إعداد موقع إسلاميات
في سورة النور قال الله تعالى (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢٤﴾) بعد أن ذكر في السورة حديث الإفك (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴿١٥﴾) فقدّم شهادة الألسن على شهادة الأيدي والأرجل لأن حديث الإفك تناقلته الألسنة وأشاعته بين الناس فناسب أن تشهد هذه الألسن يوم القيامة على أصحابها بما لاكته افتراءً في حق أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها المبرّأة من الله سبحانه وتعالى في قرآن يُتلى إلى يوم الدين.
وفي سورة يس قال الله تعالى (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿٦٥﴾) فختم الله تعالى على الأفواه فلا تتكلم يومئذ ولا تشهد وإنما الذي يشهد عليهم ويتكلم هي أيديهم وأرجلهم. وذكر كلام الأيدي لأن في سورة يس ذكر الله تعالى قصة أصحاب القرية التي أرسل الله تعالى رسولين فكذبوهما وعززهما بثالث فكان رد أصحاب القرية وعداوتهم للرسالة وللمرسلين (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾) والرجم عمل الأيدي لذلك ستتكلم أيديهم يوم القيامة بما اقترفته في حق رسل الله تعالى لهم وكذلك ما اقترفته أيديهم بحق الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة ينصر رسل الله تعالى وينصح قومه باتباعهم فما كان منهم إلا أن قتلوه والقتل من عمل الأيدي، فناسب أن تتكلم الأيدي في آية سورة يس ويُختم على الأفواه فلا تتكلم ولا تشهد ولا تدافع! وشهادة الأرجل (وتشهد أرجلهم) تناسب سياق السورة أيضًا لأن أصحاب القرية لا بد وأنهم سعوا بين أهل القرية حتى يمنعوهم عن الإيمان بالرسل واتّباعهم فستشهد عليهم أرجلهم بكل خطوة خطوها بين الناس لتحريضهم على رفض دعوة المرسلين.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم
——————
اللهم صُن ألسنتنا عن قول الزو وشهادة الزور والكذب والافتراء واللغو وصُن أيدينا من الحرام ومن القتل والعدوان والأذى وصُن أرجلنا عن السير في معصية أو إلى معصية…
اللهم اجعلنا ممن تشهد لهم جوارحهم يوم القيامة واستر ما اقترفناه على أنفسنا مما علمتَ ولا تخزنا يوم العرض ولا تهتك لنا سترًا سترته علينا في الدنيا يا ستّير…
صفحة إسلاميات