الحلقة 231
إجابة على أسئلة المشاهدين
سؤال: في سورة يوسف (قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (53)) على من يعود الضمير في الآيات؟ على امرأة العزيز أم على سيدنا يوسف؟ وما أحوال القول في هذه الآية؟
د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيد الفصحاء أفصح من نطق بالضاد سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. الآية الكريمة (قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52)) قسم يرى أن هذا من قول امرأة العزيز لكن الذي يبدو لي أن هذا قول سيدنا يوسف، لم يخن سيّده
المقدم: (ذاك) إشارة لماذا؟ لحصحصة الحق؟
د. فاضل: ذلك الأمر الذي حصل
المقدم: يخن من؟
د. فاضل: (لم أخنه) يعني لم يخن سيده لأن يوسف كان في البيت وهو كان يشتغل عند سيده العزيز لم يخنه لأنه لو فعل المنكر مع امرأته لخانه قال (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) هذا القول أُدرج قولان مختلفان
المقدم: لكن بعدها قال (وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ) هذا كلام امرأة العزيز؟
د. فاضل: لا، هذا كلام سيدنا يوسف أنه يعطي فكرة عامة للنفس البشرية أن هذا الواقع (إنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ) هذا الذي حصل
المقدم: حضرتك تميل إلى أن هذا الكلام كلام سيدنا يوسف
د. فاضل: نعم، الإشكال عندهم أنهم يقولون الكلام متصل. الناظر في القول والمقول في اللغة وفي القرآن متعددة ليست على وتيرة واحدة
المقدم: حدثنا عن أحوال القول
د. فاضل: الكثير أن يذكر القول والمقول هو الأصل (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ (30) مريم) (قال) فعل القول والمقول (إني عبد الله) ذكر الاثنين. (وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة) (قال) فعل القول و(سمعنا وأطعنا) مقول القول، هذا هو الأصل، الأصل أن يذكر فعل القول والمقول. لكن ليس كله على هذه الشاكلة. أحياناً يحذف الفعل ويبقى المقول مثل (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ (127) التوبة) لم يذكر (قالوا)
المقدم: على إضمار القول
د. فاضل: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا (127) البقرة) ما قال (قال)، هذا مفهوم كأنه أمر مشاهد وكأنما يعرض المسألة كأنك تشاهد المسألة، حذف فعل القول لكن ذكر المقول. وأحياناً يذكر فعل القول ولكن يحذف المقول، يذكر فعل القول ويحذف المقول لظهوره، يذكر (قال) لكن ماذا قال؟ يحذفه لكنه ظاهر من السياق مثلاً (قَالَ مُوسَى أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءكُمْ أَسِحْرٌ هَـذَا (77) يونس) هذا قولهم هم أم قول موسى؟ هم ماذا قالوا؟ معناها أنهم قالوا هذا سحر لكنه لم يذكر المقول
المقدم: فسأل سؤال استفهام إنكاري (أَسِحْرٌ هَـذَا)
د. فاضل: لكن المعنى واضح (قَالَ مُوسَى أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءكُمْ أَسِحْرٌ هَـذَا وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) هذا قول موسى لكن لم يذكر ماذا قالوا هم لكنه مفهوم من السياق قطعاً فذكر فعل القول لكن لم يذكرماذا قالوا لأنه مفهوم من السياق. أحياناً يذكر مقولين لقائلين مختلفين ويحذف فعل القول، القولان مختلفان لكن لم يذكر فعل قول لأحدهما كأنما القول واحد لكن المعنى يفرق بينهم مثل (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) النحل) (مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ) هذا قول الظالمين أنفسهم، (بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) هذا الرد عليهم لكنه لم يذكر الآن فعل القول ومن القائل ذكر فقط المقول واتصل لم يفرق كأنما قائل واحد (مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) كأنما هذا يتكلم وهذا يرد عليه من دون ذكر فعل القول كأنه المشهد ظاهر أمامنا وليس نقلاً. قائلان مختلفان لم يذكر فعل القول وإنما أدمج الكل وواضح من السياق كل منهما. أحياناً يذكر فعل القول ويدرج معه قول لقائل آخر كأنما واحد لكن المعنى مختلف (الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) يوسف)
المقدم: حذف القائل الحقيقي لـ(ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ)
د. فاضل: هي رمته بالخيانة كيف تقول (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ)؟ إذا كان هذا قولها لم تخن من؟
المقدم: زوجها
د. فاضل: هي دعته للخيانة وراودته (وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) يوسف) فعلت مقدمات هذا الأمر ولم تنتهي حتى رمته بالسجن، هذا لا يمكن أن يكون قولها هي لم تخن يوسف وهي رمته بالخيانة.
المقدم: بعض المفسرين يقول هذا قول زليخة امرأة العزيز
د. فاضل: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) قول من هذا؟
المقدم: على ما تفضلت به الآن قول سيدنا يوسف، ما يستقيم أن يكون قول امرأة العزيز
د. فاضل: بالنسبة لها هي إلى آخر مرة قالت (وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ) حتى لما دعت النسوة
المقدم: (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ)
د. فاضل: إذا يوسف هي رمته بالخيانة والسجن
المقدم: وهي قالت (وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ) هذه شهادة منها فكيف تقول (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ). من خلال ما تفضلت به من أحوال القول اتضحت الرؤية بالفعل. (وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ) هل هذا كلام سيدنا يوسف أيضاً؟
د. فاضل: هذا حكم عام (إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ) واحد مؤمن يعرف عن النفس ما هي. أحياناً يذكر فعل القول ولا يذكر المقول ولكن يذكر فحواه (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً (31) إبراهيم) معناها أقيموا الصلاة، (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (53) الإسراء) معناها قولوا التي هي أحسن فذكر الفحوى.
المقدم: تتبع أحوال القول في القرآن الكريم فيها ثراء وربما تميط اللثام عن استكناه بعض الدلالات المتوارية في سياق الآيات الكريمات.
سؤال: سورة الشورى من الآية 32 إلى الآية 35 (وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴿٣٢﴾ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿٣٣﴾ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ ﴿٣٤﴾ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ﴿٣٥﴾) لماذا وردت (وَيَعْلَمَ) منصوبة؟
د. فاضل: هذا سؤال نحوي (وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴿٣٢﴾ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿٣٣﴾ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ ﴿٣٤﴾ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ﴿٣٥﴾) السؤال كيف (وَيَعْلَمَ) منصوب والآخر مجزوم (يُوبِقْهُنَّ)؟. ما يدرسه الطلبة في النحو أن العطف على جواب الشرط فيه ثلاثة أحوال والعطف على فعل الشرط فيه حالتان، العطف على جواب الشرط فيه الجزم وجواز النصب والرفع على الاستئناف. والعطف على فعل الشرط فيه حالتان الجزم والنصب وليس الرفع للإستئناف والكلام لم يتم، الاستئناف يكون بعد تمام الكلام. ولذلك هذا عطف على جواب الشرط و(يعلمَ) منصوبة الآن بحسب القاعدة، الواو واو المعية (يعلمَ) منصوبة بـ(أن مضمرة) ويمكن في اللغة أن يقول (ويعلمُ). العطف على جواب الشرط (إن يشأ) فعل شرط، (يسكن الريح) جواب الشرط، (يوبقهن) جزم على جواب الشرط ويعفُ ويعلمَ نصب. العطف على جواب الشرط فيه ثلاثة أحوال الجزم والنصب على إضمار (أن) والرفع (وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ (111) آل عمران) (ينصرون) رفع، هذا استئناف، حكم جديد هذا مقاتلة أو غير مقاتلة. لو قال ثم لا ينصروا يعني عند المقاتلة، إن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا يُنصروا ساعة المقاتلة، لا، هي إن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم أخبركم أنهم لا ينصرون
المقدم: لا هنا ولا في غيرها. هل بهذا كما يقول الشاعر: لا تنه عن خلق وتأتيَ بمثله؟
د. فاضل: لا، هذا بعد الطلب يجوز أن تأتي شرط واو المعية وفاء السببية أن يتقدمها طلب محض أو نفي محض، هذه قاعدة أخرى. هذا عطف على جواب الشرط.
سؤال: سورة المنافقون (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10)) (فَأَصَّدَّقَ) منصوبة لماذا وردت (وَأَكُن) مجزومة وهي معطوفة عليها؟
د. فاضل: الآية هي (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) (لولا) هذا طلب (تحضيض)، هنا أمران الطلب أمران إما إذا أردنا السبب نأتي بفاء السببية أولاً مثل لولا تدرسُ فتنجحَ هذا جواب الطلب، هلا تدلني على بيتك فأزورَك، (لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ) هذه فاء السببية وحتى واو المعية نفس الشيء (لا تأكلْ وتشربَ) يعني في آن واحد أو لا تأكلْ وتتكلمَ، لا تأكلْ كثيراً فتمرضَ
المقدم: واو المعية تدل على أن الفعل الذي بعدها يحدث مع فسموها معيّة
د. فاضل: لا تأكلْ فتمرضَ فاء سببية، لا تأكل كثيراً فتمرضَ هذه فاء السببية. (فأصدق) جاء بالفاء جواب الطلب لأنه شرط فاء السببية أو واو المعية أن يسبقها طلب محض (هذا طلب) أو نفي محض. الآن حذفنا فاء السببية يمكن أن يأتي جواب الطلب مجزوم ادرسْ تنجحْ، (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ (31) إبراهيم) يقيموا جواب الطلب، (فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ (61) البقرة) جزم، إذن إذا أراد السبب جاء بفاء السبب وإذا أراد الشرط حذفها (ادرسْ تنجحْ)، هذا من حيث التقعيد العام. هذا يسموه العطف على المعنى (لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ) هذه فاء السببية (وَأَكُن) مجزوم على أنه جواب الطلب وليس على تقدير الفاء مثل هلا تدلني على بيتك أزرْك. لماذا سمي العطف على المعنى؟ وفي غير القرآن يسمى عطف على التوهم في القرآن يسموه العطف على المعنى. إذن هذا الجزم على معنى الشرط يعني لولا أخرتني إلى أجل قريب أكن من الصالحين، هذا تعبير صحيح، جواب الطلب، لولا أخرتني إلى أجل قريب أكن من الصالحين. إذن (فأصدق) سبب و(أكن) على جواب الشرط. الآن ذكر أمرين ذكر (فأصّدّق) جعله على السبب وقال (أكن) على الشرط كأنما اشترط على نفسه أن يكون من الصالحين. يعني واحدة على إرادة السبب والأخرى على إرادة معنى الشرط. لماذا لم يكونا على وتيرة واحدة؟ هو أراد أن يجمع معنيين السبب والشرط، لماذا؟ الشرط أهم لأنه اشترط على نفسه. الصلاح أهم أم الصدقة؟
المقدم: الصلاح
د. فاضل: الصلاح هم الأهم ولذلك في آية أخرى قال (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا (100) المؤمنون) ما ذكر الصدقة، الصلاح أهم والصدقة من الصلاح إذن هما ليسا سواء. عندنا أمر أهم من أمر، الصلاح أهم فجاء به بالشرط إشترط على نفسه (وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) لأنه أهم ليسا في منزلة واحدة ولذلك في الآية الأخرى لم يذكر الصدقة. قد تسأل لماذا قدّم الصدقة؟ ذكرنا عدة مرات التقديم والتأخير ليس على الأفضل دائماً (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ (32) فاطر) المسألة تعود على السياق، السياق في إنفاق الأموال قال تعالى (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم (10) المنافقون) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ (9) المنافقون) السياق في الإنفاق، المنافقون قبلها قالوا (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) المنافقون)
المقدم: هو قدّم الأوْلى والمناسب لمسرح الحدث لأنه يتكلم عن الإنفاق
د. فاضل: الإنفاق والمنافقين وماذا يقولون فقدم لكن بيّن أهميته بالشرط
المقدم: الصلاح
د. فاضل: بالاشتراط.
المقدم: ليس مجرد الصدقة فقط لكنه مشروط
د. فاضل: الصلاح شرط. قد يسال سائل لماذا قال فأصّدّق ولم يقل فأتصدّق؟ فيه أمرين مقاطع أتصدق أكثر من مقاطع أصدق، إذن أصّدّق أقل، هذا أمر. أصّدّق فيها تضعيفان، أتصدّق فيها تضعيف واحد، المبالغة تدل على التكثير هو أراد أجل قريب ليبالغ في الصدقة لولا أخرتني قال (لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ)، ما قال أتصدق فيها فترة طويلة، جاء بالفعل الذي هو أقل لأن الفترة أقل ويبالغ في الصدقة يكثر منها حتى يكون من الصالحين.
سؤال: سورة آل عمران في خطاب زكريا (قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا (41)) وفي مريم (قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)) ما الفرق بين الليالي والأيام؟
د. فاضل: في آل عمران قال (قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا (41)) وفي مريم (قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)) مجموع الآيتين يدل على أنه لا يستطيع الكلام في الليل والنهار.
المقدم: ما الفرق بين يوم وليلة؟
د. فاضل: اليوم عادة من طلوع الشمس إلى غروبها والليل من الغروب إلى طلوع الشمس. اليوم أحياناً يكون يمعنى الوقت كما يقال تلك أيام الهرج. لكن أصل اليوم بما يقابل الليل. السؤال لماذا قال ثلاثة أيام وثلاث ليال؟ لو قرأنا السياقين يتضح الأمر، كانت البشارة في سورة آل عمران ربنا تعالى قال (أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (39))، في مريم بشّره بغلام اسمه يحيى (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7)) لم يذكر له صفات، أي البشارتين أعظم؟
المقدم: في آل عمران
د. فاضل: سيد وحصور ونبي من الصالحين، لما كانت البشارة أعظم الآية أيضاً ينبغي أن تكون أعظم. مخاطبة الناس في النهار أكثر من الليل، في الليل هو ينام والناس ينامون أيضاً في الليل زكريا ينام والناس ينامون فلما كانت البشارة أكبر الآية أظهر أنه في النهار لا يخاطبهم لا يكلمهم الآية ستكون أظهر
المقدم: هل حجب عنه الكلام؟
د. فاضل: نعم لا يستطيع. ولذلك الله تعالى أمره (وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (41)) بينما في مريم لم يقل له شيئاً بل قال (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)) في آل عمران أمره هو أن يذكر ربه ويسبح لأن البشارة أكبر.
المقدم: هو ماذا قال ثلاثة أيام أم ثلاث ليال؟
د. فاضل: كلاهما
المقدم: لكن اختار مع البشارة الأعظم الآية الأعظم.
د. فاضل: الآية الأعظم، هو لا يستطيع لا في الليل ولا في النهار.
——فاصل——-
سؤال: (وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (41) آل عمران) (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) مريم) الملاحظ في هاتين الآيتين التقديم والتأخير بالعشي والإبكار والتعريف والتنكير والاختلاف فلماذا؟
د. فاضل: السياق يوضح هذه المسألة. في مريم (قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)) بعد الليلة يأتي البكرة لأن البكرة من الفجر إلى طلوع الشمس، إذن بعد الليل تأتي البكرة لو قدّم العشي معناه بكرة اليوم انتهت، هو يريد كل النهار والليل كله يريده تسبيحاً متصلاً لو قدّم العشي لذهبت البكرة. في آية آل عمران قال (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ) اليوم يبدأ من طلوع الشمس، البكرة زالت لو قال بكرة يعني العشي لذلك اليوم أيضاً ذهب، الإبكار انتهى فحتى لا يترك شيئاً من الوقت لا بد أن يقول هذا عندما قدم الأيام يجب أن يبدأ بالعشي لأن البكرة ذهبت ولما ذكر الليل قدّم البكرة، لو قدم وأخر يضيع قسم من التسبيح.
المقدم: لماذا التعريف والتنكير (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ) (سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)؟
د. فاضل: التعريف يفيد العموم، يعني أعم.
المقدم: يقولون التنكير أيضاً فيه عموم وشمول
د. فاضل: لا، التعريف في الظرف يعني (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) الأنبياء) هذا عموم الليل أو ليلة واحدة؟
المقدم: عموم الليل
د. فاضل: ليلاً يعني جزء منه، يسبحون ليلاً يعني وقت قليل. (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) غافر) هذا تعريف ليس مخصصاً بوقت، لو قال عشياً يحتمل أن يكون أي جزء منه لكن بالتعريف يكون أعمّ. (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) ص) هذا تعريف دالة على العموم، (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) فصلت) هذه عامة.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 13/3/2010م:
أبو عمر من العراق: في سورة المائدة الآية 6 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ) (برؤوسكم) هنا هل الباء تبعيضية أم حرف جر؟
د. فاضل: التبعيضية لا تناقض حرف الجر هي حرف الجر الباء قد تأتي للتبعيض وقد تأتي الإلصاق وتأتي المصاحبة فهي لا تناقضها. قسم ذهب إلى أن الباء تفيد التبعيض يعني ببعض الرأس.
(أرجلكم) فيها قراءتان؟
د. فاضل: أرجلَكم معطوفة على الوجه، قراءة النصب معناها معطوفة على الوجه، هذه قراءة.
أبو أنس من الشارقة: سورة الملك الآية 19 (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) صافّات ويقبضن ما هو إعرابها؟
د. فاضل: صافّات حال، وجملة يقبضن جملة معطوفة على الحال. السبب لماذا واحد صافات بالإسم ويقبضن بالفعل لأن الصف صف الأجنحة ليس فيه الحركة، يقبضن فيه حركة فجاء بالفعل مع الحركة والثبوت جاء به بالإسم صافات.
سورة الأنعام الآية 27 (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) لماذا وردت نردُ مرفوعة ونكذبَ منصوبة؟
د. فاضل: ذكرنا مثلها قبل قليل التمني من الطلب فجاء بواو المعية بعد الطلب (نرد) خبر ليت مرفوع والواو واو المعية ونكذبَ منصوب بأن مضمرة وواو المعية تأتي بعد الطلب (طلب محض أو نفي محض)
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) الأنبياء) (من ذكر) (من) حرف جر زائد و(ذكر) مجرورة في محل رفع فاعل مرفوعة ولكن مجرورة محلاً بـ (من) الزائدة لماذا وردت محدثٍ ولم ترد محدث مثل (مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) غيرهُ مرفوعة بينما هنا جاءت محدثٍ مجرورة؟
د. فاضل: هذا عطف على اللفظ وفي مثل هذا يجوز وجهان العطف على اللفظ والعطف على المحل ما جاءني من رجل كريمٍ وما جاءني من رجلٍ كريمٌ كلاهما صحيح، هذا من حيث الإعراب.
حميد من العراق: نكرر الطلب بأن يعاد النظر في زيادة اللسمات البيانية حلقة ثالثة لأن المسلمين بحاجة إليها.
سحر من العراق: ما سبب وضع التنوين في كلمة فتىً حيثما وردت؟
د. فاضل: ما الفرق بينها وبين (أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ)؟ نفس الشيء. فتىً إسم مُعرَب مقصور منصرف فهو ينوّن، فتىً من دون (أل) سواء كان في حالة الرفع أو النصب أو الجر ينوّن أقبل فتىً رأيت فتىً مررت بفتىً، هذا ليس شأن كلمة فتى فقط وإنما كل المقصور، هذا هدى رأيت هدى أولئك على هدى يبقى الإعراب مختلف واحدة مرفوع على الألف المحذوفة وواحدة منصوبة بفتحة مقدرة على الألف المحذوفة وواحدة مجرورة بكسرة مقدرة على الألف المحذوفة. المحذوفة بسبب التنوين لأن التنوين موجود كل الأسماء المعربة المنصرفة التي ليست محلاة بـأل ولا مضافة تنون كل الأسماء فتى أو غير فتى، كل الأسماء المعربة المنصرفة التي ليست محلاة بـ(أل) ولا مضافة هي تنوّن كلها مثل زيدٌ وعمرو، فتىً السبب كونها إسم معرب منصرف والألف محذوفة والإعراب مقدّر على الألف المحذوفة.
أبو بشار من الشارقة: طلب تغيير مواعيد البرنامج.
بُثّت الحلقة بتاريخ 13/3/2010م
من قسم الفيديو
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2122
الحلقة 231
الرابط علي الارشيف
http://www.archive.org/details/lamasat231
رابط جودة عالية
http://ia331232.us.archive.org/3/items/lamasat231/lamasat231_chunk_11.AVI
رابط جودة متوسطة
http://ia331232.us.archive.org/3/items/lamasat231/lamasat231_chunk_11.rmvb
mp4 رابط
http://ia331232.us.archive.org/3/items/lamasat231/lamasat231_chunk_11_512kb.mp4
رابط صوت
http://ia331232.us.archive.org/3/items/lamasat231/lamasat231_chunk_11.mp3
2010-03-14 06:08:38الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost