قيام الليل في سورة المزمل
إعداد صفحة إسلاميات
افتتحت سورة المزمل بالنداء للنبي صلى الله عليه وسلم والأمر بقيام الليل (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴿١﴾ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٢﴾ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ﴿٣﴾ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا ﴿٤﴾)
واختتمت السورة بمدح الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم على قيام الليل (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٢٠﴾)
سورة المزمل كما ذكر د. محمد الربيعة في مقصدها أنها تركّز على الزاد الروحي للدعاة في مواجهة الشدائد ومصاعب الحياة.
وليس أعظم من قيام الليل للتزود من هذا الزاد الروحي وقيام الليل لا يفعله إلا المخلصون لله تعالى في عبادتهم وتوحيدهم له لأنه ليس فيه شبهة رياء فلن يغالب أحد النوم ويقوم من فراشه الدافئ ويترك الراحة ليقف بين يدي ربّه في ساعات الليل متضرعًا خاشعًا متذللا بين يديه قائمًا يتلو آيات القرآن لن يفعل أحد هذا إلا إن كان حب الله تعالى وتعظيمه له قد ملأ عليه سمعه وبصره وسار جوارحه فيعلم أنه ليس له قدرة على القيام بأمر الله تعالى في نهاره إلا إذا تزود في هذه الساعات المباركة من الليل بزاد الخشية والتقوى والاستعانة بمن بيده ملكوت السموات والأرض وبيده الأمر كله وبيده قلوب الخلق أجمعين يقلبها كيف يشاء سبحانه.
وبداية سورة المزمل الخطاب فيها للنبي صلى الله عليه وسلم بصفته النبيّ المكلّف بالرسالة وقيام الليل في حق النبي عليه الصلاة والسلام فرض أما في ختام السورة فالله تعالى يمتدح نبيه صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم على قيامهم الليل ويخفف عنهم بأن يقوموا على قدر استطاعتهم وهذه الآية خطاب لكل مسلم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يكون لها حظٌ من قيام الليل ولو كان قليلًا حتى لا يُحرموا عطايا الملك في ساعات الاستجابة من الليل. وقيام الليل في حق أمة محمد صلى الله عليه وسلم سُنّة يحثنا عليها رب العالمين من رحمته ومحبته لعباده.
قال د. فريد الأنصاري رحمه الله:
إن الذي لا تلتهب مواجيدُه بأشواق التهجد لا يكون من أهل سورة المزمل!
اللهم حبب إلينا قيام الليل وأعنّا عليه ولا تحرمنا إياه بكثرة ذنوبنا وارزقنا التزود بالإيمان والإخلاص والتقوى لنكون في نهارنا كما تحب وترضى فنُحسن العبادة والعمل ونكون خير داعين لك ولدينك وكتابك متبعين سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم.