الحروف في القرآن الكريم, حرف النون

حرف النون – منظومة الطعام (نُزُل)

اسلاميات

منظومة  الطعام

نُزُل– زاد – طعام –  أُكُل – متاع – ميرة

كنا قد وقفنا إلى بداية حرف النون وكلمتنا لهذه الحلقة كلمة نزل وأخواتها في كتاب الله تعالى ضمن منظومة الطعام. كنا قد وصلنا إلى حرف النون ووصلنا بالضبط إلى كلمة نُزُل. وكلمة نُزُل تعني نوعاً من أنواع الطعام وهو طعام قِرى الضيف عندما يأتيك ضيف فتقدم له الطعام فهذا يسمى نُزُلاً (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) الصافات). فالنزل إذاً قِرى الضيوف كلما جاءك ضيفٌ فقدمت له طعاماً يسمى نزلاً فالنزل إذاً نوع من أنواع الطعام وهو طعام الضيف. فما هي المنظومة؟ لدينا كلمة طعام نزل وزاد وطعام وأُكُل ومتاع وميرة، هذه هي الكلمات القرآنية التي تتجحفل في هذه المنظومة وسميناها منظومة الطعام.

نُزُل: إذاً النزل كما قلنا طعام الضيف وهو قراه ولكل ضيف قِرى ورب العالمين سبحانه وتعالى يحدثنا يوم القيامة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) الكهف) وآخرون لهم النار نزل، فيقدم لهم ضيافة في الجنة تفضلوا ها أنتم جئتم من الدنيا ضيوفاً عندنا في الآخرة هذه الجنة هي قِراكُم وهناك من يكون قِراه النار نعوذ بالله. هذا النزل كلمة نزل ونحن أخذنا الفعل نَزَل وحلّ ومكث، الآن كلمة نزل لدينا نزل ينزل نزولاً ونزل ينزل نزلاً. فالنزل إذاً نوع من أنواع الطعام في منظومة الطعام وهو طعام الضيف. الآن في بعض الدول العربية إذا سكن إلى جانبك أحد الناس بإيجار أو بشراء بيت لا بد أن تذهب إليه بالطعام في أول أيامه تبعث له غداء كامل أو عشاء كامل يسمى تنزيلة أي أن هذا الرجل نزل إلى جانبك صار جاراً فلا بد أن تكرمه بطعام يسمى تنزيلة من هذا القبيل، فالنزل في القرآن الكريم هو قِرى الضيف.

طعام: كلمة طعام الطعام هو أجود أنواع ما يؤكل وهو البُرّ القمح العيش أو الخبز هذا الخبز الأبيض الجميل في الفرن أو في التنور هذا الذي هو ألذ وأبقى وأعظم وأجمل أنواع الطعام، رغيف خبز من البُرّ الصافي ما من طعام يفوقه جودة كما قال الله تعالى عن سيدنا علي رضي الله تعالى عنه والسيدة فاطمة رضي الله عنها فامتدحهما بقوله تعالى (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) الإنسان) فالطعام الذي تبرّع به سيدنا علي والسيدة فاطمة وكانا صائمين جائعين، قبل أن يأكلا هذا الرغيف من الخبز الذي لا يملكان غيره طرق الباب سائل فأعطوه هذا الطعام وبقوا جائعين إلى اليوم الثاني وهما صائمان وفي اليوم الثاني ليس لهما إلا رغيف واحد وطرق الباب مسكين وقال الله تعالى (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ) أي الخبز المصنوع من القمح الجميل ولا يزال بحرارة الفرن أو التنور في غاية الجمال (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) وصنعتها يد فاطمة رضي الله تعالى عنها. فالطعام عندما نقول طعام أي أجود ما يؤكل وما من شيء يؤكل أجود من رغيف الخبز.

الزاد: هو طعام المسافر سفراً طويلاً (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى (197) البقرة) السفر من الدنيا إلى الآخرة طويل ولا بد أن يكون زادك وفيراً كما قال سيدنا علي رضي الله عنه (يا طول الطريق على قلة الزاد) فتزود من العبادات خير من أن تزود بالطعام لأن السفر طويل. فالزاد هو ما يأخذه المسافر سفراً طويلاً كشخص راكب على بعير أو على حصان المهم أنه لا يمشي على قدميه فسابقاً إما على الخيل أو البغال أو الحمير من هنا إلى العراق أو من هنا إلى الحج هذا بحاجة إلى طعام وفعلاً أباءنا وأجدادنا عندما يذهبون إلى الحج يأخذون طعاماً ذهاباً ًوإياباً ويبقى قسم منه مما أخذوه وهم عائدون إذاً أخذ مجموعة كبيرة من الطعام يسمى زاد فالزاد الطعام الكثير الذي يصطحبه المسافر سفراً طويلاً معه هذا الزاد

ولا ألفينك بعد الموت تندبني                                وفي حياتي ما زودتني زادي

زاد عمري كله سبعين ثمانين سنة وأنا أعيش ولم تعطيني شيء. إذاً الزاد الطعام الوفير الذي يحتاجه المسافر سفراً طويلاً وبما أن سفرنا إلى الآخرة طويل فلا بد أن يكون زادنا كثيراً من الحسنات ومن الصالحات هذا الزاد. المتاع: الزاد وعكسه المتاع والمتاع هو الخُرج الكبير الذي يحوي الطعام وأدوات السفر المتوسط القريب (وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ (65) يوسف) إذاً المتاع أنت ذاهب من هنا مثلاً إلى البحرين على البعير أنت وضعت لك شيء فيه المسدس أو البندقية أو السيف أو نعالك، غترتك، قليل من التمر والخبز الخ كل هذا يسمى متاعاً لأن السفر ليس طويلاً ولهذا قال (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) الحديد) سفر قصير مهما خلته طويلاً حتى لو عشت مائة عام قال الله تعالى ( يا نوح يا أطول الأنبياء عمراً كيف رأيت الدنيا؟ قال: رأيته بيت له بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر) وقد عاش ألف سنة إلا خمسين عاماً نحن عشنا سبعين سنة والله كأنها أمس أنا لا أدري كيف ذهبت هذه السنون السبعون! ذهبت! متاع الغرور. إذاً السفر قصير لهذا الزاد زاد المسافر الطويل والمتاع متاع السفر القصير وهكذا استعملها القرآن الكريم بهذه الدقة.

الأُكُل: الطعام الشهي طعماً دائماً الطعام الغضّ وفي الغالب هو ثَمَر المزروعات (ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء24 تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا (25) إبراهيم) شجرة طيبة الطعم برتقالة، خوخ، رمان، سفرجل، وليس حنظلاً ولا أي شيء (يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ (4) الرعد) في الطعم، نفس الرمان لكن مختلف فهنالك رمان أحلى من رمان وهنالك برتقال أحلى من برتقال وكل الفواكه هكذا فيها أنواع أزود وأكثر حلاوة من بعض. فالأُكُل الطعام الطازج الذي لا يزال مقطوف من الثمر وله طعم شهيٌ هذا الأُكل (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا).

الميرة: أخيراً الميرة (هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا (65) يوسف) الميرة الطعام المخزون للفصل. كل الناس في زمن أجدادنا كانوا يدخرون الطعام مثل التمر والقمح وسمسم يخزنونها وتؤكل على فصل الشتاء كله وفصل الصيف كله يسمى الميرة ويسمونه الآن في الجيش التموين وحتى في الجيش يسمونه الميرة وخاصة في الجيوش الذين يستخدمون المصطلحات العربية يقولون هذا مديرية الميرة. فالميرة هي طعام الجنود المخزون طعام الجيش ولهذا كلمة نمير أهلنا (وَنَمِيرُ أَهْلَنَا) سنأخذ طعام مدخر غير مأكول ونأكله الآن بل ندخره. هكذا هي هذه المنظومة ككل المنظومات اللغوية في هذا الكتاب المعجز لكل كلمة وظيفة ترسم فيها جانباً من الصورة لا ترسمه الكلمة الأخرى وهكذا استعمل القرآن الكريم اختلاف الكلمات في المعنى الواحد للرسم بالحروف والكلمات. إذاً النُزُل هو قِرى الضيوف والطعام أفضل ما يؤكل وهو القمح فلا يوجد طعام على وجه الأرض لا رز ولا عيش ولا لحم ولا دجاج ولا سمك أرقى ولا أبهى ولا أقدس، رغيف الخبز مقدس إذا أتلفت قطعة خبزٍ ورميتها مع الزبالة اعلم بأن الله سيفقرك وقد ترمي لحماً وأرزاً وأي شيء آخر لكن إذا رميت الخبز من البُرّ النقي فأعلم بأن الله سيهلكك وهذا فيه أحاديث كثيرة على قدسية رغيف الخبز الناصع المصنوع من البر. النبي صلى الله عليه وسلم في أحد المرات دعا سيدنا علي على مائدة غداء وقدّم له رغيف خبز وقطع صغيرة من خبز الحنطة من البُر فيغمسون قطعة الخبز من البُر بقطعة الخبز من الشعير كأن هذا غداء فاخر كما تغمس اللحمة أنت مكان اللحم قطعة من الخبز البر الخبز الأبيض فقال النبي صلى الله عليه وسلم (يا علي سوف يأتي على أمتي زمانٌ يقدمون هذا) أي الخبز الأبيض وحده من دون خبز شعير(ويعتذرون) يقول للضيف سامحنا نحن مقصرين ما قدمنا لك شيء مع أنه قدم له أربع خمس أرغفة خبز حنطة أو خبز بر وحده، فقال علي (أو كائن ذاك يا رسول الله؟) أي يأكلون الخبز وحده هذا البر ويعتذرون؟ قال صلى الله عليه وسلم (نعم) فقال علي كرم الله وجهه (والله لو كنت حاضرهم لقطعت أعناقهم). نحن الآن خبز بر ولحم وسمك ومشبوس ونعتذر! وفي الآثار أن مرده إلى الفاقة ذلك الذي يسرف ويتلف الخبز على وجه الخصوص وهذا من أسباب الفقر وفي حديث أن شخص كان غنياً وأتلف هذا ثم رماه في زبالة افتقر حتى اضطر أن يأكل-أثناء بحثه عن الطعام- هذا الذي رماه في الزبالة فأكله فعاد، فرغيف الخبز مقدس. هذه هي المنظومة.

نتكلم عن كلمة نزل ونزل جاءت بكثرة في النار وإن جاءت بقلة في الجنة (كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) رب العالمين يقول يوم القيامة للصالحين تفضلوا قِراكم وضيافتكم هذه الجنة فالجنة كأنها طعاماً يؤكل من باب المجاز كل هذه الجنة هي قراكم خذوها. فأنت عندما يأتيك ضيف لا تعطيه طعاماً فقط فالكرماء والملوك لا يعطيك طعاماً فقط بل يعطيك طعام ويعطيك فرس ويعطيك هدية ويعطيك مال تخرج من عنده وأنت مسرور مليء نقلك من فقر إلى غنى، هكذا هم الملوك فملك الملوك قال لك أنت نزلت الآن جئت من دار الشقاء ودار الغرور إلى هذه الجنة وقد عملت صالحاً فأنت الآن ضيفي فأعطيك قِرى، خُذ هذه الجنة كلها لك قرى يا لله يا الله من كرم! وهذا السخاء والسخاء هو خلق الله الأعظم وكذلك رب العالمين استعملها مجازاً في النار، يا الله كم رب العالمين تكلم عن أن نزل أهل النار طعام خيالي (لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ (6) الغاشية) (هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56) الواقعة) (لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ (7) الغاشية) (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) الصافات) (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) الدخان) وهكذا تكلم رب العالمين عن طعام أهل النار وسماه نزلاً نزلهم هذا الطعام رب العالمين كما أكرم أهل الجنة بأن جعل الجنة كلها نزلهم جعل هذه الأطعمة المسمومة نزل أهل النار نعوذ بالله. يقول تعالى (لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ (7)) الضريع شوك بأرض الحجاز هو أرضي ويسموه أهل الحجاز يسموه السبرق والسبرق هذا هو شوك ذليل وبائس وأرضي وعندما يكبر قليلاً ويرتفع عن الأرض يصبح في غاية النتانة والقذارة والمرارة تزداد مرارته وحينئذٍ هذا نُزُل أهل النار (هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) نعوذ بالله يقول ابن عباس (أمرُّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حراً من النار) نعوذ بالله، طبعاً قوانين الآخرة قوانين مختلفة هذا الذي يأكلونه قريب الشكل من الشوك الذي كانوا يعرفونه لكن قطعاً له طبيعة أخرى. يقول الله عز وجل عن نزل أهل النار يوم القيامة (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) الدخان) يا الله ! هذه الشجرة تخرج في أصل الجحيم أي من الأشجار الأساسية التي تقوم عليها النار فتأمل أن هؤلاء الناس يلقى عليهم الجوع فلا يجدون ما يأكلون إلا هذه الشجرة فإذا أكلوها غلت في بطونهم كغلي الماء الحار. ثم يقول عن هذه الشجرة (إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) الصافات) فكيف تكون هنالك أشجار في النار؟ لكن في الآخرة القوانين تختلف النار لها قانون غير قانون الدنيا ولذلك كما أنه الآن هنا كثير من الحالات التي وصل إليها البشر من حيث تطور الآلة وتطور العلم ولهذا قانون النار يوم القيامة مختلف عن ما كان في هذه الدنيا. المهم الله تعالى يقول (إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13) المزمل) هذا الطعام الذي يأكلونه لا بد أن يغص فيه حتى يشرق فلا بد أن يشرب ماء فإذا شرب ماء كان من الحميم الذي يقطع الأمعاء. طبعاً كل هذا الكلام الذي في القرآن الكريم عن الكفار الذي لا يؤمنون بالله أصلاً أو يؤمنون به شركاً. يقول رب العالمين عن طعامهم أيضاً عن الغساق (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ (37) الحاقة) (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) ص) كل هذا أنواع من الأطعمة التي خصصها الله تعالى لأهل النار الذين لا يؤمنون بالله عز وجل. النار يوم القيامة نوعان نوع لمن لا يؤمن بالله عز وجل وهؤلاء أهل الخلود ونوع للموحدين للمؤمنين بالله عز وجل الذي سيدخلون الجنة بعد ذلك حينئذٍ هذه النار الله قال (إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) الهمزة) (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) الليل) هذه النار نحن لا نتكلم  عنها باعتبار أنها معروفة لأنها مغلقة على هؤلاء الناس الذين لا أمل لهم بالنجاة (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿42﴾ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴿43﴾ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ﴿44﴾ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ﴿45﴾ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴿46﴾ المدثر) فهذا الرجل ليس مؤمناً بالله لا بالله ولا باليوم الآخر هؤلاء الذين الله قال عنهم (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) هذه النار نار للمشركين معروفة. هناك نار للموحدين أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن بعض أصناف المؤمنين والموحدين والذين سوف يذهبون في النهاية إلى الجنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم عمن يعذب من أمة محمد في النار، بعض الأصناف من ضمنهم الذين يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم متعمّدين وهذا معنى ذلك أنه لعب في دينه لعباً وهذا ما حدث في التاريخ حصل أن هناك طبقة الوضّاعين يضعون الأحاديث لكي يضلوا الناس ومن هنا نشأت الفرق والبدع والضلالات والطوائف والمذاهب الضالة والفرق التي مزقت المسلمين مزقاً ولا تزال تمزقهم حتى اليوم وإلى يوم القيامة وربما لأتفه الأمور حينئذٍ “من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار”. نار المؤمنين نار تختلف عن نار المشركين فنار المشركين تغمرهم ولهذا نار المؤمنين قال منهم من تأخذه إلى كعبه أو إلى ركبته أو إلى حجزته أو إلى صدره وتختلف اختلافاً كبيراً عن نار المشركين التي هي تغمرهم (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ﴿16﴾الزمر) نعوذ بالله. هذا واحد ممن تمسهم النار يوم القيامة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. ثانياً قتل النفس بغير حق وهو نوعان: نوع من باب القصاص ومن باب الاعتداء وهذه عقابها النفس بالنفس والعين بالعين والكفارات وقد يُغفَر لصاحبها كشخص يقتل شخص آخر يقتل قصاصاً بذلك يكون قد غفر ذنبه أو أن تقبل منه الدية أيضاً هذا يغفر ذنبه أو أن يكون قد عفي عنه غفر ذنبه، هناك نوع من القتل لا يغفر وصاحبه خالد في النار من قتل مؤمناً لدينه على أنه كافر أي مستحلاً قتله كما فعل الخوارج وكما يفعل الخوارج اليوم يستحلّون دماء المسلمين طائفياً أو مذهبياً أو حزبياً وهو يقول لا إله إلا الله  محمد رسول الله ويصلي خمس أوقات وهذا الذي استحر في القتل ويقتل المسلم على أنه مشرك هذا الذي يستحل دمه خالد في النار (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿93﴾ النساء) والغريب أن هذا النوع من القتل استحرّ بالمسلمين من ذلك اليوم إلى هذا اليوم، خوارج ومعتزلة وروافض وما نسمعه الآن مما يحدث من قتل من هؤلاء الناس سواء كان لسبب مذهبياً طائفياً حزبياً فئوياً مستحلاً قتله شر قتلة، قتل بالنار وبالدريل وبالحرق وبالإبادة والاستيلاء على عرضه، يا الله! والله لا يفعل الكافرون بالمسلمين كما يفعل هؤلاء الناس هذا خالدٌ في النار لا أمل له في النجاة .هذا من ضمن الذين يستحقون النار يوم القيامة. النبي صلى الله عليه وسلم يقول “كل ذنبٍ عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً” أي يقتله مستحلاً قتله ومن استحل الحرام فهو كافر، الله قال (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ) وحينئذٍ إنكار حكم مسلّمٌ به بالضرورة هو كفرٌ, يقول النبي صلى الله عليه وسلم على هذه النار من حديث عن أنس بن جندب قال-عن نار المؤمنين- “منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه إلى حُجَزته ومنهم تأخذه إلى ترقوته” رواه مسلم، هكذا نعوذ بالله. والكلام في القتل عجيب عندما تقرأ في الكتاب والسنة عن من يقتلون المسلم على أنه كافر وهو مسلمٌ لا يقتله إلا بعد أن يكفِّره أي مستحلاً دمه فهذا خالدٌ في النار ويقول عليه الصلاة والسلام “لو اجتمع أهل السموات والأرض على قتل رجلٍ مسلمٍ لأكبّهم الله في النار” لو اجتمع كل الناس على قتل امرئٍ مسلمٍ وقال لو اجتمعوا كلهم لقتلتهم جميعاً “لزوال الكعبة أهون على الله من إراقة دم مسلم” وهذا الذي قال “لو اجتمع عليها صنعاء كلهم لقتلتهم” هذا الذي جرى في التاريخ الإسلامي من أول يوم وإلى هذا اليوم ويبدوا إلى يوم القيامة “إذا وضع السيف في رقاب أمتي..” معتزلة ومرجئة وقدرية وروافض ونواصب ما هذا يا أخي؟ والذي حدث اليوم في باكستان 180 قتيل! نعوذ بالله والله لا يفعلها يهودي!. من الذين يدخلون النار البخلاء، لما خلق الله الجنة وخلق قصبتها عدن قال لها تحدثي فقالت يا رب هنيئاً لعبادك المؤمنين بي، فقال الله عز وجل وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيلٌ ولا قاطع رحم. فالبخل هذا والشُحّ (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ (128) النساء) (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿16﴾ التغابن) فالبخيل يوم القيامة لا بد أن يرد النار والبخيل عن حقٍ ينبغي أن يدفعه أن يعطيه وعلى رأسها الزكاة وبر الوالدين وصلة الرحم والإنفاق في سبيل الله وحينئذٍ كل سخاءٍ يوم القيامة هو من خير أعمالك يقول “تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله يستره له في الدنيا ويغفره له في الآخرة”. والإنفاق متنوع في فضله، في أولوياته، هناك إنفاق على الذرية، هناك إنفاق على الأيتام، هناك إنفاق على المساجد، هناك إنفاق في سبيل الله، هناك إنفاق على العلم ومن أعظم أنواع الإنفاق الإنفاق على العلم والعلم كما تعلمون هو الفيصل يوم القيامة “ما من رجل يتعلم كلمة أو كلمتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً مما فرض الله عز وجل يتعلمهن ويعلمهن إلا دخل الجنة”. فالعلم إذاً يجعلك يوم القيامة قبل الملائكة (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴿18﴾ آل عمران) قبل الأنبياء كان مفروض أن يقول الملائكة والأنبياء لكن قال (وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) لأن العلماء ورثة الأنبياء ولهذا التعليم عملية ربانية (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴿79﴾آل عمران) وفي قراءة بما كنتم تُدرِّسون- بضم التاء- ولهذا بهذه المناسبة عودنا سمو الشيخ محمد نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء على مبادرات تذهل العالم وخاصة في مجال العلم والعلماء والتعليم وما إلى ذلك ونحن الآن في غمرة أفراح دبي في حملة دبي للعطاء هذه الحملة التي سوف تنقذ مليون طفل من أطفال العالم الفقراء من مصيبة الجهل. والجهل آفة من الآفات التي تفتك بالأمم وتؤخرها أشد من المرض فالمرض قد يعالج ولكن الجهل إذا استحكم فقد استحكم فلأجل هذا من السخاء ومن العطاء العظيم هو أن تشارك في هذه الحملة العظيمة التي هي من مبادرات هذه الدولة وخاصة التي قام بها سمو الشيخ محمد بن راشد في دبي في حملة دبي للعطاء وكل من يبادر في هذه الحملة ولو بدِرهم. حينئذٍ سوف يكتب الله له عز وجل أنه شارك في إنعاش العلم وفي الإنفاق على العلم وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم “رب درهمٍ غلب مائة ألف درهم” إذا أنت ليس لديك إلا درهمين وأعطيته واحداً هذا لا يقل أجراً عن شخص دفع مليون درهم أما أصحاب الملايين فهم مدعوون مدعوون بأن يبرزوا أمام العالم على أنهم صف متماسك في دبي وفي دولة الإمارات جميعاً في حملة من أعظم الحملات في التاريخ المعاصر كله من حيث أنها جديدة في بابها عظيمة في أهدافها وفريدة في غاياتها التي سوف تكون بعد سنتين أو ثلاث أو أربع من المبادرات التي تغير وجه العالم، فالفقر الآن يعمّ العالم الإسلامي ويضرب أطنابه والوسيلة الوحيدة هي القضاء على الجهل لأن الجهل هو سبب الفقر والإحصائيات التي تحصي عدد الأطفال في العالم الإسلامي الذين لا يذهبون إلى المدارس أو إلى التعليم للفقر مذهلة ومخيفة وما تزال الأمية تسود أكثر البلاد العربية وتصل إلى نسبة 50% – 60% فإن قال مليون طفل هذه خطوة أولى رائدة إذا نجحت هذه الحملة ويبدو أنها ناجحة والحمد لله، حقيقة سمو الشيخ محمد موفق ما قام بحملة إلا ونجحت والحملة ناجحة لأنه بدأ بنفسه وبأولاده وأسرته ومن ثم تتابع كثيرٌ من المواطنين والمقيمين على حدٍ سواء بالمشاركة الناجحة والطيبة وما نقرأه في الصحف في كل يوم يدعو للفرح من تجاوب أصحاب الأموال والمواطنين مع هذه الحملة بشكل يلفت النظر فاليوم أحد المؤسسات اشترت أحد مقتنيات الشيخ محمد وهو قميصه الذي فاز فيه التفاتة جميلة هائلة تدل على تحضّر وعلى ذوق رفيع إذاً هناك والحمد لله في دبي وفي دولة الإمارات قدر كبير من التجاوب.

سؤال من إحدى المشاهدات: نحن نجمع الخبز ونتركه في كيس مغلق وكنا سابقاً نعطيه للمزارع لكن الآن ما هو الحل؟ وأنت قلت أن الله يهلك من يفعل هذا الشيء؟ الإجابة: أن هذا الخبز فيه قدسية كقدسية كتاب الله من حيث أنه من أعظم نِعَم الله، رب العالمين قال (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿11﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴿12﴾ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴿13﴾ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴿14﴾ البلد) في العراق الآن الناس تموت جوعاً، سنين لا يستطيع أن يخرج من بيته يأكل الحطب، يأكل الحصى، يأكل ثيابه، ماذا لو أعطيته نصف رغيف من الخبز؟ يساوي الدنيا كلها بهذه القطعة من الخبز سوف تدخل الجنة وتجتاز العقبة وهو الصراط (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿11﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ) الكلام في الخبز عجيب، هذا شيء مقدس يُحلَف عليه ويُحلَف به فحينئذٍ الله قال (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ) كلمة الطعام في القرآن الكريم أعجوبة ولهذا أن يجمع الخبز ويرمى في كيس مع الزبالة ! والله أبشر بفقرٍ لا غنى بعده ونحن في العراق كنا نعطيه للدجاج كل بيت فيه دجاج يأكل كل فضلات الخبز كلها أو نفتفته بالماء ونعطيه القطط أو نجمعه لكي ييبس ثم نستخدمه للثريد أما أن ترمي الخبز في الزبالة! هذه مأساة كبيرة جداً ولهذا على الناس أن يعرفوا أن للخبز لساناً يوم القيامة.

من الذين يدخلون النار من أمة محمد عليه الصلاة والسلام قاتِلُ نفسه نعوذ بالله والله قال (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿29﴾ النساء) مع اختلاف التفسيرات فحينئذٍ قال النبي صلى الله عليه وسلم في المنتحِر هو في نار جهنم خالداً فيها (بادرني عبدي بنفسه) حينئذٍ الذي يقتل نفسه أيضاً يعذب في النار. من الذين يعذبون في النار المراءون في أعمالهم خاصة العبادات الجليلة ومن العبادات الجليلة العلم والإنفاق والجهاد فإذا راءى فيها العبد فهو أول من تسعر به النار أول من تسعر بهم النار يوم القيامة عالم ومنفق وشهيد نعوذ بالله، عالِم يعظ الناس والناس يمتدحونه بالفضائيات وله شهرة والناس يثقون به وهو إنما يفعل ذلك رياءً وليس لوجه الله نعوذ بالله هذا أول من تسعر به النار أو ذلك الذي يعطي ويبني المساجد يعطي الفقراء والمساكين لكي يقال أنه كريم وكذلك الذي يجاهد لكي يقال شجاع وبطل ومخلص ووطني هؤلاء أول من تسعر بهم النار. الرياء مصيبة يوم القيامة الرياء مصيبة المصائب وهذا لا يتنافى من ضرورة العطاء جهاراً تشجيعاً للآخرين وقال الله عز وجل (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴿271﴾ البقرة) إذا كنت تأمن الرياء فبذلك تكون فعلاً قدوة وما أكثر الذين انصلحوا بقدوة لرجل عَبَد الله جهاراً لكن إذا كان هو ينوي الرياء هو فقط لكي يمدحه الناس ولا يؤمن بالله وليس له علاقة بالله عز وجل وهذا إن شاء الله أنه قليل في هذه الأمة. من ضمن الذين يدخلون النار جاء في النصوص النحاتون الذين ينحتون التماثيل التي تُعبَد من دون الله عز وجل ومن ضمن الذين يعذبون يوم القيامة كما هو معروف العاقّ لوالديه وهذه مصيبة المصائب يوم القيامة “ثلاثة حرم الله عليهم الجنة مدمن الخمر” الذي يموت وهو مدمن (والعاقّ لوالديه والديّوث) الديوث شخص والعياذ بالله أمه أو أخته أو أمه أو ابنته ترتكب الفاحشة وهو موافق وقد يشجعها أو قد يوجهها المهم أنه موافق نعوذ بالله. من الذين يعذبون يوم القيامة كما قال عليه الصلاة والسلام الذين يعذِّبون الناس في الدنيا كما فعل فرعون يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم والفراعين كثيرون في كل الدنيا ولهذا شاع في بعض الدول الإسلامية خاصة بعض منها معروف بالأسماء السجون التي تقطع أوصال السجين منها العراق ومنها جمهوريات أخرى فعلاً فيها تعذيب من حوالي خمسين عاماً إلى اليوم تقشعر منه الأبدان وكنت تعجب من هؤلاء الذين يعذبون الناس وقد شاهدناهم بأعيننا ما هو تكوين هذا الإنسان؟ يسمع صراخ المعذَّب وصراخ المعذَّب وحده والله العظيم تكاد الجدران أن تسقط من هول هذا الصراخ لشدة ما يعذبونه في النار وسمل العيون وتقطيع الأصابع والحرق بالنار شيء خيالي وهو يضحك، هذا الذي يُعذِّب الناس يضحك ويتلذذ أي إنسان هذا؟! هذا يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم “أشد الناس عذاباً يوم القيامة أشدهم عذاباً للناس”. من ضمنها أيضاً الحكام الظالمون الذين يذيقون شعبهم الهوان سجون ومعتقلات واضمحلال وتعويق واضطهاد بعض الفئات بعض الطوائف فالشعب مرعوب من مخابراته ومباحثه وعيونه في كل مكان جعل الدنيا عليهم سوداء نعوذ بالله هذا لا بد أن يُعذَّب يوم القيامة وما من أملٍ له في توبة. ومن ضمن الذين يعذبون كما في الكتاب العزيز التولي يوم الزحف وهذا أمرٌ معروف. كذلك من الذين يعذبون قاطع الرحم، الرحم يوم القيامة تنتظرك على الصراط مهما كان الرحم كاشحاً فالرحم قد يكون مبغضاً قد يؤذيك مثلاً أو قد يعاديك هذا لا يعفيك من أن تصل الرحم (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴿1﴾ النساء) “من أحب أن ينسأ له في أجله ويزاد له في رزقه فليصل رحمه”. وهكذا ذنوب أخرى كالبغضاء “البغضاء هي الحالقة” إياك أن تموت وبينك وبين واحد من المسلمين بغضاء وشحناء وأحدكما لا يكلم الآخر فإنه لا ترتفع صلاتكما فوق رأسيكما شبراً على كل من له خصماً هجره أو خاصمه أو شاحنه أن يقول له سلامٌ عليك وقد شاعت البغضاء الآن وخاصة بين هؤلاء الذين يزعمون أنهم إسلاميون أو الخ فئات وأحزاب وطوائف الخ مضحكون في معاداتهم لكل المسلمين تكفيريون في كل مكان في كل الطوائف، الكل كفار، الكل في النار يستحل قتله أي وباء هذا؟! وأي مكر من مكر الله فيهم هذا؟ وحينئذٍ هذا يوم القيامة مما لا يغتفر أبداً لذلك كما قال تعالى (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿89﴾ الشعراء) أي مات وليس في قلبه بغضاء لأحد شرطٌ أساسي لا ينجو يوم القيامة أحدُ إلا إذا مات وليس في قلبه ولا بغضاء لمخلوقٍ لمسلمٍ أبداً، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿88﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿89﴾الشعراء) وتعرفون قصة ذلك الرجل الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه أن هذا من أهل الجنة فأتبعه سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لكي يعرف ما هي عبادته لكي يفعل مثله فبقي عنده ضيفاً ثلاثة أيام لم يرى به شيئاً، لم يرى منه عبادة تذكر فقال له يا أخي أنا ليس لي حاجة لأن أكون ضيفك أنا سمعت النبي عندما مررت من المجلس قال هذا فلان من أهل الجنة فجئتك لكي أرى عبادتك ما رأيت فيها شيء متميزاً قال والله هو هذا الذي رأيته ليس عندي شيء فقال له ما الذي أدخلك الجنة إذاً؟ قال والله لا أدري فقال له فكر معي ثم قال أنا ليس لي إلا عبادة واحدة أعتز بها أني إذا وضعت راسي على الوسادة لكي أنام في الليل أسامح كل الناس وأعفو عن كل من ظلمني ولا أطلب من الله عز وجل أن يؤاخذ أحد بذنبي فقال عبد الله هو ذاك الذي عجزنا عنه. أعمال القلوب (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ). وطبعاً تعرفون الكبائر السبعة هذا كله متى؟ نحن نعرف من القرآن الكريم والسنة أن الناس ثلاثة أنواع هناك من زادت حسناته على سيئاته فذاك الذي يدخل الجنة بغير حساب وهناك من تساوتا فذاك الذي يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً وهناك من زادت سيئاته على حسناته أولئك الذين يشفع لهم النبي صلى الله عليه وسلم قال “شفاعتي حقٌ لأهل الكبائر من أمتي” من أمتي أي النبي صلى الله عليه وسلم إذا جئت بهذه الكبائر أو غيرها يشفع لك على أن تكون من أمته ولا تكون من أمته إلا إذا كنت من أهل القبلة وحينئذٍ ما مصيبة المصائب إلا لمن يكون مسلماً ثم يأتي يوم القيامة وهو ليس من أهل القبلة لا يصلي، هذا لا يشفع له النبي صلى الله عليه وسلم فيحاسب على هذه الكبائر. إذاً الذي يحاسب على هذه الكبائر مسلمٌ يموت وقد ارتكب الكبائر وليس من أمة محمد كيف يكون ذلك؟ عندما يكون ليس مصلياً أو ممن يقتل المسلمين كما قال ليس من أمتي هذا الذي يقتل المسلمين على إيمانهم طائفياً أو فئوياً أو حزبياً كما يفعل الناس الآن في العراق وفي باكستان وفي فلسطين هذا ليس من أمة محمد وإن صام وإن صلى وإن فتح الدنيا كلها ولهذا هذا مكر الله الآن (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ العنكبوت) إن الله عز وجل في هذا الزمان يطهر المسلمين يطهرهم (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴿155﴾ البقرة) (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴿31﴾ محمد) إذاً عليك أن تعلم أن هذا البلاء يوم القيامة دخول النار لأمة محمد هم للمسلم الذي هو مسلم يدخل النار ولا يشفع له النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ليس من أمته وكونه ليس من أمته لا يصلي وقتل المسلمين على إسلامهم ومات من غير توبة وما من مسلم يجهل أن قتل المؤمن يخلدك بالنار. إذاً هكذا هو الأمر فيما يتعلق بجهنم وعلينا أن نحذر أن يوم الحساب قريب وأن لا نموت ونحن من أهل النار وإنما من أهل الجنة إن شاء الله.

بُثّت الحلقة بتاريخ 19/10/2007م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها