لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 194

اسلاميات

الحلقة 194

اللمسات البيانية في سورة يس

المقدم: نكمل رحلتنا مع سورة يس متعلمين مما علّمكم الله سبحانه وتعالى ومبحرين في اللمسات البيانية مستنبطين إياها. توقفنا في اللقاء المنصرم عند قوله تبارك وتعالى (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) يس) الملاحظ في هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى جعل الكلام للأيدي والشهادة للأرجل فلماذا؟

د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. الكلام للأيدي لأن القرآن الكريم ينسب العمل للأيدي، العمل والكسب (لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ (35) يس) (مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ (57) الكهف) (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ (182) آل عمران) (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ (41) الروم) (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ (30) الشورى) في مواطن كثيرة. فإذن لما كان ينسب العمل لها (يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ (40) النبأ)

المقدم: في (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) ذكر الأيدي لأنها مصدر الكسب؟

د. فاضل: لأنه يعمل فيها. يستنطقها لأنها هي التي عملت وهي التي قدّمت وهي التي كسبت فيكلمها والشاهد ينبغي أن يكون غيرها، يجب أن يكون مغايراً. فإذن الآن السؤال لمن عمل ومن كسب ومن قدّم والشهادة عليه لآخر فصار الكلام للأيدي والشهادة للأرجل.

المقدم: ولهذا قال (نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ)

د. فاضل: في الحديث الصحيح في فهرس إبن حبّان “أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا أبو بكر بن أبي النضر قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا الأشجعي عن سفيان عن عبيد المكتب عن فضيل بن عمرو عن الشعبي عن أنس بن مالك قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال هل تدرون مما اضحك؟ قلنا الله ورسوله أعلم قال من مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجرني من الظلم قال يقول بلى قال فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين عليك شهيدا فيختم على فيه”

المقدم: يختم على فيه، لا يتكلم بينما أعضاء أخرى تتكلم

د. فاضل: “ثم يقال لأركانه انطقي فتنطق بأعماله ثم يُخلّى بينه وبين الكلام فيقول بُعدا لكنّ وسحقا فعنكنّ كنت أناضل” هو يدافع عنه وهنّ يشهدن عليه. هذا يُذكر في الختم على الأفواه. فلما كان العمل ينسب إلى الأيدي والكسب ينسب للأيدي ذكرها. ثم المفسرون لاحظوا أمراً قال أسند الختم إلى نفسه قال (نختم) لكن لم يقل نُنطق في الكلام حتى لا يُفهم أنه جبرهن على القول بما يريد ولا يصح الإكراه والإجبار

المقدم: وإن كان سبحانه وتعالى أجبر الفم واللسان على أن ينطق؟

د. فاضل: الآن اسكت أنت، لا تنطق، ألم ترد شاهداً من نفسك؟ أُسكت أنت

المقدم: (وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ) الإثنان يدلان على الكلام سوءا كان الكلام أو الشهادة فهل يكون الكلام كلاماً حقيقياً بالفعل؟

د. فاضل: يبدو هكذا (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ (21) فصّلت)

المقدم: هنا (وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ) والآية (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا) وفي سورة النور(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)) فهل الشهادة للجلد أم للرجل أم للسان، أليس هذا يعتبر من قبيل التغاير؟ وما فحوى هذا التغاير واللمسة البيانية الموجودة فيه؟

د. فاضل: في يس عندما قال (بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) والكسب يستعمله في القرآن للأيدي والتقديم قال (وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ) والشهادة لغيره. في النور قال (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)) هنا الألسنة تشهد وتتكلم هي التي تشهد، ليس جميع أهل الحشر بشكل واحد يحاسبون وإنما كل واحد بقدر عمله. المقام في سورة النور مختلف، المقام هو في ذكر حادثة الإفك تحديداً ورمي المحصنات وما لاكته الألسنة من بهتان فكان من المناسب أن يستنطقها لأنها هي التي رمت بالإفك وهي التي قالت ما قالت (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ (15) النور) فإذن بدأ يستنطقها لأنها هي التي فعلت فيستنطقها. وفي سورة النور تكرر ذكر الشهادات والشهود والشهادة تكون بالألسنة قال (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ (4)) الرمي يكون باللسان، (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء (4)) الشهادة تكون باللسان، (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ (6)) رمي الزوجة يكون باللسان (وَيَدْرَأُ عنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ (8)) (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ (11)) الإفتراء يكون بالألسنة، (لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء (13))، (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم (15)) (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ (23)) اللسان هو الذي يفعل في هذه المسألة فينبغي أن يُستنطق وهو الأساس فينبغي أن يُسأل، إذن المقام اختلف.

المقدم: واختلف عن سورة يس وبالتالي كان الختم على الأفواه في يس وليس مثله في سورة النور لأن الموقف مختلف

د. فاضل: المجرم اختلف، المتهم اختلف.

المقدم: في يس قال (بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) وفي النور (بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)) فما دلالة اختلاف الفاصلة في الآيتين؟

د. فاضل: لو لاحظنا في يس وفي النور، في يس شاع جو الكسب في السورة عموماً وفي النور العمل. مثلاً (وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)) والذي يأكل الطعام هو مما يكسبه، (وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35)) يأكل من الكسب، (وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)) يركبون من كسبهم، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ (47)) كسب، (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71)) والملك كسب (وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72)) كلها كسب. بينما في النور شاع العمل (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)) (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا (38)) (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ (39)) (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53)) (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (55)) (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا (64)) جو السورة في يس الكسب وجو السورة في النور العمل

المقدم: ولهذا تختم الآيات بمراعاة المسرح العام للسورة ومقاصد وأغراض السورة التي تتحدث فيها.

المقدم: (وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66)) ما هو معنى الطمس؟

د. فاضل: الطمس في اللغة هو إذهاب الشيء وإزالة أثره بالجملة حتى كأنه لم يوجّد.

المقدم: ما معنى طمسنا حينما يقول تبارك وتعالى (وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ)؟

د. فاضل: يعني زيادة، تعفية شق العين لا يبين منها جفن ولا حرف ولا شيء.

المقدم: قال (وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ) وقال (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) يبصرون مخصصة بحاسة النظر والبصر وبالتالي هم لا يستطيعون الرؤيا فلم لم يقل أعميناهم؟ وما الفرق بين الطمس والعمى؟

د. فاضل: الطمس هو العمي وزيادة مثل المسخ لأنه أحياناً ترى الأعمى عينه سليمة تظن أنه مُبصِر

المقدم: قد تكون عينه مفتّحة ولكنه لا يُبصر.

د. فاضل: الطمس هو المسح على العين تغطيتها بحيث لا يبين منها جفن وكأنه لا توجد عين، لذلك الطمس هو العمى وزيادة وليس العمى فقط.

المقدم: هذا معنى خطير!. هنا قال (وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ) بتعدية الفعل طمس بحرف الجر (على) وفي سورة القمر قال (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37)) عدّى الفعل طمس بمفسه، فلماذا مرة طمسنا على ومرة طمسنا؟

د. فاضل: الطمس على أشد من طمسه.

المقدم: هل الفعل طمس متعدي أو لازم؟

د. فاضل: الفعل متعدي ولازم، عندنا في اللغة أفعال متعدية ولازمة مثل شكره وشكر له، زاده وزاد عليه.

المقدم: لكن المحرِّك هل هو السياق الذي يلزم الفعل المتعدي أو يُعدّي الفعل اللازم؟

د. فاضل: السياق لا شك وأحياناً المعنى. في الغالب بالنسبة لشكر نقول شكر لفلان عمله إذا صنع له صنيعاً، شكرت لك مساعدتك لي، شكر فعل متعدي ولازم (وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (152) البقرة) اشكر نعمتي.

المقدم: لم عدّى الفعل هنا وداء بحرف الجر (على) وعدّاه بنفسه؟

د. فاضل: ما الفرق بين طمسه وطمس عليه؟ طمسه ذكرنا المسخ وذهاب العين وإزالتها وشقها، طمس عليه إضافة إلى ذلك غطاها بما يمنعها من كل شيء، تعفية وتغطية عليها.

المقدم: في آية القمر (فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ) يعني أزالها وفي يس أزالها وغطّى مكانها (لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ).

د. فاضل: فكان مناسب وأقرب للمسخ (وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)) لماذا هذا الاختيار؟ لماذا هنا كان أشدّ؟ هناك قال فقط (فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ) وهنا قال (وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66))

المقدم: ما معنى (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ)؟

د. فاضل: (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ) لها أكثر من معنى، منها أنهم استبقوا إليه مثل استبقوا الباب للوصول إليه، تسابقوا للوصول إليه. ومنها أنهم جاوزوه وتركوه لم يهتدوا إليه، جاوزوه، جعلوه خلفهم، ضلّوا عنه ولذلك لم يقل تسابقوا إليه.

المقدم: وما هو الفرق مع أن الدلالة واحدة؟

د. فاضل: لا، ليست واحدة، تسابق لها معنى واحد وهو مفاعلة بينهم

المقدم: سباق من أجل الحصول على هذا، واستبقوا؟

د. فاضل: فيها هذا المعنى محتمل وفيها أنه لم يهتدي إليه، بمعنى بادر (فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ (148) البقرة) استبق لها أكثر من معنى.

المقدم: بمعنى سارعوا مثلاً؟ فيها مسارعة؟

د. فاضل: إذن استبق فيها أكثر من معنى، فكما أن طمس فيها أكثر من معنى العمى استبق أكثر من معنى تسابق فقال (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ) مثل طمس لم يقل أعمانا. قال (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ) يعني لم يهتدوا إليه.

المقدم: إذا كان أزال العين وأخفاها وغشّاها فمن باب أولى. لكن ما معنى (أنّى)؟

د. فاضل: إما معنى كيف، كيف يبصرون؟ أو من أين؟

المقدم: هل هو استفهام إنكاري؟ وكأنه يستنكر حالة الإباصر بعد أن طمس على أعينهم وغشّى مكانها فكيف يُبصر؟

د. فاضل: أو من أين يبصر؟ أو كيف يبصر؟ فـ(أنى) لاحظ الترتيب: (طمسنا) العمى وزيادة، (على أعينهم) الطمس وزيادة، (استبقوا) المسابقة وزيادة، (فأنّى) كيف وزيادة

المقدم: هل (أنّى) بمعنى كيف وزيادة؟

د. فاضل: من أين؟. (أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ (40) آل عمران) كيف يكون لي غلام؟ من أين يكون لي غلام؟

المقدم: يعني إستحالة وقوع الحدث مع (أنّى).

المقدم: (وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)) ما معنى المسخ؟ والمكانة؟

د. فاضل: المسخ هو تحويل صورة إلى صورة أقبح منها، قد يكون التحويل إلى حجر أو إلى شيء جامد أو إلى حيوان بهيم، المسخ إذن تحويل صورة إلى صورة أقبح منها، قد يكون إلى جماد أو إلى صورة قبيحة. هذا هو المسخ. المكانة إما تكون بمعنى المكان (لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ) يعني في مكانهم، أو على حالتهم (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ (135) الأنعام) على ما أنتم عليه، على حالته التي هو عليها لا يتحرك

المقدم: ما يصنعه وقتها يُمسخ على هذا الصنيع

د. فاضل: إذن احتمال في مكانهم

المقدم: في قوله (فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ) ماذا أفاد تقديم المضي على الرجوع؟

د. فاضل: المضي أصعب من الرجوع لأن الرجوع هو أن ترجع في الطريق الذي سرت فيه. المضي قد يكون لآول مرة وقد تسير في طريق لم تسر فيه سابقاً لقضاء حاجة أو لقضاء أمر معين فيكون أصعب

المقدم: الرجوع أسهل من التقدم.

د. فاضل: لأن الرجوع ترجع في الطريق الذي تعرفه. هو الآن قدّم ما هو أصعب إضافة إلى أن المضي ابتعاد عن محل الإقامة والرجوع العودة إليه. المضي تذهب من محل إقامتك إلى مكان آخر تبتعد عنه والرجوع العودة ولا شك أن العودة أسهل فبدأ بما هو أصعب كما نقول “هو لا يستطيع المشي بل لا يستطيع الحركة” تبدأ بأمر بالمشي ثم تعود إلى ما هو أيسر، إذن ذكر المضي الذي هو أصعب ثم قدّم ما هو أيسر، بل ما هو أيسر لا يستطيعه. كما أنك تتحدى واحداً اقفز ثلاثة أمتار بل اقفز مترين تتحداه تبدأ بما هو أقوى ثم تنزل شيئاً فشيئاً. حتى القرآن لما تحداهم بعشر سور ثم تدرج إلى سورة حتى يبين عدم استطاعتهم وإمكانيتهم.

المقدم: حتى وإن صغُر الطلب هو لا يستطيع أن يعمله!. نلاحظ في هذه الاية تحديداً قال تعالى (فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) يس) وفي آية أخرى (فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) يس) لماذا ذكر الأهل هنالك ولم يذكر الأهل هنا مع أن الكل فيه رجوع وعودة؟

د. فاضل: هو الآن لا يستطيع أن يرجع إلى أحد أصلاً لا إلى أهله ولا إلى غيرهم، ليس مثل أولئك، هذا لا يرجع إلى أحد ولا يعرف مكان ولا يعرف طريق، هذا ممسوخ على مكانته.

المقدم: معنى المسخ هل يشتمل عدم الحركة؟

د. فاضل: قد يكون. قال (عَلَى مَكَانَتِهِمْ) لا يرجع إلى أي مكان لا إلى أهله ولا إلى غيرهم، كيف يرجع؟

المقدم: لكن الآية الثانية كانوا يباشرون أعمالهم في الأسواق في تجارتهم

د. فاضل: فعلاً كانوا يخصّمون لكن هذا ممسوخ كيف يرجع؟ هو لا يعرف أهله أصلاً ولا هم محتمل أن يعرفوه.

المقدم: (وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا) استطاعو مضياً إلى ماذا؟ ويرجعون إلى ماذا؟

د. فاضل: إلى أي شيء، مطلقاً، لا مضي إلى الأمام ولا رجوع إلى المكان، في أي شيء، في أي مكان أي حركة

المقدم: يعني الإفراد هنا وعدم التخصيص دلالة على العموم والإطلاق لا يستطيعون أيّ نوع من المضي ولا أيّ نوع من الرجوع في الحالين؟

د. فاضل: نعم.

المقدم: سلم يا رب. لم نفى الاستطاعة عن المضي ولم ينفها عن الرجوع؟ ولماذا قال مضياً بالإسم ويرجعون بالفعل؟ ما قال ولا أن يرجعوا تأتي بصيغة المصدر فتكون مقابل المصدر مضياً؟

د. فاضل: (فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ) من حيث اللغة لا يصح عطف لا يرجعون على مضياً لأن استطاع نصبت (مضياً) وهي مفرد و(لا يرجعون) جملة فعلية واستطاع لا يكون مفعوله جملة أبداً.

المقدم: هل (مضياً) مفعول به لاستطاعوا؟

د. فاضل: نعم. لكن يبقى السؤال لم لم يقل ما استطاعوا مضياً ولا رجوعاً؟ لو قال ذلك لا يدل على الاستمرار والدوام.

——–فاصل——

المقدم: لم لم يقل ما استطاعوا مضياً ولا رجوعاً؟

د. فاضل: لو قال ذلك لم يدل ذلك على الاستمرار والدوام

المقدم: في الرجوع؟

د. فاضل: وحتى في المضيّ.

المقدم: هل مُضيّ إسم؟

د. فاضل: نعم إسم. قد يكون منقطع، الآن هذا الفعل يدل على الاستمرار (ولا يرجعون) فعل مضارع مستمر أفاد عدم الرجوع بصورة عامة. لو قال ولا رجوعاً “فما استطاعوا مضياً ولا رجوعاً” محتمل أنه في وقت محدد قد يكون فيما بعدها يستطيع كما تقول ضربت فلاناً فما استطاع مشياً ولا قياماً يحتمل أن يمشي فيما بعد. لو قال كما ذكرت ما استطاعوا مضياً ولا رجوعاً هذا لا يفيد الدوام، الدوام جاء من الفعل (يرجعون)

المقدم: الدوام للرجوع فقط وليس للمضي؟

د. فاضل: وإذا كان لا يرجع معناه لا يمضي. لا يستطيع أن يرجع معناها لا يستطيع أن يمضي أصلاً، هو نفى الأسهل.

المقدم: فلا يستطيع أن يفعل الأصعب

د. فاضل: ولذلك عندما قال (ولا يرجعون) نفى الأمرين على وجه الدوام لو قال “ولا رجوعاً” لا ينفي الدوام كما تقول ضربته فلا يستطيع قياماً ولا مشياً يمكن فيما بعد يستطيع أما الآن لا يستطيع. أما السؤال الثاني “فما استطاعوا مضياً ولا أن يرجعوا”

المقدم: عطف مصدر على مصدر، مصدر مأوّل ومصدر صريح.

د. فاضل: هو لو قال ذلك سيكون نفي الرجوع في المستقبل لأن (أن) تصرف الفعل للإستقبال ولا تفيد الآن.

المقدم: هو يريد الآنية؟

د. فاضل: عامة لأن يرجعون عامة للحال والاستقبال ولو قال “أن يرجعوا” تكون للمستقبل لم ينفي الحاضر لا يفيد الدوام. هذا أدق شيء في الدلالة على المعنى هو ما ذكر.

المقدم: ما دلالة اختلاف أدوات النفي (فما) (لا) في (فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ)؟ هل لها لمسة بيانية معينة؟

د. فاضل: (ما) هنا داخلة على الماضي ودخول (ما) على الماضي يفيد توكيد النفي. دخول (لا) على المضارع خصصه أكثر النحاة للإستقبال لكن قسم قال ليس خاصاً في الاستقبال، الكثير أن تكون في الإستقبال وقد تكون للحال أيضاً تفيد الإطلاق، هذا الفرق بين (ما) و(لا).

المقدم: ما المعنى العام للآية الكريمة (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68))؟

د. فاضل: الذي ربنا سبحانه وتعالى يعمّره أي يمدّ في عمره لا بد أن ينتكس في خلقه في قوته وفي جسمه بعد أن كان ترقى من الضعف إلى القوة

المقدم: ما معنى ننكسه؟

د. فاضل: نقلبه إلى أسفل يصير بالعكس، كان في طريق القوة فيعود في طريق الضعف، بعد أن كان يرتقي في قواه العقلية والبدنية يأخذ بالانتكاس إلى أسفل فيبدأ بالضعف والوهن حتى يٌُردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئاً.

المقدم: الملاحظ في هذه الآية (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ) (نعمره) مضارع، (ننكسه) مضارع، (يعقلون) مضارع، فاستخدام الفعل المضارع في هذه الآية الكريم هل له دلالة معينة؟ وما اللمسة البيانية الموجودة فيه؟

د. فاضل: لو قال عمّرناه سيصير الأمر ماضياً لا يدل على الاستمرار، بينما الآن يدل على الاستمرار هذا شأن المخلوقات هذه عموماً على طريق الدوام والاستمرار بينما لو قال عمّرناه ونكسناه هذا أمر ماضي قد يكون الأمر انتهى. هو الآن يذكر حالة مستمرة دائمة وهذا شأن المعمّرين عموماً هكذا.

المقدم: هذا شأن الطبيعة يعمر ثم ينتكس

د. فاضل: إلى أن يرجع إلى أرذل العمر. (أَفَلَا يَعْقِلُونَ) هذا لا يحتاج إلى علم يكفي العقل هذا يهديه إلى طريق الرشاد يكفي العقل لأن هذا واضح ظاهر لكل أحد ودالة على قدرة الله كيف يرقيه ثم ينكسه في الخلق إلى أسفل سافلين إلى أرذل العمر. العقل كافي للنظر فيه والهداية.

المقدم: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ) وفي موطن آخر (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) يس) بزيادة تكونوا فما الفرق بين الموضعين؟

د. فاضل: (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) أمر ماضي يسألهم عن أمر ماضي. (أَفَلَا يَعْقِلُونَ) هذا الآن لأن السياق في سورة يس (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ (60)) هذا (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) هذا في الآخرة يسألهم عن أعمالهم الماضية، هذا في يوم الحساب يسألهم عما فعلوه. و(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) هذا في الدنيا

المقدم: الجهة منفكة تماماً، هذه في الآخرة وهذه في الدنيا، هنالك تباين.

المقدم: في قوله تبارك وتعالى (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ (69)) ما دلالة ارتباط هذه الآية الكريمة بالآية التي قبلها؟ وكيف نفهم هذه الآية في سياقيات تداخل آيات القرآن الكريم مع بعضها البعض؟

د. فاضل: هو عندما ذكر جهنم والختم على الأفواه وتكليم الأيدي وشهادة الأرجل وغير ذلك مما هو مستغرب والمسخ وما إلى ذلك قد يظن أن هذا من خيال الشعراء من تصويراتهم ليس حقيقة وخيالهم، كيف يختم على الأفواه وتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم؟ هذا من باب الخيال شاعر يقوله، فربنا قال هذا ليس من الخيال بل من الحقائق (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر) الشاعر يتكلم ويقول ويتصور

المقدم: أليست الآية رداً على اتهام النبي عليه الصلاة والسلام بأنه شاعر؟

د. فاضل: هي رد ولكن مناسبتها في سياقها،

المقدم: وكأنهم لا يصدقون ما سيحدث (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65))

د. فاضل: يظنونه من باب الخيال لذلك هم يقولون (بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ (5) الأنبياء) (لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ (36) الصافات) رد عليهم قال (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر)

المقدم: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر) نفى بـ (ما) فلم لم ينفي بـ(لم)؟ لماذا النفي بـ(ما) تحديداً؟ وما دلالة ذلك؟

د. فاضل: (ما) إذا دخلت على الماضي هي أقوى في النفي من (لم). (ما) كما يقول النحاة وسيبويه ذكر هذا الشيء (ما فعل) هو نفي لقولهم (لقد فعل) كجواب قسم لأنهم يعتبرون (لقد) جواب قسم تقديرها والله لقد فعل (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ (74) التوبة) عندهم (ما فعل) نفي لقولهم (لقد فعل) فيجاب (ما فعل). (لقد فعل) عندهم قسم.

المقدم: إذا أردت أن أنفي مقولة (لقد فعل) أقول (ما فعل) وليس (لم أفعل). (لم أفعل) نفي لماذا؟

د. فاضل: نفيٌ لـ (فعل)، حضر – لم يحضر

المقدم: (ما) نفي لشيء مؤكد، مقولة مؤكدة

د. فاضل: كل حالة لها طريقة في النفي خاصة. حضر – لم يحضر، قد حضر – لمّا يحضر، لقد حضر – ما حضر، وكل واحدة لها دلالة خاصة.

المقدم: حتى في لمّا يحضر؟

د. فاضل: طبعاً.

المقدم: ما الفرق بين لم يحضر ولمّا يحضر؟ النتيجة واحدة أنه لم يأتي

د. فاضل: (لمّا) النفي مستمر إلى حين التكلم، إستغراق الماضي كله إلى الآن. أما (لم) نقول لم يفعل الأمس ولكنه فعل اليوم، لم يوافق ثم وافق

المقدم: لما يقول (لمّا يوافق)؟

د. فاضل: إلى الآن لم يوافق، إستغراق الماضي كله.

المقدم: هل فيها استشعار أنه يوافق في يوم من الأيام؟

د. فاضل: وهو متوقع الحصول مع (لمّا)

المقدم: ومع (لم)؟

د. فاضل: لا، ليس بالضرورة. لمّا يفعل لم يفعل وهو متوقَّع أن يفعل. إضافة إلى أنها جواب لـ (قد) نفي الحال والتوقع والتقدير.

المقدم: هل بعد هذا عندما تقول بعض المقولات أن اللغة العربية أو اللغات عموماً ظاهرة اعتباطية أو مجموعة من الأصوات يعبِّر بها كل قوم عن أغراضهم؟ واضع اللغة واضح أنه حكيم وليست اعتباطية فما ردك على هذه المقولة؟

د. فاضل: قطعاً كل لغة لها قواعدها وضوابطها وإلا لا يمكن أن يكون كلاماً إذا لم يكن لها ضوابط فالكلام قطعاً لن يكون مفهوماً، فكل لغة لها ضوابطها لكن الذي لاحظناه أن اللغة العربية في غاية الدقة والسعة والتعبير عن المعاني المختلفة الدقيقة المتباينة بحيث لم نجد مثلها في اللغات الأخرى في حدود ما نعلم.

المقدم: لماذا لم يعلمه الله تبارك وتعالى الشعر في قوله تبارك وتعالى (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر)؟

د. فاضل: ربما يظن أن هذه خير حُرِم منه! (وَمَا يَنبَغِي لَهُ) الكمال في حقه عدم الشعر لأنه مهمة النبي غير مهمة الشاعر لا يليق بالنبي أن يكون شاعراً. أقل ما يقال في الشعراء أن الشاعر قد يزيد في الحقائق وقد ينقص منها وقد يستبد به الخيال في تصويراته الشعرية وقد يكون مبالغة أما الرسول r فلا يقول إلا الحق.

المقدم: وهل الحق يتنافى مع الشعر؟

د. فاضل: قد يبالغ الشاعر يقولون “أعظم الشعر أكذبه” الشاعر قد يُعنى بتزويق الكلام وتحسينه على حساب المعنى ومحتمل أن يقع في ضرورات لا يقتضيها المعنى قد يختار كلمة على كلمة أخرى، قد يقدم ويؤخر وقد يخلّ بمقتضيات البلاغة من حيث التقديم والتأخير واختيار الكلمات، وقد يكون مضطراً وقد يكون ضرورة،

المقدم: ألا يكفي أن يقال (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر)؟

د. فاضل: لا يستقيم ولا يصح أن يكون شاعراً ليس فقط (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر) أساساً لا يصح أن يكون النبي شاعراً (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا (227) الشعراء) ثم الشعر هو كلام بشر، يقوله بشر.

المقدم: هنالك توافق في الفواصل القرآنية والشعر فيه توافق في القوافي؟

د. فاضل: هذا ليس له علاقة. القرآن إذا اقتضى المعنى ضرب الفاصلة. قد تأتي في السورة آية ليس لها نظير في كل السورة، في نفس السياق المعنى هو السيد. لماذا يكون هو شاعر؟ حتى يخلصوا منه أنه كلامه،

المقدم: هذا نسف الوحي أساساً.

د. فاضل: طبعاً، هم قالوا شاعر حتى يقولوا أن كلامه هو وليس وحياً.

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 12/10/2009م:

د. منى من دبي: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ (69) يس) (ما) إذا دخلت على الفعل الماضي تكون أقوى في النفي وهنا (وما ينبغي) هل تعني نفي قاطع؟

د. فاضل: (ما) إذا دخلت على المضارع أفادت نفي الحال الآن بخلاف (لا) ولذلك في قول سليمان (وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35) ص) ما قال ما ينبغي لأنه قال لأحد من بعدي.

المقدم: حتى الرسول r عليه الصلاة والسلام قال “لولا دعوة أخي سليمان”

د. فاضل: لما قال (من بعدي) قال (لا)

هل يمكن معرفة مواعيد إعادة البرنامج؟

في سورة الأنفال ذكر الفشل والتنازع مرة بتقديم النزاع على الفشل والعكس (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ (152) آل عمران) (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ (46) الأنفال) فما دلالة تقديم وتأخير الفشل والنزاع؟

(إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) الأنفال) ألا تعني (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ) أنهم منافقون أم هم منافقون وزيادة؟ مفمن هم الذين في قلوبهم مرض في الآية؟

د. فاضل: ضعاف الدين ومنهم المنافقون فتكون أعم. إذن هم المنافقون وزيادة.

الآية 50 (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) الأنفال) ما دلالة تقديم الذين كفروا على الملائكة في بعض الآيات وفي بعض الآيات يقدّم الملائكة (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ (28) النحل)؟

لما قال (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ) تحديداً وليس جباههم؟

سورة الحشر (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)) في الأنفال (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13)) لماذا مرة يشاقق مرة ويشاق مرة؟.

د. فاضل: للعلم أن (شاقّ) واجبة الإدغام وليست مثل يشاقق، ذاك فعل مضارع مجزوم (ومن يشاقّ) هذا يجوز فيها الوجهان في اللغة. أما شاقّ فعل ماضي لا يجوز فيه فك الإدغام في كل الأحوال سواء كان مع الله أو الرسول r أو معهما أصلاً لا يصح.

المقدم: وإذا كان في المضارع نقول ومن يشاقّ أو من يشاقق اللغة تحتمل هذا وذاك؟

د. فاضل: نعم، مثل ومن يرتدّ ومن يرتدد. ولذلك نحن قلنا الله سبحانه وتعالى خصص عندما يذكر الرسول r يفتح الإدغام قطعاً وعندما يُفرده يُدغم وهذا أمر جائز ليس فيه وجوب. بينما (شاقوا الله) واجب الإدغام أصلاً لا يصح فيه الفك في أي حال من الأحوال.

بالنسبة لصفات المؤمنين والمتقين، المتقون في سورة البقرة ذكرت بعض أوصافهم يمكن أن نجد صفات للمتقين في سورة أخرى مختلفة، اختيار صفة المؤمن تختلف من سورة إلى أخرى. المؤمن والمتقي موجودة في سورة أخرى لكن تختلف الصفات من سورة إلى أخرى بحسب السورة فهل يمكن توضيح كيفية اختيار الصفات؟

بُثّت الحلقة بتاريخ 12/10/2009م

2009-10-13 07:17:43الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost