لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 167

اسلاميات

الحلقة 167

إجابة على أسئلة المشاهدين

المقدم: ما الفرق البياني بين مفردات القراءة في القرآن الكريم وهي القراءة والتلاوة والترتيل، (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ (121) البقرة) ما هو حق التلاوة؟ (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) الأعراف) (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) المزمل)؟

د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. القراءة قد تكون بكلمة واحدة أو لحرف واحد قد تقرأ هذا الحرف. التلاوة لا تكون إلا لكلمتين وصاعداً، التلاوة شيء يتلو شيئاً، تلا يأتي خلفه. أما الترتيل فهو التبين والتحقيق، يتبين الحروف، الاستقامة في إخراجها، يتحقق في إخراجها.

المقدم: ولهذا قال تعالى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) المزمل) يجوّده ويحسّنه

د. فاضل: بصورة سليمة يبين الكلمات والحروف يحقق مخارجها.

سؤال: في سورة الأنعام (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ (151)) وفي سورة الإسراء (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا (31)) فما الفرق بينهما؟

د. فاضل: هذا السؤال أثير قديماً في الكتب القديمة عند المفسرين القدامى. (مِّنْ إمْلاَقٍ) يعني الإملاق حاصل، القاتل هو مفتقر يقتل الولد لأنه ليس عنده مال، مفتقر، هذا واقع ولذلك قال ربنا (نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) قدم رزقهم لأنهم هم محتاجون، فقير محتاج. بينما الآية الأخرى (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) ليسوا مفتقرين الآن لكنهم يخشون أن كُلَف الأولاد تؤثر عليهم ليس مفتقراً الآن فقال (نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم) يعني رزقهم معهم لن يشاركوكم في الرزق سيكون رزقهم معهم قال (نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ) قدّم رزق الأبناء مع الخشية. ومع (مِّنْ إمْلاَقٍ) قدم رزق الآباء.

المقدم: في الحقيقة هل هو يرزق الآباء أو الأبناء؟

د. فاضل: يرزق الإثنين طبعاً.

المقدم: يعني كلٌ يأتي برزقه، كلٌ له رزق. واضح أن الفكر المسيطر عليهم قديماً أن الأولاد تأكل من رزق الموجود تنقصه أو تضعفه.

د. فاضل: رزقه معه، كل نفس لها رزقها ربنا سبحانه وتعالى يرزقها.

المقدم: يعني بنصّ الآية لا تأثير لأحد على أحد على أحد بالمرّة.

سؤال: في سورة النمل (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)) بينما في سورة القصص (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)) فما الفرق بين الآيتين؟

د. فاضل: الشهاب هو شعلة من النار ساطعة. القبس اي شيء يؤخذ من النار سواء كان جذوة أم شهاب، قبس تقبسه تأخذه، هذا القبس ما يؤخذ من النار أياً تأخذ هو القبس. الجذوة هي الجمرة

المقدم: بغض النظر عن الحجم؟

د. فاضل: هي جمرة، عود فيه نار بلا لهب هذه جذوة. إذا صار فيه لهب يصير شهاباً.

المقدم: الشهاب إذن نار فيها لهب.

د. فاضل: والشعلة؟

المقدم: كما الشعلة الموجودة في الألمبياد

د. فاضل: أي شعلة من النار هو شهاب، الجذوة لا، بلا لهب هي جمرة، القبس هو ما تقبسه من النار سواء كان شهاباً أم جذوة.

المقدم: شهاب قبس؟

د. فاضل: شهاب تأخذه من النار.

المقدم: يعني قطعة مشتعلة من النار؟

د. فاضل: نعم، قطعة مشتعلة تأتي بعود على النار، على الشهاب فيلتهب تأخذه صار شهاباً قبساً.

المقدم: إذا أخذنا منها عوداً كان ملتهباً يكون شهاباً قبساً وإذا لم يكن ملتهباً يكون جذوة أو جمرة أو قبس

د. فاضل: القبس عام للجذوة وللشهاب، ما تقبسه ما تأخذه من النار

المقدم: يعني القبس هو عبارة عن شهاب وجذوة

د. فاضل: نعم، ممكن هذا وممكن هذا، كل هذا قبس.

المقدم: والفرق أنه إذا كان ملتهباً فهو شاب وإذا لم يكن مشتعلاً فهو جذوة أو جمرة.

المقدم: مرة يقول في سيدنا موسى شهاب قبس ومرة جذوة من النا، موسى ماذا أخذ؟ وخصوصاً في ظل هذا الفرق الدلالي أن هذا فيه اشتعال وهذا ليس فيه اشتعال؟

د. فاضل: لا، عندما قال قبس قال (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)) لكن قال في الثانية (آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)). سأتيكم قطع، لعلي احتمال. في سورة النمل قال (سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ) سآتيكم قطع. في القصص قال (آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)) ليس متأكداً والإنسان أحياناً يقول هذا ويقول ذاك، سآتي اليوم لعلي أستطيع. أنا الآن عندي سفرة إلى مكان قريب سآتيكم مساء هذا اليوم لعلي أستطيع، مرة قطعت ومرة احتمال. أنت قلت الاثنين أول مرة قلت سآتيكم قطعت والثانية قلت لعلي أستطيع، لعلي آتيكم. موسى قال (سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ) (لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ) ففي مكان القوة لأنه في سورة النمل كان قوياً أما في القصص فهي في الخوف من أولها إلى آخرها، قال (لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ) لعلّي. وقال (سآتيكم). هو قال الاثنين سآتيكم، لعلي آتيكم فذكر في كل موطن ما يناسبه من السياق.

المقدم: هل هذا يؤثر على الذي يأتي به؟ مرة يأتي بشهاب قبس فيه التهاب ومرة يأتي بجذوة ليس فيها التهاب؟

د. فاضل: ماذا يستطيع هو أن يفعل؟

المقدم: لا شيء.

د. فاضل: هو سيرى ماذا يستطيع أن يفعل.

المقدم: هكذا نفهم الآيات، هو سيرى يذهب وينظر

د. فاضل: ولذلك هو قال في طه (لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)) لا قال شهاب ولا قال جذوة، هذا هو العام، والقبس قد يكون شهاب وقد يكون جذوة.

المقدم: هو أتى بالثلاثة

د. فاضل: قبس تجمع الاثنين ليس هناك تناقض في المسألة، قال قبس وهو عامّ

المقدم: هو في واقع الأمر ماذا قال؟

د. فاضل: قال الاثنين كما نقول الآن سآتيكم هذا اليوم لعلي أستطيع. سآتيكم بشهاب لعلي أستطيع فإن لم أستطع آتيكم بجذوة.

المقدم: هو ماذا قال لأهله؟ سآتيكم بقبس أم سآتيكم بشهاب أم سآتيكم بجذوة؟

د. فاضل: قال الاثنين لكن قال إحداها على القطع والأخرى على الاحتمال. سأرجع هذا اليوم، لعلي أرجع، لا، سأرجع، وهذه نفس الشيء، لعلي أستطيع آتيكم بجذوة، لا، شهاب. نقول الظرف هو الذي يحكمه لكنه قال الاثنين سآتيكم بكذا، لعلي آتيكم.

المقدم: لا يظنن ظان أن القرآن فيه تضارب أو أن كلامه تغيّر

د. فاضل: لا، كيف يكون فيه تضارب؟! هذا واقع الحياة أحياناً نذكر الأمرين واحد بالقطع وواحد بالاحتمال، هذا يحصل.

سؤال: (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) المرسلات)، ما معنى أُقتت؟ وكيف اشتقت؟

د. فاضل: أُقتت يعني عُيّن لها الوقت. هي طبعاً من الوقت، اإقتت من الوقت فعلها وُقتت قلبت الهزة من الواو وهذا في الحقيقة كثير أن الواو تقلب همزة مثل الإرث أصلها من ورِث ليس عندنا أرث. أحد من وحد تقلب الواو همزة. نحن نقول توكيد وتأكيد.

المقدم: أيهما أصح؟

د. فاضل: كلاهما، توكيد وتأكيد، هذا إبدال. نقول توكيد وتأكيد. رجلٌ وَحَد وأحد. العرب لما تقول رجلٌ وَحَد أي لا يُعرف اصله. وحشٌ وَحَد. أحد عامة، ما في الدار أحد.

المقدم: قل هو الله أحد

د. فاضل: وحده لا شريك له.

المقدم: ولو قال وَحَد؟

د. فاضل: لا يصح لغة لأن وَحد تعني الذي لا يُعرف اصله.

المقدم: أحد معروف الأصل لكنه متفرّد.

د. فاضل: والواو تبدل تاء أحياناً مثل تُراث من ورث، تجاه من وَجَه، تُخَمة من وَخَم. وأحياناً إبدال الواو همزة واجب مثلاً نحن نجمع كاتبة على كواتب، جالسة جوالس، واقية يجب أن تكون بحسب ما سبق وواقي لكنها تصير أواقي، العرب تقول أواقي (وَقَتْك الأواقي) لما نجمع فاعلة على فواعل تصير واوين لا يصح فيبدلون الواو الأولى (أواقي وليس وواقي). حتى أحياناً في التصغير نقول كاتب كويتب، واقف؟ نقول أويقف يصير إبدال واجب لأن فيه ثِقَل كثير وأحياناً يكون الإبدال جائزاً.

المقدم: إذن الإبدال في حد ذاته موجود. فأُقتت من وُقتت من الوقت وأبدلت الواو همزة. ومعناها؟

د. فاضل: حُدد لها وقت.

سؤال: ما دلالة استخدام إسم الإشارة (ذلك) في الآية (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) البقرة) بدل إسم الإشارة هذا؟ وفي سورة الإسراء استخدم (هذا) (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9))؟

د. فاضل: في آية البقرة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)) أشار إلى الكتاب بـ (ذلك) وذلك للبعيد فيدل على علوّه وبعده عن الريب لأن بعض الآيات (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)) بعيد عن الريب لا تستطيعون (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا (24)) معناه أنه ليس في استطاعتهم هذه المسألة بعيدة وهذا الأمر بعيد عن طاقتكم ولذلك قال (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) نفي الريب. (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ).

المقدم: (ذلك) هنا مختصة بالكتاب وليس بالريب.

د. فاضل: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا) يعني الكتاب نفسه (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)

المقدم: ما الحكمة أن يأتي بـ (ذلك)؟

د. فاضل: أنه بعيد المنزلة. بعيد عن الريب، مكانته بعيدة. بينما آية الإسراء فيها أكثر من مسألة. أولاً لما ذكر في هداية الناس ومعرفتهم بأحكامه ينبغي أن يكون قريباً حتى يفهموه وإلا كيف يهتدون به ومعرفة أحطامه؟ إذن يجب أن يهتدوا به. هذا أمر، ثم في آية الإسراء لا يحسن أن يقول في آية الإسراء (إن ذلك القرآن يهدي) لا يصح، لأنه تقدم هذه الاية قوله تعالى (وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (2)) لو قال (إن ذلك الكتاب) لرجع إلى التوراة.

المقدم: هو قال (وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ) وكتاب موسى هو التوراة.

د. فاضل: (وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) هذه التوراة لو قال بعدها (إن ذلك الكتاب يهدي للتي هي أقوم) لرجع إلى التوراة وليس القرآن ولذلك قال (إن هذا القرآن) إسم العلم حتى لا يشتبه أن المقصود به التوراة البعيدة. ليس فقط هذا، أصلاً في القرآن لم ترد الإشارة إلى القرآن إلا بـ (هذا) لم ترد (ذلك) في جميع القرآن. (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ (19) الأنعام) (وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ (37) يونس) (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا (41) الإسراء) لماذا؟ القرآن من القراءة والقراءة تكون من قريب إذن هذا القرآن.

المقدم: إرتبط بعينه بالإسم الذي اشتُق منه

د. فاضل: ولذلك لا تجد في القرآن الكريم الإشارة إلى القرآن بالبعيد، عدة مناسبات السياق من ناحية وغيره.

المقدم: هذا يسمى في اللغة شيئاً محدداً أن يرتبط العين باللفظ الذي اشتُقّ منه؟ هو راعى مناسبة الاشتقاق.

د. فاضل: طبعاً، صارت مناسبة للاشتقاق، هذا كله من باب البلاغة، كونه راعى ما قبلها (ذلك الكتاب) ولما راعى معنى القرآءة معنى القرآن.

المقدم: هل هو كتاب أم قرآن؟

د. فاضل: هو كتاب وقرآن.

المقدم: الكتاب هو القرآن، الكتاب هذا المصحف الذي بين أيدينا

د. فاضل: قال تعالى (وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ (92) الأنعام)

المقدم: هو كتاب بالنسبة لمن يكتبه أم بالنسبة لمن يقرأه؟

د. فاضل: أولاً هو مكتوب في اللوح المحفوظ كتاب، وهنا كُتب إشارة إلى أنه يُكتب، يُقرأ ويُكتب. يُقرأ قرآن ويُكتب كتاب.

المقدم: يعني الاثنان بمعنى، كتاب وقرآن.

د. فاضل: (وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أيضاً لاحظ (وهذا كتاب أنزلناه) قال أنزلناه فلما أنزلناه صار قريباً قال (هذا) ما قال ذلك. ولذلك كلما يقول أنزلناه يقول (هذا)

المقدم: مراعاة المنزلة لأن فيها قُرب. مع أن هذا وذلك إسم إشارة

د. فاضل: الاثنان إسم إشارة، هذا للقريب (هذا كتاب أنزلناه) وقال أنزلناه. وحتى أحياناً يراعي مراعاة أخرى (وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا (12) الأحقاف) كما ذكرنا في آية الإسراء لأنه قال قبلها (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً (12) الأحقاف) في نفس الاية (وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا (12) الأحقاف) لو قال (ذلك) لرجع إلى التوراة. مراعاة دقيقة جداً

المقدم: مناسبة عجيبة!. بالاستطراد الجانبي من أين جاءت كلمة مصحف؟

د. فاضل: صُحُف تُجمع في مكان واحد.

المقدم: ولهذا أُطلق عليه كلمة مصحف

د. فاضل: الصحف تُجمع فتصير مصحف.

المقدم: يعني يجوز أن نقول هات المصحف، هات القرآن، هات الكتاب، الثلاثة بمعنى.

د. فاضل: لكن القرآن هو عَلَم على بين أيدينا الآن

المقدم: بين أيدينا الآن المسطور في السطور المحفوظ في الصدور

سؤال: ما الفرق بين الآيتين (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) الأعراف) (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآَيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75) يونس)؟

د. فاضل: في الأعراف قال (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)) وفي يونس (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآَيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75)) عندنا التقديم للاهتمام، يقدّم ما هم أعنى به. لو نظرنا في سياق كلٍ من الآيتين في الأعراف ذكر أنه أظهر الآيات أمام فرعون وملئه وأمام السحرة، هو أظهرها أمام السحرة، فرعون قال له (قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)) هذه آية، (فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ) هذه آية ألقاها أمام فرعون. ثم ذكر إلقاء العصا أمام السحرة (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) الأعراف) هذه آية. في سورة يونس لم يذكر أنه أظهر آية لا أمام فرعون ولا أمام السحرة قال (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76)) لم يوضح ما هو الحق. كما أنه لم يذكر أنه أظهر آية أمام السحرة (فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81)) لم يذكر أنه أظهر آية. إذن أين الاهتمام بالآيات أكثر؟ في سورة الأعراف التي ذكر فيها الآيات أمام فرعون وأمام السحرة فقدّم للاهتمام. معادلة بيانية دقيقة. لا يصح في البيان أن يقول غير ذلك أما في اللغة تقول أما في البلاغة.

المقدم: لكن الشغل الشاغل الذي يشغلنا جميعاً بالمناسبة وأنا واحد ممن يفكرون بهذا أن الموقف واحد أن الله سبحانه وتعالى أرسل موسى وهارون مرة قال موسى بدون هارون ومرة موسى وهارون، هل لنا أن نتساءل هل أرسل موسى وحده أم موسى وهارون؟

د. فاضل: أرسل موسى وهارون لكن مرة يذكر واحد لأنه إذا كان التركيز على موسى يذكر موسى وإذا كان الكلام على الاثنين يذكر الاثنين.

المقدم: هذا وارد في القصص. هو أرسلهما بالايات فلِمَ يقدم الآيات مرة ويؤخرها مرة وهو أرسلهم بالآيات؟

د. فاضل: بحسب السياق.

المقدم: هل يمكنك أن تعطيني مثلاً من الحياة تقدم مرة واحدة وتؤخرواحدة أو تُظهر ملمحاً وتحفي ملمحاً آخر؟

د. فاضل: أقول ذهبت إلى البيت أنا وخالد، ذهبت أنا وخالد إلى البيت

المقدم: ليس فيها إشكال الاثنان ذهبا إلى البيت

د. فاضل: لكن قدمت وأخرت، هل تقول هذا خطأ؟ وهذا نفسها. ذهبت إلى البيت أنا وخالد، ذهبت أنا وخالد إلى البيت، ما الإشكال في ذلك من حيث الدلالة؟

المقدم: لا إشكال. من حيث الدلالة كلاهما يعني أنك ذهبت إلى البيت أنت وخالد.

د. فاضل: نفس الدلالة لكن مرصوفة رصفاً بلاغياً.

المقدم: التقديم والتأخير هذه نوعية بلاغية للتعبير عن سياق المقام الموجود آنذاك.

د. فاضل: لا تختلف

المقدم: لأن معظم من يتحدث بالقرآن يقول – والعياذ بالله – من يجهل هذا الأمر يوجه انتقادات لهذه الآية يقول هل ذهب موسى وحده أم موسى وهارون؟ ومرة يقدم الآيات ومرة يؤخر الآيات ما الذي حدث بالفعل؟

د. فاضل: هذا في حياتنا نقول مثلها، تقول كلمت فلان كذا وكذا، تقول له وحدك؟ يقول لا معي فلان.

المقدم: وفي مناسبة أخرى تقول أنا لما كلّمت فلاناً قال لي كذا وكذا وعُلِم أن فلاناً كان معي. إذن من يوجه هذا الانتقاد هو جاهل بأساليب العربية

د. فاضل: طبعاً هو إما جاهل أو مُغرِض، أحد أمرين.

المقدم: ليس كلامه كلاماً منطقياً.

د. فاضل: قطعاً.

سؤال: في سورة النساء آية 33 (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) قرأنا كل التفاسير تقريباً وكل الشروح الموجودة يحار فيها الحليم والله لأنها تتضارب مما يشوش على القارئ. ما هو تفسير هذه الآية؟ ما هو إعراب (موالي) لكي نفهم الآية؟

د. فاضل: لكلٍ ماذا تعني؟ تحتمل لكل إنسان متوفّى (لكل إنسان متوفى) ولكلٍ تحتمل أن تكون للمال والسياق لا يوضح. (لكل جعلنا موالي) عندنا احتمالان، عندما نوّن هذا التنوين (لكلٍ) تحتمل لكل إنسان متوفّى واحتمال لكلٍ جعلنا موالي يعني الترِكة. فالآية لها احتمالان وكل واحدة لها تقدير. إذا كان المقصود لكل إنسان متوفى لكلٍ جعلنا موالي مما ترك يعني لكل إنسان متوفّى جعلنا له ورّاث يرثونه، من هم الوراثون؟ (الوالدان والأقربون) مبتدأ وخبر، من هم الذين يرثون؟ الوالدان والأقربون، هذا احتمال. الإحتمال الآخر من المتوفّى؟ هم الوالدان والأقربون محتمل هم من الموروثين. إذا كان المقصود الترِكة المال الذي تركوه تصير لكلّ مال له موالي مما ترك الوالدان ومما تركه هؤلاء، تصير فاعل، هؤلاء الأقربون تركوا المال، الوالدان والأقربون هم الذين توفوا وتركوا المال إذن جعلنا لهذا الموالي ورّاث يرثونه، إذن تصير الوالدان والأقربون فاعل بالنسبة للمال وإذا كان ليس للإنسان يصير إما ورّاث أو موروثين.

(لكلٍ) إما كل إنسان متوفى أو لكل مال.

المقدم: إذن (لكل) قد تدل على إنسان متوفى أو على المال؟

د. فاضل: إذا دلت على إنسان، لكل إنسان متوفّى جعلنا موالي يرثونه، من هؤلاء الوارثون لهذا المتوفّى؟

المقدم: الوالدان والأقربون

د. فاضل: إذن الوالدان والأقربون يرثون المتوفّى. أو محتمل أن يكون لكل إنسان متوفّى جعلنا ورّاث، من المتوفّى؟

المقدم: الوالدان والأقربون

د. فاضل: إذن يحتمل أن يكونوا وارثين أو يكونوا موروثين.

المقدم: إذا كان الوالدان والأقربون وارثين إذن هما فاعل؟

د. فاضل: هم الوالدان والأقربون في الحالتين. من هم الورّاث؟ الوالدان والأقربون. من هم الوارثون؟ الوالدان والأقربون. إذا كان المال فيكون الوارث فاعل مما ترك الوالدان والأقربون.

المقدم: إذن هم الذين ماتوا. ماذا يسمى هذا الأسلوب؟

د. فاضل: هذا يجمع كل الاحتمالات، توسع يجمع جميع الاحتمالات يعني بدل أن يقول والوارثون هم الوالدان والأقربون، أول مرة يقول لكل متوفّى جعلنا والوارثون هم الوالدان والأقربون، لكل متوفى ونعني بالمتوفى الوالدان والأقربون، لكل مال مما ترك الوالدان والأقربون يجمعها كلها فهذا التعبير يحتمل كل هذا، وكل هذه الاحتمالات موضوعة في هذا التعبير.

المقدم: ليس هناك تحديد معين لدلالة شيء محدد

د. فاضل: هي كلها واقعة في الحياة، الوالدان والأقربون إما يورّثون وإما يرثون وإما يكون هنالك مال مما ترك الوالدان والأقربون، هذه الإحتمالات كلها واردة في هذا التعبير لم يترك شيئاً.

سؤال: الآية 107 في سورة المائدة (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ) هذه أيضاً كيف أُعربت (الأوليان) في كتب التفسير وكتب الإعراب تجعل المعنى متضارباً فأريد أن أسمع رأي الدكتور فاضل في إعرابها لكي نستطيع أن نفهم شيئاً من تفسيرها.

د. فاضل: هذه فيها كلام كثير. الكلام عن الشهادة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ) يعني هذان الشاهدان عثر على أنهما استحقا إثماً لم يؤديا الشهادة على أكمل وجهها (فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ) نأتي بشاهدين آخرين، من أين نأتي بهما؟ (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ) من الورثة. الأوليان مثنّى الأولى أي الأحق بالشهادة، أولى بالشهادة من أولئك الذين حرفوا وغيّروا. التحريف والتغيير يضر بقسم من الورثة، إذن من الذين وقع عليهم الجناية أو من الذين أصابهم الضرر يأتي شاهدان.

المقدم: الذين وقع عليهم الضرر بشهادة الكاذبين في الأول.

د. فاضل: هؤلاء أولى، وقعت الجناية عليهم هذا معنى (استحق عليهم) استحق عليهم يعني أوجب عليهم. استحق له أي وجب له، نقول فلان إستحق لنفسه كذا يعني ادّعى لنفسه الحق في هذا. إستحق عليه يعني أوجب عليه.

المقدم: إستحق له غير إستحق عليه

د. فاضل: إستحق له يعني جعل له حقاً، إستحق عليه يعني أوجب عليه من أين يأتي الشاهدان؟ من الذين وقع عليهم الضرر.

المقدم: من الذين أضيروا

د. فاضل: هذا استحق عليهم. إذن (الأوليان) فاعل. وقع عليهم الحيف والظلم والشهادة الزور وهي مثنّى أولى.

المقدم: والله كثيراً ما تلتبس علي هذه الآية أقرأها في التفسير ما أفهمها وأنا أقلب صفحات كثيرة ما أفهم شيئاً فأُمرُّها هكذا.

د. فاضل: هذه أظهر الأقوال بالنسبة لي.

المقدم: (فآخران) كأن هناك شاهدان شهدا شهادة ظلم وبهتان وزور أثرت على الآخرين فأضيرت مجموعة فالآية تنص على أن نعزل هؤلاء ونأتي باثنين آخرين من الذين وقع عليهم الظلم (فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ (107)) كأن الأوليان إشارة إلى اللذين شهدا شهادة زور في البداية؟

د. فاضل: الأوليان هم الأحق بالشهادة، إستحق عليهم يعني أوقع عليهم ذاك الإثم جناية. إستحق عليهم أوجب عليهم. كأن الأوليان هما الآخران.

المقدم: الأوليان هما الآخران وقعت عليهم الجناية وقع عليهم الضرر. هل أبو جهل كان يفهم هذا الترتيب؟! لغة جميلة! هل في اللغة الإنجليزية تعبير يعبر عن هذا أو في الفرنسية؟ كثير يقولون لماذا لا يترجم القرآن للغات أخرى؟ هل تستطيع لغة أخرى أن تعبر عن هذه الدلالة كما تفضلتم وشرحتم الآن؟

د. فاضل: اللغة الإنجليزية أو الفرنسية ليس فيها هذه السعة. اللغة العربية عندنا علام وعليم وعالم، ظلوم وظلام كيف تترجمها؟ ثم في التركيب: هذا مسافر، إنّ هذا مسافر، إن هذا لمسافر، لهذا مسافر، كيف تترجمها؟ حتى في النفي ما قام لم يقم لمّا يقم، أقوم، لا أقوم، لست أقوم، ما أقوم، إن أقوم، كيف تترجمها؟

المقدم: كلها نفي وعندهم أداة واحدة للنفي. ولكن عندنا تعدد أو تغير الأدوات، تغير أدوات النفي فيها تغير في الدلالة أيضاً.

د. فاضل: فيها تغير في الدلالة قطعاً. (إن أنا إلا رسول) (ما أنا إلا رسول)، (وما عليك إلا البلاغ) (إن عليك إلا البلاغ)، (قل لستم عليكم بوكيل) (وما أنا عليكم بوكيل)

المقدم: إذن حتى حبنا للعربية ليس فيه عصبية

د. فاضل: إذا صار هناك مجال نتكلم في شيء منها.

المقدم: يا ليت.

د. فاضل: حتى لما نخفف (إنّ) (قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) يوسف) وقالوا لأخيهم (قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) يوسف) واحدة مخففة وواحدة مشددة.

المقدم: النون المخففة والثقيلة لها تغير في الدلالة؟

د. فاضل: طبعاً واحدة أثقل من الأخرى.

المقدم: في اللغات الأخرى لا توجد

د. فاضل: لا،

المقدم: إذن ونحن نكلم الآخر لما نزل القرآن بهذه اللغة إذن لا توجد لغة تسع القرآن ولا تفي بالغرض إلا اللغة العربية.

د. فاضل: لا يمكن. لأن نحن أحياناً الجملة الواحدة أو العبارة الواحدة ممكن أن نصوغها في أكثر من 15 صورة المعنى العام واحد والدلالة الدقيقة مختلفة.

المقدم: اضرب لنا مثالاً.

د. فاضل: نقول أعطى محمدٌ خالداً كتاباً، محمدٌ أعطى خالداً كتاباً، خالداً أعطى محمدٌ كتاباً، كتاباً أعطى محمدٌ خالداً، خالداً كتاباً أعطى محمدٌ، خالداً كتاباً محمدٌ أعطى، أعطى خالداً محمدٌ كتاباً، أعطى كتاباً محمدٌ خالداً، أعطى كتاباً خالداً محمدٌ، إن محمداً أعطى خالداً كتاباً.

المقدم: كل هذه تعبير

د. فاضل: كلها وكل واحد له دلالة مختلفة عن التعبير الآخر، المعنى العام واحد لكن الدلالة مختلفة.

المقدم: أن محمد أعطى خالداً كتاباً.

د. فاضل: هذا المعنى العام لكن في كل عبارة لها معنى خاص وموقف في الحياة.

المقدم: إذن العبرة ليست مجرد سرد ألفاظ بجوار بعضها البعض للتعبير عن دلالة عامة مثلاً؟

د. فاضل: لا، مطلقاً، كل واحدة لها في الحياة موقف الأخرى لا تستطيع أن تعبر عنها. أذكر مرة سالت أستاذاً في اللغة الإنجليزية وقلت له ترجم لي جملة: بينما كنت أمشي قال while I was walking قلت ترجم لي بينما كنت ماشياً قال while I was walking قلت لا، أمشي فعل وماشياً إسم والإسم يدل على الثبوت، أنا أعطيتك جملتين مختلفتين في الدلالة قال ليس هناك ما يقابلها في الإنجليزية.

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 30/4/2009م:

شريف من السعودية: في قوله تعالى (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) الروم) لماذا جاء الترتيب هكذا في الآية؟ ذكرتم سابقاً أن العشي هو بعد العصر.

أبو يوسف من قطر: لماذا ورد الآية (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)) بين آيات الصيام؟

د. فاضل: لأن الصوم مظنة الاستجابة.

الأخ أبو يوسف من قطر: هل هذا يعني أن أحسن وقت للإجابة وقت الصيام؟

د. فاضل: الصائم تجاب دعوته لا تُرد دعوته، من الذين لا ترد دعوتهم الصائم فلذلك ربنا وضع هذه الآية بين آيات الصيام للإشارة إلى الدعاء في هذا الوقت.

أبو فراس من سوريا: في سورة يوسف الآيات 21 و22 (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)) الآية 75 (قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)) ما دلالة ورود الواو مع (وكذلك) في الآيتين الأوليين وعدم ورودها في الآية 75؟

(وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)) (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ (99)) تفسير ورود الواو في (وقال ادخلوا)؟

أبو صهيب من اندونيسيا: في سورة النبأ الاية 8 في قوله تعالى (وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8)) قال المفسرون ذكوراً وإناثاً، هل يدخل في هذا الخُنثى المشكل؟

علي من الشارقة: اللغة العربية هل تطورت عبر التاريخ أم هي لغة خلقها الله مثل الماء والهواء؟ لأنه يستحيل أن تكون هذه لغة طوّرها الناس فلا بد أن يكون الله تعالى خلقها مثل الماء والهواء.

أمجد من دبي: ما هو تفسير الآية (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) الغاشية) ولماذا ذكرت الإبل تحديداً؟

د. أحمد من سوريا: قد يكون من المفيد تخصيص حلقة كاملة لتبيين اللمسات البيانية في خواتيم الآيات أو الفواصل بين الآيتين ذلك لأنه بعض الآيات الطويلة نسبياً مثل آية الدين في سورة البقرة وبالمقابل هناك بعض الآيات القصيرة جداً التي لا تكتمل الجملة إلا إذا قرئت مع الآية التي تليها مثال ذلك في سورة النور (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)) هل هناك صورة جمالية بيانية في اختيار أواخر الآيات الكريمة؟

منذ مدة تقدمت بسؤالين السؤال الأول حول الآيتين 58 و59 من سورة النور (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)) تنتهيان بنفس النهاية فما الحكمة في ذلك؟ وما العلة البيانية في أن لا تكونا آية واحدة وليستا آيتين؟

السؤال الثاني يتعلق بشكل مشابه يتعلق بالآيتين 50 و51 من سورة الذاريات (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)) أيضاً الآيتين تنتهيان بنفس الشكل فلماذا ليستا آية واحدة على سبيل المثال؟ وما الحكمة في أن تكون لهما نفس الخاتمة؟

د. صباح من العراق: أنا أدرّس في كلية التربية في سامراء وتحديداً مادة النحو في قسم اللغة العربية وقد أطلقنا على بناية قسم اللغة العربية بكلية التربية بناية الدكتور فاضل صالح السامرائي وبودنا أن نبلغ هذا للدكتور منذ زمن. ومن جهة ثانية لدي سؤال صغير حول نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، هل هذه المسألة مطلقة؟ كتب النحو تشير إلى أن نيابة حروف الجر نيابة حرف عن حرف فهل هذا مضطرد في القرآن الكريم أيضاً؟ فأنا أدرِّس الطلاب على أن النيابة لا تنطبق في حروف الجر في القرآن الكريم قد تنطبق في كلام العرب ولكن هذا لا ينطبق على آيات القرآن الكريم فوددت أن يشير الدكتور فاضل على هذه المسألة.

بُثّت الحلقة بتاريخ 30/4/2009م

2009-06-30 12:23:20الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost