اللمسات البيانية في آيات الصيام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) البقرة)
موقع آيات الصيام كما جاءت في سياقها في القرآن الكريم: آيات الصوم هذه (يا أيها الذين آمنوا) إلى أواخر آيات الصوم وقعت بين آيات الشدة وذكر الصبر وما يقتضي الصبر. قبلها قال (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)) والصوم نصف الصبر كما في الحديث والصبر نصف الإيمان وتقدّمها أيضاً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى (178)) هذه شدة وتحتاج إلى صبر وقبلها (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)) هذه شدة وتحتاج إلى الصبر وبعدها آيات القتال (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ (190)) (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ (191)) (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ (193)) الصوم من المشاق والقتال من المشاق والقتال يقتضي الصبر (اصبروا وصابروا ورابطوا) والصوم نصف الصبر. بعدها ذكر آيات الحج لأن الحج يقع بعد الصيام بعد شهر رمضان تبدأ أشهر الحج فذكر (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197)) ثم ذكر المريض في الحج كما ذكر المريض في الصوم وذكر الفدية في الحج ومن الفدية الصيام (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ (196)) إذن موقع آيات الصيام تقع بين آيات الصبر وما يقتضي الصبر وعموم المشقة.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)) الفعل كُتب مبني للمجهول وجاء مع (عليكم) تحديداً مع أنه ورد في القرآن (إلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ (120) التوبة)؟
نلاحظ ربنا تعالى قال يا ايها الذين آمنوا ناداهم بنفسه ولم يقل (قل يا أيها الذين آمنوا) لم يخاطب الرسول r وقال له قل وإنما ناداهم مباشرة لأهمية ما ناداهم إليه لأن الصيام عبادة عظيمة قديمة كتبها تعالى على من سبقنا فنادنا قال (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) ولم يأمر الرسول r بالقول إذن نادنا مباشرة ولم ينادينا بالواسطة. استعمال كتب فيه شدة ومشقة وما يستكره من الأمور عموماً لما يقول كُتب عليكم يكون أمر فيه شدة وشقة وإلزام، في أمور مستثقلة ومن معاني كتب ألزم ووجب وفرض مثلاً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى (178)) فيه شدة، (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)) شدة، (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ (216))، (وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) الحشر) أما (كُتب له) فهو في الخير (إلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ (120) التوبة) هذا خير، وفي يتامى النساء قال (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ (127) النساء) (وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (121) التوبة) كلها خير (وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ (187)). إذن كُتِب عليكم فيه شدة ومشقة وإلزام والصوم مشقة يترك الطعام والشراب والمفطرات من الفجر إلى الليل فيه مشقة لذا قال كتب عليكم ولم يقل لكم. قال تعالى (قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (12) الأنعام) أي ألزم نفسه تعالى بذلك، كتب على فيها إلزام. أحياناً تأتي كتب بدون على أو لكم. كُتب عليكم فيها شدة ومشقة وإلزام.
بناء الفعل للمجهول (كُتِب) لأن فيها مشقة لأن الله تعالى يظهر نفسه في الأمور التي فيها خير أما في الأمور المستكرهة وفي مقام الذم أحياناً يبني للمجهول مثل (حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم) و(زّين للناس حب الشهوات) مبني للمجهول التي فيها شر لا ينسبها لنفسه ومثلها آتيناهم الكتاب وأوتوا الكتاب: في مقام الذم يقول أوتوا الكتاب مطلقاً وفي مقام الخير يقول آتيناهم الكتاب. لما كان هناك مشقة على عباده قال كُتب ولم يقل كتبنا. في الأمور التي فيها خير ظاهر يظهر نفسه (كتب الله لكم) (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ (21) المائدة) هذا خير (أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ (22) المجادلة) (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ (12) الأنعام) (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الأعراف) إذن البناء للمجهول في الأمور التي فيها مشقة وفيها شدة. قوله تعالى (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ (45) المائدة) هذه فيها إلزام لهم، كتب على بني إسرائيل الأمور التي شددها عليهم شدد عليهم لأنهم شددوا على أنفسهم. حرف الجر يغير الدلالة وأحياناً يصير نقيضها مثل رغب فيه يعني أحبّه ورغب عنه يعني كرهه، وضعه عليه يعني حمّله ووضعه عنه أي أنزله.
دلالة استخدام الصيام لا الصوم: هذا من خصائص التعبير القرآني لم يستعمل الصوم في العبادة وإنما استعملها في الصمت فقط (إني نذرت للرحمن صوماً). الصوم هو الإمساك والفعل صام يصوم صوماً وصياماً كلاهما مصدر وربنا استعمل الصوم للصمت وهما متقاربان في اللفظ والوزن (الصوم والصمت) واستعمل الصيام للعبادة أولاً المدة أطول (صيام) والمتعلقات أكثر من طعام وشراب ومفطرات فهو أطول فقال صيام. (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) لم يستعمل الصوم في العبادة وهذا من خواص الاستعمال القرآني يفرد بعض الكلمات أحياناً بدلالة معينة كما ذكرنا في الرياح والريح في الغيث والمطر في وصى وأوصى ومن جملتها الصوم والصيام. في الحديث الشريف يستعمل الصوم والصيام للعبادة “الصوم لي وأنا أجزي به”، ” الصوم نصف الصبر” لكن من خواص الاستعمال القرآني أنه يستعمل الصيام للعبادة.
ختمت الآية (لعلكم تتقون) فما اللمسة البيانية فيها؟ قال (كما كتب على الذين من قبلكم)، قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) هذا يدل على علو هذه العبادة وعظمتها وربنا سبحانه وتعالى كتب هذه العبادة على الأمم التي سبقتنا معناها هذه العبادة عظيمة ولا نعلم كيفيتها لكن كان الصيام موجوداً. ثم يدل على الترغيب في هذه العبادة لأهميتها بدأ بها تعالى في الأمم السابقة ثم أن الأمور إذا عمّت هانت والصيام ليس بِدعاً لكم وإنما هي موجودة في السابق فإذن هذا الأمر يدل على أهميتها ويدل على تهوينها أنها ليس لكم وحدكم وإنما هي مسألة قديمة كما كتبت عليكم كتبت على الذين من قبلكم. كلمة (تتقون) أطلقها ولم يقل تتقون كذا كما جاء اتقوا النار أو اتقوا ربكم يحتمل أشياء مرادة تحتمل تتقون المحرمات وتحذرون من المعاصي لأن الصوم يكسر الشهوة ويهذبها (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يتسطع فعليه بالصوم فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) الصوم من هذه الناحية وقاء للشاب يكسر الشهوة ويحُدّها. تتقون المفطرات والاخلال بأدائها أي تحفظون الصيام وتتقون المفطرات الإخلال بأشياء تؤدي إلى ذهاب الصوم، لعلكم تتقون تحتمل تصلون إلى منزلة التقوى وتكونوا من المتقين فإذن فيها احتمالات عديدة وهي كلها مُرادة. إذا كان تتقون المعاصي فهي تحتمل لأن الصوم يكسر الشهوة وإذا كان تتقون المفطرات تحتمل وإذا كانت تصل إلى منزلة التقوى أيضاً تحتمل. في هذا السياق تكرر ذكر التقوى والمتقين قال (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)) (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)) (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)) (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)) (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)) تكررت التقوى في السياق وهي مناسبة لأنه في أول السورة قال تعالى (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)). في عموم السورة إطلاق التقوى. وسورة البقرة تردد فيها التقوى ومشتقاتها 36 مرة. التقوى فِعلها وقى وقى نفسه أي حفظ نفسه وحذر، المتقون أي حفظوا نفسهم من الأشياء التي ينبغي أن يبتعدوا عنها. قسم يقول أن التقوى هي أن لا يرك الله حيث نهاك ولا يفتقدك حيث أمرك يعني الابتعاد عن المحرمات والانهماك في الطاعات هذه هي التقوى. جاءت التقوى في سورة البقرة على الإطلاق ومنها قوله (لعلكم تتقون) يعني تتقون أي شيء عموماً.
(أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ) لماذا معدودات وليس معدودة؟
فيها أمران من حيث اللغة قد يكون معدودات تقليلاً لها لأن معدودة أكثر، معدودات قليلة. الجمع في غير العاقل معدودات تدل على القلة ومعدودة تدل على الكثرة هذا قياس في اللغة. في غير العاقل المفرد يدل على الكثرة والجمع يدل على القلة حتى يذكرون بقولهم: الجذوع انكسرت (الجذوع كثرة فاستعمل انكسرت بالمفرد) والأجذاع إنكسرن (الأجذاع قِلّة فاستعمل انكسرن بالجمع) وفي الآية (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ (36) التوبة). جمع القلة يكون من واحد إلى عشرة، قالوا (أياماً معدودات) تقليلاً لهن تهويناً للصائم. وقسم يقول أنها في أول فرض العبادة كانت ثلاثة أيام في كل شهر ولم يبدأ بالشهر كاملاً ثم نُسِخ وجاء شهر رمضان فصارت معدودات، ثم قال شهر رمضان بعد هذه الأيام. المعدودات تدل على القلة (حتى العشرة) ومعدودة أكثر من عشرة وإذا رجعنا إلى طتب التاريخ العرب تؤرخ بالليالي (لثلاث خلون، لأربع خلون يأتي بها بالجمع) (لإحدى عشرة ليلة خلت يأتي بها بالمفرد تدل على الكثرة) حتى نلاحظ في العدد نقول ثلاثة رجال، عشرة رجال، إحد عشر رجلاً، مائة رجل، مليون رجل.
أياماً ما هو اليوم؟ المشهور الأيام بمقابل الليالي (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا (7) الحاقة)
(فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) لماذا على سفر؟
يقال لأنه أباح للمتهيء للسفر أن يفطر إذا اشتغل بالسفر قبل الفجر، على سفر أي لم يسافر وإنما هو متهيئ للسفر مثل (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ (283)) أي تتهيأون. (على سفر) لا تعني أنه سافر بالفعل وكثير من الفقهاء قالوا على سفر أي أباح للمتهيء للسفر وإن لم يكن مسافراً وقالوا لو كان للمسافر يعني المهتيئ للسفر لا يحق له الإفطار. لذا قال أو على سفر معناه أباح للمتهيء للسفر أن يفطر.
(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)
كلمة يطيقونه فيها كلام قسم قال المقصود في بدء فرض الإسلام عند بداية الفريضة أنهم لم يكونوا متعودين على الصوم فمن شاء يصوم ومن شاء يفدي في زمن الرسول r لما نزلت هذه الآية كأنهم فهموا أنهم مخيّرون بين الصوم والافطار. ما المقصود بـ (يطيق)؟ قسم قالوا هذه الآية نسخت لأنه فعلاً في أول الاسلام كانوا مخيرين من شاء يفطر ويفدي ومن شاء يصوم. وقسم قال أطاق أي تكلفه بمشقة وصعوبة وتكون الهمزة للسلب يعني سلبت طاقته وجهده. الفعل الثلاثي طاق أي تحمل وأطاق فيها خلاف ما هذه الهمزة؟ هل أطاقه بمعنى قدر عليه؟ أو همزة السلب أي سلب طاقته؟ يعني الذي لا يستطيع الصوم يسلب طاقته بحيث لا يتمكن أن يصوم فيفدي (طعام مسكين) وإذا كانت بمعنى التحمّل يصوم (وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ) الصيام أفضل. الفدية مرهونة بعدم الصيام وعدم الصيام هو أحد أمرين إذا كان كما يقولون أنه في أول الاسلام كان المسلمون مخيرين في الافطار ودفع الفدية أو الصوم والصوم خير وإن كان غير ذلك أن الهمزة للسلب تبقى على دلالتها وليست منسوخة فالذي لا يستطيع أن يصوم والصوم يسلب طاقته بحيث لا يتمكن من الصوم فرب العالمين رخص الله تعالى بالفدية كالشيخ الكبير الهِرم والمريض الذي لا يرجى شفاؤه. تبقى على دلالتها مستمرة ليس فيها نسخ إذا جعلت للسلب والحكم عام ساري إلى يوم القيامة.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 17/9/2007م:
-
ما هي معاني كلمة ضرب؟
-
في سورة الكهف ما اللمسة البيانية في: فأردت أن أعيبها، فأردنا أن يبدله، فأراد ربك؟
-
يذكر عقد الزواج بالنكاح في القرآن فما الفرق بين النكاح والزواج؟ موجود زوجناكها في القرآن.
-
يخاطب القرآن ببين بني آدم والإنسان والبشر والناس فما الفرق بين هذه الكلمات؟
-
(يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا (27) الأعراف) ماذا يقصد بالسوءة؟ وما وجه الشبه بين هذه السوءة وظن السوء في سورة الفتح؟
-
(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144) آل عمران) ما اللمسة البيانية في ختام الآية؟ وما دلالة استخدام الشكر بدل الصبر؟
-
ما دلالة حتماً مقضياً؟
-
ما معنى (قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (72) النمل)؟
-
(وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)) (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) النور) ما دلالة استعمال لعنة الله على الزوج وغضب الله على الزوجة؟
-
ذكر تعالى في سورة الأعراف (أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ (22) الأعراف) وورد (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35) البقرة) فما دلالة استخدام تلكما؟ هذه لأنها هي قريبة وبعد المعصية لما عاتبهما قال تلكما وهي تعني واحدة ولكن المخاطب اثنان وليستا شجرتين وللجمع تلكم الشجرة. المخاطب آدم وحواء فقال تلكما.
-
أسماء نبيين ذكروا باسم أمهاتهم في القرآن الكريم؟
-
(بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) البقرة) فما الفرق بين السيئة والخطيئة؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 17/9/2007م
2009-01-21 06:30:48الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost