اللمسات البيانية في سورة يس
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
(أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77)وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78)قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)) صدق الله العظيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . توقفنا فى الحلقة المنصرمة عند قوله تعالى (فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76)) وتقديم السر على الإعلان.
د.فاضل: بسم الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين إمام البلغاء سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين . في الآية الكريمة أثير سؤال عن تقديم السر على الإعلان فذكرنا فى حينها أن الأصل هو السر و أن العمل مبدؤه السر ، وأن مايسرون مقدم على مايفعلون فالمرء يسر في نفسه ويقرر الأمر ثم يفعله فهذا هو الأصل. وذكرنا في حينها أن كلام الأقدمين أنه حين يقدم السر على الإعلان يكون الكلام على المنافقين أو الكافرين والآخر بالعكس ثم بالإضافة إلى ما ذكر الأقدمون قلنا أن السياق هو الذي يحدد تقديم السر على الإعلان أو الجهر على الكتمان، حتى ذكرنا في حينها قوله تعالى (..وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ..(284)البقرة) وقوله تعالى (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ..(29)آل عمران) فقلنا في حينها أنه قدم الإبداء في سورة البقرة (يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ) لأن الله يحاسب على مانبدى لا على ما نخفى ، بينما في آل عمران قال (يَعْلَمْهُ اللّهُ) والعلم أدل ما يكون عندما يكون هناك شيء مخفى فتعلمه ويكون أظهر .
المقدم: وأيضاً مقارنة بقوله تبارك وتعالى (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ(110)الانبياء) و (إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى(7) الأعلى)، لكن ربنا تبارك وتعالى أحيانا يكتفى بذكر (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ(26) محمد) دون ذكر الجهر أساساً، فكيف نفهم هذا وما اللمسة البيانية هنا؟
د.فاضل: هو فى الآية الكريمة (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ(110)الانبياء) قدم الجهر على الكتمان ونحن قلنا السياق هو الذي يحدد وقبلها تقدم قوله (فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ(109)) آذنتكم يعنى أعلمتكم والإيذان هو الإعلام والإشهار – من الآذان – إذن هو الآن قال آذنتكم يعنى أعلمتكم وأشهرت لكم ، (عَلَى سَوَاء) يعنى لم أترك أحداً يعنى مستويين فى الإعلام، إذاً لما قال (آذَنتُكُمْ) بدأ بالجهر ولذلك قدم الجهر فقال (يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ) لأنه أعلمهم . بالنسبة للآية التى ذكرتها (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى(7) الأعلى) أيضاً قدم الجهر على الإخفاء وقال قبلها (سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى(6)) الإقراء هل يكون بالسر أم بالعلن؟ المقدم: بالعلن .هل (سَنُقْرِؤُكَ) خاص بالقرآن الكريم الذي أنزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام؟
د. فاضل: نعم. إذاً الإقراء يكون بالجهر بخلاف القراءة فالقراءة تكون سراً وجهراً ، فلما قال (سَنُقْرِؤُكَ) صار جهراً فقدم الجهر.
المقدم: (يَعْلَمُ الْجَهْرَ) خاص بقراءة القرآن الكريم ؟
د. فاضل: المقام هكذا هنا والسياق هكذا يقتضي تقديم الجهر .
المقدم: إذاً هي مراعاة لمسرح الكلام . بالنسبة للآية الأخرى (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ(26) محمد) ما ذكر الجهر أصلاً
د.فاضل: لو قرأنا الآية سيتضح الأمر (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ(26)) إذاً هم ذكروا الجهر وبقى الإسرار حينما قالوا (سَنُطِيعُكُمْ) ذكروا الجهر . لكنهم قالوا (فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) ما هو بعض الأمر؟ ما أسروه ، فقال تعالى (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ) . فهو الآن ذكر ما جهروا به ، ولكن ماذا عما أسرّوه؟
المقدم: الله أعلم، فنص سبحانه على أنه يعلمه.
د. فاضل: قالوا (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) ليس فيها إشكال وإنما المسألة في الإسرار ماذا أسرّوا فى أنفسهم؟ ما هو الأمر الذي سيطيعونهم فيه ؟ الله أعلم به.
المقدم: نقف عند قوله تعالى (وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى(7)طه) ما هو الذي أخفى من السر؟ هل هناك ما هو أخفى من السر؟
د.فاضل: الذى لم يصل إلى السر بعد ، أنت الآن هل تعلم ما سوف تسرّ بعد غد؟ لا. إذاً هذا مخفى فهو أخفى من السر. فالله يعلم ليس فقط السر ولكن قبل أن يحصل السر يعلم الله ماذا سأسرّ. أنت الآن لا تعلم ما سوف تسره بعد ساعتين أليس كذلك؟ فالله يعلم بهذا قبلك، عندما يأتى صار سراً ولكن قبله أخفى من السر .
المقدم: أخفى يعنى أدق وأصغر ؟
د.فاضل: نعم. فالله يعلم ما لا يعلمه الإنسان فى نفسه قبل أن يصل إليه .
المقدم: إذاً فالله سبحانه وتعالى أعلم بأنفسنا منا.
د.فاضل: نعم. قبل أن يصل السر إلى أنفسنا يعلمه الله. وهذا أخفى من السر.
المقدم: إذاً فالجهر أعلمه أنا ويعلمه غيرى والسر أعلمه أنا ولا يعلمه غيرى وما أخفى من السر يعلمه الله ولا أعلمه لا أنا ولا غيرى. سبحان الله والله أكبر. هى خارج القرآن بمعنى يعلم السر وأخفى من السر؟
د.فاضل: نعم.
المقدم: (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ(77)) نود بدايةً أن نقف على المعنى الدلالى لهذه الآية؟
د.فاضل: سبب نزول هذه الآية وما بعدها في السورة أن أحد عتاة الكفر في مكة قيل أبي بن خلف أو قيل العاص بن وائل أتى إلى رسول الله وبيده عظم بالى وفتّه في الهواء وقال يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا؟ وذرّه في الهواء ، قال النبى صلى الله عليه وسلم: نعم يميتك الله ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار. فالله سبحانه وتعالى ذكر أمور وحجج بداية ًمن قوله (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ ..).
المقدم: الإنسان هنا هو الذي يسأل الرسول r عليه الصلاة والسلام أم عامة لكل الجنس البشرى؟
د.فاضل: عامة ولكن المبعث هو هذا ، لكل من يدور في نفسه هذا السؤال . وهذا جوابه.
المقدم: ما معنى خصيم مبين؟
د.فاضل: المقصود هو تعجيب من حال الإنسان بعدما خلقه الله من نطفة كان مخاصم لربه ، جزاء نعمة الله عليه أن كان خصماً لربه! بعدما ذكر من النعم وما ذكر ما يعلمونه من النعم كان جزاؤه أن يكون مخاصماً لربه. هذا وجه من المعانى. أنه بعدما أنعم الله عليه جازاه بالخصومة أى يعادى ربه. المعنى الآخر الذي يذكره المفسرون أن المقصود هو بيان قدرة الخالق فالإنسان خلق من نطفة فإذا هو ذو منطق وذو حجة وذو خصام ،ثم يصبح بعد أن كان نطفة مبين عن نفسه وعن حجته ويذكر الحجج وعنده لدد في الخصومة . إذاً في الآية معنيين : بيان قدرة الله في الإنسان أنه من نطفة يصبح ذو نطق وحجة وخصومة وبيان وكلام وأخذ و رد ، ومن ناحية أخرى ربك الذي خلقك من نطفة هل جزاؤه أن تخاصمه وتعاديه؟ إذاً هى تحتمل معنيين والمعنيان مرادان للتوسع فى المعنى.
المقدم: في آية سابقة لهذه الآية قال تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ(71)) جاء بالضمير ولم يصرح بالاسم الظاهر ، لكن هنا فى الآية قال (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ) ما اللمسة البيانية الموجودة فى هذا التصريح؟
د.فاضل: (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ) أعم من (أَوَلَمْ يَرَوْا) فالآية (أَوَلَمْ يَرَوْا) قيل أنها في قسم من الناس الشاكّين المنكرين أما (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ) في كل إنسان ، فقد يغفل الإنسان عن الأنعام ولا يراها، ولكن لا يغفل عن نفسه ، إذاً فهى حجة على كل إنسان بينما الأخرى ليست لكل إنسان ، لمن يرى فقط أو الذي ينكر أو غير المؤمن ، صنف من الناس فقط .
المقدم: إذاً (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ) لمؤمن وغير مؤمن أو مسلم وغير مسلم لكل إنسان؟
د.فاضل : هذه حجة على الجميع حتى لا نغفل (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ(21)الذاريات) حتى غير المؤمن لو غفل عن الأنعام ينبغى ألا يغفل عن نفسه . فقد تمر أيام دون أن يرى الإنسان أنعاماً أو أن تبتعد عنه ولكن هل يغفل عن نفسه؟ المفروض ألا يغفل عن نفسه. فإذاً بعد أن ذكر الأنعام ذكر ما هو أعمّ، افرض أن الأنعام تركتك ولم تأخذ منها عبرة هل تغفل عن نفسك؟ لا ، إذاً هى أعمّ من (أَوَلَمْ يَرَوْا) ، وهذه حجة على كل الجنس البشري، ولاحظ قوله (خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ) هذه تخص كل واحد من ذرية آدم فهى أعم وأشمل من تلك .
المقدم: هل نستثنى أبانا آدم من هذا؟
د. فاضل: ليس داخل في هذا وكذلك سيدنا عيسى عليه السلام حالة خاصة.
المقدم: يقال أنه كان هناك بشر قبل أبينا آدم على الأرض. هل اللغة تحتمل هذا يا دكتور؟
د.فاضل: ليست مسألة لغة ولكن مسألة نص، يعنى ليست هناك نصوص قاطعة تقطع بهذا من الصادق المصدوق. المقدم: لأى الأراء تميل حضرتك؟
د.فاضل: أميل إلى أنه أن آدم هو أبو البشر وأول الخلق.
المقدم : هناك آية من القرآن تقول (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)آل عمران) كونه يصطفيه من مجموعة من الجنس المماثل مثلاً؟
د.فاضل: ليس بالضرورة لا تلزم بذلك . هو اختيار .
المقدم: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ(78)) ما هو هذا المثل يا دكتور؟
د.فاضل: المثل هو ما ذكرناه في السابق أنه العظم البالى الذي فتّه فى الهواء ، هو ضرب المثل ونسي خلقه أى نسي كيف خُلِق هو هذا الشخص الذي يضرب المثل ، فأعطاه الله حجة ظاهرة ملزمة أنك نسيت كيف خلقك وسواك من نطفة ، والإعادة أسهل من الخلق (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ (27)الروم) وهو يقر أن الذي خلقه هو الله (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (87)الزخرف) إذاً أنت تقر أن الذي خلقك هو الله والخلق أصعب من الإعادة ، قال (وَنَسِيَ خَلْقَهُ ) ، ولو كان يذكر هذا الأمر أصلاً ما كان ذكر هذا السؤال.
المقدم: السؤال هو (مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) الذي وُجه للرسول عليه الصلاة والسلام؟
د.فاضل: إذاً هو نسي خلقه ، والإعادة أسهل من الخلق الأول ، فكيف يقر بأن الذي خلقه هو الله ولا يقر بأن الله سيعيده مرة أخرى.
المقدم: هذه النقطة كانت مثار تساؤل حتى من الذين قبلهم (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)البقرة) .
د.فاضل: ما استبعد البعث وكذلك سيدنا ابراهيم لما قال (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (260)البقرة) هو ماقالها للتشكيك ، ربنا لما يقول (زَادَتْهُمْ إِيمَانًا (2)الأنفال) هل هم قليلو الإيمان؟ لا . الإيمان موجود لكن زيادة في الإيمانواليقين وكذلك سيدنا ابراهيم قالها لزيادة الاطمئنان فمن رأى ليس كمن سمع ، وكذلك العزير لما قال (أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ) أى كيف؟
المقدم: ليس الغرض منه استفهام انكارى مثلاً؟
د.فاضل: لا . هو سؤال عن الكيفية.
المقدم: هو رأى آية في نفسه (فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ) ، (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ) .
د.فاضل: قال تعالى (لِّلنَّاسِ) لأنه فقد العزير مة سنة ثم عاد كما هو وحماره أيضاً !!
المقدم: ولهذا (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)؟
د.فاضل: نعم قال أعلم ، فهو يعلم .
المقدم: ولكن مسألة البعث والنشور كانت محل شك عند كثير من الناس فهم أيضاً أنكروا الممات والبعث والنشور لاعتمادهم على العقل أم ماذا؟
د.فاضل: تفكيرهم هكذا يستبعدون هذا .
المقدم: ولذلك القرآن حاججهم بهذا (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ) هذا منطق فى النقاش؟ انظر إلى نفسك ثم استكشف الإجابة هنا؟
د.فاضل: طبعاً حجة ملزمة، ولكن الإنسان قد يغفل عن الحجج وقد لا يعلم الحجج فكثير من الناس كانوا منكرين لكن بالنقاش عادوا ورجعوا. وفى حياتنا الخاصة حضرنا هذا، فالحجج ليست غائبة عنه ولكن تذكره بأمور فينتبه لها ويؤوب ويعود.
المقدم: هنا رد الله تعالى على هذا السائل: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)) لماذا ختمت الآية بقوله تبارك وتعالى عليم؟ وليس علّام مثلاً ؟وكلاهما صيغة مبالغة على وزن فعيل وفعّال؟
د.فاضل: طبعاً هذه من صيغ المبالغة، لكن لو لاحظنا خصوصيات الاستعمال القرآنى نلاحظ أنه يستعمل عالم (اسم الفاعل) ويستعمل علّام ، ويستعمل عليم . عالم خصصها بعلم الغيب فقط (عَالِمِ الْغَيْبِ ) (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) ، علّام خصصها مع علّام الغيوب فقط ،علّام صيغة مبالغة فالغيوب كثرة فالكثرة تناسب الكثرة. أما عليم فهى مطلقة.
المقدم: مع أنها صيغة مبالغة أيضاً وتدل على الكثرة ؟
د.فاضل: نعم وهذا من خصوصيات الاستعمال القرآنى ، مثل ظلّام وظلوم كلتاهما صيغة مبالغة أليس كذلك؟ ولكن ظلّام حصرها ربنا فقط لنفى ظلم العبيد فقط (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) ، أما ظلوم تأتى للإنسان فقط وفى مقام الذم (إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ).
المقدم: لكن من حيث اللغة اللغة لا تفرق بينهما؟
د.فاضل: نعم ولكن هذا من خصوصيات الاستعمال القرآنى.
المقدم: سبحان الله العظيم! هل لهذا دلالة؟
د.فاضل: القرآن تعبير مقصود .
المقدم: إذاً هي ليست مسألة صيغة مبالغة أو تكثير أو حتى مسألة لغة المسألة أبعد من اللغة؟
د.فاضل: مثل سمّاع وسميع استعملها القرآن لكن استعمل سمّاع فقط فى مقام الذم للإنسان (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ ..(41)المائدة)، لكن سميع استعملها لله سبحانه وتعالى واستعملها كذلك للإنسان في مقام المدح (..فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا(2)الإنسان) (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (24)هود) وقالها تعالى عن نفسه فهو السميع. فإذاً كلتاهما صيغة مبالغة سمّاع وسميع لكن سمّاع خصصها للإنسان وفى مقام الذمّ ،أما سميع لله وللإنسان في مقام المدح.
المقدم: هنا علّام تأتى مع الغيوب فى صيغة الجمع فقط وعليم تأتى مطلقة؟
د.فاضل: مطلقة إما (بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) أو على الإطلاق (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
المقدم: في قوله تبارك وتعالى (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)الأنبياء) لماذا اختلفت الصيغة في نهاية الآية عن قوله تعالى (بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) ؟
………………فاصل……………….
د.فاضل: طبعاً عالمين صيغة جمع وعالمين اسم فاعل ولو لاحظنا سياق الآية أنه حصرها فى مسألة خاصة والتعليق كان على مسألة خاصة.
المقدم: مع أنه قال (بِكُلِّ شَيْءٍ) ؟
د.فاضل : جاءت للتعقيب على الأشياء التى ذكرها، قال تعالى (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ(78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ(79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ(80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ(81) الأنبياء) الحكم في مسألة الحرث وتعليم داود صنعة الدروع وتسخير الريح لسليمان خاصةً(وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ) تعقيب على هذه المسألة خاصةً تحديداً على هذا من أخص الخاص، فلا يقاس به آية خلق الإنسان وآيات خلق السماوات والأرض وآيات إحياء الموتى تلك آيات كثيرة متعددة عامة، لكن هذه تعقيب على حالة سليمان والريح التى تجرى عاصفة والتى لا تنبغى لأحد من بعده كما طلب من الله عز وجل .
المقدم: لكن ألا توحى كلمة (بِكُلِّ شَيْءٍ) بمعنى العموم والشمول مثلاً؟
د.فاضل: لا شك ، لكن هنا ضمير العظمة كما يسمونه جاء بضمير الجمع (وَكُنَّا) فقال (عَالِمِينَ) ما يقول علماء للخصوصية. إذاً (بِكُلِّ شَيْءٍ) هو تعقيب على مسألة .
المقدم: ليتنا نقوم بعمل مجموعة حلقات حول خصوصية الاستعمال القرآنى فقط ونأتى على الكلمات التى استعملها القرآن بخصوصية خاصة به وأن نفرد لها النقاش ونوضح كيف استعملها الله في هذا النسق القرآنى؟
د.فاضل: ممكن، نفرد لها حلقة أو حلقتين
المقدم: بعد ذلك الآيات القرآنية تترىٰ لإثبات قدرة الله تعالى وعظمته على الخلق- بالمناسبة يا دكتور هل تترىٰ فعل أم اسم؟
د.فاضل: اسم وأصلها وترىٰ ثم قلبت الواو تاء-
المقدم: قال تعالى (الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ(80)يس) ما معنى هذه الآية الكريمة ؟
د.فاضل: هو منطق آخر واختبار آخر للكافر الذي استبعد الإحياء بعد الموت فذكر له الحجة الأولى ثم قال (الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ) أي لفت نظرهم أن النار جعلها من الشجر الأخضر الذي يقطر ماءاً والماء يطفئ النار.
المقدم: هذه مفارقة عجيبة!
د.فاضل: فلفت نظرهم إلى هذا ، لماذا لا تستغربون من هذا؟ وتقولون كيف خلقها الله سبحانه وتعالى ، وتستبعد بعث الذي يخلقه من نطفة ، وهذا أغرب لأن الإنسان من نطفة أى من نفس الجنس ، أما هذا أغرب، هم يقولون:
في كل شجرٍ نار واستمجد المرخُ والعَفار
المقدم: ما معنى هذا يا دكتور؟
د.فاضل: هما شجرتان: المرخ والعفار وكانوا يقولون المرخ ذكر والعفار أنثى ، وحينما كانوا يروحون في الخارج يأتى المرء بقضيب من هذه وهذه مثل السواك فيسحق المرخ على العفار فتصير نار .
المقدم: عجيب! كان يحدث هذا؟
د.فاضل : نعم .
المقدم: أنا أعلم أن هذا فى الحجارة ، لكن في الخشب أيضاً؟
د.فاضل:نعم. (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ(71) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ(72)الواقعة) أى شجرة النار تكون خضراء في البداية، يقولون كان الرجل يأتى بالقضيب من الشجر يقطر ماءاً هكذا العرب في الآثار التى نقرؤها فى كتب اللغة ، اترك الآية لكن فيما نقرأ في كتب اللغة و التاريخ أنه يأتى بقضيب من هذه وهو يقطر ماءاً ويأتى بالأخرى مثل السواك صغير فيسحق المرخ على العفار فتنقدح النار من الاحتكاك هكذا وهى ليست حجر ولا شيء.وكان هذا موجود قديماً ويضعونه في البيوت أيضاً يورون به هكذا.
المقدم: سبحان الله! هذه آية والله ! الماء يطفئ النار فكيف تشتعل النار بالماء؟
د.فاضل: نعم. طيب الإنسان هو الإنسان ، لكن هذا غريب من ضده(الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ) .
المقدم: لا إله إلا الله ! جاءت كلمة توقدون بالفعلية فهل لها دلالة معينة ؟
د.فاضل: نعم يفعلونه عند الحاجة ، يحدث عند الحاجة ليس دائماً ، هو حدث يحجث عندما يحتاجون إليه.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 9 – 11 – 2009 :
1- في الآية (فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ(69)هود) وفى آية أخرى (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ(26)الذاريات) ما الفرق بينهما حنيذ وسمين؟
د.فاضل: سريعاً نفرق بين حنيذ وسمين: الحنيذ هو المشوى على الصخر وهو حار يقطر سمناً (دهناً) أما السمين فليس بالضرورة أنه مشوى.
المقدم: أى أنه أتى بعجل حيّ سمين فلما شوى صار حنيذاً؟ أى أنهما مرحلتين مختلفتين لعجل واحد؟
د.فاضل: نعم لكن كل واحدة ذكرها فى مكانها من حيث الإكرام.
تعقيباً على ما ذكر خلال الحلقة من أن آدم أول البشر أم لا : ربنا سبحانه وتعالى اصطفى سيدنا آدم ونوح، هذا فى علم الله تعالى للغيب . أليس كذلك يا دكتور فاضل؟
د.فاضل: هو تعالى اختارهم لسبب هو أعلم به.
أرجو من الدكتور أن يعيد ما ذكره من موضوع إشعال النار من العود الأخضر؟
د.فاضل: هناك شجرتان تنبتان في البادية المرخُ والعَفار ،وهناك مثل مشهور عند العرب : في كل شجرٍ نار … واستمجد المرخُ والعَفار ، يأتى بقضيبين صغيرين كالسواك من شجرتى المرخ والعفار وهو يقطروا ماءاً فيسحق (يحتك) المرخ على العفار فتنقدح النار فوراً.
في سورة الأنعام قال تعالى (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا..(151)) هل تأخير الجار والمجرور (عليكم) يغير المعنى؟
د.فاضل: عليك أى أنك تلزمه بالفعل ، عليك ألا تفعل أى أنك تلزمه ألا يفعل، وهنا هو حرم عليكم أى أن التحريم متعلق بكم وليس بالشرك ، متعلق بكم أى حرم عليكم ، لو قال عليكم سيكون اسم فعل شيء آخر أى عليك ألا تفعل ، عليك نفسك ، قال حرّم عليكم ، أى الحرمة وليس فقط هكذا.
عندما نتلو في سورة البقرة نجد كلمة ابراهيم لا نجدها منقوطة على عكس ما جاء في المواضع الأخرى ؟ هل تتناسب مع جو السورة التى تتكلم عن اليهود؟
د.فاضل: في سورة البقرة قرأت قراءة متواترة إبراهيم و إبراهِم (بدون الياء) فهذه حتى تشمل القراءتين.وهذا خط المصحف لا يقاس عليه. المقدم: يعنى يُحفظ ولا يقاس عليه؟
د.فاضل: من أركان القراءة موافقة رسم المصحف.
المقدم: يعنى رسم المصحف حالة خاصة؟
د.فاضل: صحة السند وموافقة العربية ورسم المصحف العثمانى لابد منها.
في قوله تعالى (مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ(103)المائدة) ما معنى هذه الأوصاف ؟
نحن نعلم في اللغة العربية أن ما تأتى لغير العاقل ومن تأتى للعاقل، ولكن في مواضع في القرآن الكريم جاءت من لغير العاقل وما للعاقل مثل فى الآيات (فََمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء(45)النور) قالوا أنها جاءت لغير العاقل، وفى الآية الكريمة (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ(3)النساء) جاءت ما للعاقل ؟
د.فاضل: (من) إذا أفردت يكون الأصل فيها للعاقل لكن إذا كان هناك تفصيل- وهذا في كتب النحو- ويجمع معها غير العاقل يأتى ب (من) مثل قوله تعالى (فََمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء(45)النور) اجتمع غير العاقل مع العاقل فيأخذ حكمه وينزل غير العاقل منزلة العاقل. أما ما ذكرته عن أن (ما) لغير العاقل فهذا جزء من القاعدة لأن (ما) لذوات غير الهاقل ولصفات العقلاء ، فحين أسألك عن شيء غير عاقل ماذا تأكل مثلاً فهذا لغير العاقل أما إذا سألتك عن شخص وقلت ما زيد؟فتقول لى هو شاعر أو هو تاجر فتردّ بصفات العقلاء. وفي قوله تعالى (وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا(5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا(6)الشمس) أى الذي طحاها، الله هنا يتكلم عن نفسه سبحانه من الذي بناها ومن الذي طحاها ؟ الله ، ربنا قال هكذا وكذلك (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا(7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا(8)الشمس) من الذي سواها وألهمها؟ الله ، فى قوله (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء) هذه صفات العقلاء يعنى انكحوا الطيبة العاقلة من النساء. فأنا حينما أقول لك من زيد؟ تقول لى هو زيد بن فلان ، أما إذا قلت لك ما زيد؟ تقول لى هو معلم هذه صفته، فإذاً (ما) لغير العاقل ولصفات العقلاء حتى على ربنا تبارك وتعالى ، وحتى العرب تقول (سبحان ما سخر كلٌ لنا) أى الله هو المسخِّر.
بثت الحلقة بتاريخ 9 – 11 – 2009
——————————
رابط الحلقة على قسم الفيديو موقع إسلاميات
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2019
صفحة الحلقة علي الارشيف
http://www.archive.org/details/lamasat091109
رابط جودة عالية
http://ia341306.us.archive.org/3/items/lamasat091109/lamasat091109.AVI
mp4 رابط
http://ia341306.us.archive.org/3/items/lamasat091109/lamasat091109_512kb.
رابط صوت
http://ia341306.us.archive.org/3/items/lamasat091109/lamasat091109.mp3
2009-11-10 11:00:06الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost