هما كتابان وصلا إلينا من إبنتنا سوزان هاشم من الأردن: الكتاب الأول فيه كلام يتعرض للحروف المقطعة والثاني يتعرض لقصة آدم u وما حصل له مع إبليس. وهذا يقتضي أن نعقب عليهما بشيء ينفع المشاهد. الكتابان لمؤلف واحد، الكتاب الأول نُشِر في حياة مؤلّفه والثاني بعد وفاته. كون الكتاب منشوراً بعد وفاته قد يعفيه من مسؤولياته ويضع المسؤولية على الناشرين لأن المؤلف حفظه من غير نشر إلى أن مات مع أنه كتبه في حياته معناه أنه كان متردداً في نشره. وسأذكر شيئاً مما هو عام فيما يتعلق بالحروف المقطعة وبغيرها مما يخص كتاب الله عز وجل. ينبغي أن يعتني الإنسان بالنظر في كتاب الله سبحانه وتعالى وفقاً لتخصصه. يعني لما يكون الإنسان خريج الثانوية العامة ثم لظرف ما خاص به اشتغل في أمور الزراعة ثم ذهب إلى فرنسا للحصول على دبلوم عالي في الزراعة ثم يعود ليشتغل في وزارة الزراعة في بلد ما هذا لو كتب لي فيما يتعلق بالتربة وبالنبات في كتاب الله عز وجل أقول هذا في تخصصه أما أن يكتب أشياء لا شغل له بها. هذا لا يعفيه أنه مخلص لدينه ومخلص لربّه لكن الإخلاص شيء والدقة في العمل والإنجاز شيء آخر. هذا أقوله للناس جميعاً فلا يأتي شخص متخصص بالطبّ ويتكلم عن اللغة لكن يكتب ما يتعلق بالطب في كتاب الله عز وجل وكذلك في علم الفلك لأننا نحتاج لمثل هذا.
الكتاب الذي نُشِر فيما يتعلق بالحروف المقطعة هو بناه على حروف الجُمّل أو حساب الجُمّل. الجُمّل من جَمَل، جمهور الناس لا يعرفونها وفي زمن الرسول r كان من معرفة خاص الخاصة من اليهود. جَمَل الشيء أي جكع المفرّق فاستعمل لأهل الحساب، والفاعل من جَمَل : جامِل، الجامع للحساب جامِل. فهو حساب خاص بهؤلاء الجامعين المحاسبين وضعوا لكل حرف رقما -ً وقد تكلمنا سابقاً عنه – وصاروا يجمعونه. وأريد أن أشدد على أن مسألة الإعجاز العددي فُرِغ من إسقاطها وأكثر من عالِم قال: ما هذا مجال سليم وإنما هو مجال فيه مآخذ. الرجل – كاتب الكتابين – من إخلاصه دخل في أمر لو اعتقده يخرج من المِلّة. مثلاً يقول : ألم = 71 لأن الألف 1 واللام 30 والميم 40. حاسب الجُمّل حساب قديم والعرب أخذوه بطريقتين: أهل الأندلس أخذوه بطريقة وأهل المشرق أخذوه بطريقة وهناك فارق ستة أحرف بين أهل المشرق وأهل المغرب في حساب الأرقام للحروف. هذا العلم قديم، حساب الجُمّل أي حساب المحاسبين قديم وكلن يختص به عدد من اليهود فلا يُعقل أن ينزل القرآن بشيء لا يفهمه إلا خاص الخاص من اليهود. الكاتب يقول ألم = 71 معنى ذلك أن سورة البقرة كانت في الأصل 71 آية ثم زاد الله تعالى عليها شيئاً فشيئاً إلى أن صارت 286 وهذا إتهام لله سبحانه وتعالى في علمه أن الله تعالى ما كان يعلم أن سورة البقرة ستكون 286 آية فلما أنزل 71 أنزل (ألم) على قدر 71 ثم جاء يجمع ويطرح ويحذف وقال في مكان من الأمكنة هذا ينطبق إذا قسمت الآية 24 قسمين والآية 25 قسمين تزيد آيتين أو أن الآيتين نقلتا إلى مكان آخر، هذا كلام لا يمكن أن يُقبَل ولو اعتقد الكاتب هذا الكلام يخرج من المِلّة لأنه يتهم الله سبحانه وتعالى في علمه. شيء حسن أن نستفيد من القدماء لكن الآن لا يُرخّص لأحد أن ينقل كلاماً من غير تخريج خاصة أن الآن الأحاديث كلها خُرِّجت وبُيّن الصحيح من السقيم ولا يليق بمن يكتب كتاباً علمياً ألاّ يخرّج الحديث وهذا متوفر الآن على الكمبيوتر بضغطة زر واحدة يمكن أن تخرّج الحديث وتتحقق من صحته أو ضعفه وقد كُتِب كثيراً في هذا الموضوع. فالآن لا يجوز أن ننقل كلاماً ممن هبّ ودبّ وكتبنا للأسف فيها الغثّ والثمين فتأتي وتلتقط ما لو وضعته على طاولة التشريح يظهر لك أنه موضوع، تنقله وتقول هذا ورد في الكتاب الفلاني. نقول له ماذا قال العلماء عنه؟ هل قالوا هذا صحيح؟ أم قالوا هذا موضوع؟ الكاتب ينقل في كتابه من غير تدقيق أو تخريج، هذا كلام عام لكل كتاب فلا يجوز أن ننقل بدون تخريج. أذكر الشيخ عبد القادر الخطيب كان يصلي إماماً في مسجد في الأعظمية وأنا صغير أصلي الجمعة وكانت خطبته فيها نوع من التجويد حتى في كلامه ليسمع الناس بعيداً فذكر حديثاً ولما انتهى من الحديث قال: حديث ضعيف (يخرِّج الحديث) وهو يخطب يقول لهم حديث ضعيف. فلا بد إذن من التخريج.
فإذن مسألأة الحروف المقطعة الكاتب نقل عن الزمخشري، نقل رأياً ضعيفاً هو أورده ثم أغفل ما ركّز عليه الزمخشري. الزمخشري ركّز على نقطتين: الأولى أن هذه الأحرف علامات الإعجاز فكأن القرآن الكريم يقول للعرب أن هذا القرآن الذي أعجزكم مادّته بين أيديكم إصنعوا منها سورة. والأمر الثاني أنها دليل نبوة محمد r هذا كلام الزمخشري (527هـ) بعد سنة يمضي على وفاته 900 عام. هذه الأحرف دليل على نبوة محمد r لأنه r نطق بأسماء الحروف (لما نقول: كتب ونسأل أمّياً أن يحللها فلن يقول كاف، تاء باء وإنما سيقول كه) وهذا معناه أن الرسول r كان يسمع جبريل u ويكرر ما يُقال له. لأنه ثبت أنه أميّ و (ألم، كهيعص) هذا كلام متعلِّم لأنه كان يقول أسماء الحروف التي يتعلمها المتعلمون، هذا كلام الزمخشري قديماً ولعلّه أخذه ممن قبله لا ندري لكن أقدم من ذكر هذا هو الزمخشري ثم تكرر ذكر ذلك عند الناس. فمسألة حساب الجُمّل فيما يتعلق بكتاب الله عز وجل ينبغي أن تسقط. ولا نقول نلغي فكرة حساب الجُمّل نهائياً لأنه هناك من يؤرّخ بحساب الجمّل بناء المساجد. الدكتور رشيد الأعظمي العبيدي كان يؤرّخ بناء المساجد، أي مسجد يُبنى يؤرّخه بحساب الجُمّل بأسهل ما يكون ويكتب تاريخه شعراً. وقد حاولت لما شرحت أرجوزة الراغبين في أخلاق حامل القرآن وفهمه للدين أن أؤرّخ ذلك شعراً فقلت فيه:
بالحمد هذا الشرح قد أكملناه تاريخه تم بفضل لله
(تم بفض لله) تجمعها تعطي تاريخاً. وقد كنت سابقاً أكتب الشعر فأكتب سبعين أو ثمانين بيتاً وكنت أُنشد الشعر ولما جئت إلى التاريخ لم يكن سهلاً لكن الدكتور رشيد كان مشهوراً بذلك وكذلك أخاه.
هذا فيما يتعلق بالكتاب الأول. كل ما يتعلق بحساب الجُمّل لا يؤتى به إلى كتاب الله. وما يقال عن الحساب العددي في القرآن يقول: الجنة وردت كذا مرة والنار كذا مرة، هذا الحساب كله مبني على ما أورده محمد فؤاد عبد الباقي في معجمه، في الإحصاء لكن ليس في كل مكان وليس عاماً ويكون فيه تخلّف وهذا فرغ المؤلفون من هدمه حتى لا يشتغ به أحد، هُدِم وانتهى حاله.
الأمر الثاني فيما يتعلق بكتابه الثاني: الكاتب مخلص وغيور لكنه دخل في هذه المطبات لأنه اشتغل في غير تخصصه. لا بد من التعليق على هذا الكتاب لأنه أنت لما تجد أسطورة من الأساطير إكتشفها المنقبون حديثاً مكتوبة بالخط المسماري قبل 300 عام ومدفونة، الآن خرجت وعندما فُكّت هذه الرموز تبين أنها إشارة إلأى طزفان نوح لكنها مصوغة صياغة وثنية لأن الذي كتبها كان وثنياً، هو نُقِلت إليه ممن قبله أنه كان هناك طوفان فحاول أن يصوغها صياغة أدبية بالخط المسماري، باللغة البابلية القديمة وفُكّت رموزها. (أتونا بشتم) يمثل نوح، الآلهة اجتمعت – الأصنام بعقليته هناك تعدد الأصنام عنده – وهذا كان يدرسونه لنا في السنة الأولى المتوسطة وفيه نوع من إحداث خلل في ذهن الطفل، أن الآلهة اجتمعت ووجدوا أن سكان الأرض يفسدون فيها ويخربون بها فضبن عليهم فقررت إغارقهم، أحد الآلهة يعطف على البشر فيأتي إلى أتونا بشتم (أي نوح) ويذيع سر الآلهة فيقول له: إصنع سفينة واحمل فيها من الثمار والحيوانات. هذا معناه أنه قد وصلت إليه قصة نوح عن طريق الأنبياء والرسل الذين جاءوا بعد نوح ثم انقطعت الرسالات وصار هناك وثنية فبدأ يؤلّف. عندهم صنم إسمه إبراهام (وهو النبي) فصاروا يعبدونه، هو يقول في الروايات لم يكن موجوداً وإنما هو صنم معبود واليهود تخيّلوا أنه نبي وقالوا هذه القصة لكن إبراهيم مذكور في القرآن. القصة الإيمانية دخلتها الوثنية فصوّرت تصويراً وثنياً. والعرب لما جاء الإسلام كان هناك 360 صنماً في الكعبة، كل قبيلة وضعت تمثالاً لأحد أتقيائها وصالحيها. لما تجد صنماً بإسم إبراهام هؤلاء الذين انحرفوا عن دين إبراهيم صنعوا له تمثالاً ثم صاروا يعبدونه كما فعل العرب.
نقول: قوّم المسألة ولا تجعلها مقلوبة. الكاتب لم ينشر هذا الكتاب في حياته والناشرون ينشرونه بعد مماته؟! إذا وجدنا هذه الآثار المسمارية القديمة نفهمها على حقيقتها أنه كان في الأصل من قبيل الإيمان الذين تحوّل إلى عبادة أصنام مع مرور الوقت كما عبد العرب أصناماً كانت تمثل عباداً صالحين. ينبغي أن يتأنّى الإنسان حينما يبحث في كتاب الله عز وجل. يبحثون في مسائل دنيوية ويقولون تخصص؟! هذا لا يجوز في كتاب الله عز وجل. قد يخطر في ذهنك شيء إعرضه على كبار العلماء والحمد لله كبار العلماء كُثُر في زماننا. فينبغي أن نحذر من مثل هذه الأفكار. حتى الذين اشتغلوا بالحساب أظهروا فشلهم وأكثر من كتاب هُدِم في هدم هذه الفكرة وهم يتكلفون الأمر تكلّفاً. حتى الرقم 19 يحاكمونه أحياناً بناء على الصوت مثلاً: بسم الله الرحمن الرحيم – والقرآن الكريم نزل محكياً لا مكتوباً – هم يحسبون أحياناً على الصوت فإذا لم يوافقهم ذلك يحسبون على الرسم (بسم وبإسم) أحياناً لا يحسبون الألف في بسم. القرآن نزل منظوماً والكلام على توقيفية رسم المصحف أيضاً ذكرنا الدراسة العلمية الدقيقة تقول أن رسم المصحف يمثل خط العرب في ذلك الزمان. هم يستندون إلى الرقم 19 ويستنبطون أحكاماً تخص الطلاق وغيره وهذه كلها غير صحيحة وغير منضبطة ونحن لا نحتاج إلى هذا النوع من الإعجاز. وقد سبق أن وقفنا عند سورة ق الذين قالوا أنها تقسم على 19 وقالوا لذلك قال تعالى وإخوان لوط بدل قوم لوط. وقد سبق وبيّنا في موضعه أنه في سبعة مواضع أغفلوا صوت القاف المشدد جعلوه حرفاً واحداً بينما هو قافان. مثلاً: لقّنه هذه قافان ولا تحسب قافاً واحدة، حتى في المقاطع إحدى القافات نهاية مقطع والثانية بداية مقطع، وبيّنا لماذا جاءت إخوان لوط وليس قوم لوط وذكرنا علاقتها بما قبلها وبما بعدها.
سؤال: ما الفرق بين تذّكرون وتذكّرون وتتذكرون في الإستعمال القرآني؟
كلمة ذكر نحن غالباً نستعملها في الخروج من النسيان، ذكرت الشيء بعد نسيان. لكنه في الحقيقة ليس النسيان فقط. نحن عندنا الأشياء: مثلاً أمامي شيء الذي هو الحاسوب المحمول، هذا له جسم وله كيان، شيء. وله صوت لغوي نعبّر به عنه فسميناه الحاسوب المحول إذا اتفقنا على هذا المصطلح. أنا عندما أقول الحاسوب المحمول حتى لو لم أنظر إليه سيرتسم في ذهني صورة له. لما أقول النخلة، لما أسمع الصوت يرتسم في الذهن صورة النخلة. إذن عندنا الشيء الخارجي وصورته الذهنية وعندنا الصوت الدالّ على الشيء الخارجي الذي هو كلمة (حاسوب) مثلاً. الصوت الدال عليه والصورة الصوتية المخزونة في الذهن لأن عندما أريد أن أقول حاسوب سأستحضر هذه الصورة الذهنية المرتبطة بهذا الشيء، إذن أستحضر أربعة أشياء: شيئان خارجيان (الشيء والصوت المعبّر عنه) وشيئان داخليان (المفهوم الذهني للشيء ولصورته) لأنه لا يخزّن في أذهاننا صور ولا أصوات وخلايا الدماغ لا ندري ماذا فيها؟ فيها مفاهيم. عندما أريد أن أتكلم أستحضر في ذهني ما أريد أن أقوله، أستحضر الصور الذهنية من الأشياء والصور الصوتية، هذا الإستحضار للأشياء هو الذِكر. تحضرها في ذهنك معناها ذكرتها، لم تكن غافلاً عنها لكن لم تكن حاضرة. فالذِكر هو إحضار الشيء والأصل فيه ذهني لذا يقول علماؤنا أصل الذِكر في القلب. وعندما يقولون القلب يعنون منطقة التفكير والإبصار الحقيقي (البصيرة). الذهن يعبرون عنه بالقلب. هذه اللغة، وما عندنا في اللغة أنهم كانوا يقولون الدماغ أو المخ وإنما يقولون القلب لأن أظهر شيء تظهر فيه العلامات: عند الخوف يخفق وعند الفرح يخفق. القلب يعبّر به عن منطقة الفكر والعقل.
الأصل في الذكرالذهن والقلب ولذلك يقول تعالى (الذين يذكرون الله قياماًّ وقعوداً وعلى جنوبهم) و يقول تعالى (فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا). ذكر الله تعالى يعني إستحضار نِعَمِهِ وآلآئه. فذكر نعم الله سبحانه وتعالى وآلآئه نوع من الاستحضار في الذهن وتحدث عليها تغييرات أحياناً قبل أن تأتي إلى الصوت. لو سألتك ما حمع نبأ؟ ستقول: أمباء بالميم معناه في الدماغ جاءت كلمة أنباء، جاءت النون ثم الباء ثم أحدثت تغييراً فغيّرتها إلى ميم ونطقتها أمباء، هذه عملية لا إرادية تتم بسرعة وهكذا الإنسان يؤلف الجملة ثم يتكلمها. إذا كان المراد فيها ليس الكلام وإنما مجرد إستحضار المعاني فما الغرض من استحضار هذه المعاني؟ لا شك أنه العِبرة، نستحضرها للاعتبار.
الذكر في القلب وهو استحضار شيء لغرض العِبرة. فلما تقول (أفلا تتذكرون) يعني أفلا تستحضرون هذه المعاني وتعتبرون بها وتجعلونها عبرة لكم؟ هو ليس لمجرد الاستحضار وإنما إستحضرها لتكن لك بها عِبرة.
الفعل (تذكّر) هو نوع من المطاوعة : ذكّرته فتذكّر مثل علّمته فتعلّم أي قبول الفعل. فهو تذكّر، أنا أتذكر، هي تتذكر، أنت تتذكر، نحن نتذكر (أحرف المضارعة). تتذكرون إذن هذا أصل مثل تتعلمون. وعادة الأصل لا يُسأل عنه يعني لما تقول: كتب زيد رسالة، لا تقل لماذا قلت زيد بعد كتب ورسالة بعد زيد؟ لأن هذا هو الأصل في البنية. لكن لما تقول: كتب رسالةً زيدٌ، نسأل لأنه صار فيها نوع من التغيير، التقديم والتأخير.
يفترض في مثل كلمة (تتذكرون) أن لا يرد السؤال لأنها الأصل. لكن لما يصير تذكّرون يرد السؤال لماذا تذكّرون بالتشديد؟. طبعاً تذكّرون حُذِفت إحدى التاءين وهذا نوع من التخفيف: تقول أنتم تتعلمون ولك أن تقول أنتم تعلّمون أي تتعلمون بإسقاط إحدى التاءين. لما تختصر البنية معناه هناك إختصار في الزمن، في الوقت. تاءان تتحول إلى تاء واحدة إختصرت الزمن فالمعنى إذن يكون فيه شيء من إختصار الزمن.
تذكّرون، تتذكرون، نافع حيثما وردت تذكّرون قرأ تذّكّرون في 17 موضعاً وردت تذكرون بقراءة عاصم برواية حفص، في جميع هذه المواضع أهلنا في المغرب يقرأون تذّكّرون بتشديد الذال، نحن نقرأها تذكّرون. عندنا في حفص يذّكّرون في ستة مواطن.
من أين جاءت تذّكّرون بالتشديد؟ عندنا تتذكرون هذه الأصل، لغة حذفت التاء فصارت تذكرون خُففت واختصر الزمن. اللغة الأخرى أبقت البنية كما هي لكن تتذكرون عندنا مقطعان في الأول (ت/ت) قصير/قصير، سُكّن الحرف الثاني فتحول المقطع من مقطعين قصيرين إلى مقطع طويل مغلق. هذا الإجراء يفعله العرب كثيراً: عندنا في أوزان الشعر العربي البحر الكامل (متفاعلن) (مُ/ت) مقطعان قصيران يتحولان إلى مقطع طويل يسمونه الإغمار وهو زحاف سائغ في البحر الكامل: متفاعلن تتحول إلى مستفعلن. وكذلك في البحر الوافر: مفاعلتن تصير مفاعلن مقطع طويل تتحول إلى مفاعيلن أيضاً زحاف لذيذ سائغ فتحول المقطعان القصيران إلى مقطع طويل مغلق لكن صارت (ت/ت) التاء الثانية ساكنة وإذا جاء بعدها ذال والذال قريب. لاحظ عندما تقول: أقبلت ذكرى لا تلفظ التاء ولكن تلفظها على السليقة بادغام التاء في الذال.حتى لو لم تعرف الإدغام. فالذال الأولى من الذال المشددة هي من التاء الساكنة. التشديد فيه قوة، لاحظ الفرق بين كسر وكسّر، حطم وحطّم، هذب وهذّب فيه زيادة معنى. هذا بيان من أين جاءت الألفاظ، يبقى الدلالة: لم قال هنا هكذا وما فائدة هذه الكلمة هنا؟
سؤال: ما هو إعراب لفظ الجلالة في الآية (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) فاطر )؟
هذه القراءة المتداولة المشهورة وقد يكون هناك قراءة شاذة. لكن القراءة المشهورة المتداولة في القراءات العشر (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) يعني المفعول به مقدّم والفاعل مؤخّر كما تقول – ولله المثل الأعلى – أكرم زيداً محمدٌ: زيداً وقع عليه الإكرام ومحمد فاعل. (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) قُدِّم إسم الجلالة للعناية والاهتمام (اللهَ) تُعرب: لفظ الجلالة مفعولاً به مقدّماً والعلماءُ فاعل.
هناك قراءة شاذة رفعت (إنما يخشى اللهُ من عباده العلماءَ) قراءة شاذة في الحقيقة لكن وجّهت توجيهات كثيرة ونحن غير معنيين بالقراءات الشاذة. من هذه التوجيهات يقولون: إذا تميّز الفاعل من المفعول به عند ذلك لا مانع من اختلاف الحركات ويضربون مثالاً بقول الأعرابي : خرق الثوبُ المسمارَ، يقولون الثوب مفعول به مقدم ولكن رُفِع للمعرفة لأن الذي يخرق هو المسمار وليس الثوب، هذا توجيه وهناك توجيهات أخرى وأنا لا أرتاح لهذا التوجيه فما دامت القراءات شاذة يمكن أن نوجهها توجيهاً إعرابياً. عندنا القراءات التي أجمعت عليها الأمة والتي هي من بقايا الأحرف السبعة التي تقرأ بها الأمة. وذكرنا سابقاً أن ابن محيصن في مكة كان مع ابن كثير لكن مع ذلك جُعِلت قراءته شاذة لأنه ما كان يقرأ بما كان يقرأ به أهل بلده وإنما كان يقرأ بقراءة من يفِد إليهم من الأعراب. هؤلاء الأعراب، هو من قبيلة صغيرة، القبيلة كلها تقرأ هكذا وأهل مكة لم يقرأوا بهذه القراءة فقالوا قراءة شاذة لأن شرط القراءة التواتر مما ترويه الأمة عن الأمة وهؤلاء أفراد لأن الذي يأتي إلى مكة أفراد ولا تأتي القبيلة كلها إلى الحج ولكن يأتي أفراد فيسمعهم يقرأون يسألهم ممن أخذتم هذا؟ يقولون من قومنا، هي قراءة وهم عرب غير متعلمين حفظوا هذا عن رسول الله r، هي رٌخَص لهم ولذلك عمر بن الخطاب نهى ابن مسعود أن يقرأ (عتى حين) في الكوفة
لما سمع عربياً يقرأ (فتربصوا به عتى حين) الحاء عين، سأله : من أين الرجل؟ قال : من العراق، لأن هذه رخصة لهذيل كانت فقط الهذليون يقرأون (عتى) وأجازها
بُثّت الحلقة بتاريخ 29/7/2006م
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 29/7/2006م:
لماذا لم يستعمل المصدر (إنباتاً) في الآية (وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) نوح)؟
ما هي إستخدامات الفعل قعد وجلس في القرآن الكريم؟
ما دلالة (كلها) في الآية (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) البقرة)؟ إذا كان آدم أول البشر ولم يخلق أحد قبله وبعض العلماء يتحدثون عن المتحجرات والانسان القديم فهل كان هناك بشر قبل آدم؟
ما دلالة استخدام تأتينا وجئتنا في الآية (قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) الأعراف) وما الفرق بينهما؟
ما الفرق بين قول يوسف لاخوته (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)) وقول يعقوب لبنيه (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)) في سورة يوسف؟
ما اللمسة البيانية في التقديم والتأخير في الآية (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) النساء) والآية (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) فاطر)؟
ما اللمسة البيانية في ذكر جبريل وميكائيل بعد ذكر الرسل مع أنهم ملكان وقد ذكرت الملائكة قبل الرسل في الآية (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98) البقرة)؟ وهل يمكن في غير القرآن ذكر الملائكة والرسل بدون ذكر الملكين جبريل وميكائيل؟ وهل سيختلف المعنى حينها؟
ما دلالة الاختلاف في استعمال: رب وربنا في الآيات (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) ابراهيم)؟
ما اللمسة البيانية في الآيتين (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) الحج) و (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) لقمان)؟
ما اللمسة البيانية في استعمال (عن) في الآية (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) التوبة) ؟ وهل هناك فرق إذا قلنا في غير القرآن: هو الذي يقبل التوبة من عباده؟
ما دلالة البناء للمجهول في فعل (قيل) في الآية (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) هود) وفي الوقت نفسه جاءت (منّا)؟
لماذا في الآية (وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) ص) وردت الأيكة منصوبة وفي الآية (وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) ق) وردت بالكسر؟ ولماذا جاءت مرة بدون همزة وصل ومرة مع همزة وصل؟ الأيكةَ بالفتح هي قراءة نافع.
ما اللمسة البيانية في ترتيب الأقوام في الآيات (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14) ص) والآيات (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) ق)؟ وما اللمسة البيانية في استخدام (فحق عقاب) مرة و(فحق وعيد) مرة؟ وهل لهذا علاقة بالفاصلة؟ وما اللمسة البيانية في تطابق رقم الآيات التي تتحدث عن هؤلاء الأقوام في السورتين؟
ما اللمسة البيانية من تكرار كلمة (رب) في الآية (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) الأحقاف)؟
في الآية (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) هود) كيف يكون حالهم بعد فناء السموات والأرض؟
هل أسماء سور القرآن أطلع الله تعالى رسوله r عليها أم هي من عند الرسول r؟
الله تعالى يخاطب اليهود في القرآن دائماً ببني إسرائيل فمن أين جاءت كلمة اليهود؟
2009-01-30 19:38:29