لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 64

اسلاميات

الحلقة 64:

اللمسات البيانية في سورة القدر (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5))

سؤال من المقدم: ما هو موقع سورة القدر بين السور السابقة واللاحقة لها في القرآن الكريم؟

(كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)) وتأتي بعدها (إنا أنزلناه في ليلة القدر) وهذه الليلة هي ليلة السجود والاقتراب. إذن هي مناسبة واضحة ظاهرة مع آخر آية من السورة التي قبلها كما أن سورة العلق تبدأ بقوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وهو يقرأ ما أُنزل في لية القدر فكأنه إقرأ ما أنزلناه في ليلة القدر فهي مناسبة ظاهرة مع ما قبلها في بديتها وفي نهايتها. مناسبتها لما بعدها في سورة البينة، نلاحظ في هذه السورة قال (إنا أنزلناه) ذكر ضمير المنزِل (إنا) و(أنزلنا) وضمير المنزَل (الهاء في أنزلناه) الذي هو القرآن لم يصرح لا بالمنزِل ولا بالمنزَل (إنا أنزلناه) وفي آية البينة بيّن هذا الضمير ضمير المنزِل ووضح المنزَل عليه قال (رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)) رسول من الله هو المنزَل عليه والله المنزِل إذن بين ضمير المنزِل بـ (الله) والهاء في أنزلناه في (يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3))، الصحف المطهرة هي القرآن. رسول يتلو الصحف المطهرة الذي هو القرآن الكريم الذي أنزلناه. وضح المنزَل عليه (رسول من الله) وذكر المنزِل وبيّنه بعد أن كان ضميراً (من الله) والصحف المطهرة أي القرآن (الهاء في أنزلناه). فإذن سورة البينة بيّنت الضمائر التي في سورة القدر قبلها وهو تناسب جميل حتى في الإسم البينة بيّنت هذه الضمائر. فإذن مناسبتها لما بعدها وما قبلها ظاهرة. سورة القدر 5 آيات بعدد الليالي التي تُرجى فيها ليلة القدر، الرسول r قال نطلبها في الوتر من العشر الأواخر وهي خمس ليالي 21،23،25،27،29 وهي خمس آيات، إذن ليلة القدر هي خمس آيات بعدد الليالي التي تُرجى أو تلتمس فيها ليلة القدر. وقالوا في القديم (ليلة القدر) تسعة أحرف تكررت ثلاث مرات في هذه السورة المجموع 27 حرفاً قالوا لعلّها أرجى ليلة هي ليلة الـ 27 هكذا ذكروا في القديم. وقالوا أيضاً كلمة (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5))، قالوا كلمة (هي) هي الكلمة الـ 27 من الثلاثين كلمة عدد كلمات السورة بعدد أيام الشهر فقالوا أيضاً لعلها إشارة إلى أنها تُرجى في هذه الليلة الليلة السابعة والعشرين. لا يثبت في هذا حكم وإنما هي من باب إيجاد مناسبات وتناسب، هذه آراء لا يعتد بها حكم وإنما ملاحظات.

فكرة عامة عن السورة: ربنا تعالى عظّم هذه الليلة تعظيماً كبيراً في غاية حشد التعظيم لهذه الليلة. هو قال (إنا أنزلناه) بضمير التعظيم المؤكد وذكر الهاء، لم يذكر لا المعظِم صراحة ولم يصرِّح بالهاء لم يقل القرآن وذلك لنباهته وأنه معلوم معروف ولعلو شأنه (إنا أنزلناه) معلوم من يُنزل، هو قال بعدها ليلة القدر لكن قال أنزلناه، ماذا أنزل ربنا؟ القرآن، إذن هو معلوم وأحياناً الأمر عندما يكون من الظهور بمكان لا يحتاج إلى أن يذكر وهذا يدل على وضوحه وظهوره عندما تذكر أمراً لم تذكره ولكنه معلوم لدى المخاطَب والسامعين معناه أنه من الظهور بمكان لا يحتاج السؤال عنه مثل (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ (45) فاطر) ظهر ماذا؟ الأرض، لم يذكرها لوضوحها. هذا لشدة الظهور والوضوح وأنه عظيم بيّن لا يحتاج إلى ذكر فهذا دلالة على عظمته بظهوره ووضوحه فقال (إنا أنزلناه). ومن عادة القرآن أنه إذا ذكر ضمير التعظيم لا بد أن يذكر قبله أو بعده ما يدل على أنه واحد (بإذن ربهم) حتى لا يكون في النفس شائبة شرك، لا تجد في القرآن الكريم مطلقاً ضمير التعظيم إلا إذا كان قبله أو بعده ما يدل على أنه واحد. نلاحظ (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ما المقصود بالقدر؟ ليلة القدر؟. القدر قد يكون من أشهر معانيها الشرف والمكانة، كبير القدر والمكانة والمنزلة لم يقل هو شديد القدر وإنما قال ليلة القدر كلها ليلة الشرف، فرق أن تكون هي شريفة أو هي ذات مكان أو ذات قدر أو أن تقول هي القدر نفسه، هي الشرف نفسه، إذن هي ليلة القدر. والليلة تبدأ من المغرب حتى طلوع الفجر. الأمر الآخر القدر هنالك له دلالة أخرى، كلمة القدر لها دلالتان ليلة القدر هي ليلة الشرف والمكانة وهي تقديرات الأمور. التقديرات التي يقدّرها ربنا في العام كله، قدْر أي التقديرات التي يقدِّرها ربنا في هذه الليلة كما قال تعالى (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) الدخان) كلها وهذه تقدر فيها كل التقديرات للسنة في هذه الليلة، ربنا يقدر فيها كل التقديرات للعام. إذن هي ليلة الشرف والمكانة وليلة تقديرات ما يحصل في العام كله إذن هي ليلة عظيمة (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) إذن هي ليلة الشرف والمكانة وهي ليلة التقديرات التي يقدر فيها ربنا كل شيء في الدنيا. القدر مصدر (وما قدروا الله حق قدره) أي مكانته. إذن لو قالت ليلة الشرف والمكان سيكون لها معنى واحد. ليلة القدر تجمع الأمرين لما قال هي خير من ألف شهر معناها هي ليلة الشرف والمكانة والمنزلة فهذا يدل على عظمة المنزلة ولما قال (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) إذن فيها تقديرات إذن جاء بكلمة تدل على المعنيان وهما مرادان هي ليلة الشرف ومن شرفها وعظمتها وجليل قدرها أنها يفرق فيها كل أمر حكيم. لو قال ليلة الشرف أو المكانة أو المنزلة لما دلت على هذين المعنيين وإنما قال ليلة القدر ليجمع هذين المعنيين الشريفين العظيمين.

سؤال من المقدم: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)؟ ما معنى ما أدراك؟ ولماذا كرر ليلة القدر؟

(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ). إذن كل ما أدراك تريد أن تفخم أي أمر وتعظمه سواء في العذاب أو العقاب يوم القيامة (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ) (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)) تفخيم وتعظيم بمعنى ما أعلمك على سبيل الاستفهام أنه من باب التعظيم.

سؤال من المقدم: القرآن يستخدم المضارع (وما يدريك)؟ كل (ما أدراك) يجيب عنه وكل (ما يدريك) لا يجيب عنه وهذه قاعدة في القرآن كله ذكرها القدامى. (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)) (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)) أما (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)) لم يجب كل ما يدريك لم يجب وكل ما أدراك أجاب، دلالة على أنه تعبير مقصود وقوانين موضوعة في القرآن الكريم في التعبير. أدراك فعل ماضي ويدريك فعل مضارع أدراك، أجاب عن الماضي ولم يجب عن المضارع الذي يكون للإستقبال أو الامتداد.

سؤال من المقدم: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) لم كرر ليلة القدر؟

(فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)) ما قال ما أدراك ما الهاوية ذكر الضمير وأجاب (نَارٌ حَامِيَةٌ (11))، في سورة الهمزة لما ذكر الحطمة (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5)) أضاف إليه (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)) أي الأعظم والأفخم نار حامية أو نار الله الموقدة؟ نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة. وقال وما أدراك ما الحطمة لم يقل وما أدراك ما هي، فلما جاء بالضمير اختزل في الكلام ولما ذكر الإسم الظاهر فخم وعظم وجاء بما هو أبلغ. وبعد ذلك قال (ليلة القدر خير من ألف شهر) كرر مرة أخرى وذكر فضلها وهذا تكرير آخر. هذا التعبير لم يرد في القرآن نظيره مطلقاً، يكرر مرتين لكن لا يكرر ثلاث مرات مثال (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)) ما قال الطارق النجم الثاقب، (وما أدراك ما الحطمة) لم يقل الحطمة نار الله الموقدة، لم يقل في جميع القرآن إلا في هذه الليلة العظيمة هنا قال (ليلة القدر خير من ألف شهر) كان يمكن أن يقول خير من ألف شهر. التكرار للزيادة في تفخيمها وتعظيمها لأن الذي أُنزل فيها كلامه وأعلى من كل شيء وهو كلامه سبحانه وتعالى أعلى من الطارق فلا يقاس بهذه الليلة التي أُنزل فيها سبحانه ومن هذا نستشف عظمة هذا القرآن الكريم ولم يرد في القرآن غير هذا التعبير. (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)) هي أعلى عند الله تعالى. قال (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19) الانفطار) كرر مرتين فقط . هذة إشارة إلى عظمها وعلو مكانتها عند الله سبحانه وتعالى.

(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4))

(وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) الصافات) لكن هي هكذا ألف شهر. وقسم يقولون أنها للتكثير (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ (80) التوبة) لكن لما نقرأ موقف الرسول r منها كأن الله أذن لي أكثر من ذلك لأستغفرن له أكثر من ذلك فسأزيد فقطع الله تعالى هذا القول وأنزل قوله تعالى (سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) المنافقين)

سؤال من المقدم: قال تعالى (تنزل الملائكة) وليس تتنزل؟

(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت) هذا وفق قانون تعبيري في القرآن الكريم وهو أنه يقتطع من الفعل إذا كان الحدث أقل وإذا كان الحدث أطول يعطي الفعل درجته كاملة. هنا الملائكة تتنزل ليلة واحدة بينما (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ) الملائكة تتنزل كل لحظة عند الموت، عند الاحتضار كل لحظة على مدار السنة أما في ليلة القدر فهي ليلة واحدة. إذن تتنزل أكثر من تنزل. في لية القدر نفهم تنزل الملائكة ليلة واحدة (تنزل) ومن بركتها أنها تتنزل الملائكة والروح فيها تنزلاً لكن في هذه الليلة وليس في الليالي الأخرى. مثال آخر (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ (13) الشورى) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ (103) آل عمران)، تلك تتفرقوا وهنا قال (تفرقوا)، تلك في أمم (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) أيها الأكثر؟ هذه واحدة من تلك هذه جماعة واحدة من مجموعة (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) أيهما الأكثر في التفرق؟ في الأمم. غير مناسب بلاغياً ان يقول تفرقوا مع الأمم، هو يستعمل اللغة العليا في الفصاحة، قمة البلاغة والفصاحة. مثال آخر: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ (97) النساء) (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) النحل). توفاهم وتتوفاهم كليهما ظلم نفسه لكن الأولى (قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ) إذن هؤلاء قسم من هؤلاء أما الثانية فكلهم وليس قسماً إذن تتوفاهم أكثر لأن المجموعة أكبر أما تلك فهي جزء من هذه الفئة.

(فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) الكهف) يتكلم عن الحدث أيها الأطول؟ الظهور أو النقب؟ الحدث الأقل حذف منه. (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ (52) الأحزاب) (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ (2) النساء) نفس الدلالة لكن الحدث أقل، الأولى حكم خاص بالرسول r وينتهي في وقته هذا حكم خاص بفرد. أما يتامى الناس فهناك كثير إلى يوم القيامة. هذا حكم عام في الجميع أما الأول فحكم لفرد، هذا ضابط في القرآن عجيب في التعبير. اللغة العربية تجيز الحذف للتخفيف لكن وضعها هذا الموضع البلاغي طبعاً لا، لكن من حيث اللغة له أن يقولها متى يشاء ، الفعل المضارع الذي يبدأ بتاءين لك أن تحذف إحداهما. الدلالة واحدة وما يزاد قيمة بلاغية مضافة للآية القرآنية حتى نفهم شيئاً معيناً تقوله الآية.

(تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) الروح قالوا على الأرجح جبريل u(بإذن ربهم)؟ قيل الملائكة يشتاقون لرؤية المؤمنين في الأرض فيستأذنون ربهم في هذه الليلة ليسلموا على المؤمنين، يستأذنونه فيأذن لهم. ما عظمة هذه الليلة؟ يستأذنون ربهم لزيارة أهل الأرض والسلام على المؤمنين فيأذن لهم فيتنزّلون (بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ). ما المقصود بالسلام هنا؟ هل هي سلام من كل أمر أو من كل أمر سلام؟ السلام فيها رأيين الأول التحية (السلام عليكم) والثاني الأمان والسلامة. هل سلام تتعلق بالأمر أو تتعلق بالليلة؟ هي تحتمل ولذلك وضعت هنا قدّم السلام لو قال هي سلام سيكون أمر واحد. هل هي سلام من كل أمر؟ (من كل أمر (4) سلام (5)). المعنيان مرادان هل هي سلام من كل أمر؟ قالوا نعم لأن الله تعالى لا يقدر في هذه الليلة إلا الخير، في الليالي الأخرى يقدر الشر وما إلى ذلك ما يصيب الإنسان، لا يقدر في هذه الليلة إلا الخير فإذن لا يقدر إلا ما فيها السلامة وفي غيرها يقدر ما شاء إذا أصبحت سلام من كل أمر. هل سلام هي حتى مطلع الفجر؟ أم هي حتى مطلع الفجر؟

(من كل أمر) قالوا معناها من أجل كل أمر لأن (من) تفيد التعليل أحياناً كما في قوله (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا (25) نوح) (من) فيها تعليل لا تقتصر على كونها حرف جر وإنما لها معاني دلالية أخرى، إذن هي هنا تعليلية أي من أجل كل أمر. سلام من كل أمر أو من أجل كل أمر؟ سلام من كل أمر أو هي سلام؟ هل هي حتى مطلع الفجر أو سلام هي حتى مطلع الفجر؟ تحتملها كلها. سلام من كل أمر أو من كل أمر سلام، وسلام هي حتى مطلع الفجر وهي حتى مطلع الفجر، الآيات تحتمل كل هذه المعاني. (سلام هي) تحتمل أن تكون سلام خبر مقدم وهي مبتدأ مؤخر (هي سلام) لو قال هي سلام سيكون معنى واحداً. (سلام هي) هذا التقديم جمع المعاني كلها عندما قدم كلمة سلام على (هي) لجمع المعاني كلها ولو قال هي سلام لم تجمع هذه المعاني. سلام من كل أمر ليست مثل سلام هي من كل أمر يصير الفاصل بين العامل والمعمول بالأجنبي بالمبتدأ وهذا لا يصح وهو ضعيف. (سلام من كل أمر) الجار والمجرور (من كل أمر) هذا متعلق بسلام وعامل فيه، لما تقول (سلام هي) (هي) مبتدأ و (سلام) خبر متقدم و (من كل أمر) معمول المتقدم فاصل بينهما بأجنبي وهذا تعبير ضعيف في اللغة وقسم لا يجيزه أصلاً فلما قدّم فلما قدّم انتفى وكل المعاني مطلوبة وكلها مرادة وكلها صحيحة. هي سلام من كل أمر وسلام هي حتى مطلع الفجر وهي حتى مطلع الفجر. في جملة واحدة أشياء عديدة كلها صحيحة مطلوبة ولو قدّم أو أخّر تنتفي ويصير معنى واحد لو قال هي سلام. إضافة إلى ما فيها من القصر والاهتمام لما قدّم السلام وأهمية السلام وهذا يتسق مع المقصد العام للسورة وشأن السورة وقدرها عند الله تعالى. ثم ما قال حتى آخرها وإنما قال (حتى مطلع الفجر) والفجر ليس من الليل الفجر بداية الصبح. حتى بمعنى الغاية هنا أي لغاية مطلع الفجر، إذن لم يبق شيء من الليل، مطلع الليل ليس من الليل وإنما هو متصل به وهو من الصبح فقال (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) يعني استغرق الليل كله لم يبق فيه لحظة واحدة. ثم نلاحظ قوله (سلام هي حتى مطلع الفجر) (سلام هي) تعبير مجازي أصلاً (هي) للزمن الليلة وسلام حدث المبتدأ والخبر يجب أن يكونا من جنس واحد، هذه مبالغة يعني هذه  الليلة كلها تحولت إلى سلام، ليس فيها سلام ولا سلام فيها وإنما سلام هي ، هذا إخبار بالحدث (سلام) عن الزمن (الذي هو الليلة).

(سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) نلاحظ في هذه السورة على قصرها جمع تعظيمات أكثر من 12 – 14 تعظيماً أولاً العظمة في (إنّا) وأكّد فيها و(أنزلنا)، ذكر الضمير في أنزلناه لم يذكر الظاهر لنباهته ثم تعظيم الليلة التي أنزل فيها (خير من ألف شهر) وسماها ليلة القدر ما قال ليلة شريفة فجمع فيها ليلة الشرف وما يقدر فيها من الأمور، قال ما أدراك، ما قال ما هي وإنما قال وما أدراك ما ليلة القدر، ثم كرر ليلة القدر ما قال هي خير من ألف شهر، ثم قال (خير من ألف شهر) وذكر تنزل الملائكة وليس الملائكة فقط وإنما الملائكة والروح وذلك أيضاً بإذن الله أي استأذنوا ربهم، ومن كل أمر وليس من أمر واحد عموم الأمور، وسلام، وسلام هي فجعلها كلها سلام، وتقديم سلام وحتى مطلع الفجر، كلها تعظيمات وهي تستحق.

(ملخص ما جاء في الحلقة السابقة في استكمال آيات الصيام):

(وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) البقرة) هذه اللام فيها احتمالان احتمال أن تكون اللام زائدة في مفعول فعل الإرادة يعني يريد لتكملوا العدة والقصد منها التوكيد لأن فعل الإرادة يتعدى بنفسه (يريد الله أن يخفف عنكم) (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وهنا جاء باللام وهو يقع كثيراً في مفعول فعل الإرادة للتوكيد فاحتمال أن تكون هذه اللام مزيدة في مفعول فعل الإرادة بقصد التوكيد. والآخر يحتمل أن يكون للتعليل والعطف على علّة مقدرة وذكرنا أمثلة وهناك أمور يريدها لكن الآن هو ذكر مناط الأمر وذكرنا جملة أمثلة مثل قوله تعالى (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) الأنعام) فقلنا لام التعليل والعطف على علة مقدرة ليس فقط لهذا الأمر وإنما ليقيم الحجة على قومه وليكون من المؤمنين وليستدل على الصانع لكنه ذكر مسألة واحدة. وذكرنا قوله تعالى (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) البقرة) الآن المقصود العلة ولكن هناك علل بدلالة الواو أن هنالك علل أخرى محذوفة لا يتعلق الآن غرض بذكرها لأنها ليست فقط لهذه العلة لأن أصل السؤال أنى يحيي الله هذه بعد موتها، فأماته الله، ما ذكرها بينما هو صاحب الشأن فذكر ما هو أهم وهنالك أمور أخرى وعِلل لكن ما ذكرها وإنما ذكر ما يتعلق بإرادة المتكلم وهو أن يجعله آية للناس وذكرنا كيف يكون العطف على مقدّر (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (36) النساء) في غير العلّة، قلنا وبالوالدين على أي شيء معطوف؟ ليس هناك شيء والمعنى أحسنوا بالوالدين إحساناً، وهذا كثير في القرآن الكريم وفي لغة العرب.

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 8/10/2007م

  1. r أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين وفي سورة القدر (ليلة القدر خير من ألف شهر) ما يعادل 83 سنة فهل يدل هذا على أن من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً تعوض نقص أعمارنا في الدنيا؟

  2. (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)) ما دلالة الزمن في الآيات؟ وما دلالة تكرار ولا أنتم عابدون ما أعبد؟


جودة عالية
http://ia360935.us.archive.org/0/items/Lamasat61-70/lamasat64.AVI

جودة متوسطة
http://ia360935.us.archive.org/0/items/Lamasat61-70/lamasat64.rmvb

mp4 جودة
http://ia360935.us.archive.org/0/items/Lamasat61-70/lamasat64_512kb.mp4

جودة صوت
http://ia360935.us.archive.org/0/items/Lamasat61-70/lamasat64.mp3