ويسيء الظن بهم ويتهمهم بكل أنواع الباطل ويفضح بعض ذنوبهم أو عيوبهم فاعلم أن هذا هالك كما قال الشافعي:

تعمدني بنصحك في انفرادٍ            وجنبني النصيحة في الجماعة

وهذه من أساليب هذه المجموعة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الستر “لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يبتع الله عورته يفضحه في بيته” فأنت عليك أن تحسن الظن وأن تنفي من أدب الدعوة هذه أن تنفي أن فلان فعل كذا ولكن تنصحه سراً.

سؤال من أحد المشاهدين: يا سيدي تكلمت عن موضوع وعظ المرأة ونحن كعرب ومسلمين مقصرين في هذه القضية كثيراً في تعريف الغرب لمدى احترامنا للمرأة وتقديرها.

الإجابة: أولاً يا سيدي إياك أن تظن أن هذا الغرب يمكن أن يمدحك في يوم من الأيام أو أن يثمن أو يقوِّم عملاً من أعمالك أنت بالنسبة لهذا الغربي أنت لست موجوداً، أنت لا قيمة لك، مما يعيبون عليك كيف أنتم بلغت بكم الوحشية والهمجية يا مسلمين أنكم تتزوجون البنات وهنّ عذارى؟ كيف تجبرون الفتاة أن تبقى عذراء إلى أن تتزوج؟ وهذا مكتوب في الموسوعة الإسلامية التي كتبها مئات المستشرقين والعلماء إذا وصل الحد إلى هذا فماذا بعد ذلك يا سيدي؟ أنت عليك أن تقول نعم نحن المسلمين ما من أمة تحترم المرأة كما نحترمها من أنها مصونة محفوظة كريمة بحقوقها وسترها ونسبها وحسبها ولكن هناك خطأ وخطأ العاقل كبير وهو كما تفضلت طبعاً هناك عدد قليل جداً ونحن دائماً لدينا هذه العادة وهي جلد الذات ثق لو تعمل إحصائية والمفروض فرب العالمين قال (أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ﴿6﴾ المجادلة) الإحصاء في القرآن علم هائل فعله الغربيون ولم نفعله نحن، هل لديك إحصاء كم شخص يضرب زوجته ضرباً موجعاً ؟ قليل والله لا يتجاوزون 1% والله في هذا الغرب من يضرب زوجته ضرباً كما يضرب الكلب ولكن هم بارعون في إخفاء سيئاتهم الكثيرة وإظهار محاسنهم القليلة على عكسنا بارعون في إظهار سيئاتنا القليلة أنا كل من أعرفه وأنا أعرف آلاف الناس يمكن فيهم واحد فقط يضرب زوجته ضرباً مبرحاً حتى أني قلت له أنا لا أستطيع أن أكون صاحبك لا تقترب مني فكلما أراك أتذكر ما تفعل بهذه المسكينة. إذاً هذا واحد من ألف موجود لكن قلة وبالتالي ليس ظاهرة، ليس ضرب المرأة عند المسلمين بالشكل الموجع المؤلم المؤثر في الجسد ظاهرة فكل الذين أعرفهم أناس وجهاء ورقيقين مع نسائهم ولطيفين وقد يغضب وقد يعظها قد يزعل أما هذا الذي نحن نتقيه نادر جداً جداً اسأل عن العالم كله.

إحدى المتصلات تسأل عن بعض الكلمات لإضافتها وهي حذّر، أنذر، أشار، الشورى مقدمة النصح أشيروا عليّ أي انصحوني، علّم. أجاب الدكتور الكبيسي أن كلمتي حذّر وأنذر أخذناها في باب خوّف وكلمة علّم أخذناها سابقاً في منظومة العلم.

سؤال من أحد المشاهدين: نحن بحاجة ماسة في هذا العصر إلى الأسلوب الراقي والحكمة والموعظة الحسنة لأن كثيرين يدعون بصورة منفرة أو غير مفهومة وخاصة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الوقت بحيث لا يمكن أن نوصل الحقيقة خاصة وأن هنالك الكثيرين من مدّعي العلم من ينصّبون أنفسهم ويتصدرون للدعوة وهم غير أهل لذلك فما هي مواصفات الداعية؟

في موضوع الدعوة تكلمنا عن هذا سابقاً ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “لا تقوم الساعة حتى تكون فتنٌ يرقق بعضها بعضاً” كلما جاءت فتنة قال المؤمن هذه مهلكتي فإذا جاءت التي بعدها رققت التي قبلها من عظمها ونحن رضينا بالتعنيف والسب والشتم والتكفير رضينا الآن ذبح تحت عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. في العراق الطرفين الآن متحاربين وكلاهما في النار “إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار” كلاهما يقتل الآخر تحت عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقتلوا علماء وصالحين وأولياء وناس بالسبعين والثمانين وربوا أجيال حفظة قرآن على أساس أنه مشرك الخ نسأل الله العفو والعافية “من عوفي فليحمد الله” “تركتم على السمحاء ليلها كنهارها” ليس هناك حجة هذا الكتاب وهذه السنة (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا) وانظر إلى الأحاديث التي عن الستر وعن التجاوز وعن حسن الظن بالمسلمين يا رجل ماذا نفعل؟ ماذا نقول؟ والله شيء لا يصدقه عقل ما هو إلا بلاء، يا سيدي الكريم النصوص في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصى، ثق وأنا لدي نصوص لا تكفيها خمس حلقات أحاديث وآيات وأقوال العلماء في طريقة الوعظ وطريقة النصح وطريقة الدعوة ومع هذا ما كأن هذا موجود، يقتلك بدمٍ بارد وأنت الصائم القائم المعلم المدرس الشيخ ربيت أجيالاً على الصلاح يذبحك ذبح الخراف والله العظيم إنها فتنة.

سؤال من أحد المشاهدين عن ضرب الشرطة هل يدخل ضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ الإجابة: إذا كان الشرطة من النوع المهني الحرفي الذي يتعامل مع العراقيين بموضوعية ومهنية ويحمي جميع العراقيين بلا تفرقة بين طائفة وطائفة فالذي يعتدي عليهم هذا رجلٌ من أسوأ خلق الله وينبغي أن تخبر عنه وأن تفعل به ما تشاء لأن هذا يخرب الدولة. لكن إذا كان هذا الشرطي في بعض الأحيان ينحاز إلى جماعة دون جماعة وهو الذي يقتل الشعب وهو الذي يأخذهم بملابس الشرطة ويقتلهم هذا ليس شرطياً هذا لص هذا عليه جريمتين جريمة التزوير فهو ليس شرطياً بل هو من مليشيات القتلة. إذا كان شرطياً حقيقياً يحمي العراقيين جميعاً ويتبع مؤسسة موضوعية كريمة طيبة الاعتداء عليه كالاعتداء على الله ورسوله r وعندنا بعض النصوص في هذا الباب فيما يتعلق النصح لولاة الأمور أي أنك أنت تكون صادقاً معهم ما داموا يحققون المصلحة للجميع لكل عراقيٍ لا فرق بينهم لا دينياً ولا مذهبياً ولا طائفياً هكذ.

سؤال من إحدى المشاهدات تضيف كلمة إلى المنظومة وهي يوجّه (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ (76) النحل)؟ هذا ليس من التوجيه وإنما من الجهة، هذا عبد يقول له إذهب أحضر هذا الشيء. في الآية المعنى مقصود منه الجهة وليس التوجيه والتوجيه لا أظن أنها وردت في القرآن.

سؤال من إحدى المشاهدات عن أنها تذكر أبناءها وهي في بريطانيا بالصلاة والدين لكن لا يستجيبون دائماً فأحياناً يصلون وأحياناً لا يصلون. عليك أن تعظيهم بالرقة والمحيط الذي أنتم فيه محيط قوي والمسلم في الغرب ضعيف ليس له مرجعية على خلاف اليهود وبقية الديانات لكن المسلم وحده، هذه قضية يجب أن تعالج وليست بهذه السهولة وعليكم أن تؤثروا مصلحة أولادكم أولاً.

يتعلق الأمر بالدعوة وحسنها والخ وعندنا في هذا الباب وجوب الستر على أهل الذنوب على خلاف ما يفعل البعض ولهذا الأحاديث في ذلك مستفيضة جداً من حيث أن الله عز وجل هو الذي يستره كما في الحديث “يأخذ الله العبد في كنفه ويقول له: ألم تفعل كذا وكذا وكذا وكذا؟ يقول: بلى يا رب فيقول تعالى: لقد سترتك في الدنيا وأغفرها لك اليوم” والنبي صلى الله عليه وسلم قال: “من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة”. الكلام في هذا كلام في غاية الخطورة من حيث أولاً عدم التعنيف (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴿125﴾ النحل)، ثانياً عليك أن تستر على المذنبين والخطائين وأن لا تقول أن هذا فعل وهذا فعل ولكن الأمر بينك وبينه تقول يا فلان هذا الخمر أو الزنا أو الربا أو ما شاكل ذلك أو سرقت مال فلان كل هذا تعالجه كما تعالج المريض الذي يعطي سره لطبيبه وإفشاء سر هذا الإنسان الذي توليت إصلاحه أو الأمر بالمعروف وما شاكل ذلك يعتبر خيانة للعهد.

سؤال من أحد المشاهدين نحن نعلم بأن الإسلام دين الأمن والسلام والحرية فلا يلجأ إلا أسلوب البأس والشدة والقتال إلا بعد استنفاذ كل الأساليب السلمية ومن هنا أن نرى كثيراً من الآيات تدعو الإنسان إلى الأسلوب الأحسن في الأمر والنهي (واعف وأصفح) (وجادلهم بالتي هي أحسن) لكن إذا وصل الأمر بهذا الداعية أنه لا يمكن له أن يصل إلى هدفه السامي إلا بالعنف. والسؤال متى يجب على الداعية أن يلجأ إلى العنف؟ يقول الفقهاء باختصار شديدٍ فعلاً أنه الذي ينبغي أن تجابههم حتى بعنف شخص ربما يفوت ذنبه أنت رأيت شخصاً يدخل مع آخر لكي يقتله فإذا أنت لم تقتحم عليه وتكسر عليه الباب سيقتله، أو شخص أخذ امرأة وربما يزني فيها أو شخص بدأ ينشل من جيب آخر فإذا كان الذنب بالمجاهرة كشخص سكران بالشارع إذا شخص مجاهر أو يوشك أن يرتكب جريمة لا هذا لا ينطبق عليه الأمر بالمعروف وإنما كل فعلٍ يُضر بالمصلحة أو بالأمن العام أو بخيانة الدولة أو بسرقة أموال الناس كل شيء يدخل في عمل الشرطة عليك أن تُخرجه. الحسبة حتى الحسبة لو تقرأ ما قاله الإمام مالك وغيره في الحسبة قال لا ينبغي أن يتجسسوا على أحد إلا في هذه الشروط: جريمة دولة، جريمة على أفراد، انتهاك بيوت، انتهاك حرمات، انتهاك دماء، هذا الذي عليهم أن يقتحموه حتى لا يقع الجرم. وهناك أمور خاصة فيما يتعلق بالشدة وإقامة الحدود والعقوبات من اختصاص الحاكم والحدود مستثنى من كل هذا “ومن ارتكب من هذه القاذورات فاستتر فهو في ستر الله ومن أبدى صفحته أقمنا عليه الحدّ” هذا مستثنى طبعاً.

بُثّت هذه الحلقة بتاريخ 23/11/2007م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها