الحروف في القرآن الكريم, حرف النون

حرف النون – منظومة العمر (نحب)

اسلاميات

 

منظومة  العمر

النحب– الأجل – العمر –  العيش – الحياة

الكلمات التي تدل على عمر الإنسان في كتاب الله عز وجل هي: العمر، النحب، الأجل، العيش، الحياة، هذه على قدر ما أحصيتها تدل على عمر الإنسان وحياته في هذه الأرض.

النحب: هي كلمة الباب ونحن في حرف النون جاءتنا كلمة النحب (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ (23) الأحزاب) النحب، العمر ماذا تعني كلمة النحب؟ النحب العُمر من حيث أنه ينتهي بعويل وبكاء ممتد، من النحيب العمر هكذا ينتهي نحيباً ما من أحد يموت إلا ويختم عمره بأن ينتحب عليه كُلُّ حبيبٍ وكل قريبٍ ساعة ما يموت وإلى أيام (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) فإذا سمعت أن إنساناً قضى نحبه أي قضى عمره أو قضى أجله أو قضى عيشه أو قضى حياته فاستعمال كلمة النحب مجازاً على العمر من حيث نهايته بهذه الطريقة المأساوية. ولذلك يقول الشاعر:

أنت الذي ولدتك أمك باكياً                      والناس حولك يضحكون سروراً

فاحرص على عملٍ تكون إذا بكوا               في يوم موتك ضاحكاً مسروراً

وهكذا هي الحياة الدنيا بكاءٌ عندما نستقبلها وبكاءٌ عندما نودعها. وما قيمة الدنيا بين بكائين؟ هكذا هي كلمة النحب

العمر فالنحب كلمة من منظومة العمر تشير إلى زاوية معينة من المعنى وهي أن هذا العمر ينتهي بنحيب والنحيب البكاء بصوتٍ طويل ومد هكذا هو العمر.

الأجل: المدة التي تخصص للإنسان كم جعل الله لك من هذا العمر ستين عاماً؟ هذا هو أجلك (وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا (128) الأنعام) (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ (29) القصص) الاتفاق بين موسى وشعيب-إن كان هو شعيب- على أن تأجرني ثمانية حجج فالمدة المتفق عليها بينهما ثماني سنوات (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا (29) القصص) وبينك وبين الله عز وجل أجل. رب العالمين جعل لك أجلاً خمسين عاماً ستين عاماً سبعين عاماً ولو أن هذا غير ثابت قد يتغير (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴿39﴾ الرعد) فالآجال غير ثابتة. لكن من حيث البداية إن الله جعل لك أجلاً ولكن قد يُغيّره (ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ (2) الأنعام) إذاً لك أجلان: الأجل المتفق عليه بينك وبين الله عندما خلقك أن تعيش ثمانين عاماً ثم هذا قد يطول وقد يقصر كما سأذكره بعد قليل. إذاً (ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) أي أعداد محدودة، مدة محدودة ومحددة ومعدودة من حيث كون عمرك معروفاً عند الله عز وجل مدته إلى حد الثانية يسمى أجلاً.

سؤال من إحدى المشاهدات من العراق: هذا قضاء الأجل الذي يحدث في العراق ساعة قصف وساعة الخ هل هذا مكتوب علينا؟ الإجابة: لا هذا ليس مكتوباً هذا قضاءٌ وليس قدراً وحينئذٍ الموت قد يكون قدراً هذا لا يتغير وقد يكون قضاءً هذا يتغير وحينئذٍ أنتم الذي يجري قضاء أي لنا دخلٌ فيه العباد مسؤولون عنه فهذا الذي أنتم فيه من فعل الإجرام والمجرمين القتلة الذين سيذهبون إلى النار وتذهبون أنتم يا أم زهراء إلى الجنة إن شاء الله مرفوعي الرأس.

فالأجل إذاً هي المدة التي جعلها الله لحياتك هذا يسمى أجلاً.

العمر: هذه المدة التي عشتها التي قدّرها الله لك عشتها من ساعة ما ولدتك أمك إلى أن تموت ما فيها من إنجازات وحيوية وما فيها من إبداعات وما فيها من أشياء تخلدك وتدفع الناس وتسُرّك وتفتخر بها هذه عمر أي ساعات الإيجاب (وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ﴿18﴾ الشعراء) طبعاً الذي يعيش في بيت الملك حياته كلها إيجابيات فالعمر إذاً إيجابيات حياتك. هذه المدة التي عشت فيها ولهذا هي أقدس الكلمات في هذا الباب ولهذا أقسم الله تعالى بها (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿72﴾ الحجر) كما قال أحد العلماء- وهو ابن عباس- ما رأيت ربي أقسم بحياة أحدٍ إلا بحياة حبيبه محمدٍ صلى الله عليه وسلم. والعرب دأبوا على هذه الكلمة “لعمرك، لعمري” حينئذٍ العمر إذاً الإيجابيات في حياتك في مدة عيشك ما فيها من إيجابيات تفتخر بها وتنفع الناس تسمى عمراً. فالعمر إذاً الإيجابيات في المدة التي أعطاك الله إياها.

العيش: ما صادفت من طعام وشراب وسعادة وشقاء (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴿124﴾ طه) (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ﴿21﴾ الحاقة) فحينئذٍ ما في حياتك من ترف أو شقاء، فقر أو غنى، جوع أو شبع هذه زاوية العيش فالعيش إذاً رفاهية أو فقر وما شاكل ذلك.

أما الحياة: فهي الحركة والحيوية إذا كان هنالك شخص منذ ولادته وهو بدون عمل ولا شغل في بيت قد يكون مقعداً وقد يكون مترفاً وقد يكون بليداً وقد يكون قليل الحركة لا يقال له وحياتك أو وكانت حياته كذا فهو ليس له حياة وإنما له أجَلٌ والسلام. فالحياة (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴿179﴾ البقرة) حياة حيوية وحينئذٍ كلمة الحياة تعني الحركة والحيوية في المدة التي أعطاك الله إياها.

إذاً فالنحب من حيث نهاية العمر الباكية والأَجَل المدة المخصصة للإنسان والعمر أحسن وأقدس ولهذا قال (خيركم من طال عمره وحَسُن عمله) والعيش أيام الرخاء والسعادة أو الشقاوة والحياة من حيث حركته وحيويته هذه هي الكلمات التي تدل على العمر وكما جاءت في كتاب الله عز وجل. موضوع هذا العمر مواضيعه كثيرة ومتفرقة نتنقل بينها وأنتم المشاهدون طبعاً لهم الحق اليوم أن يتدخلوا كلٌ له فلسفة في هذا الباب أو مقولة أو بيت شعر أو حديث أو آية لا بأس أن يُثري بها الحلقة. من الأحاديث الواردة في قضايا العمر أحاديث تدل على فلسفة في هذا الباب لا بد من الإطلاع عليها. فمثلاً النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن الإنسان كلما كبر سنه ازداد تعلقاً بالدنيا وتعلقاً بطول العمر. يقول صلى الله عليه وسلم (الشيخ يكبر ويضعف جسمه وقلبه شابٌ على حُبّ اثنين طول العمر والمال) أو (حب الدنيا)، (يكبر ابن آدم وتكبر معه خصلتان الحِرص وطول الأمل في الحياة). حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر) النبي صلى الله عليه وسلم يقول (أعمار أمتي بين الستين والسبعين) هذا واقع الحال، متوسط أعمار هذه الأمة ستين إلى السبعين وقليلٌ من يتجاوزها ولكن هنالك من يعيش إلى السبعين والثمانين، تسعين، مائة، مائة وعشرين ومائة وخمسين كما سمعنا قبل أيام لكن الغالب الأعم بين الستين والسبعين وهذا واقع الحال والنبي صلى الله عليه وسلم عاش ثلاث وستون سنة ويقول (من بلّغه الله الستين فقد أعذر إليه) أي أنك قد استوفيت حقك فعليك أن تعرف أنك إذا بلغت الستين الذي فوق هذا من بركة الله عز وجل فعليك أن تحسن استغلال ذلك. والعمر يطول ويقصر رب العالمين قال فلان الفلاني عمره سبعون عاماً وحينئذٍ أنت لاحظ أن الموت نوعان (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ﴿14﴾ سبأ) هناك موت قضائي وهناك موت (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ﴿60﴾ الواقعة) الموت القدري هذا الذي لا يتغير وليس لك دخل فيه وهناك موت قضائي الذي أنت تقوم به أنت تعمله انتحار مثلاً أو تموت شهيداً في معركة وحينئذٍ الله قال (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴿2﴾ الأنعام) فأنت كما قال الدكتور نجيب شخص رب العالمين قدّر له عمراً أو قضى له عمراً ثمانون عاماً ولكنه انتحر هذا يدخل النار لأنه أنقص عمره بطريقة محرّمة وآخر ذهب للقتال واستشهد فأصبح شهيداً فرب العالمين يُكرِِمه لأنه أنقص عمره بشيء محمود ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴿11﴾ فاطر) هذا ليس شخصاً آخر بل هو نفسه لو كان شخصاً آخراً لقال وما ينقص من آخر فحينئذٍ العمر ليس ثابتاً والرزق ليس ثابتاً وهذه من الأخطاء الشائعة التي شاعت على ألسنة الناس أن الأعمار ثابتة والأرزاق ثابتة هذا خطأ بل هذا وجه ضيّق. الوجه الواسع أنها تتغير الحديث يقول (من أحب أن يُنسأ له في أجله وأن يُزاد له في رزقه فليصل رحمه) إذاً الأعمار تنقص وتزيد والأرزاق تنقص وتزيد.

من أسباب طول العمر: بِرّ الرحم، صلة الرحم مما تزيد في العمر وتزيد في الرزق (من وصله وصلني) ورب العالمين سبحانه وتعالى أيضاً جعل طول العمر مكرُمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (خياركم من طال عمره وحَسُن عمله) ودعا للصحابة بذلك بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لامرأةٍ فطال عمرها مائة وعشرين سنة وفي حديث أن هنالك شخص كان يدعو الله سبحانه وتعالى بطول عمره ويحمد الله ويشكره فالنبي r قال له (ذاك ملكٌ أتاك يعلَّمك تحميد ربك). إذاً صار الدعاء بطول العمر مشروعاً وقد يقول لك شخص كيف تدعو بطول العمر والعمر ثابت؟ وهذا خطأ فالعمر غير ثابت وعندما تقول طال عمرك أطال الله عمرك النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة (أطال الله عمرها) فطال عمرها حتى بلغ مائة وعشرين سنة ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم. وفي قوله (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) جاء التعبير بالمشيئة لا بالإرادة لأن المشيئة تتغير والإرادة لا تتغير والله سبحانه وتعالى قد يُغيّر. على كل حال نحن لدينا عمران عمر بشري وعمر إنساني. العمر البشري هو العمر الحيواني هذا لماذا يطول؟ يطول بالغذاء والدواء حالك مثل حال أي حيوان وأنت من الحيوانات الناطقة والأطباء لهم في هذا باع طويل كيف يطول عمرك وتحافظ عليه بصحة جيدة من حيث النوم والغذاء والمشي والرياضة والحركة وما إلى ذلك هذا العمر البشري. العمر الإنساني حينئذٍ له مواصفات أخرى سعادته ليس فقط بالغذاء إضافة للغذاء سعادته بالإنجاز، بمحبة الآخرين، بإدخال السرور، أن تبات وليس في قلبك غلٌ لأحد وهذه هي الأخلاق الحسنة. حُسن الخلق أنك أنت لا تنتقم من الناس (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿34﴾ فصلت) (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴿134﴾ آل عمران) همومه فيما يتعلق بالحياة ليست هناك هموم وإنما هو يتوكل على الله عز وجل وكما تعرفون أن الهمّ هو الذي يخترم العمر:

والهم يخترق الجسيم نحافة            ويُشيب ناصية الصبي ويورِم

حينئذٍ هذه الأمور هي التي تُسعد الإنسان وتسعده بقدر ما يقدم من إنجازات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم طبعاً في أن إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث هذا عمل العمر الإنساني إذا ولد صالح يدعو لك أو علم ينتفع به أو صدقة جارية هذا من العمر الإنساني ولهذا الإنسان يطول عمره إذا كان سعيداً. ومن سعادة العبد إسعاده للناس أو تركه ما يُسعده ويسعد الناس من علمٍ أو صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له ولهذا يقال (من خلف ما مات) من حيث أن هذا الطول العمر الامتداد المجازي.

سؤال من إحدى المشاهدات من العراق: الأرض هل سيكون عليها حياة أخرى لأنه يقول تعالى (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) الأنبياء) هل توجد حياة أخرى؟ الإجابة: الأرض هنا الجنة (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ﴿74﴾ الزمر) أي الجنة وأنتم يا أهل العراق منها بإذن الله على ما تعانونه الآن من بلاء وإذا أحب الله عبداً ابتلاه وهذا البلاء الذي أنتم فيه غفر الله به ذنوبكم جميعاً إن شاء الله.

سؤال من أحد المشاهدين من العراق: طاعة الزوجة للرجل هل تطيل العمر؟ طاعة الزوجة للزوج إذا كان الزوج صالحاً بإذن الله يطيل العمر وفعلاً طاعة الزوجة لزوجها أفضل وأكثر أجراً من صلة الرحم ولهذا قياساً إن شاء الله الزوجة التي تطيع زوجها بنفسٍ طيبة بإذن الله يطول عمرها وأطال الله عمركم جميعاً.

بالنسبة أنك قد ذكرت أن أعمار هذه الأمة كما في الحديث الصحيح حوالي الستين أو ما يعادله لكن أعمار الأمم في التاريخ كانت أطول ونحن نعلم أن الأمة المحمدية في خصائصها أكثر وأفضل من الأمم السابقة فهؤلاء أطول منا أعماراً والنبي صلى الله عليه وسلم أحس بهذا ولما رأى أن أعمار الأمم السابقة أطول من أعمار المسلمين كافئه الله عز وجل بليلة القدر ونحن على مشارفها قال (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿3﴾ القدر) وحمد النبي صلى الله عليه وسلم حمد الله على ذلك. فكل مسلم إذا كان صالحاً وإذا كان من الصائمين في رمضان يزيد الله في عمره أي في عمله في رمضان في كل سنة عمل ثلاثة وثمانين عاماً وهي ليلة القدر (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) قيام ليلها وصيام نهارها فتأمل لو أنت صمت مثلاً خمسين رمضان لو صمت خمسين رمضان كل رمضان يضيف إلى عملك عمل ثلاثة وثمانين سنة قيام ليلها وصيام نهارها أي أربعمائة سنة فأنت أطول عمراً من أي شخص في هذه الدنيا وقد قال (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) والخيرية مفتوحة لا أدري كم ضعف؟.

سؤال من إحدى المشاهدات العراقيات في أبو ظبي: العراقيين يخرجون على باب الله فيموتون ولا يعلمون حتى بأي شيء تتحدد أعمارهم؟ فما ذنب هؤلاء المقتولين ودمهم برقبة من يكون؟ الإجابة: هؤلاء معروفين برقبة من وسوف ترين وقريباً ستقدرون على الذهاب إلى العراق. أراد الله أن يكفر ذنوبكم وأن يكفر ذنوب الشعب العراقي وهذه من فضائل الله عليه وأنت تعرفين والكلام بيني وبينك تعرفين أن العراقيين بحاجة إلى مغفرة ذنوب. العراقيون في العصور الأخيرة تمددوا قليلاً فنحن الآن في حاجة إلى أن يغفر الله ذنوبنا وإذا أحب الله عبداً كفّر عنه سيئاته قبل أن يموت ويقول عليه الصلاة والسلام (إن أمتي هذه أمة مرحومة لا عذاب عليها في الآخرة عجّل الله عذابها في الدنيا القتل والزلازل والفتن) فنحن لدينا قتل وفتن وإن شاء الله مع الصبر والاحتساب لا يبقى علينا ذنب (يتمنى أهل البلاء يوم القيامة لو ضاعف الله عليهم البلاء لما يرون من جزيل الثواب) وكما ترين المصيبة إذا عمّت هانت فلا يوجد شخص منا إلا وقد قتل أخوانه وأخواته وأعمامه الكل باستثناء القتلة وسوف ترين أن هؤلاء القتلة سيسلط الله عليهم من لا يخافه ولا يرحمهم وهذا قريبٌ جداً إن شاء الله فلا تحزني أو احزني فإن الحزن في هذا عبادة إذا كان بحدوده.

ولولا كثرت الباكين حولي            على إخوانهم لقتلت نفسي

سؤال من إحدى المشاهدات من مصر تسأل عن كلمة الأمد؟ كلمة الأمد أدخلناها في منظومة أخرى وسنحقق فيما إذا كانت تدخل في هذه المنظومة أيضاً.

بما أن الدكتور نجيب أخذ بأيدينا إلى رمضان وليلة القدر وبما أن هذه آخر حلقة نقولها على الهواء قبل رمضان أقول شيئاً نحن علينا كمسلمين لكي نغنم هذا الذي تطرق إليه الدكتور نجيب من حيث أن العمر طبعاً هذا العمر طول معنوي، هذا طول عمر معنوي عجيب أنت عمرك خمسين سنة وإذا عمرك يوم القيامة ستمائة سنة لأن الله أضاف إلى عمرك أعمال ثلاثة وثمانين سنة في كل عام فاضرب من عمرك خمسة عشرة سنة وأنت تصوم إلى أن توفاك الله عز وجل كم سنة عمرك؟ واضربه في ثلاثة وثمانين يكون عمرك أربعمائة خمسمائة ستمائة سنة هذه المكرمة العظيمة هي التي قال عليه الصلاة والسلام (من أدرك رمضان ولم يُغفر له فأبعده الله) (رَغِم أنف عبدٍ أدرك رمضان ولم يغفر له) إذاً من الحصافة ونحن في آخر حلقة على الهواء من الحصافة أن تفترض أن هذا آخر رمضان في حياتك. إفترض هذا وهذا متوقع طبعاً كل من يسمعني الآن عدد كبير منهم أنا أو هم سنموت بعد هذا الرمضان إذاً فإذا كانت مغفرة الذنوب وإضافة عمل ثلاثة وثمانين سنة في رمضان تقتضي شروطاً ليس على إطلاقها وليس لمن يصوم (رب صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش) فلا بد أن تحسب حساب أن هذا الرمضان ينبغي أن يغفر كل ذنوبك وأن يضيف إلى رصيد حسناتك رصيد ثلاثة وثمانين سنة قيام ليلها وصيام نهارها فعليك أن تفترض أن هذا آخر رمضان وعليك أن تتقنه اتقاناً عظيماً.

سؤال من إحدى المشاهدات العراقيات من السويد: أخي في العراق توفى بانفجار فهل يصح أن أقضي عنه صلاته وصومه؟ الإجابة: الصلاة والصوم لا، لا تقضى. لكن أبشري يا ابنتي هذا البلاء هذا النوع من الموت مات بانفجار لا يبقي عليه ذنباً فهو كيوم ولدته أمه ما أن مات – وطبعاً الانفجار في مثل هذه الحالات فليسمعني جميع العراقيين – الانفجارات والقتول في مثل هذه الحالة لا تسبب أي ألم للمقتول لأنه في كنف الله والله أحنُّ عليه من أمه وأبيه ولهذا هؤلاء يموتون كما لو ناموا (والذي نفس محمدٍ بيده لتموتن كما تنامون) أخوك وأمثاله الذين فُجِّر بهم وقتلوا قتل غدرٍ على هذا الذي نسمعه ونشاهده لا يرى نفسه إلا وهو في الجنة بثواني رأى نفسه في الجنة ما يشعر بأي ألم. إذاً هذه الميتة لا تُبقي عليه ذنباً ولا واحداً وإنما يدخل الجنة من غير حساب ولهذا عندما تبكون عليه يحزن يقول لماذا تبكون علي وأنا في الجنة؟ وهكذا كل من يموت بمثل هذا الغدر وهذه القتول لا يشعر بألم ولا يحس بالحادثة وبأقل من جزء الثانية يرى نفسه في الجنة إن شاء الله. أما الصلاة والصوم فينبغي على المسلم أن يؤديها بنفسه ولا يُغني عنه أن يؤديها عنه أحد من الناس.

سؤال من أحد المشاهدين من دبي: إطالة العمر هل يكون بركة في العمر أم إطالة في عدد السنين؟ الإجابة: الاثنين أحسنت سؤال رائع، الإطالة نوعان مادية ومعنوية مادياً يصبح عمرك لو كان عشرين سنة يصبح مائة وعشرين هذه إطالة مادية، وهنالك بركة انظر مثلاً إلى الإمام الغزالي أو الإمام ابن تيميه وغيرهم من أئمة هذه الأمة لو ترى مؤلفاتهم والله لا يكفيها مائتين سنة أو ثلاثمائة سنة كيف ألّفوها في خمسين أربعين سنة؟ على فرض أنه ولد عالماً. هذه الإطالة إطالة بركة نعم هناك بعض الناس مثلاً سيدنا عمر والله سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه قام بأعمال في هذه الأمة لا تكفيها مائتين سنة كيف عملها بهذا الوقت القصير ولم تعملها الدولة الرومانية في أربعمائة سنة ولا أي دولة في العالم ففي زمانه وصلت الدولة الإسلامية إلى مساحة من الأرض لم تبلغها الدولة الرومانية بألف عام وهو بلغها بسنة واحدة وهذا في الحقيقة من بركة العمر. هناك أعمار فيها بركة إنجازات حقيقة كهذه الدولة المباركة والله العظيم كل من يراها ويعاصرها وقد عاصرناها من السبعين إلى الآن الذي جرى فيها لا يتم بقرن. بقرن من الزمان لا يمكن أن تتم الإنجازات التي تمت خاصة في أبوظبي ودبي وقد كانت صحراء والآن هي أحدث دولة في العالم فدبي الآن ليس على وجه الأرض مدينة مثلها في بنائها وخدماتها وإنجازاتها على وجه الأرض فلا مدن أوروبا وأمريكا وعواصم العرب القديمة بغداد والقاهرة وقيروان ودمشق وكل هذا الذي في دبي تمّ بكم سنة؟ بسنوات قليلة وخاصة هذه النهضة الحديثة تقريباً حدثت في عشر سنوات وهذا من بركة الله عز وجل ففعلاً هذا سؤال جداً وجيه طول العمر قد يكون عمراً حقيقياً بالسنوات وقد يكون بالإنجازات هذه البركة (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا (82) الكهف) نعم رحمة الله على الشيخ سعيد والشيخ مكتوم.

سؤال من أحد المشاهدين من ليبيا: الذي يأكل الربا هل يطول عمره؟ الإجابة: ينقصف عمره إن شاء الله.

نعود إلى كيف يكون رمضان رمضاناً بليلته، بليلة القدر تغفر الذنوب جميعاً وتضيف أجر الثلاثة والثمانين سنة؟ شروط لا بد أن يسمعها المشاهد الآن لأنه بدون هذا لا أجر ولا مغفرة ولا طول. ثانياً قسم منها لا يتم ليلة بليلة ولكن لا بد أن تعوّد نفسك عليها من الآن. الشرط الأول أن لا يكون بينك وبين والديك أيُّ عقوق كل من له أب أو أم غير راضين عنه فلا أمل في كل هذا الذي نقوله ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش فمن هذه الدقيقة إذا كان بينك وبين أبيك أو أمك سوء علاقة فاذهب الآن وقبِّل أقدامهما وليسامحانك وإلا لا أمل في شيء، هذا واحد. قلنا افترض أن هذا آخر رمضان ولدينا ذنوب بقدر السموات لا يغفرها إلا رمضان وليلة القدر ولا يكون كذلك إلا إذا كانت ليلة القدر بالمواصفات التالية: أولاً أن يكون أبوك وأمك راضين عنك، ثانياً: ألا يكون بينك وبين أيّ رجل تعرفه أو امرأة تعرفينها خصومة أو هجر فأنت إذا كان هنالك شخص لا تتكلم معه بحيث لو رأيته في الطريق لا تسلم عليه لا صوم لك (اثنان لا ترتفع صلاتهما ولا صومهما فوق رأسيهما شبراً) لا في رمضان ولا ليلة القدر ولا في عرفة ولا النصف من شعبان (أخوان متصارمان) فالذي بينه وبين إنسان آخر هجر فلا يكلمان بعضهما أو امرأة بينها وبين أخرى هجر الآن بالتلفون يا فلان يا فلانة السلام عليكم يا أخوان سامحونا رمضان على الأبواب الله يحفظكم ومع السلامة، إذا ردوا عليك قُسِّمت بينكما سبعون رحمة تسع وستين للذي بدأ وواحد للذي استجاب إذا لم يستجب لك سبعين رحمة كاملة هذا الشرط الثاني. الشرط الثالث وهو المصيبة السوداء والتي كلنا واقعين فيها فالشرط الأول والثاني قليل من المسلمين الذي بينه وبين أحد والديه خصومة وقليل من المسلمين لديه مجموعة من الناس لا يكلمهم لكن الغيبة كلنا نمارسها كلنا قد استمرأنا الغيبة وكلنا تساهلنا فيها وهي مصيبة المصائب هذه التي تأكل الأعمال أكلاً (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا﴿12﴾ الحجرات) من أجل ذلك من هذه الدقيقة عوِّد نفسك من اليوم إلى رمضان ألا تغتاب أحداً ستلاحظ أنك كل ساعة تغتاب دون أن تدري فكلما تغتاب استغفر الله واطلب من زوجتك أو أخوك أن ينبهك إلى أن تتعوّد على عدم الغيبة إلى أول يوم رمضان بحيث يمر رمضان كله ولم تغتب واحداً من الناس وإلا فلا أمل في المغفرة. فبِرُّ الوالدين الحمد لله متوفر وعدم الهجر متوفر إن شاء الله لكن عوّدوا أنفسكم من الآن على عدم الغيبة فإنها مشكلة المشاكل. النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكثِر من الصيام في شعبان وهذا من السنن وهذا ما يفعله الناس الآن إلى 15 من الشهر الناس تصوم شعبان ولكن كما تفضلت إن رمضان الذي هو القدح المعلّى والذي هو هذه الهبة العظمى التي وهبها الله لهذه الأمة وفيه هذه الليلة وسمي شهر رمضان بشهر القرآن لأن أولاً أُنزِل فيه القرآن الشيء الثاني من أعظم العبادات هو قراءة القرآن ولهذا كان علماء هذه الأمة في هذا الشهر يتركون المسائل والفقه والتدريس ويتفرغون لقراءة القرآن الكريم على كل حال أخطر ما نواجهه جميعاً هو الغيبة وعلينا من الآن أن نعوّد ألسنتنا كلما جلسنا في مجلس وتحدثنا وذكرت أحداً بِشَرّ ففوراً تنتبه وتستغفر الله إلى أن يأتي رمضان وقد تعودت على عدم الغيبة خسارة والله خسارة كبيرة أن تصوم شهر كامل له كل هذه الفضائل يغفر الذنوب جميعاً (رغم أنف عبدٍ أدرك رمضان ولم يغفر له) ثم بكلمة عابرة سخيفة تافهة تخسر كل هذا فلنعوّد هذا اللسان هذا الذي هو يورد الناس الهلاك (وهل يكُبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم). وبمجرد أن يقترب رمضان وإلا القلوب تهوى إلى القرآن الكريم وتُقبِل عليه من حيث تدري ولا تدري فهنالك هذا الارتباط الهائل بين رمضان والقرآن (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ (185) البقرة) من أول ليلة.

من فضائل العمر عندما تكون شاباً من بدايتك كما قال الحديث (سبعة يُظِلّهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله) فمن سعادات العمر أن يبدأ الإنسان شاباً مطيعاً تقياً سبعة يظلهم الله منهم (شابٌ نشأ في طاعة الله) هذه ميزة عظيمة إذا ابتدأت عمرك في طاعة الله وهنالك أشخاص يبدأون بالعشرين بالثلاثين بالأربعين بالخمسين لا هؤلاء إن شاء الله مغفورين الذنب لكن أصحاب الفضائل العظمى من بدأ حياته منذ البداية بطاعة الله وهذا عائد للأبوين. وفي الحقيقة عكس فضيلة الشباب رذيلة الشيخ العاصي (وأبغض ثلاثاً وبغضي لثلاثة أشد أبغض العصاة وبغضي للشيخ العاصي أشد) وفي حديث (من جاوز الأربعين ولم يغلب خيره على شره فليتجهز إلى النار) أربعين بداية الشيخوخة ولهذا يمكن إلى الأربعين هنالك قليل من التساهل من رب العالمين ففي حديث (يقول الله للملائكة الذين يكتبون: ترفقا بعبدي من حداثة سنه، حتى إذا بلغ الأربعين قال: أثبِتا ودقِّقا) اكتبوا كل شيء عليه صار أربعين أي أصبح شيخ دخل طور الشيخوخة.

في الحقيقة من سعادة الإنسان في عمره وأسباب السعادة كثيرة ومن أهمها الطاعات (وقُرّة عيني في الصلاة) وهذا أمر معروف لأهل الطاعات كيف تتلذذ بالصيام فساعة الإفطار ما أحلاها! ساعة التهجد في الثلث الأخير من الليل ما أحلاها! عندما تصلي صلاتك في المسجد ثم تخرج من المسجد كم تشعر بسعادة غامرة؟! من ضمنها أيضاً إدخال السرور إذا كان هنالك شخص مريض، شخص فقير وساعدته كم تشعر بسعادة؟! فأنواع السعادات كثيرة ومن سعادات الإنسان في هذه الدنيا الجار المحب، المرأة المطيعة، المركب الهانئ، الدار الواسعة.

سؤال من أحد المشاهدين من الأردن: عن المطابقة بين القدر والقضاء هل فعلاً نحن بأعمالنا نطابق بين القضاء والقدر؟ الإجابة: القضاء ما كان لك فيه خيار ممكن أن تفعله أو لا تفعله والقدر ليس لك فيه خيار وإنما هو من رب العالمين مثلاً كونك ذكر هذا قدر، كون لك يد هذا قدر، حركة يدك هذا قدر، أما توجيه الحركة هذا قضاء لأنك أنت الذي تحركها فأنت تحاسب على القضاء ولا تحاسب على القدر. فكل عمل من أعمالك أنت الذي فعلته (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ (30) الشورى) (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴿41﴾ الروم).

جعل الله بعض الناس سبباً لإسعاد أمة وجعل بعض الناس سبباً لشقاوة أمة. فشخص واحد يُضِلّ أمة، شخص واحد فقط نعوذ بالله يجعله سبباً في أن يضل شعباً أو طائفة أو جماعة ضلالاً كاملاً ينقلهم من الإيمان إلى الكفر وآخر بالعكس ينقلهم من الكفر إلى الإيمان ولهذا لا بد من التعلّق بالله دائماً عن طريق الدعاء وتعرفون أن الدعاء بابٌ عظيم من أبواب الصِلة بين الله وعبده ولهذا علينا أن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُسعِدنا ويجعلنا ممن يسعدون الآخرين.

سؤال من إحدى المشاهدات من العراق: المصائب التي تحدث في العراق من خمسة وثلاثين سنة يقولون هذا لأن أنتم عندكم ذنوب وذنوبكم كثيرة في العراق ثم يقولون لنا أن هذه من علامات الساعة سواء كان حرباً أو حصاراً الخ يقولون هذه من علامات الساعة وعلامات الساعة عليكم فهل هذا يحدث فقط على العراق؟ هل ذنوبنا كثيرة لهذه الدرجة؟ ومتى سيزيل الله تعالى هذه الغمة عنا؟ الإجابة: إذا أحب الله عبداً ابتلاه وإن شاء الله الله يحبكم ولاشك أن الله سبحانه تعالى يُحِبكم كما جاء في الحديث القدسي (أن رجلاً كان خلف النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف حول الكعبة ويقول: (اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا) وكان هنالك شخص خلفه يقول له: وعِراقنا والنبي لا يرد عليه واستمر النبي صلى الله عليه وسلم يكرر هذا والرجل يقول: يا رسول الله وعراقنا والنبي لا يرد وعندما انتهى الطواف سأله النبي: (أعراقي أنت؟) قال: نعم قال: (إن إبراهيم عليه السلام عندما أحرقه العراقيون أراد أن يدعو الله عليهم فأرسل الله تعالى له جبريل وقال: (يا إبراهيم ربك يقول لا تدعوا على أهل العراق فقد جعلت فيهم خزائن علمي وخزائن رحمتي) وهذا حديث صحيح ولأن الله يحبكم وفعلاً يا بنتي فعلاً عندنا ذنوب كثيرة جداً عندنا ربا، عندنا طائفية، عندنا عداوات فيما بيننا، عندنا أناس يشربون الخمر كثير، وأناس يكفرون كثير، وأناس يلعنون الصحابة كثير، وأناس يلعنون آل البيت كثير، وآخرون يلعنون النبي كثير وأنت تعرفين هذا وحينئذٍ لأنه يحبكم رب العالمين إذا أحب الله عبداً ابتلاه ويتمنى أهل البلاء لو ضاعف الله عليهم البلاء فهذا البلاء الذي أنتم فيه بما أنكم موحِّدون هذا مكفر للخطايا. للكافر البلاء انتقام تقديم (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ ﴿21﴾السجدة) ولكن للموحِّدين تكفير للذنوب وإن شاء الله ذنوبكم مُكفّرة وفعلاً هو من علامات الساعة (لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم الهرج القتل القتل القتل) وها هو يحدث وليس فقط في العراق بل في العراق وفلسطين وأفغانستان وباكستان والشيشان والجزائر والبقية تأتي، نصف الأمة الآن تعاني من القتل والنصف الآخر قادم.

سؤال من إحدى المشاهدات من ألمانيا: سؤال عن صلة الأرحام وشهر رمضان أنا عندي أخي وبنت خالتي، أخي صار له أكثر من أربع خمس سنين لا يحب أن يتكلم معنا فهو مقاطع والدي ومقاطعنا ولا أدري لماذا؟ وحاولت كثيراً أن أتكلم معه ورغم أنه قد تغير معنا لفترة للأفضل عندما كان في العراق إلا أنه عاد وقاطعنا عندما عاد لألمانيا. وبالنسبة لأبنت خالتي حاولت أكثر من مرة أتصل بها وأتكلم معها لكن خالتي طلبت مني ألا أكلمها مرة أخرى لأنها ابنتها تتضايق إذا علمت أنكم تريدون أن تكلمونها وأنا لا أدري ما هو وضعي فمن كم سنة وأنا أصوم لكن لا أعرف هل صيامي مقبول أم لا؟ الإجابة: لا أنت سليمة أما أخوك فهذا أخٌ هالك إذا بقي على هذه الحالة فهو هالك لا محالة ولو أنه قُتِل على يد القتلة في العراق لكان أفضل فعلى الأقل يموت شهيداً أما هذا الذي هو فيه فهي مصيبة سوداء لا يتكلم مع والده ولا مع أخوانه ولا أخواته فهو هالك وأنتم سليمين وكذلك بنت خالتك بما أنك حاولت تكلمينها ولم تقبل هي فأنت سليمة وأخذت سبعين رحمة وهي لا رمضان لها إذا لم تعد وتكلمكم وتقطع هذا الهجر، فأنت في خير إن شاء الله.

هكذا هو الأمر إذاً موضوع السعادة والشقاء توفيق من رب العالمين عز وجل فندعو الله دائماً بالسعادة لنفسك وأولادك وإخوانك والناس أجمعين وأن يكشف الله هذا البلاء وهذه الغُمّة عن هذه الأمة وأن يوحد قلوب المسلمين وأن يرفع المصائب عن البلدان التي صُبَّت عليها المصائب صباً. من أجل هذا هذا العمر الذي وهبنا الله إياه هو مطيتنا إلى الآخرة، حسابنا يوم القيامة على كل ما جرى فيه هي بالمقاييس الشرعية التي شرعها الله لكل عباده. من أجل ذلك علينا أن نعرف بأن الله سيحاسبنا على كل حركة وسكنة (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴿18﴾ ق) الليل والنهار- وهي أعمارنا- الليل والنهار مطيتنا إلى الآخرة. وإياكم والتسويف فإن الموت يأتي بغتة ولا يغترنّ أحدكم بحِلم الله. وحينئذٍ هذا الرمضان القادم فرصةٌ عظيمة من رب العالمين وهي تطبيق لرحمته ورأفته بالناس (وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿20﴾ النور) فاغتنوا هذه الفرصة وأحسنوا الصوم في هذا العام إحساناً كاملاً بعدم الغيبة وعدم الهجر بينكم وبين أي إنسان من المسلمين وحينئذٍ بإذن الله سوف تجدون بأن أعمار المسلمين كانت سعيدةً ومثمرة والله سبحانه وتعالى يجعلنا من الناجين يوم القيامة. هناك من الطغاة والبغاة من يتمنى الناس موتهم اليوم قبل غد ولكن مع ذلك يمد في أعمارهم والله سبحانه وتعالى يقول (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴿178﴾ آل عمران) وهذه حكمة الله عز وجل، وفعلاً رب العالمين بالناس رحوم ورحيم وحينئذٍ رب العالمين يعلم أن هذا العبد أخطائه كثيرة ورب العالمين يريد أن ينجيه فيسلط عليه هذا البلاء (إن العبد لتسبق له المنزلة عند الله فلا يبلغها بعمل فيسلط الله عليه الهم) فهذه الشعوب فسقت فرب العالمين يعطيهم حاكم ظالم يكفر عنهم كل سيئاتهم. ما من مصيبة تصيب الإنسان في عمره أعظم من كونه لا يصلي مع أن الصلاة لا تأخذ منه إلا جزءاً يسيراً من عمره ففي الأربع والعشرين ساعة إذا كان المسلم مصلياً ويصلي خمس أوقات في المسجد تأخذ من الأربع والعشرين ساعة ساعة واحدة على الكثير، معنى هذا أنه إذا صار عمره ثلاثة وستين سنة وهو عمر متوسط الأعمار ثلاثة وستين سنة معناها أن الصلاة أخذت منه سنتين وسبع أشهر وخمسة عشر يوماً كل ما يعطي لله عز وجل من عمره في الصلاة في ثلاثة وستين سنة سنتين وسبعة أشهر وخمسة عشرة يوماً لقاء ذلك الملك العريض (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴿20﴾ الإنسان) ما قيمة سنتين في عمرك كله ثلاث وستين سنة وثمنه الجنة؟!. إذاً هكذا هي الأمور هذا عمر الإنسان وهو مطيتنا إلى الآخر وهو ذاهبٌ لا محالة بخيره وشره فمن الخسارة أن يمر العمر بلا فائدة ولا عبادة ولا صدقة جارية وحينئذٍ يصبح عمر الإنسان كعمر الحيوان. وهذه الأمة مباركة الناس تصلي وتصوم وتربي عوائل وتنفق على أولاد وتشارك في الحياة الاجتماعية وتبني رغم أن مفسدات الصيام كثيرة نحن لا نطلب منك أن تكون مثالياً ليس مطلوب منك أن تكون نبياً ولا صدِّيقاً لكن هذه الأمة من فضل الله الخمر فيها أقل من غيرها والربا فيها أقل والمصلون الحمد لله كُثُر والمسلمون في حياتهم الاجتماعية متواصلون جارٌ وصديق وابن عم وضيف الخ (الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة) نحن نريد الكمال نريد من هذه الأمة أن تعود إلى صفائها وكمالها ولهذا فالخير فيها لو قارنتها بكل الأمم من حيث العلاقات الأسرية والاجتماعية لرأيت الفرق شاسعاً والتماسك الأسري ومسؤولية الأب عن الأولاد والأولاد عن إخوانهم ورحمهم شيءٌ عظيم لكن نريد الكمال. حقيقة في هذا العصر لظروفه شاعت مسألة الربا في الفوائد والبنوك و99% لا يقبلون هذا ومسألة ترك الصلاة بدأت تتسع قليلاً عند بعض الشعوب وعند بعضها تضيق وإن شاء الله يوماً بعد يوم إن شاء الله تزول هذه الآفة ولا تنسى أن الوضع العالمي الآن هذه الحرب على المسلمين أيضاً لها آثارها واتهام المسلم بأنه كذا وكذا وكذا.

برامج الشيخ في رمضان:

  1. على سما دبي برنامج يومي قبل الإفطار بعنوان (إن هذا العبد يحبه الله) قبل الإفطار بدقائق.

  2. على قناة دبي برنامج (للذين أحسنوا الحسنى) يتكلم عن التعامل مع الغير، التقوى في الإسلام كيف تتعامل مع الآخر حتى لو كان الآخر كلباً الكلب والقط والبئر والشارع، وسيكون موعده بعد صلاة العصر يومياً.

بُثّت الحلقة بتاريخ 24/8/2007م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها