سؤال 12: ما دلالة الشكل المعيّن أسفل كلمة (مجراها) في قوله تعالى (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41)) في سورة هود وأعلى كلمة (تأمنا) في قوله تعالى (قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11)) في سورة يوسف?
هذا الموضوع يجرنا الى حديث موجز مختصر يتعلق بتلقّي القرآن الكريم. حقيقة نحن ندعو دائماً إلى أن يتلقى قاريء القرآن كتاب الله عز وجل على مُقريء على من يُقرئه حتى يعتاد ويرى هذه الألفاظ. ومن القَصص المشهورة المتداولة لعلنا ذكرناها سابقاً قصة حمزة الزيّات وهو أحد القرّاء السبعة من قرّاء الكوفة أبوه كان يبيع زيت القناديل والمصحف لم يكن منقوطاً فكان وهو صغير ينظر في المصحف فقرأ (ألم ذلك الكتاب لا زيت فيه) باعتبار أنه ينير القلوب من غير زيت فقال له أبوه دع المصحف وخذ من أفواه الرجال فذهب الى القبائل التي كانت في الكوفة والمجاهدين الذين كانوا يأتون فصار سمع فصار أحد القرّاء السبعة.
هذه العلامة ◊ مذكورة في مكانين في المصحف وهو رسم اتفاقي. يعني حصل هناك اتفاق أن هذه الصورة تعني كذا كما أن الخط الصغير (الخطيط) يكون له معنى عندما يكون فوق الحرف ومعنى آخر عندما يكون تحت الحرف، عندما يكون فوق الحرف كاف في كتب يشير الى الفتحة (كَتَب) وعندما يكون تحت الحرف يشير الى الكسرة (كِتاب). العلامة موضوعة مرتين مرة في الأسفل وهي النقطة المعينة على شكل ثمانية وسبعة ملتقيتان بهذه الصورة◊ وهناك اتفاق أنه إذا وجدت وهي موجودة في سورة هود في الآية 41 في قوله تعالى على لسان نوح u (بسم الله مجراها ومرساها) (مجراها)(بالإمالة) هذه إشارة الى الإمالة والامالة يقولون أن تنحو بالألف نحو الياء وبالفتحة نحو الكسرة. جميع القرّاء قرأوها بالإمالة معناها ليست قبيلة واحدة كانت تميل وإنما هذه الكلمة ممالة عند جميع من قرأ من القرّاء وقد يكون من غير السبعة من قرأها بدون إمالة. مُجراها أو مَجراها فقارئء القرآن لا يجوز أن يقرأها مجراها يجب أن يقرأها (مجراها) بالإمالة يتعلمها.
هذه في سورة هود وفي سورة يوسف وضعت النقطة ◊ فوق النون في قوله تعالى على لسان إخوة يوسف (مالك لا تأمنا على يوسف) إشارة إلى أنه إذا قرأت هذه الكلمة في نطقك بين الميم والنون تضم الشفتين كأنك تريد أن تقول هناك ضمة محذوفة لأنه الأصل تأمننا.فأيضاً هنا حقيقة ينبغي أن يحاول القارئء أن يضم شفتيه. القرّاء السبعة قرأوها بضم الشفتين لكن الباقون وقبائل العرب الأخرى كانت تتقصد أن تقرأها بضم الشفتين. لما نزل القرآن هم قرأوها هكذا فرخّص لهم الرسول r بـأمر من ربه هذا ذكرناه وسنعيده حقيقة: القراءات القرآنية كما نص على ذلك علماؤنا بدءاً من أقدم كتاب في العربية وهو كتاب سيبويه:” والقراءة سُنّة متّبعة” يعني ليس كل ما يجوز في العربية يجوز أن يقرأ به إلا أن يكون قد ورد رواية وبالنسبة للقراءات لما يكون قرآناً لا بد أن يكون متواتراً مع صحة السند وطبعاً الشروط الأخرى: مواققة العربية وموافقة رسم المصحف والتواتر. أن يصح سندها : يعنون بالتواتر لأن عندنا نصوص كثيرة ويقولون شاذة على صحة سندها وموافقتها للعربية وموافقتها لرسم المصحف لكن شاذة لأنها لم ترد بالتواتر لأن القرآن أُخذ بالتواتر.
توضيح: في قوله تعالى (تأمنا) بهذه الصورة بالإشمام بعضهم سمّى هذا الإشمام رَوْماً يعني كأنك تروم إظهار الحركة. هو عند النحويين كما قلنا في المرة الماضية بدءاً من سيبويه الرَوْم لا يكون إلا في حال الوقف وإذا كانت الكلمة مضمومة أو مكسورة هنا يكون رَوْم وفُسّر الرَوْم عندهم عند علماء اللغة أنه محاولة لإظهار شيء من الحركة عند الوقف كأنما لبيان أن هذه الكلمة مرفوعة أو أن هذه الكلمة مجرورة وليست مبنية. يعني لما نأتي إلى قوله تعالى مثلاً (ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر) هو قد يقف عن كلمة (الناس) فلما يقف (ومن الناس) المجرور يوقف عليه بالسكون، الرَوْم هناأنك كأنما تريد أن تُظهِر الكسرة (ومن الناس) يعني كأنما هناك كسرة مختلسة فتروم إظهارها. و(من يقول) وبالذات يقولون هذا ينبغي أن يُعتنى به في قراءة ابي عمرو في الادغام الكبير يعني لما يأتي إلى كلمة (شهرُ رمضان) هو يُدغم إدغاماً كبيراً لكن هذا الإدغام الكبير فيه رَوْم لماذا؟ لأن الهاء في كلمة شهر ساكنة فإذا سُكّنت الراء سيلتقي ساكنان فهو يحاول أن يروم الحركة من الراء فكأنه يقول( شهرورمضان). هذا هو الرَوْم هو له حالتان في الحقيقة في الضم والجرّ لكن المعلومة التي اختلطت في (مالك لا تأمنا على يوسف) القرّاء السبعة على الاشمام والروم وهم على أصولهم في مسألة الهمزة في تخفيفها أو تحقيقها. أما في (بسم الله مجراها) فهي بفتح الميم والإمالة عند حفص (ونحن نقرأ برواية حفص) حفص عن عاصم وهذا الكلام ينفع المختصين لكن لا بد أن يستمع الإخوة له لأنه اختلطت معلومتان: (لا تأمنا) السبعة. (بسم الله مَجراها) الذي أمال مع الفتح هو حفص عن عاصم بينما شعبة حقيقة سنأتي له رواية أخرى عن عاصم. حفص عن عاصم والكسائي وحمزة من قُرّاء الكوفة هؤلاء قرأوا (مَجراها). بضم الميم والإمالة أيضاً يعني (مُجراها) أبو عمرو بن العلاء وورش عن نافع بتقليل الإمالة. والباقون الآن شعبة عن عاصم وابن كثير وابن عامر قارئ الشام وقالون عن نافع هؤلاء قرأوا بالفتح بمدّ الألف (بدون إمالة) وضم الميم (مُجراها).
تبقى الحكمة من الإمالة: نحن قلنا حقيقة في المرة الماضية هذه روايات عن قبائل. قبائل العرب هكذا قرأت ولاحظ عاصم كوفي، حمزة كوفي، الكسائي كوفي نجد أن حمزة والكسائي قرأ بالإمالة وفتح الميم بالأربعة رواة. عاصم سمع من صنفين من القبائل: صنف كان يميل ولعلّهم الذين سمع منهم حمزة والكسائي وصنف لم يكن يُميل وكان يضم الميم (مُجراها) فلقّن تلميذه شعبة (مُجراها) بمد الألف ولقّن تلميذه حفصاً (مُجراها) بالإمالة فهو نقل لما كانت تنطق به قبائل العرب من اللفظ الذي أقرّه رسول الله r بأمر من ربّه وهذه مسألة جوهرية يعني لا يقال أنه العربية تجيز هذا فيجوز أن يُقرأ به كلا (القراءة سُنّة متّبعة) فاقتضى حقيقة التوضيح.
ما الحكمة من حذف النون في المضارع (تأمننا)؟
هنا حقيقة العربي عندما يريد أن يؤكد يجزم بالأمر ومنه أُخذت فكرة الجزم في المضارع. المضارع المجزوم إذا أراد أن يجزم بالأمر سكّنه، سكّن الفعل حتى إذا لم يكن هناك أداة جازمة فيسكّن. عندنا لامريء القيس (نحن دائماً نستدل لأن الشعر ديوان العرب) قبل الاسلام وفي شعره وديوانه جزم المضارع من غير جازم فقال:
فاليوم أشربْ غير مستحقب إثماً من الله ولا واغِل
فاليوم أشرب: هو يريد أن يجزم ويؤكد بأنه سيشرب فجزم.
فهنا (مالك لا تأمنا) هو في الأصل (تأمننا) فادغموا ادغاماً يسمونه الادغام الكبيرالذي هو في قراءة ابي عمرو بن العلاء منتشر واسع يعني أبو عمرو بن العلاء يقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيملك هو لا يقرأ الرحيم ِ ملك بالكسرة وإنما يلغي الكسرة ويُدغم هذا نقلاً عن العرب وليس من عنده فألغى الحركة وأدغم. وهنا أيضاً (تأمننا) ألغوا الحركة. لما ألغوا الحركة سُكّنت فادغمت النون في النون فصارت مالك لا تأمنا مثل الرحيملك لغرض الجزم كأنه نحن متأكدون أنك لا تأمنا على يوسف. هذه الفائدة حقيقة البيانية لهذا وليس غريباً أن يجزم الفعل من غير جازم. هو هنا الجزم كما قلنا التأكيد ولكن يسمى الادغام الكبير لأنه فيه عمل كثير: إلغاء الحركة ثم الادغام.
سؤال 13: قال تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) البقرة) ما هي حسنة الدنيا وحسنة الآخرة؟ هذا من قبيل الدعاء وموجود في القرآن الكريم كثيراً لكن لماذا كانت هذه الآية من أحب الدعاء لقلب النبي r؟
لا شك هي من الآيات الجامعة ونحن نقرأها قبل السلام في التحيات يعني كثير من المسلمين يختمون بها الصلاة (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ثم يسلّموا. والواقع أن الاجابة سريعة بالنسبة للأخت السائلة أن نقول كلمة حسنة جاءت نكرة في الموضعين. وهي في الحقيقة وصف لموصوف محذوف، هذا الموصوف المحذوف على إطلاقه: بما يفكر به الانسان ، هذه الحسنة لنقل مثلاً آتنا في الدنيا عطايا حسنة والعطايا بتفاصيلها وفي الآخرة عطايا حسنة أيضاً بتفاصيلها فحذف الموصوف وأبقى الصفة. وكونها منكرة حتى تشير الى العموم الغالب يعني شيء عام, وهناك شيء بالنسبة لهذه الآية: رجعت إلى المصحف هي تتحدث عن الحج ونحن في موسم الحج. حقيقة فالآيات من سورة البقرة (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)) كلام على الحج والله سبحانه وتعالى من رحمته بهذا الانسان أن يرشده دائماً إلى الخير. هو يفترض كما يقول بعض العلماء ما دام وضع له العقل ينبغي أن يتصرف هو لكن ومع ذلك من رحمة الله عز وجل ومن حبه لمخلوقه هذا أنه يوجهه دائماً ويرشده. لما آدم u عصى ربه قال تعالى (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) هذه الفاء التي يسميها النحويون الفصيحة يعني الله تعالى علّمه كيف يتقرب وماذا يقول؟ قل كذا وكذا حتى أتوب عليك. أعطاه الله تعالى كلمات التوبة فرددها فتاب الله تعالى عليه. موسم الحج فرصة للتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء ، فرصة للمسلم حقيقة، فرصة للحاج أن يدعو فالآيات ماذا تقول لنا؟ بعد أن قال تعالى (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)) توجيه (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) لأنه كانت العرب بعد موسم الحج يأتون الى الأسواق الأدبية ويتفاخرون ويذكرون آباءهم حتى قال تعالى (ألهكم التكاثر حتى زرتم المقابر) يقولون: نحن قُتِل منا مئة قبل كذا وأنتم قُتِلأ منكم كذا حتى صاروا يتفاخرون بالقتلى يعني مفاخرة. (أو أشد ذكرا) دائماً المسلم ينبغي أن يكون ذاكراً لله سبحانه وتعالى وذكر الله يستتبع ذكر الآخرة وما فيها من نعيم ومن شقاء حقيقة. (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا (200)) لما بدأ يتحدث عن الذكر هذا هو في موسم الحج ويدعو (ربنا آتنا في الدنيا) ما قال آتنا ماذا؟ إما لتهوين شأنه أو لأنه عظيم عندهم يريدون كل شيء يريدون في الدنيا وانظر لم يصفهم هم حتى في دعائهم لما قالوا (ربنا آتنا في الدنيا) ما وصفوا هذا المأتي به بأنه حسن، يريد أي شيء في الدنيا وهذه سِمة لا يحبها الله عز وجل لعباده فكيف أدّبهم؟ ماذا قال لهم؟ (وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) والخلاق هو النصيب لكن لِمَ لم يقل نصيب؟ نحن إلى الآن نستعمل الخَلَق والخلقات أي الشيء البالي يعني حتى هذا النصيب البالي ليس لهم في الآخرة. هم لا يفكرون بالآخرة فالله تعالى يريد من عباده أن يذكروه وأن يفكروا في الآخرة لأن هذه الحياة حقيقة مهما طالت هي كحلم رائي كما في الأثر: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا. لاحظ الانسان في لحظة موته كأنه استيقظ من منام وكان يرى حلماً كل هذه السنوات. وهذا واقع بالنسبة لنا جميعاً عندما ننظر في السنوات عمرنا التي مرّت نراها كشريط نائم. فالله تعالى يريد لعباده أن يذكروه ويتذكروا الآخرة دائماً أنت مصيرك الى الآخرة.
فهؤلاء الذين لا يذكرون الله ويذكرون دنياهم فقط ويطلبون من الله عز وجل . لا يريد الله عز وجل لعباده الصالحين أن يكونوا كهؤلاء ولذلك قال (وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) ليس لهم هذا النصيب التافه ليس لهم ومن الناس من يقول (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) يعني كونوا كهؤلاء نفس العبارة هنا في هذا ذكرالوصف للموصوف المحذوف يعني هم يريدون في الدنيا لكن بالوصف الحسن وليس كأولئك ولم يقفوا عند هذا وإنما قالوا (وفي الآخرة حسنة) أيضاً بكل ما يتصور من العطايا الموضوفة بأنها حسنة في الآخرة ثم زاد عليهم في دعائهم وهذا تدريب ودعاء أن ادعوا هكذا (وقنا عذاب النار) الانسان لا ينبغي أن ينسى أن هناك ناراً يعني وفي آية سأل عنها أحد الاخوة وسنأتي لها (وإن منكم إلا واردها). عمر رضي الله عنه يقول لجلسائه: يا فلان عِظنا، قال: يا أمير المؤمنين تزفر النار زفرة يوم القيامة (هذا الزفير النفخ) فلا يبقى ملك ولا شهيد ولا نبي ولا صالح إلا ويجثو على ركبتيه ولو كان لك عمل سبعين نبياً ما ظننتَ أنك ناج منها. يعني هذه الزفرة مخيفة من بعد ذلك وحتى عندما ينجي الله الذين اتقوا يحسّون بهذه اللذة لذة النجاة من هذه النار. هذا دعاؤهم يدعون هو دعاء (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)) بكل ما فيها وقنا عذاب النار. لما قال (فمن زحزح عن النار) قبل أن يقول وأُدخل الجنة قال خلاص المهم أنه زحزح عن النار ثم أُدخل الجنة وعند ذلك يكون هذا الفوز العظيم وإن كان لا يكون متفقاً للجميع لأنه كما هو في الحديث الصحيح أن بعض المؤمنين الداخلين في الجنة وهذه نقطة مهمة حقيقة يذادون عن الحوض لأن حوض النبي r في الجنة فهؤلاء ممن دخل الجنة لكن يذادون عن الحوض لأن الحوض في الجنة وليس خارج الجنة فهم لا يكونون سواء لكن المهم أنه في تضحياتهم، في قربهم من الرسول r في جميع هذه الأمور. الآيات تتواصل في طلب ذكر الله عز وجل ويمكن أن يرجع إليها المشاهد والمشاهدة ويعيشوا في رحابها.
هل هناك علاقة بين الأحرف في الكلمتين الحُسن والحسنة؟
من غير شك الثلاثي أو الحروف لما تكون هي هي لا بد أن يكون هناك ترابط فالحُسن والحَسَن والمحاسن وكل ما يُشتق منها لا بد أن يكون هناك الجذر أو الأصل ملموحاً فيها. أنت لما تقول: هذا شيء حسن يعني فيه حسن، هذا إنسان محسِن يعني فيه من الحسن أيضاً ، هذا شخص محسَن إليه. دائماً هذه مسألة من بديهيات اللغة في الحقيقة لكن أحياناً لما نأتي الى فعل أتى (أتي) والفعل عطى (عطو) نجد أن العين والطاء والواو أقوى من الهمزة والتاء والياء فمعناه أن العطاء أو الإعطاء فيه نوع من القوة وليس فيه هذا اللين والرقة والإتيان فيه لين ورقّة والمعنى واحد. أتى وأعطى معنى متقارب معجمياً لكن ليس مترادفاً . هذه السمة سِمة اللين والرقة في أتى وسِمة القوة في أعطى لذلك كثريون من أهل اللغة قالوا أن الإعطاء فيه تمليك والإيتاء ليس شرطاً أن يكون فيه تمليك.
سؤال 14: لماذ استخدم فعل استحوذ في قوله تعالى (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) المجادلة) ولماذا لم تطبق القاعدة فيقول استحاذ على القياس؟
القياس: استحاذ مثل استنار واستعان واستعاذ. نحن تناولناها عرضاً لما كنا نتكلم على التعليلات والتفسيرات الموجودة التي فسرها النحويون. قلنا قد تصح وقد لا تصح كما قال الخليل بن أحمد الفراهيدي: مثلي في هذه التعليلات والتفسيرات كمثل رجل دخل داراً مبنية فقال إن البنّاء وضع النافذة هنا للعِلّة الفلانية ووضع الباب هنا للعلة الفلانية فقد يصيب العِلّة وقد لا يصيبها. ثم ذكرنا في مسألة الصرف والاعلان بالنقل أو الاسكان لما قلنا لو أخذنا من الخوف على وزن أفعل يفعل كان ينبغي أن نقول أخوف يخوف إنما العربي قال: أخوف يُخيف. لماذا لم تطبق القاعدة؟ علماؤنا يقولون هناك مجموعة من الكلمات طبعاً غير الصيغ ما أفعله وأفعِل به هذه صيغة خاصة العرب أبقتها على حاله كأنه إشارة إلى الأصول منها كلمة استحوذ ومنها كلمة أغيَلت المرأة ما قالوا أغالت يعني حملت وهي ترضع فكأنها أغيلت طفلها، القاعدة أن تقول أغالت. وبعض المرضى عندما ينتفخ جسده يقولون استفيل الرجل أي أصابه داء الفيل ما قالوا أستفال. أحد الشعراء وصف الجمل بوصف الناقة فقال: استنوق الجمل ما قال استناق. إذا تصرّفت المرأة بتصرفات الرجال، تزيت بزيهم الآن نقول استرجلت والعرب يقولون استتيست الشاة وما قالوا استتاست. هذه الكلمات قالوا حكمها لأن اللغة استعمال أن تستعمل كما وردت ولا يجوز أن تطوّع للقياس ولا يصح لأحد الأن يقول استناق الجمل لأن العرب قالت استنوق لكن لا يجوز أن تقيس عليها: لا يجوز أن تقول استقول فلان من وظيفته وأنت تريد طلب إقالته بل قُل استقال لا تقول هذه قياساً على استنوق. استنوقت لا تطوّع للقياس ولا يقاس عليها لم يسمع من عربي استناق ولم يسمع من عربي استحاذ وإنما نستعمل استنوق واستحوذ.
سؤال 15: سبب ذكر وحذف ما في قوله تعالى في سورة الحديد (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) وسورة الحشر (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) وفي سورة الصف ((سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) واختلاف صيغة الفعل سبح فجاء سبح بصيغة الماضي كما في آيتي سورة الحشر والحديد وجاء يسبح في صيغة المضارع كما في سورة الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1))
القاعدة عامة ثم نعود إلى الآيات حقيقة لتثبيت هذه القاعدة العامة. هو العطف ممكن أن يكرر المعطوف عليه ويمكن أن يحذف يعني مثلاً يمكن أن تقول: يعجبني ما في إذاعتكم وفضائيتكم ويمكن أن تقول: يعجبني ما في إذاعتكم وما في فضائيتكم. لكن لو نظرت الى الجملتين ستجد أنه في الإعادة هناك نوع من التمييز لما يقول الانسان لشخص: ستحاسب على ما قلت وفعلت، لاحظ الجمع هما شيئان لكن ضمهما إلى بعضهما غير لما يقول: ستحاسب على ما قلت وما فعلت، ميّزهما تمييزاً. هذا قول الباري عز وجل : (سبح لله ما في السموات والأرض) جمع الكلمتين ضمّهما إلى بعضهما لكن لما يقول (سبح لله ما في السموات وما في الأرض) فصلها وخصصها.
لكن يبقى السؤال لِمَ جمع هنا وفصّل هاهنا؟ القاعدة هنا وهذه تنطبق حيثما وردت في كتاب الله عندما يقول (وما في الأرض) لا بد أن سيتحدث عمن في الأرض. لمّا يقول (ما في السموات والأرض) لا يتحدث عمن في الأرض . لمّا يذكر التمييز يبدأ يتكلم عليهم لكن لما يكون التسبيح هو مجرد تمجيد لله سبحانه وتعالى فيضم السموات والأرض ممجدة لله سبحانه وتعالى بما فيهما. لذلك سنجد في سورة الحشر في أولها لأنه تكلم على الناس قال (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) في نفس السورة لما ختمها في جو من تمجيد الله تعالى قال (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)).
نأتي إلى النماذج حقيقة حتى نتبين ذلك. لاحظ في سورة الحديد (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)) لم يتكلم عن أهل الأرض مباشرة لكن انظر في سورة الحشر (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2)) كلام على أهل الأرض. هذه مضطردة في كل القرآن هذه النماذج التي بين يدي الآن هي من دلائل النبوة يعني ليس من فعل رجل، خلال 23 سنة يتنزل القرآن منجماً أجزاء أجزاء ينزل كيف تضبط هذه الأمور؟ هذا كلام ربنا سبحانه وتعالى.
لاحظ في سورة الصف (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) ذكر ما في الأرض (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)) يعني لا تنقطع المسألة حيثما وردت. في الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)) (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) ) الكلام على أهل الأرض.
يبقى المضارع والماضي: طبعاً الفعل الماضي نحن تكلمنا في المرة الماضية لا يراد به المضي دائماً يعني مضى وانقضى، قد يراد به المواصلة والاستمرار. عندما تُسأل ما شأن فلان؟ تقول: سكن في حارتنا أو محلتنا. سكن فعل ماض يعني هو الآن ليس ساكناً؟ كلا بل تعني والآن ما زال ساكناً. فلما يأتي (سبح لله) يعني هذه الموجودات سبّحت لله سبحانه وتعالى نزهته وقدسته لكنها هي ماضية على ذلك. عندما يكون الحديث حديث يحتاج إلى ذكر للحاضر والمستقبل (للاستمرار للحضور) يعني فيه كلام عن الحضور يستعمل المضارع (يسبح لله). لاحظ في سورة الجمعة قال (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)) لكن انظر كيف قال (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) ) الكلام على الرسالة والرسالة حاضرة ومستقبلة. قال (يتلو) ما قال تلا فيسبح تنسجم مع يتلو ويعلّم ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب. لما كان الكلام كلاماً على حاضر ومستقبل استعمل الفعل يسبح ولما كان الكلام مطلقاً استعمل الفعل الثابت سبّح. فيها كلام كثير لكن لا تريد أن نطيل الاجابة.
سؤال 16: كيف نجمع بين لفظة (يوم) وقوله تعالى: وما هم عنها بغائبين في قوله تعالى (وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16) الانفطار) ؟
(إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16)) هو اليوم هنا مراد به القيامة، يوم القيامة ويوم القيامة ليس أربعاً وعشرين ساعة وإنما هذه هي قيامة الناس فلما يقول (وما هم عنها بغائبين) أي هذه النار التي يصلونها وهم مستمرون في أن يصلوها لأنه فيها المضارع المستمر أكّدها (وما هم عنها بغائبين) أنهم لا يغيبون عنها لا ينجون منها لا يخرجون منها هم دائماً في حضور في هذا المكان (وما هم عنها بغائبين) فليس هناك نعارض في الحقيقة حنى نجمع (يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين).
Normal 0 false false false MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:”Table Normal”; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:””; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:”Times New Roman”; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;}
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 24/12/2005م
ما هو الرَوْم في التجويد؟
لماذا اختار كلمة صاحبة في قوله تعالى (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) الجن)؟ وهل كل امرأة تعد صاحبة؟
(إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) الأنبياء) وقوله تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) مريم)؟
بُثّت الحلقة تاريخ 24/12/2005م
2009-01-30 16:28:52