سورة الفاتحة:
(الْحَمْدُ للّهِ (2) الفاتحة) هل سألنا أنفسنا ما معنى الحمد لله؟ إن الحمد هو الثناء على الجميل من نعمة أو غيرها مع المحبة والإجلال. فالحمد أن تذكر محاسن الغير ولا يكون الحمد إلا للحيّ العاقل أما المدح فلا يختص بشيء معين فقد تمدح حيواناً مثلاً كأن تمدح الديك ولكنك لا تحمده. وفرق آخر أن المدح قد يكون قبل الإحسان وقد يكون بعده أما الحمد فإنه لا يكون إلا بعد الإحسان لذلك لا نحمد إلا من يستحق الحمد بفعل جميل أو صفة حسنة أما المدح فقد أمدح إنساناً ولم يفعل شيئاً من المحاسن ولذا نهينا عن المدح وأُمرنا بالحمد فقد قال r: “احثوا التراب في وجوه المدّاحين” في حين قال ” من لم يحمد الناس لم يحمد الله” فكان الحمد أولى من المدح.
لو تقصينا الفرق بين المدح والشكر نجد أن الشكر لا يكون إلا عقب نعمة أو إحسان أُسدي إليك دون غيرك ولا يكون في الصفات فأنت لا تشكر الشخص على عِلمه أما الحمد فإنه لا يختص بذلك فأنت تحمد الله على إنعامه لك ولغيرك وتحمد الله على قدرته وعلمه وفضله فكان اختيار الحمد أولى من الشكر أيضاً.
(الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (3) الفاتحة) فيه إضفاء الأمل في قلبك أيها العبد الفقير إلى رحمة ربك فصيغة فعلان أي (الرحمن) تفيد الدلالة على التجدد كقولنا عطشان فهي لا تدل على الثبوت بل على التجدد والامتلاء بهذا الوصف وصيغة فعيل أي الرحيم تدل على الثبوت في الصفة كقولنا طويل أو جميل فجاء السياق القرآني بهاتين الصيغتين للدلالة على أن رحمته سبحانه وتعالى ثابتة ومتجددة فالعطشان يذهب ظمأه إن شرِب ولكن الكريم لا تزول عنه هذه الصفة ولو افتقر فكان الترادف بين الصيغتين فعلان وفعيل أي الرحمن الرحيم يبث في الحنايا الرحمة الدائمة التي تباشر العباد.