لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 226

اسلاميات

الحلقة 226

اللمسات البيانية في سورة هود 11

المقدم: نكمل رحلتنا مع سورة هود متعلمين مما علمكم الله سبحانه وتعالى وواقفين على اللمسات البيانية الموجودة في طيات هذه السورة وهذه القصة العجيبة قصة سيدنا نوح والحوارات الجميلةة بينه وبين قومه. من هذه الحوارات كنا توقفنا في اللقاء المنصرم عند قوله تبارك وتعالى (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)) ما هذا الردّ العام؟ وكيف نقيمه في اللمسات البيانية الموجودة في هذه الحلقة؟

د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. هو بدأ بالرد العام يعني أخبروني إذا كنت على بينة يعني برهان وحجة من ربي لتثبت صدقي وصحة ما أقول ثم هذه الأمور الحُجة، الرحمة التي آتانيها أُبهِمت عليكم، لُبِّست عليكم (عُمِّيت) كيف نلزمكم الحجة وأنتم لها كارهون؟ يعني أنتم لا تحبون أن تظهر، يعني هنالك مانعان يمنعان من ذلك الإبهام والالتباس

المقدم: (أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ) أنه فعلاً مٌرسَل من عند الله عز وجل؟

د. فاضل: الآن أخبروني إذا كنت مرسلاً بالفعل وآتاني حجة وبينة من ربي وهذه الحجة أبهمت عليكم ما فهمتموها ثم أنتم لها كارهون تكرهون النظر فيها،

المقدم: يعني ليس عندكم استعداد لتفهموها

د. فاضل: لا تريدون أن تسمعوها كيف أوصلها لكم؟! إفترضوا أني على بينة وعلى صحة أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟!

المقدم: وكأن هذا سؤال

د. فاضل: نعم، عندكم مانعان الآن أنها مبهمة عليكم وأنتم لا تريدون أن تفهموها فكيف نلزمكم هذه الحجة؟!

المقدم: ما معنى أنلزمكموها؟

د. فاضل: يعني كيف نعطيكم الحجة؟ كيف نلزمها؟ هناك مانعان

المقدم: لا يستطيع أن يوصل

د. فاضل: يرد عليهم رداً منطقياً، أخبروني كيف؟

المقدم: ما معنى (أرأيتم)؟

د. فاضل: لاحظ هو قال (يا قوم) نداء متلطِّف حتى يتألفهم لا يريد أن يثيرهم يريد أن يتودد لهم ويتألف لهم حتى يسمعون (يا قوم). ثم قال (أرأيتم) يعني أخبروني، من الرؤية من النظر

المقدم: مثل (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) الماعون)؟

د. فاضل: أرأيت بمعنى أبصرت، شاهدت. وتأتي بمعنى الإخبار تأتي بمعنى أخبروني فيها معنى التعجب، تقول: أرأيت إن أصحبت أميراً ماذا أنت فاعل؟ يعني أخبرني، نظرت إلى هذا الأمر فأخبرني. وتأتي بمعنى الرؤية والرؤية قد تكون قلبية وقد تكون بصرية، فهنا يقول له أخبرني ماذا تفعل، الآن أرأيتم أخبروني فيها معنى التعجيب من موقفهم. إذن أرأيتم معناها أخبروني.

المقدم: هنا قال (إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ) وهو ييكلمهم ويقنعهم بانه رسول من ربه فلم لم يقل بينة من ربكم وقال (من ربي)؟

د. فاضل: لأن البينة جاءته هو،

المقدم: ما هي البينة؟

د. فاضل: الحجة، الرسالة، المعجزة. لو كانت البينة جاءتهم لكان يقول (من ربكم) لكن الحجة جاءته إذن (من ربه) لأن كل واحد تأتيه البينة من ربه ولذلك في القرآن حيث يتكلم على نفسه هو يعني البينة له يقول (من ربي) وحيث يقول جاءتكم يقول (من ربكم) في جميع القرآن. (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ (57) الأنعام) من هو الذي على بينة؟ هو الذي على بينة، في أكثر من موضع (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً (63) هود). (قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ (73) الأعراف) في أكثر من موطن، عندما تأتيهم البينة من ربهم وعندما تأتيه من ربه لأن كل واحد تأتيه البينة من ربه والرب هو المرشد والموجّه. لكن هنالك ملاحظة في هذا التعبير جميع الأمم السالفة التي ذكرها ربنا بالقرآن التي خوطبت بنحو هذا يقول (قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ (63) الأعراف) قالها قوم صالح ومدين وموسى (قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ (105) الأعراف) إلا الذين أرسل لهم سيدنا محمد قال (فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ) زاد الهدى والرحمة. جميع الأمم السابقة قال (قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُم) إلا الرسول r قال (فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ (157) الأنعام) كل تلك جاءتكم وهنا جاءكم وذكر زيادة الهدى والرحمة على البينة، لماذا؟ لأن الأقوام الماضية ما زاد على البينة ما قال (هدى ورحمة) لأنهم كذبوا وعذبوا وهلكوا إلا سيدنا محمد رُحِموا وهُدوا.

المقدم: إذن كان هذا المفهوم ضمناً من بداية بعثة الرسول r صلى الله عليه وسلم أنه قال (هدى ورحمة)

د. فاضل: هذه إشارة، إلماح إلى أنهم يهتدون ويُرحمون، كل الأمم السابقة عذبوا وهلكوا ليس فيها (هدى ورحمة) إلا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هداهم ورحمهم

المقدم: مع أن الكل من عند الله عز وجل، كلهم أنبياء ومرسلين

د. فاضل: نعم كله من عند الله لكن الإلماح والإشارة إلى أن الأمة بخير

المقدم: أراد الله تعالى بها الخير، هذه بادرة أمل طيبة. بهذه البادرة في قوله تعالى (وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ (28) هود)

د. فاضل: حتى (جاءكم) و(جاءتكم)

المقدم: هل يختلف تذكير وتأنيث الفعل؟ مع أنه في (فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ) الفاعل مؤنث فلماذا ذكّر الفعل؟

د. فاضل: من حيث النحو جائز.

المقدم: لأنه مؤنث مجازي

د. فاضل: يبقى الاختيار، كل الذين قال لهم (جاءتكم) بالتأنيث معناها المعجزات الدالة

المقدم: البيّنة

د. فاضل: يعني الآيات الدالة والمعجزات

المقدم: ومع الرسول r عليه الصلاة والسلام؟

د. فاضل: هي الكتاب، القرآن هو البينة.

المقدم: (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) البينة)

د. فاضل: البينات يقصد به القرآن لأنه هو معجزة الرسول r، هنا راعى المعنى الدلالة مثل (كيف كان عاقبة) (كيف كانت عاقبة) لما يُذكِّر يعني العذاب إذا أنّث معناها الجنة وإذا ذكّر معناها العذاب.

المقدم: ما اسم هذا؟

د. فاضل: مراعاة المعنى، ما معنى الفاعل؟ هل المقصود به مذكر أو مؤنث؟

المقدم: وبالتالي يؤنث أو يُذكر الفعل

د. فاضل: وهو جائز في النحو

المقدم: لغة يجوز. مع سيدنا محمد يقول (جاءكم بينة) يقصد القرآن

د. فاضل: ونفس السياق يستمر (وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ (92) الأنعام). إذن هنالك أمران زاد الهدى والرحمة وذكّر الفعل

المقدم: استطراد جانبي بعضهم يقول معجزة الرسول r عليه الصلاة والسلام القرآن ماذا يستفيد الناس أن القرآن معجزة وهي لغة؟ معجزات الأنبياء كانت حسية سيدنا موسى كان بالسحر وسيدنا عيسى كان بالطب أما اللغة فماذا فيها؟

د. فاضل: فيها أمران، الأمر الأول أن المعجزات السابقة محصورة بالقوم الذين شاهدوها وتبقى بالنقل تنقل لنا الآن ولم نرها (هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ (73) الأعراف) بتقديم (لكم) يعني خاصة بقومه هو الآخرون لم يشاهدوها أما القرآن باقٍ لو كان مثل باقي المعجزات لذهب مع من ذهب مثل ما يُنقل لنا عن الرسول r صلى اله عليه وسلم ذكر لنا معجزات في تكثير الطعام لكنها غير مشاهدة بالنسبة لنا

المقدم: المعجزات الحسية غير مشاهدة

د. فاضل: انتهت والآخرون لم يشاهدوها

المقدم: يُحكى عنها فقط

د. فاضل: إذا كان مسالة النقل فقد نُقِل عن الرسول r بأكثر مما نُقل غيره

المقدم: الجذع والشاة والسُم

د. فاضل: تكاد تكون متواترة في المعنى، أما القرآن موجود مستمر

المقدم: إذن هو من أخطر المعجزات

د. فاضل: هذا أمر. والأمر الآخر وإن كان القرآن تحداهم بالمجيء بمثله لكن فيه أمور ملزمة بمعنى هنالك أمور لا مفر أن تقول إنها من عند الله مثل لما أخبر عن الروم (غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ (4) الروم) وحصل، (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ (27) الفتح) وحدثت هذه الأمور، الإخبار بالغيب والإخبار عن التاريخ الماضي الذي كان ينكره أهل الكتاب ولم يذكر في كتبهم والآن نعرف مثل ما ذكر عن هامان وفرعون مؤخراً، هذه أمور ملزمة، ما ذكر من حقائق أخرى ملزمة، الأمر الأول هو ما يتعلق  في التحدي في نظمه ثم ذكر أيضاً أموراً ملزمة الذي يتأمل فيها قطعاً هو يؤمن بها.

المقدم: بعضهم يهمش مسألة اللغة أساساً بشكل كبير جداً

د. فاضل: لأنه لا يعلم اللغة، لا يعرفها.

المقدم: ماذا نستفيد من اللغة في حياتنا؟ وماذا تصنع بدكتوراه في اللغة؟ بم تفيد اللغة العربية البشرية؟

د. فاضل: القرآن ليس هو مجموعة من كلام من دون فائدة لكنه عبارة عن أحكام مصوغة بأسلوب معجز، هي أحكام معجزة في كل شيء، ما يتعلق بالحُكم وما يتعلق بالمجتمع وما يتعلق بإصلاح النفس

المقدم: عليه مدار العقيدة

د. فاضل: العقيدة والإصلاح، إصلاح الناس

المقدم: فيها عبادات ومعاملات ومعاشرات

د. فاضل: وإصلاح، فيه دعوات لإصلاح المجتمعات زأفكار كثيرة، القرآن ينظر في هذا إصلاح المجتمع (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ (88) هود) هذه فيها فائدة للناس، هذا هو أصل الأمر وأس الأمر هو هذا هو إصلاح المجتمع الذي أساسه عبادة الله لكن مصوغ بأسلوب معجز. هذه اللغة ننتقل منها إلى ماذا فيه من أمور تعلمنا أمور الحياة

المقدم: كما قال ابن جني في الخصائص “اللغة مجموعة من الأصوات يعبّر بها كل قوم عن أغراضهم” هي لغة التواصل.في قوله تبارك وتعالى (وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ (28) هود) الملاحظ أن الله تبارك وتعالى قدّم الرحمة على الجار والمجرور وفي موطن آخر في السورة نفسها قال (وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً (63) هود) فلماذا التقديم والتأخير؟

د. فاضل: التقديم قائم على الأمور الأهم. (وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ) قدم الرحمة لأن الكلام على الرحمة لو نكمل الآيتين اللتين ذكرتهما (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) هود) الكلام عن الرحمة فقدمها، بينما الآية الأخرى (وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً) (منه) يعني من الله، لو أكملنا الاية (فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ (63) هود) الكلام عن الله أما الآية الأولى فالكلام عن الرحمة فقدمها.

المقدم: وهنا الكلام عن الله فقدم الله سبحانه وتعالى. إذن السياق هو الذي يحكم عملية الكلام ورصف المباني هذه

د. فاضل: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)) يتكلم عن الرحمة فقدمها، (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (63) هود) الكلام ليس عن الرحمة وإنما عن الله سبحانه وتعالى.

المقدم: حتى التقديم والتأخير أيضاً مدروس وله غاية ودلالة معينة. لكن خارج القرآن (آتاني منه رحمة، أو آتاني رحمة منه) هل هناك فرق في اللغة؟ هل التقديم يفيد الحصر أو الاهتمام أو الأولوية؟

د. فاضل: التقديم عادة يفيد الاهتمام بشكل عام، العرب يقدمون ما هم أعنى ببيانه، ما هم أعنى به، هذا ما يذكر سيبويه وما يذكره عموم النحاة ابتداء من قديم يقدمون ما هم ببيانه أعنى وما هو أهم لهم

المقدم: كيف نفهم هذا المنطق في قوله تبارك وتعالى (رحمة من عنده) قال (من عنده) وفي غيرما موضع قال (رحمة منا) ما الفرق بين رحمة من عنده ورحمة منا؟ أليست الرحمة من عند الله سبحانه وتعالى؟

د. فاضل: الرحمة قطعاً من عند الله. نحن عندنا خصوصيات في التعبير القرآني هو لا يستعمل (من عنده) إلا مع المؤمنين فقط في القرآن كله. (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) الكهف) (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ (35) القمر) (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) الأنبياء) رحمة منا عامة للمؤمن والكافر، للبشر

المقدم: (من عندنا) خاصة بالمؤمنين فقط و(منا) عامة

د. فاضل: (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) هود) الإنسان، (وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) يس) (منا) عامة، (من عندنا) فقط للمؤمنين

المقدم: هل هناك فرق لغوي بين (من عندنا) و(منا)؟

د. فاضل: فيها خصوصية.

المقدم: فيها حب وود، ألهذه الدرجة يخص الله سبحانه وتعالى المؤمنون بخصوصية في اللفظ نفسه؟ في قوله (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) ما معنى (عميت)؟

د. فاضل: أُبهِمت ولُبِّست.

المقدم: لماذا لم يقل أُبهمت وأخفيت؟

د. فاضل: لو نظرنا ماذا قالوا له قبل قليل (مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ) هم ذكروا الرؤية (ما نراك إلا بشرا) (وما نراك اتبعك) (وما نرى عليكم من فضل) نقيض الرؤية العمى، فقال (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ)

المقدم: فجاء بنقيض الرؤية (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) أيُّ دقة هذه؟! هم قالوا نرى، نرى، نرى فقال عُميّت فكأن لسان حاله يقول أنتم لا ترون شيئاً أصلاً

د. فاضل: أنتم لا ترون

المقدم: ولو رأيتم لرأيتم هذه الرحمة بالفعل

د. فاضل: والغريب هو قال (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) بالتضعيف وقُرئيت عَميت، فيها قراءتان عُمّيت وعَميت،

المقدم: لكن (عُمّيت) ربما لا يكون لهم دخل بها

د. فاضل: عمّيت عليكم، عَميت أيضاً معناها التبست عليهم لكن عُمّيت فيها تشديد، لماذا فيها تشديد؟ هم قالوا (ما نراك) ثلاث مرات فشدد

المقدم: لأنهم شددوا ما يروا فشدد عليهم العمى

د. فاضل: كما ضعّفوا ضعّف

المقدم: عجيب! هذه التوأمة العجيبة وهذه الحبكة اللفظية والمراعاة بين كلمة هنا وكلمة سبقت عجيب هذا النظم بالفعل!

د. فاضل: عجيب جداً. ويقال عَميت يعني التبست البينات

المقدم: والمعنى واحد؟

د. فاضل: لا، هما قراءتان متواترتان عَميت وعُمّيت

المقدم: استطراد جانبي كيف تكون القراءات متواترة والصيغة مختلفة تماماً؟

د. فاضل: حتى يضيف معنى آخر، يريد أن يضيف أكثر من معنى مطلوب فلا يتم إلا بقراءة أخرى مثل مالك يوم الدين وملك يوم الدين

المقدم: ليس اختلاف الألسن؟ مثل (حتى حين) و(عتى حين)؟

د. فاضل: لا، هذا اختلاف الألسن، هذا شيء آخر. لكن يأتي بكلمة أخرى حتى يكسب معنى آخر

المقدم: يعني الرسول r صلى الله عليه وسلم قرأ بالاثنين؟ قرأ بها الرسول r عن جبريل وأقرّها؟

د. فاضل: كان يقرأها كما نزلت قرأها مالك يوم الدين وقرأها ملك يوم الدين حتى يجمع مالك الملك. وهنا قرأ عُمّيت وعَميت، عَميت التبست وعُمّيت لُبٍِّست، أُبهِمت، يعني أمرين. تقول التبس عليه الأمر ولُبِّس عليه الأمر يعني أحدهم تعمّد أن يلبّس عليه الأمر، عسُرت عليه المسألة لم يقدر أن يفهمها وعُسِّرت عليه زيادة،

المقدم: يعني تُعُمِّد فيها جانب الصعوبة

د. فاضل: هي عسيرة وعُسِّرت عليه، هي صعبة عليه المسألة عَسرت وعُسِّرت صار فيها شدة أكثر، صار فيها أمرين، هي ملتبسة ولُبِّست عليه، هي هنا عَميت وعُمّيت .

——فاصل——-

المقدم: عَميت من تلقاء نفسها لكن عُمّيت ألا توحي بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي شدد عليهم حتى لا يفهموا؟

د. فاضل: هم لها كارهون لا يريدونها

المقدم: هم أعرضوا فختم الله عليهم، لو لم يكرهوها لكان يسّرها لهم، هم من تلقاء أنفسهم أعرضوا وكرهوا فختم الله عليهم وشددها

د. فاضل: ولهذا قرأ قراءتان عَميت وعُمّيت

المقدم: أيهما يقصد؟

د. فاضل: الإثنان مرادان لأنه أراد هكذا. في عموم القرآءات التي ترد في وجهين مما يؤدي معنى أكثر من معنى.

المقدم: (وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) لماذا قدّم الجار والمجرور هنا على كارهون؟

د. فاضل: لأنهم يخصونها بالكراهة، لا يكرهون شيئاً ككراهتهم لها. لو قال كارهون لها لاحتمل أن يكونوا كارهون لها ولغيرها لكن هنا يخصونها بالكراهية

المقدم: إذن هنالك فرق بين كارهون لها وأنتم لها كارهون.

د. فاضل: لا يطيقون أن يروها

المقدم: لكن هم في الحالتين كارهون

د. فاضل: يخصونها بالكراهة،  الكراهة درجات، هذه يخصونها لا يطيقون سماعها ولذلك قال (وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) تخصونها بالكراهة

المقدم: لماذا قال كارهون بالإسم ولم يعبر بالفعل (تكرهون)؟

د. فاضل: هذه صفتهم الثابتة أصلاً لا تتحول

المقدم: ولو عبّر بالفعل؟

د. فاضل: قد تتغير،

المقدم: هناك فرق بين استخدام الإسم واستخدام الفعل؟

د. فاضل: طبعاً، الإسم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث والتجدد

المقدم: إذن كارهون آكد وأقوى وأثبت في الدلالة من تكرهون. (إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29)) ما النظرة السريعة في هذه الآية وماذا فيها؟

د. فاضل: ذكر نوح أنه ليس طالب مال ولا جاه (وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً)

المقدم: كانوا يظنون أنه يدعي الرسالة ليأخذ مالاً أو جاهاً؟

د. فاضل: مال أو جاه، إذن هو لا طالب مال ولا جاه، هو حامل دعوة، همه الأول أن يوصل الدعوة فقط ما يطرد الذين يسمونهم أراذل،

المقدم: وكأنهم طلبوا منه أن يطردهم ولهذا قال (وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ (29)). في موضع آخر قال (لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) هو قال مالاً أو أجرا؟

د. فاضل: لو لاحظنا بعد هذه الآية قال (وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ (31)) والخزائن للأموال، لما قال خزائن ناسب ذكر المال ولذلك قال (مالا) هنا.

المقدم: أيهما قال مال أم أجر؟

د. فاضل: كلاهما،

المقدم: ما معنى الأجر؟ لقاء عمل؟

د. فاضل: نعم، الأجر لقاء عمل، يعني لا تفضلاً ولا لقاء عمل.

المقدم: لقاء العمل قد يكون بغير المال (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ (27) القصص)

د. فاضل: الأجر لقاء العمل لكن ليس محدداً بالمال.

المقدم: (وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ) لماذا لم يقل لا أطرد أو لن أطرد؟

د. فاضل: ذكرنا قبل قليل أن الإسم آكد وأثبت فهنا نفى بالإسم (بطارد) وجاء بالباء الزائدة المؤكدة

المقدم: إسمها باء زائدة؟ هل هناك حرف زائد في القرآن؟

د. فاضل: هذا مصطلح، زائدة لا تعني أنها ترمى هكذا لكن زائدة مصطلح عند المتأخرين زائدة بين العامل والمعمول لغرض التوكيد، الزيادة لها غرض وليست ترمى هكذا وقسم من القدامى كانوا يسمونها صلة ايضاً.

المقدم: مثل (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) فصلت)

د. فاضل: إذن الباء زائدة مؤكدة واقعة في خبر المنفي وفيها الإسم

المقدم: هي تعمل عمل ليس؟

د. فاضل: بشروط، تعمل عمل ليس بشروط.

المقدم: (بطارد) لم يقل بطاردٍ بالتنوين؟ كما قال (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (30) البقرة)

د. فاضل: عندنا قاعدة في النحو أن إسم الفاعل لا يعمل عمل النصب إلا إذا دل على الحال والاستقبال، يعني التنوين تقول أنا ضاربٌ زيداً يعني سأضربه الآن أو في المستقبل فقط،

المقدم: إسم الفاعل يعبِّر عن الماضي؟

د. فاضل: قد يعبر عن الماضي. الماضي قد يعبر عنه بالإضافة، الإضافة عامة تستعمل الماضي والحال والمستقبل. أنا ضاربُ زيد يعني ضربته،

المقدم: بدون تنوين يعني ضربته، وقع الفعل

د. فاضل: لكن ضاربٌ زيداً لا يمكن أن يكون للماضي

المقدم: للحاضر أو المستقبل فقط. هناك فرق بين هذا قاتلُ أخي وهذا قاتلٌ أخي، أظن هذه قصة حدثت إذا أذنت أن تحكيها لنا.

د. فاضل: كان الفقيه محمد ابن الحسن في زمن الرشيد كان ينال من الكسائي باعتبار بضاعته اللغة العربية، فأراد الكسائي أمام الرشيد أن يعطيه درساً في اللغة فسأله سؤالاً فقهياً لكن عن طريق اللغة، قال ماذا تقول لو قال واحد أنا قاتلٌ أخي أو أنا قاتلُ أخي أيهما تأخذه للقصاص؟ من منهما؟ هذا حكم فقهي، قال كلاهما، الرشيد قال أخطأت، قال قاتلٌ أخي لم يقتله، قاتلُ أخي قتله.

المقدم: قاتلٌ أخي تعبر عن الحال يعني لم يقع الفعل بعد،

د. فاضل: بالإضافة مطلقة قد تشمل الماضي والمستقبل، التنوين لا تشمل الماضي

المقدم: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)

د. فاضل: هذا مستقبل لم يضفه، لم يجعل خليفة بعد. (أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ (10) إبراهيم)

المقدم: لا يجوز أن يقال فاطرٌ السموات، فاطرِ السموات تنسحب على الماضي، غير محدودة بوقت معين؟

د. فاضل: غير محددة. الإضافة عامة (رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ (9) آل عمران) الإضافة عامة، التنوين مقيّد محدد بزمن معين.

المقدم: هنا قال (بِطَارِدِ)

د. فاضل: لا في الماضي ولا في المستقبل، لم يفعلها في الماضي ولا أفعلها في المستقبل.

المقدم: ولو قال وما أنا بطاردٍ؟

د. فاضل: خاص بالمستقبل، احتمال أنه فعلها.

المقدم: (بِطَارِدِ)، التنوين كسرتين هل كسرة واحدة تغير المعنى لهذا الحد؟

د. فاضل: هي ليست كسرتين هي في الكتابة كسرتين لكنها هي كسرة واحدة ونون ساكنة تلحق الآخر، هذه كتابة نون ساكنة تلحق الآخر لفظاً لا خطاًً دون توكيد.

المقدم: هنا (وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ) وفي الشعراء في قصة نوح قال (وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114)) كيف نفهم الذين آمنوا والمؤمنين؟

د. فاضل: نفس القصة، الكلام في هود كان أسبق في الزمن لما هو في الشعراء. لو قرأنا القصتين في هود والشعراء سنرى أن الكلام في الشعراء على ما بعد ذلك كان الكلام في هود أسبق (وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ (27) هود) في الشعراء هددوه بالرجم (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (116))

المقدم: وكأنه بدا بالتبليغ والدعوة

د. فاضل: هذه مرحلة متأخرة، تلك كانت كلاماً (قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) هود) لم يهددوه برجم أما في الشعراء هددوه بالرجم بعد بداية الدعوة، إذن هؤلاء مؤمنين صبروا كل هذه المدة الطويلة.

المقدم: وكأن (وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ) لحظة إيمانهم ودخولهم وحينما استمروا معه صاروا مؤمنين.

د. فاضل: (فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) الشعراء) هؤلاء ثبتوا مدة طويلة وصبروا ثباتهم وصبرهم وصدقهم دلالة على أنهم صادقين وثابتين في إيمانهم فاستحقوا الوصف بالإسم، تلك في مرحلة وهذه في مرحلة.

المقدم: مع أن المؤمنين تدل على أنهم آمنوا والذين آمنوا تدل على أنهم آمنوا أيضاً.

د. فاضل: لا شك، هو آمن ثم استمر فبقي محافظاً عليه.

المقدم: لكن كما قلت هذا بالإسم وهذا بالفعل. ما زال الإسم آكد من الفعل.

د. فاضل: آكد واثبت.

المقدم: في تضعيف الآية قال (وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) هود) لماذا أراكم؟

د. فاضل: هم قالوا (مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا) فقال (وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ)

المقدم: مرة يأتي بضدها (فعُميت) ومرة يرد بالمثل (وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ). في الأعراف قال (قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)) لم يقل أراكم وفي النمل (بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55)) لماذا اختلف التعبير؟

د. فاضل: لو نقرأ ما ورد، نحن تعلمنا أن لا نقتطع الكلمة أو الجملة اقتطاعاً، في نوح دعاهم إلى ما يرى (أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) هود) دعاهم، إذن ذكر ما يراه كل واحد في الآخر في المعتقدات، (إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) من قالها؟ قالها موسى لقومه بني إسرائيل بعدما أنجاهم وجاوزهم من البحر وأغرق آل فرعون قال ربنا (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) الأعراف) يريدون صنماً قال (إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) هذا ليس نقاشاً. إذن لماذا أنجاهم وجاوز بهم البحر ما داموا يريدون أن يعبدوا الأصنام؟! ما الفرق بينهم وبين غيرهم ممن يعبدون الأصنام، هذه ليست مسالة رؤية، هذه فيها أمر فيه تحقيق، ثم هذا خطر جداً، هذا ارتداد، عبادة أصنام وشرك، ردة.

المقدم: في النمل (بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)

د. فاضل: هؤلاء قوم لوط (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) النمل) ليس نقاشاً في فكرة وإنما فاحشة، ليس نقاشاً أخذ ورد وإنما هذا أمر ظاهر ليست كتلك أنه جاءهم بعقيدة هم يرون هذا وهو يرى هذا، هذا في أمر ظاهر فاحش تقرير أمر واقع لكن الملاحظ أنه قال (إنكم) في قوم موسى أكّدها وفي قوم لوط قال (بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ما قال (إنكم). في موسى (إنكم) وفي قوم لوط (بل أنتم) ما قال (إنكم) ليس فيها تأكيد

المقدم: مع أن الموقفين واقعين بالفعل هذا تكلم عن حادثة فاحشة موجودة وموسى تحدث عن قومه

د. فاضل: أي الأكبر جريمة ووزره أعظم المشرك أو الذي يعمل فاحشة؟

المقدم: المشرك

د. فاضل: المسلم الذي يرتد أو الذي يعمل فاحشة؟

المقدم: المسلم الذي يرتد

د. فاضل: هؤلاء مؤمنين ويردون أن يعبدوا صنماً، (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ (48) النساء) هذا أمر أفظع وأعظم لأن فيه ردة ولذلك أكّد.

المقدم: لصعوبة وخطورة الأمر.

د. فاضل: ليس الأمران سواء

المقدم: لكن (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (80) الأعراف)

د. فاضل: لكنها تبقى فاحشة، المسلم قد يعمل فاحشة لكن لا يخرج من الملة لكن الذي يرتد يخرج من الملة، إذا عبد صنماً هذه أكبر. الأمر ليس سواء، هذه دقة في التعبير عجيبة

المقدم: وكأن كلام الأنبياء ليس فيه تعسفاً ابداً مع أقوامهم، بمناسبة الحالة التي هم عليها

د. فاضل: قطعاً. تلك أكبر بكثير شرك وعبادة أصنام ورِدّة أما الفاحشة فليست بمنزلة تلك، كل واحدة مناسبة

المقدم: ولهذا تحتاج إلى تأكيد. هذه هي البلاغة؟ مراعاة الكلام لمقتضى الحال؟

د. فاضل: هذه هي البلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال, اختيارات عجيبة.

المقدم: (وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ (29) هود) لأنهم كانوا في بداية الدعوة، (وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114) الشعراء) لأنهم صاروا مؤمنين، ثبت إيمانهم. المراعاة هذه في اللغة العربية أين تدرس؟ في البلاغة أم في قواعد اللغة؟

د. فاضل: علم المعاني بالذات مع النحو مع اللغة سواء كانت الصرف، علوم اللغة مع علم المعاني هو الذي يجمع بينهما. علم المعاني وعلوم اللغة.

بُثّت الحلقة بتاريخ 26/2/2010م


من قسم الفيديو

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2105

الرابط علي الارشيف
http://www.archive.org/details/lamasat226

رابط جودة عالية
http://ia360934.us.archive.org/2/items/lamasat226/lamasat226.AVI

رابط جودة متوسطة
http://ia360934.us.archive.org/2/items/lamasat226/lamasat226.rmvb

mp4 رابط
http://ia360934.us.archive.org/2/items/lamasat226/lamasat226_512kb.mp4

رابط صوت
http://ia360934.us.archive.org/2/items/lamasat226/lamasat226.mp3

2010-02-28 11:08:13الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost