منظومة العبادات المالية
الديّة– الكفارة – الهدي – الفداء – فك الرقبة – الزكاة – القربان – النذر – الإطعام – القرض – الدين – الضيافة – الزيارة – الصدقة – الهبة والهدية
حلقتنا لهذا اليوم نحن في حرف الواو وبقيت لنا كلمة في هذا الحرف وهي كلمة الودي (واو دال ياء) والكلمة الوحيدة الباقية في هذا الباب كلمة دية. والدية واحدة من منظومة العبادات المالية والعبادات المالية نوعين نوع من باب الفداء ونوع من باب القربان. والقربان عندما تقوم بتفجير دمٍ أو صدقة أو ما شاكل ذلك تقرّباً إلى الله عز وجل (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا ﴿27﴾ المائدة)، فالقربان إذاً كل شيء تقدمه لكي تتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى وخاصة ما يسيل دماً. النوع الثاني الفداء عندما تكون قد رهنت رقبتك بحقٍ ثقيلٍ أو غلٍ أو قيدٍ فعلته كمثلاً قتل النفس عمداً أو خطأً وكالجماع في نهار رمضان أو كنت أسيراً في حرب أو ما شاكل ذلك فتفدي نفسك أو مثلاً امرأة متزوجة تفدي نفسها من زوجها بأن تتنازل عن المهر وهكذا كل شيءٍ يخلصك من رقٍ أو قيدٍ في رقبتك أو وضعٍ لا تريده أو التزامٍ أو عقدٍ يسمى فداءً. معنى ذلك أن هذه العبادات المالية تدخل إما في نطاق الفداء وهي الدية والكفارة والهدي وفداء نفسه وفك الرقبة والزكاة كل واحد منها أنت بدونها هالك أو أن عملك باطل أو غير كامل فبهذا الفداء تتلافى النقص. وهناك عبادات مالية تدخل في باب القربان وحينئذٍ هذا القربان يقربك من الله عز وجل ويزيد من قربك منه وهي النذر والصدقة والدين والقرض والضيافة والهدية والهبة هذه الكلمات القرآنية التي وردت في باب العبادات المالية. نتكلم عنها واحدة واحدة باختصار من حيث العموم هذا الدين فيه إرادات عجيبة تكلمنا عنها في مرات سابقة لا بأس أن نعيد الكلام عنها باختصار شديد فنقول إن لله سبحانه وتعالى لهذه الأمة إرادات تبشره بأن النجاة ممكنة جداً (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴿27﴾ النساء) (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴿28﴾ النساء) (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ﴿185﴾ البقرة) (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ﴿26﴾ النساء) وهكذا إرادات في غاية الرحمة وفي غاية الرأفة وهي نعمة من نعم الله عز وجل جاءت على هامش إرسال محمدٌ عليه الصلاة والسلام إلى هذه الأمة وإلى كل العالم نبياً ورسولاً كما قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴿107﴾ الأنبياء) وهذه من الرحمات. من الرحمات أنك تستطيع أن تموت ولا ذنب عليك يمكن أن تخرج من ذنوبك كيوم ولدتك أمك وما من ذنبٍ إلا وهناك ما يكفره إما توبة أو استغفار أو فداء أو كفارة أو ما شاكل ذلك مما سنذكره في هذه الحلقة وفي الأخير تستطيع أن تفهم ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام “لا يدخل النار إلا شقي” معنى ذلك أن باستطاعتك ألا تدخل النار بإرادتك أي أن لك إرادة تستطيع أن تكفر جميع الذنوب بحيث باختيار كلِّ مسلمٍ وكل مؤمنٍ أن يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فإذا مات وعليه ذنوبٌ كثيرة فهذا من تقصيره هو وإلا فإن الله سبحانه وتعالى فسح له المجال أن يموت ولا ذنب عليه فإن لم يفعل فهو المسؤول حينئذٍ. نتكلم عنها باختصار شديد:
الدية: كما قلنا لتكفير القتل بأنواعه. حينئذٍ القتل تعرفون ماذا يعني أن تسيل دماً حراماً سواء كان عمداً أو خطأً، في كلا الحالتين بعبادة مالية هي الدية يكفِّر الله بها عن ذنوبك إذا رضي أهل القتيل بهذه الدية. فحينئذٍ هذه الدية فداءٌ لنفسك من جهنم فهي من أنواع الفداء.
الزكاة: كذلك الزكاة ما من رجلٍ يكسب مالاً إلا وفي هذا المال شيء من الحُرمة. من الصعب جداً طبعاً الآن نستطيع أن تقول من المستحيل أن تكون غنياً وجميع مالك حلال لا بد أن يكون فيه دَخَن حيث الآن المصارف والشركات وأنواع من التعاملات التجارية وكلُ شيءٍ فيها ليس واضحاً وضوحاً لماذا؟ الاقتصاد الآن أقوى من كل القوى في الأرض وحينئذٍ هذا الاقتصاد لا يأتي بسهولة ولا يأتي شرعياً إلا بشقّ النفس وإلا بأن تتضافر جهود العالم جميعاً، العالم كله يتفق على أن يتخلص من الربا ومن المعاملات المحرمة ومن ومن وهذا لم يحدث حتى الآن فلكي تكون غنياً لابد أن تتلوث بهذا الذي يجري في العالم وأنت حينئذٍ هالك فرب العالمين عز وجل جعل من ضمن ما جعل من فداء نفسك من النار الزكاة، فالزكاة هذه تطهِّر مالك مما لحق به من خبث.
الكفارات: كثيرٌ من تصرفاتنا اليومية قولاً وفعلاً هي خطأ أو خطيئة وحينئذٍ رب العالمين برحمته جعل لها ما يزيلها من هذا الوصف وينجيك منها حتى لا يبقى عليك ذنب بكفارة. مثلاً اليمين الكاذبة (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴿89﴾ المائدة) حينئذٍ هناك ما يكفِّر هذه الذنوب ولو شاء الله عز وجل لما فعل ذلك ولجعل في صحيفة سيئاتك كل يمينٍ كاذبة قلتها لأحد الناس ولكن من رحمة الله بهذه الأمة قال (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) حينئذٍ رب العالمين جعل لهذا الذنب والخطأ الكبير جعل له كفارة هي عبادة مالية.
الفداء: هذا فيه كثير من الأبواب. أنت أسير، أخطاؤك في الحج، القتل العمد، القتل الخطأ، هكذا ذنوب كثيرة إذا قدمت لها فداءً فإن الله عز وجل يغفر لك ذنبك (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴿4﴾ محمد) هذا للأسرى، (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴿229﴾ البقرة) المرأة التي تكره الحياة مع هذا الزوج الذي يقيدها بقيد الزواج ورقبتها مشغولة به وليس لها حرية الانفصال وهو لا يريد أن يطلقها تفتدي نفسها بما يسمى في الفقه الإسلامي بالمخالعة تعطيه من مهرها أو تعطيه ما أنفقه عليها بالاتفاق بينهما فحينئذٍ رب العالمين جعل هذا (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ) هي نفسها (بِهِ).
القربان: كما تعرفون فقط هو لمجرد أن تتقرب إلى الله عز وجل كالأضحيات مثلاً، الأضحيات، النذر، العقيقة، وما شاكل ذلك وما أكثرها هذه الأنواع هذا قربان وحينئذٍ رب العالمين سبحانه وتعالى قال (فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً ﴿28﴾ الأحقاف).
سؤال: أردت أن أسأل عن مفاتيح الرزق؟ الإجابة: مفاتيح الرزق أن تتوكل على الله عز وجل والدعاء والعمل عليك أن تعمل وأن تكون بارعاً في العمل وأن تدخل السوق وأنت خبيرٌ به وعليك أن تلقي شباكك في البحر لكي تدخل فيه الأسماك معنى هذا أنه لا ينبغي لك أن تتوسل وأن تعتمد على مقولات وأنت جالسُ في بيتك فلا بد أن تتحرك و(الرزق يجري وراء أحدكم كما يجري وراءه أَجَله) على شرط أن تبادل وأن تباشر الأسباب.
القربان: إذاً القربان هو كلُ دمٍ تقرّب فيه العبد إلى الله عز وجل. كانت الأمم السابقة يتقربون إلى الله بذبح البقر والغنم وفي التوراة على هذه الأمة تصفها بأن قربانهم دماؤهم وفي الحديث “الصلاة قربان كل تقي” إذا كانت القربان بشكل عام إزالة دم من عقيقة أو ضحية أو فدية أو هدي أو ما شاكل هذا فإن الصلاة أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله سبحانه تعالى. لأن القربان في اللغة جليس المليك الصالح إذا كان الملك له جليسٌ صالح يسمى قرباناً فاستعمل استعمالاً مجازياً على أن كل ما تتقرب به إلى ملك الملوك لكي تكون أنت حينئذٍ عند مليكٍ مقتدر (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴿55﴾ القمر) هذا قربان والقربان كله قربى، كله عبادة، لكن غلب عليها في الاستعمال والاستعمال يخصص اللغة أن القرابين ما كان فيه دم.
الهدي: كما تعرفون كل ما يذبح في الحج لجبر بعض الأخطاء وبعض النقص (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ﴿95﴾ المائدة) (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴿196﴾ البقرة) (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ﴿25﴾ الفتح).
النذر: أن توجب على نفسك ما ليس بواجب لحدوث أمر. لله عليَّ إن حدث كذا أذبح بقرة أو ما شاكل ذلك وقطعاً في الغالب هو مال، نعم قد يكون صوم وقد يكون صلاة لكن في غالب الأحيان يكون المنذور مالاً ولهذا تسمى النسيكة أي الذبيحة إذا كانت منذورة. النسيكة الذبيحة التي تذبح في الحج كل ذبيحة تذبح في الحج سواء كانت منذورة أو غير منذورة أو لخللٍ مال تسمى نسيكة (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴿196﴾ البقرة).
فك الرقبة: تعرفون هذا فك الرقبة في كثير من الذنوب والخطايا والآثام رب العالمين جعل أن فك الرقبة يلغي ذلك الذنب. القتل بأنواعه وبعض الذنوب الخطيرة كالجماع في نهار رمضان هكذا. والصدقة عموماً من القربات بشكل عام كفالة اليتيم، كفالة الأرملة، كفالة الرحم، قضاء الحوائج، إدخال السرور، وغير ذلك كل هذه من الصدقات التي هي اختيارية أنت لم تلزم نفسك بها ولكنها بنت ساعتها.
الإطعام: من العبادات المالية التي يحبها الله عز وجل (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿11﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴿12﴾ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴿13﴾ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴿14﴾ البلد) (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴿8﴾الإنسان) فالإطعام عبادة مالية عظيمة يحبها الله ورسوله.
القرض والدَيْن: تعرفون فضلهما الدين على عظمته ولكن القرض أفضل منه.
سؤال: سؤال عن كفارة الجماع في رمضان؟ الإجابة: إما عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين ستين يوماً أي لا يتخللها إفطار وهذا على الزوج حتماً أما على الزوجة إذا كان أجبرها فليس عليها شيء وإذا كانت مختارة فعليها عتق الرقبة ثم الصوم كما هو على الزوج.
القرض: والقرض طبعاً برغم أن الدَيْن عبادة عظيمة فإن القرض أعظم منه “وجد مكتوب على باب الجنة الدين بعشرة والقرض بثمانية عشر”.
الضيافة: من العبادات الجميلة وتعرفون عن ضيفي إبراهيم المكرمين (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ﴿69﴾ هود) وفي آية أخرى (بعجلٍ سمين) والضيافة غير الزيارة.
الزيارة أن يأتيك صديقٌ من مدينتك من مكان سكناك الضيف الذي يأتي إليك قاصداً من بعيد هذا الذي عليك أن تكرمه إكراماً مالياً متميزاً وتقدم له أفضل ما عندك أما الزائر لا تكفيه تمرات أو شربة لبن أو فنجان شاي هذا زائر.
سؤال: هل لي حق أن أطلب نفقة من أولادي فأولادي يهملونني وأنا رجل معاق ليس لدي شيء؟ الإجابة: فليسمعوني أولادك جيداً حتى لو كنت بكامل قواك وكنت بطلاً في الرياضة وقادراً على العمل وتستطيع أن تجد عملاً فأنت لا تلزم بإيجاد عمل وإنما على أولادك أن ينفقوا عليك حتى لو كنت قادراً على العمل ولكنك لا تعمل تقول أنا أريد أن أرتاح فبما أنني ربيتكم أنفقوا علي هذا الوالد فقط. بقية الأقارب الإخوان الأخوات الخ لا بد أن يكون من ضمن الشروط أن يكون عاجزاً عن العمل. الوالد فقط الوالدان الأم والأب ينفق عليهما الأولاد سواءً كانا قادرين أو غير قادرين على العمل برغم ما قد يساءل الأب لكنه واجب الأبناء أن ينفقوا على أبويهم بكل اعتبار وبكل حالة وليس هناك شرطٌ واحدٌ للوالدين بل “أنت ومالك لأبيك” هذا فقط للوالدين.
فك الرقبة: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿11﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴿12﴾ فَكُّ رَقَبَةٍ) فك الرقبة مادياً أو مالياً يعني أنت قد تفك عبداً لكي يصبح حراً وهذه (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴿32﴾ المائدة) وأحياناً فكها من التزام، عليه دَيْن، عليه قرض، عليه غرامة، عليه دية، حقيقة الديات التزام هائل وبالتالي هذا إذا لم يدفع الدية سوف يُعدَم. الدية صار عليها بديل من القصاص لأنه رضي أهل القتيل وأولياء الدم المهم كل مالٍ يفك رقبة المؤمن الملتزم من التزامه سواء كان التزامه بالسجن أو بإعدام أو ما شاكل ذلك أو برهن أو ببيع أو بمصادرة مال حينئذٍ هذا يدخل في باب فك الرقبة.
الهبة والهدية: أخيراً من العبادات المالية التي هي الهبة والهدية (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ﴿36﴾ النمل) من حيث أن هذه عبادة مالية تدخل السرور والفرح إلى نفس المهدى إليه وأنتم تعلمون أن إدخال السرور له أثرٌ عظيم في حياة البرزخ. فكلنا في البرزخ خائفون إلى حدٍ ما لرهبة الموقف وحينئذٍ إذا كنت قد أدخلت السرور على بيت من بيوت الناس المسلمين حينئذٍ فإن الله سبحانه وتعالى يخلق من ذلك السرور ملكاً جميلاً مؤنساً غاية الإيناس يؤنسك في تلك الحالة.
هذه المجموعة وهذه المنظومة تدخل تحت السخاء وأنتم تعلمون كم أن السخاء عند الله عظيم (تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله يستره له في الدنيا ويغفره له في الآخرة) والسخي حبيب الله.
سؤال: سؤال عن رجلٌ أصاب مالاً حراماً منذ سنين عندما كان في الخدمة قد يكون مأمور مخزن أو مسؤول رواتب الخ يعني تلاعب به الشيطان واختلس مالاً بعد فترة تاب الله عليه والحمد لله ويحاول أن يكفر عن هذا المال الحرام ولكن تعرف بعد مرور هذه السنين الطويلة وأيضاً أصحاب تلك الرواتب أصحاب تلك الأموال قد تفرقت بهم السبل وأنت تعرف ظرف العراق كيف السبيل إلى أن يتخلص من هذا المال الحرام الذي أصابه؟ الإجابة: ها أنت أجبت عن ذلك إذا لم يكن في الإمكان الذهاب إلى أصحاب المال وردِّ المال إليهم فإن عليك أن تتصدق به والثواب لهم وهذه إن شاء الله من الميسرات في هذا الدين من حيث أن بإمكانك أن تتخلص من كل حقٍ أو التزام من حقوق الناس لأن حق الله يُعفى، حق الله لا يصمد أمام ما شرع الله لنا من عبادات. عندنا عبادات كصوم رمضان (رمضان إلى رمضان كفارة) (الصلاة إلى الصلاة كفارة) الحج كفارة، العمرة كفارة، الجمعة إلى الجمعة كفارة، فما يصمد الذنب وسأذكر بعد قليل المكفرات التي مستحيل يبقى عليك ذنب ما دمت تقول لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبك وأنت من أهل القبلة هذه حقوق الله لكن حقوق الناس لا ينفع لا بد أن تؤديها من دماء أو أموال أو أعراض أو ما شاكل ذلك. حينئذٍ ما استطعت أنت تسده سده وما لا تستطيع فمن هذا المال أنفقه في سبيل الله ورب العالمين أين يذهب بأجره وإن شاء الله هذا من المكفرات لذنبك، ناهيك عن كما سأذكر بعد قليل الذنوب هذه كلها مهما كانت ومهما بلغت بأسباب كثيرة تذهب وتندثر كما سأذكره بعد قليل.
ابن عباس رضي الله عنه يقول (في سورة النساء ثماني آيات هي خيرٌ للمؤمن مما طلعت عليه الشمس وغربت) من ضمنها (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴿26﴾ النساء) تلاحظون أن فعل أراد في القرآن الكريم فعل جميل ومقدس وكريم إن لله إرادات في غاية الجمال (يريد الله بكم اليسر) (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) (يريد الله ليتوب عليكم) نحن دائماً نقول أن في القرآن الكريم إعجاز لغوي هائل فرقٌ كبير بين (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) وبين (يريد الله ليتوب عليكم) الفعل أراد إذا كان الفعل متعدياً بنفسه أردت الخير، أردت الصلاة، أردت الصوم هذا شيء ثاني نتكلم عن الفعل أراد إذا كان معموله مكوناً من (أن والفعل) (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) هذه (أن) إما أن تكون ظاهرة (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) أو تكون مستترة خلف اللام (يريد الله ليتوب عليكم) عندما يقول رب العالمين (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) أي أن الله سبحانه وتعالى أطلق إرادته وأعلنها أنه يريد أن يتوب على هذه الأمة حتى لا يبقى عليها ذنب (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿118﴾ التوبة) تاب الله عليهم شرّع لهم التوبة قال لهم إذا توبتم أنا أغفر لكم هم تابوا فعندما تابوا رب العالمين نفذ وعدهم فتاب عليهم. معنى هذا أن توبتك يا أيها العبد هي توبة بين توبتين من الله عز وجل توبة العبد توبة بين توبتين التوبة الأولى التشريع والتوبة الثانية من الله القبول حينئذٍ رب العالمين إذا قال (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) أعلن التوبة، أعلن أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يغفر ذنوب هذه الأمة وإذا قال الله (ليتوب عليكم) أي لأن يتوب عليكم (أن مضمرة بعد اللام) معنى هذا أن الله اتخذ الأسباب لكي ينفذ تلك الإرادة، مثلاً (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴿32﴾ التوبة) وفي آية أخرى (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ ﴿8﴾ الصف) الأولى أنهم أعلنوا الإرادة نريد أن نطفئ الإسلام بأي عذر، بالحرب على الإرهاب، بحقوق الإنسان، بأي حجة أسلحة دمار شامل، نريد أن نقضي عليه هذا إعلان الإرادة تصميم النية، (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا) دخل اللام وأصبحت الـ (أن) مضمرة اتخذوا الأسباب أتوا بجيوشهم وكذا وقاتلوا وانتهوا فرب العالمين آيتان (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) و (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴿26﴾ النساء) أي وليتوب (يريد الله ليتوب عليكم).
سؤال: شخص أعرفه توفى وعليه دين وأردت أن أسدد له دينه ولكن أنا علي دين أيضاً فهل يجوز أن أسدد دينه؟ الإجابة: لا، لا يجوز لك أن تتصدق على أحدٍ إلا بعد أن تسدد دينك لا تحج ولا تعمل ولا تعطي ولا تدعو أحداً إلا أن تسدد دينك أولاً خشية أن تموت قبل أن تسدده ونفس المؤمن معلقةٌ بدينه لا ترتفع حتى يُقضى ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ما صلى على رجل مؤمن ولكنه مات وهو مدين حتى قام أحد الناس وقال أنا سأوفي دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الآن) فقام وصلّى. معنى هذا أن كل من يموت وعيه دين موقفه في غاية الحرج لا ترتفع روحه وتبقى روحه معلقة وهذا قلقٌ للميت ما بعده قلق كالذي يعود من السفر مشتاقٌ إلى أهله ثم يلقى عليه القبض في المطار ويحبس في غرفةٍ منفرداً فيها سجن إنفرادي أربعين خمسين سنة لا يسمح له بأن يزور أهله وأهله بينه وبينهم أمتار أيُّ شقاء وأيُّ عذابٍ هذا فما بالك بعذاب البرزخ فأسرع بوفاء دينك.
سؤال: هل يجوز أن تطلب المرأة مصروف شهري شخصي للزوجة من زوجها؟ الإجابة: هذا أمر طبيعي فالزوج مجبر أن ينفق على زوجته وعلى البيت أما المصروف الشخصي إذا كان الزوج مستطيعاً فهذا من لوازمه الأدبية وليس من لوازمه القانونية. يا ابنتي فكل شيء فيه واجب قضائي وواجب ديني وأخلاقي وإنساني فالمرأة إذا أنفق الرجل عليها بالملابس والطعام خلاص ليس لها شيء ثاني هذا حكم قضائي ففي المحكمة يقولون لك خلاص ما دام الرجل ينفق على البيت فليس لك شيء لكن هذا حق قضائي. أما الحق الإنساني والحق الأدبي والحق التعبدي النبي صلى الله عليه وسلم يقول (أنفق عليهن من طَوْلِك) ما دمت تستطيع أن تنفق عليها إضافة إلى ما أوجب الشرع عليك فأنفق ولهذا قال: (يا رسول الله الدينار أضعه في يد مسكين والدينار أضعه في سبيل الله) أي في الجهاد (والدينار أضعه في فيّ أهلي) أي في فم زوجتي أو بناتي أو أولادي (أيها أفضل؟ قال: الدينار في فيّ أهلك) إذاً الإنفاق على الأهل مكرمة لكن ليس واجباً قضائياً وإنما هو واجبٌ تعبدي.
إذاً قلنا بأن هذا الدين يتيح لك فرصة باختيارك أنت وحيث ما كنت أن تموت وليس عليك ذنب. أي ذنب ترتكبه هناك عبادات مالية أو بدنية أو لسانية أو قلبية أو بلاء من الله عز وجل يجعلك تخرج من ذنوبك كيوم ولدتك أمك.
سؤال: سؤال عن ما حدث في العراق أن كثير من الناس أخذوا من الأموال العامة فهل يجب رد هذه الأموال وإلى من ترد؟ الإجابة: والله يا ابني هي هذه المصيبة التي وقع فيها العراق وربما تقع في التاريخ كثيراً هذه البلاءات (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ العنكبوت) هذه الفتن التي كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً) يعني هو أصبح مسلماً الرجل لكن قال النبي (باع دينه بعرض من الدنيا) كل الأخبار تقول بأن هناك مليارات مئات المليارات اختفت سرقها الناس سرقها المسؤولون الحكام والوزراء والمليشيات مليارات وليست دنانير وألف درهم بل مليارات آلاف المليارات انتهت طيب هذا يوم القيامة لمن يؤدي؟ هذا الغلول سرقة أموال الدولة من الخطورة بمكان لماذا؟ أنت عندما تسرق مني أنا فأنا أكون خصمك أعفو عنك تأتي وتطلبني العفو أعفو عنك. أما أن تسرق أموال شعب كامل فكيف تأتي بـ 25 مليون عراقي وتطلبهم العفو؟ لأن هذه كلها أموال الناس ولهذا ما من مصيبة أعظم يوم القيامة من الغلول وهو أن تسرق أموال الدولة من أجل هذا أنتم في ورطة كبيرة بقدر ما أن من عاش هذه الفترة ولم يأخذ فلساً حراماً هذا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين (النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴿69﴾ النساء) الطمع في الأموال الآن في العراق باعتبارها الفوضى الخلاقة، هذه الفوضى الخلاقة فتحت شهية الناس وكما يقول المثل المال السايب يعلم السرقة والمال سائب لا حدود له من أجل هذا هلك من هلك عن بينة ونجا من نجا عن بينة وأنت حر فيما بينهما فإذا كنت قد تورطت بسرقة لأموال الدولة أنفقها على أي شريحة من شرائح الشعب فإن هذه أموالهم ولا يوجد في العراق جهة واحدة أمينة على هذه الأموال فأنت كن أميناً وزِّعها على العوائل الفقيرة فأنت بهذا يغفر ذنبك وتأخذ إن شاء الله درجات وحسنات لعملك وصنيعك هذا.
من رحمة الله عز وجل كما قلنا بهذه الأمة التي قال فيها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) وهذه الرحمة جعلت الأحكام مخففة ورفع الله الحرج عن هذه الأمة فقد ميزها بأن جعل تشريعها متدرجاً ورفع عنها الحرج. كل شيء لا تستطيع أن تفعله أو يشق عليها ويصعب جعل له بديلاً أنت لا تستطيع أن تصوم ادفع فدية، إذا لم تكن تستطيع الصوم من سفرٍ أو مرضٍ أو ما شاكل ذلك، أنت قتلت تراضى مع أهل القتيل (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴿178﴾ البقرة) وهكذا. حينئذٍ رب العالمين عز وجل بهذه المنظومة ما ترك لأحدٍ عذراً كما قال تعالى (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴿165﴾ النساء) شخص قتل والقتل وارد فأول جريمة على وجه الأرض كانت القتل بين هابيل وقابيل وحينئذٍ تأمل لو أن الله أمرك بما أمر به بني إسرائيل قال (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴿54﴾ البقرة) لا يتوب الله عليكم إلا إذا انتحرتم بعضكم قتل بعض أما في الإسلام الله قال (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) أيُّ رحمة هذه؟!.
سؤال: أمي تريد أن تستفسر عن مالٍ أعطته لتاجر كي يتاجر به مقابل أن يعطيها نصيباً من الأرباح في كل شهر غير محدد هذا النصيب من الأرباح؟ الإجابة: إذا لم يكن محدداً فهو جائز فإن كان محدداً فهو ربا.
حينئذٍ نقول رب العالمين جعل هذه كما قلنا شخص قتل أو جامع زوجته في نهار رمضان والكل يعرف أن الأزواج بشوقون إلى زوجاتهم في صباح رمضان بشكل عجيب ما التقى زوج بزوجته في الصباح من الصبح إلى الظهر بمداعبة بكلمة بسالفة إلا فقد السيطرة وبالتالي هذا هلاك (من افطر يوماً من رمضان عامداً متعمداً لم يغنه صوم الدهر وإن صامه) ما هذا؟ مصيبة ولكن رب العالمين قال اعتق رقبة أو صم شهرين متتابعين. آخر قتل (لن يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً) وفي بعض أجزاء التاريخ صار الدم الحرام مسفوحاً (لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم الهرج القتل القتل القتل حتى يقتل الرجل أخاه وجاره وابن عمه حتى لا يدري القاتل لما قتل ولا المقتول فيما قتل) هذا يجري الآن في العراق بالضبط وصدق رسول الله الذي ما ينطق عن الهوى. حينئذٍ شخص تاب كما ذكر الأخوان الآن شخص تاب شخص سرق أموال بالملايين ثم تاب فرب العالمين فتح باب التوبة (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) (يريد الله ليتوب عليكم) اتخذ الأسباب ومن ضمنها التوبة. عبادات قلبية بالندم عبادات لسانية أستغفر الله العظيم (من سرّه أن يرى صحيفته يوم القيامة فليكثر من الاستغفار) وإبليس هذا يقول (أهلكنا الناس بكثرة الاستغفار) والاستغفار لا يبقي ذنباً وما عليك إلا أن تعيد الحقوق إلى أصحابها إن كان ذنبك من حقوق العباد وأن تستغفر الله إن كان من حقوق الله.
سؤال: سؤال عن دين لدي لا استطيع أن أوفيه؟ الإجابة: أولاً المفروض كل عليه دين لا يستطيع الوفاء به أن يتفق مع الدائن لتخفيف المبلغ وهذا متعارف عليه في الأسواق وفي الشرع (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴿280﴾ البقرة) اطلبي منه صاحب الدين أن ينزل لك قسماً من الدين هذه الخطوة الأولى بأن تتفقي مع الدائن بأن ينزل لك من المبلغ ثم اطلبي منه أن يقسطه لك إذا قسطه فبها وإلا اذهبي إلى من تعرفين من أصحاب الخير لعلهم يعينونك وحينئذٍ هناك طريقة للوصول في النهاية إلى سداد الدين إن شاء الله.
سؤال: لو أخذت مبلغاً من شخص من فترة طويلة وهذا الشخص لم أعد أراه وبحثت عنه ولم أجده فكيف أسدد هذا الدين؟ الإجابة: إذا كنت تعرف أهله فأعطي المبلغ لأهله وهم ورثته وإذا كنت لا تعرف فتصدق به على نية أنه إذا عاد في يوم من الأيام تسدد له تخبره أنك تصدقت بالمال عنه إذا لم يوافق وأراد ماله عليك أن تعطيه ماله أما إذا قال لك جزاك الله خير فجزاك الله خير.
سؤال: أخي توفى فجأة وكان عليه ديون عدة لأكثر من شخص ومبالغ كبيرة فعندما توفي بعض الناس سامحوه والآخرون لم يعرفوا أصلاً بوفاته لكن بالنهاية هنالك مبالغ متراكمة عليه هو لم يترك شيئاً كإرث وكان عنده طفل لم يولد بعد وطفلة عمرها سنتين فمن الورثة التي تعتبر شرعية وغير هذا ليس لديه شيء وأهله غير مستطيعين أن يسدوا الديون التي كانت عليه وللعلم أن ديونه قد أخذها لسد دين شركة عائلية وليس ديناً شخصياً له هو وهو متوفي منذ فترة ونحن لا نعرف ما الحل في هذا الموضوع؟ الإجابة: عليكم أن تحصوا الدائنين يا جماعة من يطلب أخونا؟ فإذا جاء الدائنين أحصوهم وأخبروهم أنكم أنتم ناوين إن شاء الله على مدى الزمان أن توفّوا هذا الدين على قدر الاستطاعة فإن وافقوا فبها وإن لم يوافقوا فالأمر لله عز وجل يبقى يوم القيامة أملنا بالله عظيم عندما ينزل الله عز وجل للفصل بين الخصوم. رب العالمين ينزل يوم القيامة كل اثنين عندهم مشكلة دماء وأموال وغيبة أنواع الحقوق المتبادلة بين الناس ويقف المتخاصمان أمام رب العالمين فرب العالمين يسمع حجتهما ثم يقول لصاحب الحق وطبعاً ذاك المعتدي ما عنده شيء يوفيه فرب العالمين يقول لصاحب الحق انظر فوق فينظر فوق فيرى ملكاً لا يعرف حجمه فيقول يا رب هذا لأي نبي هذا الملك العظيم؟ يقول له هذا لك، قال لي أنا؟ قال نعم إن عفوت عن أخيك. قطعاً سوف يعفو كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم فيعفو عنه ويأخذ ذاك المجد العظيم لقاء تنازله عن حقه. إن شاء الله تشمله هذه ولا أظن أن عبداً من عباد الله يصمد أمام ذلك النعيم الذي سوف يراه جنة عرضها السموات والأرض لقاء تنازله عن حقه عن كم درهم وحينئذٍ كرم الله واسع من أجل هذا عليك أن تشكري الله سبحانه وتعالى على رحمته على أنه الرؤوف الرحيم إن شاء الله.
سؤال: ما هو مدى الواجب المالي الذي يترتب على الزوج تجاه والدي الزوجة في حال كان لديهم معيل أو لم يكن لديهم معيل؟ الإجابة: الزوج ليس مسؤولاً عن والدي الزوجة إلا من باب الكرم والإنسانية أما كحق شرعي أو قانوني غير مسؤول مطلقاً وحينئذٍ لا شيء عليه لكن طبعاً من باب الكرم والوجاهة والإنسانية والألفة أنهم أصبحوا عائلة واحدة فمن الطبيعي أنهم يتساعدون هذا يساعد هذا وهذا مما يدخل السرور على الجميع فإن كان الزوج حرفياً وحدياً أو فيه شيء من البخل ليس مسؤولاً ولا مطلوب منه شيء بل لا يليق بأهل الزوجة أن يطالبوه وكأنه حقٌ عليه إلا إذا كان هو باختياره.
فإذاً إضافة إلى هذا الذي ذكرناه هناك الندم والندم توبة. كل ذنب كل ذنوبنا هناك عبادات يومية وهي الصلاة إلى الصلاة كفارة والصيام إلى صيام رمضان كفارة والجمعة إلى الجمعة كفارة والحج كفارة وصلاة التهجد وصلاة الليل وهناك البلاء كل ما تكرهه نفسك حتى الشوكة، الصداع يكفر الذنوب، الحمى تكفر الذنوب، الهمّ يكفر الذنوب، الحزن يكفر الذنوب، كل شيء الحرّ، البرد، ثم هنالك أيضاً المواسم صيام عرفة، النصف من شعبان، عشرة محرم. النوافل وما أكثرها هذا التهجد بالليل الركعتان، صيام ثلاثة أيام في الشهر أو الاثنين والخميس، الوضوء على المكاره كأن يكون الجو بارداً أو أن تكون مريضاً، وصلاة العتمة في المساجد وارتياد المساجد خاصة صلاتي العشاء والفجر أعجوبة العجائب فهذه يوم القيامة لا تبقي شيء من حيث أنها ستوفر لك طاقة كهربائية هائلة (بشّر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ﴿12﴾ الحديد) وإذا غمرك الله بالنور يوم القيامة تحمّل عنك كل خطاياك. ومن مصادر النور هي هذه أن تصلي المغرب والعشاء والصبح في المسجد واحدة من الأسباب وأسبابها كثيرة والمنجيات كثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة و ترجيع الأذان والذكر هذا أعجوبة سبحان الله وبحمده مائة مرة تغفر الذنوب ولو كانت كرمل عالج، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة، كفالة يتيم، كفالة أرملة، كفالة مسكين، إكرام جار، إكرام ضيف، يمكن للمسلم من ساعة ما يستيقظ إلى ساعة ما ينام كل حركة يتحركها تكون من مكفرات ذنوبه من ضمنها أن تخرج صباحاً إلى عملك بنيّة أن تكفّ عيالك وأن تُعيلهم (إن من الذنوب ذنوباً لا يغفرها إلا الهمّ للعيال) (إن من الذنوب ذنوباً لا يغفرها إلا الهمّ للمعيشة) والصبر على المكاره والسلام أن تسلِّم على من عرفته ومن لم تعرف، أن تكون عادلاً سواء كنت موظفاً أو حاكماً أو وزيراً أو أميراً أن تعدل بين اثنين (عدل ساعة يساوي عبادة ستين عاماً) شخص ستين سنة يصوم النهار ويقوم الليل ويصلي كل الأوقات في المساجد وآخر عدل بين اثنين حاكم أو رئيس وزراء أو قاضي من قضاة المحكمة حقق العدل بين اثنين بساعة بنصف ساعة، بربع ساعة، بعشر دقائق، هذه الخمس دقائق، العشر دقائق تساوي عبادة ستين سنة. ومن مشى وراء جنازة إيماناً واحتساباً يعود من ذنوبه كيوم ولدته أمه، واحد بكى من خشية الله الخ. فحقيقة حيث ما التفت تجد أن الله نفذ قوله تعالى (يريد الله ليتوب عليكم) شرع الأسباب التي لا تبقي على المؤمن ذنباً حينئذٍ تفهم معنى قوله عليه الصلاة والسلام (لا يدخل النار إلا شقي) (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿42﴾ المدثر). وحينئذٍ هكذا هو هذا الدين وهكذا هي هذه المنظومة التي شرعها الله سبحانه وتعالى لكي لا تعتب على الله يوم القيامة أن أدخلك النار فقد دخلتها باختيارك وبغباء وبكسل وكانت في متناول يدك (الجنة أقرب إليك من شسع نعالك والنار أقرب إليك من شسع نعالك) اختر إما هذا وإما هذا وباختيارك أنت وكلٌ منها ميسورٌ لديك حالك حال الآخرين أنت الذي اخترت النار بنفسك. حينئذٍ نقول إن هذه المنظومة المالية التي شرعها الله عز وجل لكي لا تبقي عليك ذنباً هي من رحمة الله (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴿156﴾ الأعراف) ورب العالمين عندما قال (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) بعد كل هذا الذي قلناه حتى إذا لم تفعل شيئاً من ذلك هناك هذه الشفاعة الكبرى (شفاعتي حقٌ لأهل الكبائر من أمتي) فصلّوا على سيدنا محمد واشكروا الله عز وجل على فضله وعلى كرمه فهو أكرم الأكرمين.
بُثّت هذه الحلقة بتاريخ 11/1/2008م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها