الحلقة 123
سورة الجن
(قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25))
سؤال من المقدم: الملاحظ في هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى لم يقابل القريب بالبعيد فما اللمسة البيانية في هذا؟
مرّ بنا في أكثر من مناسبة أنه الخط الجاري في السورة أنه لا يقابل الشيء بنقيضه أو بما يقابله. هذا مرّ في مواطن كثيرة وهذا نمط ظاهر في السورة فقابل القريب بالأمد والأمد هو الغاية قد يكون قريباً وقد يكون بعيداً (تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا (30) آل عمران) جاري هذا النمط في السورة.
سؤال من المقدم: قال تعالى في سورة الجن (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25)) وقال في سورة الأنبياء (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ (109)) ما الفرق بين الآيتين؟
في سورة الأنبياء قابل القريب بالبعيد. في سورة الأنبياء من الوعد ما هو ظاهر القصد وهو بعيد فعلاً في سياق آية الأنبياء. مثلاً ذكر أموراً تتعلق بالآخرة هي ليست قريبة، أمور تتعلق بالآخرة يعني ذكر يأجوج ومأجوج عند اقتراب الوعد الحق (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)) ذكر جملة وعود تتعلق بأحوال الآخرة (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)) هذه أمور ظاهرة البعد ليست مثل ما ذكر في سورة الجن (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)) وجاء بعدها (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25)) قسم قال (ما توعدون) يعني ما يرونه في بدر، تحتمل الآخرة وقالوا هو ما يرونه في نصر المسلمين في بدر هذا ليس بعيداً كما ذكر في الأنبياء. في سورة الجن ليست هناك قرينة سياقية تحدد معنى معيناً ولذلك قسم قال ما يوعدون من نصر ويحتمل أن يراد يوم القيامة أما في سورة الأنبياء فظاهر البُعد والمقصود يوم القيامة (ذكر يأجوج ومأجوج، يوم نطوي السماء، لا يحزنهم الفزع الأكبر، هذا يومكم، فتنة لكم ومتاع إلى حين) أمور قسم منها ظاهر في يوم القيامة فناسب ذكر البُعد في آية الأنبياء.
فكرة عامة عن الآية (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26))
(قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ) لما نفى الدراية (إن) هنا نافية بمعنى ما أدري، (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ) يعني ما أدري، إذن من الذي يدري؟ عالم الغيب. لما نفى الدراية والعلم عن نفسه، إذن من يعلم ذلك؟ عالم الغيب. و أيضاً ذكرنا في مواطن مختلفة أنه حيث أفرد الغيب يجيء بإسم الفاعل مفرداً (عالم) (عالم الغيب أو عالم الغيب والشهادة) بالإفراد أما الغيوب فيأتي معها بالجمع (علّام الغيوب) في كل القرآن لأن علام صيغة مبالغة والمبالغة تدل على التكثير إذن يناسبها الجمع لا الإفراد (علام الغيوب) و(عالم) إسم فاعل يناسبها الإفراد، هذا في جميع القرآن. أما (عليم) مطلقة يستعملها القرآن مطلقة ولا يستعملها في أمر معين. أما علام خصصها بالغيوب وعالم بالغيب والشهادة بالإفراد.
سؤال من المقدم: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)) ما دلالة تكرار الغيب في الآية؟
والله أعلم الغيب الثاني غير الأول. الغيب مختلف وليس بدرجة واحدة، قسم استأثر به لا يُطلع عليه أحد مثل علم الساعة وأشياء أخرى إستأثر بها. هنالك من الغيوب ما استأثر الله بعلمه، وقسم من الغيوب أعلم بها الأنبياء بالوحي وقسم من الغيوب عامة مثل ما يراه الإنسان في المنام قبل أن يقع (هذه الرؤيا الصادقة) كثير من الناس يرون رؤى تقع بعد يوم أو يومين بدقتها، هذا مما لا يعلمه أحد. قسم من الغيوب يطلعها ربنا بإلهام لكن هنالك غيوب استأثر بها ربنا سبحانه وتعالى وقسم للمرتضين من رسله، لمن ارتضى من رسله، يعطي الغيب لمن يريد من الرسل مثلاً في عيسى قال (وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ (49) آل عمران) لم يذكر هذا في إبراهيم ولم يذكر هذا في نوح. إذن الغيوب هي ليست غيباً واحداً إذن هنالك غيب ربنا سبحانه وتعالى لا يطلعه على أحد أو يطلع المرتضين من رسله ما شاء من ذلك. إذن هو عالم الغيب والشهادة على الإطلاق، يعني الحلم الذي رآه يوسف وهو صغير تأويله جاء بعد سنوات ورؤيا الملك هذا غيب من يعلم بها؟ قد تكون الرؤيا صادقة كلوحة تماماً مثل تصوير الفيديو فتكون واضحة بدقتها. إذن الغيب ليس واحداً لكن ربنا يطلع من يشاء (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ (27)) هذا غيب خاص. (عَالِمُ الْغَيْبِ) هذه عامة (فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا) له غيوب خاصة لا يطلع أحداً عليها إلا من ارتضى من رسول يطلعه عليه. ولو قال فلا يطلع عليه يعني كل الغيب. قال غيبه بالإضافة هذه خاصة والغيب الأولى عامة.
(إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27))
يستثني، الرصد هو الحافظ، يحفظه من الشياطين أو الجن.
سؤال من المقدم: ما دلالة (من) في الآية؟
(من) يسموها إبتداء الغاية. لو حذف (من) يقول يسلك بين يديه. ما الفرق بينهما؟ بين يديه يعني أمامه قد يكون الرصد قريباً أو بعيداً والخلف قد يكون بعيداً أو قريباً، خلفك يمتد إلى ما لا نهاية. بينما (من) إبتداء الغاية ملاصق لا يسمح لأحد بأن يدخل مثلاً (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا (10) فصلت) من فوقها الرواسي ملاصقة للأرض لو قال فوقها تحتمل (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ (6) ق) (وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّور (63) البقرة) ليس ملاصقاً لهم وإنما فوق رؤسهم، (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ (19) الملك)، (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ (75) الزمر) ليس هنالك فراغ بين العرش والملائكة. (لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ (16) الزمر) مباشرة عليهم لو قال فوقهم تحتمل بُعد المسافة. (يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) الحج) مباشرة على رؤوسهم، (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا (9) يس) ملتصق حتى لا يتحرك ولو قال بين أيديهم يحتمل أن يكون قريباً أو بعيداً، (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ (5) فصلت) كل المسافة بيننا مملوءة ولو قال بيننا قد يكون أي حاجز أما من بيننا يعني المسافة أكبر، من بيننا يعني كل المسافة. إذن (من) لابتداء الغاية وبهذا نفهم (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) من تحتها درجة أعلى من تحتها (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ (100) التوبة). كل (من تحتها) معهم الرسل أما تحتها ليس معهم الرسل (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ) هؤلاء ليس معهم الرسل.
سؤال من المقدم: هل هنالك معاني للحروف في اللغة العربية؟
هناك كتب كثيرة مؤلفة في معاني الحروف مثل المغني اللبيب وغيره.
(لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28))
سؤال من المقدم: ما دلالة (ليعلم) مع أن الله تعالى هو العليم الخبير؟
لا شك هو ربنا عالم بالشيء قبل وقوعه وهو الذي كتب كل شيء لكنه هو يقصد العلم الذي يتعلق به الجزاء. ربنا يجازي الشخص على عمله لا على علمه فقط، يعلم ويعمل ويجازيه. هذا العلم الذي يتعلق به الجزاء وهو في القرآن كثير (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ (25) الحديد) ربنا يعلم لكن ايريد من ينصره ورسله في واقع الحياة، لمقصود علمه بعد عمل المرء. (إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ (143) البقرة) هو يعلم قبل ذلك لكن علم يتعلق به الجزاء، تطبيق على ما في علم الله (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) محمد) لذلك لما قال (وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ) يعني يعلم الأمر، هذه الواو واو الحال. هو أحاط بما لديهم إذن هو يعلم وقد أحاط بما لديهم لكن العلم الذي يتعلق به الجزاء. (وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا) يعني كل شيء على العموم أحصاه عدداً وعدّه وحفظه. لأن الإحصاء هو العدّ والحفظ وليس العدّ فقط. الإحصاء هو العد والحفظ أما العد فقط تذكر العدد أما الإحصاء فهو عد مع الحفظ، (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) النبأ) عددناه وحفظناه. فعل عدّ يفيد ضم الأعداد بعضها إلى بعض.
إجابة الدكتور فاضل السامرائي على أسئلة المشاهدين من حلقات سابقة:
سؤال: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا (26) يوسف) ما هو إسم الشاهد الذي تكلم في المهد؟
لا نعرف إسمه. قيل إبن خالها وقيل كان طفلاً في المهد وقسم قال كان إبن عمها وكان رجلاً حكيماً لم يشهد الوقيعة أصلاً. إذن يدور بين أمرين هل هو الطفل الذي في المهد وقد أنطقه الله؟ أو هو رجل حكيم صاحب رأي؟ الله أعلم وليس لدي علم بسلاسل الأحاديث ولكن سياق السورة يوضح أنه رجل حكيم وليس طفلاً لأن الدليل أنه لما قال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي ولو كان طفلاً كان قال ما بال الطفل الرضيع وليس ما بال النسوة، الطفل الرضيع الذي شهد ببرائتي كان يستشهد بالرضيع ولماذا يستشهد بالنسوة (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ (50) يوسف). لو كان طفلاً لقال يوسف إرجع وإسأل الطفل ألم ينطق ببراءتي؟ هذا يكون أقوى، كونه يُلجئ الملك إلى سؤال النسوة مرة أخرى معناه أن الشاهد ليس طفلاً رضيعاً ولو كان طفلاً رضيعاً وتكلم كان أجاب المرأة، طفل رضيع يشهد ببراءة يوسف أمامها، لماذا قالت الآن حصحص ولو كان طفلاً رضيعاً لكان حصحص الحق في حينها. والرأي (إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ (26) يوسف) هذا رأي حكيم لا يخرج من طفل. البعض يذكر الذين تكلموا في المهد ومن ضمنهم شاهد يوسف لو كان هنالك نص حديث صحيح في أنه طفل يقطع بذلك لكن من حيث الآيات والسياق لو كان طفلاً يحتج وهو رضيع كان يُسكت المرأة فلماذا قال يوسف ما بال النسوة؟ الله أعلم.
سؤال: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) يوسف) ما اللمسات البيانية في الآية؟
استيأس مبالغة في اليأس يعني حاولوا جهدهم فلم يوافق سيدنا يوسف على أن يأخذ هؤلاء مكان أخيهم. خلصوا أي انفردوا من غيرهم وخلصوا من كل شيء غير هذا الأمر. فلما استيأسوا من سيدنا يوسف خلصوا أي انتهوا من كل شيء وانفردوا من غيرهم ولم يفكروا في أي مسألة إلا هذه المسألة. نجياً تحتمل عدة معاني، نجياً النجي هو السر (مصدر) وجماعة تأتي أيضاً نجيّ مثل الصديق يأتي مفرد ويأتي جمع والعدو يأتي مفرد ويأتي جمع والنجي يأتي مفرد ويأتي جمع. فإذن النجي تحتمل المصدر وتحتمل الجمع، نحن نفهم المعنى إما أنهم استيأسوا ثم انفردوا من كل شيء وخلصوا من ذواتهم وتحولوا إلى نجوى تحولوا إلى مصدر بقدر ما كان الأمر يهمهم تحولوا إلى نجوى لم يبق شيء من ذواتهم إلا هذه المسألة فكأنما تحولوا إلى حدث، هذا إذا كانت بمعنى المصدر مبالغة في هذا الأمر. وإما أن يكونوا هم جماعة والنجوى هي السر، جماعة خلصوا إلى هذه المسألة جماعة تحولوا إلى نجوى فيكون معنى الجمع ومعنى المبالغة لأنهم تحولوا إلى نجوى، مبالغة في استيأس ومبالغة في خلصوا ومبالغة في نجياً. نجياً من التناجي.
سؤال: ما اللمسات البيانية في الآية (إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)) وكيف يكون بغير حساب؟
هو لم يقل بغير حكمة وإنما قال بغير حساب. بغير حساب. هذه العبارة (بغير حساب) تحمل عدة معاني مهمة أولاً معناه لا يحاسبه أحد عما يفعل يرزق من يشاء ولا يسأله أحد لِمَ فعلت هذا؟ وهو لا يحاسب المرزوق على قدر الطاعة يعني هو لا يرزق الناس على قدر طاعتهم (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) الإسراء) يعني ليس الرزق دليلاً على رضى الله عن العبد وليس المنع دليلاً على سخط الله، هذا ليس في حسابه تعالى عندما يرزق، ليس في حسابه أن هذا مطيع فينبغي أن يمنع وليس في حسابه أن هذا عاصي فينبغي أن يُحرم، ربنا قال هكذا (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ) من غير تقتير ثم أمر آخر أنه لا يخشى أن تنفد خزائنه وتنتهي كما سائر الناس، الناس عندما ينفقون شيئاً يتأكدون هل عنده رصيد؟ هنالك أمور ينبغي أن يفعلها لكن ليس عنده رصيد حتى الدول عندما تنفق تحسب حساباً أما رب العالمين يرزق بغير حساب لأن خزائنه لا تنتهي. كل المعاني مقصودة وهذا الإعجاز الذي فيها. ثم من غير حساب من العبد يرزق العبد من غير أن يكون له حساباً (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) الطلاق) ما كان له حساباً. إذن بغير حساب هو لا يُسأل عما يفعل لا يحاسبه أحد ويرزق كما يشاء ولو كان هناك مسؤول في الدولة يرزق عليه تدقيق ومحاسبة لكن ربنا تعالى لا يُسأل عما يفعل، و لايحاسب المرزوق أي لا يرزقه بحسب الطاعة من غير حساب لهذه المسألة ولا يخشى أن تنفد خزائنه ومن غير حساب من العبد يرزقه من حيث لا يحتسب، العبد يُرزق من غير أن يحسب لذلك حساباً. هذا توسع في المعنى، كل هذه المعاني في (يرزق من يشاء بغير حساب) هذه الآية من جوامع الكلم.
سؤال من المقدم: ما معنى جوامع الكلِم؟
عبارة تأتي بمعانٍ كثيرة ومدلولات كثيرة.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 26/5/2008م:
-
(قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (18) مريم) على من يعود الضمير في (إن كنت تقياً)؟
-
(وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) الأنعام) لماذا لعلهم يتقون مع أنه أثبتت لهم التقوى في أول الآية؟
-
(وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران) (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ (21) الحديد) ما الفرق بين الآيتين؟
-
ما الفرق بين الحمد والشكر؟
-
(وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) يوسف) ما اللمسة البيانية في هذه الآية؟ وهل يمكن شرح الآية؟
-
هل يمكن أن نرى تفسيراً كاملاً وشاملاً للقرآن بهذه الطريقة البيانية؟
-
إذا قلنا “ما دمتَ مجتهداً فسوف تنجح” هل هذا الأسلوب شرطي أم فيه معنى الشرط لكنه ليس بشرط؟ ليس شرطياً هذه (ما) ظرفية مصدرية والأصل أن تُحذف الفاء (ما دمتَ مجتهداً سوف تنجح) و(ما دمت) متقدمة على عاملها الأصل سوف تنجح ما دمت مجتهداً هذا أصل التعبير والفاء أحياناً تأتي كأنما فيها معنى الشرط أو زائدة.
-
في موضوع التوسع في المعنى هل يُعَدّ اختلاف القراءات توسعاً في المعنى؟ في كثير من القراءات هكذا لكن أحياناً الإمالة ليس له علاقة بالمعنى لكن كثير من القراءات التي هي ليست فقط إختلاف صوتي فيها توسع في المعنى ذكرها صاحب النشر في القراءات العشر (إبن الجزري) ذكر قسماً من هذه الأمور يمكن الاستفادة منها.
-
ما الفرق بين استخدام جاء وأتى في القرآن (قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا (129) الأعراف) (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (11) طه) (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا (8) النمل)؟ للعلم أن القرآن لم يستعمل المضارع للفعل جاء مطلقاً لأن هذه الآية فيها مضارع تأتينا وماضي جئتنا، لم يستعمل من الفعل جاء إلا صيغة الماضي فقط لا المضارع ولا الأمر ولا المصدر أما أتى فقد جاء بكل الصيغ. أما الفرق بين جاء وأتى فيحتاج إلى كلام مفصل.
-
في سورة النمل (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)) بينما في سورة القصص (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)) فما الفرق بين الآيتين؟
-
ما اللمسة البيانية في سورة الطور (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37))؟
-
عندما تكلم الحق سبحانه وتعالى عن سيدنا عيسى في سورة آل عمران قال (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57)) ما دلالة فيوفيهم بدل فأوفيهم على غرار فأعذبهم؟
-
لما تكلم تعالى عن الميراث قال (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14) النساء) استخدم (يدخله) في الحالتين بينما في آل عمران قال (فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا) ثم (فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) فما الفرق؟.
-
في سورة الكهف عندما تكلم عن العثور عن أهل الكهف قال (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ (21)) وفي سورة طه عندما تكلم عن الحوار بين موسى وفرعون قال (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62)) ما دلالة التقديم والتأخير؟ وما اللمسة البيانية؟
-
(وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) الأنبياء) (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) الصافات) فهل هناك في السياق ما يدل على الخسارة والعلو والسفلية في هاتين الآيتين؟
-
النار والعياذ بالله دركات وفي سورة الكهف (إنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102)) فما اللمسة البيانية في كلمة نزلاً ونحن نعلم أن الجنة تكون نزلاً؟
-
نحن ندخل الجنة برحمة الله وليس بأعمالنا ونحاسب بحاسبات الله تعالى ألا يمكن للناس الذي إيمانهم غير قوي يقول أننا سندخل الجنة برحمة الله وهذه تساوي الناس ببعضها وأن الرزق بمشيئة الله فكيف يكون الجدال في هذا الموضوع؟
-
هل من حقنا كمشاهدين ما هي السورة التي ستشرحونها بعد سورة الجن؟ نحن نتمنى أن يشرح لنا الدكتور اللمسات البيانية في سورة ص أو ق مثلاً؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 26/5/2008م
2009-01-24 08:54:43الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost