وسوس إبليس لآدم u حينما قال له (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين) مع أن الله تعالى ضمن لآدم الحياة الهنية في الجنة (إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى) فلِم تنازل آدم أو تناسى أو ترك كل هذا وإنصرف إلى وسوسة الشيطان؟ ما هو التقييم لهذا الموقف والدروس المستفادة منه؟
نحن لم نشتغل في الآيات ولكنا نأخذ العبرة وهذا واقع حال الإنسان إلى يوم القيامة. الذي سرق ألف جنيه الساعة الرابعة عصراً مثلاً لو سلك طريقاً غير السرقة كان سيأتيه المبلغ لأن الرزق لا يمكن أحد أن يأخذه منك ولو لم يسرق لكان أتاه المبلغ بالحلال. والرسول r يقول عن الرزق: “لو ركب إبن آدم الريح فراراً من رزقه لركب الروق البرق حتى يقع في فمه” فأنت يا آدم ضمن الله تعالى رزقه وقال (ما من دابة في الأرض إلى على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها) كل الدواب سواء على الأرض أو تحت الأرض حتى الدودة تحت الأرض لو قال (على) لا تشملها. (في) تشمل فوق وتحت الأرض كله ضَمِ، الله تعالى لها الرزق.
هل حجة إبليس كانت أقوى أم ما هو واقع الحال؟
الإنسان لا يرضى بما عنده وإذا نظرنا إلى جميع مشاكلنا في البيوت المسلمة فهي إما ناتجة عن أن الزوج لا يرضى أو الزوجة لا ترضى والمشكلة هي عدم الرضا. “إرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس”. يجب أن نفهم ما هي قصة آدم في الدنيا. وما هو مفهومك للدنيا. وما في الدنيا بالنسبة لك هل هو ترف ومعازف؟ كلا يجب أن ترجع للخالق لتعرف منه أصل الحياة. حتى الآية لم نعرف أن نشرحها (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون)العبادة ليست صلاة وصوم وحج وغيرها فقط وإنما من عبادة الله تعالى أن تذهب لعملك في الوقت المحدد وتنتج وتسعى وتعمل وتجتهد. وهناك في مجتمعاتنا إفراط وتفريط أحدهما يقول الصلاة أهم ويبقى في المسجد والآخر يقول أعمل ولا أعبد ونحن أمة وسط. الحجة عند إبليس لم تكن أقوى ولو فكرت دقيقة لكان آدم قال لإبليس: كُل أنت من الشجرة. ما هو الخُلد؟. أي نعمة يتعرّض لها الإنسان في الدنيا إما تفرقه أو يفارقها. الرسول r ياخّص هذه المسألة فيقول: ” للانسان ثلاثة رفقاء في الدنيا مال وأهل وعمل المال لا يخرج من البيت والأهل يخرجون حاملين الميت إلى القبر لكن لا يدخلون معه القبر ولا يدخل معه القبر إلا العمل”
الحوار تحوّل من آدم إلى بني آدم. واقع الحال أنه ما كانت حجة إبليس أقوى ولكن المسألة مسألة جبِلّة، البشر مخلوقين على هذا إلا من رحم ربي لأن الإنسان الذي عنده قناعة تجده مرتاحاً أيّما راحة أما الذي ينظر ماذا عند هذا وماذا عند ذاك يتعب في حياته. 90% من المشاكل التي تُعرض علينا هي ناتجة من عدم الرضى وعدم القناعة. والباقي سوء فهم وغيره. الغالبية العظمى ليس عندهم قناعة. فهل من الصدفة أن أول آية في كتاب الله يوجهها لنا (الحمد لله رب العالمين) قل الحمد لله وهو سبحانه وتعالى قال (ولئن شكرتم لأزيدنّكم) وللأسف حالنا غير هذا إذا كان عند الإنسان وادي فهو يريد ثانياً. إبليس وجد آدم تربة خصبة لوسوسة في حين أننا لما تعلّمنا وتدبرنا وتفكرنا في القرآن وبحثنا وتعلمنا عن الرسول r يمكن أن نكتشف الوسوسة ونوقفها. فلا يجب أن نضيّع الأمانة التي معنا لأن الدنيا ستنتهي والنعمة ستزول ففارقها على طاعة ورضى وعلى مراد الله تعالى.
ماذا كان ينبغي على آدم أن يفعله ليتخلص من الموقف؟
آدم كان يجب أن يفعل هذا لأنه على مراد الله تعالى. أما بالنسبة لنا نحن نتعلم لما يُعرض علينا أو نضعه على ميزان لا إله إلا الله محمد رسول الله، هل يرضى الله تعالى بذلك؟ لما نسمع الوسوسة نفرّق إذا كانت من الشيطان أو من النفس ونعالج الوسوسة. كيف؟ لو عُرض على أحد السرقة يجب أن يبحث يجب أن يبحث لماذا عرضت عليه السرقة أو الزنا أو غيرها من المعاصي. إعمل مع نفسك فإذا فشلت تكلّم مع أحد ولا تترك نفسك وحدها. من تكبّر على واقع حاله بغروره في الإيمان أوقعه الله تعالى في براثن الشيطان لأنه لم يلجأ إلى الله تعالى. ومن إعتمد على عقله ضلّ. ذهب رجل إلى حكيم فقال إني أشكو مرض البُعد عن الله تعالى فقال له الحكيم: عليك بورق الإخلاص وعروق الصبر وعصير التواضع، ضع ذلك في إناء التقوى، صُبّ عليه ماء الخشية، أوقد عليه نار الحُزن (البكاء على الخطيئة)، صفّيه بمصفاة المراقبة، تناوله بكفّ الصِدق، واشربه من كأس الاستغفار، تمضمض بالورع، أبعِد نفسك عن الحِرص والطمع تُشفى من مرضك بإذن الله.
هذا الخليط من الصبر والتواضع والخشية والإخلاص والحزن وخاصة الصبر هو مناط كل نجاح وأي عيادة أو معاملة ناجحة محتاجة لصبر. الصلاة من غير صبر ى تنفع والحج من غير صبر لا ينفع. للأسف الآن إنعدم الإخلاص والورع والخشية والمراقبة وكل هذا بسبب البعد عن الله تعالى.
آدم أو بني آدم لم يشاوروا وكل يعتمد على عقله المليء بالأمراض والران على القلوب قد يجعل للشيطان طريقاً سهلاً لقلب الإنسان ليبعده عن الله تعالى. هل هناك مسالك للشيطان يدخل بها إلى الإنسان؟
نرى من أين قال الشيطان أنه سيأتي ونعمل عكسه: (ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) الأعراف) لم يذكر من فوقهم ولا من تحتهم لأن الفوقية محروسة بعناية الله تعالى والتحتية محروسة بالقيام والركوع والسجود. هاتان الجهتان ليس للشطان علاقة بهما فلو تمسكنا بعناية الله تعالى نبعد الشيطان عنا. (وما النصر إلا من عند الله) عندية النصر من الله تعالى فعنده النصر كله ومناط النصر من عندنا (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) نحن المقصرون ومن هنا هناك فرق بين من هو خارج من معية الله وبين من يجري لمعية الإنسان. الذي خرج لم يتعامل مع معية الله كما علمنا رسول الله r والآخر فهم فلجأ إلى الله تعالى. هذان يعطيانا الفكر السليم للخروج من النفس والشيطان. يُعرض عليك الأمر بالوسوسة فعليك أن تسأل نفسك هل هذا يقابل ما يرضي الله تعالى ورسوله؟ الذي ذهب للرسول r يستأذنه بالزنا فعالجه r بمنتهى الحكمة فقال له ترضاه لأمك، لأختك، لإبنتك والرجل يجيب كلا فيول له r كذلك الناس لا ترضاه ومسح على صدره وفيقول الرجل دخلت وكان الرسول r أبغض الناس إليّ وخرجت وهو أحبّ الناس إليّ. الرسول r إستفز منه مكامن الرجولة فعاد الرجل لأنه r أعطاه الحكمة من تحريم الزنا ففي الوقت الذي منعك الله تعالى أن تعتدي على الآخرين منع كل هؤلاء من الإعتداء عليك أيضاً. فالإسلام منهج ينبغي أن نعيشه. لا نسأل ما الحكمة من كذا وكذا لأنه إذا سألتها بالعبادة تنتفي العبادة.
الإنسان لما يقع في معصية الآن وتقول له عليك أن تفكر عندما تبدأ الوسوسة حتى لا تعمل المعصية فيقول لك ليس لدي وقت للتفكير أعصي ثم الله غفور رحيم. وهذا ما يريد الشيطان أن يسهّل المعصية ولكن علينا أن نكمل الآية فالله تعالى يقول: (نبّيء عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم).
من وسائل الغواية في القرآن (لأضلنّهم، لآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام، فليغيرن خلق الله) هذه أمثلة على وقائع تحدث آناء الليل وأطراف النهار. إنه قادر على أن يتحكم فيك لتخرق الناموس طاعة له وحده وهذه قمة وقاحة الشيطان لأننا إنفصلنا عن المنهج. حال بيننا وبين المنهج وأطرح سؤالاً: أين القرآن من المسلمين الآن؟ إما تجده في السيارة أو في المكتبة أو تحت الوسادة وبعضهم يشغّل القرآن في غرفة لاثة أيام ويخرج ونسي أن القرآن أنزله الله تعالى ليستمع إليه المسلم (فإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) بركة القرآن في قراءته وهذه عبادة فأن تقرأ قوله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) عبادة.
ما ذكره إبليس في الآية هو نموذج لأشياء كثيرة تحدث وهذه نعمة رب العالمين لأنه يعلّمنا كيف نجتنب مداخل الشيطان.
عرفنا إضلال إبليس لآدم لكن كيف تكون مسألة تغيير خلق الله؟
هذا مثال. اليوم يتم تغيير خلق الله في البشر. والمثال في الآية ضرب للأنعام (فليبتكن آذان الأنعام) في الجاهلية لكن اليوم إنسحبت على البشر وعمليات التجميل التي تحصل اليوم والشفط والسحب والتكبير وغيره كله حرام لأن فيه غشٌ للناس. لماذا كل هذا؟ هذه تندرج تحت (فليغيرن خلق الله). بعض العمليات مشروطة بالضرورة ونحن للأسف تركنا تقاليدنا المحترمة. لا متعة في معصية وإن بدت لأن الدنيا مهما طالت محدودة.
ما يملك إبليس من قدرة ليقول هذا الكلام؟
إمتلك إبليس زمام عدم الرضا وأوقعه في نفس البشر. ترى إحداهن تنظر إلى غيرها وتريد أن تكون عيناها مثل تلك وهي ليست راضية بما عندها. علينا أن نرضى بما قسم الله تعالى لنا. إبليس إمتلك عدم الرضا الواقع في نفس الكل إلا من رحم ربي. فالذي يرضى يعيش مرتاحاً ويسعد في الدنيا والآخرة.
(لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضا) (إلا عبادك منهم المخلصين) هذه مقابل هذه. هو سيبدأ. هناك من البشر أبالسة أو أباليس. وقد سُئل الحسن البصري سؤالاً في منتهى الجمال: سُئل من أهون عليك شيطان الإنس أم شيطان الجن؟ فقال البصري شياطين الجن أسهل لأنه إذا استعذت بالله خنس أما شياطين الانس فهي لا تخنس. في الوقت الذي أخذ جنوداً من البشر معه إستخدمهم هو نفسه إستثنى جماعة منا (إلا عبادك منهم المخلصين) لأنه لا يقدر عليهم وجاء رد الله تعالى عليه (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان). فمن هم عباد الله؟ عباد الرحمن. الياء في عبادي للإنتساب إلى الله تعالى ويكون لنا شرف الانتساب لله تعالى وهنا يجب أن نفهم أننا لن نكون من عباد الله يوم القيامة إلا إذا كنا عباد الله في الدنيا. وإذا بحثنا في القرآن عن وصف لعباد الله لوجدناه في أواخر سورة الفرقان (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)) عباد الرحمن هؤلاء من رحم الله وهم الناجون لأنهم يعملون على مدى اليوم والليلة. الذين يبيتون لربهم سجداً وقياما بينما الناس تنام وتبيت لنفسها وراحتها واستعداداً للعمل، هؤلاء قاموا الليل وسنامون سُجّداً أي طائعين وحالهم غريب جداً. عباد الرحمن هم عبادي الذين ليس لك عليهم سلطان. لو وعى المسلم المنهج يقول: مَنْ الشيطان؟ لكن بعمله.
ومن الملاحظ أن الشيطان يحاول أن يلهي المصلي فيبدأ المصلي بالتثاؤب عند قوله (إياك نعبد وإيام نستعين) وعند التشهد لأنه فيهما إعلان التوحيد. الرسول r علّمنا كيف ندخل في الصلاة وكيف نقرأ الفاتحة (الحديث القدسي عن الفاتحة) ويجب أن نعلم أم معظم النار من مستصغر الشرر ونحن للأسف نستهين بالأمولا والمسلم الواعي لا يستهين. ليس من قبيل الصدفة أن يقول تعالى في القرآن (فإذا قمتم إلى الصلاة فإغسلوا وجوهكم) حلاوة الوضوء وقيمته بانت في تشريع التيمم. الوضوء بالماء والتميمم بالتراب حتى يلفت نظرنا لقيمة الوضوء وهي أنك ذاهب للوقوف بين يدي الله تعالى. لمذا الوضوء؟ لأن الشيطان من نار والماء يطفيء النار. والذي يبقى على وضوء كما فعل بلال رضي الله عنه وكما جاء في الحديث يقفل المداخل على الشيطان. ونحن علينا أن نقفل مداخل الشيطان وأن نحشر أنفسنا مع (عبادي) وأسأله أن يجعلنا من عباده الصالحين وعباد الرحمن ونُطبّق مواضفاتهم ونطبقها على مراحل حتى لا نشق على النفس ونحاول أن نأخذ صفة كل أسبوع ونحاول أن نطبقها.
حينما قال إبليس (رب أغويتني) هل هذا إعتراف بالربوبية؟ وهل التحدي هو بينه وبين الله تعالى أم بينه وبين آدم؟
العداوة هي لآدم. إبليس كفر بعطاء الله تعالى حتى الجِبِلّة التي خلقه الله تعالى عليها هي من الله عز وجل وردّ الأمر على الآمر فليس له توبة. آدم لم يرد الأمر لكنه لم ينفّذ (وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) طه) لأنه لم يرد الأمر على الآمر . لا توبة للكفر فمن مات كافراً فهو في النار. إبليس أُمر بالسجود مرة واحدة وليست له توبة لأن عنده كِبر وجِبِلأّته هكذا. الرسول r يُقسم أنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر لأنه من عمل الشيطان (أأسجد لمن خلقت طينا) (أنا خير منه) وعلى الإنسان أن يخفف الأنا حتى لا يضيع.
هل سبق هذا الحوار بين الله تعالى وإبليس حوارات أخرى؟
كلا هو إبتدعها بكِبره وعُجبه. كان الرسول r لا يتمايز في الجلسة وكان يدخل عليهم الرجل فيسأل من محمد بن عبد الله؟. من تواضع لله رفعه. إبليس يوقع المتكبرين بسهولة. الولاية في الدنيا تكون إما لله تعالى وإما للشيطان فإما أن نكون من أولياء الله تعالى أو من أولياء الشيطان. فلو صرنا من أوليائه نكون من شياطين الإنس وهو أخطر من شيطان الجن لأنه إنسان مثلك ويزين لك ويكون قد أصبح من جنود إبليس وتعبير شياطين الإنس خطير.
(وإستفزز من إستطعت منهم بصوتك وأجلِب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعِدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) ما دلالة ألفاظ هذه الآية؟
بصوتك: الوسوسة أصلها صوت الذهب وهو صوت محبب للنفس فليست من سبيل الصدفة أن تسمى وسوسة. من إستفزز إبليس من البشر يعينوه بأصواتهم.
إستفزز: أصبح مسيطراً تمام السيطرة على البشر. مسيطرة سيطرة السيّد للعبد بمعنى كلمة (فِزّ) كلمة تقال من السيد للعبد وليس العكس ولا يقولها إلا المسيطر. تقال من الأعلى للأدنى ونحن نستعملها في لغتنا العامية. إستفزز يعني أصبح الشيطان مسيطراً على إبن آدن سيطرة الآمر وبقية الآيات يصورها الحق على أنها معركة من إستعمال كلمة الخيل.
من إستطعت منهم: من رضي أن يكون عبداً للشيطان ضاع ولا يتذرع لأنه هناك من إستطاع. الترتيب منطقه أن المعركة تشتد: الذي لن يأتي بصوته أو بصوت جنوده سيأتيه بالخيل (كالمدد في المعركة) والمسألة تتصعد. الأول يحاول بالراحة ثم يزيد قطاعات الأسلحة في الحروب كأنها معركة قائمة يجب أن تنتهي لصالح أحد من المتحاربين إما له وإما لنا.
المعركة من طرف إبليس لأنه هو الذي يريد أن يحاربنا لأن عداوته لنا سابقة ونحن موقفنا دفاعي والدفاه ينتهي بالنصر لأنك ستهجم على الشيطان بأن لا تطيعه وهذه قمة النصر. تكون سعيداً إذا وسوس لك الشيطان فلم تسمع له.
كيف يشاركنا الشيطان الأموال والأولاد؟
يبدأ بالسرقة : هو الذي ضحك عليك فأخذت مالاً ليس لك حق فيه، أما الأولاد فهم أولاد الزنا. هذان متفشيان في مجتمعنا للأسف وهما من حدود الله تعالى. اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل والذي يضمن متى يموت فليفعل ما يشاء ثم يتوب قبل موته. أبو بكر رضي الله عنه كان يقول: لا آمن مكر ربي ولو كانت إحدى قدماي في الجنة فقال r: هذا كثير أنا لا آمن مكر الله أن يخرج النفس فلا يعود. الحرب عملها الشيطان على أمل أن يموت الإنسان على معصية أي معصية.
بماذا يعد الشيطان؟ يعدهم بالملك والخُلد وكل وعده كذب وغرور (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) وسماه الله تعالى (الغَرور) من نفس المادة (ولا يغرنكم بالله الغَرور) هو وهم وكذب.
وصفة لسدّ مسالك الشيطان:
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله الذي لا يضر مع إسمه شيء في الأرض ولا في السماء ، آمنت بالله العظيم وكفرت بالجِبت والطاغوت وإستمسكت بالعروة الوثقى لا إنفصام لها والله سميع عليم. اللهم إحفظنا بحفظك وقنا مصارع السوء واسترنا بسترك الجميل الذي سترت به نفسك فلا تراك العيون.
بُثّت الحلقة بتاريخ 6/3/2006م