الحلقة 119
سورة الجن
سؤال من المقدم: فكرة عامة عن الآية (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)) ولماذا لم يقل فلا تدعوا فيها؟
الآية الكريمة (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)) نلاحظ قبل هذه الآية قال (وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17)) المناسبة بينهما مناسبة واضحة ظاهرة قبلها قال (وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ) والمساجد هي دور للذكر والعبادة قال تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) النور) (وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا (40) الحج) والصلاة يشيع فيها الذكر (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) طه) (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ (45) العنكبوت) إذن المساجد هي دور للذكر والعبادة إذن مناسبتها (وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا) وذكر المساجد مناسبة ظاهرة هي دور للذكر والعبادة فإذن مناسبة ظاهرة.
وهنالك السؤال قال سبحانه (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) ولم يقل فلا تدعوا فيها مع أنه ذكر المساجد. لو قال فيها لو قال فلا تدعوا فيها مع الله أحداً سيكون النهي عن ذلك في المساجد، مخصص بالمساجد بينما هو لا تدعوا مع الله أحداً في كل مكان على العموم ليس خاصاً بالمسجد وإنما في المسجد وفي غيره. لا تشركوا مع الله أحداً ولا تدعوا مع الله أحداً سواء كان ذلك في المسجد أو خارجه. لا تدعوا مع الله أحداً هنا يعني الشرك في العبادة أي لا تعبدوا مع الله أحداً أو لا تشركوا معه أحداً هذا ليس خاصاً بالمسجد فلو قال (فيها) لكان خصصها بالمسجد بينما ليس المطلوب تخصيصها بالمسجد. ذكر الله وعبادته وعدم الإشراك ليس مخصصاً بالمسجد وإنما في المسجد وغيره.
سؤال من المقدم: قد يتصور عقل القارئ أن (وأن المساجد لله) ما بعدها سيكون خاتمة للمساجد لله، أمر متعلق بالمساجد
داخلة فيه المساجد وغيرها. في غير هذه المسألة (وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) الأعراف) ما قال أجرهم حتى لا يخصصهم لأن المصلحين أعم فدخل فيه هؤلاء ودخل فيه عموم المصلحين وغيرهم من المصلحين لو قال لا نضيع أجرهم سيكون مختصاً بهؤلاء فقط بينما تلك دخل فيها هؤلاء وغيرهم فلماذا التخصيص؟ التعميم سيكون أولى وهنا التعميم أولى لأن العامّ يدخل فيه هؤلاء ويدخل فيه غيرهم.
سؤال من المقدم: من الذي يحدد أولوية التعميم أو التخصيص؟
عموم المعنى. لو قلنا لأي واحد أيها الأولى تعبد الله فقط في المسجد أو في المسجد وغيره؟ يقول في المسجد وغيره.
استطراد من المقدم: إذن هو منطق عام يجمع كل التصورات البشرية.
(وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)) ما مناسبة ارتباط الآية بما قبلها؟
هو قال (فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) في الآية السابقة و(وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ) إذن هو استجاب لله قام يدعوه، يدعوه هنا بمعنى يعبده، إذن لما قال (فلا تدعوا مع الله أحداً) تدعوا يعني تعبدوه فقط وهو قام يدعوه إذن تدل على أن الرسول r استجاب فقام يدعوه، قام يعبده.
سؤال من المقدم: إختيار عبد الله، من هو (عبد الله) لماذا قال عبد الله ولماذا لم يقل النبي أو الرسول r مع أن القرآن استخدم النبي والرسول r في مواطن أخرى؟
هو قال (كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) عبد الله هذه الكلمة ليس مما ينكره الكفار لا ينكر أحداً أن محمد عبد الله، لا ينكرون ذلك. لو قال الرسول r أكيد ينكرونه وكذلك لو قال النبي. إذن هو عبد الله يدعو الله إذن لماذا ازدحموا عليهم ولآذوه؟ ما المبرر؟ هل آذاكم؟ هل تعرض لكم؟ هل تنطرون عليه شيء مما فعل؟ عبد الله يدعو الله إذن لماذا ازدحمتم عليه آذيتموه وكنتم عليه لبدا؟. هو يعجِّب من فعلهم لماذا ازدحمتم عليه، لم يقل الرسول r هو عبد الله يعبد الله هل ينكره أحد؟ هل تنكرونه أنتم؟ إذن لماذا ازدحمتم عليه؟. ثم قال يدعوه ولم يقل يدعوهم إذن لم يتعرض لهم، لم يقل رسول لم يقل نبي لم يقل يدعوهم إذن لماذا تؤذونه؟. لبداً يعني مجتمعين مزدحمين تلبد بعضهم على بعض.
سؤال من المقدم: لكن الآية القرآنية قالت (كادوا) قارب فعل الشيء ولم يفعله.
هم ازدحموا عليه لكن لم يتلبدوا عليه فعلاً هكذا وإنما اجتمعوا عليه.
سؤال من المقدم: هنا نلمح مثلاً استخدام القرآن الكريم تخصيص الدلالة ببعض المفردات مثل تدعوا ويدعوه خصصها بمعنى العبادة فهل من معناني الدعاء في اللغة العربية العبادة؟
الدعاء يأتي بمعنى العبادة لأن الآية (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة) (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) غافر) يأتي يدعوه بمعنى يعبده، دعا ربه يعني عبده. تأتي في اللغة العربية. سياق الآية ظاهر لكن هي في اللغة أيضاً يدعوه بمعنى يعبده.
ثم من ناحية أخرى لما قال ربنا تعالى (عبد الله) الإنسان لما يقول عن نفسه أنا عبد الله هذا تواضع والله تعالى لما يقولها عن عبد يكون تكريماً (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً (1) الاسراء) (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) النجم) (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) ص) هذا من الله تكريم ولذلك لاحظ يقولون لما قال (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) لما ذكر كلمة عبد عرج به إلى السموات العلى وإلى سدرة المنتهى ولما ذكر موسى بإسمه قال (وَخَرَّ موسَى صَعِقًا (143) الأعراف) إذن وكأن مقام العبودية عند الله سبحانه وتعالى مقام عظيم.
سؤال من المقدم: هذا كلام من (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)) هل هو كلام الجن؟
هذا مما أوحي إليه.
فكرة عامة عن الآية (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20))
الآية قبلها كانت استجابة. الآية الأولى قال (فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)) فاستجاب عبد من عباده فقام يدعوه (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ (19))
سؤال من المقدم: ألا يوحي عبد الله هنا بأنه أي عبد؟ هل هناك تخصيص يخصص أنه نبي؟
هما أمران. العبودية في القرآن يستعملها على نوعين: العبودية العامة لمطلق العباد (وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) ق) العباد عامة والعبودية القهرية سواء شاء أم أبى هو عبد لله (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) مريم)، والعبودية الاختيارية العبد يختار أن يعبد ربه، التكليف ويرضى ويستجيب للعبودية. إذن هنالك عبودية قسرية أو قهرية كلنا عباد الله سواء شئنا أو أبينا رضينا أو لم نرضى آمنا أو كفرنا هذه ليس فيها أجر وليس فيها فضل ولا منة كلنا عباد الله. والعبودية الاختيارية العبد يختار أن يكون عبداً لله يعبده برضاه وإقراره فبمقدار عبوديته لله تكون منزلته أعلى، بقمدار ما يطيع وبمقدار ما يعبد تكون منزلته. فبهذا المعنى سيكون تكريماً للعبد.
(قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20)) هذا تبليغ يعلن عن نفسه، الأمر من الله تعالى إلى النبي r. لاحظ التدرج المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً،هذا أمر، استجاب عبد من عباده قام يدعو، أصبحت مناسبة ظاهرة وتدرج واضح. الآية السابقة تطبيق واستجابة وهذا تبليغ ودعوة، إعلان بالقول.
سؤال من المقدم: (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21)) نلمح في الآية مقابلة الضر بالرشد وليس بالنفع والمتصور أن يكون الضر مقابل النفع؟
في أكثر من مناسبة قلنا في هذه السورة الشيء يقابل ما يتضمنه أو يتضمن جزءاً منه. الرَشَد هو جزء من النفع فهذا ذكرناه مثل القاسطين والمسلمين وما إلى ذلك. إذن (لا أملك) هذا سياق السورة هكذا وإن كان قسم من المفسرين يذهبون إلى أن الرشد هنا بمعنى النفع أو الضر بمعنى الغيّ قسم يذهبون هكذا، يطوع هذه مع تلك فيقول الرشد معناه النفع حتى يقابل الضر أو يقابل الرشد بالغي قسم هكذا يذهب وقسم يأخذها من باب الإحتباك في البلاغة يعني هو الآن ذكر الضر والرشد فالمقصود أنه لا أملك ضراً ولا نفعاً ولا رشداً ولا غياً فذكر من كل قسم من المتقابلين جانب، مقابل النفع الضر ذكر الضر يعني لا ضر ولا نفع، ذكر الرشد يعني لا رشد ولا غيّ، قسم يذهب إلى هذا فذكر من كل متقابلين واحداً ليدل المذكور على ما يقابله. الضر مقابله النفع والرشد مقابله الغيّ فيأتي بالأربع صفات هذا يسمى الاحتباك، يذكر جانب ويقصد فيه ما يقابله. أنا أميل إلى أن السورة لها طابع خاص في المقابلات. إضافة أن هنالك أمر، لو نظرنا في السورة نجد أن الضر والرشد هو السمة وليس النفع أو الغي. لاحظ الضر: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)) هذا ضر، ذكر البخس والرهق (فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13)) هذا ضر، ذكر القاسطين الظالمين هذا يضرون غيرهم، يجر الضر على غيره، (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)) اجتمعوا عليه، (قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَد (22)) يعني إذا خالفته، معناه إذا أراد أن يوقع بي عقاباً لا ييرني من الله أحداً، (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ (24)) هذا تهديد، هذا يوقع ضر. والرشد أكثر سورة مذكور فيها الرشد. فإذن الضر موجود في السورة كثيراً ومنتشراً بمظاهر كثيرة وكذلك الرَشد مذكور فاختيار الرشد والضر هو المناسب وليس النفع وليس الغيّ. الرَشد هو المتردد في السورة الرشد والرشد وجوانب الضر هي المذكورة فإذن اختيار الضر والرشد هو المناسب من ناحيتين سواء ذكر الشيء بما يقابله أو يتضمن جزءاً منه من ناحية ومن ناحية أن طابع السورة هكذا الضر والرشد وليس النفع والغيّ.
سؤال من المقدم: لماذا قدم الضر على الرشد؟
أيها الأيسر تحقيقه بالنسبة للإنسان الضر الرشد أو الغي؟ الضر أيسر، هو لا يملك الأيسر وبالتالي لا يملك الأبعد، هذا أيسر بالنسبة له.
استطراد من المقدم: إذا تصوروا أن النبي سوف يضر بهم هو لا يملك ذلك وبالقطع أن النفع وإياهم بعيد فقدم القريب أنا لا أستطيع ضركم، كله عند ربي هو الذي يستطيع أما أنا فلا أملك لكم لا الأيسر ولا غيره.
سؤال من المقدم: هل هنالك فرق بين الضَر والضُر؟
الضَر بالفتح مقابل النفع والضُر هو السوء من مرض أو شيء (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ (83) الأنبياء) مرض. الضَر عام مقابل النفع.
فكرة عامة عن الآية (قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23))
أولاً نلاحظ أنه ذكر أمرين أول مرة . الكلام ما زال للنبي r من الله تعالى للنبي بالتبليغ (قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) ملتحداً يعني ملجأ. الواحد إذا هرب من واحد يحتاج إلى أمرين، عبد أبق من سيده إما أن يستجير بأحد يمنعه، يحميه فإذا لم يجد إما أن يهرب إلى مكان يلتجئ إليه ولا يوجد حل آخر إما أن يجيره أحد أو يلتجيء إلى مكان أو أحد وهنا نفى الأمرين. لن يجيرني أي لن يحميه أحد وهذا إقرار بالعقيدة ثم (وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) ليس لي مكان، ملتحداً بمعنى ملجأ. يعني هو أحد أمرين إما أن يحفظه أحد فإن لم يجد يبحث عن مكان، هو هنا لا مكان ولا أحد. (وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) أي من دون الله، إذن ليس هنالك أحد يحميه ولا مكان يلتجئ إليه وهذا لعموم العباد. فإذن لم يبق له إلا الله سبحانه وتعالى وهذا أبعد شيء كل أسباب الحماية والحفظ انتفت لا مكان ولا شخص.
سؤال من المقدم: ما علاقة هذه الآية بما قبلها؟ لماذا يبلغ النبي r هذه الإشارات إلى قموه؟ ماذا يريد أن يثبت لهم؟
يثبت لهم عبوديته وأنه يبلغ وأنه إذا خالف ربه سبحانه وتعالى لن يحميه أحد ولن يحفظه أحد وليس هنالك مكان يلتجئ إليه سواه ولذلك لو لاحظنا تكملة الآية (إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ).
سؤال من المقدم: لماذا الاستثناء (إلا بلاغاً)؟
فيها احتمالان: الأول استثناء من قوله تعالى، قبلها قال (لا أملك لكم ضراً ولا رشدا إلا بلاغاً من الله) هذا الاحتمال الأول، إذن لا أملك إلا البلاغ استثناء مما قبله، البلاغ هذا منقطع (يسمى استثناء منقطع) فهو لا يملك إلا هذا فقط، لا يملك لا ضر ولا رشد ما الذي يملكه؟ التبليغ. و(بلاغاً) منصوبة لأنه مستثنى أو بدل من (ضراً ولا رشدا) والأكثر استثناء لأن البدل في الاستثناء المنقطع يصير ضعيفاً إذن هذا استثناء. لا أملك لكم ضراً ولا رشداً إلا بلاغاً يعني لا أملك إلا البلاغ ولا أملك إلا الرسالات التي أبلغها عن ربي. (ورسالاته) معطوفة على بلاغاً والاثنان منصوبان على الاستثناء. (لا أملك لكم ضراً ولا رشدا إلا بلاغاً من الله) يعني لا أملك إلا البلاغ ولا أملك إلا الرسالة أبلِّغ والرسالة،هذا الاحتمال الأول. الاحتمال الثاني هو أن يكون (بلاغاً من الله) هو بدل من (ملتحداً) يعني ولن أجد ملتحداً إلا بلاغاً من الله. هو يقر أنه لن يعصمه من الله أحد لن أجد ملجأ إلا البلاغ هو الذي يعصمني، البلاغ هو الذي يجيره وهو الذي يحفظه وهو الذي يحميه من الله. إذن نصب (بلاغاً) على البدلية. أيضاً الراجح فيه البدلية. إذن سيكون (ولن أجد من دونه ملتحداً إلا بلاغاً) لن أجد ملجأ إلا البلاغ.
سؤال من المقدم: (إلا بلاغاً) بلاغاً من الله أو عن الله؟ هو يبلغ عن أو يبلغ من؟
بلاغ نزل إليه من الله. بلغ عنه يعني يسمع منه ويبلِّغ. بلاغ من الله أي ما نزل منه إذن هذه فيها احتمالين الأول أن يكون لا أملك لكم ضراً ولا رشداً إلا البلاغ والتبليغ أي الرسالة والثاني (ولن أجد من دونه ملتحداً إلا بلاغاً) أنه لا يعصمني شيء ولا ينجيني شيء إلا البلاغ هو يجيرني ويحميني ويعصمني.
سؤال من المقدم: لماذا لا توجد قرينة سياقية تحدد معنى محدداً؟
لو قلنا القرينة السياقية لو أراد المعنى الأول لقال (قل إن لا أملك لكم ضراً ولا رشداً إلا بلاغاً من الله) لكن التعبير القرآني يحتمل معنيين مطلوبين كليهما هذا توسع في المعنى. المعنيان مطلوبان لو قال ذلك سيكون المعنى واحداً يعني لو قال (لا أملك لكم إلا بلاغاً) انتهت بدلالة واحدة. الآن المعنيين مرادين يعني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً إلا البلاغ ولم أجد من دونه ملتحداً إلا البلاغ المعنيين مطلوبين فلما أراد إلحاق هذه بهذين المعنيين أطلق ولم يأت بقيرنة سياقية. المعنيان في القرآن موجودان المعنى الأولى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ (48) الشورى) والمعنى الآخر (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ (67) المائدة) المعنيان موجودان في القرآن فجمعهما ولو جاء بالقرينة لحدد وهو أراد الإطلاق.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 12/5/2008م:
-
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) الفرقان) حرف الجر (من) هنا تفسيرية ولكن لماذا لم يقل أئمة؟ فكيف يكون الجماعة إماماً واحداً؟
-
موضع العباد استعمل لها الله تعالى صيغتين (وأن الله ليس بظلام للعبيد) (عباد الرحمن) عباد القهر سماهم عبيد وعباد الاختيار والمحبة لله سماهم عباد؟ هذا غير دقيق، اسمع إلى هذه الآية (أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) الفرقان) استعمل عبادي في الضالين، هذا على معنى العبدودية للعموم. كلهم عباد لله فليست هذا وإن كان الكثير يقولون العبيد عامة.
-
ما اللمسة البيانية في تكرر بعض الآيات في سور القرآن بنفس الكلمات والأحرف بدون اختلاف (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) التوبة) وردت في سورة التوبة وفي سورة التحريم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)) فما اللمسة البيانية في ذلك؟
-
ما السر الذي نتدبره في الآية (وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) يوسف) ذكر يوسف في الآية خروجه من السجن ولم يذكر خروجه من غيابت الجب فما اللمسة البيانية في ذلك؟
-
ما الفرق بين يفعلون ويعملون؟ هل هي بمعنى واحد أو هناك اختلاف؟
-
(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) الأحزاب) ما دلالة الترتيب في الآية؟ وهل هناك لمسة بيانية تربط بين الصفات؟
-
(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) الأحزاب) (يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16) المائدة) متى يستعمل (بإذنه) ومتى لا يستعملها؟
-
السمة الغالبية في سورة الأحزاب ذكر النبي r بالنبي وذكر الرسول r في السور التي ذكر فيها أذى الكفار للرسول r فما السبب؟
-
بالنسبة للقاعدة (من) و(ما) لما نبدأ بها الجملة نستعمل المفرد المذكر بالنسبة للآية (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) الأحزاب) جمع المؤنث أو المذكر السالم جمع قلة نفهم من الآية أنه لن تأتي إحداهن بفاحشة فكيف من يقنت منكن تأتي مذكر ومن المستبعد أنهم لن يقنطوا لله ورسوله؟ لماذا استعمل جمع المذكر وهو جمع قلة؟
-
(يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29) يوسف) ما دلالة استخدام الخاطئين بدل الخاطئات؟
-
ما اللمسة البيانية في وقوع الآية في سورة التحريم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9))؟
-
طلب حلقة خاصة يتحدث فيها عن الخطوط العامة للموضوعات في القرآن الكريم
-
في كتاب معاني النحو كتب الدكتور فاضل عن ضمير الفصل في القرآن الكريم فهل يمكن شرحه؟
-
يرد في القرآن أحياناً قوله تعالى (ولله ما في السموات والأرض) وأحياناً (ولله ما في السموات وما في الأرض) فما الفرق بينهما؟
-
ما الفرق بين (فأنجيناه) و(وأنجيناه)؟
-
هل يمكن شرح اللمسات البيانية من بداية القرآن من سورة الفاتحة؟
-
(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (16) التغابن) ما المقصود بقوله (ما استطعتم)؟
-
ما الفرق بين يفعلون ويعملون ويصنعون ويكسبون؟ وهل يمكن وضع كلمة مكان الأخرى في الآيات أو أنه لا تستقيم الآيات؟
-
(فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) مريم) لمن يرجع الضمير في (فناداها) وما المقصود بـ (من تحتها) و (تحتك) وهل وجود السريّ تحتها سبب ليمنع عنها الحزن؟
-
(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) الواقعة) هل هو قسم أو لا؟ وما معنى وجود (لا)؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 12/5/2008م
2009-03-16 16:17:03الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost