الحلقة 120
سؤال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (11) الشورى) ما دلالة الكاف في هذه الآية الكريمة؟
النحاة يستشهدون بهذه الآية على زيادة الكاف. الكاف زائدة للتوكيد يعني ليس مثله شيء. ويقولون أن الكاف الداخلة على (مثل) زائدة، هذه يذكرها بعض النحاة أن الكاف الداخلة على (مثل) زائدة يقولون كمثل البدر الكاف زائدة للتوكيد لأن الكاف نفس معنى التشبيه. وقسم آخر يقول ليست زائدة وفيها كلام كثير لن نخوض فيه. لكن الذي يبدو أنها ليست زائدة. التشبيه درجات في البلاغة أعلى التشبيه أن تحذف وجه الشبه وأداة التشبيه مثل هو أسد أو هو الأسد، هي البدر،
هي الشمس مسكنُها في السماء فعزِّ الفؤاد عزاءً جميلاً
فلن تستطيع إليها الصعود ولن تستطيع إليك النزولا
هذا أعلى شيء ودونه هي كالبدر أو هي مثل البدر وهم يعتقدون أن (مثل) أعلى في التشبيه من الكاف لأن فيها معنى الموازنة، إذا جئت بأداة التشبيه ستكون دون الحذف فإن جئت بأداتي التشبيه سيكون دون ذلك أبعد، أداة تشبيه، أداتين ستكون أبعد في التشبيه. فربنا جاء بأداتي التشبيه يعني ليس كمثله شيء ولو من وجه بعيد. أداتي التشبيه أبعد وجاء بأداتي التشبيه الكاف ومثل إذن ليس له مثيل ولو من وجه بعيد فهي إذن ليست زائدة وإنما تؤدي معنى. الكاف حرف جر أبرز معنى لها وأظهر معنى هو التشبيه ولها معاني أخرى وبالتالي لا زيادة فيها وإنما جيء بها لأداء معنى.
استطراد من المقدم: ما الذي يحدد الزيادة وعدم الزيادة كما في (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) فصلت)؟
يقولون إذا بقي المعنى العام على حاله، لو أسقطت الحرف وبقي المعنى على حاله فهي زائدة تفيد توكيد المعنى نفسه لأن الحذف لا يخل بأصل المعنى هي زائدة بين العامل والمعمول وحذفها لا يخل بأصل المعنى وذكرها فيه زيادة في التوكيد فقال النحاة الحروف الزائدة تفيد التوكيد طبعاً هذا في الأغلب لأن بعضها ليس في التوكيد وإنما له دلالة أخرى.
سؤال: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7) الفاتحة) لماذا ذكرت المغضوب عليهم بصيغة المبني للمجهول والضالين بصيغة إسم الفاعل؟
أولاً جيء بكل منهما إسماً (المغضوب عليهم والضالين) للدلالة على الثبوت الغضب عليهم ثابت والضلال فيهم ثابت لا يرجى فيهم خير ولا هدى لم يقل صراط الذين غضب عليهم وضلوا وإنما المغضوب عليهم ولا الضالين فجاء بالوصفين بالإسمية للدلالة على ثبوت هذين الوصفين فيهما. يبقى السؤال لماذا جاء المغضوب عليهم إسم مفعول ولم يقل غاضب إسم فاعل؟ مغضوب عليهم إسم مفعول يعني وقع عليهم الغضب لم يذكر الجهة التي غضبت عليهم ليعم الغضب عليهم من جميع الجهات غضب الله وغضب الغاضبين لله من الملائكة وغيرهم لا يتخصص بغاضب معين ليس غضب عليهم فلان أو فلان وإنما مغضوب عليهم من كل الجهات بل هؤلاء سيغضب عليهم أخلص أصدقائهم في الآخرة (وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94) الأنعام) (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا (25) العنكبوت) إذن مغضوب عليهم من جميع الجهات من كل الجهات، حذف جهة الغاضب فيه عموم وشمول. أما الضالين فهم الذين ضلّوا.
سؤال: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) المؤمنون) ما معنى البرهان هنا؟
هذه الجملة صفة (لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) وفيها وجه إعرابي آخر قد تكون جملة معترضة أو تكون صفة. والصفة في اللغة لها أغراض من جملتها التوكيد مثل (أمس الدابر لا يعود) كل أمسٍ دابر، (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) الحاقة) هي النفخة واحدة، (وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ (51) النحل) فإذن نحن عندنا الصفة قد تفيد التوكيد مؤكدة لا تؤسس معنى جديداً وصفاً آخر وإنما تؤكد مضمون ما قبلها إذن هذه الصفة بموجب هذا الإعراب ستؤكد أن مضمون ما قبلها صفة لازمة ثابتة تفيد التوكيد (لا برهان له به) هذه دلالة. قسم يضيف لها وجه آخر يقول هي جملة اعتراضية (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) يعترض، الداعي ليس له برهان فيؤكد المعنى الآخر الأساسي. هم يضربون مثلاً “من أحسن إلى زيد لا أحق منه بالإحسان فالله مثيبه”، يؤكدون المعنى الأول. في الحالتين سواء جعلناها مؤكدة أو اعتراضية فهي مؤكدة للمعنى الأول وليست مؤسسة، لا إله آخر مع الله.
سؤال: (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف) كلمة رحمة جاءت بالمؤنث وقريب بالمذكر فما اللمسة البيانية في هذا؟
المعروف في اللغة أن كلمة قريب إذا كان القُرب للنَسَب تطابق تقول هو قريبي وهي قريبتي، هذا قريب في النسب تحديداً. وإذا لم تكن للنسب فتجوز المطابقة وعدمها قال تعالى (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63) الأحزاب) (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) الشورى) هذه ليست للنسب. هذا أمر، والأمر الثاني من جهة أخرى رحمة الله مضاف ومضاف إليه وعندنا في باب الإضافة أن المضاف يكتسب من المضاف إليه التذكير والتأنيث أو غير ذلك ويضربون أمثلة (ارى مر سنين تعرقتني) (كما شرقت صدر القناة من الدم) شرقت وصدر القناة. لغة يجوز أن يكتسب في مواطن إذا كان المضاف جزء أو كالجزء وليس في عموم الإضافة لا نقول جاءت غلام هند، إذا كان المضاف جزء أو كالجزء أو ما يصح الاستغناء عنه. في الآية الرحمة يصح الإستغناء عنه بحيث إذا حذفنا يبقى المعنى العام واحد (إن الله قريب من المحسنين). لغوياً يجوز حتى (كل وبعض) يمكن تذكيرها وتأنيثها بحسب المضاف إليه (وما حب الديار شغفن قلبي) الحب مفرد وشغفن مؤنث وجمع (للديار وليست للحب). إذن من حيث اللغة أولاً هي ليست من باب قرابة النسب في فيجوز فيها الوجهان ثم من باب الإضافة يجوز. يبقى سبب الإختيار لو قال قريبة ستكون الرحمة هي القريبة فقط لما قال قريب كسب معنيين رحمته وهو قريب (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ (186) البقرة) فذكر التذكير يشعر بقربه هو وقرب رحمته. فإذن في النحو جائز ومن الناحية البيانية.
سؤال: (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) المؤمنون) الإجابة التي تتبادر إلى الذهن أن تكون (الله) لكن وردت في القرآن (لله) فما دلالة هذه الإجابة؟
من حيث اللغة جائز. من ربُّ هذه الدار؟ يمكن أن تقول هي لفلان أو هو فلان، إذن من حيث الجواب يجوز، يبقى السياق الذي ورد في كل من الآيتين. نقرأ الآيات (قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) المؤمنون) لمن؟ (مُلْك) سيقولون (لله) (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85)) (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)) إذن السياق في السؤال عن المُلك (من بيده ملكوت، لمن الأرض) السياق في المُلك. الآية الأخرة في الرعد (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)) قبلها (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (15)) السؤال هنا ليس عن المِلك وإنما في مقام التوحيد. إذن كل استفهام له غرض (أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء) هذا في مقام التوحيد، قبلها (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا) أما في الآية الأخرى فالسؤال عن المُلك والتملك.
سؤال من المقدم: حينما ننظر إلى السؤال داخل القرآن الكريم أو في عموم اللغة العربية كل استفهام له غرض؟
كل استفهام له غرض ونضعه في سياقه حتى تتبين الإجابة.
سؤال من المقدم: العرب كانت تفهم أن كل استفهام له غرض وله دلالة؟ لا يأخذونه على علاته أنه سؤال وتنتهي القصة، أبو لهب كان يفهم هذا؟ ألم يثبت أن أحداً اعترض؟ ولم يعترض الآن بعض الناس مع أن جهابزة اللغة لم يعترضوا؟
هم أهل البلاغة، لو لم يفهم أبو لهب لكان اعترض وما ثبت أن أحدهم اعترض وإنما توجه اعتراضات هذه الأيام لأحد أمرين إنما لغرض التشويش أو للجهل. لو كان يعلم ولو كان يعلم لو كان طالباً متخصصاً في اللغة العربية يعرف هذا.
سؤال من المقدم: إذا كان عتاة الكفار الذي عاشوا في زمن الرسول r r لم يوجهوا أدنى انتقاد أو أي اعتراض للقرآن الكريم وهم أهل البلاغة والفصاحة والبيان فلِمَ نأبه لما يصدر من جاهل حول القرآن؟
كيف تعترض على متكلم بلغته؟ هل تعترض على فرنسي يتكلم بلغته. هو حجة على الآخرين يتكلم بها. عدم وجود اعتراض من عتاة الكفار حجة على الجميع أن القرآن لا يوجه له أي انتقاد ولو وجدوا لاعترضوا. هو تحداهم بالقرآن عدة مرات فما استطاعوا.
سؤال: (وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) يوسف) ما الفرق بين تشديد النون في ليسجنن وتخفيفها في ليكونا؟
هذه نون التوكيد الأولى ثقيلة والثانية خفيفة، (لَيُسْجَنَنَّ) هذه نون التوكيد الثقيلة و (وَلَيَكُونًا) هذه نون التوكيد الخفيفة والمعروف في اللغة أن نون التوكيد الثقيلة آكد من الخفيفة لأن تكرار النون بمثابة تكرار التوكيد. النون الثقيلة هي عبارة عن نونين ففي الفعل (لَيُسْجَنَنَّ) ثلاث نونات نون الفعل الأصلية المبنية على الفتح ونون التوكيد الثقيلة ونون التوكيد الثقيلة آكد من الخفيفة لأنهما نونان فتكرار النون بمثابة تكرار التوكيد. سبب الاختيار أنها هي أكدت على السجن فجاءت بالنون الثقيلة فسُجِن، هي لم ترده من الصاغرين وإنما تريد سجنه. الصغار يعني الإخانة وهي لا تريد إهانته وإنما سجنه ربما ينفذ ما تطلبه. إذن نون التوكيد الثقيلة توحي بتوكيد الفعل تدخل على الفعل المضارع بشروط معينة وعلى فعل الأمر.
سؤال: (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ (64) مريم) من المقصود؟ لماذا لم ترد وننزل الملائكة؟ المقصود الملائكة.
المتكلم هو جبريل u إحتبس جبريل ليس بأمره هو وإنما بأمر الله مدة طويلة فعاتبه الرسول rr احتبست عنا ونحن أشوق إليك فقال بل أنا أشوق لكن أنا عبد مأمور فهذه حكاية (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) الملائكة كلهم لا يستطيعون التنزل إلا بأمر ربهم، جبريل هو وغيره من الملائكة. الرسول r قال لقد أبطأت عنا فقال جبريل بل أنا أشوق إليك وإنما أنا عبد مأمور فصيغت هذه الآية (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ).
سؤال: لما عرف إخوة يوسف يوسف قالوا استغفر لنا قال (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) يوسف) ولما سألوا أباهم قال (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)) فما الدلالة البلاغية في رد يوسف ويعقوب؟
نقرأ الآيتين: إخوة يوسف قالوا ليوسف (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)) لا تثريب يعني لا لوم ولا توبيخ ولا عتاب، هذه الآية الأولى هذا الكلام منهم ليوسف ورد يوسف عليهم. الآية الثانية الكلام توجهوا لأبيهم (قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)) الملاحظة الأولى أنهم قالوا لأخيهم (وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) وقالوا لأبيهم (إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) ومعلوم أن نون المثقلة آكد من الخفيفة فـ (وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) هذه (إن) مخففة من الثقيلة لكنها هي أقل توكيد من (إنا) الإقرار بالخطيئة آكد في توجيه الكلام مع أبيهم. فلماذا جاؤوا بنون التوكيد الخفيفة مع يوسف الذي أخطأوا معه ومع أبيهم جاؤوا بالتوكيد الأثقل؟ كأنها هذه الفعلة جرّت على أخيهم خيراً فصار عزيز مصر لكن جرّت على أبيهم الحزن فلا شك أن أثرها على أبيهم أشد من أثرها على يوسف فتكلموا بالأثر الناتج عن الفعلة ولذلك قال لهم يوسف (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) دعا لهم بالمغفرة مع أنهم لم يسألوها ولما سألوها أباهم قال (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ) سوف يعني للمستقبل، سوف أبعد من السين وآكد هذا يدل على عمق هذه الفعلة وشدتها في نفسه. طلبوا منه أن يستغفر لهم (يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا) فقال (سوف) أما يوسف لم يطلبوا منه الاستغفار فقال (يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ).
سؤال: ما هي اللمسات البيانية في الآية (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ (255) البقرة)؟
مسألة الكرسي لها عدة تفسيرات وفي الحديث أنها جسم بين العرض محيط بالسماء والأرض، الكرسي بالنسبة للعرش كحلقة في فلاة وما في السموات والأرض كحلقة في فلاة بالنسبة للكرسي.
ما مسألة العرش والكرسي؟ الكلام عن العرش والكرسي نحن نتكلم في اللغة أما في الآية فالله أعلم. العرش هو عرش الملك، العرض ما يجلس عليه الملك له عظمة وهيبة يعظَّم بهيبة الجالس عليه والكرسي أيّ كرسي. القرآن استخدم العرش (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء (7) هود) وقال (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ) قالوا الكرسي محيط بالسموات والأرض والسموات والأرض وما فيها كحلقة في فلاة بالنسبة للكرسي والكرسي وما فيه كحلقة في فلاة بالنسبة للعرش. وقسم من المفسرين حاولوا أن يعطوا معاني أخرى وقالوا الكرسي هو القدرة والتدبير والملك وقسم قالوا هو العلم فذهبوا حتى يخرجوا من التجسيم والتشبيه وأعطوه معاني أخرى. في اللغة يستعملون الكرسي مجازاً يقصدون به الملك والتدبير.
سؤال: (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73) الواقعة) ما اللمسة البيانية في هذه الآية؟ وما دلالة المقوين؟
يتكلم عن النار والمقوين المسافرين الذي يذهبون في القواء، القواء هو القفر. يذهب في القفر يعني مسافر وقسم قالوا المحتاجين قالوا القواء قد يكون بمعنى الاحتياج، إذا كان بهذا المعنى ستكون من المشترك اللفظي المفردات أحياناً تشترك في أكثر من معنى، قسم قال القواء هو الاحتياج والمقوين يعني المحتاجين وقسم قالوا المسافرين الذي ذهبوا في القواء يعني القفر يحتاجوها في القفر إما للإستدفاء أو الطعام، وتذكرة تذكرهم بالآخرة فهي تذكرة من ناحية ومتاع من ناحية الأخرى، متاع للانتفاع بها وتذكر بالنار لأنه لم لم يعلموا النار كيف يذكرهم بالنار؟ فلا بد أن يعرفوها حتى تحذرهم ويخوفهم فجعلها ربنا تذكرة ومتاع للمقوين.
سؤال: هل يمكن للدكتور أن يشرح عن الملكين رقيب وعتيد وكيف يسجلا أعمالنا؟
هما ملكان، هذه صفتهما، رقيب يرقب قوله وفعله ويكتب ما كان خيراً أو شراً فإذا كان خيراً فهو صاحب يمين وعتيد يعني حاضر مهيأ، العتيد يعني الحاضر (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً (31) يوسف) يعني جهزت، عتيد يعني جاهز للكتابة، رقيب وعتيد وصفان لملك هناك ملكان عن يمين وعن يسار لكن كلاهما رقيب عتيد كلاهما مهيأ ويكتب. كيف يكون علماً وكل المليارات من البشر؟ إذن هذا وصف للملك.
سؤال: ما دلالة الضمّ في (عليه) في الآية (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) الفتح)؟
هو ليس رفعاً وإنما بناء على الضم والمعروف أن هاتان لغتان لغة الحجاز هذا الضمير تبنيه على الضم مطلقاً في كل كلامها لا تكسره تقول مررت بهُ وإليهُ وعليهُ كلها تبنيه على الضم مطلقاً وسائر العرب إذا كان قبل الضمير كسرة أو ياء ساكنة تكسره وما عجا ذلك تضمه، إذا كان قبله كسرة أو ياء ساكنة تكسره مثل (بهِ، عليهِ، أنسانيهِ). عليهُ هذه لغة الحجاز استعملها في موطنين في القرآن (عليهُ) (وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ (63) الكهف) فيقولون سبب الاختيار هنا، لماذا اختار هذه اللغة تحديداً؟ يذكرون أمرين عن هذه الآية (عليهُ) نحن نعرف أن الضمة أثقل من الكسرة والفتحة أخف الحركات والعهد هذا الذي جاء به هو أثقل العهود هذه في بيعة الحديبية هذه مبايعة حتى الموت فلما أثقل العهود وهو البيعة على الموت جاء بأثقل الحركات وهي الضمة، هذه أثقل أنواع العهد أن تبايع على الموت فجاء باثقل شيء وهي الضمة. الأمر الآخر أنه لما تأتي بالضمة تفخم لفظ الجلالة (عليه الله) ولو جئت بالكسرة سترقق اللام فتفخيم لفظ الجلالة لتفخيم العهد، هذا عهد عظيم مفخّم حتى بالصوت هو أيضاً مفخم. الصوت أيضاً يربط الدلالة السين والصاد واختيار الضمة تؤثر مثل (بسطة وبصطة) (وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً (69) الأعراف) بالصاد.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 15/5/2008م:
-
(وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) يوسف) خطر ببالي أن ليسجنن مؤكدة بالنون الثقيلة لأنهم أكيد سيسجنونه وولم يؤكد (وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ) لأنه لن يكون من الصاغرين فلذلك جاءت بما بتناسب مع مستقبل يوسف u لم تقل ليكونن من الصغرين لأنها لن تقدر عليه وإنما تقدر على السجن كما أنها لن تكون حقيقة مستقبله وإنما سيصير عزيز مصر لن يكون من الصاغرين.
-
سبق وتحدث الدكتور فاضل عن أن (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) عبس) الفرار يكون من الأبعد والفداء يكون بالأقرب (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) المعارج). ألا ترى يا دكتور فاضل أن الإعجاز البياني في القرآن لم يعطَ قدره في الدعوات حيث أن الأصل في القرآن هو الإعجاز البياني حيث أن الله تعالى جاء به عربياً وهو أكبر معجزات النبي r والله تعالى تحدى الإنس والجن أن يأتول بمثله فلو كان هنالك منظمة تقترحونها لهذا الاعجاز.
-
(وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ (100) يوسف) خطر في بالي معنى وهو جعلني وعاء للإحسان حيث أخرجني من السجن وجعلني كذلك حفيظاً لأرزاق الناس وجعلني محوراً للإحسان ألا يفهم هذا الملمح؟
-
الكرسي والعرش أهل السنة والجماعة بينوا أن العرش معلوم (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) طه) يؤمن به كما قال به عز وجل ليس فيه تشبيه ولا تمثيل وهذا هو المنهاج الحق (ليس كمثله شيء) نفى الله عز وجل المشابهة لخلقه وأثبت الصفات بمعانيها وما تدل عليه إلا أن المعنى نعلمه لكن الكُنه والكيفية بالنسبة لله عز وجل هذا لا ندركه العقول ولا تحيط به لكن نكون كالممثلة الذين مثلوا الله عز وجل فتشددوا في الإثبات ولا نكون كالمعطلة الذين خشوا أن يكون في ذلك تشبيه فعطلوا الصفات فنحن نؤمن بالأسماء والصفات كما جاء في الكتاب والسنة إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل.
-
ما هي اللمسة البيانية التي أخذت وقتاً طويلاً من الدكتور فاضل؟
-
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) الكهف) لقد سمعت من إحدى الفضائيات العربية بأن الأخسرين أعمالاً تشمل المصلين ولكن الذين لا يزكون أو المصلين والمزكين لكن الذين لا يقدمون صدقات فأرجو أن نعرف ماذا تشمل هذه الآية الكريمة؟ لو استمرت الأخت السائلة بالقراءة (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)) هذه الآية تبين من هؤلاء؟ إذن هم كفار كفروا بآيات ربهم ولقائه وليسوا من المسلمين.
-
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا (41) العنكبوت) هل العنكبوت مذكر؟ ولماذا (اتخذت) بتاء التأنيث؟ العنكبوت في اللغة يستعمل للمذكر وللمؤنث هذا عنكبوت وهذه عنكبوت. والعنكبوت اتخذت إستعمل المؤنث لأن الأنثى هي التي تقوم بعمل البيت وليس الذكر حتى قالوا هذا من الإعجاز.
-
(أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) العنكبوت) يبدئ الله الخلق فعل مضارع ثم بدأ الخلق ثم الله ينشئ ما هي اللمسة البيانية
-
ما الفرق بين استخدام آية وآيات (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) العنكبوت) (خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ (44) العنكبوت) ومرة إنها لآية؟
-
(فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ (196) البقرة) ما اللمسة البيانية في عشرة كاملة؟ وما المعنى الذي أضافته للآية؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 15/5/2008م
2009-03-16 16:19:33الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost