الحلقة 151
لمسات بيانية في سورة يس
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7))
ذكرنا في الآية الكريمة معنى حق القول قلنا أنه ثبت لهم العذاب ووجب لهم العذاب كما في (حقت كلمة ربك) كما ذكرنا في حينها، وقال (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)) ما قال فهم لم يؤمنوا ولم يقل فهم غير مؤمنين، فهم لا يؤمنون يعني في المستقبل، حق القول ثبت العذاب أنهم لا يؤمنون طالما ثبت العذاب عليهم وحقّ ووجب ولو آمنوا في المستقبل لما حق القول، وهذا ما حصل فإن أكثرهم لم يؤمنوا.
استطراد من المقدم: ربنا يستشهد بعضهم هنا أن الإنسان لا دخل له؟
ليس للإنسان، هو يتكلم عن كفار قريش عن فئة محددة (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)) الكلام إخبار عن أمر معين في مجموعة معينة في قريش وهذا ما حصل فإن أكثرهم لم يؤمنوا وهذا يعتبر إعجازاً لأنه إخبار بشيء قبل حصوله وحصل وهذا يؤيد جانب النبي r ونبوّته لأنه لو آمن أكثرهم لكُذِّبت هذه الآية، هو ما قال فهم لم يؤمنوا هذا كلام عن الماضي لم يؤمن ولكن قد يؤمن في المستقبل، لم يقل فهم غير مؤمنين الإخبار عن لحال غير مؤمنين في الحال لكن قد يؤمنون في المستقبل وإنما قال (فهم لا يؤمنون) إذن هو إخبار (لقد) لام القسم وجواب القسم وقد التحقيق (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)) يعني هذا الأمر مفروغ منه، هذا الأمر مقسم عليه وهذا إخبار بالغيب قبل وقوعه وهذا من الأدلة الكثيرة على صدق الرسول r. وقال (أكثرهم) للدقة لأن قسم منهم آمنوا وهم قِلّة.
سؤال من المقدم: ما اللمسة البيانية في تقديم القول على الجار والمجرور في هذه الآية مع أنه في موطن آخر عكس الترتيب قال (لقد حق عليهم القول)؟
في آية سورة يس قدّم القول على الجار والمجرور (أكثرهم) وفي مواطن أخرى قدّم الجار والمجرور فقال (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ (25) فصلت) (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ (96) يونس) التقديم والتأخير كما هو مقرر في علم البلاغة حسب العناية، السياق، ما كانت العناية به أكثر هو مدار التقديم والتأخير عليه، يقدم ما كان مدار العناية إذا كان الاهتمام بالقول أكثر قدم القول وإذا كان الاهتمام بمن حق عليهم القول أكثر يقدم من حق عليهم القول (عليهم). إذن إذا كان الاهتمام بالقول يقدم القول وإذا كان الاهتمام بمن حق عليهم القول بالأشخاص، بالمجموعة يقدّم (عليهم). مثال: قال تعالى (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) فصلت) قدّم (عليهم) من حق عليهم القول لأن سياق الناس فيمن حق عليهم القول الأقوام الذين حق عليهم القول الكلام على أعداء الله ابتداءً في عشر آيات في هذا السياق من الآيات 19 إلى 29 في سورة فصلت (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) الكلام كله عمن حق عليهم القول (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)) كل الكلام على أعداء الله وليس هناك كلام عن القول أو من قال (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24)) إلى أن يقول (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)) السياق كله فيمن حق عليهم القول، في أعداء الله إذن ناسب تقديم (عليهم). في حين قال (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (33) يونس) قدم (كلمة) على الجار والمجرور لأن الاهتمام ليس منصرفاً إلى هؤلاء وإنما الكلام على الله صاحب الكلمة ونعمه واستحقاقه للعبادة فناسب تقديم (كلمة) نذكر السياق (فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)) الكلام عن الله سبحانه وتعالى (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)) الكلام عن الله فذكر كلمته، (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)) فلما كان الكلام عن الله واستحقاقه للعبادة قدّم (كلمة) ولما كان الكلام على أعداء الله قدّمهم.
في آية يس (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)) قدّم القول لأنه لم يقل فيهم إلا (فَهُمْ غَافِلُونَ (6)) والباقي كله ما يفعله الله يعني استحقاق هذه الكلمة أنه جعل في أعناقهم وجعل من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً، فِعْل ربنا بما تستحقه الكلمة فإذن كل تعبير في مكانه المناسب. حقّ القول يعني ثبت لهم العذاب.
سؤال من المقدم: قد يقول قائل حتى في اللغة خارج القرآن محمد بالداخل أو بالداخل محمد، المهم أن محمد بالداخل فما الفرق بين السياقين؟
من الناحية البلاغية أو من مجرد الإفهام العام؟ أنا لو أخطئ في اللغة الآن وأقول حضر محمداً ومحمد حضر فتقول لو قلت محمدٌ!. إذن لا بد أولاً أن تجري على سنن اللغة وليس على مجرد الإفهام العام. حضر محمداً لا تصير على هذا، لا يجوز مع أن السامع يفهم المقصود أن محمد حضر.
سؤال من المقدم: خرق الثوبُ المسمارَ، هذا شاهد نحوي؟
عند بعض أهل اللغة هذه لا تقال إلا فيما يتضح فيه الفاعل قطعاً، عند أمن اللبس، (ورد الحوضُ الفرسَ) عند أولئك يجوز هذه لغة خاصة العرب لم يستعملوها وإنما استعملها قوم من العرب قِلّة ولم يستعملوها إلا فيما أُمن فيه اللبس فقط ما استعملوا أكرم محمد خالد.
سؤال من المقدم: عندما نقول ضرب موسى عيسى فمن الذي ضرب؟
هنا يجب تقديم الفاعل إذا لم يتبين الفاعل من المفعول إلتزم تقديم الفاعل وتأخير المفعول هذا قاعدة، هذا من حيث اللغة. “أكرم أخي صديقي” من الذي أكرم؟ المقدّم قطعاً هو الفاعل.
من حيث الدلالة اللغوية الحقيقية أما أن يتكلم كلاماً هكذا، محمد في الداخل هذا إخبار والمخاطَب خال الذهن لا يعلم أين محمد، في الداخل محمد هو يظن أنه ليس في الداخل وإنما في مكان آخر، هذا جواب لسؤال أين محمد؟ محمدٌ في الداخل هو يسأل عن مكانه فقدّم المكان. أين محمد؟ محمد في الداخل، ذاك إخبار أولي تخبره إخباراً. في الداخل محمد قد يظن أنه في المدرسة وليس في داخل البيت قد يظن أنه في السوق، إذا كان المبتدأ معرفة أما إذا كان نكرة فيجب تقديم الجار والمجرور (ولا يجوز الابتدا بالنكرة ما لم تفد)
سؤال من المقدم: إذن يمكن أن نستقرئ مسرح الحالة من خلال الكلمات المكتوبة؟ نستقرأ حال التصور الذهني للمتحدثين والمخاطبين من خلال ما قيل من كلام؟ وعلى هذا النحو جاء القرآن الكريم يقدم ويؤخر؟
صح. وعلى هذا النحو جاء القرآن الكريم لأن هذا من الناحية البلاغية تغني عن النغمة الصوتية لأن أحياناً النغمة الصوتية تؤدي معنى معيناً. من عناصر الجملة النغمة الصوتية، القدامى فطنوا لها يقول إبن جنّي محمد عــالم يمد الألف ويقولون محمد عالم عنده علم قليل، يقولون (عنده علم) يفخمون الصوت في (عنده) للدلالة على علمه الكبير بينما يقولون (عنده علم) بدون تفخيم للدلالة على علمه القليل.
سؤال من المقدم: إذن هنالك بعض الرسائل التي تقول الدعـــاء أعذب نهر جرى، هذا له صدى في الدراسات القديمة؟
يقولون سألنا فلاناً فوجدناه إنســاناً (بمد الألف وتفخيم الصوت). نحن نقرأ القرآن بما ورد إلينا من قواعد.
سؤال من المقدم: سياق الآية يدلنا دلالة كاملة؟
يغني لأن القراءة ليست فقط تخاطب وإنما كتابة، التخاطب يكون بين اثنين موجودين، المكتوب الآن أكثر من المسموع فاللغة العربية تعطيك المعنى بهذه الجوانب التقديم والتأخير والقطع وما إلى ذلك وهذه المعاني تعطيك المقصود بينما في اللغات الأخرى ليس فيها تقديم وتأخير.
(إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8))
سؤال من المقدم: ما معنى الأغلال وما معنى مقمحون؟
الأغلال جمع غُل وهو حلقة من حديد تحيط بالعنق أو باليد، قَيْد، أو تجمع بينهما (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ (29) الإسراء). المُقمَح الذي يرفع رأسه ويغضّ بصره. وقال المعنى أنه جعل في الأعناق أغلالاً يعني أطواق من حديد غلاظ ليست واسعة الفتحة ضيّقة أخذ العنق إلى الذقن فلا يستطيع أن يتحرك ولا يستطيع أن يمد رأسه فلا بد أن يرفع رأسه إلى أعلى ويغض بصره، لا يستطيع أن يلتفت لأن الأغلال تقيّد حركته. هؤلاء إذن لا يتمكنون من الرؤية ولا البصر ولا يهتدون لأنه هذه حالهم فكيف يهتدون؟ فإذن هم بهذه الصورة العنق كله في طوق ثقيل غليظ ليس واسع المساحة إلى العنق بحيث لا يتمكن أن يلتفت ويطأطئ رأسه إذن هو رافعاً رأسه (فهم مقمحون) بيان لحالتهم أن هؤلاء لا يهتدون لأنهم لا يبصرون، لا يبصر فكيف يهتدي؟! هذه حالتهم ولا يمكن حتى أن يلتفتوا لا إلى اليمين ولا إلى اليسار، يتخبط، هذه حالهم.
(وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9))
سؤال من المقدم: لماذا بدأ تعالى بقوله (من)؟
الآن في ذهني أنك سألت عن التقديم والتأخير قبل قليل في الآية التي سبقت (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا) قدّم الأعناق على الأغلال لأن الكلام عليهم وليس عن الأغلال، لم يتكلم عن الأغلال شيئاً بينما الكلام عليهم هم. في هذه الآية تكلم تعالى عن الذين لا يؤمنون أنهم مقمحون وصف حالتهم فقدّمهم ولم يتكلم عن الأغلال.
نأتي للآية الكريمة (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9)) أيضاً بالمناسبة لم يقل سداً من بين أيديهم لأن الكلام عليهم وليس عن السد، لم يتكلم عن السد وإنما الكلام عنهم مثل الآية السابقة (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا). يبقى السؤال لماذا ذكر (من)؟ لماذا لم يقل جعلنا بين أيديهم سداً؟ (من) تفيد ابتداء الغاية يعني جعل السد ليس بينهم وبين السد أي فاصل، (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) يعني ليس هناك فاصل بين السد وبين أيديهم لو قال بين أيديهم تحتمل المسافة القريبة أو البعيدة (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6) ق) كم بينك وبين السماء؟! كثير، ما قال من فوقهم لا يصح. (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) الملك)، (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا (10) فصلت)
بُثّت الحلقة بتاريخ 15/9/2008م
2009-01-22 06:30:33الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost